لم يعد سوق التزوير والتدليس في تونس يقتصر على تزوير وتدليس العملة، بل ظهرت في السنوات الأخيرة سوق جديدة انتعشت بقوة وكثر زبائنها وحرفاؤها حتى تحول الأمرإلى ظاهرة اجتاحت كل المجالات والقطاعات وخاصة قطاع الوظيفة العمومية ..
فأن تصبح طبيبا أو مهندسا وأستاذاأو معلما أو حاصلا على إحدىالشهائد العلمية الوطنية، قد لا يحتاج الأمرإلى سنوات دراسة طويلة ومرهقة ولا إلى مصاريف تستنزف ميزانية العائلة..يكفي أن تفقد ضميرك وتجد مزوّرا يمتلك المهارة وانعدام الضمير من بين العشرات المنتصبين للحساب الخاص دون أن ينفضح إجرامهم وتطالهم يد القانون..حتى يحقق المراد ويمكنك من شهادة مضروبة ببراعة تجعلها مطابقة وبشكل احترافي للشهادة الأصلية، لدرجة ان صاحب الشهادة المضروبة لا يجد حرجا ولا يعتريه خوفا ليضعها في ملفه المهني أو يتقدم بها للمشاركة في مناظرة وطنية !
ورغم الإيقاع بالعشرات من أصحابالشهائد العلمية المضروبة في العشر سنوات الأخيرةإلا أن هذا الملف الخطير ما زال لم ينل الأهمية التي يستحقها سواء من الأجهزةالأمنية والقضائية أو من الهيئات الرقابية الوطنية باعتبار ان أثر هذه الشهائد العلمية المزورة امتد الى قطاع الوظيفة العمومية الذي بات يعج بموظفين وإطارات شهاداتهم العلمية مزورة ومدلسة رغم خطورة وحساسية مناصبهم ومواقعهم المهنية .
اليوم ومع تتالي الوقائع التي تكشف وتفضح هذه الظاهرة الخطيرة أطلق نشطاء على مواقع التواصل المجتمع المدني، حملة’’ثبت في الشهايد‘’ بعد استفحال هذه الجريمة ويأمل مطلقي هذه الحملة ان تتجاوب المؤسسات العمومية مع هذه الحملة التلقائية والعفوية .
التزوير لم يعد حالات منعزلة ..
رغم أن ظاهرة التدليس والتزوير ليس بظاهرة جديدة ولكن اختراقها الى مواقع حساسة في الإدارة وفي الوظيفة العمومية يجعل من نتائجها كارثية وفي أوت الماضي نشرت نقابة إقليمالأمنالوطني بتونس على صفحتها الرسمية، تدوينة أكدت من خلالها أنه وعلى إثر عملية التدقيق والتثبت في الشهائد العلمية المدرجة لفائدة أصحابها المنتدبين خلال العشر سنوات الأخيرة بالوظيفة العمومية تأكد ثبوت 30 ألف شهادة علمية مزوّرة ! وانه سيتم فتح تحقيق شامل في هذا الملف الخطير ولكن إلى اليوم لم تفد النقابة بما يؤكد روايتها ولا الى ماذا انتهت الابحاث والتحقيقات التي أشارت اليها .
ولعل ما أعاد ملف الشهائد المزورة الى سطح الأحداث هو القرار الأخير لوزير التربية الذي قرر إعفاء 5 معلمين من مهامهم لممارستهم المهنة بشهادات مزورة وانهاء الخطط الوظيفية لموظفين في المندوبية الجهوية بسيدي بوزيد بعد ثبوت تورطهم في عملية تزوير وذلك بعد مهمة رقابية إدارية ومالية أذن بها وزير التربية فتحي السلاوتي، وتعود بداية هذه القضية التي تحولت إلى قضية رأي عام الى ماي 2020 بعد أن تقدم مجموعة من العاطلين عن العمل بشكاية للمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد ضد مسؤولين في الإدارة الجهوية للتربية لسيدي بوزيد وكان موضوع الشكاية » التدليس ومسك واستعمال مدلس وافتعال وثائق إدارية واستغلال نفوذ وارتشاء موظف عمومي « .
وهي ليس المرة الأولى التي يتم فيها التفطن الى عمليات تزوير في الشهائد العلمية حيث صرح ابراهيم ميساوي رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد في أفريل 2017 ان ظاهرة تزوير الشهادات العلمية قد استفحلت في تونس عقب الثورة باعتماد التكنولوجيات الحديثة وتقنية الفوتشوب وقال وقتها أن وزارة التكوين المهني والتشغيل كشفت عن شبكة كاملة لتدليس وتزوير الشهادات الجامعية والمدرسية تورط فيها موظفون وإداريون وإطارات عليا وقد قدرت الوزارة آنذاك عدد الحالات بالآلاف ممن يتقدمون إلى المناظرات المهنية. كما أشار الميساويإلى أن ظاهرة التزوير وشراء شهائد علمية مضروبة تطورت بشكل خطير لتطال اختصاصات حساسة كالطب والهندسة .
مرصد رقابةبالمرصاد ..
أكد المكلف بالإعلام في مرصد رقابة، المهتم بالشفافية والنزاهة في القطاع العام، اسماعيل دبارة، في تصريح لـ’’ الصباح ‘’ أن مرصد رقابة كان من أول الجمعيات المتهمة بالشفافية ومحاربة الفساد التي أثارت ملف الشهائد المزورة ، ويضيف:’’البداية كانت في سبتمبر 2020 عندما وردت الينا شكاية حول عملية تزوير خطيرة لشهادة وطنية لمهندس من مدرسة مهندسين وطنية معروفة من طرف أحد المواطنين المبلغين عن الفساد وقد رفع المرصد قضية في الغرض وقد كانت العمادة الوطنية للمهندسين التونسيين، متعاونة في مجال التقصي والبحث في هذه القضية واليوم تقدم الملف أمام القضاء بشكل كبير’’
إسماعيل دبارة أشار أيضا أن المرصد قام بما يشبه استفتاء على صفحته الرسمية ودعا كل من يملك معطيات حول هذه الظاهرة الخطيرة والتي انتشرت بشكل كبير ان يشاركنا هذه المعطيات حول الديبلومات المضروبة والشهائد العلمية والدراسية المزورة التي مكنت أصحابها من الدخول وبشكل غير قانوني الى مناظرات في الوظيفة العمومية وفي المؤسسات والمنشآت العمومية، ويقول دبارة :’’ وجدنا حالات غريبة جدا لعمليات تزوير بدائية لشهادة الباكالوريا ولشهادات جامعية ولشهائد تكوين في مؤسسات تكوين خاصة.كما توصلنا الى مؤشرات تدل على وجود شبكات منظمة تنظيما مافيوزيا لتزوير الشهائد وتسجيلها في سجلات رسمية.’’
كما أشار إسماعيل دبارة الى ملف على غاية من الخطورة في علاقة بظاهرة تدليس الشهائد العلمية وفي علاقة بشركة الخطوط التونسية تونسيار حيث قال ‘’أنه في 2013 قام رئيس مدير عام تونسيار وقتها بفتح هذا الملف وتم تحديد قائمة وصلت الى قرابة 200 شخص دخلوا للشركة بشهائد مزورة. وبعضهم يحتل اليوم مواقع مهمة والبعض الآخر يلهب حماس الجماهير بخطاب إصلاح الغزالة. ولكن الر.م.ع الذي فتح مهمة التدقيق تعرض لديقاج من طرف أصحابالشهائد المزورة ‘’
بعد ذلك قامت شركة الخطوط التونسية بإحالة هذا الملف عن أنظار القضاء وتقدمت الأبحاث، وفي هذا السياق يؤكد إسماعيل دبارة أن مرصد رقابة وفي إطار حق النفاذ إلى المعلومة راسل الشركة لمعرفة مدى تقدم الأبحاث في هذا الملف ولكنه لم يظفر بإجابةإلى اليوم.
منية العرفاوي
تونس – الصباح
لم يعد سوق التزوير والتدليس في تونس يقتصر على تزوير وتدليس العملة، بل ظهرت في السنوات الأخيرة سوق جديدة انتعشت بقوة وكثر زبائنها وحرفاؤها حتى تحول الأمرإلى ظاهرة اجتاحت كل المجالات والقطاعات وخاصة قطاع الوظيفة العمومية ..
فأن تصبح طبيبا أو مهندسا وأستاذاأو معلما أو حاصلا على إحدىالشهائد العلمية الوطنية، قد لا يحتاج الأمرإلى سنوات دراسة طويلة ومرهقة ولا إلى مصاريف تستنزف ميزانية العائلة..يكفي أن تفقد ضميرك وتجد مزوّرا يمتلك المهارة وانعدام الضمير من بين العشرات المنتصبين للحساب الخاص دون أن ينفضح إجرامهم وتطالهم يد القانون..حتى يحقق المراد ويمكنك من شهادة مضروبة ببراعة تجعلها مطابقة وبشكل احترافي للشهادة الأصلية، لدرجة ان صاحب الشهادة المضروبة لا يجد حرجا ولا يعتريه خوفا ليضعها في ملفه المهني أو يتقدم بها للمشاركة في مناظرة وطنية !
ورغم الإيقاع بالعشرات من أصحابالشهائد العلمية المضروبة في العشر سنوات الأخيرةإلا أن هذا الملف الخطير ما زال لم ينل الأهمية التي يستحقها سواء من الأجهزةالأمنية والقضائية أو من الهيئات الرقابية الوطنية باعتبار ان أثر هذه الشهائد العلمية المزورة امتد الى قطاع الوظيفة العمومية الذي بات يعج بموظفين وإطارات شهاداتهم العلمية مزورة ومدلسة رغم خطورة وحساسية مناصبهم ومواقعهم المهنية .
اليوم ومع تتالي الوقائع التي تكشف وتفضح هذه الظاهرة الخطيرة أطلق نشطاء على مواقع التواصل المجتمع المدني، حملة’’ثبت في الشهايد‘’ بعد استفحال هذه الجريمة ويأمل مطلقي هذه الحملة ان تتجاوب المؤسسات العمومية مع هذه الحملة التلقائية والعفوية .
التزوير لم يعد حالات منعزلة ..
رغم أن ظاهرة التدليس والتزوير ليس بظاهرة جديدة ولكن اختراقها الى مواقع حساسة في الإدارة وفي الوظيفة العمومية يجعل من نتائجها كارثية وفي أوت الماضي نشرت نقابة إقليمالأمنالوطني بتونس على صفحتها الرسمية، تدوينة أكدت من خلالها أنه وعلى إثر عملية التدقيق والتثبت في الشهائد العلمية المدرجة لفائدة أصحابها المنتدبين خلال العشر سنوات الأخيرة بالوظيفة العمومية تأكد ثبوت 30 ألف شهادة علمية مزوّرة ! وانه سيتم فتح تحقيق شامل في هذا الملف الخطير ولكن إلى اليوم لم تفد النقابة بما يؤكد روايتها ولا الى ماذا انتهت الابحاث والتحقيقات التي أشارت اليها .
ولعل ما أعاد ملف الشهائد المزورة الى سطح الأحداث هو القرار الأخير لوزير التربية الذي قرر إعفاء 5 معلمين من مهامهم لممارستهم المهنة بشهادات مزورة وانهاء الخطط الوظيفية لموظفين في المندوبية الجهوية بسيدي بوزيد بعد ثبوت تورطهم في عملية تزوير وذلك بعد مهمة رقابية إدارية ومالية أذن بها وزير التربية فتحي السلاوتي، وتعود بداية هذه القضية التي تحولت إلى قضية رأي عام الى ماي 2020 بعد أن تقدم مجموعة من العاطلين عن العمل بشكاية للمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد ضد مسؤولين في الإدارة الجهوية للتربية لسيدي بوزيد وكان موضوع الشكاية » التدليس ومسك واستعمال مدلس وافتعال وثائق إدارية واستغلال نفوذ وارتشاء موظف عمومي « .
وهي ليس المرة الأولى التي يتم فيها التفطن الى عمليات تزوير في الشهائد العلمية حيث صرح ابراهيم ميساوي رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد في أفريل 2017 ان ظاهرة تزوير الشهادات العلمية قد استفحلت في تونس عقب الثورة باعتماد التكنولوجيات الحديثة وتقنية الفوتشوب وقال وقتها أن وزارة التكوين المهني والتشغيل كشفت عن شبكة كاملة لتدليس وتزوير الشهادات الجامعية والمدرسية تورط فيها موظفون وإداريون وإطارات عليا وقد قدرت الوزارة آنذاك عدد الحالات بالآلاف ممن يتقدمون إلى المناظرات المهنية. كما أشار الميساويإلى أن ظاهرة التزوير وشراء شهائد علمية مضروبة تطورت بشكل خطير لتطال اختصاصات حساسة كالطب والهندسة .
مرصد رقابةبالمرصاد ..
أكد المكلف بالإعلام في مرصد رقابة، المهتم بالشفافية والنزاهة في القطاع العام، اسماعيل دبارة، في تصريح لـ’’ الصباح ‘’ أن مرصد رقابة كان من أول الجمعيات المتهمة بالشفافية ومحاربة الفساد التي أثارت ملف الشهائد المزورة ، ويضيف:’’البداية كانت في سبتمبر 2020 عندما وردت الينا شكاية حول عملية تزوير خطيرة لشهادة وطنية لمهندس من مدرسة مهندسين وطنية معروفة من طرف أحد المواطنين المبلغين عن الفساد وقد رفع المرصد قضية في الغرض وقد كانت العمادة الوطنية للمهندسين التونسيين، متعاونة في مجال التقصي والبحث في هذه القضية واليوم تقدم الملف أمام القضاء بشكل كبير’’
إسماعيل دبارة أشار أيضا أن المرصد قام بما يشبه استفتاء على صفحته الرسمية ودعا كل من يملك معطيات حول هذه الظاهرة الخطيرة والتي انتشرت بشكل كبير ان يشاركنا هذه المعطيات حول الديبلومات المضروبة والشهائد العلمية والدراسية المزورة التي مكنت أصحابها من الدخول وبشكل غير قانوني الى مناظرات في الوظيفة العمومية وفي المؤسسات والمنشآت العمومية، ويقول دبارة :’’ وجدنا حالات غريبة جدا لعمليات تزوير بدائية لشهادة الباكالوريا ولشهادات جامعية ولشهائد تكوين في مؤسسات تكوين خاصة.كما توصلنا الى مؤشرات تدل على وجود شبكات منظمة تنظيما مافيوزيا لتزوير الشهائد وتسجيلها في سجلات رسمية.’’
كما أشار إسماعيل دبارة الى ملف على غاية من الخطورة في علاقة بظاهرة تدليس الشهائد العلمية وفي علاقة بشركة الخطوط التونسية تونسيار حيث قال ‘’أنه في 2013 قام رئيس مدير عام تونسيار وقتها بفتح هذا الملف وتم تحديد قائمة وصلت الى قرابة 200 شخص دخلوا للشركة بشهائد مزورة. وبعضهم يحتل اليوم مواقع مهمة والبعض الآخر يلهب حماس الجماهير بخطاب إصلاح الغزالة. ولكن الر.م.ع الذي فتح مهمة التدقيق تعرض لديقاج من طرف أصحابالشهائد المزورة ‘’
بعد ذلك قامت شركة الخطوط التونسية بإحالة هذا الملف عن أنظار القضاء وتقدمت الأبحاث، وفي هذا السياق يؤكد إسماعيل دبارة أن مرصد رقابة وفي إطار حق النفاذ إلى المعلومة راسل الشركة لمعرفة مدى تقدم الأبحاث في هذا الملف ولكنه لم يظفر بإجابةإلى اليوم.