إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المندوبيات الجهوية.. عنوان لفشل الدولة!

 

تونس- الصباح

تحولت المندوبيات الجهوية من آلية لتقريب الخدمات الإدارية من المواطن الى بؤر للتلاعب بالقانون واستغلال النفوذ والفساد.. وما يحصل هذه الأيام في سيدي بوزيد على مستوى المندوبية الجهوية للتربية ومندوبية الشباب والرياضة والإيقاع بعدد كبير من الموظفين المورطين في تلاعب وفساد مالي وإداري بعدة ملفات، ليس إلا عينة مما يحصل في العديد من المندوبيات الجهوية وفي قطاعات ومجالات مختلفة بعضها تم كشفه وفضحه والبعض الآخر لم تنتبه اليه لا سلط الاشراف المركزية ولا هيئات الرقابة ولا الأجهزة الأمنية.

مدنين ومنوبة وقبلي والمهدية ومؤخرا سيدي بوزيد وغيرها من الولايات،اهتزت مندوبياتها الجهوية على وقع فضائح مدوية تتعلق بالتربية والفلاحة والتجهيز وغيرها من الملفات الخطيرة، وقد انتهت في أغلبها الى إقالات واحالات على القضاء ولكن ذلك لم يحد من ظاهرة تحول أغلب المندوبيات الى بؤر فساد مستغلة في ذلك عدم الاستقرار السياسي وضعف سلط الإشراف مركزيا لتعيث فسادا في القطاعات التي من المفترض انها من مشمولات عملها الذي يقتضي تقريب الخدمات الإدارية وتمثيل الوزارات في الجهات.. وبات التلاعب الإداري والمالي والرشاوى والمحسوبية، ممارسات يومية يقوم بها موظفون فقدوا ضميرهم وشرفهم المهني وشجعهم الإفلات من العقاب على التمادي، في غياب الرقابة وضعف ولاة المكان او حتى شغور منصب الوالي في حد ذاته.

واذا كانت حكومة نجلاء بودن تضع اليوم ضمن أولوياتها العاجلة محاربة الفساد، فان محاربة هذا الفساد تنطلق من تطهير الجهاز الإداري للدولة وتفعيل عمل الهيئات الرقابية والأهم القيام بعمليات تدقيق شاملة وصارمة للمندوبيات الجهوية والضرب بقوة على يد العابثين والمستهترين والفاسدين.

عناوين للفساد..

 

أكدت الأبحاث التي باشرتها فرقة الأبحاث والتفتيش التابعة للحرس الوطني شبهة تورط موظفين بالمندوبية الجهوية بسيدي بوزيد في تدليس وثائق وشهادات مقابل الحصول على رشاوى لتمكين بعض المعلمين النواب من أولوية الانتداب.. كما شملت شبهات فساد 9 إطارات يعملون بالمندوبية الجهوية للشباب والرياضة بالجهة. وسبق أن أذنت النيابة العمومية بسيدي بوزيد، منذ أيام، بالاحتفاظ بخمسة مسؤولين بالمندوبية الجهوية للشباب بسيدي بوزيد على إثر مباشرة قضية شبهات فساد مالي وإداري تتعلق بإنجاز مشاريع وإبرام صفقات عمومية مشبوهة، وفق مصدر قضائي. كما سبق أن تم الاستماع الى الوزيرة السابقة للشباب والرياضة ورئيس ديوان الوزارة بخصوص قضية شبهات الفساد المالي والإداري المذكورة.

كما يُشار إلى أنه تم الاحتفاظ بموظفين اثنين تابعين للمندوبية الجهوية للتربية بسيدي بوزيد، أيضا، على خلفية »شبهة ارتكابهما لجرائم تدليس وثائق إدارية لفائدة بعض المعلمين النواب، بهدف التمتع بأولوية الانتداب، مقابل الحصول على رشاوى « يُذكر أن وزارة التربية كانت قررت عزل 5 مسؤولين بالمندوبية الجهوية للتربية بسيدي بوزيد من خططهم الوظيفية، وإحالتهم على القضاء، لثبوت تورطهم في التلاعب بملف الانتدابات عن طريق تدليس شهادات علمية لعدد من الأساتذة والمعلمين وذلك على خلفية الكشف عن عملية تدليس شملت إدماج اكثر من 100 معلم وأستاذ نائب بولاية سيدي بوزيد، وهم من غير النواب المستوفين لشروط الحق في تسوية وضعياتهم.

وقبلها في شهر سبتمبر أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد بالاحتفاظ بالمندوب الجهوي للفلاحة ومحاسب وموظفين اثنين،من أجل التدليس ومسك واستعمال مدلس واستغلال موظف عمومي لصفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه او لغيره والاستيلاء على أموال عمومية وتعلقت التهم الموجهة اليهم بالأساس بالانتدابات غير القانونية لعمال الحضائر وتسجيل استيلاء على اموال عمومية (مقتطعات بنزين) الى جانب التلاعب ببطاقات الحضور والخلاص لعمال الحضائر واستغلال مركز وظيفي من طرف احدى العاملات بدون وجه حق والتلاعب بمنظومة الإعلامية..

وفي ديسمبر 2020 اكتشفت هيئة مكافحة الفساد شبهة فساد في إسناد مساكن وظيفية من طرف المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بمنوبة تم إحالتها إلى القضاء وتتمثل بالأساس في عدم التزام اللجنة الخاصة بالنظر في مطالب السكن بالمعايير المستوجبة والشروط القانونية في منح هذه المساكن الإدارية.

كما ورد على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في نوفمبر 2020 تبليغ مفاده شبهات فساد مالي وإداري متعلقة بالإخلال بشروط الرقابة الصحية الحيوانية بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالمهدية. وتعلقت الشبهة بالتلاعب بملف التعويض عن الأبقار المريضة بالسل، حيث كشفت أعمال التقصي أنه تم بيع لحوم هذه الأبقار بالمسالخ البلدية. كما تم رصد إخلالات على مستوى اللجنة التي تقوم بالرقابة بالإضافة إلى القيام بتدليس المحاضر والتلاعب بالأموال العمومية.

ومنذ بضعة أشهر أصدرت وزارة التربية مقررات إعفاء 4 مسؤولين بالمندوبية الجهوية للتربية بمدنين بسبب شبهات فساد مالي وإداري وقد صدرت هذه المقررات بعد استيفاء جملة من تقارير الرقابة المالية والإدارية الراجعة بالنظر لوزارة التربية منذ بداية بحثها في التجاوزات أواخر سنة 2020 وتخص هذه المقررات أساسا المندوب الجهوي للتربية وكاتب عام المندوبية والمدير المساعد للموارد البشرية ومدير المرحلة الإعدادية والتعليم الثانوي.

كما تم اكتشاف شبهات فساد بإدارة المندوبية الجهوية لشؤون المرأة والأسرة وكبار السنّ بقبلي متمثلة في اختلاس أموال عمومية من قبل موظفين عموميين وشبهة سوء التصرف في أموال عمومية والإضرار بالإدارة..، وذلك اثر تلقي هيئة مكافحة الفساد لعدد من الإشعارات والتبليغات وبعد التقصي في ذلك تمت احالة الملف إلى القضاء بخصوص شبهة مخالفة القوانين والتراتيب الجاري بها العمل في التّسيير المالي.

هيئات الرقابة.. مغيبة!

 

رغم أهمية الترسانة التشريعية والهيكلية في علاقة بالتصدي للفساد الإداري والمالي بوجود ثلاث هيئات رقابية وهي: هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية التابعة لرئاسة الحكومة وهيئة الرقابة العامة للمالية وتتبع وزارة المالية وهيئة الرقابة العامة لأملاك الدولة والشؤون العقارية التابعة لوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بالإضافة الى التفقديات الوزارية وإدارات التدقيق الـــداخلي في المنشآت العمومية..، الا أن كل المؤشرات والتقارير التي تقيم مدركات الفساد تؤكد أن الإدارة التونسية هي أحد أبرز أذرع الفساد والسبب في انتشاره.

واليوم اذا كانت نوايا حكومة نجلاء بودن صادقة في مكافحة ظاهرة الفساد التي استشرت بطريقة باتت تهدد كيان الدولة، فان عليها تفعيل عمل هيئات الرقابة ومنحها كل الإمكانيات للتدقيق والتقصي في علاقة بكل المصالح والهياكل العمومية وكذلك يجب الضرب بقوة على يد العابثين والموظفين الفاسدين مهما كان موقعهم، فتطهير الإدارة ومنها المندوبيات الجهوية هو الحل الوحيد لاستعادة الثقة في الدولة كجهاز تنفيذي مهمته خدمة المواطن أين كان وليس العبث بمصالح المواطنين واهدار الحقوق والتلاعب بها.

 

منية العرفاوي

المندوبيات الجهوية.. عنوان لفشل الدولة!

 

تونس- الصباح

تحولت المندوبيات الجهوية من آلية لتقريب الخدمات الإدارية من المواطن الى بؤر للتلاعب بالقانون واستغلال النفوذ والفساد.. وما يحصل هذه الأيام في سيدي بوزيد على مستوى المندوبية الجهوية للتربية ومندوبية الشباب والرياضة والإيقاع بعدد كبير من الموظفين المورطين في تلاعب وفساد مالي وإداري بعدة ملفات، ليس إلا عينة مما يحصل في العديد من المندوبيات الجهوية وفي قطاعات ومجالات مختلفة بعضها تم كشفه وفضحه والبعض الآخر لم تنتبه اليه لا سلط الاشراف المركزية ولا هيئات الرقابة ولا الأجهزة الأمنية.

مدنين ومنوبة وقبلي والمهدية ومؤخرا سيدي بوزيد وغيرها من الولايات،اهتزت مندوبياتها الجهوية على وقع فضائح مدوية تتعلق بالتربية والفلاحة والتجهيز وغيرها من الملفات الخطيرة، وقد انتهت في أغلبها الى إقالات واحالات على القضاء ولكن ذلك لم يحد من ظاهرة تحول أغلب المندوبيات الى بؤر فساد مستغلة في ذلك عدم الاستقرار السياسي وضعف سلط الإشراف مركزيا لتعيث فسادا في القطاعات التي من المفترض انها من مشمولات عملها الذي يقتضي تقريب الخدمات الإدارية وتمثيل الوزارات في الجهات.. وبات التلاعب الإداري والمالي والرشاوى والمحسوبية، ممارسات يومية يقوم بها موظفون فقدوا ضميرهم وشرفهم المهني وشجعهم الإفلات من العقاب على التمادي، في غياب الرقابة وضعف ولاة المكان او حتى شغور منصب الوالي في حد ذاته.

واذا كانت حكومة نجلاء بودن تضع اليوم ضمن أولوياتها العاجلة محاربة الفساد، فان محاربة هذا الفساد تنطلق من تطهير الجهاز الإداري للدولة وتفعيل عمل الهيئات الرقابية والأهم القيام بعمليات تدقيق شاملة وصارمة للمندوبيات الجهوية والضرب بقوة على يد العابثين والمستهترين والفاسدين.

عناوين للفساد..

 

أكدت الأبحاث التي باشرتها فرقة الأبحاث والتفتيش التابعة للحرس الوطني شبهة تورط موظفين بالمندوبية الجهوية بسيدي بوزيد في تدليس وثائق وشهادات مقابل الحصول على رشاوى لتمكين بعض المعلمين النواب من أولوية الانتداب.. كما شملت شبهات فساد 9 إطارات يعملون بالمندوبية الجهوية للشباب والرياضة بالجهة. وسبق أن أذنت النيابة العمومية بسيدي بوزيد، منذ أيام، بالاحتفاظ بخمسة مسؤولين بالمندوبية الجهوية للشباب بسيدي بوزيد على إثر مباشرة قضية شبهات فساد مالي وإداري تتعلق بإنجاز مشاريع وإبرام صفقات عمومية مشبوهة، وفق مصدر قضائي. كما سبق أن تم الاستماع الى الوزيرة السابقة للشباب والرياضة ورئيس ديوان الوزارة بخصوص قضية شبهات الفساد المالي والإداري المذكورة.

كما يُشار إلى أنه تم الاحتفاظ بموظفين اثنين تابعين للمندوبية الجهوية للتربية بسيدي بوزيد، أيضا، على خلفية »شبهة ارتكابهما لجرائم تدليس وثائق إدارية لفائدة بعض المعلمين النواب، بهدف التمتع بأولوية الانتداب، مقابل الحصول على رشاوى « يُذكر أن وزارة التربية كانت قررت عزل 5 مسؤولين بالمندوبية الجهوية للتربية بسيدي بوزيد من خططهم الوظيفية، وإحالتهم على القضاء، لثبوت تورطهم في التلاعب بملف الانتدابات عن طريق تدليس شهادات علمية لعدد من الأساتذة والمعلمين وذلك على خلفية الكشف عن عملية تدليس شملت إدماج اكثر من 100 معلم وأستاذ نائب بولاية سيدي بوزيد، وهم من غير النواب المستوفين لشروط الحق في تسوية وضعياتهم.

وقبلها في شهر سبتمبر أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد بالاحتفاظ بالمندوب الجهوي للفلاحة ومحاسب وموظفين اثنين،من أجل التدليس ومسك واستعمال مدلس واستغلال موظف عمومي لصفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه او لغيره والاستيلاء على أموال عمومية وتعلقت التهم الموجهة اليهم بالأساس بالانتدابات غير القانونية لعمال الحضائر وتسجيل استيلاء على اموال عمومية (مقتطعات بنزين) الى جانب التلاعب ببطاقات الحضور والخلاص لعمال الحضائر واستغلال مركز وظيفي من طرف احدى العاملات بدون وجه حق والتلاعب بمنظومة الإعلامية..

وفي ديسمبر 2020 اكتشفت هيئة مكافحة الفساد شبهة فساد في إسناد مساكن وظيفية من طرف المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بمنوبة تم إحالتها إلى القضاء وتتمثل بالأساس في عدم التزام اللجنة الخاصة بالنظر في مطالب السكن بالمعايير المستوجبة والشروط القانونية في منح هذه المساكن الإدارية.

كما ورد على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في نوفمبر 2020 تبليغ مفاده شبهات فساد مالي وإداري متعلقة بالإخلال بشروط الرقابة الصحية الحيوانية بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالمهدية. وتعلقت الشبهة بالتلاعب بملف التعويض عن الأبقار المريضة بالسل، حيث كشفت أعمال التقصي أنه تم بيع لحوم هذه الأبقار بالمسالخ البلدية. كما تم رصد إخلالات على مستوى اللجنة التي تقوم بالرقابة بالإضافة إلى القيام بتدليس المحاضر والتلاعب بالأموال العمومية.

ومنذ بضعة أشهر أصدرت وزارة التربية مقررات إعفاء 4 مسؤولين بالمندوبية الجهوية للتربية بمدنين بسبب شبهات فساد مالي وإداري وقد صدرت هذه المقررات بعد استيفاء جملة من تقارير الرقابة المالية والإدارية الراجعة بالنظر لوزارة التربية منذ بداية بحثها في التجاوزات أواخر سنة 2020 وتخص هذه المقررات أساسا المندوب الجهوي للتربية وكاتب عام المندوبية والمدير المساعد للموارد البشرية ومدير المرحلة الإعدادية والتعليم الثانوي.

كما تم اكتشاف شبهات فساد بإدارة المندوبية الجهوية لشؤون المرأة والأسرة وكبار السنّ بقبلي متمثلة في اختلاس أموال عمومية من قبل موظفين عموميين وشبهة سوء التصرف في أموال عمومية والإضرار بالإدارة..، وذلك اثر تلقي هيئة مكافحة الفساد لعدد من الإشعارات والتبليغات وبعد التقصي في ذلك تمت احالة الملف إلى القضاء بخصوص شبهة مخالفة القوانين والتراتيب الجاري بها العمل في التّسيير المالي.

هيئات الرقابة.. مغيبة!

 

رغم أهمية الترسانة التشريعية والهيكلية في علاقة بالتصدي للفساد الإداري والمالي بوجود ثلاث هيئات رقابية وهي: هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية التابعة لرئاسة الحكومة وهيئة الرقابة العامة للمالية وتتبع وزارة المالية وهيئة الرقابة العامة لأملاك الدولة والشؤون العقارية التابعة لوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بالإضافة الى التفقديات الوزارية وإدارات التدقيق الـــداخلي في المنشآت العمومية..، الا أن كل المؤشرات والتقارير التي تقيم مدركات الفساد تؤكد أن الإدارة التونسية هي أحد أبرز أذرع الفساد والسبب في انتشاره.

واليوم اذا كانت نوايا حكومة نجلاء بودن صادقة في مكافحة ظاهرة الفساد التي استشرت بطريقة باتت تهدد كيان الدولة، فان عليها تفعيل عمل هيئات الرقابة ومنحها كل الإمكانيات للتدقيق والتقصي في علاقة بكل المصالح والهياكل العمومية وكذلك يجب الضرب بقوة على يد العابثين والموظفين الفاسدين مهما كان موقعهم، فتطهير الإدارة ومنها المندوبيات الجهوية هو الحل الوحيد لاستعادة الثقة في الدولة كجهاز تنفيذي مهمته خدمة المواطن أين كان وليس العبث بمصالح المواطنين واهدار الحقوق والتلاعب بها.

 

منية العرفاوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews