إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

قطاع تعليم السياقة: عشوائية..سمسرة وإخلالات

 

تونس-الصباح

يعيش قطاع تعليم السياقة والسلامة المرورية في تونس عديد الإشكالات والاخلالات وذلك لعدة أسباب منها انتحال صفة الممتحن، وانتشار ثقافة "الوفقة" للحصول على رخص السياقة مما يؤكد تغليب الجانب الربحي على الجانب التكويني مع  الهجرة بين الولايات  للحصول على رخص السياقة، كما تمكنت قبل فترة فرقة الشرطة العدلية بسيدي بوزيد، من إيقاف مهندس مكلّف بإسناد رخص السياقة والإشراف على الامتحانات وممتحن وصاحب مدرسة تعليم سياقة بالجهة من أجل التدليس، بعد أن تقدم الممتحن لإجراء امتحان الحصول على رخصة سياقة عوضا عن شقيقه المقيم بالخارج، وبعد إعلام النيابة العمومية تم الإذن بالاحتفاظ بجميع الموقوفين وفتح بحث تحقيقي في الغرض.

تحقيق: صلاح الدين كريمي

وفي هذا الإطار تطرح "الصباح" أبرز إشكاليات قطاع تعليم السياقة والسلامة المرورية من خلال الحديث مع عدد من المهنيين والمنظمات والجمعيات المهنية بالقطاع إضافة إلى رصد رؤية الوكالة الفنية للنقل البري في عملية الإصلاح.

غياب الهيكلة والتنظيم

أفاد رئيس مؤسسة تكوين في السياقة والسلامة المرورية بسيدي بوزيد، عادل اللايفي في تصريح لـ"الصباح" أن " مجال تعليم السياقة والسلامة المرورية في سيدي بوزيد يعاني من عديد الصعوبات نتيجة غياب الهيكلة والتنظيم، من خلال عدم احترام للتسعيرة وغياب برنامج تكوين محكم بمقاييس مضبوطة، حيث أن التسعيرة الحالية للعمل غير متطابقة مع التكلفة وبحكم كثرة مدارس التكوين في المجال أصبح المقياس الوحيد للمنافسة هو تخفيض الأسعار لساعات التكوين في المجال، وهو ما انعكس سلبا على عدم تلاؤم المصاريف والتكلفة الحقيقية للخدمة المقدمة".

وأضاف  اللايفي، أن عدد المتكونين مستقر كما هو سنويا إلا أن عدد مؤسسات التكوين في السياقة تتضاعف يوما بعد يوم، مما ساهم في وجود خلل في العرض والطلب والذي ساهم في ضرب جودة رخص السياقة خاصة بعد 14 جانفي 2011 طريقة الامتحان تغيرت وأصبح هناك استسهال للحصول على رخص السياقة وكأن الممتحن أصبح خائفا من ردة فعل المترشح. ومن الإشكاليات الأخرى بولاية سيدي بوزيد في هذا المجال هناك نقص كبير في الموارد البشرية والتجهيزات المعلوماتية مع عدم تعيين مدير جهوي للإدارة الجهوية للنقل بالولاية...، كما أن ما تعيشه المنطقة من فساد وسوء تصرف في مجال السياقة والسلامة المرورية ليس حكرا عن هذه الولاية فقط بل هو أنموذج من حالات في عدة ولايات، ثم ان ما يسجل من هجرة للمترشحين نحو سيدي بوزيد مثلا هو نتيجة سعر التكلفة لرخصة السياقة من ناحية ومن ناحية أخرى مواعيد الامتحانات بالجهة أقرب من عدة ولايات أخرى...، وفق قوله.

رخص مؤسسات التكوين

وأضاف رئيس مؤسسة تكوين في السياقة والسلامة المرورية بولاية تونس، عادل بوجنيح، في تصريح لـ"الصباح" أن هناك إشكاليات عدة يعيشها القطاع أبرزها غلاء السيارات بأكثر من 50% و60% مع غياب تعريفة محددة للتكوين في السياقة وأصبح كأنه قطاع محرر تنافسي إضافة إلى سوء توزيع جغرافي لرخص مؤسسات التكوين، ما من شأنه أن يؤثر بطبيعة الحال عن جودة رخصة السياقة، اضافة الى ان مسالك تعليم السياقة غير مناسبة لمؤسسات التكوين والمتكون على حد السواء نظرا لعدم تهيئتها وجاهزيتها.

وأضاف عادل بوجنيح، أن هناك سوء تواصل بين بعض الممتحنين والمكونين أثر سلبيا عن الخدمات المقدمة لفائدة المتكون...

أزمة كورونا عمقت الأزمة

بدوره رئيس الغرفة الوطنية لمدارس تعليم السياقة، محمد الفاضل البكوش، أفاد في تصريح لـ"الصباح" أن أزمة فيروس كورونا أثرت بشكل كبير على القطاع، حيث تم إغراق مجال تعليم السياقة في تونس وأصبح العرض أي مؤسسات التكوين أكثر بكثير من الطلب، خاصة وأن الإقبال للحصول على رخص السياقة يتراجع بنسبة تتراوح بين 7% و8% سنويا. مما أدى أيضا إلى مشاكل في الحصول على سيارات تكوين جيدة نتيجة ارتفاع  سعر السيارات.

جودة رخص السياقة

وأضاف محمد الفاضل البكوش، أن هناك منافسة غير شريفة في القطاع نتيجة التخفيض في الأسعار تلقائيا ودون أي رجوع لسلطة الإشراف من قبل مؤسسات التكوين مما يؤثر على جودة رخص السياقة في تونس بسبب تحديد المتكون لساعات التكوين لوحده وهناك من يتحصل على رخصة سياقة بعد تكوين بـ 10 ساعات فقط وهنا تطرح بجدية جودة ونجاعة هذا التكوين وقد طالبت الغرفة بتحديد عدد ساعات محدد يتراوح بين 30 و40 ساعة، كما أن الأمر الحكومي عدد 510 لسنة 2021 مؤرخ في 18 جوان 2021  المتعلق بضبط أصناف رخص السياقة وشروط تسليمها وصلاحيتها وتجديدها، من شأنه أن يحسن وضعية القطاع مثل إلزامية العقد  القانوني المكتوب بين مؤسسة التكوين والمتكون، كما أنه يوفر برنامج تكويني وطني في مجال تعليم السياقة.

وأكد البكوش، أن الفساد في القطاع موجود من  مختلف الأطراف في مجال تعليم السياقة نتيجة ضعف الرقابة وضعف الإمكانيات وقد طالبت الغرفة في هذا الجانب بإحداث عمادة تنظم القطاع وتراقب تجاوزات مؤسسات التكوين وتضع حدا لها مثل قطاعات أخرى. ومن الضروري احالة بعض الصلاحيات للوكالة الفنية للنقل البري كذلك من قبل وزارة النقل مما يعزز أكثر جودة الخدمات والرقابة.

وضع حد للتجاوزات

ودعا رئيس الغرفة الوطنية لمدارس تعليم السياقة، محمد الفاضل البكوش، سلط الإشراف الى التسريع في إتمام مشروع العمادة، مع تطبيق  الأمر الحكومي عدد 510 بعد فترة من صدوره والتي حددت بسنة، اضافة الى تعزيز الرقابة والحوكمة ووضع حد للتجاوزات في هذا المجال خاصة في ظل ارتفاع المؤسسات والتي وصلت الى ما يزيد عن 4500 مؤسسة تكوين اضافة الى ان هناك مؤسسات تعمل دون مقرات عبارة على تجار متجولين لتعليم السياقة في تونس وهو ما خلق وضعية غير متساوية على مستوى الشفافية والتسعيرة في ساعات التعليم والتكوين والقيمة المالية للحصول على رخص السياقة، ويشغل القطاع  قرابة 10 آلاف بين المجال النظري والتطبيقي…

رئيس الجمعية التونسية لممتحني رخص السياقة والسلامة المرورية لـ"الصباح": لا يشرفنا وجود ممتحن فاسد.. وهناك اخلالات ونقائص

ما أكد رئيس الجمعية التونسية لممتحني رخص السياقة والسلامة المرورية، أنيس بن حسون، في تصريح لـ"الصباح" أن منظومة رخص السياقة وامتحانات الرخص في تونس تتكون من ممتحن ومؤسسة التكوين أي المهنيين والإدارة المشرفة والتي للأسف لا تعمل حاليا بالطريقة المطلوبة مما تسبب في وجود عدة اخلالات ونقائص خاصة  من خلال غياب برنامج  وطني  موحد لمجال التكوين في تونس من شأنه أن يساهم في جودة التكوين، ففي ظل غياب تدرج بيداغوجي للتكوين في تعليم السياقة مما جعل نسبة النجاح في الحصول على رخص السياقة في حدود 35% في وقت أن في البلدان المتقدمة هذه النسبة تتجاوز الـ 90%.

غياب دليل تكوين

وأضاف  بن حسون، في رده عن مدى  تورط عدد من ممتحني رخص السياقة والسلامة المرورية  في الفساد، أن هناك غيابا للمراقبة الكافية من طرف هياكل الوزارة خاصة في ظل ارتفاع الدخلاء عن القطاع في مجال تعليم السياقة، كما أن هجرة المتكون من ولاية الى اخرى غير مسؤول عليها الممتحن بينما الهياكل الرقابية هي التي لا بد أن تقوم بالرقابة، كما أنه لا يمكن الحديث عن شبهات فساد في ظل أن نسبة النجاح في الحصول على رخص السياقة لا تتجاوز 35%، إلا أنه لا يمكن إنكار أنه لا يوجد فساد في القطاع بصفة كلية فبطاقة التقييم تبرر نجاح أو تأجيل المتكون ويستلمها المترشح. وفي غياب دليل تكوين واضح ستكرر الاتهامات بظلم الممتحن للمترشح والعكس صحيح، ولا يشرفنا وجود ممتحن فاسد فجميع الممتحنين في تونس معروفين بنظافة اليد…

رئيس الهيئة الوطنية لمدارس تعليم السياقة بتونس لـ"الصباح": القطاع يعيش أزمة خانقة..  وهناك  تفش للفساد

بدوره رئيس الهيئة الوطنية لمدارس تعليم السياقة بتونس سامي الهاني، قال في تصريح لـ"الصباح"، " أستطيع القول إن قطاع تعليم السياقة يعيش أزمة خانقة على أكثر من صعيد (دخلاء، مؤسسات غير قانونية، غلاء أسعار المعدات البيداغوجية والسيارات، غياب الدعم.. ) عمقتها تداعيات جائحة كورونا، خصوصا أثناء فترات الحجر الصحي للتوقي من سرعة انتشار الفيروس، فنحن مازلنا نتلقى يوميا طلبات لمساعدة المهنيين الذين اضطروا لمغادرة محلاتهم بسبب عجزهم على دفع معلوم الكراء..

عقبة أمام مسار الإصلاح والتطوير

وأضاف الهاني "بالرغم من كل ذلك فإن أغلب المكونين ورؤساء مؤسسات التكوين في مجال سياقة العربات والسلامة المرورية يناضلون ويتمسكون بقيم مهنتهم النبيلة ودورها الهام في المجتمع. لكن للأسف مازلت بعض الممارسات الشاذة تقف عقبة أمام مسار الإصلاح والتطوير الذي نروم إليه، فنشاط قطاع تعليم السياقة يرتبط أساسا بمنظومة رخصة السياقة التي تفشت فيها مظاهر الفساد والممارسات غير الأخلاقية تجاه المواطنين، إضافة إلى كثرة التدخلات والمعارف التي ضاقت بها صدورنا كافة".

وفي نفس السياق أشار رئيس الهيئة إلى أنه "لا بد من الإقرار أيضا بتزايد ظاهرة الدخلاء والوسطاء والسماسرة، وهذه لها مخاطر كبيرة على المستوى التكويني لطالبي الحصول على رخصة سياقة. ناهيك عن الهجرة المنظمة لبعض الولايات قصد الحصول على رخصة سياقة بطرق غير مشروعة وأساليب ملتوية".

تفعيل المراقبة

واقترح سامي الهاني أنه "كحل لهذه العوامل يجب تفعيل المراقبة بطرق وآليات حديثة ومبتكرة لكبح جماح لوبيات الفساد المنتشرة في كل مكان وقد سبق وأن اقترحت الهيئة الوطنية لمدارس تعليم السياقة بتونس مبادرة لتثبيت كاميرات مراقبة لتوثيق مراحل الامتحان التطبيقي ونشر قائمات نتائج الامتحانات بالموقع الخاص للوكالة الفنية للنقل البري وتعليقها بمقرات الإدارات الجهوية  يوميا وذلك لإضفاء مزيد من الشفافية على إجراءات امتحانات رخص السياقة، كما يفترض أن تحرص سلطة الإشراف على تنظيم زيارات ميدانية فجئية لمراكز الامتحانات النظرية والتطبيقية لرخصة السياقة ومؤسسات التكوين على حد السواء، والإنصات لتطلعات المواطنين والمتعاملين مع الإدارة والقرب منهم في إطار الحرص على جودة الخدمات والارتقاء بالسلوكيات التي تعتبر شرطا واجبا للحصول على رخصة سياقة". وفي سياق متصل أشار محدثنا إلى أهمية قرار وزير النقل المؤرخ في 5 فيفري 2002 المتعلق بضبط تركيبة ومشمولات وطرق سير أعمال اللجان المهنية الاستشارية لقطاع تعليم سياقة العربات، وهو قرار مهم تم وضعه لتنظيم القطاع والنظر في كل المستجدات ذات العلاقة، مع التأكيد على ضرورة دفع التنسيق بين مختلف الهياكل الممثلة لمهنة التكوين في مجال سياقة العربات والسلامة المرورية لكبح جماح كل المفسدين والمتمعشين من القطاع، وفق قوله.

وشدد  رئيس الهيئة الوطنية لمدارس تعليم السياقة بتونس سامي الهاني، على أنه من الضروري العمل على أن نصل يوما لإعادة ترتيب هذا الوضع، في إطار مقاربة منظومية تجمع كل الأطراف المتداخلة في رخصة السياقة لأهميتها في رفع مؤشرات السلامة المرورية ببلادنا، وفق قوله.

مدير سياقة العربات بالوكالة الفنية للنقل البري: تغليب للجانب الربحي على الجانب التكويني

من جهته مدير سياقة العربات بالوكالة الفنية للنقل البري، الجيلاني بن بوجمعة، أقر في تصريح لـ"الصباح"، أن مستوى جودة التكوين في السياقة والسلامة المرورية في تونس يعاني من عديد الاخلالات أبرزها العمل بـ "الوفقة" في منح رخص السياقة وذلك من خلال تغليب الجانب الربحي على الجانب التكويني وذلك من خلال الاتفاق على سعر معين منذ البداية للتكوين في السياقة والسلامة المرورية بين مؤسسات التكوين والراغب في الحصول عن رخصة سياقة وهو ما يحدث هنا نوعين من مؤسسات تكوين تقوم بتكوين جيد ومؤسسات تكوين لا يهمها سوى الربح المادي السريع مع ضرورة نجاح الممتحن بأي طريقة كانت وبأساليب ملتوية. بالإضافة إلى انتحال صفة المترشح وذلك من خلال دخول شخص آخر عوض المرشح للامتحان كما وقع مؤخرا في ولايات سليانة وسيدي بوزيد وزغوان وعدة ولايات أخرى، وهو ما يؤكد أن المكون أي صاحب مؤسسة التكوين في السياقة هو من يقوم بجلب هذا الشخص وتسهيل دخوله بغاية ربح مبالغ مالية خيالية، إضافة إلى إلصاق صورة فوق الصورة الأصلية ببطاقة التعريف الوطنية بطرق لا يمكن التفطن إليها بسهولة، مع استعمال سماعات للغش في الامتحان النظري للحصول على رخص السياقة خاصة خلال أزمة فيروس كورونا عند الطلب من المرشحين اصطحاب سمعاتهم الشخصية عند الامتحان وهو ما يفسر أن طرق الخداع تفوق الخيال، وفق تعبيره.

تطوير جودة الخدمات للحريف

أن الوكالة انطلقت منذ مدة في تطبيق مشروع يخص تطوير جودة الخدمات للحريف ومواكبة التطورات في تكنولوجيا المعلومات ومسايرة التكنولوجيات الحديثة، ومن بين أهم أهداف المشروع التوجه نحو إدارة إلكترونية مما من شأنه أن يحسن جودة الخدمات عن بعد ويعززها، مع تدعيم جانب الشفافية من خلال التوزيع العشوائي للمترشحين لدى الممتحنين وذلك للحد من التدخلات غير القانونية والتجاوزات التي من شأنها أن تحد من مصداقية الامتحان وتساوي الفرص بين المواطنين مع الحد من كل المعاملات الورقية من شأنها أن تغير بعد الامتحان، وفق قوله.

وأضاف بن بوجمعة، أن من بين الحلول الأخرى للحد من تجاوزات القطاع هو مراقبة الممتحنين الكترونيا عن بعد من خلال ما ستوفره رقمنة التطبيقات، كما أن النتائج ستكون حينية رقميا في تخلي تام عن المخرجات الورقية. إلا أن الرقابة ليست من المهام الأولية للوكالة الفنية للنقل البري وفق قوله، كما أنه من الضروري مزيد احترام الحيز الزمني للامتحان وعدم التسرع في انتهاء القيام بالامتحان، ومن الضروري أيضا إقرار مجموعة من الإجراءات الردعية ضد ظاهرة إحلال شخص مكان آخر تتمثل في تركيز كاميرات مراقبة بكل مراكز الاختبارات النظرية وإصدار مناشير تذكيرية للفت نظر الممتحنين والموظفين المكلفين بّإجراء الاختبارات النظرية بأهمية عملية التثبت من الهوية قبل إجراء الامتحان.

التعيين الصدفي

ومن بين الحلول التي اقترحها  مدير سياقة العربات بالوكالة الفنية للنقل البري، الجيلاني بن بوجمعة، في إطار حوكمة وإجراءات الشفافية في مجال سياقة العربات، ضرورة اعتماد التعيين الصدفي لممتحني رخص سياقة بطريقة آلية يقوم بها المسؤول على المستوى الجهوي مباشرة قبل يوم الامتحان. مع اعتماد مبدأ تداول الممتحنين إقليميا ووطنيا إلا أن هذا المشروع تعطل لأسباب تتعلق بالطرف النقابي. بالإضافة إلى عقد اجتماعات دورية على المستوى وطني وجهوي مع ممثلي الهياكل النقابية لمؤسسات التكوين في مجال سياقة العربات.

إضافة إلى اعتماد لوحة رقمية تعمل بنظام أندرويد تتضمن التطبيقة المحمولة ويتم التواصل معها حينيا بقاعدة البيانات المركزية لإجراء الاختبارات التطبيقية لامتحان الحصول على رخصة السياقة، وهذا المشروع سيجعل الوكالة قادرة في مرحلة أولى على توثيق جميع مراحل الاختبار من حيث مستوى التكوين والمدة التي يستغرقها الاختبار منذ انطلاقه إلى حين التصريح بالنتيجة من قبل الممتحنين  كما سيمكن في مرحلة ثانية من الاطلاع على المسلك الذي يتم إتباعه للوقوف على أداء المترشح عبر تقنية الملاحقة TRACKING من خلال أجهزة تحديد الموقع الجغرافي والتتبع GPS وذلك بهدف الرجوع إليه عند كل طلب من أية جهة كانت لها علاقة بالاختبار (المترشح، المكون في مجال سياقة العربات، هياكل المراقبة) ويتم استغلال هذه التطبيقة حاليا من قبل 10 إدارات جهوية، وهم بصدد تجربة الصيغة الجديدة للتطبيقة بولاية بن عروس ثم تعميمها تدريجيا على بقية الإدارات الجهوية، وفق قوله. وفي إطار اللامركزية تم إحداث لجان جهوية للنظر في حالات المصابين بإعاقات بدنيّة وتفادي تنقّلهم الى تونس العاصمة لحضور اللجنة المختصة المكلفة بالنظر في هذه الحالات، مع اعتماد شهادات الثبوت في صحة وصلوحية رخص السياقة الأجنبية المراد تعويضها بأخرى تونسية الحاملة "للأبوستي"  تبعا لانضمام الجمهورية التونسية للاتفاقية المتعلقة بحذف شرط التصديق على الوثائق الأجنبية الحاملة "للأبوستي" من شرط المصادقة الديبلوماسية فإنه يتم اعتماد شهادات الثبوت في صحة وصلوحية رخص السياقة الأجنبية المراد تعويضها بأخرى تونسية المتحصلة على "الأبوستي" والصادرة عن دولة طرف في هذه الاتفاقية أو لم تتحفظ على انضمام تونس للاتفاق المذكور لإتمام إجراءات التعويض دون القيام بإجراءات التثبت لدى هذه السلطات عن طريق القنوات الديبلوماسية.

تلافي نقائص المنظومة الحالية

كما تم إعداد دليل إجراءات ينظم العلاقة بين كل من المكون في مجال سياقة العربات وممتحن رخص السياقة من خلال تفصيل الأعمال الراجعة إلى كل منهما وضبط الإجراءات لمعالجة مختلف الوضعيات وقد دخل هذا الدليل حيز التطبيق خلال شهر ماي 2009، بالإضافة الى إعادة هيكلة هذه الاختبارات النظرية لامتحانات رخص السياقة بهدف تطوير مضمون وطريقة إجرائها وتلافي نقائص المنظومة الحالية من خلال التركيز على السلوكيات التي يجب أن تتوفر لدى السواق لضمان سياقة آمنة واحترام بقية مستعملي الطريق الآخرين وخاصة الأكثر عرضة منهم للمخاطر، إضافة إلى القواعد القانونية المطلوبة عند إعداد أسئلة الاختبارات، وفقا لبن بوجمعة.

أما  بخصوص متابعة الشكايات والعرائض الواردة بخصوص الممتحنين، فقد تم إعداد دليل إجراءات ينظم العلاقة بين كل من المكون والممتحن من خلال تفصيل الأعمال الراجعة إلى كل منهما وضبط الإجراءات لمعالجة مختلف الوضعيات التي يتطلب بعضها تدخل طرف ثالث وقد دخل هذا الدليل حيز التطبيق خلال شهر ماي 2009. وهو يأتي كنتيجة للعمل المشترك بين الوكالة الفنية للنقل البري والغرفة الوطنية لمدارس تعليم السياقة والهادف إلى إسناد توجه السلطات العمومية نحو تأهيل قطاع تعليم السياقة والرفع من مستوى رخصة السياقة وسيتم تحيينه على إثر صدور الصيغة الجديدة للأمر 142 لسنة 2000 المؤرخ في 24 جانفي 2000 المتعلق بضبط أصناف رخص السياقة وشروط تسليمها وصلاحيتها وتجديدها، وفق قوله.

تجدر الإشارة الى أنه سنويا يبلغ عدد رخص السياقة التي يتم منحها سنويا أكثر من 365 ألف رخصة ففي سنة 2020 على سبيل المثال تم منح 365.400 رخصة سياقة، فيما بلغت عدد الامتحانات النظرية لسنة 2020 عدد 279029، وعدد الامتحانات التطبيقية لسنة 2020 عدد 34072، بينما يبقى هدا القطاع نظرا لأهميته ودوره في المجتمع نظرا لما يوفره من خدمات مازال يعيش وضع صعب يتطلب تدخل مختلف سلط الإشراف والمهنيين في القطاع.

       

قطاع تعليم السياقة: عشوائية..سمسرة وإخلالات

 

تونس-الصباح

يعيش قطاع تعليم السياقة والسلامة المرورية في تونس عديد الإشكالات والاخلالات وذلك لعدة أسباب منها انتحال صفة الممتحن، وانتشار ثقافة "الوفقة" للحصول على رخص السياقة مما يؤكد تغليب الجانب الربحي على الجانب التكويني مع  الهجرة بين الولايات  للحصول على رخص السياقة، كما تمكنت قبل فترة فرقة الشرطة العدلية بسيدي بوزيد، من إيقاف مهندس مكلّف بإسناد رخص السياقة والإشراف على الامتحانات وممتحن وصاحب مدرسة تعليم سياقة بالجهة من أجل التدليس، بعد أن تقدم الممتحن لإجراء امتحان الحصول على رخصة سياقة عوضا عن شقيقه المقيم بالخارج، وبعد إعلام النيابة العمومية تم الإذن بالاحتفاظ بجميع الموقوفين وفتح بحث تحقيقي في الغرض.

تحقيق: صلاح الدين كريمي

وفي هذا الإطار تطرح "الصباح" أبرز إشكاليات قطاع تعليم السياقة والسلامة المرورية من خلال الحديث مع عدد من المهنيين والمنظمات والجمعيات المهنية بالقطاع إضافة إلى رصد رؤية الوكالة الفنية للنقل البري في عملية الإصلاح.

غياب الهيكلة والتنظيم

أفاد رئيس مؤسسة تكوين في السياقة والسلامة المرورية بسيدي بوزيد، عادل اللايفي في تصريح لـ"الصباح" أن " مجال تعليم السياقة والسلامة المرورية في سيدي بوزيد يعاني من عديد الصعوبات نتيجة غياب الهيكلة والتنظيم، من خلال عدم احترام للتسعيرة وغياب برنامج تكوين محكم بمقاييس مضبوطة، حيث أن التسعيرة الحالية للعمل غير متطابقة مع التكلفة وبحكم كثرة مدارس التكوين في المجال أصبح المقياس الوحيد للمنافسة هو تخفيض الأسعار لساعات التكوين في المجال، وهو ما انعكس سلبا على عدم تلاؤم المصاريف والتكلفة الحقيقية للخدمة المقدمة".

وأضاف  اللايفي، أن عدد المتكونين مستقر كما هو سنويا إلا أن عدد مؤسسات التكوين في السياقة تتضاعف يوما بعد يوم، مما ساهم في وجود خلل في العرض والطلب والذي ساهم في ضرب جودة رخص السياقة خاصة بعد 14 جانفي 2011 طريقة الامتحان تغيرت وأصبح هناك استسهال للحصول على رخص السياقة وكأن الممتحن أصبح خائفا من ردة فعل المترشح. ومن الإشكاليات الأخرى بولاية سيدي بوزيد في هذا المجال هناك نقص كبير في الموارد البشرية والتجهيزات المعلوماتية مع عدم تعيين مدير جهوي للإدارة الجهوية للنقل بالولاية...، كما أن ما تعيشه المنطقة من فساد وسوء تصرف في مجال السياقة والسلامة المرورية ليس حكرا عن هذه الولاية فقط بل هو أنموذج من حالات في عدة ولايات، ثم ان ما يسجل من هجرة للمترشحين نحو سيدي بوزيد مثلا هو نتيجة سعر التكلفة لرخصة السياقة من ناحية ومن ناحية أخرى مواعيد الامتحانات بالجهة أقرب من عدة ولايات أخرى...، وفق قوله.

رخص مؤسسات التكوين

وأضاف رئيس مؤسسة تكوين في السياقة والسلامة المرورية بولاية تونس، عادل بوجنيح، في تصريح لـ"الصباح" أن هناك إشكاليات عدة يعيشها القطاع أبرزها غلاء السيارات بأكثر من 50% و60% مع غياب تعريفة محددة للتكوين في السياقة وأصبح كأنه قطاع محرر تنافسي إضافة إلى سوء توزيع جغرافي لرخص مؤسسات التكوين، ما من شأنه أن يؤثر بطبيعة الحال عن جودة رخصة السياقة، اضافة الى ان مسالك تعليم السياقة غير مناسبة لمؤسسات التكوين والمتكون على حد السواء نظرا لعدم تهيئتها وجاهزيتها.

وأضاف عادل بوجنيح، أن هناك سوء تواصل بين بعض الممتحنين والمكونين أثر سلبيا عن الخدمات المقدمة لفائدة المتكون...

أزمة كورونا عمقت الأزمة

بدوره رئيس الغرفة الوطنية لمدارس تعليم السياقة، محمد الفاضل البكوش، أفاد في تصريح لـ"الصباح" أن أزمة فيروس كورونا أثرت بشكل كبير على القطاع، حيث تم إغراق مجال تعليم السياقة في تونس وأصبح العرض أي مؤسسات التكوين أكثر بكثير من الطلب، خاصة وأن الإقبال للحصول على رخص السياقة يتراجع بنسبة تتراوح بين 7% و8% سنويا. مما أدى أيضا إلى مشاكل في الحصول على سيارات تكوين جيدة نتيجة ارتفاع  سعر السيارات.

جودة رخص السياقة

وأضاف محمد الفاضل البكوش، أن هناك منافسة غير شريفة في القطاع نتيجة التخفيض في الأسعار تلقائيا ودون أي رجوع لسلطة الإشراف من قبل مؤسسات التكوين مما يؤثر على جودة رخص السياقة في تونس بسبب تحديد المتكون لساعات التكوين لوحده وهناك من يتحصل على رخصة سياقة بعد تكوين بـ 10 ساعات فقط وهنا تطرح بجدية جودة ونجاعة هذا التكوين وقد طالبت الغرفة بتحديد عدد ساعات محدد يتراوح بين 30 و40 ساعة، كما أن الأمر الحكومي عدد 510 لسنة 2021 مؤرخ في 18 جوان 2021  المتعلق بضبط أصناف رخص السياقة وشروط تسليمها وصلاحيتها وتجديدها، من شأنه أن يحسن وضعية القطاع مثل إلزامية العقد  القانوني المكتوب بين مؤسسة التكوين والمتكون، كما أنه يوفر برنامج تكويني وطني في مجال تعليم السياقة.

وأكد البكوش، أن الفساد في القطاع موجود من  مختلف الأطراف في مجال تعليم السياقة نتيجة ضعف الرقابة وضعف الإمكانيات وقد طالبت الغرفة في هذا الجانب بإحداث عمادة تنظم القطاع وتراقب تجاوزات مؤسسات التكوين وتضع حدا لها مثل قطاعات أخرى. ومن الضروري احالة بعض الصلاحيات للوكالة الفنية للنقل البري كذلك من قبل وزارة النقل مما يعزز أكثر جودة الخدمات والرقابة.

وضع حد للتجاوزات

ودعا رئيس الغرفة الوطنية لمدارس تعليم السياقة، محمد الفاضل البكوش، سلط الإشراف الى التسريع في إتمام مشروع العمادة، مع تطبيق  الأمر الحكومي عدد 510 بعد فترة من صدوره والتي حددت بسنة، اضافة الى تعزيز الرقابة والحوكمة ووضع حد للتجاوزات في هذا المجال خاصة في ظل ارتفاع المؤسسات والتي وصلت الى ما يزيد عن 4500 مؤسسة تكوين اضافة الى ان هناك مؤسسات تعمل دون مقرات عبارة على تجار متجولين لتعليم السياقة في تونس وهو ما خلق وضعية غير متساوية على مستوى الشفافية والتسعيرة في ساعات التعليم والتكوين والقيمة المالية للحصول على رخص السياقة، ويشغل القطاع  قرابة 10 آلاف بين المجال النظري والتطبيقي…

رئيس الجمعية التونسية لممتحني رخص السياقة والسلامة المرورية لـ"الصباح": لا يشرفنا وجود ممتحن فاسد.. وهناك اخلالات ونقائص

ما أكد رئيس الجمعية التونسية لممتحني رخص السياقة والسلامة المرورية، أنيس بن حسون، في تصريح لـ"الصباح" أن منظومة رخص السياقة وامتحانات الرخص في تونس تتكون من ممتحن ومؤسسة التكوين أي المهنيين والإدارة المشرفة والتي للأسف لا تعمل حاليا بالطريقة المطلوبة مما تسبب في وجود عدة اخلالات ونقائص خاصة  من خلال غياب برنامج  وطني  موحد لمجال التكوين في تونس من شأنه أن يساهم في جودة التكوين، ففي ظل غياب تدرج بيداغوجي للتكوين في تعليم السياقة مما جعل نسبة النجاح في الحصول على رخص السياقة في حدود 35% في وقت أن في البلدان المتقدمة هذه النسبة تتجاوز الـ 90%.

غياب دليل تكوين

وأضاف  بن حسون، في رده عن مدى  تورط عدد من ممتحني رخص السياقة والسلامة المرورية  في الفساد، أن هناك غيابا للمراقبة الكافية من طرف هياكل الوزارة خاصة في ظل ارتفاع الدخلاء عن القطاع في مجال تعليم السياقة، كما أن هجرة المتكون من ولاية الى اخرى غير مسؤول عليها الممتحن بينما الهياكل الرقابية هي التي لا بد أن تقوم بالرقابة، كما أنه لا يمكن الحديث عن شبهات فساد في ظل أن نسبة النجاح في الحصول على رخص السياقة لا تتجاوز 35%، إلا أنه لا يمكن إنكار أنه لا يوجد فساد في القطاع بصفة كلية فبطاقة التقييم تبرر نجاح أو تأجيل المتكون ويستلمها المترشح. وفي غياب دليل تكوين واضح ستكرر الاتهامات بظلم الممتحن للمترشح والعكس صحيح، ولا يشرفنا وجود ممتحن فاسد فجميع الممتحنين في تونس معروفين بنظافة اليد…

رئيس الهيئة الوطنية لمدارس تعليم السياقة بتونس لـ"الصباح": القطاع يعيش أزمة خانقة..  وهناك  تفش للفساد

بدوره رئيس الهيئة الوطنية لمدارس تعليم السياقة بتونس سامي الهاني، قال في تصريح لـ"الصباح"، " أستطيع القول إن قطاع تعليم السياقة يعيش أزمة خانقة على أكثر من صعيد (دخلاء، مؤسسات غير قانونية، غلاء أسعار المعدات البيداغوجية والسيارات، غياب الدعم.. ) عمقتها تداعيات جائحة كورونا، خصوصا أثناء فترات الحجر الصحي للتوقي من سرعة انتشار الفيروس، فنحن مازلنا نتلقى يوميا طلبات لمساعدة المهنيين الذين اضطروا لمغادرة محلاتهم بسبب عجزهم على دفع معلوم الكراء..

عقبة أمام مسار الإصلاح والتطوير

وأضاف الهاني "بالرغم من كل ذلك فإن أغلب المكونين ورؤساء مؤسسات التكوين في مجال سياقة العربات والسلامة المرورية يناضلون ويتمسكون بقيم مهنتهم النبيلة ودورها الهام في المجتمع. لكن للأسف مازلت بعض الممارسات الشاذة تقف عقبة أمام مسار الإصلاح والتطوير الذي نروم إليه، فنشاط قطاع تعليم السياقة يرتبط أساسا بمنظومة رخصة السياقة التي تفشت فيها مظاهر الفساد والممارسات غير الأخلاقية تجاه المواطنين، إضافة إلى كثرة التدخلات والمعارف التي ضاقت بها صدورنا كافة".

وفي نفس السياق أشار رئيس الهيئة إلى أنه "لا بد من الإقرار أيضا بتزايد ظاهرة الدخلاء والوسطاء والسماسرة، وهذه لها مخاطر كبيرة على المستوى التكويني لطالبي الحصول على رخصة سياقة. ناهيك عن الهجرة المنظمة لبعض الولايات قصد الحصول على رخصة سياقة بطرق غير مشروعة وأساليب ملتوية".

تفعيل المراقبة

واقترح سامي الهاني أنه "كحل لهذه العوامل يجب تفعيل المراقبة بطرق وآليات حديثة ومبتكرة لكبح جماح لوبيات الفساد المنتشرة في كل مكان وقد سبق وأن اقترحت الهيئة الوطنية لمدارس تعليم السياقة بتونس مبادرة لتثبيت كاميرات مراقبة لتوثيق مراحل الامتحان التطبيقي ونشر قائمات نتائج الامتحانات بالموقع الخاص للوكالة الفنية للنقل البري وتعليقها بمقرات الإدارات الجهوية  يوميا وذلك لإضفاء مزيد من الشفافية على إجراءات امتحانات رخص السياقة، كما يفترض أن تحرص سلطة الإشراف على تنظيم زيارات ميدانية فجئية لمراكز الامتحانات النظرية والتطبيقية لرخصة السياقة ومؤسسات التكوين على حد السواء، والإنصات لتطلعات المواطنين والمتعاملين مع الإدارة والقرب منهم في إطار الحرص على جودة الخدمات والارتقاء بالسلوكيات التي تعتبر شرطا واجبا للحصول على رخصة سياقة". وفي سياق متصل أشار محدثنا إلى أهمية قرار وزير النقل المؤرخ في 5 فيفري 2002 المتعلق بضبط تركيبة ومشمولات وطرق سير أعمال اللجان المهنية الاستشارية لقطاع تعليم سياقة العربات، وهو قرار مهم تم وضعه لتنظيم القطاع والنظر في كل المستجدات ذات العلاقة، مع التأكيد على ضرورة دفع التنسيق بين مختلف الهياكل الممثلة لمهنة التكوين في مجال سياقة العربات والسلامة المرورية لكبح جماح كل المفسدين والمتمعشين من القطاع، وفق قوله.

وشدد  رئيس الهيئة الوطنية لمدارس تعليم السياقة بتونس سامي الهاني، على أنه من الضروري العمل على أن نصل يوما لإعادة ترتيب هذا الوضع، في إطار مقاربة منظومية تجمع كل الأطراف المتداخلة في رخصة السياقة لأهميتها في رفع مؤشرات السلامة المرورية ببلادنا، وفق قوله.

مدير سياقة العربات بالوكالة الفنية للنقل البري: تغليب للجانب الربحي على الجانب التكويني

من جهته مدير سياقة العربات بالوكالة الفنية للنقل البري، الجيلاني بن بوجمعة، أقر في تصريح لـ"الصباح"، أن مستوى جودة التكوين في السياقة والسلامة المرورية في تونس يعاني من عديد الاخلالات أبرزها العمل بـ "الوفقة" في منح رخص السياقة وذلك من خلال تغليب الجانب الربحي على الجانب التكويني وذلك من خلال الاتفاق على سعر معين منذ البداية للتكوين في السياقة والسلامة المرورية بين مؤسسات التكوين والراغب في الحصول عن رخصة سياقة وهو ما يحدث هنا نوعين من مؤسسات تكوين تقوم بتكوين جيد ومؤسسات تكوين لا يهمها سوى الربح المادي السريع مع ضرورة نجاح الممتحن بأي طريقة كانت وبأساليب ملتوية. بالإضافة إلى انتحال صفة المترشح وذلك من خلال دخول شخص آخر عوض المرشح للامتحان كما وقع مؤخرا في ولايات سليانة وسيدي بوزيد وزغوان وعدة ولايات أخرى، وهو ما يؤكد أن المكون أي صاحب مؤسسة التكوين في السياقة هو من يقوم بجلب هذا الشخص وتسهيل دخوله بغاية ربح مبالغ مالية خيالية، إضافة إلى إلصاق صورة فوق الصورة الأصلية ببطاقة التعريف الوطنية بطرق لا يمكن التفطن إليها بسهولة، مع استعمال سماعات للغش في الامتحان النظري للحصول على رخص السياقة خاصة خلال أزمة فيروس كورونا عند الطلب من المرشحين اصطحاب سمعاتهم الشخصية عند الامتحان وهو ما يفسر أن طرق الخداع تفوق الخيال، وفق تعبيره.

تطوير جودة الخدمات للحريف

أن الوكالة انطلقت منذ مدة في تطبيق مشروع يخص تطوير جودة الخدمات للحريف ومواكبة التطورات في تكنولوجيا المعلومات ومسايرة التكنولوجيات الحديثة، ومن بين أهم أهداف المشروع التوجه نحو إدارة إلكترونية مما من شأنه أن يحسن جودة الخدمات عن بعد ويعززها، مع تدعيم جانب الشفافية من خلال التوزيع العشوائي للمترشحين لدى الممتحنين وذلك للحد من التدخلات غير القانونية والتجاوزات التي من شأنها أن تحد من مصداقية الامتحان وتساوي الفرص بين المواطنين مع الحد من كل المعاملات الورقية من شأنها أن تغير بعد الامتحان، وفق قوله.

وأضاف بن بوجمعة، أن من بين الحلول الأخرى للحد من تجاوزات القطاع هو مراقبة الممتحنين الكترونيا عن بعد من خلال ما ستوفره رقمنة التطبيقات، كما أن النتائج ستكون حينية رقميا في تخلي تام عن المخرجات الورقية. إلا أن الرقابة ليست من المهام الأولية للوكالة الفنية للنقل البري وفق قوله، كما أنه من الضروري مزيد احترام الحيز الزمني للامتحان وعدم التسرع في انتهاء القيام بالامتحان، ومن الضروري أيضا إقرار مجموعة من الإجراءات الردعية ضد ظاهرة إحلال شخص مكان آخر تتمثل في تركيز كاميرات مراقبة بكل مراكز الاختبارات النظرية وإصدار مناشير تذكيرية للفت نظر الممتحنين والموظفين المكلفين بّإجراء الاختبارات النظرية بأهمية عملية التثبت من الهوية قبل إجراء الامتحان.

التعيين الصدفي

ومن بين الحلول التي اقترحها  مدير سياقة العربات بالوكالة الفنية للنقل البري، الجيلاني بن بوجمعة، في إطار حوكمة وإجراءات الشفافية في مجال سياقة العربات، ضرورة اعتماد التعيين الصدفي لممتحني رخص سياقة بطريقة آلية يقوم بها المسؤول على المستوى الجهوي مباشرة قبل يوم الامتحان. مع اعتماد مبدأ تداول الممتحنين إقليميا ووطنيا إلا أن هذا المشروع تعطل لأسباب تتعلق بالطرف النقابي. بالإضافة إلى عقد اجتماعات دورية على المستوى وطني وجهوي مع ممثلي الهياكل النقابية لمؤسسات التكوين في مجال سياقة العربات.

إضافة إلى اعتماد لوحة رقمية تعمل بنظام أندرويد تتضمن التطبيقة المحمولة ويتم التواصل معها حينيا بقاعدة البيانات المركزية لإجراء الاختبارات التطبيقية لامتحان الحصول على رخصة السياقة، وهذا المشروع سيجعل الوكالة قادرة في مرحلة أولى على توثيق جميع مراحل الاختبار من حيث مستوى التكوين والمدة التي يستغرقها الاختبار منذ انطلاقه إلى حين التصريح بالنتيجة من قبل الممتحنين  كما سيمكن في مرحلة ثانية من الاطلاع على المسلك الذي يتم إتباعه للوقوف على أداء المترشح عبر تقنية الملاحقة TRACKING من خلال أجهزة تحديد الموقع الجغرافي والتتبع GPS وذلك بهدف الرجوع إليه عند كل طلب من أية جهة كانت لها علاقة بالاختبار (المترشح، المكون في مجال سياقة العربات، هياكل المراقبة) ويتم استغلال هذه التطبيقة حاليا من قبل 10 إدارات جهوية، وهم بصدد تجربة الصيغة الجديدة للتطبيقة بولاية بن عروس ثم تعميمها تدريجيا على بقية الإدارات الجهوية، وفق قوله. وفي إطار اللامركزية تم إحداث لجان جهوية للنظر في حالات المصابين بإعاقات بدنيّة وتفادي تنقّلهم الى تونس العاصمة لحضور اللجنة المختصة المكلفة بالنظر في هذه الحالات، مع اعتماد شهادات الثبوت في صحة وصلوحية رخص السياقة الأجنبية المراد تعويضها بأخرى تونسية الحاملة "للأبوستي"  تبعا لانضمام الجمهورية التونسية للاتفاقية المتعلقة بحذف شرط التصديق على الوثائق الأجنبية الحاملة "للأبوستي" من شرط المصادقة الديبلوماسية فإنه يتم اعتماد شهادات الثبوت في صحة وصلوحية رخص السياقة الأجنبية المراد تعويضها بأخرى تونسية المتحصلة على "الأبوستي" والصادرة عن دولة طرف في هذه الاتفاقية أو لم تتحفظ على انضمام تونس للاتفاق المذكور لإتمام إجراءات التعويض دون القيام بإجراءات التثبت لدى هذه السلطات عن طريق القنوات الديبلوماسية.

تلافي نقائص المنظومة الحالية

كما تم إعداد دليل إجراءات ينظم العلاقة بين كل من المكون في مجال سياقة العربات وممتحن رخص السياقة من خلال تفصيل الأعمال الراجعة إلى كل منهما وضبط الإجراءات لمعالجة مختلف الوضعيات وقد دخل هذا الدليل حيز التطبيق خلال شهر ماي 2009، بالإضافة الى إعادة هيكلة هذه الاختبارات النظرية لامتحانات رخص السياقة بهدف تطوير مضمون وطريقة إجرائها وتلافي نقائص المنظومة الحالية من خلال التركيز على السلوكيات التي يجب أن تتوفر لدى السواق لضمان سياقة آمنة واحترام بقية مستعملي الطريق الآخرين وخاصة الأكثر عرضة منهم للمخاطر، إضافة إلى القواعد القانونية المطلوبة عند إعداد أسئلة الاختبارات، وفقا لبن بوجمعة.

أما  بخصوص متابعة الشكايات والعرائض الواردة بخصوص الممتحنين، فقد تم إعداد دليل إجراءات ينظم العلاقة بين كل من المكون والممتحن من خلال تفصيل الأعمال الراجعة إلى كل منهما وضبط الإجراءات لمعالجة مختلف الوضعيات التي يتطلب بعضها تدخل طرف ثالث وقد دخل هذا الدليل حيز التطبيق خلال شهر ماي 2009. وهو يأتي كنتيجة للعمل المشترك بين الوكالة الفنية للنقل البري والغرفة الوطنية لمدارس تعليم السياقة والهادف إلى إسناد توجه السلطات العمومية نحو تأهيل قطاع تعليم السياقة والرفع من مستوى رخصة السياقة وسيتم تحيينه على إثر صدور الصيغة الجديدة للأمر 142 لسنة 2000 المؤرخ في 24 جانفي 2000 المتعلق بضبط أصناف رخص السياقة وشروط تسليمها وصلاحيتها وتجديدها، وفق قوله.

تجدر الإشارة الى أنه سنويا يبلغ عدد رخص السياقة التي يتم منحها سنويا أكثر من 365 ألف رخصة ففي سنة 2020 على سبيل المثال تم منح 365.400 رخصة سياقة، فيما بلغت عدد الامتحانات النظرية لسنة 2020 عدد 279029، وعدد الامتحانات التطبيقية لسنة 2020 عدد 34072، بينما يبقى هدا القطاع نظرا لأهميته ودوره في المجتمع نظرا لما يوفره من خدمات مازال يعيش وضع صعب يتطلب تدخل مختلف سلط الإشراف والمهنيين في القطاع.

       

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews