سعيد يهاتف الغنوشي والطبوبي يكثف لقاءاته
لم تكن مكالمة رئيس الجمهورية قيس سعيد للاطمئنان على صحة رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي مجرد حدث عادي خاصة وانه لا تواصل بين الرجلين منذ ما يزيد عن 8 أشهر حيث كان آخر لقاء بينهما يوم 27 اوت 2020.
وتأتي مكالمة سعيد كفعل انساني في المقام الاول ومن باب اللياقة والاخلاق التي يتميز بها، بيد ان ذلك لا يمكن ان ينزع عنها الصفة السياسية على اعتبار ان خبر تعكر صحة الغنوشي كان واحدة من الاشاعات التي احاطت بزعيم حركة النهضة وهو ما كشفه على الاقل المكلف بالإعلام بمجلس نواب الشعب ماهر مذيوب اول امس في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي.
وقد تلقفت بعض الاوساط السياسية خبر المكالمة واعتبرتها مدخلا لإذابة الجليد بين رأسي السلطة التنفيذية والتشريعية بعد قطيعة بين الطرفين وخلافات حادة بسبب الاطاحة بحكومة الرئيس الاولى وتحويل وجهة هشام مشيشي من قرطاج الى باردو.
كما اعتبرت ذات الاوساط ان المكالمة قد تشكل فرصة للتهدئة في ظل ضغوطات الوضع العام سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وصحيا اضافة الى ما تعيشه تونس من استعداد محتمل للحوار الوطني الذي من المقرر ان ينطلق في غضون اسبوع وفق موقف الاتحاد العام التونسي للشغل.
سياق التهدئة لم يكن سياقا تونسيا صرفا بل شاركت فيه اطراف دولية وازنة على غرار الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا اللتين عبرتا عن رغبة البلدين في انضاج التجربة الديمقراطية ومواصلة مسيرة الاصلاحات والذهاب الى مرحلة استقرار يشمل تونس وليبيا.
وقد جاء الموقف الفرنسي والامريكي على لسان ممثلي البلدين خلال اخر لقاء لهما برئيس البرلمان راشد الغنوشي.
وجدد سفير فرنسا مثلا دعم بلاده للمسار الديمقراطي في تونس وتحدث عن دفع قوي للتعاون البرلماني خلال الفترة القادمة كما تحدث عن اهمية اجتماع اللجنة العليا المشتركة التونسيّة الفرنسيّة خلال شهر ماي المقبل، وثقته في نجاح قمة الفرنكوفونية بجربة في نوفمبر القادم.
وأشار رئيس مجلس نواب الشعب امام ضيفه الى التحديات التي تواجهها التجربة الديمقراطية التونسية، مؤكّدا صلابة الخيار الاستراتيجي الديمقراطي الذي تنتهجه بلادنا منذ 2011 والمجهودات التي تبذل من أجل تذليل الصعوبات. وأبرز حرص أغلب الكتل النيابية على التوافق من أجل استكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية يوم 8 أفريل 2021،
حديث تلقفه سعيد ليعيد معه ترتيب اولوياته في علاقته بالوضع العام، ليفتح معه الطريق امام مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل بعد محاولة الرئيس الالتفاف على الحوار في طريق مزدحم بالأزمات السياسية.
ونقل امين عام الاتحاد نورالدين الطبوبي بعد اجتماع له بسعيد ان هذا الاخير مستعد لتبني مقترح المنظمة الخاص بالحوار الوطني.
حرص الاتحاد على تجاوز الازمة دفع بأمينه العام للتنقل امس لقصر باردو ولقاء رئيس البرلمان هناك حيث اتفقا على اتمام المنجز السياسي والاقتصادي المشترك عبر الاسراع والانطلاق الفعلي للحوار الوطني في اقرب الآجال ليلتقي أمس كذلك رئيس الحكومة هشام مشيشي.
ومع بداية ظهور اول خيوط الضوء في هذا النفق السياسي بادرت بعض الاطراف للتساؤل عن الثمن الممكن لهذا الاستقرار، وتراوحت التحاليل السياسية بين من يرى ان صفقة في الافق قد تحصل بين الشيخ والرئيس عنوانها ابعاد هشام مشيشي ودعوته للاستقالة مقابل اسقاط وثيقة سحب الثقة من رئيس البرلمان والزام كتلتي الرئيس (التيار والشعب) بعدم التعرض للغنوشي مجددا.
واذ يفضل بعضهم هذا التمشي في ظل الرغبة الرئاسية في الاطاحة بمشيشي وضمان عودة المبادرة الدستورية لسعيد لاختيار الأقدر ، فان آخرين يرون استحالة هذا السيناريو لعدم الثقة الحاصلة بين رئيس الجمهورية والاغلبية النيابية واساسا حركة النهضة التي اضاع عليها سعيد فرصة اعادة تحديد من يترأس حكومتها وذلك بعد ان فاجأ ساكن قرطاج الجميع بخبر استقالة رئيس الحكومة السابق الياس الفخفاخ دون ان تحصل اصلا حسب ما صرح به المستشار السابق جوهر بن مبارك.
كما ان اعادة ضبط المبادرة بيد الرئيس، من شانه ان يعيد الخلافات الى النقطة الصفر في ظل الحديث الذي نقلته تسريبات النائب عن التيار الديمقراطي محمد عمار وتأكيده ان سعيد يفكر في تعيين محمد عبو او نزار يعيش خلفا لمشيشي اذا ما اختار الاستقالة وهي في الواقع فرضية قد تساهم في حل البرلمان والذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة في حال رفضت النهضة وحلفاؤها الشخصيات المقترحة وهو ما يبحث عنه رئيس الجمهورية .
وقد فهم الاتحاد هذا المعطى ،ما دفع بناطقه الرسمي سامي الطاهري في اجتماعه الاخير بجهة سوسة الى التأكيد أن تغيير حكومة مشيشي ليس أولوية اليوم وأن أولويات الاتحاد هي إنقاذ ما يمكن إنقاذه في تونس.
وقال الطاهري إن هناك أزمة في البلاد يجب حلها ثم يتم التطرق إلى المشاورات حول حكومة تستجيب لمطالب الشعب.
ولم يكن هذا الموقف جديدا بعد ان وضع قيس سعيد شرط اشرافه ومشاركته في مبادرة الاتحاد بإبعاد مشيشي وإسقاط حكومته. فهل يزهر ربيع الحوار الوطني استقرارا؟
خليل الحناشي
سعيد يهاتف الغنوشي والطبوبي يكثف لقاءاته
لم تكن مكالمة رئيس الجمهورية قيس سعيد للاطمئنان على صحة رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي مجرد حدث عادي خاصة وانه لا تواصل بين الرجلين منذ ما يزيد عن 8 أشهر حيث كان آخر لقاء بينهما يوم 27 اوت 2020.
وتأتي مكالمة سعيد كفعل انساني في المقام الاول ومن باب اللياقة والاخلاق التي يتميز بها، بيد ان ذلك لا يمكن ان ينزع عنها الصفة السياسية على اعتبار ان خبر تعكر صحة الغنوشي كان واحدة من الاشاعات التي احاطت بزعيم حركة النهضة وهو ما كشفه على الاقل المكلف بالإعلام بمجلس نواب الشعب ماهر مذيوب اول امس في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي.
وقد تلقفت بعض الاوساط السياسية خبر المكالمة واعتبرتها مدخلا لإذابة الجليد بين رأسي السلطة التنفيذية والتشريعية بعد قطيعة بين الطرفين وخلافات حادة بسبب الاطاحة بحكومة الرئيس الاولى وتحويل وجهة هشام مشيشي من قرطاج الى باردو.
كما اعتبرت ذات الاوساط ان المكالمة قد تشكل فرصة للتهدئة في ظل ضغوطات الوضع العام سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وصحيا اضافة الى ما تعيشه تونس من استعداد محتمل للحوار الوطني الذي من المقرر ان ينطلق في غضون اسبوع وفق موقف الاتحاد العام التونسي للشغل.
سياق التهدئة لم يكن سياقا تونسيا صرفا بل شاركت فيه اطراف دولية وازنة على غرار الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا اللتين عبرتا عن رغبة البلدين في انضاج التجربة الديمقراطية ومواصلة مسيرة الاصلاحات والذهاب الى مرحلة استقرار يشمل تونس وليبيا.
وقد جاء الموقف الفرنسي والامريكي على لسان ممثلي البلدين خلال اخر لقاء لهما برئيس البرلمان راشد الغنوشي.
وجدد سفير فرنسا مثلا دعم بلاده للمسار الديمقراطي في تونس وتحدث عن دفع قوي للتعاون البرلماني خلال الفترة القادمة كما تحدث عن اهمية اجتماع اللجنة العليا المشتركة التونسيّة الفرنسيّة خلال شهر ماي المقبل، وثقته في نجاح قمة الفرنكوفونية بجربة في نوفمبر القادم.
وأشار رئيس مجلس نواب الشعب امام ضيفه الى التحديات التي تواجهها التجربة الديمقراطية التونسية، مؤكّدا صلابة الخيار الاستراتيجي الديمقراطي الذي تنتهجه بلادنا منذ 2011 والمجهودات التي تبذل من أجل تذليل الصعوبات. وأبرز حرص أغلب الكتل النيابية على التوافق من أجل استكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية يوم 8 أفريل 2021،
حديث تلقفه سعيد ليعيد معه ترتيب اولوياته في علاقته بالوضع العام، ليفتح معه الطريق امام مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل بعد محاولة الرئيس الالتفاف على الحوار في طريق مزدحم بالأزمات السياسية.
ونقل امين عام الاتحاد نورالدين الطبوبي بعد اجتماع له بسعيد ان هذا الاخير مستعد لتبني مقترح المنظمة الخاص بالحوار الوطني.
حرص الاتحاد على تجاوز الازمة دفع بأمينه العام للتنقل امس لقصر باردو ولقاء رئيس البرلمان هناك حيث اتفقا على اتمام المنجز السياسي والاقتصادي المشترك عبر الاسراع والانطلاق الفعلي للحوار الوطني في اقرب الآجال ليلتقي أمس كذلك رئيس الحكومة هشام مشيشي.
ومع بداية ظهور اول خيوط الضوء في هذا النفق السياسي بادرت بعض الاطراف للتساؤل عن الثمن الممكن لهذا الاستقرار، وتراوحت التحاليل السياسية بين من يرى ان صفقة في الافق قد تحصل بين الشيخ والرئيس عنوانها ابعاد هشام مشيشي ودعوته للاستقالة مقابل اسقاط وثيقة سحب الثقة من رئيس البرلمان والزام كتلتي الرئيس (التيار والشعب) بعدم التعرض للغنوشي مجددا.
واذ يفضل بعضهم هذا التمشي في ظل الرغبة الرئاسية في الاطاحة بمشيشي وضمان عودة المبادرة الدستورية لسعيد لاختيار الأقدر ، فان آخرين يرون استحالة هذا السيناريو لعدم الثقة الحاصلة بين رئيس الجمهورية والاغلبية النيابية واساسا حركة النهضة التي اضاع عليها سعيد فرصة اعادة تحديد من يترأس حكومتها وذلك بعد ان فاجأ ساكن قرطاج الجميع بخبر استقالة رئيس الحكومة السابق الياس الفخفاخ دون ان تحصل اصلا حسب ما صرح به المستشار السابق جوهر بن مبارك.
كما ان اعادة ضبط المبادرة بيد الرئيس، من شانه ان يعيد الخلافات الى النقطة الصفر في ظل الحديث الذي نقلته تسريبات النائب عن التيار الديمقراطي محمد عمار وتأكيده ان سعيد يفكر في تعيين محمد عبو او نزار يعيش خلفا لمشيشي اذا ما اختار الاستقالة وهي في الواقع فرضية قد تساهم في حل البرلمان والذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة في حال رفضت النهضة وحلفاؤها الشخصيات المقترحة وهو ما يبحث عنه رئيس الجمهورية .
وقد فهم الاتحاد هذا المعطى ،ما دفع بناطقه الرسمي سامي الطاهري في اجتماعه الاخير بجهة سوسة الى التأكيد أن تغيير حكومة مشيشي ليس أولوية اليوم وأن أولويات الاتحاد هي إنقاذ ما يمكن إنقاذه في تونس.
وقال الطاهري إن هناك أزمة في البلاد يجب حلها ثم يتم التطرق إلى المشاورات حول حكومة تستجيب لمطالب الشعب.
ولم يكن هذا الموقف جديدا بعد ان وضع قيس سعيد شرط اشرافه ومشاركته في مبادرة الاتحاد بإبعاد مشيشي وإسقاط حكومته. فهل يزهر ربيع الحوار الوطني استقرارا؟