انهى رئيس الجمهورية ضغطا سياسيا داخليا وخارجيا بتعيينه لرئيسة حكومة جديد بدل هشام المشيشي الذي أطاح به قيس سعيد يوم25جويلية.
واذ قلل الرئيس من حجم الضغوطات عليه بتعيينه لسيدة على راس القصبة فقد فتح في ذات الوقت جدلا حول شرعية الحكومة ومدى مقبوليتها في الخارج لاسيما وان اختيارها يأتي في إطار المرسوم 117لسنة 2021 والذي كان محل جدل كبير بين الرئيس وخصومه.
اختيار سعيد لنجلاء بودن حرم رمضان كأول امرأة تتولى منصبا رفيع المستوى جاء ايضا ليغلق قوس الصراع الحاصل في محيط القصر بعد "الاشتباك " الحاصل بين مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة ووزير الداخلية الاسبق توفيق شرف الدين ومسعى كل واحد منهم للاستئثار بهذه الخطة.
وبعيدا عن منطق الجندرة ومحاولات البعض توظيف موضوع المرأة في سياقات النقاش العام، فقد اختلفت القراءات في تعيين بودن بين من يرى فيها محاولة واضحة لإقناع الخارج بانفتاحته على المجتمع وكفاءته الوطنية بعد ان طالته تهم "الرجعية" نتيجة موقفه من المساواة في الميراث في ذكرى عيد المرأة في شهر أوت 2020
بيد ان هذه القراءات وجدت ما يفندها حيث سارعت شخصيات وطنية للترحيب بهذا التعيين واعتبرته إنصافا للمرأة التونسية التي كثيرا ما وقع توظيفها كواجهة سياسية فقط لا غير.
خلق تعيين بودن مسالة صلاحيات المرأة خاصة وان المرسوم 117 يعطي صلاحيات واسعة لرئيس الدولة على حساب السلطة التنفيذية التي تمثلها رئاسة الحكومة.
رئيسة حكومة…ام وزيرة أولى
مع اعلان اختيار نجلاء بودن تسارعت الاسئلة حول الدور الحقيقي لرئيسة الحكومة الجديدة تحت وقع الاجراءات الاستثنائية منذ 25جويلية والصلاحيات في ظل المرسوم الرئاسي عدد 117 الصادرة بالرائد الرسمي يوم 22 سبتمبر.
وبالعودة الى المرسوم يتبين ان السلطة التنفيذية يمارسها رئيس الدولة بمساعدة رئيس حكومة وهو ما يعني واقعيا ان بودن هي شخصية منزوعة الصلاحيات بالنظر الى حجم التدخل الرئاسي في الحكم تشريعيا وتنفيذيا.
فقد تطرّق القسم الاول من الباب الثالث للمرسوم 117 المتعلق برئيس الجمهورية الى مهام الرئيس وصلاحياته حيث ضمن الفصل 9و11و12و13و14 و15 تدخلا كبيرا لقيس سعيد على حساب رئيس الحكومة .
فرئيس الدولة يراس مجلس الوزراء وله ان يفوض لرئيسة الحكومة ترؤسه، كما يمكن للرئيس ان يحدث تعديلات وحذف للمؤسسات والمنشات العمومية ،او إقالة عضو او اكثر من الحكومة او البت في استقالته .
اما الفصل 16 فقد حدد انه تتكون الحكومة من رئيس ووزراء وكتاب دولة يعينهم رئيس الجمهورية، اما الفصل 17 فقد اكد ان الحكومة تعمل وفق سياسات وتوجيهات واختيارات رئيس الجمهورية .
الصلاحيات.. الصلاحيات
وقد عبرت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي في تصريح لموزاييك عن مسالة الصلاحيات التي تتمتع بها رئيسة الحكومة واعتبرت "أن الأهم من تكليف نجلاء بودن كأول امرأة في تاريخ تونس بتشكيل الحكومة هو البرنامج والصلاحيات والتركيبة.
واضافت ان 'تكليف رئيس الجمهورية قيس سعيد امرأة بتشكيل الحكومة المقبلة هو مطلب طالبت به المنظمة منذ أول لقاء جمعها بالرئيس فضلا عن مطالبتهم بحكومة تناصف."
نعم.. ولكن
خلال لقائه برئيسة الحكومة الجديدة دعا قيس سعيد ،بودن لتقديم اقتراحها حول فريقها الوزاري خلال الساعات القليلة القادمة معتبرا ان تونس اضاعت وقتا كثيرا ولا بد من مرور الحكومة إلى العمل بسرعة ضمن فريق متجانس تكون أولى مهامه مقاومة الفساد.
واذ يشكل هذا الموقف دفعا لرئيسة الحكومة لاختيار فريق عملها في اقرب الآجال فان ذلك يعد ايضا من باب التسويق السياسي فقط لا غير.
فكما هو معلوم فان اسباب اختلاف رئيس الحكومة المقال هشام المشيشي مع رئيس الجمهورية كانت بسبب جملة الحقائب الوزارية التي ادت الى اعلان القطيعة بين الرجلين حتى قبل اداء اليمين الدستوري ،كما اختلف رأسا السلطة التنفيذية بعد ان رفض المشيشي القبول بمقترح القصر بشان وزارتي العدل والداخلية وهو ما خلق ازمة حادة وقتها بين القصبة وقرطاج ليرفض على اثرها قيس سعيد استقبال الوزراء الجدد.
وبات واضحا ان المرسوم الرئاسي عدد 117 يؤسس لنظام رئاسي حول الفاعلية القصوى فيه لرئيس الدولة من ناحية التسميات والمهام وهو ما يعني انه لا احد قادر على منافسة الرئيس في تعيين الحكومة ووزرائها .
واذا افترضنا جدلا نية سعيد في السماح لبودن في تسمية وزرائها فان ذلك سيكون في حدود الحقائب التقنية فقط لا غير لاسيما وان الرئيس قد انطلق فعلا في تكليف بعض الشخصيات في اطار خطط التكليف كما هو حال وزارتي الداخلية والصحة والمالية.
حكومة سعيد أم حكومة بودن؟
بالعودة الى السيرة الذاتية لنجلاء بودن والتي جاءت خالية من اي نشاط سياسي او نقابي فان السؤال الاهم ما مدى معرفة رئيسة الحكومة بالشخصيات الفاعلة والمؤثرة التي قد تتخذها ضمن فريقها الحكومي؟
هكذا سؤال قد يجر البعض للتأكيد على أن حكومة بودن ماهي الا حكومة الرئيس رقم 3 للرئيس الذي احترف منذ الإطاحة بحكومة حبيب الجملي برلمانيا في تشكيل الحكومات.
أولها حكومة الياس الفخاخ التي حازت على ثقة البرلمان يوم 27 فيفري 2020 وثانيها حكومة هشام المشيشي يوم 26جانفي 2021 .
فهل تنجح الحكومة الجديدة في اقناع الرئيس أولا والشعب ثانيا؟ كيف ستتعاطى حكومة الرئيس مع مسالة الشرعية في الداخل والخارج؟
خليل الحناشي
تونس-الصباح
انهى رئيس الجمهورية ضغطا سياسيا داخليا وخارجيا بتعيينه لرئيسة حكومة جديد بدل هشام المشيشي الذي أطاح به قيس سعيد يوم25جويلية.
واذ قلل الرئيس من حجم الضغوطات عليه بتعيينه لسيدة على راس القصبة فقد فتح في ذات الوقت جدلا حول شرعية الحكومة ومدى مقبوليتها في الخارج لاسيما وان اختيارها يأتي في إطار المرسوم 117لسنة 2021 والذي كان محل جدل كبير بين الرئيس وخصومه.
اختيار سعيد لنجلاء بودن حرم رمضان كأول امرأة تتولى منصبا رفيع المستوى جاء ايضا ليغلق قوس الصراع الحاصل في محيط القصر بعد "الاشتباك " الحاصل بين مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة ووزير الداخلية الاسبق توفيق شرف الدين ومسعى كل واحد منهم للاستئثار بهذه الخطة.
وبعيدا عن منطق الجندرة ومحاولات البعض توظيف موضوع المرأة في سياقات النقاش العام، فقد اختلفت القراءات في تعيين بودن بين من يرى فيها محاولة واضحة لإقناع الخارج بانفتاحته على المجتمع وكفاءته الوطنية بعد ان طالته تهم "الرجعية" نتيجة موقفه من المساواة في الميراث في ذكرى عيد المرأة في شهر أوت 2020
بيد ان هذه القراءات وجدت ما يفندها حيث سارعت شخصيات وطنية للترحيب بهذا التعيين واعتبرته إنصافا للمرأة التونسية التي كثيرا ما وقع توظيفها كواجهة سياسية فقط لا غير.
خلق تعيين بودن مسالة صلاحيات المرأة خاصة وان المرسوم 117 يعطي صلاحيات واسعة لرئيس الدولة على حساب السلطة التنفيذية التي تمثلها رئاسة الحكومة.
رئيسة حكومة…ام وزيرة أولى
مع اعلان اختيار نجلاء بودن تسارعت الاسئلة حول الدور الحقيقي لرئيسة الحكومة الجديدة تحت وقع الاجراءات الاستثنائية منذ 25جويلية والصلاحيات في ظل المرسوم الرئاسي عدد 117 الصادرة بالرائد الرسمي يوم 22 سبتمبر.
وبالعودة الى المرسوم يتبين ان السلطة التنفيذية يمارسها رئيس الدولة بمساعدة رئيس حكومة وهو ما يعني واقعيا ان بودن هي شخصية منزوعة الصلاحيات بالنظر الى حجم التدخل الرئاسي في الحكم تشريعيا وتنفيذيا.
فقد تطرّق القسم الاول من الباب الثالث للمرسوم 117 المتعلق برئيس الجمهورية الى مهام الرئيس وصلاحياته حيث ضمن الفصل 9و11و12و13و14 و15 تدخلا كبيرا لقيس سعيد على حساب رئيس الحكومة .
فرئيس الدولة يراس مجلس الوزراء وله ان يفوض لرئيسة الحكومة ترؤسه، كما يمكن للرئيس ان يحدث تعديلات وحذف للمؤسسات والمنشات العمومية ،او إقالة عضو او اكثر من الحكومة او البت في استقالته .
اما الفصل 16 فقد حدد انه تتكون الحكومة من رئيس ووزراء وكتاب دولة يعينهم رئيس الجمهورية، اما الفصل 17 فقد اكد ان الحكومة تعمل وفق سياسات وتوجيهات واختيارات رئيس الجمهورية .
الصلاحيات.. الصلاحيات
وقد عبرت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي في تصريح لموزاييك عن مسالة الصلاحيات التي تتمتع بها رئيسة الحكومة واعتبرت "أن الأهم من تكليف نجلاء بودن كأول امرأة في تاريخ تونس بتشكيل الحكومة هو البرنامج والصلاحيات والتركيبة.
واضافت ان 'تكليف رئيس الجمهورية قيس سعيد امرأة بتشكيل الحكومة المقبلة هو مطلب طالبت به المنظمة منذ أول لقاء جمعها بالرئيس فضلا عن مطالبتهم بحكومة تناصف."
نعم.. ولكن
خلال لقائه برئيسة الحكومة الجديدة دعا قيس سعيد ،بودن لتقديم اقتراحها حول فريقها الوزاري خلال الساعات القليلة القادمة معتبرا ان تونس اضاعت وقتا كثيرا ولا بد من مرور الحكومة إلى العمل بسرعة ضمن فريق متجانس تكون أولى مهامه مقاومة الفساد.
واذ يشكل هذا الموقف دفعا لرئيسة الحكومة لاختيار فريق عملها في اقرب الآجال فان ذلك يعد ايضا من باب التسويق السياسي فقط لا غير.
فكما هو معلوم فان اسباب اختلاف رئيس الحكومة المقال هشام المشيشي مع رئيس الجمهورية كانت بسبب جملة الحقائب الوزارية التي ادت الى اعلان القطيعة بين الرجلين حتى قبل اداء اليمين الدستوري ،كما اختلف رأسا السلطة التنفيذية بعد ان رفض المشيشي القبول بمقترح القصر بشان وزارتي العدل والداخلية وهو ما خلق ازمة حادة وقتها بين القصبة وقرطاج ليرفض على اثرها قيس سعيد استقبال الوزراء الجدد.
وبات واضحا ان المرسوم الرئاسي عدد 117 يؤسس لنظام رئاسي حول الفاعلية القصوى فيه لرئيس الدولة من ناحية التسميات والمهام وهو ما يعني انه لا احد قادر على منافسة الرئيس في تعيين الحكومة ووزرائها .
واذا افترضنا جدلا نية سعيد في السماح لبودن في تسمية وزرائها فان ذلك سيكون في حدود الحقائب التقنية فقط لا غير لاسيما وان الرئيس قد انطلق فعلا في تكليف بعض الشخصيات في اطار خطط التكليف كما هو حال وزارتي الداخلية والصحة والمالية.
حكومة سعيد أم حكومة بودن؟
بالعودة الى السيرة الذاتية لنجلاء بودن والتي جاءت خالية من اي نشاط سياسي او نقابي فان السؤال الاهم ما مدى معرفة رئيسة الحكومة بالشخصيات الفاعلة والمؤثرة التي قد تتخذها ضمن فريقها الحكومي؟
هكذا سؤال قد يجر البعض للتأكيد على أن حكومة بودن ماهي الا حكومة الرئيس رقم 3 للرئيس الذي احترف منذ الإطاحة بحكومة حبيب الجملي برلمانيا في تشكيل الحكومات.
أولها حكومة الياس الفخاخ التي حازت على ثقة البرلمان يوم 27 فيفري 2020 وثانيها حكومة هشام المشيشي يوم 26جانفي 2021 .
فهل تنجح الحكومة الجديدة في اقناع الرئيس أولا والشعب ثانيا؟ كيف ستتعاطى حكومة الرئيس مع مسالة الشرعية في الداخل والخارج؟