أثارت مشاركة كل من فتحي العيادي وأسامة الخليفي النائبين من البرلمان المجمد عن حركة النهضة بالنسبة للأول وقلب تونس للثاني، في المؤتمر العالمي للاتحاد الدولي للبرلمانيات في دورته الخامسة المنعقد بعاصمة النمسا فيينا من 6 إلى 9 من الشهر الجاري، جدلا واسعا في مختلف الأوساط وحول مدى قانونية هذه المشاركة وهل يجوز تكليف وتفويض رئيس البرلمان المجمد راشد الغنوشي لهذا الثنائي لتمثيله في مؤتمر رؤساء البرلمانات الدولية؟، وبقطع النظر عن علاقة ذلك بالقرارات الاستثنائية لرئاسة الجمهورية في سياق تطبيق الفصل 80 من الدستور التونسي التي أعلن عنها يوم 25 جويلية الماضي والتي بموجبها تم تجميد نشاط ومهام البرلمان، وبقطع النظر أيضا عما تحيل إليه من تعليق اختصاصات المجلس أو تعليق نشاطه.
ويذكر أن الصفحة الرسمية لراشد الغنوشي على شبكة التواصل الاجتماعي نشرت مؤخرا ما يفيد أن رئيس البرلمان التونسي تلقى دعوة للمشاركة في مؤتمر الإتحاد البرلماني الدولي بفيينا وأنه أعلن تفويضه النائبين أسامة الخليفي وفتحي العيادي، لتمثيله في هذه المناسبة، موضحا إن مرد ذلك "الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد".
ولعل ما ساهم في توسيع دائرة الجدل والاستنكار لهذه المشاركة هو فحوى المداخلة التي قدمها أسامة الخليفي نيابة عن رئيس البرلمان التونسي المجمد ونائبته مثل ما أكد ذلك وما تضمنته من تعد على السيادة الوطنية، خاصة أن الخليفي دعا الاتحاد البرلماني الدولي إلى الوقوف إلى جانب البرلمان التونسي المجمد من خلال دعوة "وفد برلماني لزيارة تونس والتعرف على وضع البرلمان المنتخب"، قائلا: "ننتظر منكم مساندة للبرلمان التونسي".
كما ناشد في نفس المناسبة التدخل الدولي في تونس من خلال قوله "يفترض على النادي الديمقراطي الدولي التحرك بسرعة لمساعدة تونس على العودة إلى مسارها الديمقراطي والدستوري".
وقد أثارت هذه المشاركة ردود أفعال بعض المختصين في القانون الدستوري لمدى قانونية هذا التفويض والمشاركة. إذ ذهب أيمن الزغدودي، أستاذ القانون العام، إلى أن "قرار رئيس مجلس نواب الشعب المتمثل في تفويض النائبين للمشاركة في مؤتمر دولي ورسمي يعد إخلالا بأحكام الأمر الرئاسي الذي يقضي بالتمديد في التدابير الاستثنائية المتخذة بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 80 لسنة 2021 المتعلق بتعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب وبرفع الحصانة البرلمانية عن كل أعضائه، وذلك إلى غاية إشعار آخر. وأن عقوبة هذا الإخلال منصوص عليها في المجلة الجزائية.
لأنه يرى في تدوينة كتبها في الغرض أن تعليق اختصاصات مجلس النواب يؤدي إلى منعه من المشاركة في أي تظاهرة مهما كان نوعها لأن تمثيل البرلمان هو اختصاص من بين اختصاصات أخرى وقع تعليقها جميعا بما في ذلك رئاسة الإدارة البرلمانية التي لم تعد من اختصاص راشد الغنوشي لان صلاحياته معلقة. ويعتبر تفويض نائبين لتمثيل رئيس البرلمان تحديا للتشريع الجاري به العمل حاليا وأيضا لرئيس الجمهورية.
من جانبه أفاد رابح الخرايفي، الباحث في القانون الدستوري، أنه يمكن للنيابة العمومية إحالة كل من رئيس مجلس نواب الشعب راشد الخريجي الغنوشي وفتحي العيادي واسامة الخليفي من اجل ارتكابهم لمخالفة متعلقة بالسلطة العامة. وذلك بعد أن منح رئيس مجلس نواب الشعب للنائبينالمذكورين سابقا والمعلق نشاطهم، تفويضا للحديث في احد الاجتماعات البرلمانية الدولية رغم أن الأمر الرئاسي عدد 80 المؤرخ في 29 جويلية 2021 علق نشاط المجلس ورفع الحصانة على جميع أعضائه. واعتبر أن ذلك يعد تصرفا ينطبق عليه الفصل 315 من المجلة الجزائية الذي ينص على انه يعاقب الأشخاص الذين لا يمتثلون لما أمرت به القوانين والقرارات الصادرة ممن له النظر.
سياسيون على خط الرفض والاستنكار
كما أثارت هذه المشاركة وما تضمنته من مواصلة مساعي بعض الجهات السياسية الرافضة لقرارات 25 جويلية وفي مقدمتها حزبي النهضة وقلب تونس على اعتبار أنهما الجهة المكونة والمتحكمة في منظومة الحكم قبل تلك الفترة ومحاولتها ضرب السيادة الوطنية والسعي للاستقواء بالأجنبي من أجل إثناء رئاسة الجمهورية عن تلك القرارات التي وجدت ترحيبا واسعا في الأوساط الشعبية والسياسية والمدنية. ورغم أن أسامة الخليفي كان من بين المرحبين بتلك القرارات بعد أن عبر عن ارتياحه لها قائلا : ''نحن نساند كل مطالب التونسيين المشروعة وكنا قد نبهنا منذ مدة من خطورة الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعيشها البلاد" معترفا بالترذيل الذي أصبح عليه مجلس نواب الشعب... وفي هذا رئيس الجمهورية له الحق".
وأولى ردود أفعال أبناء نفس الحزب جاءت على لسان النائب بكتلة قلب تونس فؤاد ثامر الذي اعلن استقالته من حزب قلب تونس. وندّد بدعوة رئيس كتلة الحزب أسامة الخليفي إلى التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي التونسي خلال مداخلة له في الجلسة العامة للمؤتمر العالمي الخامس لرؤساء البرلمان بفيينا. وكتب في تدوينة "بلادي وإن جارت عليّ عزيـزة وأهلي وإن ضنّـوا عليّ كرام ..ما قاله أخونا اسامة الخليفي لا يمثلني في شيء وأنا ارفضه رفضا قاطعا". واعتبر المسألة مبدئية ووطنية لا تقبل المساومة.
كما نددت عدة جهات وسياسيون بما أقدم عليه الخليفي في هذه المناسبة الدولية خاصة أمام إجماع التونسيين على رفض التدخل الأجنبي في أي بلد عربي فما بالك إذا تعلق الأمر بتونس والدعوة للمس من سيادتها.
وهو تقريبا نفس السبب الذي دفع محسن النابتي، القيادي في التيار الشعبي، إلى التنديد بمثل هذه الممارسات واصفا راشد الغنوشي بـ"الخطرالجاثم" على تونس وعلى ما بقي من أتباعه الذين سيقودهم للمأساة مجددا، بحسب تعبيره .
معتبرا أن ما قام به الغنوشي عن طريق القيادي بحركة النهضة فتحي العيادي ورئيس كتلة "قلب تونس" أسامة الخليفي، "دليل قاطع على أن الرجل مستعد لتقسيم الدولة ومؤسساتها وجعلها مليشيات متناحرة".
كما حملت عدة أطراف من حركة النهضة وحليفها قلب تونس مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في الداخل في المرحلة الماضية ومواصلة نفس المنهج في التحرك الخارجي من أجل الحيلولة دون إرساء المسار التعديلي والإصلاحي للمنظومة السياسية في تونس ما بعد تفعيل الفصل 80 من الدستوري.
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
أثارت مشاركة كل من فتحي العيادي وأسامة الخليفي النائبين من البرلمان المجمد عن حركة النهضة بالنسبة للأول وقلب تونس للثاني، في المؤتمر العالمي للاتحاد الدولي للبرلمانيات في دورته الخامسة المنعقد بعاصمة النمسا فيينا من 6 إلى 9 من الشهر الجاري، جدلا واسعا في مختلف الأوساط وحول مدى قانونية هذه المشاركة وهل يجوز تكليف وتفويض رئيس البرلمان المجمد راشد الغنوشي لهذا الثنائي لتمثيله في مؤتمر رؤساء البرلمانات الدولية؟، وبقطع النظر عن علاقة ذلك بالقرارات الاستثنائية لرئاسة الجمهورية في سياق تطبيق الفصل 80 من الدستور التونسي التي أعلن عنها يوم 25 جويلية الماضي والتي بموجبها تم تجميد نشاط ومهام البرلمان، وبقطع النظر أيضا عما تحيل إليه من تعليق اختصاصات المجلس أو تعليق نشاطه.
ويذكر أن الصفحة الرسمية لراشد الغنوشي على شبكة التواصل الاجتماعي نشرت مؤخرا ما يفيد أن رئيس البرلمان التونسي تلقى دعوة للمشاركة في مؤتمر الإتحاد البرلماني الدولي بفيينا وأنه أعلن تفويضه النائبين أسامة الخليفي وفتحي العيادي، لتمثيله في هذه المناسبة، موضحا إن مرد ذلك "الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد".
ولعل ما ساهم في توسيع دائرة الجدل والاستنكار لهذه المشاركة هو فحوى المداخلة التي قدمها أسامة الخليفي نيابة عن رئيس البرلمان التونسي المجمد ونائبته مثل ما أكد ذلك وما تضمنته من تعد على السيادة الوطنية، خاصة أن الخليفي دعا الاتحاد البرلماني الدولي إلى الوقوف إلى جانب البرلمان التونسي المجمد من خلال دعوة "وفد برلماني لزيارة تونس والتعرف على وضع البرلمان المنتخب"، قائلا: "ننتظر منكم مساندة للبرلمان التونسي".
كما ناشد في نفس المناسبة التدخل الدولي في تونس من خلال قوله "يفترض على النادي الديمقراطي الدولي التحرك بسرعة لمساعدة تونس على العودة إلى مسارها الديمقراطي والدستوري".
وقد أثارت هذه المشاركة ردود أفعال بعض المختصين في القانون الدستوري لمدى قانونية هذا التفويض والمشاركة. إذ ذهب أيمن الزغدودي، أستاذ القانون العام، إلى أن "قرار رئيس مجلس نواب الشعب المتمثل في تفويض النائبين للمشاركة في مؤتمر دولي ورسمي يعد إخلالا بأحكام الأمر الرئاسي الذي يقضي بالتمديد في التدابير الاستثنائية المتخذة بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 80 لسنة 2021 المتعلق بتعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب وبرفع الحصانة البرلمانية عن كل أعضائه، وذلك إلى غاية إشعار آخر. وأن عقوبة هذا الإخلال منصوص عليها في المجلة الجزائية.
لأنه يرى في تدوينة كتبها في الغرض أن تعليق اختصاصات مجلس النواب يؤدي إلى منعه من المشاركة في أي تظاهرة مهما كان نوعها لأن تمثيل البرلمان هو اختصاص من بين اختصاصات أخرى وقع تعليقها جميعا بما في ذلك رئاسة الإدارة البرلمانية التي لم تعد من اختصاص راشد الغنوشي لان صلاحياته معلقة. ويعتبر تفويض نائبين لتمثيل رئيس البرلمان تحديا للتشريع الجاري به العمل حاليا وأيضا لرئيس الجمهورية.
من جانبه أفاد رابح الخرايفي، الباحث في القانون الدستوري، أنه يمكن للنيابة العمومية إحالة كل من رئيس مجلس نواب الشعب راشد الخريجي الغنوشي وفتحي العيادي واسامة الخليفي من اجل ارتكابهم لمخالفة متعلقة بالسلطة العامة. وذلك بعد أن منح رئيس مجلس نواب الشعب للنائبينالمذكورين سابقا والمعلق نشاطهم، تفويضا للحديث في احد الاجتماعات البرلمانية الدولية رغم أن الأمر الرئاسي عدد 80 المؤرخ في 29 جويلية 2021 علق نشاط المجلس ورفع الحصانة على جميع أعضائه. واعتبر أن ذلك يعد تصرفا ينطبق عليه الفصل 315 من المجلة الجزائية الذي ينص على انه يعاقب الأشخاص الذين لا يمتثلون لما أمرت به القوانين والقرارات الصادرة ممن له النظر.
سياسيون على خط الرفض والاستنكار
كما أثارت هذه المشاركة وما تضمنته من مواصلة مساعي بعض الجهات السياسية الرافضة لقرارات 25 جويلية وفي مقدمتها حزبي النهضة وقلب تونس على اعتبار أنهما الجهة المكونة والمتحكمة في منظومة الحكم قبل تلك الفترة ومحاولتها ضرب السيادة الوطنية والسعي للاستقواء بالأجنبي من أجل إثناء رئاسة الجمهورية عن تلك القرارات التي وجدت ترحيبا واسعا في الأوساط الشعبية والسياسية والمدنية. ورغم أن أسامة الخليفي كان من بين المرحبين بتلك القرارات بعد أن عبر عن ارتياحه لها قائلا : ''نحن نساند كل مطالب التونسيين المشروعة وكنا قد نبهنا منذ مدة من خطورة الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعيشها البلاد" معترفا بالترذيل الذي أصبح عليه مجلس نواب الشعب... وفي هذا رئيس الجمهورية له الحق".
وأولى ردود أفعال أبناء نفس الحزب جاءت على لسان النائب بكتلة قلب تونس فؤاد ثامر الذي اعلن استقالته من حزب قلب تونس. وندّد بدعوة رئيس كتلة الحزب أسامة الخليفي إلى التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي التونسي خلال مداخلة له في الجلسة العامة للمؤتمر العالمي الخامس لرؤساء البرلمان بفيينا. وكتب في تدوينة "بلادي وإن جارت عليّ عزيـزة وأهلي وإن ضنّـوا عليّ كرام ..ما قاله أخونا اسامة الخليفي لا يمثلني في شيء وأنا ارفضه رفضا قاطعا". واعتبر المسألة مبدئية ووطنية لا تقبل المساومة.
كما نددت عدة جهات وسياسيون بما أقدم عليه الخليفي في هذه المناسبة الدولية خاصة أمام إجماع التونسيين على رفض التدخل الأجنبي في أي بلد عربي فما بالك إذا تعلق الأمر بتونس والدعوة للمس من سيادتها.
وهو تقريبا نفس السبب الذي دفع محسن النابتي، القيادي في التيار الشعبي، إلى التنديد بمثل هذه الممارسات واصفا راشد الغنوشي بـ"الخطرالجاثم" على تونس وعلى ما بقي من أتباعه الذين سيقودهم للمأساة مجددا، بحسب تعبيره .
معتبرا أن ما قام به الغنوشي عن طريق القيادي بحركة النهضة فتحي العيادي ورئيس كتلة "قلب تونس" أسامة الخليفي، "دليل قاطع على أن الرجل مستعد لتقسيم الدولة ومؤسساتها وجعلها مليشيات متناحرة".
كما حملت عدة أطراف من حركة النهضة وحليفها قلب تونس مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في الداخل في المرحلة الماضية ومواصلة نفس المنهج في التحرك الخارجي من أجل الحيلولة دون إرساء المسار التعديلي والإصلاحي للمنظومة السياسية في تونس ما بعد تفعيل الفصل 80 من الدستوري.