إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أصبحت شبه يومية ورئيس الجمهورية يُحمّل المسؤولية / الانقطاعات المتكررة للمياه نقطة استفهام.. و"الصوناد" توضح

يُعاني عدد من المواطنين في عدة جهات من الجمهورية من الانقطاعات المُتكرّرة للمياه والتي تتزامن أيضا مع موجة حرّ فصل الصيف لتنضاف معاناة أخرى على كاهل المواطن وخاصة اذا كانت هذه الانقطاعات فجئية ودون اعلام مسبق..

انقطاعات ترجعها الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه أحيانا إلى مشاكل تقنية من ذلك أعطاب في القنوات وانقطاعات في التيار الكهربائي...

كما سجّل مخزون المياه بالسدود تراجعا إذْ بلغ بتاريخ 17 جويلية الجاري 650 مليون متر مكعب أي بنسبة امتلاء تُقدّر بـ27 بالمائة، وهي النسبة الاضعف لسنوات فيما يهم الامكانيات المائية للدولة، وفق ما أكده حسين الرحيلي  المختص في التنمية والتصرف في الموارد المائية في تصريح لـ"الصباح نيوز"، مُضيفا أنّ تونس اليوم تعيش شحا مائيا خاصة الـ6 سنوات الاخيرة.

وفي سياق آخر، قال الرحيلي ان هذا المشكل قضية مؤسسة بأكملها تخلت الدولة عنها سنة 1995 عندما قررت التخلي على المؤسسات الخدماتية آنذاك، قائلا: "ونأمل أن تعود الدولة لدورها الاجتماعي".

وأوضح الخبير بالمرصد التونسي للمياه، أنّ تجديد القنوات اليوم استثمار في جانب اجتماعي غير أنّ وضعية المؤسسات العمومية وتوازناتها المالية، اليوم، لا تتحمل، وبالتالي فإنّ ذلك يؤثر على تغيير التجهيزات وتجديدها خاصة مع "تهرئة شبكة الربط بالماء الصالح للشرب".

 دعوة الى تتبع المتسببين في الانقطاعات 

انقطاعات، كان لها صدى في مؤسسات الدولة، وانتقدها رئيس الجمهورية قيس سعيد، الخميس 18 جويلية  2024، ودعا سعيد لدى اجتماعه بخالد النوري وزير الداخلية، وسفيان بالصادق كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن الوطني إلى ضرورة تتبع من يقف وراء قطع الماء والكهرباء في عديد المناطق لتأجيج الأوضاع.. واضاف رئيس الجمهورية بأن "التعلل بأن شبكة توزيع المياه مُهترئة غير مقبول إذ لماذا لم تهترأ نفس هذه الشبكة في عدد من الضواحي وتوقّف توزيع المياه في مناطق بعينها؟.. وتونس كانت عرفت سنوات عجاف ولكن لم يحصل ما يحصل اليوم في بعض المناطق."

 FB_IMG_1721474828668.jpg

كما تم بداية الاسبوع الحالي وضع خطة عمل مشتركة بين وزارتي الفلاحة والموارد المائيّة والصيد البحري والداخلية لمزيد حوكمة توزيع المياه ومقاومة الاعتداءات على الملك العمومي للمياه.. وأوصى وزير الفلاحة عبد المنعم بلعاتي بمزيد احكام التّصرف في الموارد المائية المتاحة بما يمكّن من توزيعها بشكل متوازن وحسب الحاجيات والأولويات المطروحة بين مختلف المناطق والقطاعات لتفادي النقص الحاصل في مياه الشرب، مشدّدا على تطبيق القانون على الجميع للمحافظة على المكتسبات الوطنية من ثروة مائيّة وتجهيزات.

ويذكر أنّ رئيس الجمهورية قيس سعيد، قد قرر  الأحد 30 جوان 2024، إعفاء رئيس إقليم المنار للشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه "الصوناد" من مهامه مع فتح تحقيق عدلي، وذلك على إثر زيارة ليلية قام بها السبت 29 من الشهر نفسه، إلى إحدى الضواحي الغربية بتونس العاصمة، وبعد معاينة تسرّب كميات كبيرة من المياه الصالحة للشراب من أحد الأنابيب.

كما قرّر رئيس الجمهورية ، يوم 2 جويلية 2024، إعفاء أحمد صولة، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، من مهامه.

وبتاريخ 4 جويلية أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس للإدارة الفرعية للأبحاث المركزية للحرس الوطني بفتح بحث عدلي ضد كل من سيكشف عنه البحث بخصوص حوادث انقطاع الماء الصالح للشرب في عديد المناطق قصد تحديد المسؤوليات والمتورطين حسب ما أفاد الناطق الرسمي باسم المحكمة محمد زيتونة

 

 

أما بخصوص الاعلام عن الانقطاعات في توزيع الماء الصالح للشرب، قال حسين الرحيلي ان هنالك "فرق شاسع" من حيث عدد الابلاغات عن الانقطاعات وعدم الاعلام لتصل الى حدود 20 بالمائة، مُشيرا إلى أنّ الاعلام يتم عن الانقطاعات المُبرمجة في حين أنّ أغلب الانقطاعات تُسجّل إثر تدخلات غير مُبرمجة وهو ما يُؤكد، وفق الرحيلي، فقدان العمل الاستباقي ووضعية المُعدات والقنوات المُتقادمة والتي فاقت 40 بالمائة منها الـ25 سنة، حسب بعض الاحصائيات الرسمية.

وكانت الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه أعلنت في بلاغات صادرة عنها عن انقطاع المياه خلال شهري جويلية وجوان بعدد من الجهات.

حسين الرحيلي اعتبر أنّ ما يحدث اليوم من انقطاعات متكررة وأعطاب بشبكات توزيع المياه "تراكمات" سنوات وأنّ "المواطن الحلقة الاضعف"،  قائلا إنّ الوضع مُتداخل وفيه تقصير اداريووضع الماء بالبلاد لا يختلف عن وضع قطاعات الصحة والنقل والتعليم.وشدّد على ضرورة مراجعة الدولة لخياراتها والاستثمار في الماء والبنية التحتية.. .

خيارات الدولة

ولعلّ من بين خيارات الدولة الاسراع في انجاز محطات لتحلية مياه البحر ومن بينها محطة الزارات من ولاية قابس والتي دشنها رئيس الجمهورية قيس سعيد بتاريخ 7 جويلية الجاري.

 واعتبر رئيس الجمهورية، خلال الزيارة، أن مشكل الماء في تونس قديم ولكنه زاد حد في السنوات الماضية بشكل لافت.. وأوضح رئيس الدولة، حينها، أن ترشيد استهلاك المياه مطلوب، لكن يجب أن يكون عادلا وواضحا بالنسبة إلى كل المستهلكين في جميع المناطق...

 

 

المدير المركزي للاستغلال بـ"الصوناد" يوضح

 من جانبه، أفاد المدير المركزي للاستغلال بالشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، محمد الهادي الأحمدي "الصباح نيوز" أنّ العمر الافتراضي لشبكات الجلب والتوزيع تبلغ 40 سنة وأنّ هنالك شبكات يفوق عمرها الـ40 سنة حيث تعمل الشركة على تجديدها بمعدل 200 كلم في السنة.. علما وان الشركة تتصرف في شبكات جلب وتوزيع بطول 59 ألف كيلومتر وبعدد محطات معالجة مياه سطحية تبلغ 17 و16 محطة تحلية للمياه الجوفية المالحة ومياه البحر بالاضافة إلى 1300 خزان.

وفيما يهمّ الانقطاعات في المنظومات المترابطة التي تزود عديد المناطق، قال الأحمدي إن الشركة تتدخل لتقسيط الكميات المتاحة بطريقة عادلة على كافة المناطق التي تتزود بنفس المنظومة مع محاولة ضمان تزويد المواطنين ولو لبعض الساعات في اليوم واحكام التعديل بين كافة المنظومات، ما يفسر اللجوء في بعض الاحيان الى قطع الماء على بعض المناطق لتزويد مناطق أخرى وذلك بتنسيق مُحكم مع السلط المحلية والجهوية، وفق تأكيده.

وأكد مُحدثنا أيضا أن الشركة تعمل على تجديد وصيانة شبكات التوزيع ومعدات الضخ في فترات مختلفة خلال كامل السنة بالإمكانيات المالية المُتاحة لها.

FB_IMG_1721474724327.jpg

بالنسبة للاعتداءات على الشبكات ومحطات الضخ، أكد محدثنا أنها لا تعدو أن تكون ظاهرة وأن الأمر يتعلق بسرقة النحاس وتخريب محطات ضخ احيانا.

كما أفاد أنّ هنالك انقطاعات فجئية للماء الصالح للشراب، وتحاول مصالح الشركة بالتنسيق مع المقاولين المكلفين في الغرض إصلاحها في الابان وفي فترات محدودة في الزمن وتهم شبكات التوزيع ومحطات الضخ وانقطاع التيار الكهربائي، مُعتبرا انها انقطاعات عادية يتمّ التعامل معها في الحين.

وفي ذات السياق، أشار إلى وجود ما وصفه بـ"الظاهرة الجديدة" في فصل الصيف خاصة خلال السنتين الماضية والحالية، مُوضحا أنّ هنالك نقص في كميات المياه المُتوفرة والمُتاحة على مستوى خزانات التوزيع والتي تكون دون حاجيات الاستهلاك وتترك المنظومات المائية تشهد عجزا إذْ أنّ العرض اقل من الطلب خاصة بالنسبة لمنظومة الوطن القبلي والساحل وصفاقس التي تهم تقريبا 4 مليون تونسي والتي تتزود من مياه الشمال أي السدود والتي بها كميات غير مُريحة وحرجة جدا تناهز الـ27 بالمائة.. وأضاف: "وبالتالي الحكمة في التصرف في الموارد المائية ما يتطلب ترشيد الاستهلاك وحسن استعمالها لتزويدنا في مدة اكثر في الزمن".

وأشار الأحمدي إلى وجود نقص في الماء في جهة الساحل تجاوز الـ30 بالمائة، إذ أنّ سد نبهانة والذي يوفر حوالي 500 لتر في الثانية لتدعيم حاجيات منظومة الوطن القبلي والساحل وصفاقس، سد فارغ وكذلك الشأن بالنسبة لسد لبنى في الوطن القبلي.

وواصل القول أنّ الحاجيات من الماء مُرتفعة في هذه المناطق (الوطن القبلي، الساحل وصفاقس) لطبيعة هذه المناطق ووجود عدد هام من الوحدات السياحية بها، مُضيفا: "الأمل مُعلّق اليوم على محطة تحلية مياه البحر بصفاقس والتي تعتبر الاشغال فيها حثيثة على ان ينطلق استغلال المحطة اواخر شهر جويليةالجاري".

وفي هذا الإطار، أفاد أنه في ظل تواتر سنوات الجفاف منذ سنة 2018 وضعف الموارد المائية على مستوى السدود وكذلك ضعف الموارد المائية الجوفية خاصة الداخلية (الكاف وزغوان والقصرين وسيدي بوزيد) والتي تشهد استنزافا، فإنّ من بين الحلول اعتماد تحلية المياه وخاصة مياه البحر.

وهنا أشار إلى أنه تم تشغيل محطة الزارات بقابس والتي ستوفر 50 الف متر مكعب في اليوم والتي استطاعت أن تقلص من العجز المائي وتوفر موارد اضافية بولايات قابس وتطاوين ومدنين.. أما بالنسبة لمحطة صفاقس، فقال إنها ستوفر 100 الف متر مكعب في اليوم وستقلّص نقص المياه على مستوى منظومة الوطن القبلي والساحل وصفاقس.. وفي ما يتعلق بمحطة سوسة، فأفاد أنه من المؤمل ان تنتهي اشغالها اواخر سنة 2024 على ان توفر 50 الف متر مكعب في اليوم وتهم اساسا صفاقس والساحل.

نقص المياه في المناطق الداخلية

وبخصوص نقص المياه في المناطق الداخلية، قال المدير المركزي للاستغلال بالشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه إنّه "سيقع العمل على مزيد حفر ابار بالموائد المائية المُتاحة، مع وجود دراسات استشرافية في مراحل متقدمة لربط ولايات الكاف وسليانة في مرحلة أولى والقصرين وسيدي بوزيد في مرحلة ثانية بمياه سدود أقصى الشمال".

أمّا عن نظام المجامع المائية والذي يعتبرها البعض "منظومة فاشلة"، أفاد مُحدّثنا أنه تم اعتمادها منذ سنوات لتوفير الماء الصالح للشراب للمناطق الريفية المُشتتة وذات الكثافة السكانية الضعيفة وذات تكلفة تزويد باهضة جدا.. قائلا إنه "مع تطور النمو العمراني فإنّ العديد من المناطق يتم تزويدها من طرف "الصوناد" والتي تزود 54 بالمائة من سكان المناطق الريفية بالماء الصالح للشراب بينما تتكفل المجامع المائية بتوفير الماء لحوالي 40 بالمائة.. كما أكّد أنه يتم التنسيق بين مصالح الشركة والادارة العامة للهندسة الريفية بوزارة الفلاحة لاحالة المنظومات المائية الى الشركة كلما كانت هنالك جدوى في ذلك".

وفي ختام حديثه، توجه الأحمدي برسالة مفادها: "تبقى أهم توصية لحسن التصرف في الامكانيات المائية القليلة والشحيحة جراء التغيرات المناخية هو ضرورة مراجعة التعامل مع الماء عبر ترشيد الاستهلاك وحسن التصرف في الموائد المائية"..

 

عبير الطرابلسي

 
 
 
أصبحت شبه يومية ورئيس الجمهورية يُحمّل المسؤولية / الانقطاعات المتكررة للمياه نقطة استفهام.. و"الصوناد" توضح

يُعاني عدد من المواطنين في عدة جهات من الجمهورية من الانقطاعات المُتكرّرة للمياه والتي تتزامن أيضا مع موجة حرّ فصل الصيف لتنضاف معاناة أخرى على كاهل المواطن وخاصة اذا كانت هذه الانقطاعات فجئية ودون اعلام مسبق..

انقطاعات ترجعها الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه أحيانا إلى مشاكل تقنية من ذلك أعطاب في القنوات وانقطاعات في التيار الكهربائي...

كما سجّل مخزون المياه بالسدود تراجعا إذْ بلغ بتاريخ 17 جويلية الجاري 650 مليون متر مكعب أي بنسبة امتلاء تُقدّر بـ27 بالمائة، وهي النسبة الاضعف لسنوات فيما يهم الامكانيات المائية للدولة، وفق ما أكده حسين الرحيلي  المختص في التنمية والتصرف في الموارد المائية في تصريح لـ"الصباح نيوز"، مُضيفا أنّ تونس اليوم تعيش شحا مائيا خاصة الـ6 سنوات الاخيرة.

وفي سياق آخر، قال الرحيلي ان هذا المشكل قضية مؤسسة بأكملها تخلت الدولة عنها سنة 1995 عندما قررت التخلي على المؤسسات الخدماتية آنذاك، قائلا: "ونأمل أن تعود الدولة لدورها الاجتماعي".

وأوضح الخبير بالمرصد التونسي للمياه، أنّ تجديد القنوات اليوم استثمار في جانب اجتماعي غير أنّ وضعية المؤسسات العمومية وتوازناتها المالية، اليوم، لا تتحمل، وبالتالي فإنّ ذلك يؤثر على تغيير التجهيزات وتجديدها خاصة مع "تهرئة شبكة الربط بالماء الصالح للشرب".

 دعوة الى تتبع المتسببين في الانقطاعات 

انقطاعات، كان لها صدى في مؤسسات الدولة، وانتقدها رئيس الجمهورية قيس سعيد، الخميس 18 جويلية  2024، ودعا سعيد لدى اجتماعه بخالد النوري وزير الداخلية، وسفيان بالصادق كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن الوطني إلى ضرورة تتبع من يقف وراء قطع الماء والكهرباء في عديد المناطق لتأجيج الأوضاع.. واضاف رئيس الجمهورية بأن "التعلل بأن شبكة توزيع المياه مُهترئة غير مقبول إذ لماذا لم تهترأ نفس هذه الشبكة في عدد من الضواحي وتوقّف توزيع المياه في مناطق بعينها؟.. وتونس كانت عرفت سنوات عجاف ولكن لم يحصل ما يحصل اليوم في بعض المناطق."

 FB_IMG_1721474828668.jpg

كما تم بداية الاسبوع الحالي وضع خطة عمل مشتركة بين وزارتي الفلاحة والموارد المائيّة والصيد البحري والداخلية لمزيد حوكمة توزيع المياه ومقاومة الاعتداءات على الملك العمومي للمياه.. وأوصى وزير الفلاحة عبد المنعم بلعاتي بمزيد احكام التّصرف في الموارد المائية المتاحة بما يمكّن من توزيعها بشكل متوازن وحسب الحاجيات والأولويات المطروحة بين مختلف المناطق والقطاعات لتفادي النقص الحاصل في مياه الشرب، مشدّدا على تطبيق القانون على الجميع للمحافظة على المكتسبات الوطنية من ثروة مائيّة وتجهيزات.

ويذكر أنّ رئيس الجمهورية قيس سعيد، قد قرر  الأحد 30 جوان 2024، إعفاء رئيس إقليم المنار للشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه "الصوناد" من مهامه مع فتح تحقيق عدلي، وذلك على إثر زيارة ليلية قام بها السبت 29 من الشهر نفسه، إلى إحدى الضواحي الغربية بتونس العاصمة، وبعد معاينة تسرّب كميات كبيرة من المياه الصالحة للشراب من أحد الأنابيب.

كما قرّر رئيس الجمهورية ، يوم 2 جويلية 2024، إعفاء أحمد صولة، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، من مهامه.

وبتاريخ 4 جويلية أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس للإدارة الفرعية للأبحاث المركزية للحرس الوطني بفتح بحث عدلي ضد كل من سيكشف عنه البحث بخصوص حوادث انقطاع الماء الصالح للشرب في عديد المناطق قصد تحديد المسؤوليات والمتورطين حسب ما أفاد الناطق الرسمي باسم المحكمة محمد زيتونة

 

 

أما بخصوص الاعلام عن الانقطاعات في توزيع الماء الصالح للشرب، قال حسين الرحيلي ان هنالك "فرق شاسع" من حيث عدد الابلاغات عن الانقطاعات وعدم الاعلام لتصل الى حدود 20 بالمائة، مُشيرا إلى أنّ الاعلام يتم عن الانقطاعات المُبرمجة في حين أنّ أغلب الانقطاعات تُسجّل إثر تدخلات غير مُبرمجة وهو ما يُؤكد، وفق الرحيلي، فقدان العمل الاستباقي ووضعية المُعدات والقنوات المُتقادمة والتي فاقت 40 بالمائة منها الـ25 سنة، حسب بعض الاحصائيات الرسمية.

وكانت الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه أعلنت في بلاغات صادرة عنها عن انقطاع المياه خلال شهري جويلية وجوان بعدد من الجهات.

حسين الرحيلي اعتبر أنّ ما يحدث اليوم من انقطاعات متكررة وأعطاب بشبكات توزيع المياه "تراكمات" سنوات وأنّ "المواطن الحلقة الاضعف"،  قائلا إنّ الوضع مُتداخل وفيه تقصير اداريووضع الماء بالبلاد لا يختلف عن وضع قطاعات الصحة والنقل والتعليم.وشدّد على ضرورة مراجعة الدولة لخياراتها والاستثمار في الماء والبنية التحتية.. .

خيارات الدولة

ولعلّ من بين خيارات الدولة الاسراع في انجاز محطات لتحلية مياه البحر ومن بينها محطة الزارات من ولاية قابس والتي دشنها رئيس الجمهورية قيس سعيد بتاريخ 7 جويلية الجاري.

 واعتبر رئيس الجمهورية، خلال الزيارة، أن مشكل الماء في تونس قديم ولكنه زاد حد في السنوات الماضية بشكل لافت.. وأوضح رئيس الدولة، حينها، أن ترشيد استهلاك المياه مطلوب، لكن يجب أن يكون عادلا وواضحا بالنسبة إلى كل المستهلكين في جميع المناطق...

 

 

المدير المركزي للاستغلال بـ"الصوناد" يوضح

 من جانبه، أفاد المدير المركزي للاستغلال بالشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، محمد الهادي الأحمدي "الصباح نيوز" أنّ العمر الافتراضي لشبكات الجلب والتوزيع تبلغ 40 سنة وأنّ هنالك شبكات يفوق عمرها الـ40 سنة حيث تعمل الشركة على تجديدها بمعدل 200 كلم في السنة.. علما وان الشركة تتصرف في شبكات جلب وتوزيع بطول 59 ألف كيلومتر وبعدد محطات معالجة مياه سطحية تبلغ 17 و16 محطة تحلية للمياه الجوفية المالحة ومياه البحر بالاضافة إلى 1300 خزان.

وفيما يهمّ الانقطاعات في المنظومات المترابطة التي تزود عديد المناطق، قال الأحمدي إن الشركة تتدخل لتقسيط الكميات المتاحة بطريقة عادلة على كافة المناطق التي تتزود بنفس المنظومة مع محاولة ضمان تزويد المواطنين ولو لبعض الساعات في اليوم واحكام التعديل بين كافة المنظومات، ما يفسر اللجوء في بعض الاحيان الى قطع الماء على بعض المناطق لتزويد مناطق أخرى وذلك بتنسيق مُحكم مع السلط المحلية والجهوية، وفق تأكيده.

وأكد مُحدثنا أيضا أن الشركة تعمل على تجديد وصيانة شبكات التوزيع ومعدات الضخ في فترات مختلفة خلال كامل السنة بالإمكانيات المالية المُتاحة لها.

FB_IMG_1721474724327.jpg

بالنسبة للاعتداءات على الشبكات ومحطات الضخ، أكد محدثنا أنها لا تعدو أن تكون ظاهرة وأن الأمر يتعلق بسرقة النحاس وتخريب محطات ضخ احيانا.

كما أفاد أنّ هنالك انقطاعات فجئية للماء الصالح للشراب، وتحاول مصالح الشركة بالتنسيق مع المقاولين المكلفين في الغرض إصلاحها في الابان وفي فترات محدودة في الزمن وتهم شبكات التوزيع ومحطات الضخ وانقطاع التيار الكهربائي، مُعتبرا انها انقطاعات عادية يتمّ التعامل معها في الحين.

وفي ذات السياق، أشار إلى وجود ما وصفه بـ"الظاهرة الجديدة" في فصل الصيف خاصة خلال السنتين الماضية والحالية، مُوضحا أنّ هنالك نقص في كميات المياه المُتوفرة والمُتاحة على مستوى خزانات التوزيع والتي تكون دون حاجيات الاستهلاك وتترك المنظومات المائية تشهد عجزا إذْ أنّ العرض اقل من الطلب خاصة بالنسبة لمنظومة الوطن القبلي والساحل وصفاقس التي تهم تقريبا 4 مليون تونسي والتي تتزود من مياه الشمال أي السدود والتي بها كميات غير مُريحة وحرجة جدا تناهز الـ27 بالمائة.. وأضاف: "وبالتالي الحكمة في التصرف في الموارد المائية ما يتطلب ترشيد الاستهلاك وحسن استعمالها لتزويدنا في مدة اكثر في الزمن".

وأشار الأحمدي إلى وجود نقص في الماء في جهة الساحل تجاوز الـ30 بالمائة، إذ أنّ سد نبهانة والذي يوفر حوالي 500 لتر في الثانية لتدعيم حاجيات منظومة الوطن القبلي والساحل وصفاقس، سد فارغ وكذلك الشأن بالنسبة لسد لبنى في الوطن القبلي.

وواصل القول أنّ الحاجيات من الماء مُرتفعة في هذه المناطق (الوطن القبلي، الساحل وصفاقس) لطبيعة هذه المناطق ووجود عدد هام من الوحدات السياحية بها، مُضيفا: "الأمل مُعلّق اليوم على محطة تحلية مياه البحر بصفاقس والتي تعتبر الاشغال فيها حثيثة على ان ينطلق استغلال المحطة اواخر شهر جويليةالجاري".

وفي هذا الإطار، أفاد أنه في ظل تواتر سنوات الجفاف منذ سنة 2018 وضعف الموارد المائية على مستوى السدود وكذلك ضعف الموارد المائية الجوفية خاصة الداخلية (الكاف وزغوان والقصرين وسيدي بوزيد) والتي تشهد استنزافا، فإنّ من بين الحلول اعتماد تحلية المياه وخاصة مياه البحر.

وهنا أشار إلى أنه تم تشغيل محطة الزارات بقابس والتي ستوفر 50 الف متر مكعب في اليوم والتي استطاعت أن تقلص من العجز المائي وتوفر موارد اضافية بولايات قابس وتطاوين ومدنين.. أما بالنسبة لمحطة صفاقس، فقال إنها ستوفر 100 الف متر مكعب في اليوم وستقلّص نقص المياه على مستوى منظومة الوطن القبلي والساحل وصفاقس.. وفي ما يتعلق بمحطة سوسة، فأفاد أنه من المؤمل ان تنتهي اشغالها اواخر سنة 2024 على ان توفر 50 الف متر مكعب في اليوم وتهم اساسا صفاقس والساحل.

نقص المياه في المناطق الداخلية

وبخصوص نقص المياه في المناطق الداخلية، قال المدير المركزي للاستغلال بالشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه إنّه "سيقع العمل على مزيد حفر ابار بالموائد المائية المُتاحة، مع وجود دراسات استشرافية في مراحل متقدمة لربط ولايات الكاف وسليانة في مرحلة أولى والقصرين وسيدي بوزيد في مرحلة ثانية بمياه سدود أقصى الشمال".

أمّا عن نظام المجامع المائية والذي يعتبرها البعض "منظومة فاشلة"، أفاد مُحدّثنا أنه تم اعتمادها منذ سنوات لتوفير الماء الصالح للشراب للمناطق الريفية المُشتتة وذات الكثافة السكانية الضعيفة وذات تكلفة تزويد باهضة جدا.. قائلا إنه "مع تطور النمو العمراني فإنّ العديد من المناطق يتم تزويدها من طرف "الصوناد" والتي تزود 54 بالمائة من سكان المناطق الريفية بالماء الصالح للشراب بينما تتكفل المجامع المائية بتوفير الماء لحوالي 40 بالمائة.. كما أكّد أنه يتم التنسيق بين مصالح الشركة والادارة العامة للهندسة الريفية بوزارة الفلاحة لاحالة المنظومات المائية الى الشركة كلما كانت هنالك جدوى في ذلك".

وفي ختام حديثه، توجه الأحمدي برسالة مفادها: "تبقى أهم توصية لحسن التصرف في الامكانيات المائية القليلة والشحيحة جراء التغيرات المناخية هو ضرورة مراجعة التعامل مع الماء عبر ترشيد الاستهلاك وحسن التصرف في الموائد المائية"..

 

عبير الطرابلسي

 
 
 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews