ودّعت جهة بنزرت شهر رمضان الكريم الذي تخللته المئات من الأنشطة الدينية والمبادرات التضامنية وتواصلت أثناء الاستعدادات للاحتفال بعيد الفطر التي رافقتها حركية تجارية وإحياء التقاليد المتوارثة انطلاقا من ليلة 26 رمضان.
المئات من الأنشطة الدينية
ليلة شهدت إحياء الموكب الرسمي لليلة القدر في جامع الغفران منزل جميل الذي تضمن تكريم عدد من الإطارات المسجدية ومحاضرة حول فضائل الليلة المباركة بحضور ممثلين عن الإدارات المحلية والجهوية.. ومثل الموكب واحد من 3752 نشاطا دينيا احتضنتها مساجد ولاية بنزرت بزيادة 10 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية توزعت بين المحاضرات واختام القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف إضافة إلى المسابقة الجهوية لحفظ القرآن وترتيله بمشاركة 430 حافظ وحافظة.
كما تميزت الجهة على المستوى الوطني بعد تكريم رئيس الدولة قيس سعيّد للقرّاء محمد الهادي الغربي وأحمد امين شقرون من رأس الجبل، عبد الحق نصراوي ومحمد الصادق الكشباطي من تينجة.
مبادرات تضامنية
وكان جامع المختار جرزونة وجامع الغفران منزل جميل خلال الشهر الكريم قد احتضنا حملات للتبرع بالدم شهدت إقبالا واسعا مثلما كان الحال مع الأنشطة الخيرية التي دعمت الجهود الرسمية لإذكاء روح التضامن والتراحم بين أبناء الجهة من ذلك توزيع جمعية انتم تغيرون بنزرت في اطار النسخة الثامنة من حملة "خيرك هو شقان فطر غيرك" 13500 وجبة إفطار وسحور أعدت في ظروف صحية ممتازة في مطعم الجمعية التونسية لمساعدة الصم فرع بنزرت كما وفرت الجمعية 360 قفة رمضانية لفائدة اولي الحق قبل ان تنظم حفل ختان 12 طفلا من العائلات المحدودة الدخل.
من جهتها، تمكنت جمعية البر والإحسان بنزرت بدعم من مصحة خاصة وأطباء متطوعين من ختان 18 طفلا بعد ان صرفت بداية شهر رمضان مساعدات بقيمة 15476 دينارا لفائدة عائلات معوزة وأيتام ووفرت منح جامعية للطلبة واقتنت عدد 4 اشتراكات نقل جامعي خط بنزرت- تونس ووزعت 60 قفة رمضانية خاصة بمرضى الابطن ثم ختمت نشاطها بتوزيع تبرعات بقيمة 15548 دينارا وملابس عيد على الفئات المستهدفة تمكنها من الاحتفال بأفضل طريقة ممكنة بالمناسبة الدينية.
اما جمعية "دار الود " فقد جمعت في مزادها الخيري السنوي 30 الف دينار لتغطية كلفة كسوة عيد 340 يتيما بعد ان وفرت حملتها "رمضانهم امانة وقفتكم ضمانة" 340 قفة رمضانية بقيمة 130 دينارا لفائدة اولي الحق ومكنت من بناء 3 مساكن لفائدة عائلات أطفال ايتام كما نظمت الجمعية تظاهرة " افطار الود" التي خصصت مداخيلها لدعم أنشطتها المتنوعة.
من جهتها، وزعت دار منزل بورقيبة في إطار مشروع صائم الذي يتواصل للسنة الثانية بالتنسيق مع معتمدية المكان قرابة 7000 وجبة إفطار لفائدة أولي الحق أعدت بعناية في مطبخ الاتحاد التونسي لإعانة الأشخاص القاصرين ذهنيا فرع منزل بورقيبة كما وفرت الدار 100 كسوة عيد للأطفال.
وكل ما سبق يمثل غيضا من فيض الأنشطة الخيرية التي تمت في السر والعلن وأكدت ان روح التآزر والتكافل متأصلة في المجتمع البنزرتي الذي حافظ أيضا على تقاليد الاحتفال بالعيد الصغير.
تقاليد الاحتفال بالعيد
اما عن تقاليد الاحتفال بعيد الفطر، فتشمل شراء الملابس الجديدة وبذل الكثير من الجهد والوقت والمال لإعداد " الحلو الدياري " من المقروض، الغريبة، البشكوطو، البقلاوة وبقية " الالواز " اي الحلويات التي تزين باللوز وبقية المكسرات باهظة الثمن قبل نقل الأطباق الى "الكوش العربي"
وحسب لطفي الجريدي صاحب "كوشة عربي" تنشط منذ سنة 1909 في باب جديد قلب مدينة بنزرت فقد تراجع خلال السنوات الماضية حجم العمل الرمضاني بعد ان توجهت بعض الأسر نحو شراء الحلويات التقليدية جاهزة من بعض المتخصصات ممن خبرن وصفات الجدات، المحلات الموجودة في المدينة او ابتياعها من المتاجر الالكترونية التي تقدم عروضا مغرية بالمناسبة فتضيع، حسب الجريدي، فرصة الحصول على حلويات "دياري" لذيذة وخاصة صحية.
وقد خصصت العائلات يوم "الشك" أمس الأحد، لزيارة المقابر والترحم على الموتى قبل شراء خبز العيد المفوح بالبسباس و"السينوج" ومستلزمات أطباق "ولد البحر" الذي يقدم مشويا او مقليا مع المدفونة ، "الطبيخ البنزرتي" الحلالم او الملوخية على الطاولة التي تجمع طيلة ايام العيد الحاضرين من الأسرة الموسعة وحتى الاجوار في الدار الكبيرة اين يغنم الصغار "المهبة" والنساء "حق الملح" قبل الانطلاق في زيارات المعايدة للعائلات القريبة..
كما تحافظ الأسر على عادة "الموسم" المتمثلة في تقديم الخطيب هدية لخطيبته ليلة 27 رمضان او ثاني أيام عيد الفطر.
ويتمثل " الموسم " عادة في " كناسترو (كلمة اسبانية تعني السلّة ) يجمع الفواكه الجافة ، الغلال ، المشروبات إضافة الى ملابس ثمينة وقطعة من المصوغ او ساعة يدوية فخمة تقدم في أجواء احتفالية تجمع العائلات المتصاهرة لكن خلال السنوات الماضية استبدل "الكناسترو" بباقة ورد او هدايا اكثر عملية مثل التجهيزات المنزلية كالأطباق وأدوات الطهو والكؤوس المميزة التي تستخدم لاحقا في منزل العروسين.
حركية تجارية وسفرات إضافية
الاستعدادات التي عددناها للاحتفال بعيد الفطر وفق التقاليد المتوارثة رافقها طيلة الأيام الماضية ازدحام امام الفروع البنكية والمراكز البريدية والموزعات المالية وداخل الفضاءات التجارية ومحلات بيع الملابس الجاهزة والحلويات والهدايا والسوق البلدي للأسماك نتجت عنه حركة مرورية هامة احتدمت كل ليلة اثر رفعة الجسر المتحرك التي فرضت توقف المئات من العربات منتصف السهرة على طول المسافة الفاصلة بين وسط مدينة بنزرت ومحطة النقل البري بضاحية جرزونة اين ارتفع الطلب خلال الساعات الماضية على سيارات الأجرة الرابطة بين بنزرت والعاصمة وحافلات الشركة الجهوية للنقل ببنزرت التي أمنت خلال الفترة الممتدة من 27 الى 30 مارس الجاري 1202 سفرة منها 110 إضافية وخصصت 5 حافلات لاستيعاب العدد المنتظر من الحرفاء انطلاقا من محطة منصف باي و 12 حافلة من محطة باب سعدون تونس.
ساسي الطرابلسي
صفاقس .. الشرمولة والحوت المالح الطبق المميز
"الشرمولة والحوت المالح" عادة غذائية ترسّخت في تقاليد العائلات "الصفاقسية" عبر العقود وأضحت من أشهر الأطباق ومن أشهر أكلات الموروث الغذائي للجهة.
وتعتبر الشرمولة طبق عيد الفطر المميز لدى أغلب العائلات الصفاقسية وهي أكلة يجمع مذاقها بين الحلاوة والملوحة يتم طهيها خلال أواخر شهر رمضان المعظم ويقترن أكلها ب"الحوت المالح" الذي يعتبر من الأسماك الرفيعة على غرار ، سمك "البكالاو" و "المناني" و "الفار" و"الغراب" و"البوري" التي يقع تمليحها مسبقا من التجار وبيعها قبل أيام من عيد الفطر ، كما يتم توريد كميات كبيرة من هذه الأسماك لتلبية حاجيات المستهلكين وتعديل السوق.
يتكون طبق "الشرمولة" الذي يتميز بمذاقه الحلو أساسا من مادة "الزبيب" أو العنب المجفف الذي تشهد أسعاره إرتفاعا خلال شهر رمضان .
حيث يتطلب إعداد أكلة "الشرمولة" الصفاقسية ساعات عديدة من الطهي وله طريقة خاصة في الطبخ التي تبدأ بقلي كميات كبيرة من البصل في زيت الزيتون ويضاف إليها عصير أو مربى "الزبيب المرحي" بعد تنظيفه، يضاف إليها "بهارات" خاصة بهذه الأكلة وهي شوش الورد" و"القرفة" و"راس الحانوت" .
ثم يطبخ هذا الخليط على نار هادئة و يستغرق مايقارب الثلاث ليالي لإعداده حتى ينضج الخليط ليصبح عسلي اللون وبمذاق مميز تنصهر فيه مادتي الزبيب والبصل .
وبالنسبة ل"الحوت المالح" يترك في الماء بعد أن يتم تنظيفه من الملح و طبخه صبيحة يوم العيد في الماء الساخن لتقديمها مع طبق الشرمولة.
"سوق الحوت"
كما يشهد "سوق الحوت" خلال أواخر شهر رمضان إقبالا لافتا لشراء منتجات الأسماك لا سيما منها الحوت المالح حيث تنطلق قبل أيام قليلة من حلول عيد الفطر عملية بيع "الحوت المالح" ب"الدلالة" أي البيع بالمزاد العلني داخل السوق.
إرتفاع سعر "الزبيب" خلال رمضان
يقول أحد تجار بيع العنب المجفف أو "الزبيب" بأسواق باب الجبلي في تصريح لـ"الصباح" ان مادة الزبيب تشهد إقبالا كبيرا في جهة صفاقس خلال شهر رمضان بإعتبارها من المكونات الأساسية لإعداد طبق الشرمولة المميز لعيد الفطر ، كما تشهد الأسعار إرتفاعا كبيرا مقارنة بفترة ماقبل شهر رمضان ،حيث تتراوح سعر الكيلو غرام الواحد مابين 20 و 35 دينار، مشيرا إلى أن مادة الزبيب يختلف سعرها بحسب الجودة وبحسب انواعه ويعتبر ان الزبيب العسلي الأكثر جودة ويتميز بحلاوة مذاقه .
أصول "الشرمولة" تاريخيا
يقول "زاهر كمون" موثق للتراث" لـ"الصباح" إن المناسبات إرتبطت بالموروث الغذائي وأن أكلة الشرمولة رغم إنها موجودة في عدة مدن على غرار جربة ، بنزرت والمنستير ، إلا أن الشرمولة إشتهرت بها جهة صفاقس وتميزت بها وأصبحت من الموروث الغذائي.
وبالرجوع إلى التفسير العلمي لأصول طبق "الشرمولة والحوت المالح" في صفاقس إلى الفترة الرومانية، وفق ماذكره أحد الكتاب الذي تحدث في كتابه عن وصفات المأكولات والتي من بينها طبق يتكون من الزبيب والبصل والكمون والذي يشبه كثيرا لطبق الشرمولة.
و في رواية أخرى تقول "الخرافة" التي تداولت في الموروث الشعبي بأن هناك بحار وتاجر من أصول يونانية عندما نفدت مؤنته وهو على متن السفينة و كان يحمل معه الزبيب والبصل وقام بطبخها فسُمّيت بأكلة الشرمولة.
وأضاف ، زاهر كمون، أنه لا يوجد تاريخ محدد لطبق الشرمولة لكن الحوت المالح عُرف لدى اليونانيين الذين اشتهروا ب"القرنيط المجفف" و تمليح "الحوت" الذي كان يُصدر للجزر اليونانية.
يُحيي التونسيون مناسبة عيد الفطر بعادات غذائية متنوعة تختلف من جهة إلى أخرى ، و لئن تشترك أغلبها في إقتناء الحلويات لتقديمها يوم العيد إلا أن أكلة الشرمولة والحوت المالح مَثلت الطبق الأساسي و موروث غذائي يتمسك به أهالي صفاقس.
عتيقة العامري
منوبة .. حركية تجارية قبل التحضيرات الأخيرة للعيد..
مثل اقتناء لعب الأطفال والتوافد على قاعات الحلاقة والتجميل في ولاية منوبة أبرز الاستعدادات الأخيرة للاحتفال بعيد الفطر وذلك اثر الإنتهاء من اقتناء ملابس وحلويات العيد الذي خلق حركية ملحوظة خلال النصف الثاني من شهر رمضان بمختلف مدن ولاية منوبة سيما ايام الأسواق الأسبوعية على غرار طبربة والسعيدة والجديدة لما تمثله من ملاذ لعديد العائلات متوسطة الدخل ومتساكني الارياف لاقتناء ملابس واحذية العيد بأسعار تناسب مقدرتهم الشرائية..
كما عاشت الحركية التجارية الليلية على وقعها عديد الأماكن كوسط مدن المرناقية ودوار هيشر ووادي الليل وطبربة على وجه الخصوص لتوفر محلات بيع الملابس الجديدة و"الفريب الرفيع" وفضاءات العرض الكبرى كسوق شباو والمعرض بطبربة ومغازات و"نصب العاب" ومحلات بيع الحلويات التي شهدت إقبالا متزايدا لاقتناء مختلف أنواع "الحلو" من بشكوطو وغريبة و"حلو مخلط" مقابل تراجع إعداد هذه الحلويات منزليا..
أكد عدد من أصحاب المخابز في طبربة لـ"الصباح" على سبيل المثال ان قلة قليلة من العائلات حافظت على عادة صنع الحلو الدياري لتختفي بذلك اجمل وأمتع العادات المتعلقة بالعيد سنة بعد سنة.. وهو ما أكده أيضا أصحاب محلات العطارة بتراجع اقتناء المواد الأولية لصنع الحلو واقتصار ذلك على عدد قليل من ربات البيوت أو لمن اغتنمن الفرصة والوضع للاسترزاق وصنع الحلو في شكل طلبات للسيدات العاملات والموظفات اللاتي هجرن هذه العادة بشكل نهائي ليس في مدن منوبة والدندان فقط بل في كل المعتمديات دون استثناء.
مقابل كل ذلك نشطت كما تم ذكره تجارة اللعب حيث شهدت إقبالا كبيرا من الأولياء وهو ما شوهد في سوق شباو بوادي الليل يومي الجمعة والسبت ومختلف المحلات ببقية مدن الولاية مع تسجيل اكتظاظ كبير على مستوى محلات الحلاقة والتجميل للذكور وللإناث على حد السواء.. واكدت إحدى صاحبات محلات الحلاقة انها تواصل العمل منذ ليلة الجمعة الماضية دون توقف وان هذه الحركية كان لها دور في تنشيط البيع والشراء على مستوى محلات ومغازات بيع مواد التجميل، مشيرة إلى أن أغلب حريفاتها من الفتيات بين 18 و 25 سنة في انتظار التحاق السيدات خلال الليلة الأخيرة ما يخلق مزيدا من الاكتظاظ..
حركية أخذت طابعا جديدا خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان تراجعت أمامها عديد العادات ونشطت أخرى فرضها الواقع ولكن مع التأكيد على ان متعة العيد تبقى الأفضل والأقوى بفرحة ارتداء الملابس الجديدة والتقاط الصور التذكارية في الأماكن التي اتخذها المصورون في نقاط مختلفة من مدن ولاية منوبة وانطلقوا في إعدادها بنصب الخيام وتأثيثها بما يجلب انظار الأطفال ويغريهم لتكون فرحة العيد أفضل ما يمكن أن تختتم به ايام رمضان و لياليه المباركة.
عادل عونلي
سيدي بوزيد.. عودة عبق العيد تزامنا مع عطلة الربيع
تختلف طريقة الاستعداد للاحتفال بعيد الفطر بولاية سيدي بوزيد من عائلة الى اخرى لكن يبقى القاسم المشترك اللمة العائلية واقتناء ملابس جديدة للأطفال إضافة الى المحافظة على عدد من العادات والتقاليد عند بعض العائلات التي تحرص على احيائها في كل مناسبة .
من جهتها، اكدت حبيبة غابري اصيلة معتمدية المكناسي لـ"الصباح" انها تقوم باكرا صبيحة اول ايام عيد الفطر المبارك لتعد طبق " الفول المدمس" الذي هو عبارة عن طبخ الفول في كمية كبيرة من الماء مع اضافة كمية من الملح ثم تصفيته بعد ان ينضج وترش فوقه قليلا من مادة الكمون الأخضر ويصبح جاهزا للاكل .
وتحرص حبيبة على اعداد هذا الطبق لعدة أسباب اولها لانها ورثت ذلك عن امها رحمها الله ثم لانها تكون حريصة على ان توفر اكلة صحية تساعد الصائم على استعادة نسقه العادي في التغذية بعد صيام شهر كامل
من جهته، افاد عبد الرحيم اصيل مدينة سيدي بوزيد "الصباح" انه اعتاد ومنذ شبابه ان يشتري ما اسماه "خبز العيد" ولا يزال يفعل ذلك رغم انه لم يعد من السهل العثور على هذا النوع من الخبز الا في بعض المخابز التقليدية.. كما تحدث عن طبقه المفضل اول ايام عيد الفطر "العصيدة البيضاء" ويقول: "العصيدة البيضاء بزيت الزيتون والعسل لها فوائد كثيرة فهي تساعد المعدة على العودة من جديد الى نسقها الطبيعي" .
"الخبز العربي"
رقية اصيلة مدينة منزل بوزيان اشارت لـ"الصباح" الى ضرورة الانتباه عند تناول الطعام خلال الأيام الأولى لعيد الفطر فهي مثلا تقوم باكرا تعد الخبز العربي لتقدمه ساخنا لأبنائها وبعد المُعايدة تعود من جديد الى منزلها لتعد طبقا خفيفا عند منتصف النهار لتنهي يومها باعداد "الكسكسي" بلحم الضأن تعبيرا منها عن فرحتها بالعيد .
عيد الفطر وعطلة الربيع
ويتزامن عيد الفطر هذه السنة مع عطلة نهاية الثلاثي الثاني "عطلة الربيع" ما مثّل فرصة لعدد كبير من أبناء ولاية سيدي بوزيد للعودة الى عائلاتهم لقضاء ايام عيد الفطر المبارك معهم.
واعتبر خليل عماري في حديثه لـ"الصباح" ان تزامن عطلة الربيع هذه السنة مع عيد الفطر سمحت له بقضاء هذه المناسبة والاستمتاع بالأجواء العائلية بعد ان كان يقتصر على مهاتفة أسرته وأقربائه او استعمال وسائل التواصل الاجتماعي في عملية التهنئة .
منال ايضا عبرت عن فرحتها بقضاء ايام عيد الفطر بجوار عائلتها خاصة وانها حرمت من ذلك لسنوات بسبب العمل وبعد المسافة .
وتحتفل العائلات بعيد الفطر المبارك كل على طريقته ولكن تبقى هذه المناسبة الدينية فرصة لتجديد مفاهيم التآزر والتواصل واحياء صلة الرحم .
عائشة
قفصة.. الفول "سيدهم" على طاولة "القفاصة" يوم العيد
لا تزال العائلات "القفصية" محافظة على تقاليدها وعاداتها الغذائية التي ورثتها على مر الأجيال والمتمثلة أساسا في إعداد الفول وتناوله اليوم اول ايام عيد الفطر وبقية أيام العيد وتقديمه الى الأجوار.. إذ تعمد ربات البيوت الى نقعه بالماء على امتداد يومين كما ان بعض ربات البيوت تنتظر آخر ليلة من شهر الصيام وتحديدا بعد الإعلان مباشرة عن موعد العيد ليتم طبخه في الصباح الباكر حتى يكون جاهزا لأفراد العائلة وتقديمه للزوار والأجوار حيث يؤكد عامة الناس على فوائد الفول يوم العيد وعلى اثر شهر كامل من الصيام من شانه ان يفيد المعدة ويساهم في تعديل نشاط الجهاز الهضمي خاصة لما يحتويه من بعض المنكهات لا سيما الكمون الذي لا يختلف عاقلان على أهميته من حيث طرد الغازات وتغليف المعدة وفق قناعة الأجداد الذين توارثوا عنهم هذه العادة الغذائية المحمودة وذلك كل حسب طريقته في اعداد الفول على ان الطريقة الاسلم التي يتم اعتمادها حسب ما افادتنا به خالتي علجية باللطيفة اصيلة حومة الواد وسط المدينة العتيقة وهي امرأة مسنة حيث نصت على ان المقادير المعتمدة برأيها ترتكز على تحضير كيلوغرام فول مع ليمون وبعض اوراق رند وشيء من الكليل وثوم مفروم مع ملعقة طعام زيت زيتون ووضع ليمونة مقطوعة الى نصفين مع اضافة ملعقة كبيرة من الكمون، مُشددة على ان لا يتم وضعه الا عند الانتهاء من الغليان و فور قطع النار عن القدر فضلا عن ملعقة كبيرة من الملح.
خالتي علجية شددت على ان يتم وضع القدر فوق نار هادئة منذ الفجر وهو ما تعودت على انتهاجه عند اعداد الفول ليستمر الغليان قرابة الساعة ونصف بما يجعله حاضرا في الصباح قبل تقديمه الى بقية افراد العائلة وكذلك الأقرباء الذين ياتون الى المنزل لتقديم التهاني بالعيد السعيد
رؤوف العياري
نابل .. إقبال على شراء الحلويات رغم ارتفاع أسعارها
سُجّل خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان الإقبال على اقتناء الحلويات للاحتفال بعيد الفطر، إذ تعدّ المرطّبات من الأطباق الرئيسية خلال الأعياد، وخاصة عيد الفطر.
وتتباين طرق التونسيين في الاحتفال بعيد الفطر وتختلف، فمنهم من يعدّ الحلويات ومنهم من يختار شراءها حتى تتزين الأطباق والموائد بـ"المقروض" و"الصمصة" و"البقلاوة" و"الغريبة "والكعك " وغيرها..
ارتفاع أسعار الحلويات مرده غلاء المواد الأولية
وفي جولة بعدد من محلات بيع الحلويات بولاية نابل، خلال اليومين الأخيرين من رمضان، عبّر مواطنون تحدثوا لـ"الصباح" عن آرائهم بخصوص الأسعار التي اعتبرها البعض مقبولة فيما راى آخرون انها مُشطة مقارنة بالسنة الفارطة.
كما شددوا على أهمية الاحتفال بالأعياد ضمن المقدرة الشرائية لكل فرد، مؤكدين ان المهم هو "الفرحة ولمة العائلات".
من جانبها، فسّرت صاحبة محلّ لبيع الحلويات ارتفاع أسعار الحلويات وأرجعت ذلك الى ارتفاع أسعار المواد الأولية.
وأكدت في تصريح لـ"الصباح" أن إقبال المواطنين على شراء الحلويات خلال شهر رمضان ومع حلول عيد الفطر يعتبر متوسطا، مُشيرة الى ان الأسعار تتراوح بين 9 دنانير و50 دينارا فما فوق للكيلوغرام الواحد؛ حيث يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من البشكوطو 9 دنانير والغريبة البيضاء تباع بـ15 دينارا وغريبة الحمص بـ25 دينارا وغريبة الدرع بالفاكية بـ 25 دينارا والحلو العربي ابتداء من 50 دينارا.
ومن جانبها، اوضحت سامية ذياب، رئيسة الغرفة الوطنية لمصنّعي المرطّبات، في تصريح إعلامي أنّ نسبة الزيادة في أسعار الحلويات لم تتجاوز 7% في أقصى الحالات، مُعتبرة هذه النسبة معقولة مقارنة بارتفاع أسعار المواد الأولية.
وأشارت إلى أنّ أسعار الحلويات المصنّعة من اللوز تتراوح بين 50 و60 دينارا للكيلوغرام، بينما تتراوح أسعار حلويات البوفريوة بين 60 و70 دينارا، في حين يصل سعر حلويات الفستق إلى 120 دينارا للكيلوغرام. وأضافت أنّ بعض العلامات التجارية تبيع الحلويات بأسعار أعلى بكثير، وصفتها بالمشطّة.
وعبّرت ذياب عن استغرابها من لجوء بعض المستهلكين إلى شراء حلويات مجهولة المصدر، لا تتوفّر أية معلومات حول ظروف إنتاجها وجودتها، وفق تصريحها.
ودّعت جهة بنزرت شهر رمضان الكريم الذي تخللته المئات من الأنشطة الدينية والمبادرات التضامنية وتواصلت أثناء الاستعدادات للاحتفال بعيد الفطر التي رافقتها حركية تجارية وإحياء التقاليد المتوارثة انطلاقا من ليلة 26 رمضان.
المئات من الأنشطة الدينية
ليلة شهدت إحياء الموكب الرسمي لليلة القدر في جامع الغفران منزل جميل الذي تضمن تكريم عدد من الإطارات المسجدية ومحاضرة حول فضائل الليلة المباركة بحضور ممثلين عن الإدارات المحلية والجهوية.. ومثل الموكب واحد من 3752 نشاطا دينيا احتضنتها مساجد ولاية بنزرت بزيادة 10 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية توزعت بين المحاضرات واختام القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف إضافة إلى المسابقة الجهوية لحفظ القرآن وترتيله بمشاركة 430 حافظ وحافظة.
كما تميزت الجهة على المستوى الوطني بعد تكريم رئيس الدولة قيس سعيّد للقرّاء محمد الهادي الغربي وأحمد امين شقرون من رأس الجبل، عبد الحق نصراوي ومحمد الصادق الكشباطي من تينجة.
مبادرات تضامنية
وكان جامع المختار جرزونة وجامع الغفران منزل جميل خلال الشهر الكريم قد احتضنا حملات للتبرع بالدم شهدت إقبالا واسعا مثلما كان الحال مع الأنشطة الخيرية التي دعمت الجهود الرسمية لإذكاء روح التضامن والتراحم بين أبناء الجهة من ذلك توزيع جمعية انتم تغيرون بنزرت في اطار النسخة الثامنة من حملة "خيرك هو شقان فطر غيرك" 13500 وجبة إفطار وسحور أعدت في ظروف صحية ممتازة في مطعم الجمعية التونسية لمساعدة الصم فرع بنزرت كما وفرت الجمعية 360 قفة رمضانية لفائدة اولي الحق قبل ان تنظم حفل ختان 12 طفلا من العائلات المحدودة الدخل.
من جهتها، تمكنت جمعية البر والإحسان بنزرت بدعم من مصحة خاصة وأطباء متطوعين من ختان 18 طفلا بعد ان صرفت بداية شهر رمضان مساعدات بقيمة 15476 دينارا لفائدة عائلات معوزة وأيتام ووفرت منح جامعية للطلبة واقتنت عدد 4 اشتراكات نقل جامعي خط بنزرت- تونس ووزعت 60 قفة رمضانية خاصة بمرضى الابطن ثم ختمت نشاطها بتوزيع تبرعات بقيمة 15548 دينارا وملابس عيد على الفئات المستهدفة تمكنها من الاحتفال بأفضل طريقة ممكنة بالمناسبة الدينية.
اما جمعية "دار الود " فقد جمعت في مزادها الخيري السنوي 30 الف دينار لتغطية كلفة كسوة عيد 340 يتيما بعد ان وفرت حملتها "رمضانهم امانة وقفتكم ضمانة" 340 قفة رمضانية بقيمة 130 دينارا لفائدة اولي الحق ومكنت من بناء 3 مساكن لفائدة عائلات أطفال ايتام كما نظمت الجمعية تظاهرة " افطار الود" التي خصصت مداخيلها لدعم أنشطتها المتنوعة.
من جهتها، وزعت دار منزل بورقيبة في إطار مشروع صائم الذي يتواصل للسنة الثانية بالتنسيق مع معتمدية المكان قرابة 7000 وجبة إفطار لفائدة أولي الحق أعدت بعناية في مطبخ الاتحاد التونسي لإعانة الأشخاص القاصرين ذهنيا فرع منزل بورقيبة كما وفرت الدار 100 كسوة عيد للأطفال.
وكل ما سبق يمثل غيضا من فيض الأنشطة الخيرية التي تمت في السر والعلن وأكدت ان روح التآزر والتكافل متأصلة في المجتمع البنزرتي الذي حافظ أيضا على تقاليد الاحتفال بالعيد الصغير.
تقاليد الاحتفال بالعيد
اما عن تقاليد الاحتفال بعيد الفطر، فتشمل شراء الملابس الجديدة وبذل الكثير من الجهد والوقت والمال لإعداد " الحلو الدياري " من المقروض، الغريبة، البشكوطو، البقلاوة وبقية " الالواز " اي الحلويات التي تزين باللوز وبقية المكسرات باهظة الثمن قبل نقل الأطباق الى "الكوش العربي"
وحسب لطفي الجريدي صاحب "كوشة عربي" تنشط منذ سنة 1909 في باب جديد قلب مدينة بنزرت فقد تراجع خلال السنوات الماضية حجم العمل الرمضاني بعد ان توجهت بعض الأسر نحو شراء الحلويات التقليدية جاهزة من بعض المتخصصات ممن خبرن وصفات الجدات، المحلات الموجودة في المدينة او ابتياعها من المتاجر الالكترونية التي تقدم عروضا مغرية بالمناسبة فتضيع، حسب الجريدي، فرصة الحصول على حلويات "دياري" لذيذة وخاصة صحية.
وقد خصصت العائلات يوم "الشك" أمس الأحد، لزيارة المقابر والترحم على الموتى قبل شراء خبز العيد المفوح بالبسباس و"السينوج" ومستلزمات أطباق "ولد البحر" الذي يقدم مشويا او مقليا مع المدفونة ، "الطبيخ البنزرتي" الحلالم او الملوخية على الطاولة التي تجمع طيلة ايام العيد الحاضرين من الأسرة الموسعة وحتى الاجوار في الدار الكبيرة اين يغنم الصغار "المهبة" والنساء "حق الملح" قبل الانطلاق في زيارات المعايدة للعائلات القريبة..
كما تحافظ الأسر على عادة "الموسم" المتمثلة في تقديم الخطيب هدية لخطيبته ليلة 27 رمضان او ثاني أيام عيد الفطر.
ويتمثل " الموسم " عادة في " كناسترو (كلمة اسبانية تعني السلّة ) يجمع الفواكه الجافة ، الغلال ، المشروبات إضافة الى ملابس ثمينة وقطعة من المصوغ او ساعة يدوية فخمة تقدم في أجواء احتفالية تجمع العائلات المتصاهرة لكن خلال السنوات الماضية استبدل "الكناسترو" بباقة ورد او هدايا اكثر عملية مثل التجهيزات المنزلية كالأطباق وأدوات الطهو والكؤوس المميزة التي تستخدم لاحقا في منزل العروسين.
حركية تجارية وسفرات إضافية
الاستعدادات التي عددناها للاحتفال بعيد الفطر وفق التقاليد المتوارثة رافقها طيلة الأيام الماضية ازدحام امام الفروع البنكية والمراكز البريدية والموزعات المالية وداخل الفضاءات التجارية ومحلات بيع الملابس الجاهزة والحلويات والهدايا والسوق البلدي للأسماك نتجت عنه حركة مرورية هامة احتدمت كل ليلة اثر رفعة الجسر المتحرك التي فرضت توقف المئات من العربات منتصف السهرة على طول المسافة الفاصلة بين وسط مدينة بنزرت ومحطة النقل البري بضاحية جرزونة اين ارتفع الطلب خلال الساعات الماضية على سيارات الأجرة الرابطة بين بنزرت والعاصمة وحافلات الشركة الجهوية للنقل ببنزرت التي أمنت خلال الفترة الممتدة من 27 الى 30 مارس الجاري 1202 سفرة منها 110 إضافية وخصصت 5 حافلات لاستيعاب العدد المنتظر من الحرفاء انطلاقا من محطة منصف باي و 12 حافلة من محطة باب سعدون تونس.
ساسي الطرابلسي
صفاقس .. الشرمولة والحوت المالح الطبق المميز
"الشرمولة والحوت المالح" عادة غذائية ترسّخت في تقاليد العائلات "الصفاقسية" عبر العقود وأضحت من أشهر الأطباق ومن أشهر أكلات الموروث الغذائي للجهة.
وتعتبر الشرمولة طبق عيد الفطر المميز لدى أغلب العائلات الصفاقسية وهي أكلة يجمع مذاقها بين الحلاوة والملوحة يتم طهيها خلال أواخر شهر رمضان المعظم ويقترن أكلها ب"الحوت المالح" الذي يعتبر من الأسماك الرفيعة على غرار ، سمك "البكالاو" و "المناني" و "الفار" و"الغراب" و"البوري" التي يقع تمليحها مسبقا من التجار وبيعها قبل أيام من عيد الفطر ، كما يتم توريد كميات كبيرة من هذه الأسماك لتلبية حاجيات المستهلكين وتعديل السوق.
يتكون طبق "الشرمولة" الذي يتميز بمذاقه الحلو أساسا من مادة "الزبيب" أو العنب المجفف الذي تشهد أسعاره إرتفاعا خلال شهر رمضان .
حيث يتطلب إعداد أكلة "الشرمولة" الصفاقسية ساعات عديدة من الطهي وله طريقة خاصة في الطبخ التي تبدأ بقلي كميات كبيرة من البصل في زيت الزيتون ويضاف إليها عصير أو مربى "الزبيب المرحي" بعد تنظيفه، يضاف إليها "بهارات" خاصة بهذه الأكلة وهي شوش الورد" و"القرفة" و"راس الحانوت" .
ثم يطبخ هذا الخليط على نار هادئة و يستغرق مايقارب الثلاث ليالي لإعداده حتى ينضج الخليط ليصبح عسلي اللون وبمذاق مميز تنصهر فيه مادتي الزبيب والبصل .
وبالنسبة ل"الحوت المالح" يترك في الماء بعد أن يتم تنظيفه من الملح و طبخه صبيحة يوم العيد في الماء الساخن لتقديمها مع طبق الشرمولة.
"سوق الحوت"
كما يشهد "سوق الحوت" خلال أواخر شهر رمضان إقبالا لافتا لشراء منتجات الأسماك لا سيما منها الحوت المالح حيث تنطلق قبل أيام قليلة من حلول عيد الفطر عملية بيع "الحوت المالح" ب"الدلالة" أي البيع بالمزاد العلني داخل السوق.
إرتفاع سعر "الزبيب" خلال رمضان
يقول أحد تجار بيع العنب المجفف أو "الزبيب" بأسواق باب الجبلي في تصريح لـ"الصباح" ان مادة الزبيب تشهد إقبالا كبيرا في جهة صفاقس خلال شهر رمضان بإعتبارها من المكونات الأساسية لإعداد طبق الشرمولة المميز لعيد الفطر ، كما تشهد الأسعار إرتفاعا كبيرا مقارنة بفترة ماقبل شهر رمضان ،حيث تتراوح سعر الكيلو غرام الواحد مابين 20 و 35 دينار، مشيرا إلى أن مادة الزبيب يختلف سعرها بحسب الجودة وبحسب انواعه ويعتبر ان الزبيب العسلي الأكثر جودة ويتميز بحلاوة مذاقه .
أصول "الشرمولة" تاريخيا
يقول "زاهر كمون" موثق للتراث" لـ"الصباح" إن المناسبات إرتبطت بالموروث الغذائي وأن أكلة الشرمولة رغم إنها موجودة في عدة مدن على غرار جربة ، بنزرت والمنستير ، إلا أن الشرمولة إشتهرت بها جهة صفاقس وتميزت بها وأصبحت من الموروث الغذائي.
وبالرجوع إلى التفسير العلمي لأصول طبق "الشرمولة والحوت المالح" في صفاقس إلى الفترة الرومانية، وفق ماذكره أحد الكتاب الذي تحدث في كتابه عن وصفات المأكولات والتي من بينها طبق يتكون من الزبيب والبصل والكمون والذي يشبه كثيرا لطبق الشرمولة.
و في رواية أخرى تقول "الخرافة" التي تداولت في الموروث الشعبي بأن هناك بحار وتاجر من أصول يونانية عندما نفدت مؤنته وهو على متن السفينة و كان يحمل معه الزبيب والبصل وقام بطبخها فسُمّيت بأكلة الشرمولة.
وأضاف ، زاهر كمون، أنه لا يوجد تاريخ محدد لطبق الشرمولة لكن الحوت المالح عُرف لدى اليونانيين الذين اشتهروا ب"القرنيط المجفف" و تمليح "الحوت" الذي كان يُصدر للجزر اليونانية.
يُحيي التونسيون مناسبة عيد الفطر بعادات غذائية متنوعة تختلف من جهة إلى أخرى ، و لئن تشترك أغلبها في إقتناء الحلويات لتقديمها يوم العيد إلا أن أكلة الشرمولة والحوت المالح مَثلت الطبق الأساسي و موروث غذائي يتمسك به أهالي صفاقس.
عتيقة العامري
منوبة .. حركية تجارية قبل التحضيرات الأخيرة للعيد..
مثل اقتناء لعب الأطفال والتوافد على قاعات الحلاقة والتجميل في ولاية منوبة أبرز الاستعدادات الأخيرة للاحتفال بعيد الفطر وذلك اثر الإنتهاء من اقتناء ملابس وحلويات العيد الذي خلق حركية ملحوظة خلال النصف الثاني من شهر رمضان بمختلف مدن ولاية منوبة سيما ايام الأسواق الأسبوعية على غرار طبربة والسعيدة والجديدة لما تمثله من ملاذ لعديد العائلات متوسطة الدخل ومتساكني الارياف لاقتناء ملابس واحذية العيد بأسعار تناسب مقدرتهم الشرائية..
كما عاشت الحركية التجارية الليلية على وقعها عديد الأماكن كوسط مدن المرناقية ودوار هيشر ووادي الليل وطبربة على وجه الخصوص لتوفر محلات بيع الملابس الجديدة و"الفريب الرفيع" وفضاءات العرض الكبرى كسوق شباو والمعرض بطبربة ومغازات و"نصب العاب" ومحلات بيع الحلويات التي شهدت إقبالا متزايدا لاقتناء مختلف أنواع "الحلو" من بشكوطو وغريبة و"حلو مخلط" مقابل تراجع إعداد هذه الحلويات منزليا..
أكد عدد من أصحاب المخابز في طبربة لـ"الصباح" على سبيل المثال ان قلة قليلة من العائلات حافظت على عادة صنع الحلو الدياري لتختفي بذلك اجمل وأمتع العادات المتعلقة بالعيد سنة بعد سنة.. وهو ما أكده أيضا أصحاب محلات العطارة بتراجع اقتناء المواد الأولية لصنع الحلو واقتصار ذلك على عدد قليل من ربات البيوت أو لمن اغتنمن الفرصة والوضع للاسترزاق وصنع الحلو في شكل طلبات للسيدات العاملات والموظفات اللاتي هجرن هذه العادة بشكل نهائي ليس في مدن منوبة والدندان فقط بل في كل المعتمديات دون استثناء.
مقابل كل ذلك نشطت كما تم ذكره تجارة اللعب حيث شهدت إقبالا كبيرا من الأولياء وهو ما شوهد في سوق شباو بوادي الليل يومي الجمعة والسبت ومختلف المحلات ببقية مدن الولاية مع تسجيل اكتظاظ كبير على مستوى محلات الحلاقة والتجميل للذكور وللإناث على حد السواء.. واكدت إحدى صاحبات محلات الحلاقة انها تواصل العمل منذ ليلة الجمعة الماضية دون توقف وان هذه الحركية كان لها دور في تنشيط البيع والشراء على مستوى محلات ومغازات بيع مواد التجميل، مشيرة إلى أن أغلب حريفاتها من الفتيات بين 18 و 25 سنة في انتظار التحاق السيدات خلال الليلة الأخيرة ما يخلق مزيدا من الاكتظاظ..
حركية أخذت طابعا جديدا خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان تراجعت أمامها عديد العادات ونشطت أخرى فرضها الواقع ولكن مع التأكيد على ان متعة العيد تبقى الأفضل والأقوى بفرحة ارتداء الملابس الجديدة والتقاط الصور التذكارية في الأماكن التي اتخذها المصورون في نقاط مختلفة من مدن ولاية منوبة وانطلقوا في إعدادها بنصب الخيام وتأثيثها بما يجلب انظار الأطفال ويغريهم لتكون فرحة العيد أفضل ما يمكن أن تختتم به ايام رمضان و لياليه المباركة.
عادل عونلي
سيدي بوزيد.. عودة عبق العيد تزامنا مع عطلة الربيع
تختلف طريقة الاستعداد للاحتفال بعيد الفطر بولاية سيدي بوزيد من عائلة الى اخرى لكن يبقى القاسم المشترك اللمة العائلية واقتناء ملابس جديدة للأطفال إضافة الى المحافظة على عدد من العادات والتقاليد عند بعض العائلات التي تحرص على احيائها في كل مناسبة .
من جهتها، اكدت حبيبة غابري اصيلة معتمدية المكناسي لـ"الصباح" انها تقوم باكرا صبيحة اول ايام عيد الفطر المبارك لتعد طبق " الفول المدمس" الذي هو عبارة عن طبخ الفول في كمية كبيرة من الماء مع اضافة كمية من الملح ثم تصفيته بعد ان ينضج وترش فوقه قليلا من مادة الكمون الأخضر ويصبح جاهزا للاكل .
وتحرص حبيبة على اعداد هذا الطبق لعدة أسباب اولها لانها ورثت ذلك عن امها رحمها الله ثم لانها تكون حريصة على ان توفر اكلة صحية تساعد الصائم على استعادة نسقه العادي في التغذية بعد صيام شهر كامل
من جهته، افاد عبد الرحيم اصيل مدينة سيدي بوزيد "الصباح" انه اعتاد ومنذ شبابه ان يشتري ما اسماه "خبز العيد" ولا يزال يفعل ذلك رغم انه لم يعد من السهل العثور على هذا النوع من الخبز الا في بعض المخابز التقليدية.. كما تحدث عن طبقه المفضل اول ايام عيد الفطر "العصيدة البيضاء" ويقول: "العصيدة البيضاء بزيت الزيتون والعسل لها فوائد كثيرة فهي تساعد المعدة على العودة من جديد الى نسقها الطبيعي" .
"الخبز العربي"
رقية اصيلة مدينة منزل بوزيان اشارت لـ"الصباح" الى ضرورة الانتباه عند تناول الطعام خلال الأيام الأولى لعيد الفطر فهي مثلا تقوم باكرا تعد الخبز العربي لتقدمه ساخنا لأبنائها وبعد المُعايدة تعود من جديد الى منزلها لتعد طبقا خفيفا عند منتصف النهار لتنهي يومها باعداد "الكسكسي" بلحم الضأن تعبيرا منها عن فرحتها بالعيد .
عيد الفطر وعطلة الربيع
ويتزامن عيد الفطر هذه السنة مع عطلة نهاية الثلاثي الثاني "عطلة الربيع" ما مثّل فرصة لعدد كبير من أبناء ولاية سيدي بوزيد للعودة الى عائلاتهم لقضاء ايام عيد الفطر المبارك معهم.
واعتبر خليل عماري في حديثه لـ"الصباح" ان تزامن عطلة الربيع هذه السنة مع عيد الفطر سمحت له بقضاء هذه المناسبة والاستمتاع بالأجواء العائلية بعد ان كان يقتصر على مهاتفة أسرته وأقربائه او استعمال وسائل التواصل الاجتماعي في عملية التهنئة .
منال ايضا عبرت عن فرحتها بقضاء ايام عيد الفطر بجوار عائلتها خاصة وانها حرمت من ذلك لسنوات بسبب العمل وبعد المسافة .
وتحتفل العائلات بعيد الفطر المبارك كل على طريقته ولكن تبقى هذه المناسبة الدينية فرصة لتجديد مفاهيم التآزر والتواصل واحياء صلة الرحم .
عائشة
قفصة.. الفول "سيدهم" على طاولة "القفاصة" يوم العيد
لا تزال العائلات "القفصية" محافظة على تقاليدها وعاداتها الغذائية التي ورثتها على مر الأجيال والمتمثلة أساسا في إعداد الفول وتناوله اليوم اول ايام عيد الفطر وبقية أيام العيد وتقديمه الى الأجوار.. إذ تعمد ربات البيوت الى نقعه بالماء على امتداد يومين كما ان بعض ربات البيوت تنتظر آخر ليلة من شهر الصيام وتحديدا بعد الإعلان مباشرة عن موعد العيد ليتم طبخه في الصباح الباكر حتى يكون جاهزا لأفراد العائلة وتقديمه للزوار والأجوار حيث يؤكد عامة الناس على فوائد الفول يوم العيد وعلى اثر شهر كامل من الصيام من شانه ان يفيد المعدة ويساهم في تعديل نشاط الجهاز الهضمي خاصة لما يحتويه من بعض المنكهات لا سيما الكمون الذي لا يختلف عاقلان على أهميته من حيث طرد الغازات وتغليف المعدة وفق قناعة الأجداد الذين توارثوا عنهم هذه العادة الغذائية المحمودة وذلك كل حسب طريقته في اعداد الفول على ان الطريقة الاسلم التي يتم اعتمادها حسب ما افادتنا به خالتي علجية باللطيفة اصيلة حومة الواد وسط المدينة العتيقة وهي امرأة مسنة حيث نصت على ان المقادير المعتمدة برأيها ترتكز على تحضير كيلوغرام فول مع ليمون وبعض اوراق رند وشيء من الكليل وثوم مفروم مع ملعقة طعام زيت زيتون ووضع ليمونة مقطوعة الى نصفين مع اضافة ملعقة كبيرة من الكمون، مُشددة على ان لا يتم وضعه الا عند الانتهاء من الغليان و فور قطع النار عن القدر فضلا عن ملعقة كبيرة من الملح.
خالتي علجية شددت على ان يتم وضع القدر فوق نار هادئة منذ الفجر وهو ما تعودت على انتهاجه عند اعداد الفول ليستمر الغليان قرابة الساعة ونصف بما يجعله حاضرا في الصباح قبل تقديمه الى بقية افراد العائلة وكذلك الأقرباء الذين ياتون الى المنزل لتقديم التهاني بالعيد السعيد
رؤوف العياري
نابل .. إقبال على شراء الحلويات رغم ارتفاع أسعارها
سُجّل خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان الإقبال على اقتناء الحلويات للاحتفال بعيد الفطر، إذ تعدّ المرطّبات من الأطباق الرئيسية خلال الأعياد، وخاصة عيد الفطر.
وتتباين طرق التونسيين في الاحتفال بعيد الفطر وتختلف، فمنهم من يعدّ الحلويات ومنهم من يختار شراءها حتى تتزين الأطباق والموائد بـ"المقروض" و"الصمصة" و"البقلاوة" و"الغريبة "والكعك " وغيرها..
ارتفاع أسعار الحلويات مرده غلاء المواد الأولية
وفي جولة بعدد من محلات بيع الحلويات بولاية نابل، خلال اليومين الأخيرين من رمضان، عبّر مواطنون تحدثوا لـ"الصباح" عن آرائهم بخصوص الأسعار التي اعتبرها البعض مقبولة فيما راى آخرون انها مُشطة مقارنة بالسنة الفارطة.
كما شددوا على أهمية الاحتفال بالأعياد ضمن المقدرة الشرائية لكل فرد، مؤكدين ان المهم هو "الفرحة ولمة العائلات".
من جانبها، فسّرت صاحبة محلّ لبيع الحلويات ارتفاع أسعار الحلويات وأرجعت ذلك الى ارتفاع أسعار المواد الأولية.
وأكدت في تصريح لـ"الصباح" أن إقبال المواطنين على شراء الحلويات خلال شهر رمضان ومع حلول عيد الفطر يعتبر متوسطا، مُشيرة الى ان الأسعار تتراوح بين 9 دنانير و50 دينارا فما فوق للكيلوغرام الواحد؛ حيث يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من البشكوطو 9 دنانير والغريبة البيضاء تباع بـ15 دينارا وغريبة الحمص بـ25 دينارا وغريبة الدرع بالفاكية بـ 25 دينارا والحلو العربي ابتداء من 50 دينارا.
ومن جانبها، اوضحت سامية ذياب، رئيسة الغرفة الوطنية لمصنّعي المرطّبات، في تصريح إعلامي أنّ نسبة الزيادة في أسعار الحلويات لم تتجاوز 7% في أقصى الحالات، مُعتبرة هذه النسبة معقولة مقارنة بارتفاع أسعار المواد الأولية.
وأشارت إلى أنّ أسعار الحلويات المصنّعة من اللوز تتراوح بين 50 و60 دينارا للكيلوغرام، بينما تتراوح أسعار حلويات البوفريوة بين 60 و70 دينارا، في حين يصل سعر حلويات الفستق إلى 120 دينارا للكيلوغرام. وأضافت أنّ بعض العلامات التجارية تبيع الحلويات بأسعار أعلى بكثير، وصفتها بالمشطّة.
وعبّرت ذياب عن استغرابها من لجوء بعض المستهلكين إلى شراء حلويات مجهولة المصدر، لا تتوفّر أية معلومات حول ظروف إنتاجها وجودتها، وفق تصريحها.