• كلفة المشروع تناهز 100 ألف دينار والشهر القادم بداية توزيع 50 حافظة حاويات على الأحياء
ستشرع بلدية الحامة بولاية قابس الشهر القادم في توزيع 50 حافظة حاويات فضلات على عدد من أحياء المدينة في تجربة نموذجية للحد من ظاهرة تراكم النفايات المنزلية قرب الحاويات في شوارع المدينة وهو مشهد نغص الحياة اليومية لمواطني بلدية الحامة.
فقد تحدث عبد الرؤوف وهو أحد الموظفين بالجهة لـ"الصباح نيوز"عن النفايات المتراكمة لفترات طويلة في الحاويات او بالقرب منها التي تساهم في تجمع الميكروبات والكلاب والقطط السائبة وتنشر الروائح الكريهة التي تعد بؤرة لانتقال الأمراض التنفسية والجلدية وفق قول الممرضة راوية. ويؤدي التأخر في رفع الفضلات ايام العطل إلى امتلاء الحاويات وتناثرها وسط الطريق خاصة قرب المدارس والمعاهد وفق كلام خديجة ربة منزل، عبد العزيز صاحب متجر عبر بدوره عن تذمر حرفائه من تراكم النفايات قرب الحاوية قبالة متجره خصوصاً عند تأخر وصول شاحنة البلدية، مشيرا الى وقوع عمليات حرق لحاوية الفضلات البلاستكية في منطقته.
في مقابل هذا الوضع البيئي المتردي ببلدية الحامة يعتبر الحق في بيئة سليمة حقا دستوريا نص عليه دستور سنة 2014 في فصله 45:" تضمن الدولة الحق في بيئة سليمة ومتوازنة والمساهمة في سلامة المناخ وعلى الدولة توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي".
مظهر جمالي للمدينة
وقد حاولت بلدية الحامة التصدي لمشكل انتشار القاذورات المنزلية قرب الحاويات، وفق تصريح عماد حمدي ناظر اشغال ببلدية الحامة لـ"الصباح نيوز"، فقد قررت البلدية وضع حافظة تغطي الحاوية بالكامل في شكل صندوق مستوحى من باب المدينة العربي مصنوع من مواد حديدية مضادة للصدأ متعدد الألوان ويحتوي على باب جانبي يخرج منه عامل النظافة الحاوية وباب فوقي يعتمد التوازن عند وضع الفضلات بهدف الحد من تسربها على اطراف الحاويات في الاحياء والمناطق ذات الكثافة السكانية منها واد النور والمحاجبة وحي الحامة الشمالية ووسط السوق.
وسيتم إنشاء نقطة منظمة لوضع الفضلات المنزلية في كل حي تلبية لاحتياجات المواطنين.
وأكد رئيس بلدية الحامة ناصف ناجح لـ"الصباح نيوز" أن البلدية انطلقت في مرحلة أولى بوضع نموذج حافظات الحاويات وسط المدينة منذ اكثر من 3 اشهر وقد اثبت نجاعة في الحد من تراكم الفضلات قرب الحاويات لذلك تم إدراج المشروع ضمن برنامج الاستثمار البلدي التشاركي السنوي لسنة 2021 بقيمة 100 الف دينار مخصصة لاقتناء 50 حافظة حاوية.
ومن المقرر توزيع 06 حافظات حاويات في غضون الشهر القادم كنموذج في عدد من الاحياء ليتم لاحقا تعميم الحافظات على كامل المنطقة البلدية او تغيير صبغة الحافظة أو الاعتمادات المالية المرصودة للمشروع بعد تقييم نجاعتها.
كما سيمكن هذا المشروع البلدية من التحكم في نفقات الوقود وترشيد جهد عمال النظافة عند تنقلهم بين المنازل في المناطق ذات الكثافة السكانية وفق تصريح ناصف ناجح رئيس بلدية الحامة.
هل تسعى البلدية إلى تثمين النفايات؟
ومشروع تركيز حافظات لحاويات الفضلات المنزلية بعدد من احياء بلدية الحامة لاقى استحسان اغلب المواطنين الذين تحدثنا اليهم واعتبره البعض منهم حلا لمنع سرقة الحاويات وحرقها ونقلها من مكانها الاصلي المحدد من البلدية.
لكن عبد الرؤوف تساءل عن إمكانية وضع حاويات ذات الوان مختلفة لكل نوع من النفايات المنزلية وهو ما رحبت به راوية قائلة: "لم لا تسعى بلديتنا لوضع خطة جديدة تمكن من تثمين هذه الفضلات عبر فرزها من مصدرها؟ من جهتها أكدت خديجة انها مقتنعة بضرورة فرز نفاياتها المنزلية لأن ذلك سينعكس ايجابيا على البيئة وربما يمثل موردا ماليا اضافيا للبلدية".
ولا تملك بلدية الحامة الإمكانيات للقيام بعمليات فرز الفضلات من المصدر أو تثمينها، وفق ما أكده رئيس بلدية الحامة ناصف ناجح بوصفه المسؤول الأول على العناية بالبيئة وفق الفصل 266 و267 من مجلة الجماعات المحلية، مؤكدا أن البلدية حاليا تجمع الفضلات لا غير ولا تنوي العمل على فرز النفايات من المصدر لان التثمين يفرض احداث وكالة بلدية او تجارية ترجع بالنظر للبلدية، معتبرا أن التثمين من مهام وكالة التصرف في النفايات.
من جهته، بين رئيس الجامعة الوطنية للبلديات عدنان بوعصيدة لـ"الصباح نيوز" أن ميزانية أغلب البلديات التونسية لا تسمح بفرز النفايات المنزلية من المصدر لأنه يتطلب مضاعفة الحاويات المختصة بالفرز وتوفير الشاحنات لنقلها، مشيرا الى أن إحداث أو توسيع مناطق تدخل البلديات زاد في أعبائها المادية مقابل غياب الدعم المادي من الدولة.
وأوضح الخبير في الحوكمة المحلية وتخطيط المدن نزار الشواشي لـ"الصباح نيوز" بأن الفصل 240 من مجلة الجماعات المحلية في نقطته الثالثة المتعلقة بفرز الفضلات المنزلية بالنسبة للبلدية لا يلزم البلديات بعمليات الفرز لأنه لم يوضح كيف يمكن تحقيق هذه العملية على ارض الواقع مشيرا الى ان كل البلديات التي قامت بفرز وتثمين النفايات المنزلية كانت مبادرات فردية بمعزل عن ما ورد بمجلة الجماعات المحلية وحتى قبل صدور هذا القانون.
وأشار نزار الشواشي إلى فشل 10 تجارب في تونس في فرز النفايات المنزلية من المصدر نفذتها عدد من البلديات باعتماد ثلاث حاويات مختلفة الألوان الاولى للبلاستيك والثانية للمواد العضوية والثالثة للمواد الكرتونية وذلك لعدة أسباب منها غياب وعي المواطن وبعض الاشكاليات الفنية وتخلي البلدية عن الفكرة ذلك أنها بعد عملية الفرز تنقل كل الفضلات إلى مصب واحد بسبب غياب هيكل عام أو خاص يتولى شراء الفضلات المفروزة وتثمينها.
في المقابل نشهد مؤخرا انطلاق بلديات تونس ونابل والمرسى وسيدي بوسعيد في فرز وتثمين النفايات المنزلية. فهل تلتحق بهم بلدية الحامة خاصة أنها مدرجة ضمن البلديات السياحية؟
حنان عدوني
ملاحظة: تم انجاز العمل الصحفي ضمن النسخة الثانية من برنامج ”مراسلون”، مراسلو الديمقراطية المحلية، من تنظيم المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية IFES، مكتب تونس، الذي يهدف إلى المساهمة في تأسيس صحافة محلية ناجعة عبر شبكة من المراسلين والمراسلات المحليين.