إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

موقع "زاما" الأثري يكشف أسراره من الحقبة النوميدية إلى الرومانية

كشف المعهد الوطني للتراث عن مجموعة جديدة من القطع الأثرية في موقع "زاما" بولاية سليانة، تضمّ 30 قطعة أثرية تمثل عينة صغيرة من مجموع الاكتشافات التي تم استخراجها خلال الحفريات التي جرت على مراحل منذ عام 1996. وتعود هذه القطع إلى حقبة ما بعد الميلاد، وتمثل جوانب متعددة من الحياة الدينية والثقافية والاجتماعية في زاما.

وتمّ الكشف عن هذه القطع الأثرية، اليوم الجمعة في ندوة صحفية انتظمت بالمتحف الوطني بباردو، حيث أشار المدير العام للمعهد للوطني للتراث طارق البكوش أن القطع المكتشفة يعود تاريخها إلى ما بعد الميلاد، وهي ذات قيمة أثرية وعلمية كبيرة حيث تتنوع بين منحوتات وأدوات كانت تستخدم في الطقوس الدينية داخل معابد قديمة. وأضاف أن هذه المجموعة من القطع لم يتم نشرها سابقا، رغم اكتشافها بين عامي 2001 و2006، مضيفا أن جهود الجرد والتوثيق الأخيرة ساعدت في التعرف عليها وتصنيفها بشكل دقيق.

وتحدث عن الأهمية العلمية والاكتشافات الحديثة في موقع زاما، موضحا أن القطع الأثرية المستخرجة تمثل جزءا من مجموعة أوسع تضم معابد وأماكن عبادة كانت قائمة قبل انتشار الديانة المسيحية، قائلا إن "الاكتشافات الأثرية في زاما تعكس تعددية دينية وثقافية، حيث وجدنا معابد كانت مخصصة للآلهة القديمة قبل ظهور المسيحية. وهذا يؤكد أن زاما كانت مركزا دينيا هاما في العصور القديمة".

برنامج تعاون تونسي-إيطالي لتثمين موقع زاما

في سياق متصل، تحدث المدير العام للمعهد الوطني للتراث أيضا عن اتفاقية تعاون ثنائية بين تونس وإيطاليا تهدف إلى تثمين موقع زاما وإعادة ترميمه، حيث ستساهم إيطاليا بمبلغ 200 ألف يورو سنويا أي ما يعادل 800 ألف أورو على مدى أربع سنوات من أجل إعادة تأهيل الموقع وتحويله إلى وجهة سياحية وأثرية مهمة.

وأضاف أن هذه الاتفاقية تأتي ضمن إطار أوسع للتعاون الثقافي بين البلدين، حيث تم إبرام عدة شراكات مع مؤسسات إيطالية، من بينها متحف الكولسيوم في روما من أجل إقامة معرض متنقل في العاصمة الإيطالية يعرض أهم الاكتشافات الأثرية التونسية ويعرّف العالم بالإرث الحضاري الغني للبلاد.

وأوضح طارق البكوش أن المعرض المتنقل الذي سيقام في روما من 5 جوان إلى 5 نوفمبر 2025، سيضم قطعا أثرية هامة، بعضها سيخضع لعملية ترميم دقيقة بين شهر مارس وماي في إيطاليا، بهدف عرضها بحالة مثالية تليق بقيمتها التاريخية. كما سيتم إصدار كتالوغ علمي يرافق المعرض لتوثيق وتفسير القطع المعروضة.

زاما في روما لمدة 5 أشهر

وأكد أن هذا الحدث يمثل فرصة كبيرة لتونس من أجل التعريف بتراثها، وتعزيز التعاون مع المؤسسات الثقافية الدولية، مشيرا إلى أن المعهد الوطني للتراث يعمل على تعزيز الشراكات مع دول أخرى مثل فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وكندا من خلال 17 اتفاقية تعاون دولية في مجالات البحث الأثري والترميم، "وهو ما يدعم من قدراتنا البحثية ويسمح لنا بالاستفادة من أحدث التقنيات الأثرية". ونفى تفريط المعهد الوطني للتراث في عدد من القطع الأثرية، مشدّدا على أن الآثار ملك للدولة التونسية.

وفيما يتعلق بنقل وعرض القطع الأثرية في الكولوسيوم بروما، أكد المعهد الوطني للتراث أن الدولة التونسية اتخذت كافة الضمانات القانونية لحماية ممتلكاتها الأثرية، مشيرا إلى أن جميع القطع مشمولة بتأمين دولي قيمته 3.4 مليون يورو. وقال في هذا السياق: "كل قطعة أثرية يتم نقلها إلى الخارج تكون تحت تأمين قانوني شامل. في حال حدوث أي ضرر، تتحمل الجهة المستضيفة المسؤولية كاملة"، مضيفا: "هذه ليست المرة الأولى التي تشارك فيها تونس في معارض دولية، فقد أرسلنا مخطوطات نادرة إلى السعودية في إطار تعاون ثقافي والآن نعمل مع إيطاليا على مشروع زاما".

وأفاد أن الدولة التونسية تواصل استراتيجيتها في الاستثمار في التراث للحفاظ عليه من ناحية، واستغلاله كرافد اقتصادي من خلال السياحة الثقافية من ناحية أخرى، قائلا: " نسعى من خلال هذا المشروع إلى تثمين موقع زاما وتحويله إلى وجهة سياحية بارزة، فعندما يرى الزوار القطع الأثرية في روما سيهتمون بزيارة تونس لرؤية الموقع الأصلي، وهو ما يعزز تدفق السياح ويدعم الاقتصاد الثقافي". كما أبرز أن تونس تمتلك أحد أهم وأغنى المخزونات الأثرية في العالم، ما يجعلها محط أنظار الباحثين والخبراء الدوليين.

تاريخ البحث الأثري في تونس يعود إلى حقبة البايات

واستعرض المدير العام للمهعد الوطني للتراث تاريخ البحث الأثري في تونس، مشيرا إلى أنه يعود يعود إلى سنة 1847، حين بدأ أول فريق أمريكي عمليات التنقيب، تبعه الفرنسيون والإيطاليون خلال فترة الاستعمار. ومع استقلال تونس، استمر التعاون مع هذه الدول مما ساهم في نقل المعرفة الأثرية إلى الباحثين التونسيين وتمكينهم من إجراء أبحاث علمية متقدمة ونشرها في الملتقيات الدولية. وذكر في هذا السياق أن البحث الأثري في تونس له جذور تاريخية تعود إلى القرن التاسع عشر، مضيفا: "خلال فترة الاستعمار، كانت هناك فرق فرنسية وإيطالية تعمل في المواقع الأثرية، لكن بعد الاستقلال، واصلنا هذه الشراكة بطريقة متكافئة وهو ما مكّن الباحثين التونسيين من الوصول إلى أهم المنصات العلمية والمشاركة في الاكتشافات الدولية".

من جانبه، تحدّث مدير مخبر المحافظة وترميم المجموعات الثقافية محمد بديع بيدوح عن تفاصيل التعاون في مجال ترميم وعرض القطع الأثرية لموقع زاما، مشيرا إلى أن تونس تمتلك كفاءات وخبرات متميزة في مجال المحافظة على التراث وترميم القطع الأثرية. وأكد أن عملية ترميم المجموعات الأثرية المستخرجة من زاما تتطلب دراسة دقيقة لمكوناتها، موضحا أن بعض القطع مصنوعة من "التيراكوتا" (الفخار الناضج على النار)، بينما توجد قطع أخرى من الرخام وهو ما يستدعي تحاليل متقدمة لتحديد المواد المكونة لكل قطعة قبل البدء في الترميم.

"وقال في هذا السياق: "من الضروري معرفة التكوين المادي لكل قطعة عبر تحاليل دقيقة قبل الترميم، وهو ما يتم بالتعاون مع الشركاء الإيطاليين، خاصة في ظل التكنولوجيا الحديثة التي توفرها المختبرات الإيطالية مثل الذكاء الاصطناعي المسح الضوئي، وتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد".

وأوضحت مديرة دائرة المسح العام والبحوث بالمعهد الوطني للتراث سميرة السهيلي، وهي أيضا أستاذة جامعية مختصة في التاريخ القديم والآثار، أن موقع زاما يتميز بتاريخ طويل يمتد عبر عدة حضارات، حيث كان في الأصل موقعا نوميديا قبل أن يتأثر بالحضارة البونية نتيجة التفاعل مع القرطاجيين، لكنه لم يكن بونيا بالكامل. وأضافت: "مع مرور الزمن، دخل في مرحلة التأثير الروماني وأصبح جزءا من الحضارة الرومانية بعد الاحتلال الروماني لشمال إفريقيا".

وأضافت في حديثها عن أهمية هذا الموقع أن "زاما" هو موقع تأثر بالحضارة البونية واستمر تطوره عبر العصور، من الفترة النوميدية إلى الفترة الرومانية، مما يجعله شاهدا على تداخل الحضارات في تونس".

وأشارت الباحثة إلى أن الاكتشافات التي تضم 30 قطعة أثرية، وهي عينة فقط من المجموع الكلي الذي تم استخراجه من هذا الموقع. وهي قطع تنتمي إلى فترات مختلفة وتمثل جوانب متعددة من الحياة الدينية والثقافية في زاما. ومن بين أهم القطع المكتشفة تماثيل تمثل آلهة كانت تُعبد في تلك الفترة قبل دخول المسيحية، إلى جانب أوان فخارية وأدوات متنوعة تعطي لمحة عن الأنشطة اليومية والحياة الاجتماعية في ذلك الوقت.

أهمية الاكتشافات في فهم تاريخ زاما

وأكدت السهيلي أن هذه القطع تعود لفترات مختلفة، حيث أن الفترة الزمنية التي تغطيها تمتد من ما بعد الفترة البونية، أي بعد تأثير القرطاجيين، إلى الحقبة الرومانية. 

 كما أشارت إلى أن الحفريات في الموقع تمت على مراحل ضمن بعثات أثرية متعددة منذ عام 1996، مما أدى إلى تراكم الاكتشافات على مدى العقود الماضية.

وختمت حديثها بالتأكيد على أن هذه الاكتشافات تسلط الضوء على التطور الديني والثقافي لموقع زاما، وتعكس كيفية تفاعل المجتمعات القديمة مع المؤثرات الحضارية المختلفة. كما شددت على أهمية هذه الاكتشافات في تعزيز البحث العلمي وفهم أعمق لتاريخ المنطقة، خاصة في ظل جهود المعهد الوطني للتراث في الترميم والتوثيق والتثمين.

 زاما: معبد نوميدي ومكان مقدس للآلهة القديمة

وكشفت الحفريات التي أجريت بين 1996 و2015 في موقع زاما عن معبد نوميدي مهيب، تحت المستوى الأرضي العادي، حيث تم العثور على مكان مقدس مخصص للإله "أتيس". إلى جانب ذلك، استقدمت روما العبّادة "سيبيل" (Cibele) من الأناضول سنة 204 ق.م لحمايتها من حنبعل خلال الحروب البونية. ثم تم تأليهها لاحقا مع الإله "أتيس"، وكان لهذا المعتقد تأثير كبير على الديانة المسيحية لاحقا، بحسب المتحدّثة.

وات 

موقع "زاما" الأثري يكشف أسراره من الحقبة النوميدية إلى الرومانية

كشف المعهد الوطني للتراث عن مجموعة جديدة من القطع الأثرية في موقع "زاما" بولاية سليانة، تضمّ 30 قطعة أثرية تمثل عينة صغيرة من مجموع الاكتشافات التي تم استخراجها خلال الحفريات التي جرت على مراحل منذ عام 1996. وتعود هذه القطع إلى حقبة ما بعد الميلاد، وتمثل جوانب متعددة من الحياة الدينية والثقافية والاجتماعية في زاما.

وتمّ الكشف عن هذه القطع الأثرية، اليوم الجمعة في ندوة صحفية انتظمت بالمتحف الوطني بباردو، حيث أشار المدير العام للمعهد للوطني للتراث طارق البكوش أن القطع المكتشفة يعود تاريخها إلى ما بعد الميلاد، وهي ذات قيمة أثرية وعلمية كبيرة حيث تتنوع بين منحوتات وأدوات كانت تستخدم في الطقوس الدينية داخل معابد قديمة. وأضاف أن هذه المجموعة من القطع لم يتم نشرها سابقا، رغم اكتشافها بين عامي 2001 و2006، مضيفا أن جهود الجرد والتوثيق الأخيرة ساعدت في التعرف عليها وتصنيفها بشكل دقيق.

وتحدث عن الأهمية العلمية والاكتشافات الحديثة في موقع زاما، موضحا أن القطع الأثرية المستخرجة تمثل جزءا من مجموعة أوسع تضم معابد وأماكن عبادة كانت قائمة قبل انتشار الديانة المسيحية، قائلا إن "الاكتشافات الأثرية في زاما تعكس تعددية دينية وثقافية، حيث وجدنا معابد كانت مخصصة للآلهة القديمة قبل ظهور المسيحية. وهذا يؤكد أن زاما كانت مركزا دينيا هاما في العصور القديمة".

برنامج تعاون تونسي-إيطالي لتثمين موقع زاما

في سياق متصل، تحدث المدير العام للمعهد الوطني للتراث أيضا عن اتفاقية تعاون ثنائية بين تونس وإيطاليا تهدف إلى تثمين موقع زاما وإعادة ترميمه، حيث ستساهم إيطاليا بمبلغ 200 ألف يورو سنويا أي ما يعادل 800 ألف أورو على مدى أربع سنوات من أجل إعادة تأهيل الموقع وتحويله إلى وجهة سياحية وأثرية مهمة.

وأضاف أن هذه الاتفاقية تأتي ضمن إطار أوسع للتعاون الثقافي بين البلدين، حيث تم إبرام عدة شراكات مع مؤسسات إيطالية، من بينها متحف الكولسيوم في روما من أجل إقامة معرض متنقل في العاصمة الإيطالية يعرض أهم الاكتشافات الأثرية التونسية ويعرّف العالم بالإرث الحضاري الغني للبلاد.

وأوضح طارق البكوش أن المعرض المتنقل الذي سيقام في روما من 5 جوان إلى 5 نوفمبر 2025، سيضم قطعا أثرية هامة، بعضها سيخضع لعملية ترميم دقيقة بين شهر مارس وماي في إيطاليا، بهدف عرضها بحالة مثالية تليق بقيمتها التاريخية. كما سيتم إصدار كتالوغ علمي يرافق المعرض لتوثيق وتفسير القطع المعروضة.

زاما في روما لمدة 5 أشهر

وأكد أن هذا الحدث يمثل فرصة كبيرة لتونس من أجل التعريف بتراثها، وتعزيز التعاون مع المؤسسات الثقافية الدولية، مشيرا إلى أن المعهد الوطني للتراث يعمل على تعزيز الشراكات مع دول أخرى مثل فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وكندا من خلال 17 اتفاقية تعاون دولية في مجالات البحث الأثري والترميم، "وهو ما يدعم من قدراتنا البحثية ويسمح لنا بالاستفادة من أحدث التقنيات الأثرية". ونفى تفريط المعهد الوطني للتراث في عدد من القطع الأثرية، مشدّدا على أن الآثار ملك للدولة التونسية.

وفيما يتعلق بنقل وعرض القطع الأثرية في الكولوسيوم بروما، أكد المعهد الوطني للتراث أن الدولة التونسية اتخذت كافة الضمانات القانونية لحماية ممتلكاتها الأثرية، مشيرا إلى أن جميع القطع مشمولة بتأمين دولي قيمته 3.4 مليون يورو. وقال في هذا السياق: "كل قطعة أثرية يتم نقلها إلى الخارج تكون تحت تأمين قانوني شامل. في حال حدوث أي ضرر، تتحمل الجهة المستضيفة المسؤولية كاملة"، مضيفا: "هذه ليست المرة الأولى التي تشارك فيها تونس في معارض دولية، فقد أرسلنا مخطوطات نادرة إلى السعودية في إطار تعاون ثقافي والآن نعمل مع إيطاليا على مشروع زاما".

وأفاد أن الدولة التونسية تواصل استراتيجيتها في الاستثمار في التراث للحفاظ عليه من ناحية، واستغلاله كرافد اقتصادي من خلال السياحة الثقافية من ناحية أخرى، قائلا: " نسعى من خلال هذا المشروع إلى تثمين موقع زاما وتحويله إلى وجهة سياحية بارزة، فعندما يرى الزوار القطع الأثرية في روما سيهتمون بزيارة تونس لرؤية الموقع الأصلي، وهو ما يعزز تدفق السياح ويدعم الاقتصاد الثقافي". كما أبرز أن تونس تمتلك أحد أهم وأغنى المخزونات الأثرية في العالم، ما يجعلها محط أنظار الباحثين والخبراء الدوليين.

تاريخ البحث الأثري في تونس يعود إلى حقبة البايات

واستعرض المدير العام للمهعد الوطني للتراث تاريخ البحث الأثري في تونس، مشيرا إلى أنه يعود يعود إلى سنة 1847، حين بدأ أول فريق أمريكي عمليات التنقيب، تبعه الفرنسيون والإيطاليون خلال فترة الاستعمار. ومع استقلال تونس، استمر التعاون مع هذه الدول مما ساهم في نقل المعرفة الأثرية إلى الباحثين التونسيين وتمكينهم من إجراء أبحاث علمية متقدمة ونشرها في الملتقيات الدولية. وذكر في هذا السياق أن البحث الأثري في تونس له جذور تاريخية تعود إلى القرن التاسع عشر، مضيفا: "خلال فترة الاستعمار، كانت هناك فرق فرنسية وإيطالية تعمل في المواقع الأثرية، لكن بعد الاستقلال، واصلنا هذه الشراكة بطريقة متكافئة وهو ما مكّن الباحثين التونسيين من الوصول إلى أهم المنصات العلمية والمشاركة في الاكتشافات الدولية".

من جانبه، تحدّث مدير مخبر المحافظة وترميم المجموعات الثقافية محمد بديع بيدوح عن تفاصيل التعاون في مجال ترميم وعرض القطع الأثرية لموقع زاما، مشيرا إلى أن تونس تمتلك كفاءات وخبرات متميزة في مجال المحافظة على التراث وترميم القطع الأثرية. وأكد أن عملية ترميم المجموعات الأثرية المستخرجة من زاما تتطلب دراسة دقيقة لمكوناتها، موضحا أن بعض القطع مصنوعة من "التيراكوتا" (الفخار الناضج على النار)، بينما توجد قطع أخرى من الرخام وهو ما يستدعي تحاليل متقدمة لتحديد المواد المكونة لكل قطعة قبل البدء في الترميم.

"وقال في هذا السياق: "من الضروري معرفة التكوين المادي لكل قطعة عبر تحاليل دقيقة قبل الترميم، وهو ما يتم بالتعاون مع الشركاء الإيطاليين، خاصة في ظل التكنولوجيا الحديثة التي توفرها المختبرات الإيطالية مثل الذكاء الاصطناعي المسح الضوئي، وتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد".

وأوضحت مديرة دائرة المسح العام والبحوث بالمعهد الوطني للتراث سميرة السهيلي، وهي أيضا أستاذة جامعية مختصة في التاريخ القديم والآثار، أن موقع زاما يتميز بتاريخ طويل يمتد عبر عدة حضارات، حيث كان في الأصل موقعا نوميديا قبل أن يتأثر بالحضارة البونية نتيجة التفاعل مع القرطاجيين، لكنه لم يكن بونيا بالكامل. وأضافت: "مع مرور الزمن، دخل في مرحلة التأثير الروماني وأصبح جزءا من الحضارة الرومانية بعد الاحتلال الروماني لشمال إفريقيا".

وأضافت في حديثها عن أهمية هذا الموقع أن "زاما" هو موقع تأثر بالحضارة البونية واستمر تطوره عبر العصور، من الفترة النوميدية إلى الفترة الرومانية، مما يجعله شاهدا على تداخل الحضارات في تونس".

وأشارت الباحثة إلى أن الاكتشافات التي تضم 30 قطعة أثرية، وهي عينة فقط من المجموع الكلي الذي تم استخراجه من هذا الموقع. وهي قطع تنتمي إلى فترات مختلفة وتمثل جوانب متعددة من الحياة الدينية والثقافية في زاما. ومن بين أهم القطع المكتشفة تماثيل تمثل آلهة كانت تُعبد في تلك الفترة قبل دخول المسيحية، إلى جانب أوان فخارية وأدوات متنوعة تعطي لمحة عن الأنشطة اليومية والحياة الاجتماعية في ذلك الوقت.

أهمية الاكتشافات في فهم تاريخ زاما

وأكدت السهيلي أن هذه القطع تعود لفترات مختلفة، حيث أن الفترة الزمنية التي تغطيها تمتد من ما بعد الفترة البونية، أي بعد تأثير القرطاجيين، إلى الحقبة الرومانية. 

 كما أشارت إلى أن الحفريات في الموقع تمت على مراحل ضمن بعثات أثرية متعددة منذ عام 1996، مما أدى إلى تراكم الاكتشافات على مدى العقود الماضية.

وختمت حديثها بالتأكيد على أن هذه الاكتشافات تسلط الضوء على التطور الديني والثقافي لموقع زاما، وتعكس كيفية تفاعل المجتمعات القديمة مع المؤثرات الحضارية المختلفة. كما شددت على أهمية هذه الاكتشافات في تعزيز البحث العلمي وفهم أعمق لتاريخ المنطقة، خاصة في ظل جهود المعهد الوطني للتراث في الترميم والتوثيق والتثمين.

 زاما: معبد نوميدي ومكان مقدس للآلهة القديمة

وكشفت الحفريات التي أجريت بين 1996 و2015 في موقع زاما عن معبد نوميدي مهيب، تحت المستوى الأرضي العادي، حيث تم العثور على مكان مقدس مخصص للإله "أتيس". إلى جانب ذلك، استقدمت روما العبّادة "سيبيل" (Cibele) من الأناضول سنة 204 ق.م لحمايتها من حنبعل خلال الحروب البونية. ثم تم تأليهها لاحقا مع الإله "أتيس"، وكان لهذا المعتقد تأثير كبير على الديانة المسيحية لاحقا، بحسب المتحدّثة.

وات 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews