أبرزت التقديرات الاوّلية للحسابات القومية الثلاثية أن النشاط الاقتصادي قد سجل نموا في حجم الناتج المحلي الإجمالي (المعالج من تأثير التغيرات الموسمية) بنسبة بلغت 0,2 بالمائة على مدى الأشهر الثلاث الأولى للسنة الحالية (من جانفي إلى مارس لسنة 2024)، وذلك مقارنة بالثلاثي المماثل في السنة الفارطة، أي من منظار قياس النمو بحساب الانزلاق السنوي، وذلك في تحسن تدريجي ونسبي مقارنة بالثلاثيات السابقة، وفق المعهد الوطني للاحصاء.
ويعود هذا النمو في الاقتصادي الكلي بالأساس إلى ارتفاع نسق نمو القيمة المضافة في قطاع الخدمات، الذي بلغ 1,9% على أساس سنوي وبالخصوص التعافي النسبي لنشاط القطاع الفلاحي بعد مواسم زراعية متتالية صعبة، أين بلغ النمو 1,6%. اما بحساب التغيرات ربع السنوية (أي مقارنة بالثلاثي الرابع والأخير من سنة 2023)، فقد تطور حجم الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0,6 بالمائة، بينما كان قد ارتفع بنفس النسبة تقريبا خلال الثلاثية السابقة (0,5٪). وبالرغم من هذه الوتيرة الإيجابية للنمو، لم يدرك الناتج المحلي الإجمالي بعد مستواه المسجل أواخر سنة 2019، أي قُبيل اندلاع الأزمة الصحية العالمية.
وقد ارتفع حجم الطلب الداخلي بنسبة سنوية قُدِّرَت بـ 0,4 بالمائة، ليظل بالتالي الدافع الأساسي لمسار النمو مساهما إيجابيا بـ 0,45 نقطة مئوية في نسبة النمو المسجلة (0,2). في حين ساهمت المبادلات الخارجية من السلع والخدمات سلبيا بـ -0,26 نقطة.
نسبة النمو تستفيد من تواصل المنحى الإيجابي لقطاع الخدمات وتحسن مردود القطاع الفلاحي
ومثّلت أنشطة قطاع الخدمات الدافع الأساسي لمنحى النمو الاقتصادي خلال الثلاثي الأوّل من سنة 2024، أين تطورت القيمة المضافة بحساب الانزلاق السنوي بنسبة 1,9 بالمائة كنتيجة بالخصوص لحيوية النشاط في قطاع النزل والمطاعم والمقاهي، الذي حافظ على نمو سنوي مرتفع نسبيا قُدّر بـ 6,6 بالمائة وتطور أنشطة الخدمات غير المسوقة بـ 1,5 بالمائة. كما ساند تحسن أداء القطاع الفلاحي (1,6٪ بحساب الانزلاق السنوي) المنحى الإيجابي للنمو، مساهما إيجابيا بـ 0,1 نقطة مئوية في نسبة النمو المسجلة.
وفي المقابل، أفظت التقديرات الأولية لمنظومة الحسابات القومية الثلاثية إلى تراجع في حجم القيمة المضافة لقطاع الصناعات المعملية على مدار سنة كاملة بنسبة -3,5٪ خلال الربع الأوّل من العام الحالي. كما تراجع حجم القيمة المضافة في قطاع الطاقة، المناجم، الماء والتطهير ومعالجة النفايات بحوالي -9,9٪ مقارنة بنفس الفترة من السنة السابقة. من ناحية أخرى، أبرزت النتائج تسجيل نمو سنوي سلبي من جديد، في قطاع البناء والتشييد، قدر بـ -6,8٪ بالمائة خلال الثلاثي الأوّل من السنة الحالية. وفي المجموع، يكون القطاع الصناعي قد سجّل تراجعا في حجم القيمة المضافة بـ -5,0٪ خلال الثلاثي الأوّل من سنة 2024 مقارنة بالثلاثي المماثل في السنة الفارطة، وفق نفس المصادر.
الطلب الداخلي ينمو بـ 0,4 بالمائة
وبالنظر إلى جانب الطٌلب ومكوناته، سجٌل الاقتصاد الوطني ارتفاعا في حجم الطلب الداخلي المتكوّن من نفقات الاستهلاك وتكوين رأس المال الخام (أو الاستثمار) بنسبة سنوية قُدِّرَت بـ 0,4 بالمائة، ليظل بالتالي الدافع الأساسي لمسار النمو ومساهما إيجابيا بـ 0,45 نقطة مئوية في نسبة النمو المسجلة للاقتصاد الكلي (0,2). في حين خصمت المبادلات الخارجية 0,26 نقطة من نمو الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة لارتفاع حجم الصادرات من السلع والخدمات بنسبة (2,2٪) لم تتجاوز تلك التي سجلتها الواردات (2,4٪).