في الوقت الذي توقعت فيه الأوساط التونسية قرار مجلس إدارة البنك المركزي لهذا الشهر بالترفيع في نسبة الفائدة المديرية تفاعلا مع مؤشر نسبة التضخم الذي قفز إلى 5 بالمائة، قرر البنك المركزي خلال اجتماعه الدوري الاخير الابقاء دون تغيير على نسبة الفائدة المديرية في حدود 6.25 بالمائة.
ويأتي هذا القرار بعدما عرفت نسبة الفائدة لدى البنك، تخفيضا في مناسبتين خلال سنة 2020، على التوالي بـ100 نقطة أساسية في شهر مارس تزامنا مع الأزمة الصحية التي تعيش على وقعها بلادنا كسائر بلدان العالم، ثم تخفيضا آخر بـ 50 نقطة أساسية في شهر سبتمبر من نفس السنة..
وحافظ البنك المركزي منذ تلك الفترة على الإبقاء في هذا المستوى بـ 6.25 بالمائة، مفسرا ذلك بدوره كهيكل أساسي في المنظومة الاقتصادية في الحفاظ على التوازنات المالية للبلاد في هذا الظرف الدقيق، في حين أرجعه شق هام من المتدخلين في الشأن الاقتصادي إلى انه تمهيدا لإقرار ترفيعا في النسبة خلال الأشهر القادمة مباشرة بعد انتهاء مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي..
فاليوم، أي قرار يخص المؤشرات الأساسية للاقتصاد الوطني قد يربك مسار المفاوضات الجارية حاليا بمعدل اجتماع كل يومين بين الحكومة والصندوق حول برنامج قرض جديد، وتعد نسبة الفائدة المديرية من أهم هذه المؤشرات التي تعتمد عليها المؤسسة المالية المانحة في مشاوراتها، كما تعد هذه النسبة مهمة في إقناع الصندوق بشان مسار الدولة الإصلاحي الذي تنوي انتهاجه والذي يشمل التشجيع على دفع ابرز المحركات الاقتصادية المرتبطة بهذا المؤشر والمتمثلة في الاستثمار والاستهلاك...
في حين ذهب عدد هام من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي إلى اعتبار أن قرار البنك الإبقاء على نفس مستوى نسبة الفائدة بالرغم من ارتفاع نسق التضخم ليصل إلى 5 بالمائة، جاء تفاعلا مع الهجمة التي تستهدف البنك المركزي وهامش نشاطه والاتهامات الموجهة إلى هذا الهيكل بالفساد من جهة وبتعطيل محرك الاستثمار وتسببه في تدهور المقدرة الشرائية للمستهلك ... وكان اخر هذه الاتهامات صدرت في رحاب مجلس نواب الشعب خلال جلسة عامة انعقدت لمسائلة محافظ البنك المركزي مروان العباسي...
كذلك في الخارج، يتعرض البنك المركزي الى العديد من الانتقادات خاصة في ما يتعلق بمواصلة تمويله لميزانية الدولة بما يتعارض مع استقلاليته كهيكل مالي مستقل عن الدولة، وكان البنك المركزي قد وافق مع موفى سنة 2020 تمويل الموازنة العمومية بعد مصادقة البرلمان على الفصل الخامس من قانون المالية التعديلي والذي رخص له وبصفة استثنائية تمويل جزء من عجز الميزانية الناجم عن تداعيات أزمة كوفيد-19 عن طريق منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية بـ 2.810 مليون دينار.
وهذا الاجراء سيجبر قبول البنك المركزي تمويل الميزانية العمومية على اتخاذ قرارات حمائية في قادم الأيام واهم هذه القرارات ستكون على مستوى الفائدة المديرية التي ابقى عليها هذا الشهر والتي قد تتجه في الأشهر المقبلة نحو الترفيع فيها حفاظا على مستوى التضخم حتى يحافظ على مستوياته الأخيرة التي حارب البنك من اجل التنزيل فيها في السنوات الأخيرة ونجح في ذلك..
كما سيفرض تمويل الميزانية على البنك المركزي، الترفيع في درجة اليقظة للتدخل لاحتواء تباعاته في الأيام القادمة فيما يتعلق باستقرار الاقتصاد الكلي ومستوى التضخم وسعر صرف الدينار، على وجه الخصوص، وهو ما يتطلب ضرورة مزيد التنسيق بين السياسة النقدية وسياسة الميزانية من جهة، واهمية التسريع في وضع جملة الإصلاحات الكفيلة بإيقاف النزيف واجتناب مزيد الانزلاق على مستوى المالية العمومية مستقبلا من جهة أخرى...
وسيلقي أي قرار بالترفيع في نسبة الفائدة المديرية في قادم الأيام، تحديدا في الظرف الصعب الذي تمر به البلاد، بضلاله على الاقتصاد وسيكون بالتأكيد تداعيات وخيمة على التوازنات المالية، كما من شأن هذه الخطوة ان تزيد في إغراق الاقتصاد وارتفاع نسبة التضخم تزامنا مع ارتفاع الأسعار في ظل تراجع الإنتاجية، وبالتالي فإن هذه العملية ستخلف اختلالات مالية عواقبها خطيرة على الاقتصاد الوطني.
وأكد المجلس في هذا الإطار على أهمية تضافر جهود كافة الأطراف الفاعلة والتسريع في وضع الآليات الضرورية وتوفير الظروف الملائمة لتحقيق الانتعاشة الاقتصادية والاستفادة من عودة النمو لدى الشركاء الاقتصاديين، إضافة إلى تحسين التوازنات الجملية وخاصة للمالية العمومية، التّي تشهد ضغوطات كبيرة. كما تطرق المشاركون في الاجتماع الدوري إلى آخر التطورات على الصعيد الاقتصادي والنقدي والمالي، سيما منها، آخر البيانات المتعلقة بالنمو الاقتصادي خلال الثلاثي الأول من سنة 2021، والذي شهد انخفاضا بنسبة 3 بالمائة، بحساب الانزلاق السنوي، وشبه استقرار (0,1 بالمائة) مقارنة بالثلاثي الأخير من سنة 2020.
ويعود تراجع النمو الى تقلص القيمة المضافة للقطاع الفلاحي والصناعات الغذائية تبعا للتراجع الملحوظ لصابة الزيتون وتواصل تأثر قطاع الخدمات وخاصة السياحة والنقل الجوّي بالأزمة الصحية إضافة إلى تعطل نشاط الفسفاط ومشتقاته. في المقابل، عرف إنتاج المحروقات تحسنا ملحوظا بفضل المساهمة الهامة لحقلي نوّارة وحلق المنزل في الإنتاج. كما سجلت الصناعات المعمليّة المصدرة انتعاشة تبعا للارتفاع النسبي للطلب من منطقة الأورو.
ولاحظ مجلس إدارة البنك المركزي، على مستوى تطور الأسعار، ارتفاع نسبة التضخم إلى مستوى 5 بالمائة، بحساب الانزلاق السنوي، في شهر أفريل 2021 مقابل 4,8 بالمائة في مارس 2021 و6,3 بالمائة خلال الشهر نفسه من سنة 2020. ويعود ذلك، بالأساس، لارتفاع نسق نمو أسعار الموّاد الغذائيّة (4,9 بالمائة) والمعمليّة (5,1 بالمائة) مقابل نسبة 4,1 بالمائة ونسبة 4,8 بالمائة، على التوالي في شهر مارس 2021. ومن ناحيتها، سجلت أبرز مؤشرات التضخّم الأساسي، سيما، "تضخّم الموّاد في ما عدا المؤطّرة والطازجة" و"تضخّم الموّاد في ما عدا الغذائيّة والطاقة" تراجعا في نسق تطورهما ليبلغا 5,0 بالمائة و5,5 بالمائة، على التوالي، في موفى شهر أفريل 2021، مقابل 5,2 بالمائة و5,6 بالمائة قبل ذلك بشهر.
في المقابل، سجّل المجلس تقلّص العجز الجاري، خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2021، ليتراجع إلى 2.744 مليون دينار، أي ما يمثل 2,3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 2,7 بالمائة خلال نفس الفترة من السنة المنقضية، وهي نتيجة مردها، أساسا، تقلص العجز التجاري (فوب-كاف) بـ 8,7 بالمائة، الذّي تزامن مع تواصل تدعم مداخيل الشغل (16,8 بالمائة)، في ما تراجعت المداخيل السياحية بـ 55 بالمائة بالعلاقة مع تواصل تداعيات أزمة وباء كورونا. وقد بلغت الموجودات الصافية من العملة الأجنبية، تبعا لهذه التطوّرات، حوالي 20.788 م.د (ما يعادل 139 يوم توريد)، في موفى ماي 2021، مقابل 21.541 م.د (اي ما يعادل 137 يوم) في التاريخ ذاته من سنة 2020.
وفاء بن محمد
تونس-الصباح
في الوقت الذي توقعت فيه الأوساط التونسية قرار مجلس إدارة البنك المركزي لهذا الشهر بالترفيع في نسبة الفائدة المديرية تفاعلا مع مؤشر نسبة التضخم الذي قفز إلى 5 بالمائة، قرر البنك المركزي خلال اجتماعه الدوري الاخير الابقاء دون تغيير على نسبة الفائدة المديرية في حدود 6.25 بالمائة.
ويأتي هذا القرار بعدما عرفت نسبة الفائدة لدى البنك، تخفيضا في مناسبتين خلال سنة 2020، على التوالي بـ100 نقطة أساسية في شهر مارس تزامنا مع الأزمة الصحية التي تعيش على وقعها بلادنا كسائر بلدان العالم، ثم تخفيضا آخر بـ 50 نقطة أساسية في شهر سبتمبر من نفس السنة..
وحافظ البنك المركزي منذ تلك الفترة على الإبقاء في هذا المستوى بـ 6.25 بالمائة، مفسرا ذلك بدوره كهيكل أساسي في المنظومة الاقتصادية في الحفاظ على التوازنات المالية للبلاد في هذا الظرف الدقيق، في حين أرجعه شق هام من المتدخلين في الشأن الاقتصادي إلى انه تمهيدا لإقرار ترفيعا في النسبة خلال الأشهر القادمة مباشرة بعد انتهاء مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي..
فاليوم، أي قرار يخص المؤشرات الأساسية للاقتصاد الوطني قد يربك مسار المفاوضات الجارية حاليا بمعدل اجتماع كل يومين بين الحكومة والصندوق حول برنامج قرض جديد، وتعد نسبة الفائدة المديرية من أهم هذه المؤشرات التي تعتمد عليها المؤسسة المالية المانحة في مشاوراتها، كما تعد هذه النسبة مهمة في إقناع الصندوق بشان مسار الدولة الإصلاحي الذي تنوي انتهاجه والذي يشمل التشجيع على دفع ابرز المحركات الاقتصادية المرتبطة بهذا المؤشر والمتمثلة في الاستثمار والاستهلاك...
في حين ذهب عدد هام من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي إلى اعتبار أن قرار البنك الإبقاء على نفس مستوى نسبة الفائدة بالرغم من ارتفاع نسق التضخم ليصل إلى 5 بالمائة، جاء تفاعلا مع الهجمة التي تستهدف البنك المركزي وهامش نشاطه والاتهامات الموجهة إلى هذا الهيكل بالفساد من جهة وبتعطيل محرك الاستثمار وتسببه في تدهور المقدرة الشرائية للمستهلك ... وكان اخر هذه الاتهامات صدرت في رحاب مجلس نواب الشعب خلال جلسة عامة انعقدت لمسائلة محافظ البنك المركزي مروان العباسي...
كذلك في الخارج، يتعرض البنك المركزي الى العديد من الانتقادات خاصة في ما يتعلق بمواصلة تمويله لميزانية الدولة بما يتعارض مع استقلاليته كهيكل مالي مستقل عن الدولة، وكان البنك المركزي قد وافق مع موفى سنة 2020 تمويل الموازنة العمومية بعد مصادقة البرلمان على الفصل الخامس من قانون المالية التعديلي والذي رخص له وبصفة استثنائية تمويل جزء من عجز الميزانية الناجم عن تداعيات أزمة كوفيد-19 عن طريق منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية بـ 2.810 مليون دينار.
وهذا الاجراء سيجبر قبول البنك المركزي تمويل الميزانية العمومية على اتخاذ قرارات حمائية في قادم الأيام واهم هذه القرارات ستكون على مستوى الفائدة المديرية التي ابقى عليها هذا الشهر والتي قد تتجه في الأشهر المقبلة نحو الترفيع فيها حفاظا على مستوى التضخم حتى يحافظ على مستوياته الأخيرة التي حارب البنك من اجل التنزيل فيها في السنوات الأخيرة ونجح في ذلك..
كما سيفرض تمويل الميزانية على البنك المركزي، الترفيع في درجة اليقظة للتدخل لاحتواء تباعاته في الأيام القادمة فيما يتعلق باستقرار الاقتصاد الكلي ومستوى التضخم وسعر صرف الدينار، على وجه الخصوص، وهو ما يتطلب ضرورة مزيد التنسيق بين السياسة النقدية وسياسة الميزانية من جهة، واهمية التسريع في وضع جملة الإصلاحات الكفيلة بإيقاف النزيف واجتناب مزيد الانزلاق على مستوى المالية العمومية مستقبلا من جهة أخرى...
وسيلقي أي قرار بالترفيع في نسبة الفائدة المديرية في قادم الأيام، تحديدا في الظرف الصعب الذي تمر به البلاد، بضلاله على الاقتصاد وسيكون بالتأكيد تداعيات وخيمة على التوازنات المالية، كما من شأن هذه الخطوة ان تزيد في إغراق الاقتصاد وارتفاع نسبة التضخم تزامنا مع ارتفاع الأسعار في ظل تراجع الإنتاجية، وبالتالي فإن هذه العملية ستخلف اختلالات مالية عواقبها خطيرة على الاقتصاد الوطني.
وأكد المجلس في هذا الإطار على أهمية تضافر جهود كافة الأطراف الفاعلة والتسريع في وضع الآليات الضرورية وتوفير الظروف الملائمة لتحقيق الانتعاشة الاقتصادية والاستفادة من عودة النمو لدى الشركاء الاقتصاديين، إضافة إلى تحسين التوازنات الجملية وخاصة للمالية العمومية، التّي تشهد ضغوطات كبيرة. كما تطرق المشاركون في الاجتماع الدوري إلى آخر التطورات على الصعيد الاقتصادي والنقدي والمالي، سيما منها، آخر البيانات المتعلقة بالنمو الاقتصادي خلال الثلاثي الأول من سنة 2021، والذي شهد انخفاضا بنسبة 3 بالمائة، بحساب الانزلاق السنوي، وشبه استقرار (0,1 بالمائة) مقارنة بالثلاثي الأخير من سنة 2020.
ويعود تراجع النمو الى تقلص القيمة المضافة للقطاع الفلاحي والصناعات الغذائية تبعا للتراجع الملحوظ لصابة الزيتون وتواصل تأثر قطاع الخدمات وخاصة السياحة والنقل الجوّي بالأزمة الصحية إضافة إلى تعطل نشاط الفسفاط ومشتقاته. في المقابل، عرف إنتاج المحروقات تحسنا ملحوظا بفضل المساهمة الهامة لحقلي نوّارة وحلق المنزل في الإنتاج. كما سجلت الصناعات المعمليّة المصدرة انتعاشة تبعا للارتفاع النسبي للطلب من منطقة الأورو.
ولاحظ مجلس إدارة البنك المركزي، على مستوى تطور الأسعار، ارتفاع نسبة التضخم إلى مستوى 5 بالمائة، بحساب الانزلاق السنوي، في شهر أفريل 2021 مقابل 4,8 بالمائة في مارس 2021 و6,3 بالمائة خلال الشهر نفسه من سنة 2020. ويعود ذلك، بالأساس، لارتفاع نسق نمو أسعار الموّاد الغذائيّة (4,9 بالمائة) والمعمليّة (5,1 بالمائة) مقابل نسبة 4,1 بالمائة ونسبة 4,8 بالمائة، على التوالي في شهر مارس 2021. ومن ناحيتها، سجلت أبرز مؤشرات التضخّم الأساسي، سيما، "تضخّم الموّاد في ما عدا المؤطّرة والطازجة" و"تضخّم الموّاد في ما عدا الغذائيّة والطاقة" تراجعا في نسق تطورهما ليبلغا 5,0 بالمائة و5,5 بالمائة، على التوالي، في موفى شهر أفريل 2021، مقابل 5,2 بالمائة و5,6 بالمائة قبل ذلك بشهر.
في المقابل، سجّل المجلس تقلّص العجز الجاري، خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2021، ليتراجع إلى 2.744 مليون دينار، أي ما يمثل 2,3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 2,7 بالمائة خلال نفس الفترة من السنة المنقضية، وهي نتيجة مردها، أساسا، تقلص العجز التجاري (فوب-كاف) بـ 8,7 بالمائة، الذّي تزامن مع تواصل تدعم مداخيل الشغل (16,8 بالمائة)، في ما تراجعت المداخيل السياحية بـ 55 بالمائة بالعلاقة مع تواصل تداعيات أزمة وباء كورونا. وقد بلغت الموجودات الصافية من العملة الأجنبية، تبعا لهذه التطوّرات، حوالي 20.788 م.د (ما يعادل 139 يوم توريد)، في موفى ماي 2021، مقابل 21.541 م.د (اي ما يعادل 137 يوم) في التاريخ ذاته من سنة 2020.