حققت شركات التأمين والبنوك ومؤسسات القطاع الخاص بين سنتي 2019 و2020 أرباحا قياسية ، في المقابل تعاني الدولة من تراجع فادح في مواردها المالية مع اتساع دائرة العجز في ميزانيتها، مما اضطرها ولأول مرة في تاريخها الى "التسول" من الدول والصناديق الدولية، وآخرها قطر والتي تعهدت بمنحها 2 مليار دولار في شكل وديعة وقروض بنسبة فائدة منخفضة، في حين تعهدت الولايات المتحدة الامريكية برفع حجم المساعدات المالية خلال سنة 2022 ، في انتظار ما ستؤول اليه نتائج المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بخصوص قرض 4 مليار دولار.
ومن المفارقات انه رغم التداين الكبير للدولة التونسية مع الخارج والبحث عن حلول مع العديد من الدول من أجل جدولة ديونها وحذفها، أو تأجيلها، لضمان توفير حاجيات الدولة من الموارد المالية، فإنه وفقا للتقرير السنوي للبنك المركزي التونسي، ارتفع الناتج البنكي الصافي للبنوك المقیمة بـ 690 ملیون دینار أي 16,8 ٪ في سنة 2018 مقابل 639 ملیون دینار أي 18,4٪ في سنة 2017 ، لیبلغ 4.807 ملایین دینار وذلك نتیجة النمو الملحوظ لكل من ھامش الفائدة.
وتمكّن 16 بنكا من البنوك التونسيّة من تحقيق أرباح بقيمة 1478 مليون دينار بعنوان سنة 2019 (مقابل 18 بنكا حقّق أرباحا بحجم 1227 مليون دينار في 2018)، واظهر التقرير السنوي التاسع بخصوص الرقابة البنكيّة لسنة 2019، تمّ نشره، منتصف مارس 2021 ، من قبل البنك المركزي التونسي، تسجيل عجز من قبل 7 بنوك في حدود 165 مليون دينار (مقابل 70 مليون دينار من الخسائر تكبّدتها 5 بنوك على الساحة في 2018)، وتبعا لارتفاع معدل نسبة الفائدة في السوق النقدیة، ازداد معدل مردودیة القروض ومعدل تكلفة الإیداعات بـ 1,4 و0,7 نقطة مائویة على التوالي.
بنوك. ومؤسسات تجني أرباحا طائلة
ووفقا لمذكرة اصدرتها بورصة تونس، فقد ارتفع اداء مؤسسات القطاع المالي المدرجة ببورصة تونس، حتى نهاية سبتمبر 2019، لتحقق نتائج بقيمة 3525 مليون دينار ( م د) مقابل 2958 م د، وقارب الناتج البنكي الصافي لـ12 بنكا مدرجا ببورصة الأوراق المالية بتونس، وفق بيانات نشرتها بورصة تونس، زهاء 3525 م د مقابل 2985 م د، مما يشكل ارتفاعا بنسبة 19.2% مقارنة بنفس الفترة من 2018.
كما تطور رقم معاملات اكبر اربع شركات تأمين، مع موفي شهر سبتمبر 2019، لتجني هذه الشركات زهاء 589 م د مقابل 557 م د، خلال نفس الفترة من سنة 2018، وابرز التقرير ان حوالي 16 بنكا من البنوك التونسيّة حققت أرباحا بقيمة 1478 مليون دينار بعنوان سنة 2019 (مقابل 18 بنكا حقّق أرباحا بحجم 1227 مليون دينار في 2018 ).
وابرز تقرير للمؤسسة المالية “تونس للاوراق المالية” وهي متخصصة في الوساطة في البورصة والتحاليل المالية ان مداخيل القطاع البنكي قد واصلت ازديادها بشكل ملحوظ نتيجة ارتفاع هوامش الفوائض الى 2200 مليار نظرا بالاساس الى ترفيع البنك المركزي في نسب الفائدة بحوالي 3.5% منذ اواخر 2017 بحجة مقاومة التضخم ، وبقيت نسبته في حدود 6.5% ، كما اوضحت المؤسسة ان العمولات الموظفة على الخدمات البنكية ازدادت بصفة جلية بنسبة 12% بحساب الانزلاق السنوي.
ونجحت العديد من المؤسسات الخاصة في تحقيق رقم معاملات جيد خلال سنة 2020، حيث احتلت مجموعة اللومي الناشطة أساسا في قطاع صناعة الكابلات وقطع السيارات والعقارات والفلاحة والهندسة الكهربائية المركز الأول برقم معاملات بلغ 2.2 مليار دينار، في حين احتلت مجموعة المبروك التي تملك المساحات التجارية الكبرى، والصناعات الغذائية وتجارة السيارات، المركز الثاني برقم معاملات وصل إلى 2 مليار دينار.
أما عن المركز الثالث فهو من نصيب بولينا القابضة التي تضم أكثر من 70 شركة على غرار المزرعة وشركة تحويل المعادن والمعامل الكبرى بالشمال وسيراميك قرطاج وشركة تغذية الحيوانات وشركة البعث العقاري التعمير، والتي حققت رقم معاملات بـ 1.532 مليار دينار، في حين كانت المرتبة الرابعة من نصيب مجموعة البياحي المختصة في المساحات التجارية الكبرى والتي دخلت في شراكات مع مجموعة بوخاطر الإماراتية وحققت رقم معاملات اجمالي بلغ 1 مليار دينار، واحتلت الشركة التونسية لصناعة المشروبات لحمادي بوصبيع المرتبة الخامسة بمعاملات بلغت 877 مليون دينار.، فمجموعة الوكيل الرائدة في عدد من المجالات على غرار قطاع السيارات والصناعات المعملية والتي ترتيبها السادس وحققت رقم معاملات بـ 715 مليون دينار.
ازمة مالية خانقة واتساع دائرة العجز
وتعاني تونس منذ مارس 2020 من تبعات اجراءات الغلق الكلي والجزئي المتخذة من اللجان العلمية ضمن خطة للحد من تفشي وباء كورونا، الا أنه مع نهاية العام 2020، سجلت تونس أسوء انكماش اقتصادي في تاريخها بلغ 9 بالمائة وفق بيانات رسمية حكومية يقابلها خسائر ناهزت 8 مليار دينار ، وانهار جزء من القطاعات الحيوية في البلاد نتيجة الازمة ، وسجل عجز المالية العمومية في البلاد ومستوى الدين العام ارتفاعا حادا في عام 2020 مع تقديرات بارتفاع الدين العام المركزي إلى قرابة 87% من إجمالي الناتج المحلي، فيما قفزت معدلات البطالة إلى 17 ٪ ما زاد في تأجيج الاحتجاجات الاجتماعية.
ودفع تردي الأوضاع المالية في تونس ، صندوق النقد الدولي الى دعوة السلطات في تقريره الاخير بضرورة خفض العجز المالي، والانطلاق في حزمة من الإصلاحات المالية العمومية اللازمة، ومنها خفض الأجور والحد من دعم الطاقة وتنفيذ إصلاحات داخل المؤسسات العمومية، وإلغاء الاحتكار، وإزالة العقبات التنظيمية، وتحسين بيئة الأعمال.
وخلقت جائحة كوفيد - 19 ، أزمة مالية في تونس، دفعت بالحكومة الحالية إلى العمل على تعبئة الموارد المالية من السوق العالمية التي تشهد بدورها شحّاً، لأن الأزمة مسّت مختلف دول العالم أيضاً، وبلغ عجز الميزانية نحو 14 في المائة من الناتج الإجمالي المحلّي ، نتيجة تداعيات تفشي كورونا ، ونجحت الحكومة الى حد الآن في تخفيض العجز الى نقطتين بعد تدخل البنك المركزي ، الا ان أزمة سد العجز مازالت متواصلة بسبب الاوضاع العالمية الصعبة.
واختارت الحكومة الجديدة، في الميزانية الجديدة خفض الإنفاق، كما خصصت 7 مليارات دينار كنفقات للتنمية، منها 1.5 فقط مخصصة للمشاريع، ومن ضمن أولوياتها، اطلاق حوار مع المانحين الدوليين ضمن خططها لتعبئة الموارد المالية لدعم ميزانية الدولة، إلى جانب مراجعة الإنفاق العام للدولة، ودعم المؤسسات المتضررة من جائحة كورونا، وإصلاح الإدارة وتعزيز نظام العمل عن بعد.
مقترح ببعث صندوق داخلي لإنقاذ البلاد
وبلغ حجم الديون الخارجية المستحقة في العام 2021 حوالي 15.5 مليار دينار تونسي، أي حوالي 25% من إجمالي ميزانية الدولة التونسية ،وتوجهت الحكومة الى بعض الجهات المالية الداخلية والدولية للحصول على قروض جديدة يصل حجمها إلى حوالي 18 مليار دينار تونسي لتمويل ميزانية سنة 2021، منها 3 مليار دينار تونسي من السوق الداخلية و9 مليار دينار تونسي من السوق العالمية. وحسب هذه المعطيات ، يتبيّن أن الحكومة التونسية ستسعى عمليا إلى دفع ديونها الخارجية المستحقة من خلال التداين مرّة أخرى، وهو إجراء يؤكد حالة العجز التي تعيشها الحكومات المتعاقبة ، والتي تعتمد على القروض الخارجية لإدارة دواليب الدولة ، وهذا العائق لم تجد له أي حكومة أو جهة سياسية الحل الشافي الذي يجنب بلادنا تبعات الارتهان للجهات المانحة.
وامام الغموض الذي يرافق ملف تونس مع صندوق النقد الدولي ، اضطرت الحكومة الى طلب مساعدات مالية في شكل قروض من العديد من الدول، وآخرها قطر التي وافقت على تقديم 2 مليار دولار لتونس في خطوة لإنقاذ ميزانيتها المتعثرة ، الا انه رغم موافقة القطريين، يرى بعض الخبراء الاقتصاديين انه من الضروري اليوم ان تشارك كافة المؤسسات التونسية من بنوك وشركات تأمين ومؤسسات القطاع الخاص في الجهود التنموية للبلاد ،وكذلك في عملية الحد من نزيف تداين الدولة مع الخارج ، وذلك من خلال اقتطاع نسبة معينة من الارباح تحدد في وقت لاحق، وتساهم في الرفع من الموارد المالية للدولة ، وسد العجز الفادح في ميزانيتها ، في خطوة طارئة تهدف الى التقليص من ضغط التداين الذي تزداد وتيرته من سنة الى أخرى.
يشار الى ان العجز المالي والتدهور الاقتصادي في تونس خلال السنوات الماضية جعل البلاد تنزلق نحو القروض بشكل غير مسبوق، وقد تضاعف إجمالي الدين العام 3 مرات خلال السنوات التسع الأخيرة، ولم تنجح جل الحكومات المتعاقبة التي تداولت على السلطة من ايقاف نزيف التداين الخارجي ، الامر الذي بات يهدد السيادة المالية للبلاد التونسية.
سفيان المهداوي
تونس- الصباح
حققت شركات التأمين والبنوك ومؤسسات القطاع الخاص بين سنتي 2019 و2020 أرباحا قياسية ، في المقابل تعاني الدولة من تراجع فادح في مواردها المالية مع اتساع دائرة العجز في ميزانيتها، مما اضطرها ولأول مرة في تاريخها الى "التسول" من الدول والصناديق الدولية، وآخرها قطر والتي تعهدت بمنحها 2 مليار دولار في شكل وديعة وقروض بنسبة فائدة منخفضة، في حين تعهدت الولايات المتحدة الامريكية برفع حجم المساعدات المالية خلال سنة 2022 ، في انتظار ما ستؤول اليه نتائج المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بخصوص قرض 4 مليار دولار.
ومن المفارقات انه رغم التداين الكبير للدولة التونسية مع الخارج والبحث عن حلول مع العديد من الدول من أجل جدولة ديونها وحذفها، أو تأجيلها، لضمان توفير حاجيات الدولة من الموارد المالية، فإنه وفقا للتقرير السنوي للبنك المركزي التونسي، ارتفع الناتج البنكي الصافي للبنوك المقیمة بـ 690 ملیون دینار أي 16,8 ٪ في سنة 2018 مقابل 639 ملیون دینار أي 18,4٪ في سنة 2017 ، لیبلغ 4.807 ملایین دینار وذلك نتیجة النمو الملحوظ لكل من ھامش الفائدة.
وتمكّن 16 بنكا من البنوك التونسيّة من تحقيق أرباح بقيمة 1478 مليون دينار بعنوان سنة 2019 (مقابل 18 بنكا حقّق أرباحا بحجم 1227 مليون دينار في 2018)، واظهر التقرير السنوي التاسع بخصوص الرقابة البنكيّة لسنة 2019، تمّ نشره، منتصف مارس 2021 ، من قبل البنك المركزي التونسي، تسجيل عجز من قبل 7 بنوك في حدود 165 مليون دينار (مقابل 70 مليون دينار من الخسائر تكبّدتها 5 بنوك على الساحة في 2018)، وتبعا لارتفاع معدل نسبة الفائدة في السوق النقدیة، ازداد معدل مردودیة القروض ومعدل تكلفة الإیداعات بـ 1,4 و0,7 نقطة مائویة على التوالي.
بنوك. ومؤسسات تجني أرباحا طائلة
ووفقا لمذكرة اصدرتها بورصة تونس، فقد ارتفع اداء مؤسسات القطاع المالي المدرجة ببورصة تونس، حتى نهاية سبتمبر 2019، لتحقق نتائج بقيمة 3525 مليون دينار ( م د) مقابل 2958 م د، وقارب الناتج البنكي الصافي لـ12 بنكا مدرجا ببورصة الأوراق المالية بتونس، وفق بيانات نشرتها بورصة تونس، زهاء 3525 م د مقابل 2985 م د، مما يشكل ارتفاعا بنسبة 19.2% مقارنة بنفس الفترة من 2018.
كما تطور رقم معاملات اكبر اربع شركات تأمين، مع موفي شهر سبتمبر 2019، لتجني هذه الشركات زهاء 589 م د مقابل 557 م د، خلال نفس الفترة من سنة 2018، وابرز التقرير ان حوالي 16 بنكا من البنوك التونسيّة حققت أرباحا بقيمة 1478 مليون دينار بعنوان سنة 2019 (مقابل 18 بنكا حقّق أرباحا بحجم 1227 مليون دينار في 2018 ).
وابرز تقرير للمؤسسة المالية “تونس للاوراق المالية” وهي متخصصة في الوساطة في البورصة والتحاليل المالية ان مداخيل القطاع البنكي قد واصلت ازديادها بشكل ملحوظ نتيجة ارتفاع هوامش الفوائض الى 2200 مليار نظرا بالاساس الى ترفيع البنك المركزي في نسب الفائدة بحوالي 3.5% منذ اواخر 2017 بحجة مقاومة التضخم ، وبقيت نسبته في حدود 6.5% ، كما اوضحت المؤسسة ان العمولات الموظفة على الخدمات البنكية ازدادت بصفة جلية بنسبة 12% بحساب الانزلاق السنوي.
ونجحت العديد من المؤسسات الخاصة في تحقيق رقم معاملات جيد خلال سنة 2020، حيث احتلت مجموعة اللومي الناشطة أساسا في قطاع صناعة الكابلات وقطع السيارات والعقارات والفلاحة والهندسة الكهربائية المركز الأول برقم معاملات بلغ 2.2 مليار دينار، في حين احتلت مجموعة المبروك التي تملك المساحات التجارية الكبرى، والصناعات الغذائية وتجارة السيارات، المركز الثاني برقم معاملات وصل إلى 2 مليار دينار.
أما عن المركز الثالث فهو من نصيب بولينا القابضة التي تضم أكثر من 70 شركة على غرار المزرعة وشركة تحويل المعادن والمعامل الكبرى بالشمال وسيراميك قرطاج وشركة تغذية الحيوانات وشركة البعث العقاري التعمير، والتي حققت رقم معاملات بـ 1.532 مليار دينار، في حين كانت المرتبة الرابعة من نصيب مجموعة البياحي المختصة في المساحات التجارية الكبرى والتي دخلت في شراكات مع مجموعة بوخاطر الإماراتية وحققت رقم معاملات اجمالي بلغ 1 مليار دينار، واحتلت الشركة التونسية لصناعة المشروبات لحمادي بوصبيع المرتبة الخامسة بمعاملات بلغت 877 مليون دينار.، فمجموعة الوكيل الرائدة في عدد من المجالات على غرار قطاع السيارات والصناعات المعملية والتي ترتيبها السادس وحققت رقم معاملات بـ 715 مليون دينار.
ازمة مالية خانقة واتساع دائرة العجز
وتعاني تونس منذ مارس 2020 من تبعات اجراءات الغلق الكلي والجزئي المتخذة من اللجان العلمية ضمن خطة للحد من تفشي وباء كورونا، الا أنه مع نهاية العام 2020، سجلت تونس أسوء انكماش اقتصادي في تاريخها بلغ 9 بالمائة وفق بيانات رسمية حكومية يقابلها خسائر ناهزت 8 مليار دينار ، وانهار جزء من القطاعات الحيوية في البلاد نتيجة الازمة ، وسجل عجز المالية العمومية في البلاد ومستوى الدين العام ارتفاعا حادا في عام 2020 مع تقديرات بارتفاع الدين العام المركزي إلى قرابة 87% من إجمالي الناتج المحلي، فيما قفزت معدلات البطالة إلى 17 ٪ ما زاد في تأجيج الاحتجاجات الاجتماعية.
ودفع تردي الأوضاع المالية في تونس ، صندوق النقد الدولي الى دعوة السلطات في تقريره الاخير بضرورة خفض العجز المالي، والانطلاق في حزمة من الإصلاحات المالية العمومية اللازمة، ومنها خفض الأجور والحد من دعم الطاقة وتنفيذ إصلاحات داخل المؤسسات العمومية، وإلغاء الاحتكار، وإزالة العقبات التنظيمية، وتحسين بيئة الأعمال.
وخلقت جائحة كوفيد - 19 ، أزمة مالية في تونس، دفعت بالحكومة الحالية إلى العمل على تعبئة الموارد المالية من السوق العالمية التي تشهد بدورها شحّاً، لأن الأزمة مسّت مختلف دول العالم أيضاً، وبلغ عجز الميزانية نحو 14 في المائة من الناتج الإجمالي المحلّي ، نتيجة تداعيات تفشي كورونا ، ونجحت الحكومة الى حد الآن في تخفيض العجز الى نقطتين بعد تدخل البنك المركزي ، الا ان أزمة سد العجز مازالت متواصلة بسبب الاوضاع العالمية الصعبة.
واختارت الحكومة الجديدة، في الميزانية الجديدة خفض الإنفاق، كما خصصت 7 مليارات دينار كنفقات للتنمية، منها 1.5 فقط مخصصة للمشاريع، ومن ضمن أولوياتها، اطلاق حوار مع المانحين الدوليين ضمن خططها لتعبئة الموارد المالية لدعم ميزانية الدولة، إلى جانب مراجعة الإنفاق العام للدولة، ودعم المؤسسات المتضررة من جائحة كورونا، وإصلاح الإدارة وتعزيز نظام العمل عن بعد.
مقترح ببعث صندوق داخلي لإنقاذ البلاد
وبلغ حجم الديون الخارجية المستحقة في العام 2021 حوالي 15.5 مليار دينار تونسي، أي حوالي 25% من إجمالي ميزانية الدولة التونسية ،وتوجهت الحكومة الى بعض الجهات المالية الداخلية والدولية للحصول على قروض جديدة يصل حجمها إلى حوالي 18 مليار دينار تونسي لتمويل ميزانية سنة 2021، منها 3 مليار دينار تونسي من السوق الداخلية و9 مليار دينار تونسي من السوق العالمية. وحسب هذه المعطيات ، يتبيّن أن الحكومة التونسية ستسعى عمليا إلى دفع ديونها الخارجية المستحقة من خلال التداين مرّة أخرى، وهو إجراء يؤكد حالة العجز التي تعيشها الحكومات المتعاقبة ، والتي تعتمد على القروض الخارجية لإدارة دواليب الدولة ، وهذا العائق لم تجد له أي حكومة أو جهة سياسية الحل الشافي الذي يجنب بلادنا تبعات الارتهان للجهات المانحة.
وامام الغموض الذي يرافق ملف تونس مع صندوق النقد الدولي ، اضطرت الحكومة الى طلب مساعدات مالية في شكل قروض من العديد من الدول، وآخرها قطر التي وافقت على تقديم 2 مليار دولار لتونس في خطوة لإنقاذ ميزانيتها المتعثرة ، الا انه رغم موافقة القطريين، يرى بعض الخبراء الاقتصاديين انه من الضروري اليوم ان تشارك كافة المؤسسات التونسية من بنوك وشركات تأمين ومؤسسات القطاع الخاص في الجهود التنموية للبلاد ،وكذلك في عملية الحد من نزيف تداين الدولة مع الخارج ، وذلك من خلال اقتطاع نسبة معينة من الارباح تحدد في وقت لاحق، وتساهم في الرفع من الموارد المالية للدولة ، وسد العجز الفادح في ميزانيتها ، في خطوة طارئة تهدف الى التقليص من ضغط التداين الذي تزداد وتيرته من سنة الى أخرى.
يشار الى ان العجز المالي والتدهور الاقتصادي في تونس خلال السنوات الماضية جعل البلاد تنزلق نحو القروض بشكل غير مسبوق، وقد تضاعف إجمالي الدين العام 3 مرات خلال السنوات التسع الأخيرة، ولم تنجح جل الحكومات المتعاقبة التي تداولت على السلطة من ايقاف نزيف التداين الخارجي ، الامر الذي بات يهدد السيادة المالية للبلاد التونسية.