* ارتفاع مخاوف أصحاب الشركات من تراجع الإنتاج خلال الثلاثي الثاني من 2022
* غلق أكبر ميناء صيني في العالم يتسبب في تراجع التزود بالمواد الأولية بنسبة 55٪!
تونس - الصباح
ارتفعت نسبة المؤسسات الصناعية التي صرحت بوجود صعوبات كبيرة في التزود بالمواد الأولية خلال الثلاثي الأول من سنة 2022، الى أكثر من 49.4 بالمائة، وذلك وفق احدث سبر آراء أعده معهد الإحصاء الوطني حول آراء رؤساء المؤسسات الصناعية وآفاق نشاط مؤسساتهم خلال الثلاثية الأولى من العام الحالي، والتي شهدت تصعيدا شرق أوروبا بسبب الأزمة الروسية- الأوكرانية، أدت الى نقص فادح في المواد الأولية القادمة من البلدين، بالإضافة الى تضرر سلاسل التوريد في العالم.
واقر أصحاب المؤسسات الصناعية في تونس وبلغت نسبتهم 49.4٪، بوجود أزمة جدية في التزود بالمواد الأولية تزامنا مع ارتفاع أسعارها في الأسواق العالمية، في حين أبدى بعض أصحاب المؤسسات الصناعية عن رضاهم بعودة قدرتهم الإنتاجية مع بداية سنة 2021، بالمقارنة بسنة 2020 والتي بلغت نسبة التراجع فيها 76%، الأمر الذي عمق أزمة بعض المؤسسات الصناعية.
وواجه القطاع الصناعي في تونس منذ اندلاع الحرب شرق أوروبا مخاطر كبيرة من قطع إمدادات المواد الأولية وشبه الأولية عن أوروبا والعالم بسبب الحرب الروسية- الأوكرانية التي دخلت مرحلة التصعيد، وصلت الى حد إصدار قرارات من كلا البلدين بوقف تصدير كافة المنتجات الخام عن العالم، الأمر الذي بات يهدد نشاط المئات من المصانع في تونس التي يعتمد جزء منها على هذه المواد الخام القادمة من شرق أوروبا، ولا بديل لها على الصعيد العالمي، كالمواد التي تدخل في تصنيع الالكترونيات أو الألمنيوم، وأشباه الموصلات، والتي تعتمد عليها العديد من القطاعات الصناعية في البلاد.
ويعتمد الاقتصاد التونسي على الصناعة كأحد القطاعات الإستراتيجية التي توفر العملة الصعبة للبلد المرهق ماليا، علما وان 70٪ من صادراتنا قادمة من التصنيع، وذلك وفق احدث دراسة أعدها المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية في جانفي 2022. وتشير التقديرات الرسمية إلى أن الصناعة تساهم سنويا بنحو 28.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وتوفر قرابة 34 في المائة من فرص العمل للقوة العاملة النشطة.
ارتفع عدد الشركات التي تواجه صعوبات كبيرة منذ ظهور جائحة كورونا، وسجل المعهد الوطني للإحصاء في سبر آراء جديد ارتفاع نسبة هذه الشركات خلال السنوات الثلاث الأخيرة الى 59.4 ٪ ، وهي شركات أقرت بوجود صعوبات كبيرة على مستوى الترويج ونقص الطلب وصعوبة التزود بالمواد الأولية في ظل ارتفاع الأسعار العالمية.
ويتوقع أن تشهد الصناعة التونسية خسائر في الأشهر القليلة القادمة تتراوح بين 30 و 40% من القدرة الإنتاجية، بسبب غياب المواد الأولية وشبه الأولية، حيث تعتمد تونس في تصنيعها على عديد المواد المستوردة كليا، وبدأت العديد من المؤسسات الصناعية اليوم سواء كانت أجنبية أو محلية، تجد صعوبات في الإيفاء بالتزاماتها، تزامنا مع تراجع مخزونها من المواد الحديدية والأليمنيوم والنحاس، وكذلك الرقائق الالكترونية المستعملة في العديد من الصناعات، أبرزها مكونات السيارات في تونس.
وأجرى المعهد الوطني للإحصاء في الآونة الأخيرة مسحا شاملا حول وضعية المؤسسات الصناعية وتوقعاتها في الفترة من 15 ديسمبر 2021 إلى 15 جانفي 2022، وبلغ عدد المستجوبين 991 صاحب مؤسسة، وكان عليهم تقديم رد بثلاث طرق أعلى أو مستقر أو منخفض.
25٪ من الشركات تبدي مخاوفها
وكشف قادة الأعمال الذين شملهم الاستطلاع والذين وصفوا السياق العام للقطاع بأنه مستقر زيادة في أعدادهم، وقفز ميزان آراء قادة الأعمال حول الوضع العام للقطاع الصناعي بمقدار نقطة واحدة في الربع الرابع من عام 2021 إلى 7٪ مقابل 6٪ في الربع السابق، ومع ذلك، فإن ميزان الآراء بشأن التدهور المحتمل في وضع القطاع في الربع الأول من عام 2022 بلغ 25٪.
ويقر عدد من المشغلين في الصناعة التحويلية أن الإنتاج تحسن بشكل طفيف بين أكتوبر وديسمبر 2021، ويظهر ميزان الآراء 9٪ في الربع الرابع مقابل 7٪ في الربع الثالث من عام 2021. ولا يزال أصحاب هذه المؤسسات متفائلين بشأن تحسن مستويات الإنتاج خلال سنة 2022، في حين انخفضت الآراء المتعلقة باستقرار الإنتاج من 6٪ في الربع الأخير من عام 2021 إلى 7٪ في الربع الأول من عام 2022.
نقص التزود بالمواد الأولية
وتتمثل الصعوبات التي يواجهها رواد الأعمال في القطاع الصناعي، حسب ترتيب معهد الإحصاء، في مشاكل توريد المواد الخام ونقص الطلب والعقبات المتعلقة بالتمويل. وردا على سؤال حول وضع سوق العمل للربع الأول من عام 2022، انخفض ميزان الرأي بشكل طفيف إلى 8٪ مقارنة بـ9٪ في الربع الرابع من عام 2021، ما يشير الى مخاوف من عدم قدرة هذه المؤسسات على خلق مواطن شغل جديدة.
وسجل سبر آراء سابق معد من قبل معهد الإحصاء ارتفاعا في نسبة المؤسسات التي تصرح بصعوبات التزود بالمواد الأولية مع توقع ارتفاع أسعارها، وهو ما دفع بأصحاب هذه المؤسسات الى إبداء خشيتهم من تواصل ارتفاع أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية، ما يؤثر على نشاط شركاتهم على المدى القصير، علما وان النسبة كانت مرتفعة مع ظهور فيروس كوفيد-19 في تونس خلال سنة 2020, وبلغت نسبة المؤسسات الصناعية التي صرح ممثلوها بوجود أزمة إنتاج أكثر من 59.4٪.
تطور الإنتاج خلال الثلاثي الرابع
وبخصوص تطور الإنتاج الصناعي حسب القطاعات خلال الثلاثي الرابع من سنة 2021 بالمقارنة مع الثلاثي الثالث من سنة 2021، أبرزت نتائج سبر الآراء أصحاب المؤسسات الصناعية ارتفاع رصيد آراء قطاع الصناعات الكيميائية وقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية، واستقرار في رصيد الآراء لكل من الصناعات المعملية المختلفة وصناعة مواد البناء والخزف والبلور، في المقابل تراجع رصيد آراء لكل من قطاع النسيج والملابس والجلد وقطاع الصناعات الفلاحية والغذائية.
وبالنسبة لتوقعات أصحاب المؤسسات للإنتاج حسب القطاع خلال الثلاثي الأول من سنة 2022، فيبرز سبر الآراء تحسنا طفيفا في رصيد قطاع صناعات النسيج والملابس وفي قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية ، في المقابل يتراجع رصيد آراء الصناعيين في قطاع الصناعات الفلاحية والغذائية وقطاع الصناعات الكيميائية وقطاع صناعة مواد البناء والخزف والبلور.
وحسب هذه المعطيات، يظهر جليا أن أزمة كورونا وقرارات حظر الجولان وإجراءات الغلق الجزئي والكلي، ساهمت الى حد ما في تكبد عديد القطاعات الصناعية والمعملية والخدماتية خسائر كبيرة، وسط توقعات صادرة عن تقارير دولية بتواصل الأزمة في تونس للسنوات الخمس المقبلة، حيث من المرتقب أن تزيد تبعات الحرب الروسية الأوكرانية في حدة الأزمة، علما وان بعض المؤسسات التونسية توقفت عن الإنتاج لافتقاد المواد الأولية بالإضافة الى مرور الآلاف من الشركات بأزمة تمويل نتيجة تراجع مرابيحها .
تواصل تداعيات "كورونا"
وتعاني تونس منذ مارس 2020 من تبعات إجراءات الغلق الكلي والجزئي المتخذة من اللجان العلمية ضمن خطة للحد من تفشي وباء كورونا، إلا أنه مع نهاية العام 2020، سجلت تونس أسوأ انكماش اقتصادي في تاريخها بلغ 8.7 بالمائة وفق بيانات رسمية حكومية يقابلها خسائر ناهزت 8 مليار دينار، وانهار جزء من القطاعات الحيوية في البلاد نتيجة الأزمة، في حين أعلنت العشرات من الشركات في القطاع العام والخاص إفلاسها.
وتكبّد الاقتصاد التونسي مع بداية سنة 2021 خسائر فادحة جراء تفشي الموجة الثانية والثالثة والربعة لكورونا، ورجّح المتعاملون في القطاعات الصناعية التونسية تباطؤ وتيرة الإنتاج في مصانعهم في الفترة المقبلة بسبب تأخر وصول طلبيات من عدة دول تعاني هي الأخرى من تبعات الأزمة الصحية وأيضا من الحرب الروسية الأوكرانية، فيما أكد العديد من أصحاب المؤسسات وجود نقص في المواد الأولية وشبه المصنّعة لبعض الصناعات، كما توقعوا تفاقم الأزمة في الفترة المقبلة، وهو ما يمثل تهديداً حقيقياً للمصانع العاملة في تونس.
وحذرت عدة تقارير صادرة عن مؤسسات بحث واستشراف تونسية وأجنبية من خطر "شلل" المصانع التونسية في الفترة القليلة القادمة بسبب نقص المواد الأولية مرده تباطؤ الإنتاج، نتيجة الإجراءات المكثفة التي تتخذ في الموانئ البحرية وتأخر تفريغ السلع القادمة من البلدان التي تعد بؤراً للفيروس، مثل ميناء شنغهاي الصيني والذي تسبب لوحده في الفترة الأخيرة في تراجع 55٪ من الحركة التجارية في العالم بعد لجوء الصين الى عزل المدينة وفرض حظر شامل بها، وساهم ذلك في نقص فادح في التزود بالمواد الأولية في اغلب دول العالم.
سفيان المهداوي
* ارتفاع مخاوف أصحاب الشركات من تراجع الإنتاج خلال الثلاثي الثاني من 2022
* غلق أكبر ميناء صيني في العالم يتسبب في تراجع التزود بالمواد الأولية بنسبة 55٪!
تونس - الصباح
ارتفعت نسبة المؤسسات الصناعية التي صرحت بوجود صعوبات كبيرة في التزود بالمواد الأولية خلال الثلاثي الأول من سنة 2022، الى أكثر من 49.4 بالمائة، وذلك وفق احدث سبر آراء أعده معهد الإحصاء الوطني حول آراء رؤساء المؤسسات الصناعية وآفاق نشاط مؤسساتهم خلال الثلاثية الأولى من العام الحالي، والتي شهدت تصعيدا شرق أوروبا بسبب الأزمة الروسية- الأوكرانية، أدت الى نقص فادح في المواد الأولية القادمة من البلدين، بالإضافة الى تضرر سلاسل التوريد في العالم.
واقر أصحاب المؤسسات الصناعية في تونس وبلغت نسبتهم 49.4٪، بوجود أزمة جدية في التزود بالمواد الأولية تزامنا مع ارتفاع أسعارها في الأسواق العالمية، في حين أبدى بعض أصحاب المؤسسات الصناعية عن رضاهم بعودة قدرتهم الإنتاجية مع بداية سنة 2021، بالمقارنة بسنة 2020 والتي بلغت نسبة التراجع فيها 76%، الأمر الذي عمق أزمة بعض المؤسسات الصناعية.
وواجه القطاع الصناعي في تونس منذ اندلاع الحرب شرق أوروبا مخاطر كبيرة من قطع إمدادات المواد الأولية وشبه الأولية عن أوروبا والعالم بسبب الحرب الروسية- الأوكرانية التي دخلت مرحلة التصعيد، وصلت الى حد إصدار قرارات من كلا البلدين بوقف تصدير كافة المنتجات الخام عن العالم، الأمر الذي بات يهدد نشاط المئات من المصانع في تونس التي يعتمد جزء منها على هذه المواد الخام القادمة من شرق أوروبا، ولا بديل لها على الصعيد العالمي، كالمواد التي تدخل في تصنيع الالكترونيات أو الألمنيوم، وأشباه الموصلات، والتي تعتمد عليها العديد من القطاعات الصناعية في البلاد.
ويعتمد الاقتصاد التونسي على الصناعة كأحد القطاعات الإستراتيجية التي توفر العملة الصعبة للبلد المرهق ماليا، علما وان 70٪ من صادراتنا قادمة من التصنيع، وذلك وفق احدث دراسة أعدها المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية في جانفي 2022. وتشير التقديرات الرسمية إلى أن الصناعة تساهم سنويا بنحو 28.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وتوفر قرابة 34 في المائة من فرص العمل للقوة العاملة النشطة.
ارتفع عدد الشركات التي تواجه صعوبات كبيرة منذ ظهور جائحة كورونا، وسجل المعهد الوطني للإحصاء في سبر آراء جديد ارتفاع نسبة هذه الشركات خلال السنوات الثلاث الأخيرة الى 59.4 ٪ ، وهي شركات أقرت بوجود صعوبات كبيرة على مستوى الترويج ونقص الطلب وصعوبة التزود بالمواد الأولية في ظل ارتفاع الأسعار العالمية.
ويتوقع أن تشهد الصناعة التونسية خسائر في الأشهر القليلة القادمة تتراوح بين 30 و 40% من القدرة الإنتاجية، بسبب غياب المواد الأولية وشبه الأولية، حيث تعتمد تونس في تصنيعها على عديد المواد المستوردة كليا، وبدأت العديد من المؤسسات الصناعية اليوم سواء كانت أجنبية أو محلية، تجد صعوبات في الإيفاء بالتزاماتها، تزامنا مع تراجع مخزونها من المواد الحديدية والأليمنيوم والنحاس، وكذلك الرقائق الالكترونية المستعملة في العديد من الصناعات، أبرزها مكونات السيارات في تونس.
وأجرى المعهد الوطني للإحصاء في الآونة الأخيرة مسحا شاملا حول وضعية المؤسسات الصناعية وتوقعاتها في الفترة من 15 ديسمبر 2021 إلى 15 جانفي 2022، وبلغ عدد المستجوبين 991 صاحب مؤسسة، وكان عليهم تقديم رد بثلاث طرق أعلى أو مستقر أو منخفض.
25٪ من الشركات تبدي مخاوفها
وكشف قادة الأعمال الذين شملهم الاستطلاع والذين وصفوا السياق العام للقطاع بأنه مستقر زيادة في أعدادهم، وقفز ميزان آراء قادة الأعمال حول الوضع العام للقطاع الصناعي بمقدار نقطة واحدة في الربع الرابع من عام 2021 إلى 7٪ مقابل 6٪ في الربع السابق، ومع ذلك، فإن ميزان الآراء بشأن التدهور المحتمل في وضع القطاع في الربع الأول من عام 2022 بلغ 25٪.
ويقر عدد من المشغلين في الصناعة التحويلية أن الإنتاج تحسن بشكل طفيف بين أكتوبر وديسمبر 2021، ويظهر ميزان الآراء 9٪ في الربع الرابع مقابل 7٪ في الربع الثالث من عام 2021. ولا يزال أصحاب هذه المؤسسات متفائلين بشأن تحسن مستويات الإنتاج خلال سنة 2022، في حين انخفضت الآراء المتعلقة باستقرار الإنتاج من 6٪ في الربع الأخير من عام 2021 إلى 7٪ في الربع الأول من عام 2022.
نقص التزود بالمواد الأولية
وتتمثل الصعوبات التي يواجهها رواد الأعمال في القطاع الصناعي، حسب ترتيب معهد الإحصاء، في مشاكل توريد المواد الخام ونقص الطلب والعقبات المتعلقة بالتمويل. وردا على سؤال حول وضع سوق العمل للربع الأول من عام 2022، انخفض ميزان الرأي بشكل طفيف إلى 8٪ مقارنة بـ9٪ في الربع الرابع من عام 2021، ما يشير الى مخاوف من عدم قدرة هذه المؤسسات على خلق مواطن شغل جديدة.
وسجل سبر آراء سابق معد من قبل معهد الإحصاء ارتفاعا في نسبة المؤسسات التي تصرح بصعوبات التزود بالمواد الأولية مع توقع ارتفاع أسعارها، وهو ما دفع بأصحاب هذه المؤسسات الى إبداء خشيتهم من تواصل ارتفاع أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية، ما يؤثر على نشاط شركاتهم على المدى القصير، علما وان النسبة كانت مرتفعة مع ظهور فيروس كوفيد-19 في تونس خلال سنة 2020, وبلغت نسبة المؤسسات الصناعية التي صرح ممثلوها بوجود أزمة إنتاج أكثر من 59.4٪.
تطور الإنتاج خلال الثلاثي الرابع
وبخصوص تطور الإنتاج الصناعي حسب القطاعات خلال الثلاثي الرابع من سنة 2021 بالمقارنة مع الثلاثي الثالث من سنة 2021، أبرزت نتائج سبر الآراء أصحاب المؤسسات الصناعية ارتفاع رصيد آراء قطاع الصناعات الكيميائية وقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية، واستقرار في رصيد الآراء لكل من الصناعات المعملية المختلفة وصناعة مواد البناء والخزف والبلور، في المقابل تراجع رصيد آراء لكل من قطاع النسيج والملابس والجلد وقطاع الصناعات الفلاحية والغذائية.
وبالنسبة لتوقعات أصحاب المؤسسات للإنتاج حسب القطاع خلال الثلاثي الأول من سنة 2022، فيبرز سبر الآراء تحسنا طفيفا في رصيد قطاع صناعات النسيج والملابس وفي قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية ، في المقابل يتراجع رصيد آراء الصناعيين في قطاع الصناعات الفلاحية والغذائية وقطاع الصناعات الكيميائية وقطاع صناعة مواد البناء والخزف والبلور.
وحسب هذه المعطيات، يظهر جليا أن أزمة كورونا وقرارات حظر الجولان وإجراءات الغلق الجزئي والكلي، ساهمت الى حد ما في تكبد عديد القطاعات الصناعية والمعملية والخدماتية خسائر كبيرة، وسط توقعات صادرة عن تقارير دولية بتواصل الأزمة في تونس للسنوات الخمس المقبلة، حيث من المرتقب أن تزيد تبعات الحرب الروسية الأوكرانية في حدة الأزمة، علما وان بعض المؤسسات التونسية توقفت عن الإنتاج لافتقاد المواد الأولية بالإضافة الى مرور الآلاف من الشركات بأزمة تمويل نتيجة تراجع مرابيحها .
تواصل تداعيات "كورونا"
وتعاني تونس منذ مارس 2020 من تبعات إجراءات الغلق الكلي والجزئي المتخذة من اللجان العلمية ضمن خطة للحد من تفشي وباء كورونا، إلا أنه مع نهاية العام 2020، سجلت تونس أسوأ انكماش اقتصادي في تاريخها بلغ 8.7 بالمائة وفق بيانات رسمية حكومية يقابلها خسائر ناهزت 8 مليار دينار، وانهار جزء من القطاعات الحيوية في البلاد نتيجة الأزمة، في حين أعلنت العشرات من الشركات في القطاع العام والخاص إفلاسها.
وتكبّد الاقتصاد التونسي مع بداية سنة 2021 خسائر فادحة جراء تفشي الموجة الثانية والثالثة والربعة لكورونا، ورجّح المتعاملون في القطاعات الصناعية التونسية تباطؤ وتيرة الإنتاج في مصانعهم في الفترة المقبلة بسبب تأخر وصول طلبيات من عدة دول تعاني هي الأخرى من تبعات الأزمة الصحية وأيضا من الحرب الروسية الأوكرانية، فيما أكد العديد من أصحاب المؤسسات وجود نقص في المواد الأولية وشبه المصنّعة لبعض الصناعات، كما توقعوا تفاقم الأزمة في الفترة المقبلة، وهو ما يمثل تهديداً حقيقياً للمصانع العاملة في تونس.
وحذرت عدة تقارير صادرة عن مؤسسات بحث واستشراف تونسية وأجنبية من خطر "شلل" المصانع التونسية في الفترة القليلة القادمة بسبب نقص المواد الأولية مرده تباطؤ الإنتاج، نتيجة الإجراءات المكثفة التي تتخذ في الموانئ البحرية وتأخر تفريغ السلع القادمة من البلدان التي تعد بؤراً للفيروس، مثل ميناء شنغهاي الصيني والذي تسبب لوحده في الفترة الأخيرة في تراجع 55٪ من الحركة التجارية في العالم بعد لجوء الصين الى عزل المدينة وفرض حظر شامل بها، وساهم ذلك في نقص فادح في التزود بالمواد الأولية في اغلب دول العالم.