*برنامج "انصدر" في مرحلته الثالثة سيقدم دعما لفائدة 75 مؤسسة تونسية تنشط في مجال التصدير
* ميزانية برنامج "انصدر" بلغت 23 مليون دينار
*1400 مليون أورو قدمها البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لتونس خلال العشرية الأخيرة
تونس - الصباح
كشف مدير عام برامج الدعم الفني بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أنيس الفاهم ، أمس، في حواره مع "الصباح" ، أن البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية قدم هبات بقيمة 25 مليون أورو لفائدة 1400 مؤسسة تونسية خلال السنوات العشر الماضية، لافتا الى أن حجم التمويلات الإجمالية للبنك الأوروبي منذ انبعاثه في تونس بلغت 1.4 مليار أورو، استهدفت كافة القطاعات والمجالات في البلاد.
وأضاف الفاهم في معرض رده على استفسارات "الصباح"، أنه وعلى غرار هذه التمويلات، سيمكن برنامج "انصدر" الذي انطلق في مرحلته الثالثة بداية من مطلع الشهر الجاري من الرفع في عدد المؤسسات التونسية المستفيدة من هذا البرنامج الموجه للتشجيع على التصدير الى 75 مؤسسة بميزانية ضخمة بلغت 23 مليون دينار.
وأكد مدير عام برامج الدعم الفني بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أنيس الفاهم ، ان هذا البرنامج في مرحلته الثالثة يهدف الى الرفع من قدرة المؤسسات التونسية على التصدير واكتساح الأسواق العالمية، لافتا الى ان البرنامج يتضمن العديد من الآليات لدفع نسق التصدير من خلال توفير التجهيزات المناسبة والمرافقة الفنية وتوفير التراخيص الدولية، وأيضا الخبرات الدولية الفذة لمساعدة هذه المؤسسات على الاندماج في الأسواق العالمية والرفع من قدراتها الإنتاجية، وفيما يلي نص الحوار:
* تم مؤخرا إطلاق برنامج "انصدر" من قبل الاتحاد الأوروبي والبنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية، فماذا يتضمن هذا البرنامج وأي المؤسسات الاقتصادية التونسية التي بإمكانها الانتفاع من هذا البرنامج؟
-دعني أوضح في البداية هذه النقطة المهمة، برنامج " انصدر" هو برنامج مهم ممول من الاتحاد الأوروبي بميزانية تبلغ 23 مليون دينار، وبتنفيذ من البنك الأوروبي للإعمار واعادة التنمية ، ويهدف بالأساس الى تحسين القدرة التنافسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة التونسية ، وتمكينها من اقتحام أسواق جديدة، وأيضا تحسين تموقعها في الأسواق التقليدية، علما وان هذا البرنامج يستهدف صنفين من المؤسسات، أهمها التي لديها القدرة على التصدير، ولم تتمكن من ذلك، وأيضا المؤسسات التونسية التي تصدر بأقل من 30٪ من رقم المعاملات الجملي من صادراتها، والهدف من البرنامج مواكبة المؤسسات الاقتصادية خلال فترة تمتد لثلاث سنوات، وتمكينها من جميع الآليات التي تسمح لها بتطوير قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية، سواء من حيث جودة المنتوج أو إدارة عمليات التسويق، والتصدير، وإدارة العمليات المالية.
* ماهي الآليات التي سيعتمدها البرنامج الأوروبي للنهوض بوضعية هذه المؤسسات؟
-هناك 3 آليات سيعتمدها البرنامج الأوروبي للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة ، وتتمثل الأولى في توفير الخبرات الدولية المناسبة، وأيضا إصلاحها، ومن ثم إدماجها في الأسواق العالمية.
* كم يبلغ عدد المؤسسات التونسية التي ستنتفع من هذا البرنامج، وكم بلغ عدد المنتفعين في المرحلة الأولى؟
-البرنامج في صيغته الأولية يهدف الى تقديم الدعم لقرابة 75 مؤسسة تونسية، وتم فتح باب الترشحات للحصول على دعم برنامج "انصدر" مرتين، الأولى كانت في 1 جوان 2021، والثانية في 1 نوفمبر 2021، وتم خلالهما قبول 25 شركة تونسية للاستفادة من هذا البرنامج اي قرابة 50 مؤسسة خلال الدورتين، بالإضافة الى فتح باب الترشحات مجددا خلال 1 أفريل الجاري، وتنتهي موفى الشهر الحالي، سيتم على إثرها اختيار 25 مؤسسة تونسية جديدة، وفي المحصلة سيبلغ العدد الجملي للمؤسسات التونسية المنتفعة من هذا البرنامج 75 مؤسسة.
*لماذا اقتصر الأمر على 75 مؤسسة تونسية فقط، وهل هناك إمكانية لرفع عدد المستفدين من هذا البرنامج؟
- الميزانية المرصودة للبرنامج تعد جيدة، فهذه المؤسسات ستنتفع بدعم يتجاوز 23 مليون دينار ، وهذه المرة، قررنا ان تكون مرافقتنا لهذه المؤسسات طويلة الأمد، وتطوير جميع قدراتها التنافسية ، وتحسين جودة منتوجها ، ومساعدتها على اقتحام الأسواق الجديدة وضمان مكان لها في الأسواق العالمية عبر توجيه ناجع لعلامتها التصديرية، والأسواق التي يمكن ان تتكيف معها، كما سيشمل البرنامج توفير الإمكانيات اللازمة لإعادة تكوين الإطارات العاملة بهذه المؤسسات ومواكبتها للتغيرات العالمية في كل مجالات التسويق، وكذلك تحسين بنيتها الرقمية ، وربطها بأسواق خارجية وحرفاء خارجيين، وجميع هذه الآليات ستنفذ عبر توفير الخبرات الدولية المناسبة لهذه المؤسسات، وخاصة الخبراء الذين عملوا في شركات خارجية مماثلة، وتمكنوا سابقا من اكتساح الأسواق العالمية، ومبدئيا برنامج الدعم الذي سيرافق هذه المؤسسات، يستهدف الاسواق التقليدية لبلادنا وخاصة الأوروبية منها، وأمريكا الشمالية، والأسواق الخليجية، وآسيا ، وجزء هام من البرنامج سيوجه لاكتساح أسواق إفريقيا ما تحت الصحراء، وهذا توجه استراتيجي لبلادنا التي ترنو التموقع في الأسواق الإفريقية مستقبلا، وخاصة منها التي بإمكانها استيعاب المنتوجات التونسية، وهذه الأسواق تحتاج معرفة خاصة ليست متوفرة بعد في تونس، ولهذا السبب نحن في حاجة لجلب الخبرات الدولية التي ستمكننا من النفاذ الى هذه الأسواق، بالإضافة الى الاستعانة بالخبرات التونسية، في الأنظمة المعلوماتية وآليات التسويق، والاهم من هذا كله، هو توفير التمويلات اللازمة للحصول على الشهادات الدولية، وأيضا التراخيص التي تتيح للمؤسسات المنتفعة بهذا البرنامج من تصدير منتوجاتها دون اي عراقيل، علما وان هذه العملية مكلفة نظرا الى ان العديد من الأسواق الأوروبية على سبيل المثال صارمة في قبولها للمنتوجات الغذائية الخارجية دون مرورها عبر العديد من الاختبارات الصحية، وأيضا اختبارات السلامة والجودة.
*وكم تبلغ تكلفة هذه الاختبارات والتراخيص التي يمكن أن تساعد هذه المؤسسات على النهوض اقتصاديا؟
-يحتاج الأمر الى أكثر من 30 ألف اورو، لكل مؤسسة والميزانية ترتفع أكثر من ذلك، للحصول على تراخيص التسويق في البلدان الأوروبية على سبيل المثال، وتتجاوز في بعض الأحيان حاجز 100 ألف دينار لكل مؤسسة، وهذا المبلغ ليس بالقليل، إلا أننا عبر هذا البرنامج سنوفر كل الاحتياجات اللازمة للمؤسسات التونسية التي بإمكانها تحقيق رقم معاملات جيد خارجيا، علما وان البرنامج لن يوفر سيولة نقدية مباشرة، وإنما سيتكفل بكل التمويلات اللازمة لتسخير الخبرات الدولية، وتوفير التجهيزات المناسبة ، وتكاليف إعادة هيكلتها، ويمكن لبعض المؤسسات الحيوية ان تحصل على دعم مالي في حدود 150 ألف دينار لتوفير احتياجاتها اللازمة.
*هل هناك قطاعات معينة يستهدفها البرنامج الأوروبي لدعم المؤسسات التونسية؟
- البرنامج يشمل جميع القطاعات دون استثناء، والاختيار سيكون على أساس تنافسي، وهدف البرنامج احتواء المؤسسات التونسية التي لديها قابلية للتصدير، ولديها منتج قابل للتطوير، وقدرة مالية جيدة لتحمل نفقات التصدير، مع العلم أن التدخلات التي ستجنيها هذه المؤسسات عبر الدعم المالي ستكون موجهة للخبرات الدولية بالأساس التي سترافقها في عمليات تموقعها في الأسواق الخارجية، وهي بمثابة القيمة المضافة للشركات التونسية المنتفعة من برنامج الدعم الأوروبي.
*وماهي الشروط التي تحدد مدى قابلية هذه المؤسسات لتستفيد من هذا البرنامج الأوروبي؟
-نعتمد في ذلك على تقييم القدرات المالية لهذه المؤسسات في المقام الأول، ومدى قدرتها على تحقيق الإضافة المرجوة في قطاع التصدير، وأيضا مدى استجابة بنيتها الرقمية للمواصفات الدولية ،ومن ثم يتم ترتيب ملف المؤسسات المترشحة للاستفادة من هذا البرنامج واختيار 25 شركة تستجيب لهذه المواصفات، وعملية الاختيار شفافة وتقوم على مقاييس علمية تم تطويرها منذ 25 سنة من قبل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، علما وأننا قمنا خلال السنوات الأخيرة بمواكبة الإصلاحات والتغييرات لفائدة 1400 مؤسسة صغرى ومتوسطة من خلال تسخير الخبرات المحلية والأجنبية لفائدتها، وتطوير مردوديتها في الأسواق المحلية والخارجية، علما وان جزء من الشركات التونسية بدأت تنتفع، مؤخرا، من برنامج "انصدر" في مرحلته الثانية، وتم استقدام العديد من الخبرات الدولية لتقييمها وإطلاق الإصلاحات اللازمة داخلها حتى تتكيف مع التغييرات العالمية، ونرنو من ذلك تحقيق نتائج سريعة تمكن هذه المؤسسات من الرفع من طاقتها التصديرية واكتساح الأسواق الخارجية المناسبة لها، وتحديد الوجهات المناسبة التي تساعدها على توسيع أنشطتها، كما يمكن ان تنتفع هذه الشركات في حال نجاحها بالانتفاع باستثمارات مالية خارج برنامج "انصدر" ، عبر خطوط تمويل مباشرة متوفرة في البنوك التونسية وممولة من طرف البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية.
*وفق تصريحاتك فإن المرحلة الثالثة لبرنامج "انصدر" أوشكت على نهايتها، فهل هناك برامج دعم أخرى في الطريق؟
-المرحلة الثالثة من برنامج انطلقت مثلما أشرنا في بداية الشهر الجاري وتنتهي يوم 30 أفريل القادم، وبإمكان الشركات المترشحة التقدم للاستفادة من هذا البرنامج عبر موقع "Insadder.tn"، علما وان عمليات تسجيل الترشحات سهلة للغاية، وبالإمكان الجميع التقدم، ويكفي الإشارة من قبل المعني بالأمر اهتمامه بالبرنامج حتى يتم قبوله، مع العلم ان برامج الاتحاد الأوروبي لدفع التنمية في بلادنا لا تنتهي، وهي متعددة وشاملة منذ 10 سنوات.
*كم بلغت استثمارات البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية في تونس خلال العشرية الأخيرة؟
-إجمالا بلغت استثمارات البنك الأوروبي الذي يتواجد في تونس منذ 10سنوات ، ما يقارب 1400 مليون أورو آي 1.4 مليار أورو، استهدفت العديد من المشاريع التنموية وخاصة في القطاع الخاص، بالإضافة الى القطاع المالي من بنوك وشركات إيجار مالي، وأيضا مرافقة الشركات الصغرى والمتوسطة ، وأيضا تمويل مشاريع لفائدة البنية التحتية لبلادنا، ومنح قروض لفائدة المؤسسات الوطنية ، أبرزها قرض 300 مليون أورو لفائدة الشركة التونسية للكهرباء والغاز لتطوير مشاريعها الطاقية، علما وان 30 ٪ من هذه التمويلات طالت مشاريع حكومية في الفترة الأخيرة ، مثل قطاعات النقل والسياحة ، مع العلم ان 70% من هذه الاستثمارات موجهة للقطاع الخاص عبر خطوط تمويل تم ضخها في البنوك التونسية.
* هل تدخل البنك الأوروبي لامتصاص تداعيات الجائحة الصحية على المؤسسات التونسية؟
- بطبيعة الحال، كانت هناك تمويلات متعددة للحد من تداعيات الجائحة الصحية على المؤسسات الصغرى والمتوسطة بالأساس، علما وأننا سخرنا كافة الخبرات، وايضا تم رصد العديد من البرامج التمويلية لفائدتها، ومساعدتها على تجاوز أزماتها بأخف الأضرار، وفي فترة "الكوفيد-19" ، ساهمنا في إنقاذ العديد من المؤسسات السياحية من الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي ألحقت بها أضرار فادحة، بالإضافة الى تقديم الدعم المالي المباشر للمنظمات الوطنية مثل منظمة الأعراف و"كونيكت"، والجامعة التونسية للنزل، وجامعة وكالات الأسفار، وجلها عبر تسخير الدعم الفني لتحديد المخاطر التي تشرف عليها هذه المنظمات عبر دراسات علمية دقيقة تستشرف آثار وانعكاسات الجائحة الصحية الأخيرة على نشاط المؤسسات السياحية في البلاد والحلول الواجب اتباعها للحد من اضرارها مستقبلا، وهو الامر الذي مكنها من اعداد مخطط جديد لإنعاش الاقتصاد الوطني وانقاذ هذه المؤسسات من خطر الانهيار ، وهذا الدعم الفني لا يمكن لهذه الهياكل الحصول عليه الا عبر تمويلات ضخمة لتحديد الآليات المناسبة لتجاوز كافة المخاطر التي تهدد مختلف القطاعات ببلادنا.
* بخصوص تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية على العديد من القطاعات في البلاد، هل هناك برنامج لدعم المؤسسات التونسية والتخفيف من حدة الأزمة عليها مستقبلا؟
- طبعا، هناك برامج أخرى للحد من تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية على اقتصادنا الوطني ، وخاصة بعد ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، وأيضا على مستوى فقدان بعض المنتوجات التي وجب إنتاجها محليا، وهناك على سبيل المثال برنامج لتحسين مستوى استهلاك الطاقة لفائدة المؤسسات الكبرى ، وهناك توجه لدفعها على انتاج الطاقة بمفردها وعدم الاعتماد على خدمات شركة الكهرباء والغاز، في خطوة تهدف للتحكم وترشيد الاستهلاك الطاقي لهذه المؤسسات ، والحد من النفقات في المجال الطاقي لضمان توسعها وصمودها مستقبلا في وجه مختلف الأزمات التي يعيشها العالم اليوم ، على غرار الجائحة الصحية الأخيرة والتي كبدت اقتصادنا خسائر كبيرة، استوجبت التدخل لامتصاص تداعياتها على مختلف القطاعات ، وعلى غرار برنامج " انصدر" الموجه لشركات التصدير فقط، هناك برنامج آخر لدعم المؤسسات الناشئة، وهذا البرنامج يتيح كل سنة اختيار العشرات من الشركات الناشئة والناجحة لتوفير الدعم لها ومساعدتها على التمركز محليا وخارجيا، ويصل الدعم المخصص لها الى حدود 200 الف دينار، مع الإشارة ان التوجه العام في الفترة المقبلة دعم المؤسسات الناشئة التي تقدم حلولا ناجعة في الاقتصاد الأخضر ، وخاصة في المجال استهلاك المياه الموجهة للزراعة، كما يجدر التذكير هنا، اننا خلال 10 سنوات قدمنا هبات بقيمة 25 مليون أورو لفائدة 1400 مؤسسة تونسية في جميع القطاعات وفي جميع الجهات الداخلية.
*حاوره : سفيان المهداوي
*برنامج "انصدر" في مرحلته الثالثة سيقدم دعما لفائدة 75 مؤسسة تونسية تنشط في مجال التصدير
* ميزانية برنامج "انصدر" بلغت 23 مليون دينار
*1400 مليون أورو قدمها البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لتونس خلال العشرية الأخيرة
تونس - الصباح
كشف مدير عام برامج الدعم الفني بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أنيس الفاهم ، أمس، في حواره مع "الصباح" ، أن البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية قدم هبات بقيمة 25 مليون أورو لفائدة 1400 مؤسسة تونسية خلال السنوات العشر الماضية، لافتا الى أن حجم التمويلات الإجمالية للبنك الأوروبي منذ انبعاثه في تونس بلغت 1.4 مليار أورو، استهدفت كافة القطاعات والمجالات في البلاد.
وأضاف الفاهم في معرض رده على استفسارات "الصباح"، أنه وعلى غرار هذه التمويلات، سيمكن برنامج "انصدر" الذي انطلق في مرحلته الثالثة بداية من مطلع الشهر الجاري من الرفع في عدد المؤسسات التونسية المستفيدة من هذا البرنامج الموجه للتشجيع على التصدير الى 75 مؤسسة بميزانية ضخمة بلغت 23 مليون دينار.
وأكد مدير عام برامج الدعم الفني بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أنيس الفاهم ، ان هذا البرنامج في مرحلته الثالثة يهدف الى الرفع من قدرة المؤسسات التونسية على التصدير واكتساح الأسواق العالمية، لافتا الى ان البرنامج يتضمن العديد من الآليات لدفع نسق التصدير من خلال توفير التجهيزات المناسبة والمرافقة الفنية وتوفير التراخيص الدولية، وأيضا الخبرات الدولية الفذة لمساعدة هذه المؤسسات على الاندماج في الأسواق العالمية والرفع من قدراتها الإنتاجية، وفيما يلي نص الحوار:
* تم مؤخرا إطلاق برنامج "انصدر" من قبل الاتحاد الأوروبي والبنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية، فماذا يتضمن هذا البرنامج وأي المؤسسات الاقتصادية التونسية التي بإمكانها الانتفاع من هذا البرنامج؟
-دعني أوضح في البداية هذه النقطة المهمة، برنامج " انصدر" هو برنامج مهم ممول من الاتحاد الأوروبي بميزانية تبلغ 23 مليون دينار، وبتنفيذ من البنك الأوروبي للإعمار واعادة التنمية ، ويهدف بالأساس الى تحسين القدرة التنافسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة التونسية ، وتمكينها من اقتحام أسواق جديدة، وأيضا تحسين تموقعها في الأسواق التقليدية، علما وان هذا البرنامج يستهدف صنفين من المؤسسات، أهمها التي لديها القدرة على التصدير، ولم تتمكن من ذلك، وأيضا المؤسسات التونسية التي تصدر بأقل من 30٪ من رقم المعاملات الجملي من صادراتها، والهدف من البرنامج مواكبة المؤسسات الاقتصادية خلال فترة تمتد لثلاث سنوات، وتمكينها من جميع الآليات التي تسمح لها بتطوير قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية، سواء من حيث جودة المنتوج أو إدارة عمليات التسويق، والتصدير، وإدارة العمليات المالية.
* ماهي الآليات التي سيعتمدها البرنامج الأوروبي للنهوض بوضعية هذه المؤسسات؟
-هناك 3 آليات سيعتمدها البرنامج الأوروبي للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة ، وتتمثل الأولى في توفير الخبرات الدولية المناسبة، وأيضا إصلاحها، ومن ثم إدماجها في الأسواق العالمية.
* كم يبلغ عدد المؤسسات التونسية التي ستنتفع من هذا البرنامج، وكم بلغ عدد المنتفعين في المرحلة الأولى؟
-البرنامج في صيغته الأولية يهدف الى تقديم الدعم لقرابة 75 مؤسسة تونسية، وتم فتح باب الترشحات للحصول على دعم برنامج "انصدر" مرتين، الأولى كانت في 1 جوان 2021، والثانية في 1 نوفمبر 2021، وتم خلالهما قبول 25 شركة تونسية للاستفادة من هذا البرنامج اي قرابة 50 مؤسسة خلال الدورتين، بالإضافة الى فتح باب الترشحات مجددا خلال 1 أفريل الجاري، وتنتهي موفى الشهر الحالي، سيتم على إثرها اختيار 25 مؤسسة تونسية جديدة، وفي المحصلة سيبلغ العدد الجملي للمؤسسات التونسية المنتفعة من هذا البرنامج 75 مؤسسة.
*لماذا اقتصر الأمر على 75 مؤسسة تونسية فقط، وهل هناك إمكانية لرفع عدد المستفدين من هذا البرنامج؟
- الميزانية المرصودة للبرنامج تعد جيدة، فهذه المؤسسات ستنتفع بدعم يتجاوز 23 مليون دينار ، وهذه المرة، قررنا ان تكون مرافقتنا لهذه المؤسسات طويلة الأمد، وتطوير جميع قدراتها التنافسية ، وتحسين جودة منتوجها ، ومساعدتها على اقتحام الأسواق الجديدة وضمان مكان لها في الأسواق العالمية عبر توجيه ناجع لعلامتها التصديرية، والأسواق التي يمكن ان تتكيف معها، كما سيشمل البرنامج توفير الإمكانيات اللازمة لإعادة تكوين الإطارات العاملة بهذه المؤسسات ومواكبتها للتغيرات العالمية في كل مجالات التسويق، وكذلك تحسين بنيتها الرقمية ، وربطها بأسواق خارجية وحرفاء خارجيين، وجميع هذه الآليات ستنفذ عبر توفير الخبرات الدولية المناسبة لهذه المؤسسات، وخاصة الخبراء الذين عملوا في شركات خارجية مماثلة، وتمكنوا سابقا من اكتساح الأسواق العالمية، ومبدئيا برنامج الدعم الذي سيرافق هذه المؤسسات، يستهدف الاسواق التقليدية لبلادنا وخاصة الأوروبية منها، وأمريكا الشمالية، والأسواق الخليجية، وآسيا ، وجزء هام من البرنامج سيوجه لاكتساح أسواق إفريقيا ما تحت الصحراء، وهذا توجه استراتيجي لبلادنا التي ترنو التموقع في الأسواق الإفريقية مستقبلا، وخاصة منها التي بإمكانها استيعاب المنتوجات التونسية، وهذه الأسواق تحتاج معرفة خاصة ليست متوفرة بعد في تونس، ولهذا السبب نحن في حاجة لجلب الخبرات الدولية التي ستمكننا من النفاذ الى هذه الأسواق، بالإضافة الى الاستعانة بالخبرات التونسية، في الأنظمة المعلوماتية وآليات التسويق، والاهم من هذا كله، هو توفير التمويلات اللازمة للحصول على الشهادات الدولية، وأيضا التراخيص التي تتيح للمؤسسات المنتفعة بهذا البرنامج من تصدير منتوجاتها دون اي عراقيل، علما وان هذه العملية مكلفة نظرا الى ان العديد من الأسواق الأوروبية على سبيل المثال صارمة في قبولها للمنتوجات الغذائية الخارجية دون مرورها عبر العديد من الاختبارات الصحية، وأيضا اختبارات السلامة والجودة.
*وكم تبلغ تكلفة هذه الاختبارات والتراخيص التي يمكن أن تساعد هذه المؤسسات على النهوض اقتصاديا؟
-يحتاج الأمر الى أكثر من 30 ألف اورو، لكل مؤسسة والميزانية ترتفع أكثر من ذلك، للحصول على تراخيص التسويق في البلدان الأوروبية على سبيل المثال، وتتجاوز في بعض الأحيان حاجز 100 ألف دينار لكل مؤسسة، وهذا المبلغ ليس بالقليل، إلا أننا عبر هذا البرنامج سنوفر كل الاحتياجات اللازمة للمؤسسات التونسية التي بإمكانها تحقيق رقم معاملات جيد خارجيا، علما وان البرنامج لن يوفر سيولة نقدية مباشرة، وإنما سيتكفل بكل التمويلات اللازمة لتسخير الخبرات الدولية، وتوفير التجهيزات المناسبة ، وتكاليف إعادة هيكلتها، ويمكن لبعض المؤسسات الحيوية ان تحصل على دعم مالي في حدود 150 ألف دينار لتوفير احتياجاتها اللازمة.
*هل هناك قطاعات معينة يستهدفها البرنامج الأوروبي لدعم المؤسسات التونسية؟
- البرنامج يشمل جميع القطاعات دون استثناء، والاختيار سيكون على أساس تنافسي، وهدف البرنامج احتواء المؤسسات التونسية التي لديها قابلية للتصدير، ولديها منتج قابل للتطوير، وقدرة مالية جيدة لتحمل نفقات التصدير، مع العلم أن التدخلات التي ستجنيها هذه المؤسسات عبر الدعم المالي ستكون موجهة للخبرات الدولية بالأساس التي سترافقها في عمليات تموقعها في الأسواق الخارجية، وهي بمثابة القيمة المضافة للشركات التونسية المنتفعة من برنامج الدعم الأوروبي.
*وماهي الشروط التي تحدد مدى قابلية هذه المؤسسات لتستفيد من هذا البرنامج الأوروبي؟
-نعتمد في ذلك على تقييم القدرات المالية لهذه المؤسسات في المقام الأول، ومدى قدرتها على تحقيق الإضافة المرجوة في قطاع التصدير، وأيضا مدى استجابة بنيتها الرقمية للمواصفات الدولية ،ومن ثم يتم ترتيب ملف المؤسسات المترشحة للاستفادة من هذا البرنامج واختيار 25 شركة تستجيب لهذه المواصفات، وعملية الاختيار شفافة وتقوم على مقاييس علمية تم تطويرها منذ 25 سنة من قبل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، علما وأننا قمنا خلال السنوات الأخيرة بمواكبة الإصلاحات والتغييرات لفائدة 1400 مؤسسة صغرى ومتوسطة من خلال تسخير الخبرات المحلية والأجنبية لفائدتها، وتطوير مردوديتها في الأسواق المحلية والخارجية، علما وان جزء من الشركات التونسية بدأت تنتفع، مؤخرا، من برنامج "انصدر" في مرحلته الثانية، وتم استقدام العديد من الخبرات الدولية لتقييمها وإطلاق الإصلاحات اللازمة داخلها حتى تتكيف مع التغييرات العالمية، ونرنو من ذلك تحقيق نتائج سريعة تمكن هذه المؤسسات من الرفع من طاقتها التصديرية واكتساح الأسواق الخارجية المناسبة لها، وتحديد الوجهات المناسبة التي تساعدها على توسيع أنشطتها، كما يمكن ان تنتفع هذه الشركات في حال نجاحها بالانتفاع باستثمارات مالية خارج برنامج "انصدر" ، عبر خطوط تمويل مباشرة متوفرة في البنوك التونسية وممولة من طرف البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية.
*وفق تصريحاتك فإن المرحلة الثالثة لبرنامج "انصدر" أوشكت على نهايتها، فهل هناك برامج دعم أخرى في الطريق؟
-المرحلة الثالثة من برنامج انطلقت مثلما أشرنا في بداية الشهر الجاري وتنتهي يوم 30 أفريل القادم، وبإمكان الشركات المترشحة التقدم للاستفادة من هذا البرنامج عبر موقع "Insadder.tn"، علما وان عمليات تسجيل الترشحات سهلة للغاية، وبالإمكان الجميع التقدم، ويكفي الإشارة من قبل المعني بالأمر اهتمامه بالبرنامج حتى يتم قبوله، مع العلم ان برامج الاتحاد الأوروبي لدفع التنمية في بلادنا لا تنتهي، وهي متعددة وشاملة منذ 10 سنوات.
*كم بلغت استثمارات البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية في تونس خلال العشرية الأخيرة؟
-إجمالا بلغت استثمارات البنك الأوروبي الذي يتواجد في تونس منذ 10سنوات ، ما يقارب 1400 مليون أورو آي 1.4 مليار أورو، استهدفت العديد من المشاريع التنموية وخاصة في القطاع الخاص، بالإضافة الى القطاع المالي من بنوك وشركات إيجار مالي، وأيضا مرافقة الشركات الصغرى والمتوسطة ، وأيضا تمويل مشاريع لفائدة البنية التحتية لبلادنا، ومنح قروض لفائدة المؤسسات الوطنية ، أبرزها قرض 300 مليون أورو لفائدة الشركة التونسية للكهرباء والغاز لتطوير مشاريعها الطاقية، علما وان 30 ٪ من هذه التمويلات طالت مشاريع حكومية في الفترة الأخيرة ، مثل قطاعات النقل والسياحة ، مع العلم ان 70% من هذه الاستثمارات موجهة للقطاع الخاص عبر خطوط تمويل تم ضخها في البنوك التونسية.
* هل تدخل البنك الأوروبي لامتصاص تداعيات الجائحة الصحية على المؤسسات التونسية؟
- بطبيعة الحال، كانت هناك تمويلات متعددة للحد من تداعيات الجائحة الصحية على المؤسسات الصغرى والمتوسطة بالأساس، علما وأننا سخرنا كافة الخبرات، وايضا تم رصد العديد من البرامج التمويلية لفائدتها، ومساعدتها على تجاوز أزماتها بأخف الأضرار، وفي فترة "الكوفيد-19" ، ساهمنا في إنقاذ العديد من المؤسسات السياحية من الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي ألحقت بها أضرار فادحة، بالإضافة الى تقديم الدعم المالي المباشر للمنظمات الوطنية مثل منظمة الأعراف و"كونيكت"، والجامعة التونسية للنزل، وجامعة وكالات الأسفار، وجلها عبر تسخير الدعم الفني لتحديد المخاطر التي تشرف عليها هذه المنظمات عبر دراسات علمية دقيقة تستشرف آثار وانعكاسات الجائحة الصحية الأخيرة على نشاط المؤسسات السياحية في البلاد والحلول الواجب اتباعها للحد من اضرارها مستقبلا، وهو الامر الذي مكنها من اعداد مخطط جديد لإنعاش الاقتصاد الوطني وانقاذ هذه المؤسسات من خطر الانهيار ، وهذا الدعم الفني لا يمكن لهذه الهياكل الحصول عليه الا عبر تمويلات ضخمة لتحديد الآليات المناسبة لتجاوز كافة المخاطر التي تهدد مختلف القطاعات ببلادنا.
* بخصوص تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية على العديد من القطاعات في البلاد، هل هناك برنامج لدعم المؤسسات التونسية والتخفيف من حدة الأزمة عليها مستقبلا؟
- طبعا، هناك برامج أخرى للحد من تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية على اقتصادنا الوطني ، وخاصة بعد ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، وأيضا على مستوى فقدان بعض المنتوجات التي وجب إنتاجها محليا، وهناك على سبيل المثال برنامج لتحسين مستوى استهلاك الطاقة لفائدة المؤسسات الكبرى ، وهناك توجه لدفعها على انتاج الطاقة بمفردها وعدم الاعتماد على خدمات شركة الكهرباء والغاز، في خطوة تهدف للتحكم وترشيد الاستهلاك الطاقي لهذه المؤسسات ، والحد من النفقات في المجال الطاقي لضمان توسعها وصمودها مستقبلا في وجه مختلف الأزمات التي يعيشها العالم اليوم ، على غرار الجائحة الصحية الأخيرة والتي كبدت اقتصادنا خسائر كبيرة، استوجبت التدخل لامتصاص تداعياتها على مختلف القطاعات ، وعلى غرار برنامج " انصدر" الموجه لشركات التصدير فقط، هناك برنامج آخر لدعم المؤسسات الناشئة، وهذا البرنامج يتيح كل سنة اختيار العشرات من الشركات الناشئة والناجحة لتوفير الدعم لها ومساعدتها على التمركز محليا وخارجيا، ويصل الدعم المخصص لها الى حدود 200 الف دينار، مع الإشارة ان التوجه العام في الفترة المقبلة دعم المؤسسات الناشئة التي تقدم حلولا ناجعة في الاقتصاد الأخضر ، وخاصة في المجال استهلاك المياه الموجهة للزراعة، كما يجدر التذكير هنا، اننا خلال 10 سنوات قدمنا هبات بقيمة 25 مليون أورو لفائدة 1400 مؤسسة تونسية في جميع القطاعات وفي جميع الجهات الداخلية.