تدرس الحكومة منذ فترة إعادة النظر في منظومة دعم المحروقات، من أجل مزيد ترشيد الدعم وتوجيهه نحو مستحقيه، ومؤخّرا ، أعلنت وزارة الصناعة والطاقة والمناجم، عن رفع قيمة التعديل الشهري لسعر البيع العموم للمواد البترولية، في إطار آلية تعديل اسعار المحروقات، الى 5% من سعر البيع الجاري به العمل به منذ آخر تعديل وذلك بالترفيع أو بالتخفيض بدلا من نسبة 1.5%، وهي خطوة تتزامن مع ارتفاع أسعار النفط عالميا وتراجع ايرادات خزينة الدولة.
ورفعت وزارة الطاقة سعر لتر البنزين من 1.955 دينار إلى 1.995 دينار، وذلك بعد سلسلة من التخفيضات شملت أسعار الوقود ثلاث مرات العام الماضي بسبب تهاوي أسعار النفط فى السوق العالمية، ونص قرار 31 مارس 2020، على ان قيمة التعديل الشهري لسعر البيع للعموم للمحروقات لا يمكن ان تتجاوز نسبة 1.5 % من سعر البيع الجاري به العمل منذ آخر تحيين وذلك بالترفيع او بالتخفيض لكنها تتيح فرضية ترفيع النسبة الى 2%.
وقررت الوزارة تقييم آلية التعديل الشهري لاسعار المحروقات بشكل سنوي على مستوى المنهجية المتبعة والنتائج والاثار المسجلة عبر الغاء الفصل 7 من قرار 31 مارس 2020 الذي ينص على تقييمها سنة 2020 فقط.
وتم الاعلان عن آخر تعديل لاسعار بيع المحروقات للعموم غرة أفريل وذلك في اطار تطبيق آلية التعديل الاوتوماتيكي لأسعار بعض المواد البترولية، وعلى إثر اجتماع اللجنة الفنية المكلفة بضبط الأسعار لشهر مارس 2021.
ورفعت اللجنة اسعار بيع البنزين الخالي من الرصاص للعموم ب 40 مليم للتر ليصبح 1995 مليما /لتر عوضا عن1955 مليما /لتر وسعر الغازوال العادي بـ30 مليم للتر ليصبح 1530 مليما/لتر عوضا عن 1500 مليما/لتر والغازوال بدون كبريت بـ 35 مليما للتر ليصبح 1720 مليما/لتر عوضا عن 1685 مليما/لتر.
وحذر صندوق النقد الدولى هذا الشهر من أن عجز تونس المالى قد يتجاوز 9 بالمائة من الناتج المحلى الإجمالى إذا لم تطبق الحكومة إصلاحات ضرورية منها السيطرة على أسعار الطاقة ورفع الدعم عنها كليا، وهي خطوة أربكت كافة الحكومة منذ سنة 2013 ، حيث ان الرفع الكلي للدعم سيؤدي الى حالة من السخط الشعبي الذي لا يمكن السيطرة عليه، ما دفع بالحكومات المتعاقبة الى تنفيذ سياسة الرفع التدريجي للدعم والبحث عن موارد اضافية للدولة.
وتواجه تونس مصاعب اقتصادية غير مسبوقة، إذ بلغ العجز المالى 11.5 بالمائة من الناتج المحلى الاجمالى فى 2020، وهو أعلى مستوى منذ عقود، في حين تسعى الحكومة في ميزانية 2021 الى خفض العجز المالى إلى 6.6 بالمائة من خلال مراجعة منظومات الدعم وعلى رأسها الطاقة.
وفي بداية الشهر الحالي، رفعت الحكومة التونسية أسعار الوقود بنحو 2%، وهي أول زيادة منذ عامين، في مسعى لكبح عجز في الميزانية والاستجابة لمطالب المقرضين الدوليين بإجراء إصلاحات، وتظهر الأرقام أن الحكومة التونسية رفعت أسعار الوقود بنحو 24% منذ إبرام اتفاق مع صندوق النقد في 2016 لتنفيذ برنامج اقتصادي، يتضمن تقليص الدعم وترشيد الإنفاق مقابل قرض بقيمة 2.98 مليار دولار يصرف على مدى أربع سنوات.
وأشارت بيانات رسمية لوزارة الطاقة إلى أن زيادة بدولار واحد في سعر البرميل عن السعر المرجعيّ تؤدي إلى زيادة في نفقات الدعم بقيمة 112 مليون دينار ،ومن المرتقب أن تشهد أسعار المحروقات ارتفاعا خلال 2021 بعد إقرار تخفيض في حجم الدعم الموجه للمواد البترولية.
وأقر مشروع قانون المالية لسنة 2020 على تقليص حجم الميزانية المخصصة لدعم المحروقات بأكثر من 25 بالمائة، ونص مشروع قانون المالية على التقليص في حجم دعم المحروقات إلى حدود 1880 مليون دينار سنة 2020 بعد أن كانت في حدود 2538 مليون دينار سنة 2019 واكثر من 5000 مليون خلال 2013 ، وحاليا لا يتجاوز أكثر من 700 مليون دينار.
وفسرت وزارة المالية في مشروع قانون المالية أسباب التخفيض في حجم الدعم الموجه للمحروقات بتوقعات تتعلق أساسا بزيادة حجم الانتاج الوطني من النفط الخام بـ591 طن و887 مليون من الغاز الطبيعي ، ونص المشروع على التخفيض في واردات المنتوجات النفطية بكمية إلى حدود 721 مليون طن.
ويتوقع أن تشهد أسعار بيع المحروقات للعموم ارتفاعا مع تطور أسعار النفظ في العالم مع العلم أن مشروع قانون المالية اعتمد فرضية سعر برميل النفط من نوع برنت عند 65 دولار للبرميل، حيث تضمن مشروع ميزانيّة الدولة لسنة 2021 ، تخفيضا في قيمة ميزانية وزارة الصناعة والطاقة والمناجم بنسبة 68,52 بالمائة من حيث ميزانيتها لسنة 2021 ، اي 679 مليون دينار، بعد ان كانت في حدود 2,157 مليون دينار سنة 2020.
تغيير وجهة الدعم لخلاص الديون
وشهدت ميزانية 2021 جملة من الاجراءات المتعلقة بمراجعة منظومة الدعم وطالت المواد الاستهلاكية المدعمة بالدرجة الاولى، فيما بلغت نفقات الدعم 6236 م د مقابل 4180 م د مقدرة أي بزيادة صافية بـ +2056 م د وتم تخصيص 1600 م. د لتسوية نفقات الدعم بعنوان المحروقات للسنوات الفارطة و1550م. د لتسوية نفقات الدعم بعنوان المواد للسنوات الفارطة و100 م. د كجزء من متخلدات شركات النقل بعنوان الدعم و1194م. د لدعم نفقات المحروقات العالقة مع تدني أسعار النفط الى جانب 935 م. د نفقات طارئة لمجابهة جائحة كورونا.
وسجل الطلب على المواد البترولية الى موفى أوت 2020 انخفاضا بنسبة 13 ٪ بالمقارنة بنفس الفترة لسنة 2019، وقد سجل استهلاك البنزين والغازوال انخفاضا في المجمل بنسبة تتراوح بين 4٪ و11% بسبب تداعيات مجابهة جائحة كورونا على التنقل وآثار سياسة العزل والتوقي بصفة عامة على الأنشطة الاقتصادية الوطنية، ما أثر سلبا على استهلاك كيروزان الطيران الذي شهد تراجعا حادا بنسبة 66 ٪ الى موفى شهر أوت من سنة 2020 بسبب تراجع حركة الطيران على المستوى الوطني والدولى.
وسجل انتاج الغاز التجاري الى موفي شهر أوت 2020 ارتفاعا طفيفا بنسبة 0.2% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019 إذ بلغ حوالي 1.073 مليون طن موازي نفط مقابل 1.071 مليون طن موازي نفط خلال نفس الفترة من سنة 2019 ،ويعود هذا أساسا حسب آخر نشرية صادرة عن الطاقة والمناجم إلى دخول حقل نوارة حيز الاستغلال مع تواصل الانخفاض في انتاج أهم الحقول.
كما سجل الطلب الجملي على الطاقة الأولية 5.9 مليون طن مكافئ نفط موفى أوت 2020 ،مسجلا بذلك انخفاضا بـنسبة 9% بالمقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة، إذ شهد الطلب على المواد البترولية انخفاضا ملحوظا بـ13% وانخفض الطلب على الغاز الطبيعي بـ 6% وذلك تبعا للإجراءات الاستثنائية التي تم اتخاذها لمجابهة جائحة كورونا والتي اثرت بصفة مباشرة على استهلاك الطاقة.
وسجل ميزان الطاقة، عجزا ب 3.3 مليون طن مكافئ نفط موفي أوت 2020 مقابل عجز بـ 3.8 مليون طن مكافئ نفط خلال نفس الفترة من سنة 2019 أي بتحسن بنسبة 13%، اما بخصوص نسبة الاستقلالية الطاقية (نسبة تغطية الموارد المتاحة للطلب الجملي) فقد سجلت هي الاخرى تحسنا لتبلغ 44% موفى أوت 2020 مقابل 41% خلال نفس الفترة من العالم الماضي.
وكشفت بيانات حديثة عن تسجيل انخفاض في قيمة الصادرات بنسبة 47٪ مصحوبة بانخفاض في الواردات بنسبة 35٪ وخاصة على مستوى واردات المواد البترولية بحوالي 47٪. وتجدر الاشارة الى ان عجز الميزان التجاري الطاقي سجل انخفاضا ملحوظا الى موفي أوت لسنة 2020 بالمقارنة بالسنة الماضية حيث بلغ 3397 مليون دينار مقابل 4883 مليون دينار، أي بتحسن بنسبة 30 ٪.
انخفاض انتاج النفط الخام
كما سجل الإنتاج الوطني للنفط الى موفي شهر أوت 2020 انخفاضا بحوالي 1.13 مليون طن موازي نفط مسجلا انخفاضا بنسبة 3% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019 حيث بلغ حوالي 1.17 مليون طن موازي نفط،كما بلغ إنتاج سوائل الغاز حوالي 102 ألف طن موازي نفط الى موفي شهر أوت 2020 مقابل 111 ألف طن موازي نفط خلال نفس الفترة من سنة 2019 مسجلا تراجعا بنسبة 8٪.
وتعول تونس بشكل أساسي في الاونة الاخيرة على "حقل نوارة" للغاز الطبيعي بولاية تطاوين جنوب البلاد ، إذ يمثل أكبر مشروع بقيمة استثمارية 3.5 مليارات دينار (1.24 مليار دولار)، وبطاقة إنتاجية 2.7 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، الا ان توقفه منتصف الشهر الماضي بسبب اعتصام الكامور أدى الى خسائر حادة في عمليات الانتاج، كما يهدد توقف العمل بهذا الحقل الامن الطاقي للبلاد التونسية ، وماتزال الاحتجاجات تهدد من حين الى آخر عمليات الانتاج.
ويلاحظ من خلال ميزانية 2021 ، تغير نمط الدعم الذي كان من المفروض ان يوجه لدعم المواد الاستهلاكية بدرجة أولى، الا أنه تم تغيير جزء من الاموال المرصودة نحو تسوية ديون المحروقات للسنوات الفارطة وخلاص جزء من ديون المؤسسات العمومية، بالاضافة الى مراجعة المعاليم الموظفة على واردات المواد الاستهلاكية، بمقتضى الفصل 39 من قانون المالية لسنة 2018.
وبدأت تونس منذ سنوات في اتخاذ اجراءات غير مدروسة لرفع الدعم عن عدد من المواد الأساسية تدريجيا ، وذلك رغم السخط الشعبي من هذه الاجراءات التي ألحقت ضررا كبيرا في المقدرة الشرائية للتونسيين، واعتمدت الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2017 اجراءات تقوم على رفع الدعم التدريجي للعديد من المواد الاستهلاكية ، وشملت ايضا المواد الطاقية والوقود.
ضربة قاضية لمحدودي الدخل
ويعتقد خبراء صندوق النقد الدولي ان رفع الدعم سيعود على تونس اجمالا بحزمة من الفوائد الاقتصادية المعتبرة وتتمثل أساسا في توفير مبالغ مالية معتبرة من العملة الصعبة كانت تدفع مقابل الدعم للوقود ومشتقاتها ، وتوفير في حجم استهلاك المحروقات بعد رفع الدعم في الحدود الاقتصادية الطبيعية وفقا للحاجات الفعلية للاستهلاك، وإنهاء ظاهرة تهريب الوقود مما يساهم في استقرار ووفرة المعروض، واستخدام الأموال الموفرة لدعم البنية التحتية في البلد وخاصة في قطاع النقل من حيث توفير وسائل النقل العامة وكذلك استكمال الطرق الحديدية وصيانة وانشاء الطرق البرية.
لكن رغم ما تقدمه هذه الآلية من توزيع عادل لثروات البلاد، الا ان الرفع الكلي للدعم الموجه للطاقة، سيؤدي مستقبلا الى غلاء المعيشة وانهيار القدرة الشرائية للتونسيين ، خصوصا وان أسعار النقل سترتفع بمعدل الضعفين ، وسيشمل ذلك العديد من أسعار المنتوجات المحلية والاجنبية ، ما يولد حالة من الاحتقان الشعبي التي يصعب السيطرة عليها.
ويحذر الخبراء الذين التقت بهم "الصباح" من عواقب تنفيذ أي إجراء دون دراسته جيدا، خصوصا مع ازمة كوفيد-19 التي شلت الاقتصاد الوطني، وأضعفت أجهزة الدولة ، مشددين على ان هذه الاجراءات ستعود بالبلاد الى نقطة الصفر في كافة المجالات ، فهي وان كانت تخدم ميزانية الدولة وايراداتها، فإنها لا تخدم المواطنين وجيوبهم التي أرهقت واستنزفت منذ عقد من الزمن.
سفيان المهداوي
تدرس الحكومة منذ فترة إعادة النظر في منظومة دعم المحروقات، من أجل مزيد ترشيد الدعم وتوجيهه نحو مستحقيه، ومؤخّرا ، أعلنت وزارة الصناعة والطاقة والمناجم، عن رفع قيمة التعديل الشهري لسعر البيع العموم للمواد البترولية، في إطار آلية تعديل اسعار المحروقات، الى 5% من سعر البيع الجاري به العمل به منذ آخر تعديل وذلك بالترفيع أو بالتخفيض بدلا من نسبة 1.5%، وهي خطوة تتزامن مع ارتفاع أسعار النفط عالميا وتراجع ايرادات خزينة الدولة.
ورفعت وزارة الطاقة سعر لتر البنزين من 1.955 دينار إلى 1.995 دينار، وذلك بعد سلسلة من التخفيضات شملت أسعار الوقود ثلاث مرات العام الماضي بسبب تهاوي أسعار النفط فى السوق العالمية، ونص قرار 31 مارس 2020، على ان قيمة التعديل الشهري لسعر البيع للعموم للمحروقات لا يمكن ان تتجاوز نسبة 1.5 % من سعر البيع الجاري به العمل منذ آخر تحيين وذلك بالترفيع او بالتخفيض لكنها تتيح فرضية ترفيع النسبة الى 2%.
وقررت الوزارة تقييم آلية التعديل الشهري لاسعار المحروقات بشكل سنوي على مستوى المنهجية المتبعة والنتائج والاثار المسجلة عبر الغاء الفصل 7 من قرار 31 مارس 2020 الذي ينص على تقييمها سنة 2020 فقط.
وتم الاعلان عن آخر تعديل لاسعار بيع المحروقات للعموم غرة أفريل وذلك في اطار تطبيق آلية التعديل الاوتوماتيكي لأسعار بعض المواد البترولية، وعلى إثر اجتماع اللجنة الفنية المكلفة بضبط الأسعار لشهر مارس 2021.
ورفعت اللجنة اسعار بيع البنزين الخالي من الرصاص للعموم ب 40 مليم للتر ليصبح 1995 مليما /لتر عوضا عن1955 مليما /لتر وسعر الغازوال العادي بـ30 مليم للتر ليصبح 1530 مليما/لتر عوضا عن 1500 مليما/لتر والغازوال بدون كبريت بـ 35 مليما للتر ليصبح 1720 مليما/لتر عوضا عن 1685 مليما/لتر.
وحذر صندوق النقد الدولى هذا الشهر من أن عجز تونس المالى قد يتجاوز 9 بالمائة من الناتج المحلى الإجمالى إذا لم تطبق الحكومة إصلاحات ضرورية منها السيطرة على أسعار الطاقة ورفع الدعم عنها كليا، وهي خطوة أربكت كافة الحكومة منذ سنة 2013 ، حيث ان الرفع الكلي للدعم سيؤدي الى حالة من السخط الشعبي الذي لا يمكن السيطرة عليه، ما دفع بالحكومات المتعاقبة الى تنفيذ سياسة الرفع التدريجي للدعم والبحث عن موارد اضافية للدولة.
وتواجه تونس مصاعب اقتصادية غير مسبوقة، إذ بلغ العجز المالى 11.5 بالمائة من الناتج المحلى الاجمالى فى 2020، وهو أعلى مستوى منذ عقود، في حين تسعى الحكومة في ميزانية 2021 الى خفض العجز المالى إلى 6.6 بالمائة من خلال مراجعة منظومات الدعم وعلى رأسها الطاقة.
وفي بداية الشهر الحالي، رفعت الحكومة التونسية أسعار الوقود بنحو 2%، وهي أول زيادة منذ عامين، في مسعى لكبح عجز في الميزانية والاستجابة لمطالب المقرضين الدوليين بإجراء إصلاحات، وتظهر الأرقام أن الحكومة التونسية رفعت أسعار الوقود بنحو 24% منذ إبرام اتفاق مع صندوق النقد في 2016 لتنفيذ برنامج اقتصادي، يتضمن تقليص الدعم وترشيد الإنفاق مقابل قرض بقيمة 2.98 مليار دولار يصرف على مدى أربع سنوات.
وأشارت بيانات رسمية لوزارة الطاقة إلى أن زيادة بدولار واحد في سعر البرميل عن السعر المرجعيّ تؤدي إلى زيادة في نفقات الدعم بقيمة 112 مليون دينار ،ومن المرتقب أن تشهد أسعار المحروقات ارتفاعا خلال 2021 بعد إقرار تخفيض في حجم الدعم الموجه للمواد البترولية.
وأقر مشروع قانون المالية لسنة 2020 على تقليص حجم الميزانية المخصصة لدعم المحروقات بأكثر من 25 بالمائة، ونص مشروع قانون المالية على التقليص في حجم دعم المحروقات إلى حدود 1880 مليون دينار سنة 2020 بعد أن كانت في حدود 2538 مليون دينار سنة 2019 واكثر من 5000 مليون خلال 2013 ، وحاليا لا يتجاوز أكثر من 700 مليون دينار.
وفسرت وزارة المالية في مشروع قانون المالية أسباب التخفيض في حجم الدعم الموجه للمحروقات بتوقعات تتعلق أساسا بزيادة حجم الانتاج الوطني من النفط الخام بـ591 طن و887 مليون من الغاز الطبيعي ، ونص المشروع على التخفيض في واردات المنتوجات النفطية بكمية إلى حدود 721 مليون طن.
ويتوقع أن تشهد أسعار بيع المحروقات للعموم ارتفاعا مع تطور أسعار النفظ في العالم مع العلم أن مشروع قانون المالية اعتمد فرضية سعر برميل النفط من نوع برنت عند 65 دولار للبرميل، حيث تضمن مشروع ميزانيّة الدولة لسنة 2021 ، تخفيضا في قيمة ميزانية وزارة الصناعة والطاقة والمناجم بنسبة 68,52 بالمائة من حيث ميزانيتها لسنة 2021 ، اي 679 مليون دينار، بعد ان كانت في حدود 2,157 مليون دينار سنة 2020.
تغيير وجهة الدعم لخلاص الديون
وشهدت ميزانية 2021 جملة من الاجراءات المتعلقة بمراجعة منظومة الدعم وطالت المواد الاستهلاكية المدعمة بالدرجة الاولى، فيما بلغت نفقات الدعم 6236 م د مقابل 4180 م د مقدرة أي بزيادة صافية بـ +2056 م د وتم تخصيص 1600 م. د لتسوية نفقات الدعم بعنوان المحروقات للسنوات الفارطة و1550م. د لتسوية نفقات الدعم بعنوان المواد للسنوات الفارطة و100 م. د كجزء من متخلدات شركات النقل بعنوان الدعم و1194م. د لدعم نفقات المحروقات العالقة مع تدني أسعار النفط الى جانب 935 م. د نفقات طارئة لمجابهة جائحة كورونا.
وسجل الطلب على المواد البترولية الى موفى أوت 2020 انخفاضا بنسبة 13 ٪ بالمقارنة بنفس الفترة لسنة 2019، وقد سجل استهلاك البنزين والغازوال انخفاضا في المجمل بنسبة تتراوح بين 4٪ و11% بسبب تداعيات مجابهة جائحة كورونا على التنقل وآثار سياسة العزل والتوقي بصفة عامة على الأنشطة الاقتصادية الوطنية، ما أثر سلبا على استهلاك كيروزان الطيران الذي شهد تراجعا حادا بنسبة 66 ٪ الى موفى شهر أوت من سنة 2020 بسبب تراجع حركة الطيران على المستوى الوطني والدولى.
وسجل انتاج الغاز التجاري الى موفي شهر أوت 2020 ارتفاعا طفيفا بنسبة 0.2% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019 إذ بلغ حوالي 1.073 مليون طن موازي نفط مقابل 1.071 مليون طن موازي نفط خلال نفس الفترة من سنة 2019 ،ويعود هذا أساسا حسب آخر نشرية صادرة عن الطاقة والمناجم إلى دخول حقل نوارة حيز الاستغلال مع تواصل الانخفاض في انتاج أهم الحقول.
كما سجل الطلب الجملي على الطاقة الأولية 5.9 مليون طن مكافئ نفط موفى أوت 2020 ،مسجلا بذلك انخفاضا بـنسبة 9% بالمقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة، إذ شهد الطلب على المواد البترولية انخفاضا ملحوظا بـ13% وانخفض الطلب على الغاز الطبيعي بـ 6% وذلك تبعا للإجراءات الاستثنائية التي تم اتخاذها لمجابهة جائحة كورونا والتي اثرت بصفة مباشرة على استهلاك الطاقة.
وسجل ميزان الطاقة، عجزا ب 3.3 مليون طن مكافئ نفط موفي أوت 2020 مقابل عجز بـ 3.8 مليون طن مكافئ نفط خلال نفس الفترة من سنة 2019 أي بتحسن بنسبة 13%، اما بخصوص نسبة الاستقلالية الطاقية (نسبة تغطية الموارد المتاحة للطلب الجملي) فقد سجلت هي الاخرى تحسنا لتبلغ 44% موفى أوت 2020 مقابل 41% خلال نفس الفترة من العالم الماضي.
وكشفت بيانات حديثة عن تسجيل انخفاض في قيمة الصادرات بنسبة 47٪ مصحوبة بانخفاض في الواردات بنسبة 35٪ وخاصة على مستوى واردات المواد البترولية بحوالي 47٪. وتجدر الاشارة الى ان عجز الميزان التجاري الطاقي سجل انخفاضا ملحوظا الى موفي أوت لسنة 2020 بالمقارنة بالسنة الماضية حيث بلغ 3397 مليون دينار مقابل 4883 مليون دينار، أي بتحسن بنسبة 30 ٪.
انخفاض انتاج النفط الخام
كما سجل الإنتاج الوطني للنفط الى موفي شهر أوت 2020 انخفاضا بحوالي 1.13 مليون طن موازي نفط مسجلا انخفاضا بنسبة 3% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019 حيث بلغ حوالي 1.17 مليون طن موازي نفط،كما بلغ إنتاج سوائل الغاز حوالي 102 ألف طن موازي نفط الى موفي شهر أوت 2020 مقابل 111 ألف طن موازي نفط خلال نفس الفترة من سنة 2019 مسجلا تراجعا بنسبة 8٪.
وتعول تونس بشكل أساسي في الاونة الاخيرة على "حقل نوارة" للغاز الطبيعي بولاية تطاوين جنوب البلاد ، إذ يمثل أكبر مشروع بقيمة استثمارية 3.5 مليارات دينار (1.24 مليار دولار)، وبطاقة إنتاجية 2.7 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، الا ان توقفه منتصف الشهر الماضي بسبب اعتصام الكامور أدى الى خسائر حادة في عمليات الانتاج، كما يهدد توقف العمل بهذا الحقل الامن الطاقي للبلاد التونسية ، وماتزال الاحتجاجات تهدد من حين الى آخر عمليات الانتاج.
ويلاحظ من خلال ميزانية 2021 ، تغير نمط الدعم الذي كان من المفروض ان يوجه لدعم المواد الاستهلاكية بدرجة أولى، الا أنه تم تغيير جزء من الاموال المرصودة نحو تسوية ديون المحروقات للسنوات الفارطة وخلاص جزء من ديون المؤسسات العمومية، بالاضافة الى مراجعة المعاليم الموظفة على واردات المواد الاستهلاكية، بمقتضى الفصل 39 من قانون المالية لسنة 2018.
وبدأت تونس منذ سنوات في اتخاذ اجراءات غير مدروسة لرفع الدعم عن عدد من المواد الأساسية تدريجيا ، وذلك رغم السخط الشعبي من هذه الاجراءات التي ألحقت ضررا كبيرا في المقدرة الشرائية للتونسيين، واعتمدت الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2017 اجراءات تقوم على رفع الدعم التدريجي للعديد من المواد الاستهلاكية ، وشملت ايضا المواد الطاقية والوقود.
ضربة قاضية لمحدودي الدخل
ويعتقد خبراء صندوق النقد الدولي ان رفع الدعم سيعود على تونس اجمالا بحزمة من الفوائد الاقتصادية المعتبرة وتتمثل أساسا في توفير مبالغ مالية معتبرة من العملة الصعبة كانت تدفع مقابل الدعم للوقود ومشتقاتها ، وتوفير في حجم استهلاك المحروقات بعد رفع الدعم في الحدود الاقتصادية الطبيعية وفقا للحاجات الفعلية للاستهلاك، وإنهاء ظاهرة تهريب الوقود مما يساهم في استقرار ووفرة المعروض، واستخدام الأموال الموفرة لدعم البنية التحتية في البلد وخاصة في قطاع النقل من حيث توفير وسائل النقل العامة وكذلك استكمال الطرق الحديدية وصيانة وانشاء الطرق البرية.
لكن رغم ما تقدمه هذه الآلية من توزيع عادل لثروات البلاد، الا ان الرفع الكلي للدعم الموجه للطاقة، سيؤدي مستقبلا الى غلاء المعيشة وانهيار القدرة الشرائية للتونسيين ، خصوصا وان أسعار النقل سترتفع بمعدل الضعفين ، وسيشمل ذلك العديد من أسعار المنتوجات المحلية والاجنبية ، ما يولد حالة من الاحتقان الشعبي التي يصعب السيطرة عليها.
ويحذر الخبراء الذين التقت بهم "الصباح" من عواقب تنفيذ أي إجراء دون دراسته جيدا، خصوصا مع ازمة كوفيد-19 التي شلت الاقتصاد الوطني، وأضعفت أجهزة الدولة ، مشددين على ان هذه الاجراءات ستعود بالبلاد الى نقطة الصفر في كافة المجالات ، فهي وان كانت تخدم ميزانية الدولة وايراداتها، فإنها لا تخدم المواطنين وجيوبهم التي أرهقت واستنزفت منذ عقد من الزمن.