إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

سهام نمصية بوغديري وزيرة المالية: ضرورة تحديث ورقمنة قطاع التأمين وتحسين أدائه التمويلي والاستثماري حتى يقوم بدور أفضل في تمويل الاقتصاد ودعم الادخار




-    القطاع المالي والتأميني من المقومات الأساسية لحركية الاقتصاد وتمويل الاستثمار وتنشيط المبادلات وتعبئة الموارد

-    مـواصلـة مراجعــة وتحـديث الإطـار التشريعي وتوسيع التغطيات التأمينية وتنمية الوعي التأميني وتدعيم مجهودات الوقاية والتحسيس ومقاومة الغش

-    تحسين ملاءة القطاع المالي والارتقاء بخدماته إلى مســتوى المقاييس العالميـة

-    مزيد دفع اندماج خدمات القطاع في الدورة الاقتصادية ودعم دوره في تعبئة الادخار والانخراط تدريجيا في المنظومة المحاسبية والاحترازية والرقابية الدولية

 

ونحن نعيش أعقاب الأزمات المالية الأوروبية والعالمية ولازلنا نعيش تحت طائلة الأزمات الصحية والوبائية التي أطلت بظلالها القاتمة على العالم بأسره وما خلفته من آثار وتداعيات صحية واقتصادية جسيمة وما أفرزته من أخطار جديدة ومتشعبة هذا فضلا على تفاقم الأزمات الجيوستراتيجية والكوارث الطبيعية التي ما فتئت تجتاح منطقتنا العربية والإفريقية، لا بد من الإقرار بأن هذه الأزمة كان لها الأثر العميق على الظرف الاقتصادي العالمي الذي شهد تشدّدا نتيجة الصعوبات التنموية التي مردّها تفشي فيروس كورونا والذي أحدث ولا يزال أزمة اجتماعية عالمية وركودا اقتصاديا حادا، نتج عنه انكماش وتدحرج خطير لمتوسط الفرد من الدخل العالمي، مس على حد السواء اقتصاديات البلدان النامية وتلك التي في طريقها للنمو، وعمقت بالتالي الهوة الاجتماعية مما استدعى وضع خطة طوارئ عالمية وتفعيل إجراءات احترازية ونظامية لحماية الاقتصاديات من الانهيار المحتمل.

ولم يكن الوضع التأميني العالمي بمنأى ومعزل عن هذه المستجدات التي شهدتها الساحات المالية نتيجة تواتر التهديدات المناخية والكوارث الطبيعية من جهة، وتلاحق الأزمات الوبائية من جهة أخرى هذا فضلا على ما شهده العالم من تطور مخاطر تحولات الفضاء الرقمي والهجمات السيبرانية ومخاطر قرصنة البيانات في عالم الحداثة والرقمنة الاقتصادية، خصوصا في ظل اجتياح تقنية العمل عن بعد التي أصبحت سمة العالم بعد أزمة الكوفيد، حيث ازداد الاعتماد على التعاملات الرقمية بما يطرح تساؤلات حول إمكانية حدوث هجمات سيبرانية قد تتلف بيانات الشركات أو تعطل العمل المالي والمؤسساتي. وهو ما يتطلب مواكبة مؤسساتنا التأمينية للطبيعة المتغيرة للمخاطر السيبرانية على المؤسسات، لمواجهة الهجمات السيبرانية التي قد تتسبب في تعطيل المرافق والخدمات المالية وتساهم في تعريض الاستقرار المالي للخطر.

ولم يكن قطاع التأمين في تونس في هذا الخضم بمعزل ومنأى عن هذه التداعيات التي خلفتها الأزمات المناخية على غرار الجفاف والصحية والوبائية غير أنه، والفضل لله، تمكنّ من تجاوزها بأخف الأضرار وذلك بفعل الصلابة المالية لهياكله ومؤسساته والتي حرصت في ظل هذه التغيرات على الاضطلاع بدورها في مؤازرة المؤسسات الاقتصادية وتوفير التعويضات والمستحقات التي مكنتها من استرجاع نشاطها وانخراطها مجددا برغم عديد التعثرات في الدورة الاقتصادية.

 

ولا شك أن الفترة المقبلة تكتسي أهمية قصوى باعتبارها ستتوّج مرحلة حاسمة في المسار الإنمائي للبلاد، لذلك فقد تمّ إدراج هذه الرهانات في إطار نظرة شمولية تأخذ بالاعتبار آفاق الفترة الإنمائية القادمة وهو ما يستوجب تكثيف الجهود لاسترجاع نسق النمو وتسريعه بما يسمح بالتقليص من البطالة وتحسين مستوى الدخل وتنشيط الاستثمار وتنقية النسيج الاقتصادي وتأمينه من جل المخاطر المحيطة به.

وعليه سترتكز البرامج المستقبلية على المعالجة الآنية للظرف الاقتصادي والشروع في إدخال جيل جديد من التشريعات والإصلاحات الهيكلية بهدف تطوير وتحديث ورقمنة الاقتصاد بكل مكوناته ودواليبه والعمل على دعم التنافسية خاصة في القطاعات المالية والتأمينية في اتجاه المحافظة على سلامة التوازنات المالية وتعبئة موارد الادخار وتمويل الاستثمار ومساندة المؤسسات المتضررة وتحسين الإجراءات والخدمات وإصلاح المنظومة الإنتاجية والاستثمارية قصد دعم تنافسية الاقتصاد وتيسير اندماجه في الدورة العالمية، كما سيتم التأكيد في نفس السياق على ترسيخ مقومات الشفافية ودعم الإطار المؤسساتي المتعلق بمقاومة الفساد مع تدعيم قواعد الحوكمة الرشيدة وتحديث أطر المنظومة الرقابية والتدقيقية وتقييم المخاطر ومتابعتها.

 

ومن الأكيد أن هذا النفس الإصلاحي والمسار التنموي سيضع القطاع المالي والتأميني باعتباره من المقومات الأساسية لحركية الاقتصاد وتمويل الاستثمار وتنشيط المبادلات وتعبئة الموارد أمام تحديات أكبر تفرض عليه استعدادا أفضل لاستيعاب المخاطر الجديدة وامتصاص الصدمات المالية والاقتصادية المحتملة، وهو مطالب أكثر من ذي قبل بمواكبة المستجدات والتطورات التي تعيشها الساحة العالمية والإقليمية حتى يكون، كما عهدناه، قادرا على كسب مختلف الرهانات ومواجهة المنافسة الخارجية المرتقبة في أحسن الظروف.

هذا وسيتواصل العمل على تعصير وتحديث ورقمنة القطاع وتحسين أدائه التمويلي والاستثماري حتى يقوم بدور أفضل في تمويل الاقتصاد ودعم الادخار مع التأكيد على تعزيز جانب الجودة في الخدمات وذلك وفق المقاييس والمعايير الدولية المتعامل بها.

كما ستتكثف جهود الساهرين على القطاع على تجسيد التوجهات الإستراتيجية والإصلاحية المرسومة لفائدته بما يكفل تحقيق نتائج عملية ملموسة ويسهم في ضمان تحسين نوعي للخدمات وتطوير كمي لمؤشرات القطاع وأدائه يؤهله للاضطلاع بأدواره الاقتصادية والاجتماعية على الوجه الأمثل وذلك خاصة في اتجاه مـواصلـة مراجعــة وتحـديث الإطـار التشريعي وتوسيع التغطيات التأمينية وتنمية الوعي التأميني وتدعيم مجهودات الوقاية والتحسيس ومقاومة الغش. هذا فضلا على تحسين ملاءة القطاع المالي والارتقاء بخدماته إلى مســتوى المقاييس العالميـة مع مزيد دفع اندماج خدماته في الدورة الاقتصادية ودعم دوره في تعبئة الادخار والانخراط تدريجيا في  المنظومة المحاسبية والاحترازية والرقابية الدولية.

 

واعتبارا لتعاقب التطورات الجغرافية والمناخية وتواتر الكوارث الطبيعية وخاصة المتعلقة بالفيضانات التي أصبحت تميّز المنطقة، فقد شرعت تونس بعد في العمل، وبالتعاون مع البنك الدولي، على إنجاز دراسة حول منظومة تأمينية عامة وخاصة للكوارث الطبيعية وذلك بغاية الإلمام بضخامة المخاطر وطبيعتها وكيفية التصرف فيها ومجابهة تداعياتها، والبحث في أنسب السّبل وأنجع آليات التغطية ضدّ الجوائح والكوارث الطبيعيّة على ضوء ما تشهده التجارب الأجنبية المقارنة في هذا الخصوص.

 

حيث لا يخفاكم ما أكدته الدراسات والإحصائيات ذات العلاقة من أن الكوارث الطبيعية ستشهد احتدادا يبعث على القلق ويهدّد العالم بأكمله بما في ذلك منطقتنا العربية والإفريقية، وذلك نتيجة التغيرات المناخية المتوقعة والتي ستجتاح العديد من المناطق مّما يستدعي من الحكومات وتعاضدها في ذلك شركات التأمين التفاعل الناجع لمواجهة هذه الآفات الطبيعية المرتقبة، وذلك من خلال إعداد قراءات مستقبلية ودراسات تموقع جغرافي للمنطقة بغاية دراسة التوقعات الممكنة والتعرف على المخاطر المحتملة وتقييمها ووضع النماذج الأكتوارية وإيجاد الحلول المناسبة لاستقطاب الطلب التأميني.

 

وبقدر ما نعتزّ بما أمكن تحقيقه من إنجازات، يجب الإقرار بأنها لا تزال دون الطموحات المرجوة وهو ما يدعونا إلى تدعيم العمل الإقليمي المشترك بين كل المهنيين مؤمنين ومعيدي التأمين في ظل عالم يشهد تكتلات اقتصادية ضخمة، وهو ما يضع صناعة التأمين وإعادة التأمين في المنطقة، أمام رهانات أكبر تفرض عليها العمل بكل طاقاتها لتحــافظ على تواجدها في الساحة العالمية ولتكون مؤهلة لامتصاص الصدمات المالية والاقتصادية التي لا يؤمنها الظرف الاقتصادي العالمي الجديد بكل تناقضاته ومفاجآته، ولتكون قادرة على الصمود أمام زحف المنافسة الخارجية لمؤسسات تأمينية عالمية.

هذا ونؤكد من جديد على ضرورة مواصلة مواكبة التحولات ومسايرة المتغيرات والتطورات الراهنة وذلك لضمان الاستمرارية والصمود أمام الأزمات والانتكاسات بطابعيها الاجتماعي والاقتصادي، وذلك من خلال مواصلة العمل على تحسين أداء قطاع التأمين عبر مختلف الإصلاحات التشريعية والهيكلية والمؤسساتية بما يتناسب مع دوره في دعم مسيرة الاقتصاد بما يضمن رفع تحديات الحاضر وكسب رهانات المستقبل.

سهام نمصية بوغديري وزيرة المالية:  ضرورة تحديث ورقمنة قطاع التأمين وتحسين أدائه التمويلي والاستثماري حتى يقوم بدور أفضل في تمويل الاقتصاد ودعم الادخار




-    القطاع المالي والتأميني من المقومات الأساسية لحركية الاقتصاد وتمويل الاستثمار وتنشيط المبادلات وتعبئة الموارد

-    مـواصلـة مراجعــة وتحـديث الإطـار التشريعي وتوسيع التغطيات التأمينية وتنمية الوعي التأميني وتدعيم مجهودات الوقاية والتحسيس ومقاومة الغش

-    تحسين ملاءة القطاع المالي والارتقاء بخدماته إلى مســتوى المقاييس العالميـة

-    مزيد دفع اندماج خدمات القطاع في الدورة الاقتصادية ودعم دوره في تعبئة الادخار والانخراط تدريجيا في المنظومة المحاسبية والاحترازية والرقابية الدولية

 

ونحن نعيش أعقاب الأزمات المالية الأوروبية والعالمية ولازلنا نعيش تحت طائلة الأزمات الصحية والوبائية التي أطلت بظلالها القاتمة على العالم بأسره وما خلفته من آثار وتداعيات صحية واقتصادية جسيمة وما أفرزته من أخطار جديدة ومتشعبة هذا فضلا على تفاقم الأزمات الجيوستراتيجية والكوارث الطبيعية التي ما فتئت تجتاح منطقتنا العربية والإفريقية، لا بد من الإقرار بأن هذه الأزمة كان لها الأثر العميق على الظرف الاقتصادي العالمي الذي شهد تشدّدا نتيجة الصعوبات التنموية التي مردّها تفشي فيروس كورونا والذي أحدث ولا يزال أزمة اجتماعية عالمية وركودا اقتصاديا حادا، نتج عنه انكماش وتدحرج خطير لمتوسط الفرد من الدخل العالمي، مس على حد السواء اقتصاديات البلدان النامية وتلك التي في طريقها للنمو، وعمقت بالتالي الهوة الاجتماعية مما استدعى وضع خطة طوارئ عالمية وتفعيل إجراءات احترازية ونظامية لحماية الاقتصاديات من الانهيار المحتمل.

ولم يكن الوضع التأميني العالمي بمنأى ومعزل عن هذه المستجدات التي شهدتها الساحات المالية نتيجة تواتر التهديدات المناخية والكوارث الطبيعية من جهة، وتلاحق الأزمات الوبائية من جهة أخرى هذا فضلا على ما شهده العالم من تطور مخاطر تحولات الفضاء الرقمي والهجمات السيبرانية ومخاطر قرصنة البيانات في عالم الحداثة والرقمنة الاقتصادية، خصوصا في ظل اجتياح تقنية العمل عن بعد التي أصبحت سمة العالم بعد أزمة الكوفيد، حيث ازداد الاعتماد على التعاملات الرقمية بما يطرح تساؤلات حول إمكانية حدوث هجمات سيبرانية قد تتلف بيانات الشركات أو تعطل العمل المالي والمؤسساتي. وهو ما يتطلب مواكبة مؤسساتنا التأمينية للطبيعة المتغيرة للمخاطر السيبرانية على المؤسسات، لمواجهة الهجمات السيبرانية التي قد تتسبب في تعطيل المرافق والخدمات المالية وتساهم في تعريض الاستقرار المالي للخطر.

ولم يكن قطاع التأمين في تونس في هذا الخضم بمعزل ومنأى عن هذه التداعيات التي خلفتها الأزمات المناخية على غرار الجفاف والصحية والوبائية غير أنه، والفضل لله، تمكنّ من تجاوزها بأخف الأضرار وذلك بفعل الصلابة المالية لهياكله ومؤسساته والتي حرصت في ظل هذه التغيرات على الاضطلاع بدورها في مؤازرة المؤسسات الاقتصادية وتوفير التعويضات والمستحقات التي مكنتها من استرجاع نشاطها وانخراطها مجددا برغم عديد التعثرات في الدورة الاقتصادية.

 

ولا شك أن الفترة المقبلة تكتسي أهمية قصوى باعتبارها ستتوّج مرحلة حاسمة في المسار الإنمائي للبلاد، لذلك فقد تمّ إدراج هذه الرهانات في إطار نظرة شمولية تأخذ بالاعتبار آفاق الفترة الإنمائية القادمة وهو ما يستوجب تكثيف الجهود لاسترجاع نسق النمو وتسريعه بما يسمح بالتقليص من البطالة وتحسين مستوى الدخل وتنشيط الاستثمار وتنقية النسيج الاقتصادي وتأمينه من جل المخاطر المحيطة به.

وعليه سترتكز البرامج المستقبلية على المعالجة الآنية للظرف الاقتصادي والشروع في إدخال جيل جديد من التشريعات والإصلاحات الهيكلية بهدف تطوير وتحديث ورقمنة الاقتصاد بكل مكوناته ودواليبه والعمل على دعم التنافسية خاصة في القطاعات المالية والتأمينية في اتجاه المحافظة على سلامة التوازنات المالية وتعبئة موارد الادخار وتمويل الاستثمار ومساندة المؤسسات المتضررة وتحسين الإجراءات والخدمات وإصلاح المنظومة الإنتاجية والاستثمارية قصد دعم تنافسية الاقتصاد وتيسير اندماجه في الدورة العالمية، كما سيتم التأكيد في نفس السياق على ترسيخ مقومات الشفافية ودعم الإطار المؤسساتي المتعلق بمقاومة الفساد مع تدعيم قواعد الحوكمة الرشيدة وتحديث أطر المنظومة الرقابية والتدقيقية وتقييم المخاطر ومتابعتها.

 

ومن الأكيد أن هذا النفس الإصلاحي والمسار التنموي سيضع القطاع المالي والتأميني باعتباره من المقومات الأساسية لحركية الاقتصاد وتمويل الاستثمار وتنشيط المبادلات وتعبئة الموارد أمام تحديات أكبر تفرض عليه استعدادا أفضل لاستيعاب المخاطر الجديدة وامتصاص الصدمات المالية والاقتصادية المحتملة، وهو مطالب أكثر من ذي قبل بمواكبة المستجدات والتطورات التي تعيشها الساحة العالمية والإقليمية حتى يكون، كما عهدناه، قادرا على كسب مختلف الرهانات ومواجهة المنافسة الخارجية المرتقبة في أحسن الظروف.

هذا وسيتواصل العمل على تعصير وتحديث ورقمنة القطاع وتحسين أدائه التمويلي والاستثماري حتى يقوم بدور أفضل في تمويل الاقتصاد ودعم الادخار مع التأكيد على تعزيز جانب الجودة في الخدمات وذلك وفق المقاييس والمعايير الدولية المتعامل بها.

كما ستتكثف جهود الساهرين على القطاع على تجسيد التوجهات الإستراتيجية والإصلاحية المرسومة لفائدته بما يكفل تحقيق نتائج عملية ملموسة ويسهم في ضمان تحسين نوعي للخدمات وتطوير كمي لمؤشرات القطاع وأدائه يؤهله للاضطلاع بأدواره الاقتصادية والاجتماعية على الوجه الأمثل وذلك خاصة في اتجاه مـواصلـة مراجعــة وتحـديث الإطـار التشريعي وتوسيع التغطيات التأمينية وتنمية الوعي التأميني وتدعيم مجهودات الوقاية والتحسيس ومقاومة الغش. هذا فضلا على تحسين ملاءة القطاع المالي والارتقاء بخدماته إلى مســتوى المقاييس العالميـة مع مزيد دفع اندماج خدماته في الدورة الاقتصادية ودعم دوره في تعبئة الادخار والانخراط تدريجيا في  المنظومة المحاسبية والاحترازية والرقابية الدولية.

 

واعتبارا لتعاقب التطورات الجغرافية والمناخية وتواتر الكوارث الطبيعية وخاصة المتعلقة بالفيضانات التي أصبحت تميّز المنطقة، فقد شرعت تونس بعد في العمل، وبالتعاون مع البنك الدولي، على إنجاز دراسة حول منظومة تأمينية عامة وخاصة للكوارث الطبيعية وذلك بغاية الإلمام بضخامة المخاطر وطبيعتها وكيفية التصرف فيها ومجابهة تداعياتها، والبحث في أنسب السّبل وأنجع آليات التغطية ضدّ الجوائح والكوارث الطبيعيّة على ضوء ما تشهده التجارب الأجنبية المقارنة في هذا الخصوص.

 

حيث لا يخفاكم ما أكدته الدراسات والإحصائيات ذات العلاقة من أن الكوارث الطبيعية ستشهد احتدادا يبعث على القلق ويهدّد العالم بأكمله بما في ذلك منطقتنا العربية والإفريقية، وذلك نتيجة التغيرات المناخية المتوقعة والتي ستجتاح العديد من المناطق مّما يستدعي من الحكومات وتعاضدها في ذلك شركات التأمين التفاعل الناجع لمواجهة هذه الآفات الطبيعية المرتقبة، وذلك من خلال إعداد قراءات مستقبلية ودراسات تموقع جغرافي للمنطقة بغاية دراسة التوقعات الممكنة والتعرف على المخاطر المحتملة وتقييمها ووضع النماذج الأكتوارية وإيجاد الحلول المناسبة لاستقطاب الطلب التأميني.

 

وبقدر ما نعتزّ بما أمكن تحقيقه من إنجازات، يجب الإقرار بأنها لا تزال دون الطموحات المرجوة وهو ما يدعونا إلى تدعيم العمل الإقليمي المشترك بين كل المهنيين مؤمنين ومعيدي التأمين في ظل عالم يشهد تكتلات اقتصادية ضخمة، وهو ما يضع صناعة التأمين وإعادة التأمين في المنطقة، أمام رهانات أكبر تفرض عليها العمل بكل طاقاتها لتحــافظ على تواجدها في الساحة العالمية ولتكون مؤهلة لامتصاص الصدمات المالية والاقتصادية التي لا يؤمنها الظرف الاقتصادي العالمي الجديد بكل تناقضاته ومفاجآته، ولتكون قادرة على الصمود أمام زحف المنافسة الخارجية لمؤسسات تأمينية عالمية.

هذا ونؤكد من جديد على ضرورة مواصلة مواكبة التحولات ومسايرة المتغيرات والتطورات الراهنة وذلك لضمان الاستمرارية والصمود أمام الأزمات والانتكاسات بطابعيها الاجتماعي والاقتصادي، وذلك من خلال مواصلة العمل على تحسين أداء قطاع التأمين عبر مختلف الإصلاحات التشريعية والهيكلية والمؤسساتية بما يتناسب مع دوره في دعم مسيرة الاقتصاد بما يضمن رفع تحديات الحاضر وكسب رهانات المستقبل.

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews