كشفت وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي، امس الاول، خلال المؤتمر الصحفي لتقديم قانون المالية لسنة 2022 عن مراجعة المعاليم الديوانية لأكثر من 1500 مادة استهلاكية تعد من الكماليات، ولها مثيل مصنع محليا، مشيرة الى ان هذا الاجراء يهدف الى حماية الصناعة المحلية ومواجهة المنافسة الخارجية والتحكم في العجز التجاري وارتفاع الواردات.
وقالت الرابحي ان المواد التي وقع ادراجها في قائمة المنتوجات التي سيشملها تعديل المعاليم الديوانية، هي مواد كمالية غير ضرورية، وليست مواد أولية أو مواد نصف مصنعة أو تجهيزات، مشيرة الى ان جزءا كبيرا من هذه المنتوجات يتم تصنيعها محليا ، على غرار الأجبان والخضر والغلال والفواكه الجافة والمستحضرات الغذائية والمشروبات الكحولية والخمور ومواد البناء ومواد تجميل ومواد بلاستيكية والعجلات المطاطية والمنتوجات الخزفية والمنتوجات الجلدية والملابس الجاهزة.
وأكدت الوزيرة ان هذه المواد لها مثيل محلي مصنع، ما يدفع الى تعزيز الحماية للمؤسسات التونسية ، التي تعاني في الآونة الاخيرة من ازمات خانقة نتيجة الازمة الصحية الناجمة عن فيروس كوفيد-19 ، لافتة الى ان هذا الاجراء يهدف في المقام الاول الى حماية الصناعات المحلية، بالاضافة الى التحكم في العجز التجاري، وحسن ترشيد الانفاق.
تقييد توريد السلع غير الضرورية
ورغم القرارات المتخذة من البنك المركزي بتقييد توريد السلع غير الضرورية خلال سنة 2018، وتجميد منح قروض لتوريد منتجات استهلاكية تتوفر بالاسواق التونسية وحظر نحو 200 منتج من وزارة التجارة، فإن اختلال الميزان التجاري بين الواردات والصادرات يواصل تفاقمه من سنة الى أخرى وعديد العوامل تحول دون تسجيل مستويات مطمئنة ، مما دفع بوزارة التجارة في الآونة الاخيرة الى الرفع من قائمة المواد الاستهلاكية الى 1500 منتج استهلاكي.
وبلغ العجز التجاري لتونس خلال الاشهر الإحدى عشرة الأولى 14653،8 مليون دينار مقابل عجز بـ11666،6 مليون دينار خلال الفترة ذاتها من سنة 2020 بحسب ما أظهرته مؤشرات المعهد الوطني للإحصاء ضمن نشريتها بخصوص "التجارة الخارجية بالأسعار القارّة". وأوضح معهد الإحصاء أن هذا العجز يأتي تبعا لتحسّن الصادرات بنسبة 20،4 بالمائة وتطوّر الواردات بنسبة 21،7 بالمائة.
وسجلت تبعا لذلك نسبة تغطية الواردات بالصادرات تراجعا بـ0,8 نقطة مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2020 لتصل الى مستوى 74،2 بالمائة.
وبلغت الصادرات من جانفي وحتّى نوفمبر 2021 قيمة 42069،9 مليون دينار مقابل قيمة 34950،4 مليون دينار (أي بتراجع بنسبة 13،4 بالمائة) خلال الفترة نفسها من 2020.
وقدرت قيمة الواردات، بـ56723،4 مليون دينار مقابل تراجعها بنسبة 19،9 بالمائة لتصل الى قيمة 46617 مليون دينار في 2020.
وكان الميزان التجاري قد سجل ارتفاعا في قيمة العجز خلال 7 أشهر من العام الجاري، بنسبة 15.31 بالمائة، على أساس سنوي ، وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء ، الذي أشار الى أن عجز الميزان التجاري بلغ 8.725 مليار دينار بنهاية شهر جويلية من العام الجاري، مقارنة بعجز في الميزان التجاري بنهاية نفس الشهر من العام الماضي والذي بلغت قيمته 7.567 مليار دينار.
وحسب ذات المصدر، ارتفعت نسبة تغطية الواردات بالصادرات إلى 75.2 بالمائة خلال 7 أشهر ، مقارنة بنحو 74 بالمائة في 7 أشهر من عام 2020 ، وأشارت البيانات أيضا إلى ارتفاع قيمة الصادرات وقيمة الواردات خلال 7 أشهر من العام، على أساس سنوي.
اختلال الميزان التجاري
وارتفعت قيمة الصادرات الى 26.431 مليار دينار، بارتفاع قدر بـ 23 بالمائة، مقارنة بنحو 21.496 مليار دينار خلال نفس الفترة من العام الماضي، في حين ارتفعت قيمة الواردات خلال 7 أشهر من العام، بنسبة 21 بالمائة، لتصل إلى 35.156 مليار دينار، مقارنة بنحو 29.063 مليار دينار خلال نفس الفترة من العام الماضي
وحسب هذه المعطيات، يظهر جليا ان أزمة كورونا وقرارات حظر الجولان واجراءات الغلق الجزئي والكلي ساهمت الى حد ما في تكبد عديد القطاعات الصناعية والمعملية والخدماتية خسائر كبيرة ، وسط توقعات صادرة عن تقارير دولية بتواصل الازمة في تونس للسنوات الخمس المقبلة ، ما يحتم اعادة النظر في المنوال الاقتصادي ، والعمل على فرض اجراءات جديدة داخل البلاد، بعد تعرض الآلاف من الشركات بأزمة تمويل نتيجة تراجع مرابيحها .
وتعاني تونس منذ مارس 2020 من تبعات اجراءات الغلق الكلي والجزئي المتخذة من اللجان العلمية ضمن خطة للحد من تفشي وباء كورونا، الا أنه مع نهاية العام 2020، سجلت تونس أسوأ انكماش اقتصادي في تاريخها بلغ 8.2 بالمائة وفق بيانات رسمية حكومية يقابلها خسائر ناهزت 8 مليار دينار ، وانهار جزء من القطاعات الحيوية في البلاد نتيجة الازمة ، في حين أعلن العشرات من الشركات في القطاع العام والخاص افلاسها.
وتكبّد الاقتصاد التونسي مع بداية سنة 2021 خسائر فادحة جراء تفشي الموجة الثانية والثالثة والربعة لكورونا، ورجّح المتعاملون في القطاعات الصناعية التونسية تباطؤ وتيرة الإنتاج في مصانعهم في الفترة المقبلة بسبب تأخر وصول طلبيات من عدة دول تعاني هي الاخرى من تبعات الازمة الصحية ، فيما اكد العديد من اصحاب المؤسسات وجود نقص في المواد الأولية وشبه المصنّعة لبعض الصناعات، كما توقعوا تفاقم الأزمة في الفترة المقبلة، وهو ما يمثل تهديداً حقيقياً للمصانع العاملة في تونس.
وتعد الخطوة المتخذة من قبل وزارة التجارة في فرض معاليم ديوانية جديدة على منتجات موردة لها مثيل محلي مصنع، خطوة هامة للحفاظ على احتياطي البلاد من العملة الصعبة الذي شهد أسوأ فتراته خلال سنة 2018 بعد ان تراجع الى عتبة 70 يوما توريد ، مما حدا بالبنك المركزي في تلك الفترة الى التدخل وفرض حظرا على توريد قرابة 200 منتج ، وذلك في خطوة لمنع استنزاف مدخرات البلاد من العملة الصعبة.
وسجلت الواردات في شهر سبتمبر الماضي ارتفاعا بنسبة 4.6٪ لتصل إلى حدود 5495 مليون دينار ، وهو رقم قياسي بالنظر للازمة المالية التي تمر بها البلاد ، والتي دفعت من رئيس الجمهورية قيس سعيد ، آنذاك، الى حث كافة السلطات بالبلاد، الى ترشبد نفقات الدولة ومن بينها الضغط على الواردات ، وعدم اللجوء للاستيراد الا من أجل الضرورة القصوى، وذلك في اطار الحد من استنزاف موارد الدولة من العملة الصعبة.
التقشف وترشيد النفقات
وشدّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد، على أهمية استعادة الدولة لدورها الاجتماعي وترسيخ ثقافة العمل والتشجيع على التقشّف وترشيد النفقات العمومية والواردات والتشجيع على استهلاك المنتوجات التونسية ، بما يعزز من رصيد العملة الصعبة بالبلاد.
وحسب نشرية معهد الاحصاء الوطني ، فإن التحسن الذي شهدته الواردات في البلاد خلال شهر سبتمبر الماضي، طال عدة قطاعات، باستثناء منتجات الطاقة التي انخفضت وارداتها بنسبة 19.8٪ ، مع الإشارة الى ان الواردات دون احتساب الطاقة سجلت زيادة بنسبة 9.2٪ ، ويعزى هذا النمو بشكل رئيسي إلى زيادة استيراد المنتجات الغذائية بنسبة 63.1٪ ومواد التجهيز بنسبة 13.4٪، بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت المشتريات من المواد الأولية والنصف المصنعة بنسبة 1.2٪ والسلع الاستهلاكية بنسبة 2.7٪.
ويشدد اغلب خبراء الاقتصاد اليوم، على ضرورة اتخاذ حلول على المدى القصير وعلى المستوى الداخلي، وتتمثل أساسا في التحكم في نفقات الحكومة وترشيد الإنفاق في مجالات عدة تهم نفقات التسيير وغيرها، وتأجيل الزيادات في الأجور المبرمجة وكذلك المفاوضات الاجتماعية في القطاع العام، وترشيد توريد المواد الاستهلاكية ، وهو اهم اجراء ملح بدأ ياخذ صداه في أروقة الدولة، وهناك امكانية لإخضاع توريد بعض المواد الاستهلاكية الاخرى التي لا تستحقها الدورة الاقتصادية كالمواد الاولية ومواد التجهيز.
الحد من التوريد العشوائي
كما طفت على السطح في الاونة الاخيرة، مطالب من العديد من المسؤولين في الدولة بضرورة مراجعة اتفاقية التبادل التجاري الحر مع عديد الدول للحد من توريد المواد الاستهلاكية ،وكذلك اتفاقية التبادل الحر مع الاتحاد الاوروبي، والترفيع في المعاليم الديوانية الموظفة على بعض المنتجات لحماية بعض القطاعات الوطنية التي تعرف صعوبات.
وفي محاولة لسد هذا النزيف امام التوريد العشوائي وسعيًا للحد من تدهور الاحتياطات من العملة الصعبة، توجه البنك المركزي ، مؤخرا ، برسالة إلى البنوك التجارية حول موضوع إجراءات فتح الاعتمادات لتوريد المنتجات غير الضرورية التي تعتبر غير ذات أولوية مع تقديم قائمة مفصلة في هذه المنتجات.
وجاء في رسالة البنك المركزي أنه تبعًا لتفاقم عجز الميزان التجاري وتحسبًا لتواصل تراجع مستوى الاحتياطات من العملة، تقرر تفعيل الاقتراح المنبثق عن المشاورات داخل الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية وتحديد المواد المطلوب توريدها ،وذلك للحفاظ على مخزون تونس من الاحتياطي النقدي للعملة الصعبة.
وتم تحديد قائمة بـ204 منتوجات غير ضرورية في قائمة المواد المورّدة، لكن ورغم هذه الجهود المبذولة منذ سنة 2017، إلا أن نزيف استنزاف مدخرات البلاد من العملة الصعبة بقي مرتفعا، ما دفع بوزارة التجارة الى التدخل وفرض معاليم ديوانية جديدة على 1500 منتج له مثيل مصنع محليا.
*سفيان المهداوي
كشفت وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي، امس الاول، خلال المؤتمر الصحفي لتقديم قانون المالية لسنة 2022 عن مراجعة المعاليم الديوانية لأكثر من 1500 مادة استهلاكية تعد من الكماليات، ولها مثيل مصنع محليا، مشيرة الى ان هذا الاجراء يهدف الى حماية الصناعة المحلية ومواجهة المنافسة الخارجية والتحكم في العجز التجاري وارتفاع الواردات.
وقالت الرابحي ان المواد التي وقع ادراجها في قائمة المنتوجات التي سيشملها تعديل المعاليم الديوانية، هي مواد كمالية غير ضرورية، وليست مواد أولية أو مواد نصف مصنعة أو تجهيزات، مشيرة الى ان جزءا كبيرا من هذه المنتوجات يتم تصنيعها محليا ، على غرار الأجبان والخضر والغلال والفواكه الجافة والمستحضرات الغذائية والمشروبات الكحولية والخمور ومواد البناء ومواد تجميل ومواد بلاستيكية والعجلات المطاطية والمنتوجات الخزفية والمنتوجات الجلدية والملابس الجاهزة.
وأكدت الوزيرة ان هذه المواد لها مثيل محلي مصنع، ما يدفع الى تعزيز الحماية للمؤسسات التونسية ، التي تعاني في الآونة الاخيرة من ازمات خانقة نتيجة الازمة الصحية الناجمة عن فيروس كوفيد-19 ، لافتة الى ان هذا الاجراء يهدف في المقام الاول الى حماية الصناعات المحلية، بالاضافة الى التحكم في العجز التجاري، وحسن ترشيد الانفاق.
تقييد توريد السلع غير الضرورية
ورغم القرارات المتخذة من البنك المركزي بتقييد توريد السلع غير الضرورية خلال سنة 2018، وتجميد منح قروض لتوريد منتجات استهلاكية تتوفر بالاسواق التونسية وحظر نحو 200 منتج من وزارة التجارة، فإن اختلال الميزان التجاري بين الواردات والصادرات يواصل تفاقمه من سنة الى أخرى وعديد العوامل تحول دون تسجيل مستويات مطمئنة ، مما دفع بوزارة التجارة في الآونة الاخيرة الى الرفع من قائمة المواد الاستهلاكية الى 1500 منتج استهلاكي.
وبلغ العجز التجاري لتونس خلال الاشهر الإحدى عشرة الأولى 14653،8 مليون دينار مقابل عجز بـ11666،6 مليون دينار خلال الفترة ذاتها من سنة 2020 بحسب ما أظهرته مؤشرات المعهد الوطني للإحصاء ضمن نشريتها بخصوص "التجارة الخارجية بالأسعار القارّة". وأوضح معهد الإحصاء أن هذا العجز يأتي تبعا لتحسّن الصادرات بنسبة 20،4 بالمائة وتطوّر الواردات بنسبة 21،7 بالمائة.
وسجلت تبعا لذلك نسبة تغطية الواردات بالصادرات تراجعا بـ0,8 نقطة مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2020 لتصل الى مستوى 74،2 بالمائة.
وبلغت الصادرات من جانفي وحتّى نوفمبر 2021 قيمة 42069،9 مليون دينار مقابل قيمة 34950،4 مليون دينار (أي بتراجع بنسبة 13،4 بالمائة) خلال الفترة نفسها من 2020.
وقدرت قيمة الواردات، بـ56723،4 مليون دينار مقابل تراجعها بنسبة 19،9 بالمائة لتصل الى قيمة 46617 مليون دينار في 2020.
وكان الميزان التجاري قد سجل ارتفاعا في قيمة العجز خلال 7 أشهر من العام الجاري، بنسبة 15.31 بالمائة، على أساس سنوي ، وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء ، الذي أشار الى أن عجز الميزان التجاري بلغ 8.725 مليار دينار بنهاية شهر جويلية من العام الجاري، مقارنة بعجز في الميزان التجاري بنهاية نفس الشهر من العام الماضي والذي بلغت قيمته 7.567 مليار دينار.
وحسب ذات المصدر، ارتفعت نسبة تغطية الواردات بالصادرات إلى 75.2 بالمائة خلال 7 أشهر ، مقارنة بنحو 74 بالمائة في 7 أشهر من عام 2020 ، وأشارت البيانات أيضا إلى ارتفاع قيمة الصادرات وقيمة الواردات خلال 7 أشهر من العام، على أساس سنوي.
اختلال الميزان التجاري
وارتفعت قيمة الصادرات الى 26.431 مليار دينار، بارتفاع قدر بـ 23 بالمائة، مقارنة بنحو 21.496 مليار دينار خلال نفس الفترة من العام الماضي، في حين ارتفعت قيمة الواردات خلال 7 أشهر من العام، بنسبة 21 بالمائة، لتصل إلى 35.156 مليار دينار، مقارنة بنحو 29.063 مليار دينار خلال نفس الفترة من العام الماضي
وحسب هذه المعطيات، يظهر جليا ان أزمة كورونا وقرارات حظر الجولان واجراءات الغلق الجزئي والكلي ساهمت الى حد ما في تكبد عديد القطاعات الصناعية والمعملية والخدماتية خسائر كبيرة ، وسط توقعات صادرة عن تقارير دولية بتواصل الازمة في تونس للسنوات الخمس المقبلة ، ما يحتم اعادة النظر في المنوال الاقتصادي ، والعمل على فرض اجراءات جديدة داخل البلاد، بعد تعرض الآلاف من الشركات بأزمة تمويل نتيجة تراجع مرابيحها .
وتعاني تونس منذ مارس 2020 من تبعات اجراءات الغلق الكلي والجزئي المتخذة من اللجان العلمية ضمن خطة للحد من تفشي وباء كورونا، الا أنه مع نهاية العام 2020، سجلت تونس أسوأ انكماش اقتصادي في تاريخها بلغ 8.2 بالمائة وفق بيانات رسمية حكومية يقابلها خسائر ناهزت 8 مليار دينار ، وانهار جزء من القطاعات الحيوية في البلاد نتيجة الازمة ، في حين أعلن العشرات من الشركات في القطاع العام والخاص افلاسها.
وتكبّد الاقتصاد التونسي مع بداية سنة 2021 خسائر فادحة جراء تفشي الموجة الثانية والثالثة والربعة لكورونا، ورجّح المتعاملون في القطاعات الصناعية التونسية تباطؤ وتيرة الإنتاج في مصانعهم في الفترة المقبلة بسبب تأخر وصول طلبيات من عدة دول تعاني هي الاخرى من تبعات الازمة الصحية ، فيما اكد العديد من اصحاب المؤسسات وجود نقص في المواد الأولية وشبه المصنّعة لبعض الصناعات، كما توقعوا تفاقم الأزمة في الفترة المقبلة، وهو ما يمثل تهديداً حقيقياً للمصانع العاملة في تونس.
وتعد الخطوة المتخذة من قبل وزارة التجارة في فرض معاليم ديوانية جديدة على منتجات موردة لها مثيل محلي مصنع، خطوة هامة للحفاظ على احتياطي البلاد من العملة الصعبة الذي شهد أسوأ فتراته خلال سنة 2018 بعد ان تراجع الى عتبة 70 يوما توريد ، مما حدا بالبنك المركزي في تلك الفترة الى التدخل وفرض حظرا على توريد قرابة 200 منتج ، وذلك في خطوة لمنع استنزاف مدخرات البلاد من العملة الصعبة.
وسجلت الواردات في شهر سبتمبر الماضي ارتفاعا بنسبة 4.6٪ لتصل إلى حدود 5495 مليون دينار ، وهو رقم قياسي بالنظر للازمة المالية التي تمر بها البلاد ، والتي دفعت من رئيس الجمهورية قيس سعيد ، آنذاك، الى حث كافة السلطات بالبلاد، الى ترشبد نفقات الدولة ومن بينها الضغط على الواردات ، وعدم اللجوء للاستيراد الا من أجل الضرورة القصوى، وذلك في اطار الحد من استنزاف موارد الدولة من العملة الصعبة.
التقشف وترشيد النفقات
وشدّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد، على أهمية استعادة الدولة لدورها الاجتماعي وترسيخ ثقافة العمل والتشجيع على التقشّف وترشيد النفقات العمومية والواردات والتشجيع على استهلاك المنتوجات التونسية ، بما يعزز من رصيد العملة الصعبة بالبلاد.
وحسب نشرية معهد الاحصاء الوطني ، فإن التحسن الذي شهدته الواردات في البلاد خلال شهر سبتمبر الماضي، طال عدة قطاعات، باستثناء منتجات الطاقة التي انخفضت وارداتها بنسبة 19.8٪ ، مع الإشارة الى ان الواردات دون احتساب الطاقة سجلت زيادة بنسبة 9.2٪ ، ويعزى هذا النمو بشكل رئيسي إلى زيادة استيراد المنتجات الغذائية بنسبة 63.1٪ ومواد التجهيز بنسبة 13.4٪، بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت المشتريات من المواد الأولية والنصف المصنعة بنسبة 1.2٪ والسلع الاستهلاكية بنسبة 2.7٪.
ويشدد اغلب خبراء الاقتصاد اليوم، على ضرورة اتخاذ حلول على المدى القصير وعلى المستوى الداخلي، وتتمثل أساسا في التحكم في نفقات الحكومة وترشيد الإنفاق في مجالات عدة تهم نفقات التسيير وغيرها، وتأجيل الزيادات في الأجور المبرمجة وكذلك المفاوضات الاجتماعية في القطاع العام، وترشيد توريد المواد الاستهلاكية ، وهو اهم اجراء ملح بدأ ياخذ صداه في أروقة الدولة، وهناك امكانية لإخضاع توريد بعض المواد الاستهلاكية الاخرى التي لا تستحقها الدورة الاقتصادية كالمواد الاولية ومواد التجهيز.
الحد من التوريد العشوائي
كما طفت على السطح في الاونة الاخيرة، مطالب من العديد من المسؤولين في الدولة بضرورة مراجعة اتفاقية التبادل التجاري الحر مع عديد الدول للحد من توريد المواد الاستهلاكية ،وكذلك اتفاقية التبادل الحر مع الاتحاد الاوروبي، والترفيع في المعاليم الديوانية الموظفة على بعض المنتجات لحماية بعض القطاعات الوطنية التي تعرف صعوبات.
وفي محاولة لسد هذا النزيف امام التوريد العشوائي وسعيًا للحد من تدهور الاحتياطات من العملة الصعبة، توجه البنك المركزي ، مؤخرا ، برسالة إلى البنوك التجارية حول موضوع إجراءات فتح الاعتمادات لتوريد المنتجات غير الضرورية التي تعتبر غير ذات أولوية مع تقديم قائمة مفصلة في هذه المنتجات.
وجاء في رسالة البنك المركزي أنه تبعًا لتفاقم عجز الميزان التجاري وتحسبًا لتواصل تراجع مستوى الاحتياطات من العملة، تقرر تفعيل الاقتراح المنبثق عن المشاورات داخل الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية وتحديد المواد المطلوب توريدها ،وذلك للحفاظ على مخزون تونس من الاحتياطي النقدي للعملة الصعبة.
وتم تحديد قائمة بـ204 منتوجات غير ضرورية في قائمة المواد المورّدة، لكن ورغم هذه الجهود المبذولة منذ سنة 2017، إلا أن نزيف استنزاف مدخرات البلاد من العملة الصعبة بقي مرتفعا، ما دفع بوزارة التجارة الى التدخل وفرض معاليم ديوانية جديدة على 1500 منتج له مثيل مصنع محليا.