3200 مليار حجم ديونها ومستحقاتها من الدولة تجاوزت 6300 مليار
تونس – الصباح
عاد الحديث مجددا عن خيار التفريط في بعض المؤسسات العمومية التي تمر بصعوبات مالية لفائدة القطاع الخاص كحل لإنقاذها من الإفلاس والانهيار وذلك بعد تصريح نورالدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نهاية الأسبوع المنقضي الذي حذر فيه من استهداف المؤسسات العمومية بالتفريط فيها مؤسسة مؤسسة وذلك بعد أن أعلن أن أول مؤسسة عمومية سيتم التفريط فيها لفائدة القطاع الخاص هي شركة عجين الحلفاء بالقصرين. وما يحسب لهذا القطاع العمومي أنه يتميز بطاقة تشغيلية كبيرة وبعضها يعد من المرافق العمومية التي تضطلع بتقديم خدمات أساسية للمواطن في قطاعات حيوية كالنقل والصحة والتعليم والطاقة وغيرها في المقابل فلم يعد الحديث عن مسألة الإصلاح والقيام بالإجراءات الإصلاحية والهيكلية المطلوبة بسبب ما تتطلبه هذه المسألة من إمكانيات مالية كبيرة وتشريعات لاسيما في ظل ما تمر به البلاد من أزمات وصعوبات في علاقة بتوفير المالية العمومية والاتفاق مع الصناديق الدولية المانحة للقروض وما تفرضه من شروط قد يتعارض بعضها مع التوجهات والأهداف الرامية للإصلاح ومحافظة الدولة على هذه المؤسسات رغم أهميتها وقيمتها على جميع المستويات.
وتجدر الإشارة إلى أن حوالي 220 مؤسسة عمومية في تونس إلى حد الآن بعد التفريط في بعضها. تقدر ديونها لفائدة الدول بأكثر من 3200 مليار. فيما تقدر ديونها المتخلدة بذمة الدولة بحوالي 6300 مليار تتوزع بالأساس بين خدمات النقل والاتصالات والطاقة من بينها 2000 مليار لفائدة الشركة التونسية للكهرباء والغاز.
يأتي ذلك رغم وجود عديد الاتفاقات التي تم إمضاؤها بين الاتحاد العام التونسي للشغل من ناحية، بصفته المنظمة التي تعتبر هذه المؤسسات والمنشآت العمومية "كنوز للدولة" وجب المحافظة عليها وتطويرها والنهوض بها وأن التفريط فيها خط أحمر مثلما شدد على ذك أمين عام الاتحاد نورالدين الطبوبي في عديد المناسبات، والحكومات المتعاقبة في السنوات الأخير من ناحية ثانية وذلك بالاتفاق حول ضرورة إصلاحها ودعمها للعودة إلى دائرة العمل والإنتاج وتحقيق الأرباح. لعل آخر اتفاق في الغرض ما تم في مارس الماضي بين الاتحاد العام التونسي للشغل ورئيس الحكومة هشام مشيشي وينص هذا الاتفاق على الانطلاق في الإصلاحات في المؤسسات العمومية ومنظومة الجباية والدعم. وعلى أن يتم الانطلاق في إصلاح سبع مؤسسات عمومية وهي الخطوط الجوية التونسية وشركة الفولاذ وديوان الأراضي الدولية والشركة التونسية للشحن والترصيف والصيدلية المركزية والشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة التونسية للصناعات الصيدلية "سيفات". وتم الاتفاق على بعث 5 لجان تفكير مشتركة في الغرض بهدف صياغة إطار عملي للإصلاحات التي سترفع للحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل على غرار لجنة إصلاح المنظومة الجبائية وإرساء العدالة الجبائية ولجنة دراسة الإصلاحات الضرورية بالمؤسسات العمومية ولجنة منظومة دعم المواد الأساسية والمحروقات. وسبق ذلك عدة اتفاقيات في الغرض مع حكومتي يوسف الشاهد سنة 2018 وفي مناسبات أخرى والياس الفخفاخ في فيفري 2020.
تونس الجوية الاستثناء
ولئن استطاعت الأطراف المتفقة على منهج الإصلاح في الدخول في تفعيل جانب من هذه الاتفاقية فيما يتعلق بتونس الجوية وتم إسناد 30 مليار للغرض خلال العام الماضي مع انتهاج سياسة تقشف داخل المؤسسة التي قاربت على الإفلاس. وهو ما مكن من إعادة ضح "الروح" لتعود إلى دائرة العمل والنشاط والعمل على تعزيز أدوار وأهداف الناقلة الوطنية والتفكير في سبل تجديد أسطولها والقيام بخدمات الصيانة المطلوبة.
إذ بالبحث عن مدى دخول الاتفاقية الأخيرة حيز العمل تبين أنه باستثناء مبادرة تونس الجوية فإن بقية المؤسسات والمنشآت العمومية السبعة المستهدفة بأولوية برنامج الإصلاح وإعادة التأهيل ظلت على ما هو عليه الحال إلى الآن لا بل ازداد وضعها تأزما.
رضا الشكندالي لـ"لصباح": الإصلاحات مجرد نوايا لا غير
في تطرقه لهذه المسألة أفاد الأكاديمي والخبير في الاقتصاد رضا الشكندالي لـ"الصباح" أن وضعية جل هذه المؤسسات جد صعبة وأن كل مبادرات الإصلاح المقدمة في الغرض لم تر النور لأنها ليست جدية بل اعتبر جلها مجرد نوايا لذر الرماد على العيون. موضحا أن ما تم الاتفاق عليه في حكومة مشيشي مع الاتحاد العام التونسي للشغل كان الهدف منه إقناع الصناديق الدولية المانحة بوجود مشروع إصلاحي لا غير من قبل الحكومة التي وجدت نفسها أمام جملة من الشروط المحجفة. ويعتبر محدثنا أن كل محاولة في نفس السياق توقفت مباشرة بعد إقالة حكومة مشيشي وتجميد عمل البرلمان.
واعتبر الشكندالي أن أكبر دليل على عدم وجود سياسة جدية في تنفيذ أي مبادرة لإصلاح المؤسسات العمومية هو العودة إلى مشروع قانون المالية في ميزانية الدولة لعامي 2020 و2021 يتبين الجميع عدم تخصيص ميزانية للغرض.
ويذكر أن الخبير الاقتصادي عزالدين سعيداني كان قد علق على الاتفاق "الإصلاحي" الأخير قائلا "إنه لا يعدو أن يكون مجرد إعلان نوايا للشروع في التفكير وليس للشروع في تنفيذ الإصلاحات".
الأمين العام المساعد للاتحاد المسؤول على الدواوين والمنشآت العمومية لـ"الصباح": الاتحاد على استعداد للمشاركة وإنجاح أي برنامج إصلاحي
من جانبه أكد صلاح السالمي، الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل المسؤول على الدواوين والمنشآت العمومية، لـ"الصباح" أن عدم التوصل إلى تفعيل تلك الاتفاقات التي تهدف لإصلاح المؤسسات العمومية مرده غياب إرادة سياسية جادة فضلا عن وجود توجه للخوصصة خاصة فيما يتعلق بالمؤسسات المربحة. وبين أن عمليات الإصلاح وإعادة الهيكلة أغلبها لا يتطلب إمكانيات مالية بل أن جل المؤسسات تحتاج إلى تشريعات وقوانين وآليات لمقاومة الفساد والحد من الاخلالات التي تعاني منها إن لم يكن "فسادا" وفق تعبيره. وشدد السالمي على ضرورة إرساء الحكومة داخل هذه المؤسسات لإنقاذها لتعود للمساهمة في الدورة الاقتصادية والتنموية إذا ما كانت هناك إرادة سياسية وتوجه جدي للدولة في دخول مجال الاستثمار.
وجدد محدثنا تأكيده على تمسك الاتحاد العام التونسي بضرورة عدم خوصصة المؤسسات العمومية واستعداده للمشاركة في إعادة التأهيل والتهيئة والإصلاح لأنه يعتبرها القطاع العام أكبر داعم لمداخيل الدولة الجبائية بتوفير 74% من جملة المداخيل فيما يتوزع الباقي بين 14 % من البنوك والمؤسسات المالية و11% من الأجراء في القطاع الخاص.
واعتبر الأمين العام المساعد للاتحاد أن الحلول ممكنة لإصلاح هذه المؤسسات لاسيما أن المنظمة الشغيلة متفهمة للوضعية الصعبة للدولة والمؤسسات وهي حريصة على ضمان استمرارية هذه المؤسسات والدفع لتطوير خدماتها وأدائها ومردوديتها وليس العكس رغم يقين الجميع بضغوط وشروط الصناديق الدولية والجهات المانحة للقروض على الدولة ودورها في الوجه للتقليص من دورها عبر التخلي عن المؤسسات التي مر بصعوبات.
استعداد حكومة بودن
في جانب آخر من حديثه حول هذه المسألة لـ"الصباح" أكد صلاح السالمي أن الاتحاد العام التونسي للشغل أعاد طرح مسالة إصلاح المؤسسات والمنشآت العمومية في لقائه الأخير مع نجلاء بودن رئيسة الحكومة في 15 نوفمبر الجاري مع إضافة محاور جديدة في البرنامج الإصلاحي تشمل التربية والصحة وغيرها من القطاعات والمجالات التي يعتبرها حيوية ومن أولويات برنامج الإصلاح اليوم. واعتبر ما وجده الاتحاد من تفاعل ايجابي من قبل هذه الحكومة الاستثنائية مؤشر للدخول في مرحلة التنفيذ والعمل خاصة أن المنحى التشاركي للإصلاح أدرك مرحلة متقدمة في تحضير اللجان التي ستتولى ذلك الإعداد والإشراف على تفعيل هذه المبادرات ولا تحتاج لإضاعة الكثير من الوقت.
وحمل السالمي مسؤولية تردي الأوضاع داخل هذه المؤسسات إلى تراخي الحكومات والمنظومة السابقة. وقال في نفس الإطار: " أعتقد أنه كان بالإمكان إنقاذ عديد المؤسسات العمومية على غرار ما صار عليه الأمر بالوكالة الوطنية للتبغ والوقيد لكن الفساد الداخلي والخارجي من العوامل التي ساهمت في تأزم وضعيات هذه المؤسسات. فلو تسنى للدولة المضي في تفعيل تخصيص 4 ألاف مليون في ميزانية 2020 لفائدة المؤسسات العمومية أو لسداد ما هو متخلد بذمتها لفائدة بعضها لتمكنت أغلبها من تخطي أزماتها لكن تم التراجع عن ذلك بتدخل من مجلس نواب الشعب آنذاك الذي يعد سببا للمآسي التي تتخبط فيها البلاد اليوم".
كما أفاد الأمين العام المساعد بالاتحاد المكلف بالدواوين والمؤسسات العمومية أن الاتحاد حريص هذه المرة على عدم توفيت أي فرصة للإصلاح وذلك من خلال الانخراط في البرامج والمشاريع التشاركية والدفع لإنجاحها أو عبر توجيه وتوعية منظوريه بضرورة مراعاة متطلبات المرحلة والعمل على إنجاح أي مبادرة إصلاح وإعادة هيكلة لهذه المؤسسات.
نزيهة الغضباني
3200 مليار حجم ديونها ومستحقاتها من الدولة تجاوزت 6300 مليار
تونس – الصباح
عاد الحديث مجددا عن خيار التفريط في بعض المؤسسات العمومية التي تمر بصعوبات مالية لفائدة القطاع الخاص كحل لإنقاذها من الإفلاس والانهيار وذلك بعد تصريح نورالدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نهاية الأسبوع المنقضي الذي حذر فيه من استهداف المؤسسات العمومية بالتفريط فيها مؤسسة مؤسسة وذلك بعد أن أعلن أن أول مؤسسة عمومية سيتم التفريط فيها لفائدة القطاع الخاص هي شركة عجين الحلفاء بالقصرين. وما يحسب لهذا القطاع العمومي أنه يتميز بطاقة تشغيلية كبيرة وبعضها يعد من المرافق العمومية التي تضطلع بتقديم خدمات أساسية للمواطن في قطاعات حيوية كالنقل والصحة والتعليم والطاقة وغيرها في المقابل فلم يعد الحديث عن مسألة الإصلاح والقيام بالإجراءات الإصلاحية والهيكلية المطلوبة بسبب ما تتطلبه هذه المسألة من إمكانيات مالية كبيرة وتشريعات لاسيما في ظل ما تمر به البلاد من أزمات وصعوبات في علاقة بتوفير المالية العمومية والاتفاق مع الصناديق الدولية المانحة للقروض وما تفرضه من شروط قد يتعارض بعضها مع التوجهات والأهداف الرامية للإصلاح ومحافظة الدولة على هذه المؤسسات رغم أهميتها وقيمتها على جميع المستويات.
وتجدر الإشارة إلى أن حوالي 220 مؤسسة عمومية في تونس إلى حد الآن بعد التفريط في بعضها. تقدر ديونها لفائدة الدول بأكثر من 3200 مليار. فيما تقدر ديونها المتخلدة بذمة الدولة بحوالي 6300 مليار تتوزع بالأساس بين خدمات النقل والاتصالات والطاقة من بينها 2000 مليار لفائدة الشركة التونسية للكهرباء والغاز.
يأتي ذلك رغم وجود عديد الاتفاقات التي تم إمضاؤها بين الاتحاد العام التونسي للشغل من ناحية، بصفته المنظمة التي تعتبر هذه المؤسسات والمنشآت العمومية "كنوز للدولة" وجب المحافظة عليها وتطويرها والنهوض بها وأن التفريط فيها خط أحمر مثلما شدد على ذك أمين عام الاتحاد نورالدين الطبوبي في عديد المناسبات، والحكومات المتعاقبة في السنوات الأخير من ناحية ثانية وذلك بالاتفاق حول ضرورة إصلاحها ودعمها للعودة إلى دائرة العمل والإنتاج وتحقيق الأرباح. لعل آخر اتفاق في الغرض ما تم في مارس الماضي بين الاتحاد العام التونسي للشغل ورئيس الحكومة هشام مشيشي وينص هذا الاتفاق على الانطلاق في الإصلاحات في المؤسسات العمومية ومنظومة الجباية والدعم. وعلى أن يتم الانطلاق في إصلاح سبع مؤسسات عمومية وهي الخطوط الجوية التونسية وشركة الفولاذ وديوان الأراضي الدولية والشركة التونسية للشحن والترصيف والصيدلية المركزية والشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة التونسية للصناعات الصيدلية "سيفات". وتم الاتفاق على بعث 5 لجان تفكير مشتركة في الغرض بهدف صياغة إطار عملي للإصلاحات التي سترفع للحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل على غرار لجنة إصلاح المنظومة الجبائية وإرساء العدالة الجبائية ولجنة دراسة الإصلاحات الضرورية بالمؤسسات العمومية ولجنة منظومة دعم المواد الأساسية والمحروقات. وسبق ذلك عدة اتفاقيات في الغرض مع حكومتي يوسف الشاهد سنة 2018 وفي مناسبات أخرى والياس الفخفاخ في فيفري 2020.
تونس الجوية الاستثناء
ولئن استطاعت الأطراف المتفقة على منهج الإصلاح في الدخول في تفعيل جانب من هذه الاتفاقية فيما يتعلق بتونس الجوية وتم إسناد 30 مليار للغرض خلال العام الماضي مع انتهاج سياسة تقشف داخل المؤسسة التي قاربت على الإفلاس. وهو ما مكن من إعادة ضح "الروح" لتعود إلى دائرة العمل والنشاط والعمل على تعزيز أدوار وأهداف الناقلة الوطنية والتفكير في سبل تجديد أسطولها والقيام بخدمات الصيانة المطلوبة.
إذ بالبحث عن مدى دخول الاتفاقية الأخيرة حيز العمل تبين أنه باستثناء مبادرة تونس الجوية فإن بقية المؤسسات والمنشآت العمومية السبعة المستهدفة بأولوية برنامج الإصلاح وإعادة التأهيل ظلت على ما هو عليه الحال إلى الآن لا بل ازداد وضعها تأزما.
رضا الشكندالي لـ"لصباح": الإصلاحات مجرد نوايا لا غير
في تطرقه لهذه المسألة أفاد الأكاديمي والخبير في الاقتصاد رضا الشكندالي لـ"الصباح" أن وضعية جل هذه المؤسسات جد صعبة وأن كل مبادرات الإصلاح المقدمة في الغرض لم تر النور لأنها ليست جدية بل اعتبر جلها مجرد نوايا لذر الرماد على العيون. موضحا أن ما تم الاتفاق عليه في حكومة مشيشي مع الاتحاد العام التونسي للشغل كان الهدف منه إقناع الصناديق الدولية المانحة بوجود مشروع إصلاحي لا غير من قبل الحكومة التي وجدت نفسها أمام جملة من الشروط المحجفة. ويعتبر محدثنا أن كل محاولة في نفس السياق توقفت مباشرة بعد إقالة حكومة مشيشي وتجميد عمل البرلمان.
واعتبر الشكندالي أن أكبر دليل على عدم وجود سياسة جدية في تنفيذ أي مبادرة لإصلاح المؤسسات العمومية هو العودة إلى مشروع قانون المالية في ميزانية الدولة لعامي 2020 و2021 يتبين الجميع عدم تخصيص ميزانية للغرض.
ويذكر أن الخبير الاقتصادي عزالدين سعيداني كان قد علق على الاتفاق "الإصلاحي" الأخير قائلا "إنه لا يعدو أن يكون مجرد إعلان نوايا للشروع في التفكير وليس للشروع في تنفيذ الإصلاحات".
الأمين العام المساعد للاتحاد المسؤول على الدواوين والمنشآت العمومية لـ"الصباح": الاتحاد على استعداد للمشاركة وإنجاح أي برنامج إصلاحي
من جانبه أكد صلاح السالمي، الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل المسؤول على الدواوين والمنشآت العمومية، لـ"الصباح" أن عدم التوصل إلى تفعيل تلك الاتفاقات التي تهدف لإصلاح المؤسسات العمومية مرده غياب إرادة سياسية جادة فضلا عن وجود توجه للخوصصة خاصة فيما يتعلق بالمؤسسات المربحة. وبين أن عمليات الإصلاح وإعادة الهيكلة أغلبها لا يتطلب إمكانيات مالية بل أن جل المؤسسات تحتاج إلى تشريعات وقوانين وآليات لمقاومة الفساد والحد من الاخلالات التي تعاني منها إن لم يكن "فسادا" وفق تعبيره. وشدد السالمي على ضرورة إرساء الحكومة داخل هذه المؤسسات لإنقاذها لتعود للمساهمة في الدورة الاقتصادية والتنموية إذا ما كانت هناك إرادة سياسية وتوجه جدي للدولة في دخول مجال الاستثمار.
وجدد محدثنا تأكيده على تمسك الاتحاد العام التونسي بضرورة عدم خوصصة المؤسسات العمومية واستعداده للمشاركة في إعادة التأهيل والتهيئة والإصلاح لأنه يعتبرها القطاع العام أكبر داعم لمداخيل الدولة الجبائية بتوفير 74% من جملة المداخيل فيما يتوزع الباقي بين 14 % من البنوك والمؤسسات المالية و11% من الأجراء في القطاع الخاص.
واعتبر الأمين العام المساعد للاتحاد أن الحلول ممكنة لإصلاح هذه المؤسسات لاسيما أن المنظمة الشغيلة متفهمة للوضعية الصعبة للدولة والمؤسسات وهي حريصة على ضمان استمرارية هذه المؤسسات والدفع لتطوير خدماتها وأدائها ومردوديتها وليس العكس رغم يقين الجميع بضغوط وشروط الصناديق الدولية والجهات المانحة للقروض على الدولة ودورها في الوجه للتقليص من دورها عبر التخلي عن المؤسسات التي مر بصعوبات.
استعداد حكومة بودن
في جانب آخر من حديثه حول هذه المسألة لـ"الصباح" أكد صلاح السالمي أن الاتحاد العام التونسي للشغل أعاد طرح مسالة إصلاح المؤسسات والمنشآت العمومية في لقائه الأخير مع نجلاء بودن رئيسة الحكومة في 15 نوفمبر الجاري مع إضافة محاور جديدة في البرنامج الإصلاحي تشمل التربية والصحة وغيرها من القطاعات والمجالات التي يعتبرها حيوية ومن أولويات برنامج الإصلاح اليوم. واعتبر ما وجده الاتحاد من تفاعل ايجابي من قبل هذه الحكومة الاستثنائية مؤشر للدخول في مرحلة التنفيذ والعمل خاصة أن المنحى التشاركي للإصلاح أدرك مرحلة متقدمة في تحضير اللجان التي ستتولى ذلك الإعداد والإشراف على تفعيل هذه المبادرات ولا تحتاج لإضاعة الكثير من الوقت.
وحمل السالمي مسؤولية تردي الأوضاع داخل هذه المؤسسات إلى تراخي الحكومات والمنظومة السابقة. وقال في نفس الإطار: " أعتقد أنه كان بالإمكان إنقاذ عديد المؤسسات العمومية على غرار ما صار عليه الأمر بالوكالة الوطنية للتبغ والوقيد لكن الفساد الداخلي والخارجي من العوامل التي ساهمت في تأزم وضعيات هذه المؤسسات. فلو تسنى للدولة المضي في تفعيل تخصيص 4 ألاف مليون في ميزانية 2020 لفائدة المؤسسات العمومية أو لسداد ما هو متخلد بذمتها لفائدة بعضها لتمكنت أغلبها من تخطي أزماتها لكن تم التراجع عن ذلك بتدخل من مجلس نواب الشعب آنذاك الذي يعد سببا للمآسي التي تتخبط فيها البلاد اليوم".
كما أفاد الأمين العام المساعد بالاتحاد المكلف بالدواوين والمؤسسات العمومية أن الاتحاد حريص هذه المرة على عدم توفيت أي فرصة للإصلاح وذلك من خلال الانخراط في البرامج والمشاريع التشاركية والدفع لإنجاحها أو عبر توجيه وتوعية منظوريه بضرورة مراعاة متطلبات المرحلة والعمل على إنجاح أي مبادرة إصلاح وإعادة هيكلة لهذه المؤسسات.