في الوقت الذي تواجه فيه الدولة صعوبات كبيرة في الخروج الى الاقتراض من الأسواق المالية العالمية للحصول على قروض جديدة، تفشل في تعبئة موارد اضافية ب 150 مليون دينار من السوق الداخلية بعد رفض البنوك المحلية طلبها للمرة الثانية على التوالي ..
وكانت بلادنا قد انتهجت خيار الاقتراض من البنوك التونسية في مناسبتين في سنة ونصف أمام صعوبة الخروج الى الاسواق الدولية من خلال توفير تمويلات لدعم ميزانيتها من 12 بنكا محليا تحديدا منذ شهر ماي من سنة 2020 زمن الازمة الوبائية بقيمة تناهز الـ 2.1 مليار دينار بالعملة الاجنبية وبنسبة فائدة 2.78 بالمائة، وساهمت وقتها البنوك التونسية في معاضدة جهود الدولة في مجابهة الازمة الصحية ...
ومن المتوقع أن تواصل الدولة في هذا الخيار في الوقت الراهن رغم ما يحوم حوله من مخاطر مالية كبيرة كان قد نبه اليها عدد هام من المراقبين في الشان الاقتصادي، لتتوجه الدولة مرة ثانية في شهر فيفري من السنة الجارية الى الاقتراض من 14 بنكا محليا وتعبئة موارد مالية لتمويل ميزانيتها بما يناهز الـ 465 مليون دولار، أي ما يعادل 1250 مليون دينار تونسي، وزعت قيمة القروض في ما بينها لتمويل ميزانية الدولة لسنة 2021 بين 150 مليون بعملة الدولار الأمريكي و260 مليون بالعملة الأوروبية الاورو، وحددت نسبة الفائدة لهذه القروض في ما بين 2 في المائة و3.5 في المائة حسب شروط ومدة السداد.
وياتي توجه الدولة الى الاقتراض من السوق الداخلية في الوقت الذي تواجه فيه صعوبات على مستوى تعبئة موارد جديدة من الأسواق الخارجية وعلى مستوى التفاوض مع المؤسسات المالية المانحة بسبب الوضع المضطرب الذي تعيش على وقعه البلاد وعدم وضوح الرؤية في المشهد السياسي عموما بسبب تاخر الحسم في تشكيل حكومة جديدة تعوض حكومة هشام المشيشي التي تم استبعادها منذ الـ25 من شهر جويلية المنقضي.....
بالمقابل، لقيت الدولة استجابة من قبل عدد من البنوك التونسية التي وافقت على تمويل الميزانية العمومية بتوفير قروض جديدة لسد العجز الحاصل بها، بعد تدخل البنك المركزي بالسماح لها بتمويل الدولة وكانت اهمها مع مطلع السنة الجارية لغلق ميزانية 2020، بعد مصادقة البرلمان على الفصل الخامس من قانون المالية التعديلي لسنة 2020 والذي يرخص للبنك المركزي وبصفة استثنائية تمويل جزء من عجز الميزانية الناجم عن تداعيات أزمة كوفيد-19 عن طريق منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية بـ 2.810 مليون دينار وقتها...
وقبلها بسنة، اقترضت الدولة من البنوك المحلية تحديدا في شهر مارس من سنة 2019، بقيمة ناهزت انذاك الـ 356 مليون يور ومن 12 بنكا محليا بنسبة فائدة بـ 2.25 في المائة في حال اختيار طريقة سداد على ثلاثة أقساط سنوية متساوية و2.5 في المائة في حال اختيار سداد الأصل دفعة واحدة بعد مضي ثلاث سنوات.
كما ساند القطاع البنكي الدولة في العديد من الازمات التي حلت بالبلاد، كان ابرزها ازمة سنة 2018 عندما تراجعت صورة تونس في الخارج بسبب التصنيفات السلبية التي لاحقتها من قبل مؤسسات التراقيم السيادية والتي حرمتها من حظوظ الاقتراض من الاسواق المالية الخارجية، ليوفر القطاع البنكي التونسي للدولة آنذاك قسطا هاما من التمويلات بنسب فائدة تفاضلية.
وقبلها بسنتين، كانت الحكومة قد توجهت الى البنوك المحلية للاقتراض منها، تحديدا في شهر جويلية من سنة 2016، اين تحصلت الحكومة على قرض بقيمة 250 مليون أورو أي ما يعادل تقريبا 700 مليون ديناروقتها من خلال 13 بنكا محليّا ، واختار عدد من هذه البنوك استرجاع القرض بالعملة الأجنبية على أقساط سنوية بنسبة فائدة تناهز 2 بالمائة في حين فضلت بقية البنوك الموقعة الحصول على قيمة القرض دفعة واحدة بنسبة فائدة تبلغ 2.25 بالمائة.
وكان اعلى حجم للتمويل الداخلي عرفتها الدولة هو الذي تضمنه قانون المالية التعديلي لسنة 2020 بعد بلوغه حدود الـ 14.3 مليار دينار مقابل 2.4 مليار دينار حسب قانون المالية الأصلي، وهو ما اضطر بالبنك المركزي ان يضبط وقتها حسب ما جاء في الاجتماع الاستثنائي لمجلس إدارة البنك المنعقد يوم 27 أكتوبر 2020 للنظر في مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2020 ، الى ابرام برنامج تمويلي مستمر في اطار اتفاقية اتفقت بشأنه الجهات التونسية الممولة مع الحكومة، ويمكن هذا البرنامج الدولة من تمويلات مستمرة بالدينار التونسي وبالعملة الاجنبية تطلبها كل شهر او كل شهرين من البنوك التونسية حسب حاجياتها مقابل ضمان التوازن المالي العام للقروض التي تمنحها هذه المؤسسات المالية من قبل الدولة وخاصة استعداد البنك المركزي التونسي لإعادة تمويلها لتجنب المخاطر المالية والاقتصادية واهمها التضخم المالي.
وفي ظل تعطل الخروج للاقتراض من الاسواق الدولية في الوقت الراهن، تبقى البنوك التونسية من اهم مصادر تمويل الدولة، خاصة ان الحكومة تواجه صعوبات كبيرة في عملية التفاوض مع المؤسسات المالية المانحة على غرار صندوق النقد الدولي والمنظمات الدولية، وبالرغم من استجابة البنوك المحلية لطلبات الدولة في توفير تمويلات لدعم ميزانيتها، الا ان الاقتراض الداخلي يمثل خطرا على التوازنات المالية للبلاد مثله مثل الاقتراض الخارجي.........
وفاء بن محمد
تونس-الصباح
في الوقت الذي تواجه فيه الدولة صعوبات كبيرة في الخروج الى الاقتراض من الأسواق المالية العالمية للحصول على قروض جديدة، تفشل في تعبئة موارد اضافية ب 150 مليون دينار من السوق الداخلية بعد رفض البنوك المحلية طلبها للمرة الثانية على التوالي ..
وكانت بلادنا قد انتهجت خيار الاقتراض من البنوك التونسية في مناسبتين في سنة ونصف أمام صعوبة الخروج الى الاسواق الدولية من خلال توفير تمويلات لدعم ميزانيتها من 12 بنكا محليا تحديدا منذ شهر ماي من سنة 2020 زمن الازمة الوبائية بقيمة تناهز الـ 2.1 مليار دينار بالعملة الاجنبية وبنسبة فائدة 2.78 بالمائة، وساهمت وقتها البنوك التونسية في معاضدة جهود الدولة في مجابهة الازمة الصحية ...
ومن المتوقع أن تواصل الدولة في هذا الخيار في الوقت الراهن رغم ما يحوم حوله من مخاطر مالية كبيرة كان قد نبه اليها عدد هام من المراقبين في الشان الاقتصادي، لتتوجه الدولة مرة ثانية في شهر فيفري من السنة الجارية الى الاقتراض من 14 بنكا محليا وتعبئة موارد مالية لتمويل ميزانيتها بما يناهز الـ 465 مليون دولار، أي ما يعادل 1250 مليون دينار تونسي، وزعت قيمة القروض في ما بينها لتمويل ميزانية الدولة لسنة 2021 بين 150 مليون بعملة الدولار الأمريكي و260 مليون بالعملة الأوروبية الاورو، وحددت نسبة الفائدة لهذه القروض في ما بين 2 في المائة و3.5 في المائة حسب شروط ومدة السداد.
وياتي توجه الدولة الى الاقتراض من السوق الداخلية في الوقت الذي تواجه فيه صعوبات على مستوى تعبئة موارد جديدة من الأسواق الخارجية وعلى مستوى التفاوض مع المؤسسات المالية المانحة بسبب الوضع المضطرب الذي تعيش على وقعه البلاد وعدم وضوح الرؤية في المشهد السياسي عموما بسبب تاخر الحسم في تشكيل حكومة جديدة تعوض حكومة هشام المشيشي التي تم استبعادها منذ الـ25 من شهر جويلية المنقضي.....
بالمقابل، لقيت الدولة استجابة من قبل عدد من البنوك التونسية التي وافقت على تمويل الميزانية العمومية بتوفير قروض جديدة لسد العجز الحاصل بها، بعد تدخل البنك المركزي بالسماح لها بتمويل الدولة وكانت اهمها مع مطلع السنة الجارية لغلق ميزانية 2020، بعد مصادقة البرلمان على الفصل الخامس من قانون المالية التعديلي لسنة 2020 والذي يرخص للبنك المركزي وبصفة استثنائية تمويل جزء من عجز الميزانية الناجم عن تداعيات أزمة كوفيد-19 عن طريق منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية بـ 2.810 مليون دينار وقتها...
وقبلها بسنة، اقترضت الدولة من البنوك المحلية تحديدا في شهر مارس من سنة 2019، بقيمة ناهزت انذاك الـ 356 مليون يور ومن 12 بنكا محليا بنسبة فائدة بـ 2.25 في المائة في حال اختيار طريقة سداد على ثلاثة أقساط سنوية متساوية و2.5 في المائة في حال اختيار سداد الأصل دفعة واحدة بعد مضي ثلاث سنوات.
كما ساند القطاع البنكي الدولة في العديد من الازمات التي حلت بالبلاد، كان ابرزها ازمة سنة 2018 عندما تراجعت صورة تونس في الخارج بسبب التصنيفات السلبية التي لاحقتها من قبل مؤسسات التراقيم السيادية والتي حرمتها من حظوظ الاقتراض من الاسواق المالية الخارجية، ليوفر القطاع البنكي التونسي للدولة آنذاك قسطا هاما من التمويلات بنسب فائدة تفاضلية.
وقبلها بسنتين، كانت الحكومة قد توجهت الى البنوك المحلية للاقتراض منها، تحديدا في شهر جويلية من سنة 2016، اين تحصلت الحكومة على قرض بقيمة 250 مليون أورو أي ما يعادل تقريبا 700 مليون ديناروقتها من خلال 13 بنكا محليّا ، واختار عدد من هذه البنوك استرجاع القرض بالعملة الأجنبية على أقساط سنوية بنسبة فائدة تناهز 2 بالمائة في حين فضلت بقية البنوك الموقعة الحصول على قيمة القرض دفعة واحدة بنسبة فائدة تبلغ 2.25 بالمائة.
وكان اعلى حجم للتمويل الداخلي عرفتها الدولة هو الذي تضمنه قانون المالية التعديلي لسنة 2020 بعد بلوغه حدود الـ 14.3 مليار دينار مقابل 2.4 مليار دينار حسب قانون المالية الأصلي، وهو ما اضطر بالبنك المركزي ان يضبط وقتها حسب ما جاء في الاجتماع الاستثنائي لمجلس إدارة البنك المنعقد يوم 27 أكتوبر 2020 للنظر في مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2020 ، الى ابرام برنامج تمويلي مستمر في اطار اتفاقية اتفقت بشأنه الجهات التونسية الممولة مع الحكومة، ويمكن هذا البرنامج الدولة من تمويلات مستمرة بالدينار التونسي وبالعملة الاجنبية تطلبها كل شهر او كل شهرين من البنوك التونسية حسب حاجياتها مقابل ضمان التوازن المالي العام للقروض التي تمنحها هذه المؤسسات المالية من قبل الدولة وخاصة استعداد البنك المركزي التونسي لإعادة تمويلها لتجنب المخاطر المالية والاقتصادية واهمها التضخم المالي.
وفي ظل تعطل الخروج للاقتراض من الاسواق الدولية في الوقت الراهن، تبقى البنوك التونسية من اهم مصادر تمويل الدولة، خاصة ان الحكومة تواجه صعوبات كبيرة في عملية التفاوض مع المؤسسات المالية المانحة على غرار صندوق النقد الدولي والمنظمات الدولية، وبالرغم من استجابة البنوك المحلية لطلبات الدولة في توفير تمويلات لدعم ميزانيتها، الا ان الاقتراض الداخلي يمثل خطرا على التوازنات المالية للبلاد مثله مثل الاقتراض الخارجي.........