إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الدولة تواصل خيار ضخ التمويلات لتغطیة عجز المؤسسات العمومية عوض إعادة هيكلتها والتفويت فيها

 

 

تونس-الصباح

عاد الجدل من جديد بين الاوساط التونسية حول ملف المؤسسات العمومية بعد اجتماع المكلفة بتسيير وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار سهام نمصية بكل من وزير الصناعة والطّاقة والمناجم بالنيابة ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي بحر الاسبوع المنقضي، وتناول الاجتماع الوضعية المالية الصعبة لهذه المنشات والإمكانيات المتاحة لتمويل نشاطها في الفترة الحالية وأهمية دعمها حتى تواصل الاضطلاع بدورها الاستراتيجي والمحوري في الاقتصاد الوطني.

 كما تم التطرق إلى ضرورة تعميق التفكير في الحلول الممكنة لتجاوز الإشكاليات المالية الحالية لهذه الشركات وإعادة هيكلتها وتفعيل الإصلاحات الضرورية ووضع آليات حسن التصرف بها، بما يعزز دورها في معاضدة مجهود الدولة والرفع من القيمة المضافة للاقتصاد الوطني.

وباعتبار ان مسالة تفعيل الاصلاحات المتفق بشانها مع الحكومات السابقة ومع مؤسسات التمويل الدولية، تتطلب وضوح الرؤية في المشهد السياسي الذي يعيش غموضا غير مسبوق مع تاخر تشكيل حكومة جديدة والتغيرات الجذرية التي طالت كل مفاصل الدولة بعد الـ 25 من شهر جويلية المنقضي، فالاكيد ان مسالة مواصلة الدولة تمويل هذه المنشات في الوقت الحالي سيكون الحل الاسرع...

وهذا الخيار انتقده العديد من المراقبين في الشان المالي والاقتصادي باعتبار ان الدولة ستواصل فيه عن طريق تمويل هذه المنشات،  الذي انتهجته الحكومات المتعاقبة ما بعد ثورة 14 جانفي على حد السواء دون التفكير في اليات جديدة للاصلاح،  وفشلت حتى في تفعيل البعض منها والمتفق بشانها مع صندوق النقد الدولي مقابل الحصول على تمويلات جديدة...

ومن شان هذا الخيار ان يثقل كاهل ميزانية الدولة التي تعاني عجزا واسعا، والحال ان هذه المؤسسات تتطلب تمويلات كبيرة لا يمكن ان تتحملها المالية العمومية التي تعاني من اخلالات متواصلة لسنوات، ويبدو ان الدولة استبقت توجهات الحكومة القادمة الاصلاحية وستواصل على نهج الحكومات السابقة من خلال خيار تمويل هذه المنشات..

ويضم قطاع المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية 104 منشأة تنشط في ما لا يقل عن 21  قطاعا في مختلف الميادين الاقتصادية (نقل – تجارة – صناعة – خدمات مختلفة مثل الماء والكهرباء...). وشهد القطاع عموما خلال العشرية الأخيرة تراجعا متواصلا في المردودية واختلال التوازن بعد أن كان منذ الاستقلال سندا هاما وإيجابيا في التنمية الاقتصادية المستدامة.

ومازالت المؤسسات العمومية في تونس تعيش صعوبات مالية كبيرة، لم تجد لها الدولة إلى حد اليوم حلولا، بالرغم من الخطط والبرامج التي أتت بها الحكومات المتعاقبة ما بعد الثورة لاصلاح واعادة هيكلة هذه المنشات لتصل قيمة العجز الحاصل بها مع موفى سنة 2020، إلى ما يناهز الـ7 مليار دينار...

وكانت الدولة قد انطلقت بصفة رسمية في البرامج والخطط الإصلاحية منذ سنة 2014 لتشمل 104 منشاة عمومية تشتغل في 21 قطاعا حيويا، إلا أنها باءت بالفشل في اغلبها بعد أن واجهت معارضة شرسة من قبل المنظمة الشغيلية لأنها تعتبرها  تهديدا للقطاع العمومي وتجريدا للدولة من أسلحتها الاقتصادية والتنموية.

واهم هذه المنشآت العمومية،  شركة الخطوط الجوية التونسية "تونيسار" وشركة "الفولاذ" وشركة "نقل تونس"  و"الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية" التي لم تكن عمليات إصلاحها بالأمر الهيّن لعدة اعتبارات والتي على رأسها تمسك المنظمة الشغيلة بحق العمال فيها وهو عدم خصخصتها.

وكانت الاونة الاخيرة قد شهدت جدلا واسعا بين ساسة البلاد والاوساط التونسية عموما عاد حول مسالة التفويت في المؤسسات العمومية، كاحد الحلول التي طرحت لاصلاحها بعد أن تواترت الأنباء حول بداية التفاوض مع صندوق النقد الدولي بشان الحصول على قرض جديد تشترط فيه المؤسسة المالية اصلاح المنشات العمومية التي تعاني من عجز واسع ومديونية كبيرة بسبب ارتفاع كتلة الاجور فيها ونسبة التاجير.

وكان الصندوق قد اوصى تونس ولاول مرة في تقريره الاخير مع موفى السنة المنقضية ان إنعاش الاقتصاد التونسي، يستدعي بالضرورة القيام ببعض الإصلاحات، على غرار إعادة تأهيل المؤسسات العمومية التي تحتاج أن تكون أكثر ديناميكية ونجاعة حتى تكون قادرة على الرفع من إنتاجية الاقتصاد.
كما اكد الصندوق على ضرورة ان يجري دفع الاقتصاد وتنفيذ الإصلاحات عبر حوار وطني، يكون بمثابة العقد الاجتماعي الذي يجمع كل القوى الحية، على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والمجتمع المدني والشباب وخبراء الاقتصاد ...

كما تعالت الاصوات محليا بضرورة التفويت في البعض  من المؤسسات العمومية التي تكبد الدولة خسائر، حيث ذهب عدد من ساسة البلاد إلى أنها تجربة لا تمثل خطرا على البلاد خاصة أنها أثبتت نجاحها مع عدد من المنشآت التابعة للقطاع العمومي بعد بيعها في وقت سابق لتصبح اليوم شركات ربحية ومنتجة ولها قدرة تنافسية عالية في أسواقنا.

كما أكد عدد من المختصين في هذا السياق أن تمسك الدولة ببعض القطاعات لم يعد له أي مبرر خصوصا أن اغلب دول العالم أسندت هذه القطاعات إلى الخواص والأمثلة في ذلك عديدة، خاصة أن هذه المنشات تكبد الدولة خسائر فادحة وتضطرها إلى التداين من أجل الإنفاق عليها.

وعلى حساسيته واهميته في تامين السلم الاجتماعي، بقي  ملف المؤسسات العمومیة من أھم الملفات التي تحوم حولھا صعوبات كبیرة استعصت على حلھا جميع الحكومات المتعاقبة ما بعد ثورة 14 جانفي 2011  التي اكتفت فقط بضخ تمويلات كبيرة لتغطیة عجزھا دون إصلاحھا وإعادة ھیكلتھا..

ومع تواصل تزايد حجم الديون المتراكمة لدى المؤسسات العمومية، ستضطر الدولة للتكفل بسداد هذه الديون مهما كان حجمها باعتبار أنها الضامن الوحيد لها وهو ما من شانه أن يثقل كاهلها أكثر مع ارتفاع ديونها، وهو ما سيفتح جبهة جديدة بين الدولة والاتحاد العام التونسي للشغل...

وبين كل هذه الاراء المتباينة في ما بينها، يبقى ملف المؤسسات العمومية،  الملف الاثقل على الاطلاق والذي يتطلب من الدولة الاهتمام به بصفة جدية مع تولي الحكومة الجديدة لمهامها في الايام القادمة على ان تفصل فيه بصفة نهائية؛ اما بالاصلاح الجدي حتى ان كان موجعا او بالتفويت في البعض من المنشات التي تعاني صعوبات مالية كبيرة ، مع ضرورة الحفاظ على السلم الاجتماعي ...

 

وفاء بن محمد

الدولة تواصل خيار ضخ التمويلات لتغطیة عجز المؤسسات العمومية عوض إعادة هيكلتها والتفويت فيها

 

 

تونس-الصباح

عاد الجدل من جديد بين الاوساط التونسية حول ملف المؤسسات العمومية بعد اجتماع المكلفة بتسيير وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار سهام نمصية بكل من وزير الصناعة والطّاقة والمناجم بالنيابة ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي بحر الاسبوع المنقضي، وتناول الاجتماع الوضعية المالية الصعبة لهذه المنشات والإمكانيات المتاحة لتمويل نشاطها في الفترة الحالية وأهمية دعمها حتى تواصل الاضطلاع بدورها الاستراتيجي والمحوري في الاقتصاد الوطني.

 كما تم التطرق إلى ضرورة تعميق التفكير في الحلول الممكنة لتجاوز الإشكاليات المالية الحالية لهذه الشركات وإعادة هيكلتها وتفعيل الإصلاحات الضرورية ووضع آليات حسن التصرف بها، بما يعزز دورها في معاضدة مجهود الدولة والرفع من القيمة المضافة للاقتصاد الوطني.

وباعتبار ان مسالة تفعيل الاصلاحات المتفق بشانها مع الحكومات السابقة ومع مؤسسات التمويل الدولية، تتطلب وضوح الرؤية في المشهد السياسي الذي يعيش غموضا غير مسبوق مع تاخر تشكيل حكومة جديدة والتغيرات الجذرية التي طالت كل مفاصل الدولة بعد الـ 25 من شهر جويلية المنقضي، فالاكيد ان مسالة مواصلة الدولة تمويل هذه المنشات في الوقت الحالي سيكون الحل الاسرع...

وهذا الخيار انتقده العديد من المراقبين في الشان المالي والاقتصادي باعتبار ان الدولة ستواصل فيه عن طريق تمويل هذه المنشات،  الذي انتهجته الحكومات المتعاقبة ما بعد ثورة 14 جانفي على حد السواء دون التفكير في اليات جديدة للاصلاح،  وفشلت حتى في تفعيل البعض منها والمتفق بشانها مع صندوق النقد الدولي مقابل الحصول على تمويلات جديدة...

ومن شان هذا الخيار ان يثقل كاهل ميزانية الدولة التي تعاني عجزا واسعا، والحال ان هذه المؤسسات تتطلب تمويلات كبيرة لا يمكن ان تتحملها المالية العمومية التي تعاني من اخلالات متواصلة لسنوات، ويبدو ان الدولة استبقت توجهات الحكومة القادمة الاصلاحية وستواصل على نهج الحكومات السابقة من خلال خيار تمويل هذه المنشات..

ويضم قطاع المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية 104 منشأة تنشط في ما لا يقل عن 21  قطاعا في مختلف الميادين الاقتصادية (نقل – تجارة – صناعة – خدمات مختلفة مثل الماء والكهرباء...). وشهد القطاع عموما خلال العشرية الأخيرة تراجعا متواصلا في المردودية واختلال التوازن بعد أن كان منذ الاستقلال سندا هاما وإيجابيا في التنمية الاقتصادية المستدامة.

ومازالت المؤسسات العمومية في تونس تعيش صعوبات مالية كبيرة، لم تجد لها الدولة إلى حد اليوم حلولا، بالرغم من الخطط والبرامج التي أتت بها الحكومات المتعاقبة ما بعد الثورة لاصلاح واعادة هيكلة هذه المنشات لتصل قيمة العجز الحاصل بها مع موفى سنة 2020، إلى ما يناهز الـ7 مليار دينار...

وكانت الدولة قد انطلقت بصفة رسمية في البرامج والخطط الإصلاحية منذ سنة 2014 لتشمل 104 منشاة عمومية تشتغل في 21 قطاعا حيويا، إلا أنها باءت بالفشل في اغلبها بعد أن واجهت معارضة شرسة من قبل المنظمة الشغيلية لأنها تعتبرها  تهديدا للقطاع العمومي وتجريدا للدولة من أسلحتها الاقتصادية والتنموية.

واهم هذه المنشآت العمومية،  شركة الخطوط الجوية التونسية "تونيسار" وشركة "الفولاذ" وشركة "نقل تونس"  و"الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية" التي لم تكن عمليات إصلاحها بالأمر الهيّن لعدة اعتبارات والتي على رأسها تمسك المنظمة الشغيلة بحق العمال فيها وهو عدم خصخصتها.

وكانت الاونة الاخيرة قد شهدت جدلا واسعا بين ساسة البلاد والاوساط التونسية عموما عاد حول مسالة التفويت في المؤسسات العمومية، كاحد الحلول التي طرحت لاصلاحها بعد أن تواترت الأنباء حول بداية التفاوض مع صندوق النقد الدولي بشان الحصول على قرض جديد تشترط فيه المؤسسة المالية اصلاح المنشات العمومية التي تعاني من عجز واسع ومديونية كبيرة بسبب ارتفاع كتلة الاجور فيها ونسبة التاجير.

وكان الصندوق قد اوصى تونس ولاول مرة في تقريره الاخير مع موفى السنة المنقضية ان إنعاش الاقتصاد التونسي، يستدعي بالضرورة القيام ببعض الإصلاحات، على غرار إعادة تأهيل المؤسسات العمومية التي تحتاج أن تكون أكثر ديناميكية ونجاعة حتى تكون قادرة على الرفع من إنتاجية الاقتصاد.
كما اكد الصندوق على ضرورة ان يجري دفع الاقتصاد وتنفيذ الإصلاحات عبر حوار وطني، يكون بمثابة العقد الاجتماعي الذي يجمع كل القوى الحية، على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والمجتمع المدني والشباب وخبراء الاقتصاد ...

كما تعالت الاصوات محليا بضرورة التفويت في البعض  من المؤسسات العمومية التي تكبد الدولة خسائر، حيث ذهب عدد من ساسة البلاد إلى أنها تجربة لا تمثل خطرا على البلاد خاصة أنها أثبتت نجاحها مع عدد من المنشآت التابعة للقطاع العمومي بعد بيعها في وقت سابق لتصبح اليوم شركات ربحية ومنتجة ولها قدرة تنافسية عالية في أسواقنا.

كما أكد عدد من المختصين في هذا السياق أن تمسك الدولة ببعض القطاعات لم يعد له أي مبرر خصوصا أن اغلب دول العالم أسندت هذه القطاعات إلى الخواص والأمثلة في ذلك عديدة، خاصة أن هذه المنشات تكبد الدولة خسائر فادحة وتضطرها إلى التداين من أجل الإنفاق عليها.

وعلى حساسيته واهميته في تامين السلم الاجتماعي، بقي  ملف المؤسسات العمومیة من أھم الملفات التي تحوم حولھا صعوبات كبیرة استعصت على حلھا جميع الحكومات المتعاقبة ما بعد ثورة 14 جانفي 2011  التي اكتفت فقط بضخ تمويلات كبيرة لتغطیة عجزھا دون إصلاحھا وإعادة ھیكلتھا..

ومع تواصل تزايد حجم الديون المتراكمة لدى المؤسسات العمومية، ستضطر الدولة للتكفل بسداد هذه الديون مهما كان حجمها باعتبار أنها الضامن الوحيد لها وهو ما من شانه أن يثقل كاهلها أكثر مع ارتفاع ديونها، وهو ما سيفتح جبهة جديدة بين الدولة والاتحاد العام التونسي للشغل...

وبين كل هذه الاراء المتباينة في ما بينها، يبقى ملف المؤسسات العمومية،  الملف الاثقل على الاطلاق والذي يتطلب من الدولة الاهتمام به بصفة جدية مع تولي الحكومة الجديدة لمهامها في الايام القادمة على ان تفصل فيه بصفة نهائية؛ اما بالاصلاح الجدي حتى ان كان موجعا او بالتفويت في البعض من المنشات التي تعاني صعوبات مالية كبيرة ، مع ضرورة الحفاظ على السلم الاجتماعي ...

 

وفاء بن محمد

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews