إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وقف الانتدابات ومستوى التاجير ابرز اسباب عزوف التونسيين عن القطاع العمومي

تونس-الصباح

بالرغم من تسجيل الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل لتراجع طفيف في عمليات التوظيف الجديدة في القطاع الخاص من22857 عملية خلال سنة 2020  الى  20694 موظف جديد حتى موفى شهر اوت من السنة الجارية، الا ان توجه التونسيين الى القطاع الخاص عرف ارتفاعا في السنوات الاخيرة بعد ان تقطعت بهم السبل  للحصول على وظائف في القطاع العمومي...

وشهد نسق التوظيف في الوظيفة العمومية تراجعا ملحوظا بعد ارتفاع حجم كتلة الاجور التي تعادل اليوم ربع ميزانية الدولة لسنة 2021 ببلوغها الـ 20 مليار دينار ، وهو ما اثر سلبا على التوازنات المالية للبلاد واضطر بالحكومات المتعاقبة الى التقليص فيها بتوصيات من المؤسسات المالية المانحة التي تعتبرها من اهم الشروط الاساسية لتمتيع بلادنا من تمويلات جديدة.

وكانت كتلة الاجور محور المفاوضات الاخيرة التي تمت بين وفد من الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي خلال زيارته الى واشنطن في شهر افريل المنقضي، والتي تهدف الى ابرام اتفاق برنامج تمويل جديد مع هذه المؤسسة المالية، حتى ان شرط التقليص في حجم كتلة الاجور يعد من اهم شروط الحصول على تمويلات جديدة...

من جهتها، اعتبرت حكومة هشام المشيشي هذا الشرط من الاصلاحات ذات الاولوية المطلقة بهدف انزال حجم كتلة الاجور دون المساس بمكسب الاجراء والموظفين والمتقاعدين، وستكون العملية تقنية عن طريق وضع اليات في اطار توافق وطني يتم التشاور بشانها مع المستهدفين من الاجراء تخص تعديلات في نظام العمل بنصف يوم واجر اقل وبعدد ايام عمل محددة في الاسبوع  وما يقابله من اجر مناسب، فضلا عن امكانية السماح للموظفين استبدال وظائفهم بالمؤسسات العمومية بخلق مشاريع واستثمارات... حسب ما افاد به وزير الاقتصاد والمالية علي الكعلي في حكومة المشيشي..

وتعد كتلة الأجور من ابرز التحديات التي تواجه بلادنا ، خاصة بعد ان عرف نسقها ارتفاعا ملحوظا في السنوات الاخيرة بسبب التوظيف العشوائي زمن حكومة الترويكا، لتصل الى 16.6 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي للبلاد...

بالمقابل، فشلت الحكومات المتعاقبة ما بعد ثورة 14 جانفي 2011 في الحط من حجم كتلة الاجور وبقيت العائق الابرز في الميزانية العمومية للدولة من سنة الى اخرى، لتتضاعف بأكثر من ثلاث مرات مقارنة بسنة 2010،  إذ لم تتجاوز الـ 6 مليارات دينار سنة 2010، لتبلغ اليوم أكثر من 20.1 مليار دينار، فيما تحملت الميزانية العمومية للدولة وحدها، وزر الضغط الاجتماعي، من خلال فتح باب الانتدابات بشكل عشوائي في القطاع العام لتفادي مزيد من الاحتقان الاجتماعي، كما تحملت تداعيات اتفاقيات الزيادة في الأجور مع الاتحاد العام التونسي للشغل، من دون أن يقابل ذلك نمو اقتصادي، قادر على امتصاص ازمة زيادة العاطلين عن العمل، وهو ما أثر بشكل لافت على ميزانية الدولة للسنة الحالية.

وهذا الوضع اضطر حكومة المشيشي  الى اقرار وقف الانتدابات في الوظيفة العمومية كاخر اجراء اعلن عنه قبل سقوط حكومته، بعد مطالبة  صندوق النقد الدولي للاسراع في الاصلاحات المتفق بشانها منذ 2016 والتي على راسها التقليص من حجم كتلة الاجور وتسريح الموظفين وتعبئة الإيرادات واحتواء الإنفاق الجاري لتخفيض عجز الميزانية...

وهذه الاسباب واهمها وقف الانتدابات في الوظيفة العمومية من ابرز الاسباب التي غذت توجه التونسيين الى القطاع الخاص، فضلا عن مستوى التاجير واختلافه بين القطاعين، وعرف التوظيف في السنوات الاخيرة في مؤسسات القطاع الخاص ارتفاعا رغم تراجعه مؤخرا بسبب الازمة الوبائية التي فتكت به واثرت عليه سلبا...

حيث عرف التوظيف في سنة 2020 تراجعا مقارنة بسنة 2019 اذ ناهز 39 ألف موطن شغل بالمؤسسات الخاصة خلال سنة2020 مقابل 51133 خلال سنة 2019، وشهدت السنة الحالية الى موفى  شهر أوت الجاري توظيف 8403 من حاملي الشهادات العليا من مجموع المدمجين في سوق الشغل مقابل 15 ألف خلال السنة الماضية.

كما بلغ عدد طالبي الشغل النشطين ما يناهز الـ 85 ألفا الى حدود شهر أوت الجاري مسجلا بذلك تراجعا في المعدل العام الذي يقدر بـ110 آلاف وذلك على خلفية تداعيات جائحة كورونا التي قلصت الولوج الى مكاتب الشغل، فضلا عن ضعف التنمية خاصة أن عددا كبيرا من المؤسسات عمدت خلال الجائحة الى تسريح عمالها مما تسبب في تقليص مواطن الشغل.


ومن المنتظر ان يعود نسق التوظيف في القطاع الخاص الى الارتفاع في الاشهر القليلة القادمة في ظل تواصل وقف الانتدابات في الوظيفة العمومية ومع بداية انفراج الازمة الصحية التي تعيش على وقعها بلادنا لاكثر من سنتين على التوالي.


وفاء بن محمد

وقف الانتدابات ومستوى التاجير ابرز اسباب عزوف التونسيين عن القطاع العمومي

تونس-الصباح

بالرغم من تسجيل الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل لتراجع طفيف في عمليات التوظيف الجديدة في القطاع الخاص من22857 عملية خلال سنة 2020  الى  20694 موظف جديد حتى موفى شهر اوت من السنة الجارية، الا ان توجه التونسيين الى القطاع الخاص عرف ارتفاعا في السنوات الاخيرة بعد ان تقطعت بهم السبل  للحصول على وظائف في القطاع العمومي...

وشهد نسق التوظيف في الوظيفة العمومية تراجعا ملحوظا بعد ارتفاع حجم كتلة الاجور التي تعادل اليوم ربع ميزانية الدولة لسنة 2021 ببلوغها الـ 20 مليار دينار ، وهو ما اثر سلبا على التوازنات المالية للبلاد واضطر بالحكومات المتعاقبة الى التقليص فيها بتوصيات من المؤسسات المالية المانحة التي تعتبرها من اهم الشروط الاساسية لتمتيع بلادنا من تمويلات جديدة.

وكانت كتلة الاجور محور المفاوضات الاخيرة التي تمت بين وفد من الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي خلال زيارته الى واشنطن في شهر افريل المنقضي، والتي تهدف الى ابرام اتفاق برنامج تمويل جديد مع هذه المؤسسة المالية، حتى ان شرط التقليص في حجم كتلة الاجور يعد من اهم شروط الحصول على تمويلات جديدة...

من جهتها، اعتبرت حكومة هشام المشيشي هذا الشرط من الاصلاحات ذات الاولوية المطلقة بهدف انزال حجم كتلة الاجور دون المساس بمكسب الاجراء والموظفين والمتقاعدين، وستكون العملية تقنية عن طريق وضع اليات في اطار توافق وطني يتم التشاور بشانها مع المستهدفين من الاجراء تخص تعديلات في نظام العمل بنصف يوم واجر اقل وبعدد ايام عمل محددة في الاسبوع  وما يقابله من اجر مناسب، فضلا عن امكانية السماح للموظفين استبدال وظائفهم بالمؤسسات العمومية بخلق مشاريع واستثمارات... حسب ما افاد به وزير الاقتصاد والمالية علي الكعلي في حكومة المشيشي..

وتعد كتلة الأجور من ابرز التحديات التي تواجه بلادنا ، خاصة بعد ان عرف نسقها ارتفاعا ملحوظا في السنوات الاخيرة بسبب التوظيف العشوائي زمن حكومة الترويكا، لتصل الى 16.6 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي للبلاد...

بالمقابل، فشلت الحكومات المتعاقبة ما بعد ثورة 14 جانفي 2011 في الحط من حجم كتلة الاجور وبقيت العائق الابرز في الميزانية العمومية للدولة من سنة الى اخرى، لتتضاعف بأكثر من ثلاث مرات مقارنة بسنة 2010،  إذ لم تتجاوز الـ 6 مليارات دينار سنة 2010، لتبلغ اليوم أكثر من 20.1 مليار دينار، فيما تحملت الميزانية العمومية للدولة وحدها، وزر الضغط الاجتماعي، من خلال فتح باب الانتدابات بشكل عشوائي في القطاع العام لتفادي مزيد من الاحتقان الاجتماعي، كما تحملت تداعيات اتفاقيات الزيادة في الأجور مع الاتحاد العام التونسي للشغل، من دون أن يقابل ذلك نمو اقتصادي، قادر على امتصاص ازمة زيادة العاطلين عن العمل، وهو ما أثر بشكل لافت على ميزانية الدولة للسنة الحالية.

وهذا الوضع اضطر حكومة المشيشي  الى اقرار وقف الانتدابات في الوظيفة العمومية كاخر اجراء اعلن عنه قبل سقوط حكومته، بعد مطالبة  صندوق النقد الدولي للاسراع في الاصلاحات المتفق بشانها منذ 2016 والتي على راسها التقليص من حجم كتلة الاجور وتسريح الموظفين وتعبئة الإيرادات واحتواء الإنفاق الجاري لتخفيض عجز الميزانية...

وهذه الاسباب واهمها وقف الانتدابات في الوظيفة العمومية من ابرز الاسباب التي غذت توجه التونسيين الى القطاع الخاص، فضلا عن مستوى التاجير واختلافه بين القطاعين، وعرف التوظيف في السنوات الاخيرة في مؤسسات القطاع الخاص ارتفاعا رغم تراجعه مؤخرا بسبب الازمة الوبائية التي فتكت به واثرت عليه سلبا...

حيث عرف التوظيف في سنة 2020 تراجعا مقارنة بسنة 2019 اذ ناهز 39 ألف موطن شغل بالمؤسسات الخاصة خلال سنة2020 مقابل 51133 خلال سنة 2019، وشهدت السنة الحالية الى موفى  شهر أوت الجاري توظيف 8403 من حاملي الشهادات العليا من مجموع المدمجين في سوق الشغل مقابل 15 ألف خلال السنة الماضية.

كما بلغ عدد طالبي الشغل النشطين ما يناهز الـ 85 ألفا الى حدود شهر أوت الجاري مسجلا بذلك تراجعا في المعدل العام الذي يقدر بـ110 آلاف وذلك على خلفية تداعيات جائحة كورونا التي قلصت الولوج الى مكاتب الشغل، فضلا عن ضعف التنمية خاصة أن عددا كبيرا من المؤسسات عمدت خلال الجائحة الى تسريح عمالها مما تسبب في تقليص مواطن الشغل.


ومن المنتظر ان يعود نسق التوظيف في القطاع الخاص الى الارتفاع في الاشهر القليلة القادمة في ظل تواصل وقف الانتدابات في الوظيفة العمومية ومع بداية انفراج الازمة الصحية التي تعيش على وقعها بلادنا لاكثر من سنتين على التوالي.


وفاء بن محمد

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews