إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد 16 سنة من ابرامها و2.5 مليار دينار عجز..تونس تتجه لمراجعة اتفاقية التبادل الحر مع تركيا

تونس-الصباح

استبشرت الاوساط التونسية بتصريح  وزير التجارة محمد بوسعيد المتعلق بتوجه الدولة رسميا نحو مراجعة اتفاقية التبادل الحر بين تونس وتركيا بعد تسجيل رقم مفزع للعجز التجاري بين البلدين، باعتبار ان هذه الخطوة ايجابية لدفع المنتوج المحلي وتقليص واردات السلع التركية التي اغرقت اسواقنا في العشر سنوات الاخيرة.

وسبق هذا القرار دعوات عديدة من قبل المختصين في الشان الاقتصادي بمراجعة اتفاقيات التبادل التجاري مع البلدان التي تسجل معها تونس عجزا تجاريا على غرار تركيا وايطاليا والصين والجزائر، لكن الطابع الايديولوجي الذي هيمن على المشهد العام في البلاد طيلة عشر سنوات حال دون اتخاذ قرار المراجعة..

واليوم، توجهت الدولة نحو تفعيله وكانت البداية بالجانب التركي في انتظار تعميمه على بقية الدول حتى تضمن بلادنا استقرارا في ميزانها التجاري من جهة وحماية للمنتوج المحلي من جهة ثانية بعد ان عرف ازمة اقتصادية غير مسبوقة لم تنجح كل الاجراءات الحكومية السابقة من حلها وكانت اخرها اطلاق مشروع "استهلك تونسي" ..

وعرفت اسواقنا المحلية في العشر سنوات الاخيرة اغراقا غير مسبوق بالسلع الموردة من قبل القطر التركي شملت المنتجات الضرورية والكمالية، مما ادى الى ارتفاع الواردات بشكل ملحوظ لتواجه المنتجات المحلية التونسية منافسة غير عادلة وجائرة، كما عرف  قطاع "الفرانشيز" في البلاد توسعا لعدد من العلامات التجارية  التركية خاصة في قطاع النسيج والملابس الجاهزة والاحذية ..

وأدى هذا الوضع في السنوات الاخيرة الى تسجيل عجز في الميزان التجاري لتونس مع تركيا في حدود الـ  2.5 مليار دينار في احدث احصائيات رسمية للسنة الجارية، ليصعد بذلك العجز التجاري لتونس بنسبة 14.1 بالمائة أي ما يعادل الـ933.7 مليون دينار على أساس سنوي، خلال النصف الأول 2021.

وسجّل العجز التجاري الشهري استقرارا نسبيا خلال شهر جويلية 2021، ليستقر في حدود 1409.3 مليون دينار، مقابل 1451.7 مليون دينار خلال شهر جوان من السنة الحالية، وفق ما جاء في نشرية تحليلية بعنوان “التجارة الخارجية بالأسعار الجارية لشهر جويلية 2021” والصادر عن المعهد الوطني للإحصاء.

وكانت تونس وتركيا قد وقعتا اتفاقية تجارة حرة منذ سنة 2004 في إطار الجهود المبذولة لتعزيز العلاقات بين البلدين، وبحلول سنة 2005، أصبحت جميع المنتجات الصناعية معفاة بالكامل من الرسوم الجمركية، كما نصت الاتفاقية على أن عددا من المنتوجات الفلاحية معفاة إلى حدود سقف معين مثلا بالنسبة للتمور التونسية معفاة إلى حدود 5000 طن.

ونصت أيضا اتفاقية التبادل التجاري الحر على أنه يمكن لكل طرف الترفيع تدريجيا في المعاليم الجمركية لتعديل الميزان التجاري وحماية اقتصاده وبعض الصناعات المحلية والمنتوجات الوطنية، وفعليا ومنذ عام 2006 بدأت المبادلات التجارية التونسية التركية في مجالات محدودة

وتستورد تونس من تركيا حوالي 90 مادة من بينها نباتات الزينة وآلات الموسيقى والمواد المكتبية ومختلف المواد الغذائية من بسكويت وشكلاطة ومياه معلبة وحليب ومواد البناء والخشب والأثاث، في حين بقيت صادرات تونس نحو تركيا محدودة وتتمثل في الفسفاط والتمور تحديدا دقلة النور التونسية.

واتخذ عجز الميزان التجاري لتونس مع تركيا منحى تصاعديا منذ سنة 2013 حسب البيانات الرسمية، حيث بلغ في الفترة بين 2013 و2017 بين 1500 و1700 مليون دينار وارتفع سنة 2019 ليفوق 2.3 مليار دينار، ويصل الى 2.5 مليار دينار خلال السنة الجارية وهو رقم ضخم بالنسبة للاقتصاد التونسي الذي يعاني ارتفاعا كبيرا للدين الخارجي وانهيارا في قيمة الدينار في ظل عدم نجاح جهود إعادة دفع الاستثمار وتحقيق التنمية وخلق مواطن الشغل.

وحول قرار المراجعة، بين وزير التجارة ان العملية ستستغرق وقتا ، وستكون الانطلاقة فعليا في الاسابيع القليلة القادمة مع الجانب التركي عبر إنشاء خلية خبراء متخصصة في الدفاع التجاري داخل وزارة التجارة ستكون مهمتها تطوير قاعدة بيانات تحتوي على قائمة المنتجات المستوردة ذات الصلة وما يعادلها في السوق المحلية.وستكون العملية  مفتوحة على تعديل الاتفاقية أو حتى إلغائها.

وفي انتظار الانطلاق في هذه الخطوة الهامة التي ستعزز صادراتنا التونسية وتحمي المنتوج المحلي، تبقى الدولة مطالبة بضرورة تعميم عملية مراجعة اتفاقيات التبادل التجاري مع بقية الدول خاصة التي تسجل معها عجزا تجاريا....

وفاء بن محمد

بعد 16 سنة من ابرامها و2.5 مليار دينار عجز..تونس تتجه لمراجعة اتفاقية التبادل الحر مع تركيا

تونس-الصباح

استبشرت الاوساط التونسية بتصريح  وزير التجارة محمد بوسعيد المتعلق بتوجه الدولة رسميا نحو مراجعة اتفاقية التبادل الحر بين تونس وتركيا بعد تسجيل رقم مفزع للعجز التجاري بين البلدين، باعتبار ان هذه الخطوة ايجابية لدفع المنتوج المحلي وتقليص واردات السلع التركية التي اغرقت اسواقنا في العشر سنوات الاخيرة.

وسبق هذا القرار دعوات عديدة من قبل المختصين في الشان الاقتصادي بمراجعة اتفاقيات التبادل التجاري مع البلدان التي تسجل معها تونس عجزا تجاريا على غرار تركيا وايطاليا والصين والجزائر، لكن الطابع الايديولوجي الذي هيمن على المشهد العام في البلاد طيلة عشر سنوات حال دون اتخاذ قرار المراجعة..

واليوم، توجهت الدولة نحو تفعيله وكانت البداية بالجانب التركي في انتظار تعميمه على بقية الدول حتى تضمن بلادنا استقرارا في ميزانها التجاري من جهة وحماية للمنتوج المحلي من جهة ثانية بعد ان عرف ازمة اقتصادية غير مسبوقة لم تنجح كل الاجراءات الحكومية السابقة من حلها وكانت اخرها اطلاق مشروع "استهلك تونسي" ..

وعرفت اسواقنا المحلية في العشر سنوات الاخيرة اغراقا غير مسبوق بالسلع الموردة من قبل القطر التركي شملت المنتجات الضرورية والكمالية، مما ادى الى ارتفاع الواردات بشكل ملحوظ لتواجه المنتجات المحلية التونسية منافسة غير عادلة وجائرة، كما عرف  قطاع "الفرانشيز" في البلاد توسعا لعدد من العلامات التجارية  التركية خاصة في قطاع النسيج والملابس الجاهزة والاحذية ..

وأدى هذا الوضع في السنوات الاخيرة الى تسجيل عجز في الميزان التجاري لتونس مع تركيا في حدود الـ  2.5 مليار دينار في احدث احصائيات رسمية للسنة الجارية، ليصعد بذلك العجز التجاري لتونس بنسبة 14.1 بالمائة أي ما يعادل الـ933.7 مليون دينار على أساس سنوي، خلال النصف الأول 2021.

وسجّل العجز التجاري الشهري استقرارا نسبيا خلال شهر جويلية 2021، ليستقر في حدود 1409.3 مليون دينار، مقابل 1451.7 مليون دينار خلال شهر جوان من السنة الحالية، وفق ما جاء في نشرية تحليلية بعنوان “التجارة الخارجية بالأسعار الجارية لشهر جويلية 2021” والصادر عن المعهد الوطني للإحصاء.

وكانت تونس وتركيا قد وقعتا اتفاقية تجارة حرة منذ سنة 2004 في إطار الجهود المبذولة لتعزيز العلاقات بين البلدين، وبحلول سنة 2005، أصبحت جميع المنتجات الصناعية معفاة بالكامل من الرسوم الجمركية، كما نصت الاتفاقية على أن عددا من المنتوجات الفلاحية معفاة إلى حدود سقف معين مثلا بالنسبة للتمور التونسية معفاة إلى حدود 5000 طن.

ونصت أيضا اتفاقية التبادل التجاري الحر على أنه يمكن لكل طرف الترفيع تدريجيا في المعاليم الجمركية لتعديل الميزان التجاري وحماية اقتصاده وبعض الصناعات المحلية والمنتوجات الوطنية، وفعليا ومنذ عام 2006 بدأت المبادلات التجارية التونسية التركية في مجالات محدودة

وتستورد تونس من تركيا حوالي 90 مادة من بينها نباتات الزينة وآلات الموسيقى والمواد المكتبية ومختلف المواد الغذائية من بسكويت وشكلاطة ومياه معلبة وحليب ومواد البناء والخشب والأثاث، في حين بقيت صادرات تونس نحو تركيا محدودة وتتمثل في الفسفاط والتمور تحديدا دقلة النور التونسية.

واتخذ عجز الميزان التجاري لتونس مع تركيا منحى تصاعديا منذ سنة 2013 حسب البيانات الرسمية، حيث بلغ في الفترة بين 2013 و2017 بين 1500 و1700 مليون دينار وارتفع سنة 2019 ليفوق 2.3 مليار دينار، ويصل الى 2.5 مليار دينار خلال السنة الجارية وهو رقم ضخم بالنسبة للاقتصاد التونسي الذي يعاني ارتفاعا كبيرا للدين الخارجي وانهيارا في قيمة الدينار في ظل عدم نجاح جهود إعادة دفع الاستثمار وتحقيق التنمية وخلق مواطن الشغل.

وحول قرار المراجعة، بين وزير التجارة ان العملية ستستغرق وقتا ، وستكون الانطلاقة فعليا في الاسابيع القليلة القادمة مع الجانب التركي عبر إنشاء خلية خبراء متخصصة في الدفاع التجاري داخل وزارة التجارة ستكون مهمتها تطوير قاعدة بيانات تحتوي على قائمة المنتجات المستوردة ذات الصلة وما يعادلها في السوق المحلية.وستكون العملية  مفتوحة على تعديل الاتفاقية أو حتى إلغائها.

وفي انتظار الانطلاق في هذه الخطوة الهامة التي ستعزز صادراتنا التونسية وتحمي المنتوج المحلي، تبقى الدولة مطالبة بضرورة تعميم عملية مراجعة اتفاقيات التبادل التجاري مع بقية الدول خاصة التي تسجل معها عجزا تجاريا....

وفاء بن محمد

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews