بمناسبة الزيارة التي اداها إلى تونس، استقبل محمد شياع السوداني رئيس مجلس الوزراء العراقي ، يوم الأربعاء 28 أوت 2024 بمقرّ إقامته بتونس العاصمة تونس، ثلة من المسؤولين بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية يتقدمهم سمير ماجول رئيس الاتحاد ومن أصحاب المؤسسات والمستثمرين التونسيين.
وأكد رئيس مجلس الوزراء الحرص على لقاء القطاع الخاص ورجال الأعمال التونسيين، وهو ما مثل محوراً أساسياً من محاور المباحثات التي جرت اليوم مع الحكومة التونسية، والإشارة فيها إلى بيئة الأعمال والفرص المتاحة، سواء كان في العراق أو تونس بالنسبة لرجال الأعمال والشركات العراقية، والاتفاق على الاستثمار المشترك والتبادل التجاري بين البلدين.
وأشار محمد شياع السوداني إلى ما متوفر من الفرص الواعدة في مختلف القطاعات، وتطرق إلى خطوات الحكومة في مجال إصلاح الاقتصاد وتعزيز بيئة الأعمال الجاذبة، وطرح الفرص والمشاريع في جميع القطاعات، مؤكداً استعداد الحكومة لتقديم التسهيلات والمساعدة للقطاع الخاص التونسي.
وألقى سمير ماجول رئيس الاتحاد خلال هذا اللقاء كلمة رحب فيها برئيس مجلس الوزراء العراقي والوفد المرافق له في تونس، معتبرا أن هذه الزيارة ستساهم في تعزيز العلاقات بين البلدين، وقال أن علاقة تونس والعراق تحكمها مبادئ الأخوة والتضامن والمصلحة المشتركة، وقد دوّن التاريخ هذه العلاقة بأحرف من ذهب.
كما أنه لا يمكن نسيان مواقف العراق الوطنية في الدفاع عن استقلال دول المغرب العربي عمومًا وتونس بشكل خاص في المؤتمرات والمحافل الأممية والدولية في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي.
وذكر رئيس الاتحاد بحادثة قيام الدكتور فاضل الجمالي رحمه الله سنة 1954 وكان يشغل منصب رئيس وزراء العراق في ذلك الوقت بإدخال الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة إلى مقر الأمم المتحدة بنيويورك على أنه عضو في الوفد العراقي بعد أن منع من الدخول إلى المبنى باعتباره رئيس حزب ولا يحمل صفة رسمية لحضور اجتماعات الأمم المتحدة، حيث استدعى الدكتور فاضل الجمالي الزعيم الحبيب بورقيبة وقال له "أنت ستدخل إلى مبنى الأمم المتحدة بصفتك عضوا في الوفد العراقي" وهو ما مكّن بورقيبة من إلقاء كلمة وعرض القضية التونسية والمطالبة بالاستقلال أمام الأمم المتحدة وكل أعضاءها. وبعد انتهاء خطابه توجه الزعيم بورقيبة إلى الدكتور فاضل الجمالي قائلا له "لا أنا ولا بلدي تونس سننسى لك جميلك هذا".
وبين رئيس الاتحاد ما حملته أشغال الدورة الـ17 للجنة لمشتركة التونسية العراقية التي انعقدت في شهر ماي الماضي في العراق وكذلك منتدى الأعمال المشترك الذي انعقد على هامشها بمشاركة وفد هام من الاتحاد من مؤشرات إيجابية يؤكد الإرادة المشتركة للبلدين في تطوير التعاون الثنائي واستغلال كل الفرص المتاحة التي يتوفر عليها البلدين من أجل تحقيق شراكة اقتصادية فاعلة وبلوغ تكامل اقتصادي حقيقي.
وأضاف رئيس الاتحاد أن ما يجمع بين تونس والعراق من قواسم مشتركة وما يميز كل بلد يجعل من تحقيق هذا التكامل هدفا واقعيا، فالعراق يطمح من خلال مشروع التنمية الاستراتيجي إلى أن يصبح مركزا عالميا للاستثمار، كما يواصل جهوده الكبيرة لإعادة البناء والتعمير في أطار مشاريع ضخمة ونحن نتمنى له كل التوفيق كما أن تونس تمثل بدورها منصة مثالية للوصول إلى الأسواق المجاورة بفضل عديد الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي ومع الدول المغاربية والعربية ومع الدول الأفريقية وتمتلك عديد المزايا من موقع جغرافي استراتيجي ومناخ جيد للاستثمار وموارد بشرية كفأة وبنية تحتية متطورة وهي تعمل على تنفيذ خطة طموحة للإصلاحات الشاملة، مؤكدا أن المؤسسات التونسية على استعداد كامل للمساهمة في عمليات إعادة البناء والتعمير في العراق ولها من الكفاءة والتجربة للقيام بذلك على أحسن وجه ووفق المواصفات المطلوبة.
وشدد السيد سمير ماجول على أن إقامة علاقات اقتصادية أعمق بين تونس والعراق هو الهدف المنشود... علاقات تمكّن من تعزيز المبادلات التجارية ومن فرص إقامة شراكة مربحة للطرفين أساسها الاستثمار والتكامل الاقتصادي، مبينا أنه لتحقيق هذا الهدف يتوجب تفعيل الإطار التشريعي للتعاون الاقتصادي الثنائي في اتجاه رفع العوائق الجمركية وغير الجمركية التي لا تزال تحد من نسق التعاون الثنائي وإعفاء البضائع والخدمات التونسية الموجهة للسوق العراقية من الأداءات الجمركية وتبسيط إجراءات وزارة الصحة العراقية بالنسبة للأدوية المصنعة بتونس والمصدرة للعراق وتجاوز صعوبات النقل وخاصة غياب خط جوي منتظم، وتشجيع المستثمرين بالبلدين وتمكينهم من حرية الاستثمار في كل القطاعات الاقتصادية ومن النفاذ إلى التمويل من المؤسسات البنكية في البلدين.
وأبرز رئيس الاتحاد أن هناك العديد من المجالات الواعدة التي يمكن الاستثمار فيها مثل القطاع الزراعي والصناعات الغذائية والصناعات الصيدلية والصحة والصناعات الدوائية والطاقات المتجددة وتحلية المياه والهيدروجين الأخضر والرقمنة والقطاع المالي والسياحة والخدمات بصفة عامة، محييا المستثمرين العراقيين الذين استثمروا في تونس وآمنوا بها معربا عن الأمل في رؤية عدد الاستثمارات العراقية في تونس يتطور.
وقال رئيس الاتحاد أن لكل من العراق وتونس موقعا متميزا لانطلاق أصحاب الأعمال فيهما نحو أسواق وفضاءات أخرى سواء في إفريقيا أو الخليج العربي أو العالم العربي أو أوروبا بفضل الخبرات المتوفرة لهما وقدرتهما على خلق تكامل بينهما مما يدعّم المؤسسات التونسية والعراقية ويعزّز حضورها في هذه الأسواق، مضيفا أن التحولات التي عاشها ويعيشها العالم وبروز تحديات جديدة كبرى تتعلق بالسيادة الغذائية والصحية والطاقية والسبرنية تتطلب المزيد من العمل المشترك، وأن مواجهة هذه التحديات بصفة مشتركة تقوي حظوظ النجاح وتمكن من تجسيد السيادة الغذائية والصحية والطاقية للبلدين.
وفي ختام كلمته أكد سمير ماجول أن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، إذ يعرب عن اعتزازه بمستوى علاقاته مع شركائه في العراق اتحاد الغرف التجارية العراقية واتحاد الصناعات العراقية واتحاد المقاولين العراقيين، عازم على مزيد تطوير هذه العلاقات من أجل تحقيق تقارب اقتصادي أكبر بين البلدين.