تشهد بيئة الاقتصاد الكلي العالمية بعض الأوضاع الأكثر صعوبة والتي لم تحدث منذ عقود. وتؤدي الاختلالات النادرة على مستوى الاقتصاد الكلي، مثل ارتفاع التضخم المصحوب بتباطؤ النشاط، إلى حدوث نوبات كبيرة من الاضطرابات والضغوط في السوق. ويمكن ملاحظة ذلك في معظم فئات الأصول والدول. مع قيام البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة لمحاربة ارتفاع التضخم، تزداد جاذبية النقد مقابل الأنواع الأخرى من الأصول، وهو ما يؤدي إلى ضغوط هبوطية في القيمة الإجمالية لكل من الأسهم والسندات. في الواقع، تفاقمت في الأشهر الأخيرة عمليات بيع الأصول العالمية التي سادت على مدار العام. فمنذ بداية العام وحتى تاريخه، تراجع أداء السندات والأسهم العالمية بنسبة 22% و25% على التوالي.
وقد أدت تحركات السوق هذه إلى انخفاض كبير في قيمة المحافظ الاستثمارية المتوازنة للمستثمرين الذين اعتادوا الاستفادة من العوائد الإيجابية المستقرة. وفقاً لبانك أوف أميركا، فإن العائد حتى الآن من استراتيجية تخصيص الأصول التقليدية، والتي تقسم المحفظة إلى 60% للأسهم و40% للسندات، يمثل أسوأ أداء سنوي منذ قرن. بعبارة أخرى، فإننا نشهد في العام الحالي أكبر وأسرع عملية هدم للثروة المالية على الإطلاق. وأصبح الضرر واضحاً لدرجة أن مخاوف الاستقرار المالي بدأت تبرز إلى الواجهة. اضطرت السلطات النقدية في المملكة المتحدة إلى دعم سوق السندات المحلية وسط حدوث اضطرابات تاريخية في أواخر سبتمبر. ففي ظل ارتفاع العائدات طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها خلال 20 عاماً، متجاوزةً 5%، انهارت أسعار السندات البريطانية. وقد دفع ذلك صناديق التقاعد التي تعتمد على الرافعة المالية إلى حافة الإفلاس بعد أن أجبرتها موجة من طلبات تغطية الهامش على تصفية سنداتها. لذلك أعلن بنك إنجلترا أنه سيتدخل "بأي شكل لازم" لتهدئة الأسواق. وقد تطلب ذلك شراء السندات على نطاق واسع. وفتحت واقعة المملكة المتحدة النقاش حول عدم الاستقرار المالي والحاجة المحتملة لقيام البنوك المركزية الأخرى بتقديم الدعم المالي. في منتصف شهر أكتوبر، أجرى مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مناقشات مع المستثمرين المؤسسيين والمصرفيين والممولين لفهم مدى إمكانية حدوث نوبات في الأسواق الأمريكية شبيهة بتلك التي حدثت في المملكة المتحدة. وجرت مناقشات مماثلة في أوروبا.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المناقشات تحدث في وقت تقوم فيه البنوك المركزية الرئيسية بسحب دعم الميزانية العمومية من أسواق السندات. وظلت السلطات النقدية تتراجع عن توسيع الميزانية العمومية لتبني موقف أكثر حياداً أو يميل إلى تقييد الميزانية العمومية. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الشهر الماضي تطبيق الحد الأقصى من وتيرة خفض ميزانيته العمومية بمقدار 95 مليار دولار أمريكي شهرياً. وهذا يعني انخفاضاً كبيراً في الطلب على السندات، مما يؤدي إلى ارتفاع العائدات عبر مختلف الفترات واستنزاف المعروض النقدي. من وجهة نظرنا، من المرجح أن تضطر البنوك المركزية الكبرى إلى فصل تطبيع سياسة أسعار الفائدة عن إجراءات تخفيض الميزانية العمومية. فالتضخم مرتفع للغاية وهذا الأمر يهدد مصداقية السلطات النقدية، بالنظر إلى توليها المسؤولية عن إدارة التضخم. في الماضي، كان معظم محافظي البنوك المركزية يؤمنون بالحاجة إلى مواءمة أدوات السياسة النقدية، أي أن أسعار الفائدة والميزانية العمومية يجب أن تسير في نفس الاتجاه أو ينبغي على الأقل ألا تتعارض مع بعضها البعض – سواء تعلق الأمر بالتخفيف أو الحياد أو التشديد. وقد أدى ذلك إلى قاعدة الجمع بين رفع أسعار الفائدة واستقرار الميزانية العمومية أو تخفيضها، على عكس توسيع الميزانية العمومية الذي يزيد من المعروض النقدي والسيولة في المنظومة الاقتصادية. على الرغم من هذه الممارسات والمعتقدات السابقة، فإننا نرى أن الظروف الحالية تتطلب اعتماد نهج مختلف في استخدام أدوات السياسة النقدية من جانب البنوك المركزية الرئيسية، بمعنى أنه يجب أن تكون سياسة أسعار الفائدة هي الأداة الرئيسية لمكافحة ارتفاع التضخم، بينما يجب تعديل سياسة الميزانية العمومية، بشكل مستهدف، لتقديم دعم محتمل لأسواق الأصول المجهدة. ومن شأن هذا الأمر أن يسمح بعملية أكثر تنظيماً واستدامة لتعديل السياسة النقدية.
تشهد بيئة الاقتصاد الكلي العالمية بعض الأوضاع الأكثر صعوبة والتي لم تحدث منذ عقود. وتؤدي الاختلالات النادرة على مستوى الاقتصاد الكلي، مثل ارتفاع التضخم المصحوب بتباطؤ النشاط، إلى حدوث نوبات كبيرة من الاضطرابات والضغوط في السوق. ويمكن ملاحظة ذلك في معظم فئات الأصول والدول. مع قيام البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة لمحاربة ارتفاع التضخم، تزداد جاذبية النقد مقابل الأنواع الأخرى من الأصول، وهو ما يؤدي إلى ضغوط هبوطية في القيمة الإجمالية لكل من الأسهم والسندات. في الواقع، تفاقمت في الأشهر الأخيرة عمليات بيع الأصول العالمية التي سادت على مدار العام. فمنذ بداية العام وحتى تاريخه، تراجع أداء السندات والأسهم العالمية بنسبة 22% و25% على التوالي.
وقد أدت تحركات السوق هذه إلى انخفاض كبير في قيمة المحافظ الاستثمارية المتوازنة للمستثمرين الذين اعتادوا الاستفادة من العوائد الإيجابية المستقرة. وفقاً لبانك أوف أميركا، فإن العائد حتى الآن من استراتيجية تخصيص الأصول التقليدية، والتي تقسم المحفظة إلى 60% للأسهم و40% للسندات، يمثل أسوأ أداء سنوي منذ قرن. بعبارة أخرى، فإننا نشهد في العام الحالي أكبر وأسرع عملية هدم للثروة المالية على الإطلاق. وأصبح الضرر واضحاً لدرجة أن مخاوف الاستقرار المالي بدأت تبرز إلى الواجهة. اضطرت السلطات النقدية في المملكة المتحدة إلى دعم سوق السندات المحلية وسط حدوث اضطرابات تاريخية في أواخر سبتمبر. ففي ظل ارتفاع العائدات طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها خلال 20 عاماً، متجاوزةً 5%، انهارت أسعار السندات البريطانية. وقد دفع ذلك صناديق التقاعد التي تعتمد على الرافعة المالية إلى حافة الإفلاس بعد أن أجبرتها موجة من طلبات تغطية الهامش على تصفية سنداتها. لذلك أعلن بنك إنجلترا أنه سيتدخل "بأي شكل لازم" لتهدئة الأسواق. وقد تطلب ذلك شراء السندات على نطاق واسع. وفتحت واقعة المملكة المتحدة النقاش حول عدم الاستقرار المالي والحاجة المحتملة لقيام البنوك المركزية الأخرى بتقديم الدعم المالي. في منتصف شهر أكتوبر، أجرى مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مناقشات مع المستثمرين المؤسسيين والمصرفيين والممولين لفهم مدى إمكانية حدوث نوبات في الأسواق الأمريكية شبيهة بتلك التي حدثت في المملكة المتحدة. وجرت مناقشات مماثلة في أوروبا.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المناقشات تحدث في وقت تقوم فيه البنوك المركزية الرئيسية بسحب دعم الميزانية العمومية من أسواق السندات. وظلت السلطات النقدية تتراجع عن توسيع الميزانية العمومية لتبني موقف أكثر حياداً أو يميل إلى تقييد الميزانية العمومية. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الشهر الماضي تطبيق الحد الأقصى من وتيرة خفض ميزانيته العمومية بمقدار 95 مليار دولار أمريكي شهرياً. وهذا يعني انخفاضاً كبيراً في الطلب على السندات، مما يؤدي إلى ارتفاع العائدات عبر مختلف الفترات واستنزاف المعروض النقدي. من وجهة نظرنا، من المرجح أن تضطر البنوك المركزية الكبرى إلى فصل تطبيع سياسة أسعار الفائدة عن إجراءات تخفيض الميزانية العمومية. فالتضخم مرتفع للغاية وهذا الأمر يهدد مصداقية السلطات النقدية، بالنظر إلى توليها المسؤولية عن إدارة التضخم. في الماضي، كان معظم محافظي البنوك المركزية يؤمنون بالحاجة إلى مواءمة أدوات السياسة النقدية، أي أن أسعار الفائدة والميزانية العمومية يجب أن تسير في نفس الاتجاه أو ينبغي على الأقل ألا تتعارض مع بعضها البعض – سواء تعلق الأمر بالتخفيف أو الحياد أو التشديد. وقد أدى ذلك إلى قاعدة الجمع بين رفع أسعار الفائدة واستقرار الميزانية العمومية أو تخفيضها، على عكس توسيع الميزانية العمومية الذي يزيد من المعروض النقدي والسيولة في المنظومة الاقتصادية. على الرغم من هذه الممارسات والمعتقدات السابقة، فإننا نرى أن الظروف الحالية تتطلب اعتماد نهج مختلف في استخدام أدوات السياسة النقدية من جانب البنوك المركزية الرئيسية، بمعنى أنه يجب أن تكون سياسة أسعار الفائدة هي الأداة الرئيسية لمكافحة ارتفاع التضخم، بينما يجب تعديل سياسة الميزانية العمومية، بشكل مستهدف، لتقديم دعم محتمل لأسواق الأصول المجهدة. ومن شأن هذا الأمر أن يسمح بعملية أكثر تنظيماً واستدامة لتعديل السياسة النقدية.