تحول وسط الخرطوم مساء الأربعاء إلى ما يشبه الثكنة العسكرية حيث شهدت الطرقات المؤدية إلى القصر الجمهوري والقيادة العامة للجيش انتشارا أمنيا كثيفا؛ كما أغلقت السلطات أحد الجسور الرئيسية الرابطة بين الخرطوم ومدينة الخرطوم بحري وذلك استباقا لمسيرات احتجاجية جديدة تعتزم لجان المقاومة وقوى سياسية ومهنية أخرى تسييرها الخميس تزامنا مع الذكرى الرابعة للتظاهرة التي أطاحت بنظام عمر البشير.
وتأتي هذه التطورات وسط ضبابية تحيط بالعملية السياسية الجارية حاليا لحل الأزمة التي تعيشها البلاد منذ نحو 18 شهرا. وللمرة الثانية أعلنت الأطراف المنخرطة في العملية السياسية عن تأجيل التوقيع على الاتفاق لنهائي لتسليم السلطة للمدنيين والذي كان محددا له الخميس. وقال قياديون في تحالف قوى الحرية والتغيير الذي يضم عددا من الكيانات المدنية المشاركة في العملية السياسية إن هنالك تعقيدات كبيرة تحيط بالمفاوضات الجارية بشأن عملية دمج الدعم السريع في الجيش؛ في ظل خلافات بين الجانبين بشأن آليات وجدول الدمج والجوانب المتعلقة بالقيادة والسيطرة.
وفي حين أعلن خالد يوسف الناطق الرسمي باسم العملية السياسية عن اكتمال مسودة الاتفاق السياسي؛ إلا أنه قال إن القضايا الفنية المتعلقة بملف الإصلاح الأمني والعسكري لا تزال عالقة؛ مشددا على الحاجة إلى مضاعفة الجهد من أجل تجاوز العقبة المتبقية بما يساهم في توقيع الاتفاق "بأعجل ما تيسر".
وكان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة قد أكد انه لن يكون هنالك توقيع ما لم يتم تحديد جداول زمنية واضحة لدمج الدعم السريع في الجيش؛ بحسب ما نقلته عنه وسائل إعلام محلية
وبرزت خلال الأيام الماضية خلافات بين الجيش والدعم السريع؛ حول آليات ومواقيت وشروط الدمج؛ حيث يقترح الجيش إخضاع ضباط الدعم السريع للشروط المنصوص عليها في الكلية الحربية ووقف التعاقدات الخارجية والتجنيد والابتعاد عن العمل السياسي؛ فيما اشترط الدعم هيكلة القوات المسلحة قبل الدمج؛ وتجريم الانقلابات العسكرية؛ وفرض الرقابة المدنية على المؤسسة العسكرية عبر البرلمان؛ ومراجعة وتطوير العقيدة العسكرية وتنقية القوات المسلحة وقوات الدعم السريع من عناصر النظام السابق وأصحاب الايدولوجيات.
وفي تصريحات سابقة قال محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة وقائد الدعم السريع إنه ملتزم بدمج قواته في الجيش وفقا لما نص عليه الاتفاق الإطاري؛ لكنه شدد على أن عملية الدمج تحتاج إلى إجراءات وخطوات محددة ووفقا لجدول زمني يتم الاتفاق عليه. ووفقا لما رشح من تداولات فإن الخلاف حول الجدول الزمني يتمحور في طلب الجيش بأن تتم عملية الدمج خلال مدة تتراوح ما بين 6 أشهر إلى عامين فيما يرى الدعم السريع إن العملية تحتاج إلى 10 سنوات على الأقل. كما تدور خلافات أيضا حول آليات السيطرة والقيادة.
وينص مشروع الدستور الانتقالي الذي بني عليه الاتفاق الإطاري على توحيد القوات المسلحة في البلاد في جيش مهني واحد.
ومنذ اكثر من 17 شهرا؛ يعاني السودان من اضطرابات كبيرة في ظل عدم وجود حكومة تنفيذية بعد إقالة حكومة عبدالله حمدوك على خلفية الإجراءات التي اتخذها الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021.
وسعت الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومجموعة الإيغاد والمجموعة الرباعية المكونة من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا خلال الأشهر الست الماضية لتسهيل مفاوضات بين المدنيين والعسكريين من أجل الوصول لحل للأزمة التي يعيشها السودان.
وكالات