أمر المجلس العسكري الحاكم في مالي بتعليق بث شبكتي إذاعة فرنسا الدولية ومحطة “فرانس 24” ليل الأربعاء، ردًا على “اتهامات كاذبة” للجيش بارتكاب انتهاكات، في خطوة اعتبر الرئيس الفرنسي أنها ستقود البلاد “نحو الأسوأ”.
وأكدت الحكومة في باماكو “رفضها القاطع لهذه الاتهامات الكاذبة ضد القوات المسلحة المالية”، بحسب ما جاء على لسان الناطق باسمها الكولونيل عبد الله مايغا.
وأضاف مايغا في بيان “بدأت عملية.. تعليق بث إذاعة فرنسا الدولية.. ومحطة فرانس 24 حتى إشعار آخر”.
وتوقف بث إذاعة فرنسا الدولية في مالي بعد ظهر الخميس، فيما تواصل بثّ “فرانس 24”.
في باريس، نددت وزارة الخارجية “بالانتهاك الجسيم لحرية الصحافة” في مالي، وأعربت عن قلقها إزاء “مزاعم خطرة بشأن الانتهاكات التي ارتكبت في وسط البلاد ووثّقت بشكل مستقل”.
واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء الخميس، أن القرار “خطر” و”علامة هروب للأمام نحو الأسوأ” في مالي.
وقال ماكرون خلال مؤتمر صحافي بمنطقة باريس “أدين بأكبر قدر من الحزم القرار الذي يتعارض تماما مع القيم التي يحملها الشعب المالي ومالي منذ استقلالها”.
وأضاف “أدعو المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، المنظمة الإقليمية، والاتحاد الإفريقي إلى اتخاذ القرارات المناسبة وستدعمها فرنسا كما فعلنا في كل مرة”.
وفي بروكسل أعلنت ناطقة باسم الخارجية الاوروبية، الخميس، إن الاتحاد الأوروبي اعتبر القرار “غير مقبول” ويستند إلى “اتهامات لا أساس لها”.
وأوضحت نبيلة مصرالي في مؤتمر صحافي “رأينا الإعلان الصادر عن الحكومة المالية بتعليق بث إذاعة فرنسا الدولية ومحطة فرانس 24. نحن نعتبر هذا غير مقبول. نستنكر هذا القرار والاتهامات التي لا أساس لها”.
ويعتبر هذا الإجراء سابقة لوسائل إعلام أجنبية في مالي. وتتم متابعة إذاعة فرنسا الدولية “ار اف اي” ومحطة فرانس 24 اللتين تغطيان الأخبار الإفريقية عن كثب، على نطاق واسع في مالي.
وأشار المجلس العسكري الذي استولى على السلطة في اوت 2020، إلى “اتهامات كاذبة” وردت في تقرير تم بثّه في وقت سابق من الأسبوع وأعطت فيه الإذاعة الفرنسية مساحة للتحدث لضحايا الانتهاكات المفترضة التي ارتكبها الجيش المالي والمجموعة الخاصة الروسية فاغنر.
وذكر مايغا أن المواقع الإخبارية في مالي وصحفها ومحطاتها الوطنية للإذاعة والتلفزيون “ستمنع جميعها من إعادة بث و/أو نشر البرامج والتقارير الإخبارية التي تنشرها إذاعة فرنسا الدولية وفرانس 24”. وشبّه سلوك الشبكتين الفرنسيتين بممارسات إذاعة “ميل كولين” التي حرّضت المستمعين على قتل أفراد أقلية التوتسي خلال الإبادة الجماعية في رواندا في 1994.
وقف البث
اتّهم المجلس العسكري في بيانه أيضا منظمة “هيومن رايتس ووتش” ومفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه بتوجيه اتّهامات كاذبة للحكومة.
ونشرت “هيومن رايتس ووتش” هذا الأسبوع تقريرًا اتّهمت فيه الجنود الماليين والجهاديين بالوقوف وراء موجة من عمليات القتل التي طالت مدنيين.
وتهزّ أعمال عنف تقف وراءها جماعات إسلامية متطرفة منذ عقد مالي، البلد الفقير الذي يضم 21 مليون نسمة. وتسيطر مجموعات متطرفة وميليشيات مختلفة على أجزاء واسعة من البلاد.
وقتل آلاف الجنود والمدنيين وأجبر مئات آلاف الأشخاص على الفرار من منازلهم جرّاء العنف.
واتُّهم جيش مالي، الذي لا يملك ما يكفي من المعدات، مرارًا بارتكاب انتهاكات خلال النزاع.
لكن الحكومة الموقتة التي يهيمن عليها الجيش، والتي تولت السلطة بعد انقلاب العام 2020 العسكري، ترفض هذه الاتهامات.
وتعهّد الجيش المالي إعادة السلطة إلى المدنيين.
لكنه تجاهل التزامًا سابقًا بتنظيم انتخابات في فيفري، مقترحًا بدلًا من ذلك البقاء في السلطة لمدة تصل إلى خمس سنوات.
ودفعت الخطوة “المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا” لفرض عقوبات قاسية على البلاد وإغلاق الحدود وفرض حظر تجاري.
كذلك وطّد المجلس العسكري علاقته مع روسيا، وهو أمر تسبب بتدهور العلاقة مع فرنسا، الحليفة التقليدية لباماكو.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الشهر الماضي قراره سحب آلاف الجنود المنتشرين في مالي في إطار مهمة فرنسا المناهضة للجهاديين في منطقة الساحل.
(أ ف ب)