قبل عشرة أيام على أفول عام وحلول آخر بكل ما تخلله من صراعات دموية ومآس ارتبطت بتفشي جائحة كورونا وغيرها أيضا من الأحداث المصيرية في إعادة رسم لعبة المصالح الدولية والسياسة الدولية والتحالفات الإقليمية والدولية، وبعد اقل من خمسة أشهر على الانسحاب العسكري الأمريكي المريب من أفغانستان في أعقاب عقدين من الانتشار العسكري في هذا البلد وذلك منذ هجمات سبتمبر 2001، قررت دول المؤتمر الإسلامي الـ57 في اختتام الاجتماع الاستثنائي الذي عقدته في العاصمة الباكستانية إسلام أباد نهاية الأسبوع المنقضي إنشاء صندوق إغاثة إنسانية لأفغانستان لتجنّب الفوضى في هذا البلد الذي لم يعرف غير الفوضى على مدى عقود..
وسيكون من السذاجة بل من الغباء الاعتقاد أن صندوق إغاثة إنسانية تحت وصاية حركة طالبان التي مارست كل أنواع الانتهاكات والجرائم ضد الأفغان وغيرهم من شعوب العالم التي اكتوت بنار الإرهاب العابر للحدود تحت راية القاعدة ومشتقاتها ومعها طالبان التي أنكرت على الأطفال والنساء والشباب حقهم في الحياة والكرامة وحرية التعليم والاختيار ناهيك عن حرية الرأي والتعبير التي لا موقع لها في قاموس طالبان سيكون من اجل إنقاذ الأفواه الجائعة في هذا البلد المترامي الأطراف.. والأرجح أن وراء هذا الصندوق ما وراءه وسيكون بطاقة عبور طالبان للعالم بكل الطرق المتاحة وليست باكستان بالبراءة التي لا تشوبها شائبة التي تريد الظهور بها في هذا المشهد..
القرار بتأسيس صندوق لإغاثة الأفغان جاء بعد أكثر من تحذير من المنظمات الأممية والإنسانية والدولية من كارثة إنسانية توشك أن تعصف بعشرين مليون أفغاني يواجهون مجاعة غير مسبوقة، ولكن وهذا الأهم فهو يأتي بعد تحذير رئيس وزراء باكستان عمران خان من تداعيات الفوضى التي ستعم في البلد المجاور ودول الجوار أيضا في حال لم يتم التصدي للازمة الغذائية التي تهدد ملايين الأفغان وانسحاب المنظمات الإنسانية تباعا في أعقاب عودة جيوش طالبان من الجبال والمغاور لتتولى السلطة وتعلن انتصارها على البنتاغون وعلى مخططات الناتو في هذا البلد..
والحقيقة انه ليس من الواضح إن كانت واشنطن وجدت أنه في دفع المؤتمر الإسلامي إلى هذا الاجتماع سيجنبها تحمل مسؤولية عشرين سنة من الحضور العسكري في أفغانستان بدعوى تجنب امتداد تهديدات طالبان إلى دول الجوار السعودية وإيران وباكستان، أو ما إذا سيكون في ذلك محاولة مقنعة لإنقاذ طالبان من العزلة وشرعنة وجودها بغطاء إنساني تمهيدا لمنحها ورقة العبور التي بدأ الإعداد لها في الدوحة منذ فترة طويلة لعودة طالبان إلى الساحة الدولية عبر منابر ومنظمات وهيئات الأمم المتحدة..
على أن الواضح أن باكستان وهي التي كانت الحاضنة المؤسسة والراعية لدعم صعود حركة طالبان في أفغانستان وذلك لعدة اعتبارات وتحالفات أمنية وإستراتيجية في المنطقة لم تتوقف عن دعم حركة طالبان نجحت في دفع وزراء خارجية الدول الإسلامية لتأسيس صندوق لإغاثة الأفغان في إطار البنك الإسلامي للتنمية..
صحيح أن اجتماع إسلام أباد الذي سجل مشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان لم يعترف رسميا بحكومة طالبان ولكن الحقيقة انه يعد خطوة نحو هذا الاعتراف القادم وربما تكشف الأيام القادمة صواب هذا الرأي من عدمه..
من الأحداث الخطيرة التي سيسجلها العالم في أوت 2021 على وقع الانسحاب الأمريكي المفاجئ والمهين للقوات الأمريكية من أفغانستان وإعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن بكل هدوء انه لا احد توقع انهيار السلطة بتلك السرعة في أفغانستان على وقع هروب الرئيس الأفغاني اشرف غني على عجل إلى الإمارات، كل ذلك فيما كانت صور الأهالي الأفغان نساء ورجالا وأطفالا يتدافعون نحو مطار كابول للفوز بمقعد على متن الطائرات الأمريكية وغيرها هربا من الجحيم القادم وأملا في الوصول إلى العالم الحر، وستختزل صورة الشاب الأفغاني المجهول الذي لقي حتفه بعد أن ارتفعت طائرة أمريكية في الفضاء وسقط جسده الذي احتمى بعجلة الطائرة ليتضح لا حقا أن الشاب لم يكن يطلب أكثر من فرصة لممارسة الرياضة التي عشقها بحرية وحياة مستقرة ليصدم بعودة جيوش طالبان من الجبال لتضيق الخناق على الجميع وتحول حياة النساء والفتيات إلى جحيم..
والأكيد انه سيكون من المهم على دول المؤتمر الإسلامي التي لا تفتقر إلى الإمكانيات المادية الانتباه جيدا حتى لا تتورط في المستنقع الأفغاني بعد أن تمنح عن دراية أو عن جهل الإدارات الأمريكية المتعاقبة ومعها الناتو صك البراءة من مختلف الانتهاكات والتجاوزات التي سجلت في حق المدنيين فتلاحقها تبعا لذلك لعنة طالبان التي لن تتردد في التخلي عن سياسة المراوغة والعودة إلى سجلها السابق.. الأكيد انه لا شيء يبرر انسياق المؤتمر الإسلامي لإنقاذ طالبان وعلى واشنطن ومعها الأمم المتحدة أن تتحمل المسؤولية كاملة في الحد من المجاعة التي تهدد الأفغان..
آسيا العتروس
قبل عشرة أيام على أفول عام وحلول آخر بكل ما تخلله من صراعات دموية ومآس ارتبطت بتفشي جائحة كورونا وغيرها أيضا من الأحداث المصيرية في إعادة رسم لعبة المصالح الدولية والسياسة الدولية والتحالفات الإقليمية والدولية، وبعد اقل من خمسة أشهر على الانسحاب العسكري الأمريكي المريب من أفغانستان في أعقاب عقدين من الانتشار العسكري في هذا البلد وذلك منذ هجمات سبتمبر 2001، قررت دول المؤتمر الإسلامي الـ57 في اختتام الاجتماع الاستثنائي الذي عقدته في العاصمة الباكستانية إسلام أباد نهاية الأسبوع المنقضي إنشاء صندوق إغاثة إنسانية لأفغانستان لتجنّب الفوضى في هذا البلد الذي لم يعرف غير الفوضى على مدى عقود..
وسيكون من السذاجة بل من الغباء الاعتقاد أن صندوق إغاثة إنسانية تحت وصاية حركة طالبان التي مارست كل أنواع الانتهاكات والجرائم ضد الأفغان وغيرهم من شعوب العالم التي اكتوت بنار الإرهاب العابر للحدود تحت راية القاعدة ومشتقاتها ومعها طالبان التي أنكرت على الأطفال والنساء والشباب حقهم في الحياة والكرامة وحرية التعليم والاختيار ناهيك عن حرية الرأي والتعبير التي لا موقع لها في قاموس طالبان سيكون من اجل إنقاذ الأفواه الجائعة في هذا البلد المترامي الأطراف.. والأرجح أن وراء هذا الصندوق ما وراءه وسيكون بطاقة عبور طالبان للعالم بكل الطرق المتاحة وليست باكستان بالبراءة التي لا تشوبها شائبة التي تريد الظهور بها في هذا المشهد..
القرار بتأسيس صندوق لإغاثة الأفغان جاء بعد أكثر من تحذير من المنظمات الأممية والإنسانية والدولية من كارثة إنسانية توشك أن تعصف بعشرين مليون أفغاني يواجهون مجاعة غير مسبوقة، ولكن وهذا الأهم فهو يأتي بعد تحذير رئيس وزراء باكستان عمران خان من تداعيات الفوضى التي ستعم في البلد المجاور ودول الجوار أيضا في حال لم يتم التصدي للازمة الغذائية التي تهدد ملايين الأفغان وانسحاب المنظمات الإنسانية تباعا في أعقاب عودة جيوش طالبان من الجبال والمغاور لتتولى السلطة وتعلن انتصارها على البنتاغون وعلى مخططات الناتو في هذا البلد..
والحقيقة انه ليس من الواضح إن كانت واشنطن وجدت أنه في دفع المؤتمر الإسلامي إلى هذا الاجتماع سيجنبها تحمل مسؤولية عشرين سنة من الحضور العسكري في أفغانستان بدعوى تجنب امتداد تهديدات طالبان إلى دول الجوار السعودية وإيران وباكستان، أو ما إذا سيكون في ذلك محاولة مقنعة لإنقاذ طالبان من العزلة وشرعنة وجودها بغطاء إنساني تمهيدا لمنحها ورقة العبور التي بدأ الإعداد لها في الدوحة منذ فترة طويلة لعودة طالبان إلى الساحة الدولية عبر منابر ومنظمات وهيئات الأمم المتحدة..
على أن الواضح أن باكستان وهي التي كانت الحاضنة المؤسسة والراعية لدعم صعود حركة طالبان في أفغانستان وذلك لعدة اعتبارات وتحالفات أمنية وإستراتيجية في المنطقة لم تتوقف عن دعم حركة طالبان نجحت في دفع وزراء خارجية الدول الإسلامية لتأسيس صندوق لإغاثة الأفغان في إطار البنك الإسلامي للتنمية..
صحيح أن اجتماع إسلام أباد الذي سجل مشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان لم يعترف رسميا بحكومة طالبان ولكن الحقيقة انه يعد خطوة نحو هذا الاعتراف القادم وربما تكشف الأيام القادمة صواب هذا الرأي من عدمه..
من الأحداث الخطيرة التي سيسجلها العالم في أوت 2021 على وقع الانسحاب الأمريكي المفاجئ والمهين للقوات الأمريكية من أفغانستان وإعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن بكل هدوء انه لا احد توقع انهيار السلطة بتلك السرعة في أفغانستان على وقع هروب الرئيس الأفغاني اشرف غني على عجل إلى الإمارات، كل ذلك فيما كانت صور الأهالي الأفغان نساء ورجالا وأطفالا يتدافعون نحو مطار كابول للفوز بمقعد على متن الطائرات الأمريكية وغيرها هربا من الجحيم القادم وأملا في الوصول إلى العالم الحر، وستختزل صورة الشاب الأفغاني المجهول الذي لقي حتفه بعد أن ارتفعت طائرة أمريكية في الفضاء وسقط جسده الذي احتمى بعجلة الطائرة ليتضح لا حقا أن الشاب لم يكن يطلب أكثر من فرصة لممارسة الرياضة التي عشقها بحرية وحياة مستقرة ليصدم بعودة جيوش طالبان من الجبال لتضيق الخناق على الجميع وتحول حياة النساء والفتيات إلى جحيم..
والأكيد انه سيكون من المهم على دول المؤتمر الإسلامي التي لا تفتقر إلى الإمكانيات المادية الانتباه جيدا حتى لا تتورط في المستنقع الأفغاني بعد أن تمنح عن دراية أو عن جهل الإدارات الأمريكية المتعاقبة ومعها الناتو صك البراءة من مختلف الانتهاكات والتجاوزات التي سجلت في حق المدنيين فتلاحقها تبعا لذلك لعنة طالبان التي لن تتردد في التخلي عن سياسة المراوغة والعودة إلى سجلها السابق.. الأكيد انه لا شيء يبرر انسياق المؤتمر الإسلامي لإنقاذ طالبان وعلى واشنطن ومعها الأمم المتحدة أن تتحمل المسؤولية كاملة في الحد من المجاعة التي تهدد الأفغان..