ينصح متخصصون في الحركات المتشددة بالتمهل في الحكم على الشكل الجديد لحركة طالبان في أفغانستان بعد تبنيها خطابا إعلاميا تسعى لأن يكون "معتدلا"، في حين تبقى على الأرض تمارس بعض معتقداتها التي يصفها البعض بـ"التشدد".
ودأب قادة طالبان الأيام الماضية على تبني خطاب يؤكد احترام الحريات وعمل وتعليم المرأة ونبذ العنف، وحضر بعضهم مباراة نهائي دوري كرة القدم في مدينة هرات، وسلموا الفائزين الكأس، وأجروا مقابلة مع مذيعة بمحطة "تولو نيوز" الأفغانية، إلا أنه في مقابل هذا استمرت في منع الموسيقى والغناء في الإعلام، وإلزام النساء بلبس الحجاب.
وتنشط طالبان بشكل واسع على وسائل الإعلام التقليدية ومواقع التواصل الاجتماعي بعدة لغات، منها البشتون والفارسية والإنجليزية والعربية.
ولوحظ نشاط كبير للحركة على كافة وسائل التواصل، وبشكل روعي فيه الاستعانة بالوسائط المتعددة والفيديو لإقناع الجمهور بأن الحركة باتت أكثر اعتدالا.
توجس الافغان
يقول رئيس المركز الأفغاني للإعلام والدراسات عبد الجبار بهير، لـسكاي نيوز عربية إنه بعد أسبوع من سيطرة الحركة على العاصمة كابل، ورغم عدم منع ظهور المرأة في الإعلام، ولكنها تتدخل في المادة المقدمة، ومنع الموسيقى والأفلام، وهو ما يحمل التناقض.
وأضاف بهير أن الشارع الأفغاني ينظر لطالبان بعين القلق، وهناك ضغوط غير مباشرة منها لتشكيل الحكومة الانتقالية بوجهة نظرها الدينية.
وجهان متعارضان
من جانبها رأت الباحثة بمركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، نهلة عبد المنعم، أن الحركة "باتت تتبنى خطابا ذكيا في الترويج لوجهها الجديد، لتغطية الوجه العنيف المشهورة به، ولكن ذلك الوجه "التجميلي" لا يترجم على أرض الواقع؛ فأقدمت على اعتقال الأجانب، ورصد متابعة الذين عملوا مع القوات الأمريكية، ومنع صور النساء في المحلات التجارية ومنع الموسيقى والفنون في التلفزيون".
مؤسسة اعلامية
ولفتت الباحثة إلى أن هذا الترويج تقوم به مؤسسة إعلامية يديرها أعضاء يتمتعون بكفاءة في التعامل مع مواقع التواصل ووسائل الإعلام الأجنبية.
وضربت مثلا بالمسؤولين عن التحدث للإعلام باسم الحركة وأخبارها، ومنهم ذبيح الله مجاهد، وقاري أحمدي، والمتحدث باسم طالبان في قطر محمد سهیل شاهین، والمتحدث باسم المكتب السياسي محمد نعيم.
ورجحت نهلة أن الخطاب الترويجي الجديد لطالبان قد يكون مصنوعا في مكان متخصص، حيث لا تملك هذه الحركة المسلحة الإمكانيات الإعلامية واللوجستيه للتواصل بهذا الشكل وبهذه السرحة.
ما قبل التمكين
ويصف الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، محمد يسري، خطاب طالبان الآن بأنه "خطاب ما قبل التمكين" تخفي به أيديولوجيتها لحين تثبيت أقدامها في السلطة.
ويستدل يسري في حديثه لـسكاي نيوز عربية بأن الخطاب الدعائي ظهر في مرحلة ما قبل سقوط كابل، وركَّز على تقديمها بصفة حركة مقاومة وطنية لإنهاء الاحتلال، وتسعى إلى "المشاركة لا المغالبة" وهو خطاب تكتيكي يسبق "التمكين" لحين الحصول على الاعتراف الدولي بسلطتهم، حسب قوله.
من ناحية أخرى، أظهرت طالبان لهجة لينة مع الحركة المعارضة لها؛ إذ قال السفير الروسي في كابل، دميتري غيرنوف، السبت الماضي، إن الحركة طلبت من سفارته أن تنقل للمعارضة المتمركزة في وادي بنجشير- المنطقة الوحيدة التي لم تقع في يد طالبان- رغبة الحركة في التهدئة، والتوصل إلى اتفاق لتسوية الأوضاع.
سكاي نيوز