إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الدينار التونسي يتأرجح بين انتعاشة طفيفة أمام الدولار وتراجع "مقلق" أمام الأورو !

تونس- الصباح

أظهرت بيانات البنك المركزي التونسي، أمس الأول، تراجعًا طفيفًا لسعر صرف الدينار التونسي أمام عملة الأورو، وذلك منذ بداية العام الحالي وحتى 13 جوان، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حيث ارتفع سعر صرف الأورو مقابل الدينار التونسي من 3.350 دينار في جوان 2023 إلى 3.365 دينار في 13 جوان 2024 ، في المقابل سجل سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار التونسي تراجعا طفيفا، من 3.350 دينار في جوان 2023 إلى 3.118 دينار في 13 جوان 2024.

ولم يصدر البنك المركزي التونسي أي بيان رسمي يوضح فيه أسباب تراجع سعر صرف الدينار التونسي. ومع ذلك، تشير بعض التحليلات الصادرة عن عدد من خبراء الاقتصاد في تصريحات لـ"الصباح"، إلى أن التراجع قد يعود إلى عدد من العوامل، منها ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية، مع عودة النشاط السياحي وانتعاش الواردات، وارتفاع الطلب على العملات الأجنبية، مما أدى إلى ضغوط على سعر صرف الدينار، في حين يرجع البعض الى تأثر عائدات الصادرات التونسية سلبًا بالحرب في أوكرانيا، والأوضاع في الشرق الأوسط، مما أدى إلى تراجع تدفق العملات الأجنبية إلى البلاد، مما يؤثر سلبًا على سعر صرف الدينار.

فقدان القدرة التنافسية للصادرات

ويُمكن أن يؤدي تراجع سعر صرف الدينار التونسي حسب الخبراء إلى عدد من التأثيرات السلبية، منها ارتفاع أسعار السلع المستوردة، حيث انه مع ارتفاع سعر صرف الدولار والاورو، سترتفع أسعار السلع المستوردة، مما يؤدي إلى زيادة معدل التضخم في البلاد، بالإضافة، الى انخفاض القوة الشرائية للأسر، مع ارتفاع أسعار السلع، حيث من الوارد جدا أن تنخفض القدرة الشرائية للأسر، مما يُقلل من قدرتها على الإنفاق والاستهلاك.

كما من المتوقع مع ارتفاع سعر صرف الدينار، أن تصبح الصادرات التونسية أقل قدرة على المنافسة في الأسواق العالمية، ومن الصعب التنبؤ باتجاه سعر صرف الدينار التونسي في المستقبل.

وفي الآونة الأخيرة، شهد الدينار التونسي تراجعًا ملحوظًا أمام العملات الأجنبية، مما انعكس بشكل سلبي على مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني. فعلى صعيد التضخم، أدى انخفاض قيمة العملة المحلية إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات المستوردة، ما ساهم في زيادة معدلات التضخم في تونس. وهذا ما أثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين، وخاصة ذوي الدخل المحدود.

وفي قطاع التجارة الخارجية، رفع تراجع قيمة الدينار من تكلفة استيراد المواد الأولية والمعدات والتكنولوجيا اللازمة للصناعة المحلية. وهذا ما أدى إلى ارتفاع أسعار هذه السلع في السوق التونسي.

اتساع عجز الميزان التجاري

كما أن ضعف قيمة الدينار أدى إلى اتساع عجز الميزان التجاري لتونس، إذ إن الزيادة في تكلفة الواردات كان لها وقع أكبر من الانخفاض في أسعار الصادرات التونسية، التي أصبحت أرخص نسبيًا في الأسواق الخارجية. وعلى صعيد القدرة التنافسية للاقتصاد، فإن ضعف قيمة الدينار قلل من قدرة الشركات والصناعات التونسية على المنافسة في الأسواق الخارجية. وهذا ما أثر سلبًا على حجم الصادرات وعلى النمو الاقتصادي ككل.

ويؤكد جزء واسع من الخبراء الاقتصاديين، أن تراجع قيمة الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية يشكل تحديًا كبيرًا للاقتصاد الوطني، ويتطلب اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة للحد من آثاره السلبية على المواطنين والشركات التونسية.

ومن المحتمل أن يستمر الدينار التونسي في الانخفاض أمام العملات الأجنبية في عام 2024، ولكن من المرجح أن يكون الانخفاض أقل من الانخفاض الذي حدث في عام 2023، حيث شهد الدينار التونسي انخفاضًا ملحوظًا في قيمته أمام العملات الأجنبية خلال عام 2022، وارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي من 2.4 دينار تونسي في بداية العام إلى 3.1 دينار تونسي في نهاية العام. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، منها ارتفاع سعر صرف الدينار التونسي مقابل الدولار الأمريكي، وارتفاع معدل التضخم في تونس، والذي بلغ أكثر من 8.5٪ في عام 2023 .

وفي ظل انخفاض النمو الاقتصادي في تونس، وارتفاع عجز الميزان التجاري التونسي، من المرجح أن تستمر هذه العوامل في التأثير على قيمة الدينار التونسي خلال عام 2024 ، مما يعني أنه من المحتمل أن تستمر قيمة الدينار التونسي في الانخفاض أمام العملات الأجنبية.

وهناك عدة عوامل أخرى يمكن أن تساهم في انخفاض قيمة الدينار التونسي خلال عام 2024 ، منها استمرار ارتفاع أسعار النفط والغاز، مما سيؤدي إلى زيادة تكاليف واردات تونس من هذه السلع، واستمرار ارتفاع أسعار السلع الغذائية، مما سيؤدي إلى زيادة تكاليف واردات تونس من هذه السلع مما سيؤثر سلبًا على الاقتصاد التونسي.

وإذا حدث أي من هذه العوامل، فمن المرجح أن يكون لها تأثير سلبي على قيمة الدينار التونسي، خاصة على مستوى تسديد تونس لديونها الخارجية ، علما وان خدمة الدين الخارجي ارتفعت الى أكثر من 6 مليار دينار خلال الربع الأول من العام الجاري ، وأي تراجع لقيمة الدينار التونسي سيعرض ميزانية الدولة للاستنزاف. ومع ذلك، هناك عدة عوامل يمكن أن تساعد في استقرار قيمة الدينار التونسي خلال عام 2024، منها تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تعهدت بها الحكومة التونسية، بما في ذلك خفض العجز الحكومي ومكافحة الفساد، وتلقي المساعدات الخارجية من المؤسسات المالية الدولية والدول المانحة. ويعتمد ذلك على عدد من العوامل، منها مسار الأوضاع السياسية والاقتصادية في تونس، حيث انه إذا تحسنت الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، فمن المرجح أن يستقر سعر صرف الدينار أو حتى يرتفع، كذلك تطورات الأوضاع في الاقتصاد العالمي، حيث أن تحسن الأوضاع، من المرجح أن يؤدي الى ارتفاع الطلب على السلع التونسية، مما قد يُساهم في استقرار سعر صرف الدينار.

سياسات نقدية صارمة

ويعتقد بعض خبراء الاقتصاد أنه بإمكان البنك المركزي التونسي اتخاذ إجراءات للتأثير على سعر صرف الدينار، مثل التدخل في سوق العملات أو تغيير أسعار الفائدة، واتخاذ إجراءات نقدية صارمة، مثل رفع أسعار الفائدة وتشديد متطلبات الاحتياطي النقدي، للحد من التضخم وتعزيز قيمة الدينار، بالإضافة الى تنويع مصادر الإيرادات، حيث يجب على تونس العمل على تنويع مصادر الإيرادات الوطنية، بدلاً من الاعتماد الكبير على السياحة والصادرات، من خلال تشجيع الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الإنتاجية الأخرى. كما ينبغي على الحكومة التونسية تقديم حوافز وتسهيلات لتشجيع الصادرات، وفي الوقت نفسه، العمل على ترشيد الواردات من السلع غير الضرورية، فضلا عن تعزيز الإنتاج المحلي، ودعم الصناعات المحلية وزيادة قدرتها التنافسية، من خلال توفير التمويل اللازم وتحسين البنية التحتية والخدمات اللوجستية.

والى جانب ذلك من الضروري العمل على تطوير سوق الصرف الأجنبي، حيث ينبغي على السلطات المعنية تطوير وتنظيم سوق الصرف الأجنبي، وتعزيز دور البنك المركزي في تحديد سعر الصرف وفقًا لآليات العرض والطلب، علما وإن تطبيق هذه الإجراءات بشكل متكامل سيساهم في الحد من آثار تراجع قيمة الدينار على الاقتصاد التونسي وتعزيز قدرته على المنافسة واستعادة استقراره.

سفيان المهداوي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الدينار التونسي يتأرجح بين انتعاشة طفيفة أمام الدولار وتراجع "مقلق" أمام الأورو !

تونس- الصباح

أظهرت بيانات البنك المركزي التونسي، أمس الأول، تراجعًا طفيفًا لسعر صرف الدينار التونسي أمام عملة الأورو، وذلك منذ بداية العام الحالي وحتى 13 جوان، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حيث ارتفع سعر صرف الأورو مقابل الدينار التونسي من 3.350 دينار في جوان 2023 إلى 3.365 دينار في 13 جوان 2024 ، في المقابل سجل سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار التونسي تراجعا طفيفا، من 3.350 دينار في جوان 2023 إلى 3.118 دينار في 13 جوان 2024.

ولم يصدر البنك المركزي التونسي أي بيان رسمي يوضح فيه أسباب تراجع سعر صرف الدينار التونسي. ومع ذلك، تشير بعض التحليلات الصادرة عن عدد من خبراء الاقتصاد في تصريحات لـ"الصباح"، إلى أن التراجع قد يعود إلى عدد من العوامل، منها ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية، مع عودة النشاط السياحي وانتعاش الواردات، وارتفاع الطلب على العملات الأجنبية، مما أدى إلى ضغوط على سعر صرف الدينار، في حين يرجع البعض الى تأثر عائدات الصادرات التونسية سلبًا بالحرب في أوكرانيا، والأوضاع في الشرق الأوسط، مما أدى إلى تراجع تدفق العملات الأجنبية إلى البلاد، مما يؤثر سلبًا على سعر صرف الدينار.

فقدان القدرة التنافسية للصادرات

ويُمكن أن يؤدي تراجع سعر صرف الدينار التونسي حسب الخبراء إلى عدد من التأثيرات السلبية، منها ارتفاع أسعار السلع المستوردة، حيث انه مع ارتفاع سعر صرف الدولار والاورو، سترتفع أسعار السلع المستوردة، مما يؤدي إلى زيادة معدل التضخم في البلاد، بالإضافة، الى انخفاض القوة الشرائية للأسر، مع ارتفاع أسعار السلع، حيث من الوارد جدا أن تنخفض القدرة الشرائية للأسر، مما يُقلل من قدرتها على الإنفاق والاستهلاك.

كما من المتوقع مع ارتفاع سعر صرف الدينار، أن تصبح الصادرات التونسية أقل قدرة على المنافسة في الأسواق العالمية، ومن الصعب التنبؤ باتجاه سعر صرف الدينار التونسي في المستقبل.

وفي الآونة الأخيرة، شهد الدينار التونسي تراجعًا ملحوظًا أمام العملات الأجنبية، مما انعكس بشكل سلبي على مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني. فعلى صعيد التضخم، أدى انخفاض قيمة العملة المحلية إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات المستوردة، ما ساهم في زيادة معدلات التضخم في تونس. وهذا ما أثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطنين، وخاصة ذوي الدخل المحدود.

وفي قطاع التجارة الخارجية، رفع تراجع قيمة الدينار من تكلفة استيراد المواد الأولية والمعدات والتكنولوجيا اللازمة للصناعة المحلية. وهذا ما أدى إلى ارتفاع أسعار هذه السلع في السوق التونسي.

اتساع عجز الميزان التجاري

كما أن ضعف قيمة الدينار أدى إلى اتساع عجز الميزان التجاري لتونس، إذ إن الزيادة في تكلفة الواردات كان لها وقع أكبر من الانخفاض في أسعار الصادرات التونسية، التي أصبحت أرخص نسبيًا في الأسواق الخارجية. وعلى صعيد القدرة التنافسية للاقتصاد، فإن ضعف قيمة الدينار قلل من قدرة الشركات والصناعات التونسية على المنافسة في الأسواق الخارجية. وهذا ما أثر سلبًا على حجم الصادرات وعلى النمو الاقتصادي ككل.

ويؤكد جزء واسع من الخبراء الاقتصاديين، أن تراجع قيمة الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية يشكل تحديًا كبيرًا للاقتصاد الوطني، ويتطلب اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة للحد من آثاره السلبية على المواطنين والشركات التونسية.

ومن المحتمل أن يستمر الدينار التونسي في الانخفاض أمام العملات الأجنبية في عام 2024، ولكن من المرجح أن يكون الانخفاض أقل من الانخفاض الذي حدث في عام 2023، حيث شهد الدينار التونسي انخفاضًا ملحوظًا في قيمته أمام العملات الأجنبية خلال عام 2022، وارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي من 2.4 دينار تونسي في بداية العام إلى 3.1 دينار تونسي في نهاية العام. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، منها ارتفاع سعر صرف الدينار التونسي مقابل الدولار الأمريكي، وارتفاع معدل التضخم في تونس، والذي بلغ أكثر من 8.5٪ في عام 2023 .

وفي ظل انخفاض النمو الاقتصادي في تونس، وارتفاع عجز الميزان التجاري التونسي، من المرجح أن تستمر هذه العوامل في التأثير على قيمة الدينار التونسي خلال عام 2024 ، مما يعني أنه من المحتمل أن تستمر قيمة الدينار التونسي في الانخفاض أمام العملات الأجنبية.

وهناك عدة عوامل أخرى يمكن أن تساهم في انخفاض قيمة الدينار التونسي خلال عام 2024 ، منها استمرار ارتفاع أسعار النفط والغاز، مما سيؤدي إلى زيادة تكاليف واردات تونس من هذه السلع، واستمرار ارتفاع أسعار السلع الغذائية، مما سيؤدي إلى زيادة تكاليف واردات تونس من هذه السلع مما سيؤثر سلبًا على الاقتصاد التونسي.

وإذا حدث أي من هذه العوامل، فمن المرجح أن يكون لها تأثير سلبي على قيمة الدينار التونسي، خاصة على مستوى تسديد تونس لديونها الخارجية ، علما وان خدمة الدين الخارجي ارتفعت الى أكثر من 6 مليار دينار خلال الربع الأول من العام الجاري ، وأي تراجع لقيمة الدينار التونسي سيعرض ميزانية الدولة للاستنزاف. ومع ذلك، هناك عدة عوامل يمكن أن تساعد في استقرار قيمة الدينار التونسي خلال عام 2024، منها تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تعهدت بها الحكومة التونسية، بما في ذلك خفض العجز الحكومي ومكافحة الفساد، وتلقي المساعدات الخارجية من المؤسسات المالية الدولية والدول المانحة. ويعتمد ذلك على عدد من العوامل، منها مسار الأوضاع السياسية والاقتصادية في تونس، حيث انه إذا تحسنت الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، فمن المرجح أن يستقر سعر صرف الدينار أو حتى يرتفع، كذلك تطورات الأوضاع في الاقتصاد العالمي، حيث أن تحسن الأوضاع، من المرجح أن يؤدي الى ارتفاع الطلب على السلع التونسية، مما قد يُساهم في استقرار سعر صرف الدينار.

سياسات نقدية صارمة

ويعتقد بعض خبراء الاقتصاد أنه بإمكان البنك المركزي التونسي اتخاذ إجراءات للتأثير على سعر صرف الدينار، مثل التدخل في سوق العملات أو تغيير أسعار الفائدة، واتخاذ إجراءات نقدية صارمة، مثل رفع أسعار الفائدة وتشديد متطلبات الاحتياطي النقدي، للحد من التضخم وتعزيز قيمة الدينار، بالإضافة الى تنويع مصادر الإيرادات، حيث يجب على تونس العمل على تنويع مصادر الإيرادات الوطنية، بدلاً من الاعتماد الكبير على السياحة والصادرات، من خلال تشجيع الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الإنتاجية الأخرى. كما ينبغي على الحكومة التونسية تقديم حوافز وتسهيلات لتشجيع الصادرات، وفي الوقت نفسه، العمل على ترشيد الواردات من السلع غير الضرورية، فضلا عن تعزيز الإنتاج المحلي، ودعم الصناعات المحلية وزيادة قدرتها التنافسية، من خلال توفير التمويل اللازم وتحسين البنية التحتية والخدمات اللوجستية.

والى جانب ذلك من الضروري العمل على تطوير سوق الصرف الأجنبي، حيث ينبغي على السلطات المعنية تطوير وتنظيم سوق الصرف الأجنبي، وتعزيز دور البنك المركزي في تحديد سعر الصرف وفقًا لآليات العرض والطلب، علما وإن تطبيق هذه الإجراءات بشكل متكامل سيساهم في الحد من آثار تراجع قيمة الدينار على الاقتصاد التونسي وتعزيز قدرته على المنافسة واستعادة استقراره.

سفيان المهداوي