إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أمام تعطيل مبادراتهم التشريعية.. نواب غاضبون من مكتب البرلمان.. وتوجه نحو تغيير تركيبته

 

تونس- الصباح

رغم أهمية مضامينها لم يصادق مجلس نواب الشعب إلى حد الآن على أي مبادرة تشريعية تم تقديمها من قبل أعضائه، وحتى مقترح القانون المتعلق بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي تم إيداعه من قبل كتلة الخط الوطني السيادي في 12 جويلية 2023  ووقع عرضه على جلسة عامة في 2 نوفمبر 2023 مازال معلقا، ولا أحد يعرف متى سيتم استئناف التصويت على بقية فصوله.

 ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل هناك مبادرات أخرى وقع طمسها سواء بإرجاعها إلى أصحابها أو إرجاء إحالتها إلى اللجان البرلمانية ومن أبرزها مقترح القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية، وكذلك المقترح المتعلق بتنقيح وإتمام المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، وهو ما أثار استياء أصحابها من مكتب المجلس.

 وفي هذا السياق، لم تخف النائبة غير المنتمية إلى كتل بسمة الهمامي صاحبة المبادرة التشريعية المتعلقة بالمحكمة الدستورية غضبها على المكتب، وقالت في تصريح لـ"الصباح" إنه ليس من حق المكتب حجر مقترح قانون تقدم به مجموعة النواب وفق الصلاحيات التي منحها إياهم الدستور، وذكرت أن دستور 2022 نص على أنه للنواب حق عرض مقترحات القوانين شرط أن تكون مقدمة من عشرة نواب على الأقل.

وأشارت الهمامي إلى أن المبادرة التشريعية المتعلقة بالمحكمة الدستورية تم تقديمها منذ جويلية الماضي وكان يتعين على مكتب مجلس نواب الشعب إحالتها إلى اللجنة المختصة لكنه لم يفعل، وتجاوز بذلك سلطته، فمكتب المجلس، حسب قولها أعطى لنفسه صلاحيات غير مضمنة في النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب. وأضافت أن النواب عندما صعّدوا مكتب المجلس، فكانوا ينتظرون منه أن يسهل أعمالهم التشريعية والرقابية لا أن يعطل تمرير مقترحاتهم دون توضيح الأسباب، وأشارت إلى أن المكتب أصبح حجر عثرة أمام النواب. وذكرت أنها إلى غاية اليوم لا تعرف لماذا حجز المكتب مبادرتها ولماذا لم يحلها على اللجنة  البرلمانية والحال أن أغلب النواب يعتبرون أن تركيز المحكمة الدستورية من أوليات المجلس.

وبالعودة إلى مضامين مقترح القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية المذكور تجدر الإشارة إلى أنه تم تقديمه في الصائفة الماضية من قبل 11 نائبا وذلك عملا بمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 68 من الدستور، وشدد أصحاب المقترح المذكور على الأهمية القصوى التي تكتسيها هذه المحكمة في مراقبة دستورية القوانين لضمان علوية الدستور، فهي تتمتع بجملة من الاختصاصات الحصرية إذ أنها تختص بالنظر في مراقبة دستورية القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهوريّة أو ثلاثين عضوا من أعضاء مجلس نوّاب الشعب أو نصف أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم، ودستورية المعاهدات التي يعرضها رئيس الجمهوّرية قبل ختم قانون الموافقة عليها، ودستورية القوانين التي تحيلها عليها المحاكم إذا تم الدّفع بعدم دستوريتها في الحالات وطبق الإجراءات التي يقرّها القانون، كما تختص حصريا ودون سواها بالنظر في مراقبة دستورية النّظـــام الداخلي لمجلس نـــوّاب الشعب والنظام الدّاخلي للمــجلس الوطني للجهـــات والأقاليم، ومراقبة دستورية إجراءات تنقيح الدستور، ومراقبة دستورية مشاريع تنقيح الدستور للبتّ في عدم تعارضها مع ما لا يجوز تنقيحه حسب ما هو مقرّر بالدستور.

أداء ضعيف

وصفت النائبة بسمة الهمامي أداء مكتب مجلس نواب الشعب بالضعيف، وأبدت رغبتها في أن يتم تغيير تركيبته نظرا لأن أغلب أعضائه لم يكونوا في مستوى انتظارات زملائهم النواب، وذكرت أن هذه الإمكانية يتيحها النظام الداخلي بداية من الدورة النيابية القادمة وهو ما سيحدث حسب توقعها، وقالت إنه عندما لا يمرر المكتب المبادرات التشريعية التي اقترحها النواب فإنه يكون قد تخطى الصلاحيات التي خولها له النظام الداخلي.

 وبالنظر إلى النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب تجدر الإشارة إلى أنه نص على أن مكتب المجلس يضطلع بالصلاحيات التالية: "الإشراف على حُسن سير مختلف أعمال المجلس ودواليبه واتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبة في الغرض، الإشراف على شؤون المجلس الإدارية والمالية، إعداد ميزانية المجلس والمصادقة عليها والإشراف على تنفيذها ومراقبتها، اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتيسير اضطلاع أعضاء المجلس بمهامهم، بحث الوسائل المتعلقة بتأمين نشاط الكتل وغير المنتمين، وضع برنامج العمل التشريعي والنيابي عموما للمجلس خلال المدّة التي يضبطها على ألا تقل عن شهر بصفة مسبقة، إقرار جدول أعمال الجلسات العامة وضبط روزنامة عمل المجلس، ولمشاريع رئيس الجمهورية أولوية النظر، تشكيل الوفود التي تُمثّل المجلس واختيار رؤسائها إلا إذا كان الرئيس أو أحد نائبيه من أعضائها فتكون له الرئاسة، وضع الهيكل التنظيمي لإدارة المجلس، ضبط الأنظمة الأساسية الخاصة لمُختلف الأسلاك التابعة له مُعاينة كافة حالات الشغور بالمجلس والإذن بإعلانها أمام الجلسة العامة، اتخاذ الإجراءات المُستوجبة والمنصوص عليها بهذا النظام الداخلي والناتجة عن مخالفة أحكامه. تعيين هيئة استشارية في بداية المدّة النيابية تُسمى لجنة الحُكماء تتكوّن من ثلاثة نواب يُعهد إليها مهام المُوفّق البرلماني في مجال حفظ النظام داخل هياكل المجلس ".

كما نص النظام الداخلي على أن يعاد تشكيل مكتب المجلس، باستثناء رئيس المجلس ونائبيه الذين يتم انتخابهم لمدة نيابية كاملة، في مُفتتح كل دورة عادية بداية من الدورة العادية الثالثة.

 ويتكـوّن مكتـب المجلـس مـن رئـيس مجلـس نـواب الشـعب رئيسـا ومـن نائبيْـه ومن عشـرة نواب مساعدين للرئيس وهم: نائب مساعد للرئيس مُكلف بشؤون التّشريع، ونائب مساعد للرئيس مُكلف بالعلاقات مع رئاسة الجمهورية والحكومة، ونائب مساعد للرئيس مُكلف بالعلاقات مع الوظيفة القضائية والهيئات الدستورية والوطنية، ونائب مساعد للرئيس مُكلف بالعلاقة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم، ونائب مساعد للرئيس مُكلف بالعلاقات الخارجية وبالتونسيين بالخارج والهجرة، ونائب مساعد للرئيس مُكلف بالعلاقات مع المواطن والمجتمع المدني، ونائب مساعد للرئيس مُكلف بالإعلام والاتصال، ونائب مساعد للرئيس مُكلف بالتصرّف العام، ونائب مساعد للرئيس مكلف بالإصلاحات الكبرى، ونائب مساعد للرئيس مُكلف بشؤون النواب.

جرد قرارات المكتب

وفي جرد لقرارات مكتب مجلس نواب الشعب يمكن الإشارة إلى أنه بتاريخ 13 جويلية 2023 قرر المكتب مواصلة النظر في إحالة مقترح القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية إلى اللجنة المختصة، ثم قرر في اجتماعه المنعقد يوم 12 أكتوبر 2023 إرجاء النظر في إحالة المقترح إلى اللجنة.

وقرر المكتب يوم 15 أكتوبر 2023 إرجاع مقترح قانون يتعلق بإحداث المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية وضبط مشمولاته وتنظميه الإداري والمالي وطرق سيره إلى أصحابه. وقرر المكتب يوم 9 ديسمبر 2023 إرجاء النظر في إحالة مقترح قانون أساسي يتعلق بتنظيم مهنة عدول الإشهاد إلى اللجنة القارة ليقرر يوم 29 فيفري إحالته إلى لجنة التشريع العام، وقرر في اجتماعه المنعقد يوم 22 فيفري 2022 إرجاء النظر في إحالة مقترح القانون المتعلق بتنقيح وإتمام المرسوم عدد 54 سالف الذكر إلى اللجنة المختصة، وقرر المكتب يوم 19 أكتوبر 2023 إرجاء النظر في إحالة مقترح قانون يتعلق بصندوق دعم استقلالية وسائل الإعلام وجودة مضامينها إلى اللجنة، ثم قرر لاحقا في اجتماعه بتاريخ 29 فيفري 2024 إرجاع هذا المقترح إلى جهة المبادرة لإعادة النظر فيه "تبعا للمؤاخذات القانونية التي عاينها المكتب" وفق ما ورد في محضر الاجتماع، كما قرر المكتب في اجتماعه المنعقد يوم 21 مارس 2024 إرجاء النظر في إحالة مقترح قانون يتعلق بتجريم السحر والشعوذة إلى اللجنة المختصة، وقرر في نفس اليوم إرجاع مقترح قانون يتعلق بإحداث الوكالة الوطنية لريادة وتطوير الأعمال إلى الجهة المبادرة، وقرر المكتب بتاريخ 9 ماي 2024 إرجاع مقترح قانون يتعلق بحماية اللغة العربية لأصحابه لإعادة صياغته، وقرر في اجتماعه المنعقد يوم 16 ماي 2024 إرجاع مقترح قانون يتعلق بمكافحة جرائم الاعتداء على البيئة إلى جهة المبادرة لإعادة النظر فيه..

أسباب عديدة

وباستفسار عضو مكتب مجلس نواب الشعب حسام محجوب نائب مساعد لرئيس مجلس نواب الشعب مكلف بشؤون التشريع عن سبب عدم إحالة مقترحات قوانين مقدمة من قبل النواب إلى اللجان خاصة منها مقترح القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية ومقترح القانون المتعلق بتنقيح وإتمام المرسوم عدد 54، أجاب أن هناك مقترحات قوانين هي من اختصاص رئيس الجمهورية ومنها المقترح المتعلق بالمحكمة الدستورية، وذكر أن المكتب ينتظر ورود مشاريع قوانين رئاسة الجمهورية، كما أنه يوجه مراسلات رسمية إلى رئاسة الجمهورية لإعلامها بالمبادرات التشريعية التي يقدمها النواب لأن المجلس النيابي ملزم بإعلامها، كما أن المكتب لا يقبل مقترحات القوانين التي من شأنها الإخلال بالتوازنات المالية للدولة لأن الدستور نص على أن مقترحات القوانين التي يتقدم بها النواب لا تكون مقبولة إذا كان من شأنها الإخلال بالتوازنات المالية.

وتعقيبا عن استفسار حول مآل مقترح القانون المتعلق بتنقيح المرسوم عدد 54 بين محجوب أن المكتب قرر تأجيل النظر فيه إلى ما بعد انتهاء فترة تركيز المؤسسات أي إلى حين انطلاق المجلس الوطني للجهات والأقاليم في أعماله بعد المصادقة على نظامه الداخلي وتركيز هياكله، وكذلك إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، وبين أن هذا المرسوم صدر في إطار الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية وهذا الأمر في الفصل السابع منه نص على أن المرسوم لا يقبل الطعن بالإلغاء، ثم أن الطعن يكون أمام المحكمة الدستورية وحاليا ليس هناك محكمة دستورية.

 وأشار إلى أن مكتب المجلس لاحظ أن هذه الفترة تمت فيها إحالات على القضاء بناء على أحكام المرسوم عدد 54، لذلك ارتأى إرجاء النظر في مقترح القانون المتعلق بتنقيح هذا المرسوم وإتمامه فالمكتب لم يرفض المقترح وإنما أجل إحالته إلى اللجنة المختصة وهو على دراية بأهميته.

وأضاف محجوب أن هناك مقترح قانون آخر أثار الجدل وهو يتعلق بإحداث صندوق دعم استقلالية وسائل الإعلام فهذا المقترح يتعارض مع الفصل 69 من الدستور.

وإجابة على استفسار حول سبب رفض تمرير هذا المقترح والحال أن مكتب المجلس نفسه مرر مقترحا يتعلق بإحداث صندوق لتمويل الإصلاح التربوي مقدم من قبل كتلة الخط الوطني السيادي، بين عضو مكتب المجلس أن هذه الكتلة سحبت مقترحتها لأنها قدمته في شكل فصل إضافي في مشروع قانون المالية لسنة 2024 وقد حظي بقبول الجلسة العامة رغم أن وزيرة المالية قالت إنه غير قابل للتطبيق، وهذا الصندوق لم يقع بعثه بعد. وبين أن الدستور منح فعلا النواب حق تقديم مقترحات تشريعية، ولكن بالنظر إلى التجارب المقارنة نجد أن تسعين بالمائة من مقترحات القوانين يقع تقديمها من قبل السلطة التنفيذية وليس من قبل أعضاء البرلمان، وذلك لأن الحكومات لديها مختصين في الشؤون القانونية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها ولديها مكاتب دراسات قادرة على توقع تأثيرات مشاريع القوانين التي تعدها.. وأضاف أن المشكل الذي دفع النواب إلى تقديم عدد كبير من المبادرات التشريعية يعود بالأساس إلى بطء الحكومة في إعداد مشاريع قوانين.

استحثاث اللجان

وأكد حسام محجوب أن مكتب المجلس دعا جميع اللجان البرلمانية إلى الإسراع في دراسة المبادرات التشريعية المقدمة من قبل النواب، وطالبها بأن تنهي النظر فيها وتعد تقارير بشأنها قبل العطلة البرلمانية، كما قرر المكتب عرض جميع مشاريع القوانين المقدمة من قبل رئاسة الجمهورية قبل العطلة.

وأضاف أنه سبق لمكتب المجلس أن أحال مبادرة تشريعية تتعلق بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى الجلسة العامة، كما قرر عرض مقترح قانون آخر مقدم من قبل النواب على أنظار الجلسة العامة التي سيتم تنظيمها يوم 4 جوان المقبل وهو مقترح يتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية..

وتعقيبا عن استفسار  حول ما إذا كانت رئاسة الجمهورية قد أجابت على المراسلات التي وجهها لها مجلس نواب الشعب لإعلامها بالمبادرات التشريعية المقدمة من طرف النواب وهل لديها اعتراض على بعضها أجاب حسام محجوب بالنفي، وقال لم ترد على المكتب أي إجابة من قبل رئيس الجمهورية حول مقترحات النواب.

سعيدة بوهلال   

أمام تعطيل مبادراتهم التشريعية..   نواب غاضبون من مكتب البرلمان.. وتوجه نحو تغيير تركيبته

 

تونس- الصباح

رغم أهمية مضامينها لم يصادق مجلس نواب الشعب إلى حد الآن على أي مبادرة تشريعية تم تقديمها من قبل أعضائه، وحتى مقترح القانون المتعلق بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي تم إيداعه من قبل كتلة الخط الوطني السيادي في 12 جويلية 2023  ووقع عرضه على جلسة عامة في 2 نوفمبر 2023 مازال معلقا، ولا أحد يعرف متى سيتم استئناف التصويت على بقية فصوله.

 ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل هناك مبادرات أخرى وقع طمسها سواء بإرجاعها إلى أصحابها أو إرجاء إحالتها إلى اللجان البرلمانية ومن أبرزها مقترح القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية، وكذلك المقترح المتعلق بتنقيح وإتمام المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، وهو ما أثار استياء أصحابها من مكتب المجلس.

 وفي هذا السياق، لم تخف النائبة غير المنتمية إلى كتل بسمة الهمامي صاحبة المبادرة التشريعية المتعلقة بالمحكمة الدستورية غضبها على المكتب، وقالت في تصريح لـ"الصباح" إنه ليس من حق المكتب حجر مقترح قانون تقدم به مجموعة النواب وفق الصلاحيات التي منحها إياهم الدستور، وذكرت أن دستور 2022 نص على أنه للنواب حق عرض مقترحات القوانين شرط أن تكون مقدمة من عشرة نواب على الأقل.

وأشارت الهمامي إلى أن المبادرة التشريعية المتعلقة بالمحكمة الدستورية تم تقديمها منذ جويلية الماضي وكان يتعين على مكتب مجلس نواب الشعب إحالتها إلى اللجنة المختصة لكنه لم يفعل، وتجاوز بذلك سلطته، فمكتب المجلس، حسب قولها أعطى لنفسه صلاحيات غير مضمنة في النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب. وأضافت أن النواب عندما صعّدوا مكتب المجلس، فكانوا ينتظرون منه أن يسهل أعمالهم التشريعية والرقابية لا أن يعطل تمرير مقترحاتهم دون توضيح الأسباب، وأشارت إلى أن المكتب أصبح حجر عثرة أمام النواب. وذكرت أنها إلى غاية اليوم لا تعرف لماذا حجز المكتب مبادرتها ولماذا لم يحلها على اللجنة  البرلمانية والحال أن أغلب النواب يعتبرون أن تركيز المحكمة الدستورية من أوليات المجلس.

وبالعودة إلى مضامين مقترح القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية المذكور تجدر الإشارة إلى أنه تم تقديمه في الصائفة الماضية من قبل 11 نائبا وذلك عملا بمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 68 من الدستور، وشدد أصحاب المقترح المذكور على الأهمية القصوى التي تكتسيها هذه المحكمة في مراقبة دستورية القوانين لضمان علوية الدستور، فهي تتمتع بجملة من الاختصاصات الحصرية إذ أنها تختص بالنظر في مراقبة دستورية القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهوريّة أو ثلاثين عضوا من أعضاء مجلس نوّاب الشعب أو نصف أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم، ودستورية المعاهدات التي يعرضها رئيس الجمهوّرية قبل ختم قانون الموافقة عليها، ودستورية القوانين التي تحيلها عليها المحاكم إذا تم الدّفع بعدم دستوريتها في الحالات وطبق الإجراءات التي يقرّها القانون، كما تختص حصريا ودون سواها بالنظر في مراقبة دستورية النّظـــام الداخلي لمجلس نـــوّاب الشعب والنظام الدّاخلي للمــجلس الوطني للجهـــات والأقاليم، ومراقبة دستورية إجراءات تنقيح الدستور، ومراقبة دستورية مشاريع تنقيح الدستور للبتّ في عدم تعارضها مع ما لا يجوز تنقيحه حسب ما هو مقرّر بالدستور.

أداء ضعيف

وصفت النائبة بسمة الهمامي أداء مكتب مجلس نواب الشعب بالضعيف، وأبدت رغبتها في أن يتم تغيير تركيبته نظرا لأن أغلب أعضائه لم يكونوا في مستوى انتظارات زملائهم النواب، وذكرت أن هذه الإمكانية يتيحها النظام الداخلي بداية من الدورة النيابية القادمة وهو ما سيحدث حسب توقعها، وقالت إنه عندما لا يمرر المكتب المبادرات التشريعية التي اقترحها النواب فإنه يكون قد تخطى الصلاحيات التي خولها له النظام الداخلي.

 وبالنظر إلى النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب تجدر الإشارة إلى أنه نص على أن مكتب المجلس يضطلع بالصلاحيات التالية: "الإشراف على حُسن سير مختلف أعمال المجلس ودواليبه واتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبة في الغرض، الإشراف على شؤون المجلس الإدارية والمالية، إعداد ميزانية المجلس والمصادقة عليها والإشراف على تنفيذها ومراقبتها، اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتيسير اضطلاع أعضاء المجلس بمهامهم، بحث الوسائل المتعلقة بتأمين نشاط الكتل وغير المنتمين، وضع برنامج العمل التشريعي والنيابي عموما للمجلس خلال المدّة التي يضبطها على ألا تقل عن شهر بصفة مسبقة، إقرار جدول أعمال الجلسات العامة وضبط روزنامة عمل المجلس، ولمشاريع رئيس الجمهورية أولوية النظر، تشكيل الوفود التي تُمثّل المجلس واختيار رؤسائها إلا إذا كان الرئيس أو أحد نائبيه من أعضائها فتكون له الرئاسة، وضع الهيكل التنظيمي لإدارة المجلس، ضبط الأنظمة الأساسية الخاصة لمُختلف الأسلاك التابعة له مُعاينة كافة حالات الشغور بالمجلس والإذن بإعلانها أمام الجلسة العامة، اتخاذ الإجراءات المُستوجبة والمنصوص عليها بهذا النظام الداخلي والناتجة عن مخالفة أحكامه. تعيين هيئة استشارية في بداية المدّة النيابية تُسمى لجنة الحُكماء تتكوّن من ثلاثة نواب يُعهد إليها مهام المُوفّق البرلماني في مجال حفظ النظام داخل هياكل المجلس ".

كما نص النظام الداخلي على أن يعاد تشكيل مكتب المجلس، باستثناء رئيس المجلس ونائبيه الذين يتم انتخابهم لمدة نيابية كاملة، في مُفتتح كل دورة عادية بداية من الدورة العادية الثالثة.

 ويتكـوّن مكتـب المجلـس مـن رئـيس مجلـس نـواب الشـعب رئيسـا ومـن نائبيْـه ومن عشـرة نواب مساعدين للرئيس وهم: نائب مساعد للرئيس مُكلف بشؤون التّشريع، ونائب مساعد للرئيس مُكلف بالعلاقات مع رئاسة الجمهورية والحكومة، ونائب مساعد للرئيس مُكلف بالعلاقات مع الوظيفة القضائية والهيئات الدستورية والوطنية، ونائب مساعد للرئيس مُكلف بالعلاقة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم، ونائب مساعد للرئيس مُكلف بالعلاقات الخارجية وبالتونسيين بالخارج والهجرة، ونائب مساعد للرئيس مُكلف بالعلاقات مع المواطن والمجتمع المدني، ونائب مساعد للرئيس مُكلف بالإعلام والاتصال، ونائب مساعد للرئيس مُكلف بالتصرّف العام، ونائب مساعد للرئيس مكلف بالإصلاحات الكبرى، ونائب مساعد للرئيس مُكلف بشؤون النواب.

جرد قرارات المكتب

وفي جرد لقرارات مكتب مجلس نواب الشعب يمكن الإشارة إلى أنه بتاريخ 13 جويلية 2023 قرر المكتب مواصلة النظر في إحالة مقترح القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية إلى اللجنة المختصة، ثم قرر في اجتماعه المنعقد يوم 12 أكتوبر 2023 إرجاء النظر في إحالة المقترح إلى اللجنة.

وقرر المكتب يوم 15 أكتوبر 2023 إرجاع مقترح قانون يتعلق بإحداث المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية وضبط مشمولاته وتنظميه الإداري والمالي وطرق سيره إلى أصحابه. وقرر المكتب يوم 9 ديسمبر 2023 إرجاء النظر في إحالة مقترح قانون أساسي يتعلق بتنظيم مهنة عدول الإشهاد إلى اللجنة القارة ليقرر يوم 29 فيفري إحالته إلى لجنة التشريع العام، وقرر في اجتماعه المنعقد يوم 22 فيفري 2022 إرجاء النظر في إحالة مقترح القانون المتعلق بتنقيح وإتمام المرسوم عدد 54 سالف الذكر إلى اللجنة المختصة، وقرر المكتب يوم 19 أكتوبر 2023 إرجاء النظر في إحالة مقترح قانون يتعلق بصندوق دعم استقلالية وسائل الإعلام وجودة مضامينها إلى اللجنة، ثم قرر لاحقا في اجتماعه بتاريخ 29 فيفري 2024 إرجاع هذا المقترح إلى جهة المبادرة لإعادة النظر فيه "تبعا للمؤاخذات القانونية التي عاينها المكتب" وفق ما ورد في محضر الاجتماع، كما قرر المكتب في اجتماعه المنعقد يوم 21 مارس 2024 إرجاء النظر في إحالة مقترح قانون يتعلق بتجريم السحر والشعوذة إلى اللجنة المختصة، وقرر في نفس اليوم إرجاع مقترح قانون يتعلق بإحداث الوكالة الوطنية لريادة وتطوير الأعمال إلى الجهة المبادرة، وقرر المكتب بتاريخ 9 ماي 2024 إرجاع مقترح قانون يتعلق بحماية اللغة العربية لأصحابه لإعادة صياغته، وقرر في اجتماعه المنعقد يوم 16 ماي 2024 إرجاع مقترح قانون يتعلق بمكافحة جرائم الاعتداء على البيئة إلى جهة المبادرة لإعادة النظر فيه..

أسباب عديدة

وباستفسار عضو مكتب مجلس نواب الشعب حسام محجوب نائب مساعد لرئيس مجلس نواب الشعب مكلف بشؤون التشريع عن سبب عدم إحالة مقترحات قوانين مقدمة من قبل النواب إلى اللجان خاصة منها مقترح القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية ومقترح القانون المتعلق بتنقيح وإتمام المرسوم عدد 54، أجاب أن هناك مقترحات قوانين هي من اختصاص رئيس الجمهورية ومنها المقترح المتعلق بالمحكمة الدستورية، وذكر أن المكتب ينتظر ورود مشاريع قوانين رئاسة الجمهورية، كما أنه يوجه مراسلات رسمية إلى رئاسة الجمهورية لإعلامها بالمبادرات التشريعية التي يقدمها النواب لأن المجلس النيابي ملزم بإعلامها، كما أن المكتب لا يقبل مقترحات القوانين التي من شأنها الإخلال بالتوازنات المالية للدولة لأن الدستور نص على أن مقترحات القوانين التي يتقدم بها النواب لا تكون مقبولة إذا كان من شأنها الإخلال بالتوازنات المالية.

وتعقيبا عن استفسار حول مآل مقترح القانون المتعلق بتنقيح المرسوم عدد 54 بين محجوب أن المكتب قرر تأجيل النظر فيه إلى ما بعد انتهاء فترة تركيز المؤسسات أي إلى حين انطلاق المجلس الوطني للجهات والأقاليم في أعماله بعد المصادقة على نظامه الداخلي وتركيز هياكله، وكذلك إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، وبين أن هذا المرسوم صدر في إطار الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية وهذا الأمر في الفصل السابع منه نص على أن المرسوم لا يقبل الطعن بالإلغاء، ثم أن الطعن يكون أمام المحكمة الدستورية وحاليا ليس هناك محكمة دستورية.

 وأشار إلى أن مكتب المجلس لاحظ أن هذه الفترة تمت فيها إحالات على القضاء بناء على أحكام المرسوم عدد 54، لذلك ارتأى إرجاء النظر في مقترح القانون المتعلق بتنقيح هذا المرسوم وإتمامه فالمكتب لم يرفض المقترح وإنما أجل إحالته إلى اللجنة المختصة وهو على دراية بأهميته.

وأضاف محجوب أن هناك مقترح قانون آخر أثار الجدل وهو يتعلق بإحداث صندوق دعم استقلالية وسائل الإعلام فهذا المقترح يتعارض مع الفصل 69 من الدستور.

وإجابة على استفسار حول سبب رفض تمرير هذا المقترح والحال أن مكتب المجلس نفسه مرر مقترحا يتعلق بإحداث صندوق لتمويل الإصلاح التربوي مقدم من قبل كتلة الخط الوطني السيادي، بين عضو مكتب المجلس أن هذه الكتلة سحبت مقترحتها لأنها قدمته في شكل فصل إضافي في مشروع قانون المالية لسنة 2024 وقد حظي بقبول الجلسة العامة رغم أن وزيرة المالية قالت إنه غير قابل للتطبيق، وهذا الصندوق لم يقع بعثه بعد. وبين أن الدستور منح فعلا النواب حق تقديم مقترحات تشريعية، ولكن بالنظر إلى التجارب المقارنة نجد أن تسعين بالمائة من مقترحات القوانين يقع تقديمها من قبل السلطة التنفيذية وليس من قبل أعضاء البرلمان، وذلك لأن الحكومات لديها مختصين في الشؤون القانونية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها ولديها مكاتب دراسات قادرة على توقع تأثيرات مشاريع القوانين التي تعدها.. وأضاف أن المشكل الذي دفع النواب إلى تقديم عدد كبير من المبادرات التشريعية يعود بالأساس إلى بطء الحكومة في إعداد مشاريع قوانين.

استحثاث اللجان

وأكد حسام محجوب أن مكتب المجلس دعا جميع اللجان البرلمانية إلى الإسراع في دراسة المبادرات التشريعية المقدمة من قبل النواب، وطالبها بأن تنهي النظر فيها وتعد تقارير بشأنها قبل العطلة البرلمانية، كما قرر المكتب عرض جميع مشاريع القوانين المقدمة من قبل رئاسة الجمهورية قبل العطلة.

وأضاف أنه سبق لمكتب المجلس أن أحال مبادرة تشريعية تتعلق بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى الجلسة العامة، كما قرر عرض مقترح قانون آخر مقدم من قبل النواب على أنظار الجلسة العامة التي سيتم تنظيمها يوم 4 جوان المقبل وهو مقترح يتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية..

وتعقيبا عن استفسار  حول ما إذا كانت رئاسة الجمهورية قد أجابت على المراسلات التي وجهها لها مجلس نواب الشعب لإعلامها بالمبادرات التشريعية المقدمة من طرف النواب وهل لديها اعتراض على بعضها أجاب حسام محجوب بالنفي، وقال لم ترد على المكتب أي إجابة من قبل رئيس الجمهورية حول مقترحات النواب.

سعيدة بوهلال   

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews