إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خبير في المجال الطاقي لـ"الصباح": "البيروقراطية" تسببت في تراجع كبير لرخص التنقيب عن النفط في تونس!

 

تونس- الصباح

كشف مستشار الطاقة لدى البنك الدولي والمدير العام السابق لـ"الوكالة التونسية للتحكم في الطاقة"، عز الدين خلف الله، في تصريح لـ"الصباح"، أمس الأول، عقب ندوة صحفية حول الطاقات المتجدة بأحد الفنادق بالعاصمة، أن البيروقراطية تسببت في عزوف شركات الاستكشاف الكبرى عن القدوم الى تونس، في حين، خيرت بعض الشركات النفطية مغادرة البلاد، بسبب طول إجراءات إسناد رخص الاستكشاف والتنقيب عن النفط.

وبين الخبير الطاقي عز الدين خلف الله، انه منذ اعتماد الفصل 13 من دستور 2014، الذي يوصي بضرورة مصادقة البرلمان على رخص البحث أو التجديد، تم تسجيل بطء كبير في إجراءات منح أو تمديد تراخيص البحث، تزامنت مع غياب سياسة إصلاحية في مجال النفط، وغياب الرؤية والإستراتيجية لتعزيز الاستكشاف، وعدم تحيين القوانين، وخاصة المتعلقة بجذب المستثمرين الأجانب للقيام بعمليات الاستكشاف، والتي تعد مكلفة للدولة التونسية، ومن الضروري العمل على تفادي ذلك في أسرع الآجال خصوصا وأن مواردنا النفطية والغازية في تراجع مستمر، ومن الضروري العمل خلال الفترة القادمة على تكثيف عمليات الاستكشاف والتي تدوم لفترات طويلة.

تراجع رخص الاستكشاف

وشدد الخبير الطاقي في معرض حديثه، أن رخص الاستكشاف تراجعت من 54 (سنة 2010)، الى 16 رخصة خلال الفترة الحالية، كما أن ارتفاع الأداءات والضرائب وطول إجراءات الحصول على التراخيص، تسبب في هروب بعض الشركات الكبرى، لتواصل استثماراتها في دول أخرى.

وتم خلال السنة الحالية، تسجيل تراجع ملحوظ في إنتاج تونس من النفط والغاز، حيث تشير المؤشرات إلى انخفاض الإنتاج بنسبة 2% للنفط و 3% لسوائل الغاز الطبيعي مقارنة بمستويات عام 2023. ويُعزى هذا التراجع إلى عدة عوامل، من أهمها نضوب الحقول القديمة، حيث تعاني العديد من الحقول النفطية والغازية في تونس من نضوبها التدريجي، مما أدى إلى انخفاض كميات الإنتاج بشكل طبيعي، بالإضافة الى قلة الاكتشافات الجديدة، حيث شهدت السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في وتيرة الاكتشافات الجديدة للنفط والغاز في تونس. ويعود ذلك إلى عدة عوامل، منها تراجع الاستثمارات في مجال الاستكشاف، وتعقيد الإجراءات البيروقراطية، وعدم استقرار الأوضاع السياسية.

كما لوحظ خلال الفترة الأخيرة تراجع كبير في عدد رخص الاستكشاف الجديدة الممنوحة من قبل الحكومة التونسية.

ويُعزى ذلك حسب عز الدين خلف الله إلى ضعف جاذبية الاستثمار في قطاع الطاقة، وتخوف الشركات من المخاطر المرتبطة بالاستكشاف، وصعوبة الحصول على التمويل اللازم.

ويُلقي تراجع إنتاج النفط والغاز بتأثيرات سلبية على الاقتصاد التونسي، من أهمها ارتفاع عجز الميزان التجاري، حيث تعتمد تونس بشكل كبير على استيراد الطاقة لتلبية احتياجاتها، ويؤدي تراجع الإنتاج المحلي إلى ارتفاع فاتورة الاستيراد، مما يُثقل كاهل الميزان التجاري ويُفقد البلاد العملة الصعبة. كما يُؤدي تراجع الإنتاج المحلي إلى ارتفاع تكاليف الطاقة على المستهلكين والشركات، مما يُؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للاقتصاد ويقوض الاستثمار.

ويُعدّ النفط والغاز من أهم مصادر الدخل للدولة التونسية، ويُؤدي تراجع الإنتاج إلى انخفاض إيرادات الدولة، مما يُؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي بشكل عام.

ارتفاع العجز الطاقي

ولتعزيز إنتاج النفط والغاز وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، تحتاج تونس إلى اتخاذ خطوات جادة، من أهمها جذب الاستثمارات، حيث يجب على الحكومة التونسية العمل على خلق بيئة جاذبة للاستثمار في قطاع الطاقة، من خلال تبسيط الإجراءات البيروقراطية، وتقديم حوافز ضريبية للمستثمرين، وضمان استقرار الأوضاع السياسية، بالإضافة الى زيادة عمليات الاستكشاف، من خلال تخصيص ميزانية أكبر لهذا الغرض، وتشجيع الشركات المحلية والأجنبية على الاستثمار في هذا المجال.

كما يجب على تونس الاستفادة من أحدث التقنيات في مجال التنقيب وإنتاج النفط والغاز، لزيادة كفاءة الإنتاج وخفض التكاليف، وتنويع مصادر الطاقة من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتقليل الاعتماد على النفط والغاز.

وبلغ عجز الميزان التجاري الطاقي لتونس مع موفى نوفمبر 2023، 8363 مليون دينار، مقابل 8895 مليون دينار، خلال نفس الفترة من سنة 2022، أي بتقلص بنسبة 6%. ومع بداية العام الجاري، ارتفع عجز الميزان التجاري الطاقي لتونس خلال شهر جانفي 2024 لتتجاوز قيمته المليار دينار (1011 مليون دينار) مقابل 802 مليون دينار خلال جانفي 2023. وذلك يمثل زيادة بنسبة 26% مقارنة بنفس الفترة من 2023.

القضاء على البيروقراطية

ومن الأسباب المباشرة للعجز الطاقي، ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، حيث شهدت أسعار الطاقة العالمية ارتفاعًا كبيرًا خلال عام 2023 بسبب الحرب في أوكرانيا، مما أدى إلى زيادة فاتورة استيراد الطاقة بالنسبة لتونس، فضلا عن تراجع الإنتاج المحلي، حيث تعاني تونس من تراجع إنتاجها من النفط والغاز لعدة أسباب، من أهمها نضوب الحقول القديمة، وقلة الاكتشافات الجديدة، وارتفاع الطلب المحلي، حيث يشهد الطلب على الطاقة في تونس ازديادًا سنويًا بسبب النمو السكاني والتوسع العمراني.

ويُؤدي عجز الميزان الطاقي إلى ازدياد العجز التجاري بشكل عام، مما يُثقل كاهل الميزانية العامة للدولة. كما يُؤدي الى ارتفاع أسعار الطاقة، وزيادة تكاليف الإنتاج للنُشاطات الاقتصادية المختلفة، مما يُؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للاقتصاد، بالإضافة الى أن ذلك يُؤدي الى ازدياد الطلب على العملة الصعبة لاستيراد الطاقة مما يعرض الدينار التونسي لضغوطات، تؤثر سلبًا على استقراره.

ويشكل تراجع إنتاج النفط والغاز اليوم في تونس، تحديًا كبيرًا للاقتصاد الوطني، ولكنه في الوقت نفسه يُقدم فرصة لتنويع مصادر الطاقة، وخلق اقتصاد أكثر استدامة. وتتطلب مواجهة هذا التحدي جهودًا حكومية ومجتمعية لترشيد الاستهلاك ودعم الاستثمار في الطاقة المتجددة وزيادة الإنتاج المحلي، وتحيين التشريعات والقوانين والقضاء على البيروقراطية، وتسريع إسناد رخص الاستكشاف والتنقيب، لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وأيضا رفع صادرات تونس من الموارد النفطية لرفع الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة.

*سفيان المهداوي

خبير في المجال الطاقي لـ"الصباح":  "البيروقراطية" تسببت في تراجع كبير لرخص التنقيب عن النفط في تونس!

 

تونس- الصباح

كشف مستشار الطاقة لدى البنك الدولي والمدير العام السابق لـ"الوكالة التونسية للتحكم في الطاقة"، عز الدين خلف الله، في تصريح لـ"الصباح"، أمس الأول، عقب ندوة صحفية حول الطاقات المتجدة بأحد الفنادق بالعاصمة، أن البيروقراطية تسببت في عزوف شركات الاستكشاف الكبرى عن القدوم الى تونس، في حين، خيرت بعض الشركات النفطية مغادرة البلاد، بسبب طول إجراءات إسناد رخص الاستكشاف والتنقيب عن النفط.

وبين الخبير الطاقي عز الدين خلف الله، انه منذ اعتماد الفصل 13 من دستور 2014، الذي يوصي بضرورة مصادقة البرلمان على رخص البحث أو التجديد، تم تسجيل بطء كبير في إجراءات منح أو تمديد تراخيص البحث، تزامنت مع غياب سياسة إصلاحية في مجال النفط، وغياب الرؤية والإستراتيجية لتعزيز الاستكشاف، وعدم تحيين القوانين، وخاصة المتعلقة بجذب المستثمرين الأجانب للقيام بعمليات الاستكشاف، والتي تعد مكلفة للدولة التونسية، ومن الضروري العمل على تفادي ذلك في أسرع الآجال خصوصا وأن مواردنا النفطية والغازية في تراجع مستمر، ومن الضروري العمل خلال الفترة القادمة على تكثيف عمليات الاستكشاف والتي تدوم لفترات طويلة.

تراجع رخص الاستكشاف

وشدد الخبير الطاقي في معرض حديثه، أن رخص الاستكشاف تراجعت من 54 (سنة 2010)، الى 16 رخصة خلال الفترة الحالية، كما أن ارتفاع الأداءات والضرائب وطول إجراءات الحصول على التراخيص، تسبب في هروب بعض الشركات الكبرى، لتواصل استثماراتها في دول أخرى.

وتم خلال السنة الحالية، تسجيل تراجع ملحوظ في إنتاج تونس من النفط والغاز، حيث تشير المؤشرات إلى انخفاض الإنتاج بنسبة 2% للنفط و 3% لسوائل الغاز الطبيعي مقارنة بمستويات عام 2023. ويُعزى هذا التراجع إلى عدة عوامل، من أهمها نضوب الحقول القديمة، حيث تعاني العديد من الحقول النفطية والغازية في تونس من نضوبها التدريجي، مما أدى إلى انخفاض كميات الإنتاج بشكل طبيعي، بالإضافة الى قلة الاكتشافات الجديدة، حيث شهدت السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في وتيرة الاكتشافات الجديدة للنفط والغاز في تونس. ويعود ذلك إلى عدة عوامل، منها تراجع الاستثمارات في مجال الاستكشاف، وتعقيد الإجراءات البيروقراطية، وعدم استقرار الأوضاع السياسية.

كما لوحظ خلال الفترة الأخيرة تراجع كبير في عدد رخص الاستكشاف الجديدة الممنوحة من قبل الحكومة التونسية.

ويُعزى ذلك حسب عز الدين خلف الله إلى ضعف جاذبية الاستثمار في قطاع الطاقة، وتخوف الشركات من المخاطر المرتبطة بالاستكشاف، وصعوبة الحصول على التمويل اللازم.

ويُلقي تراجع إنتاج النفط والغاز بتأثيرات سلبية على الاقتصاد التونسي، من أهمها ارتفاع عجز الميزان التجاري، حيث تعتمد تونس بشكل كبير على استيراد الطاقة لتلبية احتياجاتها، ويؤدي تراجع الإنتاج المحلي إلى ارتفاع فاتورة الاستيراد، مما يُثقل كاهل الميزان التجاري ويُفقد البلاد العملة الصعبة. كما يُؤدي تراجع الإنتاج المحلي إلى ارتفاع تكاليف الطاقة على المستهلكين والشركات، مما يُؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للاقتصاد ويقوض الاستثمار.

ويُعدّ النفط والغاز من أهم مصادر الدخل للدولة التونسية، ويُؤدي تراجع الإنتاج إلى انخفاض إيرادات الدولة، مما يُؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي بشكل عام.

ارتفاع العجز الطاقي

ولتعزيز إنتاج النفط والغاز وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، تحتاج تونس إلى اتخاذ خطوات جادة، من أهمها جذب الاستثمارات، حيث يجب على الحكومة التونسية العمل على خلق بيئة جاذبة للاستثمار في قطاع الطاقة، من خلال تبسيط الإجراءات البيروقراطية، وتقديم حوافز ضريبية للمستثمرين، وضمان استقرار الأوضاع السياسية، بالإضافة الى زيادة عمليات الاستكشاف، من خلال تخصيص ميزانية أكبر لهذا الغرض، وتشجيع الشركات المحلية والأجنبية على الاستثمار في هذا المجال.

كما يجب على تونس الاستفادة من أحدث التقنيات في مجال التنقيب وإنتاج النفط والغاز، لزيادة كفاءة الإنتاج وخفض التكاليف، وتنويع مصادر الطاقة من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتقليل الاعتماد على النفط والغاز.

وبلغ عجز الميزان التجاري الطاقي لتونس مع موفى نوفمبر 2023، 8363 مليون دينار، مقابل 8895 مليون دينار، خلال نفس الفترة من سنة 2022، أي بتقلص بنسبة 6%. ومع بداية العام الجاري، ارتفع عجز الميزان التجاري الطاقي لتونس خلال شهر جانفي 2024 لتتجاوز قيمته المليار دينار (1011 مليون دينار) مقابل 802 مليون دينار خلال جانفي 2023. وذلك يمثل زيادة بنسبة 26% مقارنة بنفس الفترة من 2023.

القضاء على البيروقراطية

ومن الأسباب المباشرة للعجز الطاقي، ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، حيث شهدت أسعار الطاقة العالمية ارتفاعًا كبيرًا خلال عام 2023 بسبب الحرب في أوكرانيا، مما أدى إلى زيادة فاتورة استيراد الطاقة بالنسبة لتونس، فضلا عن تراجع الإنتاج المحلي، حيث تعاني تونس من تراجع إنتاجها من النفط والغاز لعدة أسباب، من أهمها نضوب الحقول القديمة، وقلة الاكتشافات الجديدة، وارتفاع الطلب المحلي، حيث يشهد الطلب على الطاقة في تونس ازديادًا سنويًا بسبب النمو السكاني والتوسع العمراني.

ويُؤدي عجز الميزان الطاقي إلى ازدياد العجز التجاري بشكل عام، مما يُثقل كاهل الميزانية العامة للدولة. كما يُؤدي الى ارتفاع أسعار الطاقة، وزيادة تكاليف الإنتاج للنُشاطات الاقتصادية المختلفة، مما يُؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للاقتصاد، بالإضافة الى أن ذلك يُؤدي الى ازدياد الطلب على العملة الصعبة لاستيراد الطاقة مما يعرض الدينار التونسي لضغوطات، تؤثر سلبًا على استقراره.

ويشكل تراجع إنتاج النفط والغاز اليوم في تونس، تحديًا كبيرًا للاقتصاد الوطني، ولكنه في الوقت نفسه يُقدم فرصة لتنويع مصادر الطاقة، وخلق اقتصاد أكثر استدامة. وتتطلب مواجهة هذا التحدي جهودًا حكومية ومجتمعية لترشيد الاستهلاك ودعم الاستثمار في الطاقة المتجددة وزيادة الإنتاج المحلي، وتحيين التشريعات والقوانين والقضاء على البيروقراطية، وتسريع إسناد رخص الاستكشاف والتنقيب، لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وأيضا رفع صادرات تونس من الموارد النفطية لرفع الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة.

*سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews