التونسي يُحبّذ في الاستهلاك الاعتماد على مسألة التفاخر والتمايز الاجتماعي وإظهار البذخ والأريحية المادية والاقتصادية حتى وإن كان الواقع غير ذلك"
تونس – الصباح
تتعدد طقوس التونسيين استعدادا لشهر رمضان وتختلف من جهة إلى أخرى ومن عائلة إلى أخرى ولكن تلتقي فئة منهم عند نفس السلوك والعادات الاستهلاكية في انتهاج خطوات التحضير والمتمثلة أساسا في الحرص على اقتناء المشتريات بشكل مضاعف وفي الكثير من الأحيان أكثر من احتياجاتهم وفق ما تؤكده العديد من الدراسات والاحصائيات بخصوص السلوك الاستهلاكي للعائلة التونسية في هذا الشهر المعظم.
يبقى السؤال المطروح هل سيتغير الحال في هذا الشهر بالنظر إلى ارتفاع الأسعار وتواصل تدهور المقدرة الشرائية وعلى خلفية ما يحصل منذ أشهر من مجازر إنسانية وجوع بالأراضي الفلسطينية المحتلة؟
إيمان عبد اللطيف
تُعتبر عادة تبذير الطعام أسلوب حياة لدى الكثير من العائلات التونسية، ويدخل تحضيره بشكل أكثر من الحاجة في عاداتها، فالعائلة التونسية تعودت منذ سنوات على عقلية "على ما يأتي، يطل علينا ضيف" أو يطرق بابنا أحد ما".. وكما يُقال بالعامية التونسية "نطيبوا زايد خير ما نبقاو ناقصين"، فنشاهد مخلفات هذه التكهنات والسلوكيات بحاويات القمامة بالشوارع.
ولا تتوقف مخلفات هذه العقلية على داخل أسوار العائلات، بل ينسحب هذا الأمر خارجها، وما نُعاينه من فواضل الصحون بالمطاعم سواء كانت محلات الأكلة السريعة أو المحلات الراقية أو بالنزل وأيضا ما يُشاهد بالعين المجردة بحاويات النفايات الفائضة بالشوارع التونسية خير دليل على ذلك، وقس على ذلك بموائد الإفطار في شهر رمضان.
فمهما كان المستوى الاجتماعي والمالي للعائلات فإنه يتم تخصيص ميزانيات لتوفير حاجيات الاستهلاك في شهر الصيام تصل إلى حد المبالغة في تنويع الأطباق والمشتريات يقر التونسيين بأنفسهم بأن النصيب الأوفر منها يكون لفائدة القمامة.
فتحول تبذير الطعام سلوك يومي وعادة لا يُفهم في حقيقة الأمر ما أسباب تعمّقها وتحولها إلى ظاهرة مستشرية في تونس التي صُنفت الثالثة عربيا في هذا السياق وفق منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو). ومن البديهي أن تكون في هذه المرتبة بما أنّ 5% من النفقات الغذائية تنتهي إلى سلة المهملات، بحسب إحصائيات المعهد الوطني للاستهلاك.
هذه النسبة تؤكد أيضا حقيقة التهاون الكبير بميزانية التغذية المخصصة لكل أسرة، فـ 70% من التونسيين يقرون بسلوك التبذير لدى العائلات التونسية، كما أنّ 20 % يعتبرون التبذير سلوك لا يمكن السيطرة عليه.
أرقام مخيفة تم كشفها سنة 2023 وتبرز حجم تبذير الطعام في شهر رمضان، وهي أرقام مفزعة تُبرز حجم التناقضات لسلوك التونسي الذي من المفترض أنه يعانيمن ويلات ووقع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية على حياته اليومية، ويعاني عجزا في المقدرة الشرائية.
فوفق استبيان للمعهد الوطني للاستهلاك عن "سلوكيات الاستهلاك والتسوق لدى التونسيين" تم نشر نتائجه السنة المنقضيةفإن تبذير التونسي في الأكلات المطبوخة يرتفع في شهر رمضان أكثر من الأيام العادية بنسبة 66.6%، وفي مادة الخبز بـ 46%، والغلال بـ31.7%، فيما يصل مستوى التبذير في الحلويات إلى 20.2%، واللحوم بنسبة 19.2%. أرقام.
ووفق تصريحات إعلامية أيضا لمدير الدراسات والبحوث بـالمعهد الوطني للاستهلاك زبير رابحعن أهم المواد التي يتم تبذيرها في شهر رمضان، فإنه يتم تبذير ما يعادل 16% من قيمة الخبز الذي يتم شراؤه واستهلاكه، وتأتي مشتقات الحبوب في المرتبة الثانية بنسبة10% والخضار بنسبة 7% والغلال بـ 4%.
ورغم حملات التوعية والإرشاد، فإن هذا السلوك في وتيرة متصاعدة من سنة إلى أخرى بالرغم من ضغوطات مصاريف الحياة اليومية وغلاء الأسعار وتراجع المقدرة الشرائية، ما يدعو إلى التساؤل عن الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك.
في هذا السياق، يُرجع البعض من المتابعين لهذا الشأن أسباب التبذير إلى عامل الجودة، على غرار ما أكده في عديد المناسبات رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي الذي اعتبر أنّ جودة الأغذية أو اختلاف مستويات جودتها يعرّضها إلى سرعة الإتلاف، فيتمّ التخلص من 10% من المنتوج دون استهلاكه بسبب انتهاء صلوحيته.
أما من منظور علم الاجتماع، فقد أكّد الأستاذ زهير بن جنات في تصريح لـ "الصباح" أنّه "عموما نلاحظ أن التونسي أكثر ميلا للتبذير وخاصة في المناسبات الدينية والوطنية والاستهلاكية مثل الأعياد ورأس العام وشهر رمضان. فالتونسي طبّع مع هذا المشهد الذي يُقرن الاحتفال بالمصروف".
وأضاف بن جنات "بشكل عام التونسي يُحبّذ في الاستهلاك الاعتماد على مسألة التفاخر والتمايز الاجتماعي وإظهار البذخ والأريحية المادية والاقتصادية حتى وإن كان الواقع غير ذلك، وهذا لا نلاحظه فقط في رمضان وإنما نراه أيضا حتى في الاحتفالات في الزواج وحفلات النجاح فهو ميال إلى الصرف والإنفاق والاستهلاك أكثر من الميل إلى الاستثمار والادخار".
وأوضح زهير بن جنات أنّ "التونسي عموما يرغب في إظهار الأريحية المادية والاقتصادية أمام الناس لأن المجتمع ينظر إلى هذه المسألة بنوع من التقدير ويعتبر أن علامات الرفاه والبذخ تظهر في السلوك ولا تظهر في أشياء أخرى كالاستثمار والادخار".
وقال بن جنات "من الأسباب الأخرى تقريبا شياع فكرة الخلاص الفردي وهي فكرة أنانية بامتياز وتقوم على عدم التفكير بالآخر وتنقص فيها مشاعر التضامن على حساب مشاعر حب الذات والأنانية وهذا لمسانه خاصة في فترة كورونا فرأينا كيف كان التونسيون يخزنون المواد الغذائية بالرغم من أنه كان هناك من لا يملك ما يشتري به الحد الأدنى".
وفسّر "هذا أمر مهم لا يمكن أن ننساه ويمكن أن يُعبر لنا كيف أن التونسي للأسف فيه الكثير من الأنانية في شخصيته العامة وفي شخصيته القاعدية. وهذه الأنانية تتحول إلى أنانية جماعية عندما تتحول المسألة إلى أسر وتفكر بنفس الطريقةفلا تحاسب على تضامنها مع نفسها أولا أو الأسر الأخرى أو الجيران".
وما "يؤكد هذه الفكرة، أنه في تونس عكس عديد المجتمعات عندما ترتفع الأسعار تكون هناك مقاطعة، فالتونسي ليس لديه سلوك المقاطعة،. فيتحول غلاء الأسعار والاقبال عليها مؤشر على رفاه الأسر والشخص وتميزه وامتيازه على بقية الناس وهو ما يدفع للاستغراب".
ولكن، قال زهير بن جنات "مع هذا لابدّ أن نشير إلى أنّ ما نراه في الأسواق والمساحات يهمّ فئة من التونسيين ولا يهمّ جميع التونسيين لأن هناك فئة لا تظهر للعلن وفئة غير مرئية ولكنها فئة عددها كبير جدا وهي الفئات الهشة والمحرومة وتعد بمئات الآلاف والتي يُعد سلوكها الاستهلاكي يومي وغير مرتبط بالتفاخر والمظاهر بقدر ما هو مرتبط بالإمكانيات المادية".
فأوضح "لهذا السبب لا نراهم لا في الأسواق ولا في المساحات العامة ولا نرى أيضا استهلاكم، فما نعاينه هو أساسا استهلاك الفئات المرفهة نوعا ما والفئات الوسطى، ولكن الفئات المحرومة والأقل حظا سلوكها عرضي واستهلاكها يكون في مستوى الحد الأساسي واقبالها على بعض المواد هو اقبال عرضي جدا، وبالتالي لا تميل إلى التفاخر والاستعراض".
وبيّن بن جناب "التونسي لا يريد اظهار الضيق الذي يعيشه، لذلك نرى الناس التي تنفق أكثر في الشوارع والفئات الأقل محظوظية لا نرى سلوكها الاستهلاكي ولا ننسى أيضا أن نسبة الفقر في تونس بلغت 25 بالمائة وهي نسبة مرتفعة جدا. ولا ننسى أيضا أنّ ما نراه من سلوكيات استهلاكية نلاحظه في المدن الكبرى ولدى بعض الأوساط ولا نراه في بقية الجهات في تونس ولا في بقية المناطق الداخلية والأحياء الشعبية والأماكن المحرومة لأن بالنسبة لها رمضان أو غيره فإن الأمر مرتبط بإمكانياتها المحدودة والتي تتقهقر يوما بعد يوما".
أستاذ علم الاجتماع زهير بن جنات لـ "الصباح":
التونسي يُحبّذ في الاستهلاك الاعتماد على مسألة التفاخر والتمايز الاجتماعي وإظهار البذخ والأريحية المادية والاقتصادية حتى وإن كان الواقع غير ذلك"
تونس – الصباح
تتعدد طقوس التونسيين استعدادا لشهر رمضان وتختلف من جهة إلى أخرى ومن عائلة إلى أخرى ولكن تلتقي فئة منهم عند نفس السلوك والعادات الاستهلاكية في انتهاج خطوات التحضير والمتمثلة أساسا في الحرص على اقتناء المشتريات بشكل مضاعف وفي الكثير من الأحيان أكثر من احتياجاتهم وفق ما تؤكده العديد من الدراسات والاحصائيات بخصوص السلوك الاستهلاكي للعائلة التونسية في هذا الشهر المعظم.
يبقى السؤال المطروح هل سيتغير الحال في هذا الشهر بالنظر إلى ارتفاع الأسعار وتواصل تدهور المقدرة الشرائية وعلى خلفية ما يحصل منذ أشهر من مجازر إنسانية وجوع بالأراضي الفلسطينية المحتلة؟
إيمان عبد اللطيف
تُعتبر عادة تبذير الطعام أسلوب حياة لدى الكثير من العائلات التونسية، ويدخل تحضيره بشكل أكثر من الحاجة في عاداتها، فالعائلة التونسية تعودت منذ سنوات على عقلية "على ما يأتي، يطل علينا ضيف" أو يطرق بابنا أحد ما".. وكما يُقال بالعامية التونسية "نطيبوا زايد خير ما نبقاو ناقصين"، فنشاهد مخلفات هذه التكهنات والسلوكيات بحاويات القمامة بالشوارع.
ولا تتوقف مخلفات هذه العقلية على داخل أسوار العائلات، بل ينسحب هذا الأمر خارجها، وما نُعاينه من فواضل الصحون بالمطاعم سواء كانت محلات الأكلة السريعة أو المحلات الراقية أو بالنزل وأيضا ما يُشاهد بالعين المجردة بحاويات النفايات الفائضة بالشوارع التونسية خير دليل على ذلك، وقس على ذلك بموائد الإفطار في شهر رمضان.
فمهما كان المستوى الاجتماعي والمالي للعائلات فإنه يتم تخصيص ميزانيات لتوفير حاجيات الاستهلاك في شهر الصيام تصل إلى حد المبالغة في تنويع الأطباق والمشتريات يقر التونسيين بأنفسهم بأن النصيب الأوفر منها يكون لفائدة القمامة.
فتحول تبذير الطعام سلوك يومي وعادة لا يُفهم في حقيقة الأمر ما أسباب تعمّقها وتحولها إلى ظاهرة مستشرية في تونس التي صُنفت الثالثة عربيا في هذا السياق وفق منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو). ومن البديهي أن تكون في هذه المرتبة بما أنّ 5% من النفقات الغذائية تنتهي إلى سلة المهملات، بحسب إحصائيات المعهد الوطني للاستهلاك.
هذه النسبة تؤكد أيضا حقيقة التهاون الكبير بميزانية التغذية المخصصة لكل أسرة، فـ 70% من التونسيين يقرون بسلوك التبذير لدى العائلات التونسية، كما أنّ 20 % يعتبرون التبذير سلوك لا يمكن السيطرة عليه.
أرقام مخيفة تم كشفها سنة 2023 وتبرز حجم تبذير الطعام في شهر رمضان، وهي أرقام مفزعة تُبرز حجم التناقضات لسلوك التونسي الذي من المفترض أنه يعانيمن ويلات ووقع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية على حياته اليومية، ويعاني عجزا في المقدرة الشرائية.
فوفق استبيان للمعهد الوطني للاستهلاك عن "سلوكيات الاستهلاك والتسوق لدى التونسيين" تم نشر نتائجه السنة المنقضيةفإن تبذير التونسي في الأكلات المطبوخة يرتفع في شهر رمضان أكثر من الأيام العادية بنسبة 66.6%، وفي مادة الخبز بـ 46%، والغلال بـ31.7%، فيما يصل مستوى التبذير في الحلويات إلى 20.2%، واللحوم بنسبة 19.2%. أرقام.
ووفق تصريحات إعلامية أيضا لمدير الدراسات والبحوث بـالمعهد الوطني للاستهلاك زبير رابحعن أهم المواد التي يتم تبذيرها في شهر رمضان، فإنه يتم تبذير ما يعادل 16% من قيمة الخبز الذي يتم شراؤه واستهلاكه، وتأتي مشتقات الحبوب في المرتبة الثانية بنسبة10% والخضار بنسبة 7% والغلال بـ 4%.
ورغم حملات التوعية والإرشاد، فإن هذا السلوك في وتيرة متصاعدة من سنة إلى أخرى بالرغم من ضغوطات مصاريف الحياة اليومية وغلاء الأسعار وتراجع المقدرة الشرائية، ما يدعو إلى التساؤل عن الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك.
في هذا السياق، يُرجع البعض من المتابعين لهذا الشأن أسباب التبذير إلى عامل الجودة، على غرار ما أكده في عديد المناسبات رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي الذي اعتبر أنّ جودة الأغذية أو اختلاف مستويات جودتها يعرّضها إلى سرعة الإتلاف، فيتمّ التخلص من 10% من المنتوج دون استهلاكه بسبب انتهاء صلوحيته.
أما من منظور علم الاجتماع، فقد أكّد الأستاذ زهير بن جنات في تصريح لـ "الصباح" أنّه "عموما نلاحظ أن التونسي أكثر ميلا للتبذير وخاصة في المناسبات الدينية والوطنية والاستهلاكية مثل الأعياد ورأس العام وشهر رمضان. فالتونسي طبّع مع هذا المشهد الذي يُقرن الاحتفال بالمصروف".
وأضاف بن جنات "بشكل عام التونسي يُحبّذ في الاستهلاك الاعتماد على مسألة التفاخر والتمايز الاجتماعي وإظهار البذخ والأريحية المادية والاقتصادية حتى وإن كان الواقع غير ذلك، وهذا لا نلاحظه فقط في رمضان وإنما نراه أيضا حتى في الاحتفالات في الزواج وحفلات النجاح فهو ميال إلى الصرف والإنفاق والاستهلاك أكثر من الميل إلى الاستثمار والادخار".
وأوضح زهير بن جنات أنّ "التونسي عموما يرغب في إظهار الأريحية المادية والاقتصادية أمام الناس لأن المجتمع ينظر إلى هذه المسألة بنوع من التقدير ويعتبر أن علامات الرفاه والبذخ تظهر في السلوك ولا تظهر في أشياء أخرى كالاستثمار والادخار".
وقال بن جنات "من الأسباب الأخرى تقريبا شياع فكرة الخلاص الفردي وهي فكرة أنانية بامتياز وتقوم على عدم التفكير بالآخر وتنقص فيها مشاعر التضامن على حساب مشاعر حب الذات والأنانية وهذا لمسانه خاصة في فترة كورونا فرأينا كيف كان التونسيون يخزنون المواد الغذائية بالرغم من أنه كان هناك من لا يملك ما يشتري به الحد الأدنى".
وفسّر "هذا أمر مهم لا يمكن أن ننساه ويمكن أن يُعبر لنا كيف أن التونسي للأسف فيه الكثير من الأنانية في شخصيته العامة وفي شخصيته القاعدية. وهذه الأنانية تتحول إلى أنانية جماعية عندما تتحول المسألة إلى أسر وتفكر بنفس الطريقةفلا تحاسب على تضامنها مع نفسها أولا أو الأسر الأخرى أو الجيران".
وما "يؤكد هذه الفكرة، أنه في تونس عكس عديد المجتمعات عندما ترتفع الأسعار تكون هناك مقاطعة، فالتونسي ليس لديه سلوك المقاطعة،. فيتحول غلاء الأسعار والاقبال عليها مؤشر على رفاه الأسر والشخص وتميزه وامتيازه على بقية الناس وهو ما يدفع للاستغراب".
ولكن، قال زهير بن جنات "مع هذا لابدّ أن نشير إلى أنّ ما نراه في الأسواق والمساحات يهمّ فئة من التونسيين ولا يهمّ جميع التونسيين لأن هناك فئة لا تظهر للعلن وفئة غير مرئية ولكنها فئة عددها كبير جدا وهي الفئات الهشة والمحرومة وتعد بمئات الآلاف والتي يُعد سلوكها الاستهلاكي يومي وغير مرتبط بالتفاخر والمظاهر بقدر ما هو مرتبط بالإمكانيات المادية".
فأوضح "لهذا السبب لا نراهم لا في الأسواق ولا في المساحات العامة ولا نرى أيضا استهلاكم، فما نعاينه هو أساسا استهلاك الفئات المرفهة نوعا ما والفئات الوسطى، ولكن الفئات المحرومة والأقل حظا سلوكها عرضي واستهلاكها يكون في مستوى الحد الأساسي واقبالها على بعض المواد هو اقبال عرضي جدا، وبالتالي لا تميل إلى التفاخر والاستعراض".
وبيّن بن جناب "التونسي لا يريد اظهار الضيق الذي يعيشه، لذلك نرى الناس التي تنفق أكثر في الشوارع والفئات الأقل محظوظية لا نرى سلوكها الاستهلاكي ولا ننسى أيضا أن نسبة الفقر في تونس بلغت 25 بالمائة وهي نسبة مرتفعة جدا. ولا ننسى أيضا أنّ ما نراه من سلوكيات استهلاكية نلاحظه في المدن الكبرى ولدى بعض الأوساط ولا نراه في بقية الجهات في تونس ولا في بقية المناطق الداخلية والأحياء الشعبية والأماكن المحرومة لأن بالنسبة لها رمضان أو غيره فإن الأمر مرتبط بإمكانياتها المحدودة والتي تتقهقر يوما بعد يوما".