- أوصينا بوضع حد للانفلاتات وإشغال المساكن الوظيفية دون صفة
- اقترحنا تركيز تطبيقة للتصرف في السيارات والعربات الإدارية.. ومراقبة الكترونية
كشف عماد الحزقي رئيس الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية، في حوار خاص لـ"الصباح" عن آخر المعطيات المتعلقة بسير أعمال لجنة التثبت والتدقيق في عمليات الانتداب والإدماج التي تم إحداثها في شهر سبتمبر الماضي.
كما تحدث الحزقي عن الصعوبات التي اعترضت اللجنة في بعض الوزارات وتطرق الى نتائج التقارير الرقابية المتعلقة بالتصرف في السيارات والعربات الإدارية ومختلف التفاصيل المتعلقة بالأملاك المصادرة.
وفي ما يلي الحوار:
*هل من لمحة عن دور الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية ومهامها؟
تتولّى الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية متابعة واستغلال نتائج تقارير الرقابة والتفقد والتقييم الصادرة عن هياكل الرقابة العامّة الثلاثة وهي هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية الراجعة بالنظر إلى رئاسة الحكومة وهيئة الرقابة العامة للمالية الراجعة بالنظر إلى وزارة المالية وهيئة الرقابة العامة لأملاك الدولة والشؤون العقارية الراجعة بالنظر إلى وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية والتفقديات العامة الوزارية.
كما تتولى الهيئة أيضا متابعة نتائج المهام الرقابية التي تقوم بها محكمة المحاسبات.. وتتولّى الهيئة أيضا متابعة مدى التزام الهياكل الخاضعة للرقابة والتدقيق بتدارك النقائص والإخلالات المرصودة بتلك التقارير وتنفيذ إجراءات الإصلاح المستوجبة..
وتتولّى الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية أيضا تنسيق برامج تدخل هيئات الرقابة العامة من أجل ضمان تنوّع البرنامج العام السنوي لتدخل هياكل الرقابة العامة والتفقد وتفادي ازدواجية البرمجة أو التداخل بين عمل الهياكل الرقابية، مع الحرص أكثر ما يمكن على تحقيق التكامل بينهم وتوجيه المهام الرقابية نحو المخاطر الحقيقية على مستوى التصرف العمومي..
كما تعمل الهيئة من جانب آخر، على توفير الأدلة المراجعية المعتمدة لأعمال المراقبة والمتابعة وتوحيد المنهجيات المعتمدة وكذلك على تطوير البعد الوقائي لتدخلاتها من خلال تحسيس وتوعية المتصرف العمومي بالإخلالات وطرق تجنبها وخاصة منها تلك التي ترتقي إلى مستوى أخطاء تصرف..
*التقيت مؤخرا رئيس الجمهورية قيس سعيد، لو تقدم لنا تفاصيل أكثر حول اللقاء؟
تطبيقا لأحكام القانون عدد 50 لسنة 1993 المتعلق بالهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية، ولأحكام الفصل 7 من الأمر عدد 297 لسنة 2023 المنظم لعمل الهيئة، ترفع الهيئة تقريرا سنويا إلى السيد رئيس الجمهورية حول نشاطها ونتائج أعمالها وينشر هذا التقرير طبقا للصيغ القانونية المعمول بها.
في هذا الإطار، تمّ رفع التقرير السنوي عدد 28 للهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية إلى سيادة رئيس الجمهورية يوم الاثنين 20 نوفمبر 2023 والذي يغطي مجالات نشاطها بعنوان سنة 2022.
وقد مثّل هذا اللقاء أيضا مناسبة لاطلاع السيد رئيس الجمهورية على نتائج الأعمال الأولية المنجزة من قبل لجان التدقيق بخصوص التدقيق في الانتدابات المنجزة في القطاع العمومي طبقا لمقتضيات الأمر عدد 591 لسنة 2023 المؤرخ في 21 سبتمبر 2023 المتعلق بإجراء تدقيق شامل لعمليات الانتداب والإدماج بالوظيفة العمومية والهيئات والمؤسسات والمنشآت العمومية والشركات ذات المساهمة العمومية وسائر الهياكل العمومية الأخرى المنجزة من 14 جانفي 2011 إلى 25 جويلية 2021.
*ما هي أبرز المعطيات التي تضمّنها التقرير السنوي للهيئة؟
تضمن التقرير السنوي الثامن والعشرون للهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية ملخصا حول نشاط الهيئة خلال كامل سنة 2022 في مختلف مجالات عملها، سيّما في مجال دراسة واستغلال نتائج تقارير الرقابة والتفقد والتقييم الصادرة عن محكمة المحاسبات وهياكل الرقابة العامّة الثلاث (هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية وهيئة الرقابة العامة للمالية وهيئة الرقابة العامة لأملاك الدولة والشؤون العقارية) وعدد من التفقديات العامة الوزارية، ومتابعة مدى التزام الهياكل التي خضعت إلى الرقابة والتدقيق بتدارك النقائص والإخلالات المرصودة بتلك التقارير وتنفيذ إجراءات الإصلاح المستوجبة.
وقد تولّت الهيئة خلال الفترة المشمولة بالتقرير تأمين 62 عملية متابعة شملت دراسة واستغلال نتائج 61 تقريرا رقابيا، وتوزعت أعمال المتابعة بين متابعات أولى لتقارير رقابية حديثة نسبيا (20 متابعة) ومتابعات لاحقة تعلقت بتقارير سبق أن كانت موضوع متابعة من قبل الهيئة (42 متابعة). وشملت أعمال المتابعة التي أمّنتها الهيئة 80 هيكلا عموميا بين مصالح إدارية مركزية ومصالح إدارية جهوية ومؤسسات عمومية إدارية وجماعات محلية ومؤسسات ومنشآت عمومية وشركات ذات مساهمات عمومية وجمعيات وتعاونيات وهياكل غير مصنفة.
كما شملت أيضا أعمال المتابعة برامج وسياسات عمومية وكذلك محاور أفقية تهم عديد المتدخلين مثلما هو الشأن بالنسبة لملف التصرف في الأملاك المصادرة، تقييم إجراءات سحب الامتيازات الجبائية والمالية المسندة، صيانة الطرقات المرقمة أو كذلك التصرف في الملك العمومي البحري. وقد سعت الهيئة أثناء قيامها بأعمال المتابعة، إلى تنويع طرق وأساليب المتابعة من خلال تنظيم لقاءات مع المسؤولين الأول بهذه الهياكل والقيام بزيارات ميدانية لمقراتها ومحاولة تذليل الصعوبات التي قد تواجهها أحيانا هذه الهياكل في إنجاز الإصلاحات الضروريّة في إطار متابعة القرب.
كما حرصت الهيئة أيضا، وبالنظر إلى خصوصية بعض الملفات، على توسيع دائرة الأطراف المعنية بالمتابعة من خلال تشريك جهات أخرى ذات علاقة مباشرة بتنفيذ الإصلاحات المستوجبة على غرار وزارات الإشراف القطاعي أو وزارة المالية أو كذلك رئاسة الحكومة وذلك من خلال تنظيم جلسات عمل مشتركة معهم بمقر الهيئة، أو من خلال مراسلتهم وحثهم على اتخاذ الإجراءات المستوجبة في أفضل الآجال الممكنة (استصدار هياكل تنظيمية أو نصوص تطبيقية ، مراجعة بعض النصوص أو الإجراءات، تطوير بعض النظم المعلوماتية وتحقيق الترابط بينها....) .
وهي مقاربة أثبتت عمليا جدواها في حلحلة عديد المسائل العالقة وتطوير التنسيق بين مختلف الأطراف المتدخّلة، وكذلك في تحسيس الجهات الحكومية بالصعوبات الخطيرة التي تواجهها بعض الهياكل العمومية.
من بين مهامكم متابعة نتائج التقارير الرقابية المتعلقة بالتصرف في السيارات والعربات الإدارية، لو تقدم لنا بعض المعطيات بهذا الخصوص؟
لقد تضمّنت التوصيات الصادرة عن الهيئة تأكيدا على وجوب إحكام التصرف في أسطول السيارات والعربات بالهياكل العمومية وذلك من خلال عديد المقترحات التي تمّ توجيهها إلى رئاسة الحكومة والتي تم التعرض إليها بإطناب ضمن التقرير السنوي السابق للهيئة (التقرير عدد 27 )، والمتمثلة خاصة في العمل على إعداد وتركيز تطبيقة وطنية مندمجة تعنى بمختلف جوانب التصرف في السيارات والعربات وصيانتها وتعميم تركيز نظام مراقبة إلكترونية لوسائل النقل مع العمل على اعتماد برمجيات المساعدة على حسن الاستغلال، وإرساء قاعدة بيانات وطنية مفتوحة لجميع الهياكل العمومية، علاوة على تحيين الدليل الخاص بالتصرف في السيارات والعربات الإدارية وكذلك تحيين السجلات المركزية بوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية وتحقيق مطابقتها للسجلات الممسوكة من قبل مختلف الهياكل العمومية وخاصة منها الوكالة الفنية للنقل البري ومصالح الإدارة العامة للديوانة.
..مع الإشارة إلى أنّ آخر التقديرات حول أسطول السيارات والعربات الإدارية تفيد أنها في حدود س90.000 سيارة وعربة موزّعة بنسبة 92 % منها بين سيارات مصلحة (منها حوالي 9790حافلة نقل عمومي) وبنسبة 3 % سيارات وظيفية وسيارات ذات استعمال مزدوج بنسبة 5% تقريبا، علما وأنّ العمل متواصل على مستوى وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بالتنسيق مع كافة الهياكل العمومية على تحيين السجلات المركزية وبالتالي تحيين مختلف هذه الأرقام.
*بالنسبة الى نتائج التقارير الرقابية فيما يتعلق بالتصرف واستعمال الأملاك المنقولة وغير المنقولة للدولة، ماهي أبرز النتائج بخصوص هذا الجانب؟
تضمّن التقرير السنوي للهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية عدد 28 لسنة 2022 نتائج استغلال ومتابعة عديد التقارير الرقابية المتصلة بالتصرف واستعمال الأملاك المنقولة وغير المنقولة للدولة ومن أبرزها التصرف المعلوماتي في أملاك الدولة العقارية وكراء العقارات الدولية الفلاحية والأراضي الفلاحية المهيكلة وبعض أوجه التصرف في الملك العمومي البحري وشبكة الطرقات المرقمة والتصرف في الأملاك العقارية الخاصة لبلدية تونس، علاوة على ما تمّ التطرق إليه سابقا بالنسبة للتصرف في أسطول السيارات والعربات الإدارية.
وعلى إثر دراسة الإخلالات والنقائص المستخرجة من التقارير الرقابية حول مختلف هذه الجوانب من التصرف العمومي والقيام بأعمال المتابعة المستوجبة، تولّت الهيئة إصدار عديد التوصيات المتعلقة خاصة بضرورة تركيز منظومة معلوماتية مندمجة لكافّة ممتلكات الدولة المنقولة وغير المنقولة من أجل ضمان شمولية ومصداقية وموثوقية المعطيات المضمّنة بها وتأمين الترابط الآلي لتبادل المعلومات بين كافة المتدخلين وضمان التنسيق بينهم، واستكمال تركيز المنظومة المعلوماتية الخاصة بإنشاء قاعدة بيانات الطرقات وتيسير مسك سجلات خاصة بالملك العمومي للطرقات وتوفير إطار تنظيمي لترقيمها، كما أكدت الهيئة على وجوب تحيين مختلف سجلات ممتلكات وأصول الدولة واستكمال أعمال جردها والتدقيق فيها بالنظر خاصة لمقتضيات القانون الأساسي للميزانية لسنة 2019 والمعايير المحاسبية الجديدة للدولة ووضع حد للانفلاتات الحاصلة على مستوى إشغال المساكن الوظيفية بدون صفة .
*وبالنسبة إلى أملاك المصادرة.. ماهي آخر المستجدات بخصوصها؟
تضمّن التقرير السنوي للهيئة متابعة لمخرجات ونتائج التقرير الرقابي لمحكمة المحاسبات حول التصرف في الأملاك المصادرة وخاصة منها تقييم أعمال لجنة المصادرة واللجنة الوطنية للتصرّف في الأموال والممتلكات المعنيّة بالمصادرة أو الاسترجاع لفائدة الدّولة.
وقد تمّ في هذا الإطار، رصد عديد النقائص على مستوى حوكمة هذا الملف والمتعلقة خاصة بغياب التنسيق بين مختلف الهياكل المتدخلة وعدم دورية انعقاد اللجنة الوطنية للتصرف وعدم رفع التصرف القضائي عن عديد الشركات المصادرة وطول الآجال المستغرقة للبت في الملفات، والتي تمّ تبرير جانب منها خاصة بالصعوبات المتّصلة بالفصل في بعض الملفات التي تستوجب إجراء أبحاث وتدقيقات وبحالات غياب سند الملكية (الواجب اعتماده لتفعيل أحكام المصادرة خاصة بالنسبة للعقارات غير المسجلة) كما شملت النقائص أيضا حفظ الممتلكات المصادرة واستغلالها وإخلالات على مستوى التفويت في الأملاك المصادرة .
وقد أفرزت أعمال متابعة هذا الملف اتخاذ جملة من الإجراءات على غرار تحويل مبلغ 785 مليون دينار لصندوق المصادرة بعنوان الأرباح المحققة من قبل الشركات المصادرة، (مبلغ محيّن إلى حدود تاريخ إجراء المتابعة الميدانية من قبل الهيئة) ورفع التصرف القضائي على 83 شركة والتفويت في مساهمات الدولة في رأس مال بعض الشركات والموافقة على التفويت لشركة الكرامة القابضة في المساهمات الضعيفة الراجعة للدولة في رأسمال بعض الشركات المصادرة التي تساهم فيها هذه الأخيرة أو الشركات المتفرعة عنها، غير أن ذلك لا يحجب النقائص التي لا تزال متواصلة على مستوى حوكمة هذا الملف .
*تناول لقاؤكم مع رئيس الجمهورية النتائج الأولية لعمل لجان التثبت والتدقيق في عمليات الانتداب والإدماج ..فماهي أهم الاستنتاجات؟
انطلقت لجان التدقيق في أعمالها بمختلف الوزارات والهياكل العمومية بعد استكمال تكوينها وصدور الأذون بمأموريات المتعلقة بها عن رئيس الحكومة.
وقد وضعت هياكل الرقابة العامة كل مراقبيها على ذمة هذه المهمة إلى جانب عدد هام من المتفقدين والمدققين التابعين لمختلف الوزارات والهياكل المعنية بالتدقيق. ويختلف نسق تقدم أعمال هذه اللجان حسب حجم الانتدابات وحالات الإدماج الحاصلة على مستوى الهياكل العمومية خلال الفترة المشمولة بالتدقيق، فهنالك من اللجان ما أشرفت على إنهاء أعمالها وذلك بالنسبة للوزارات التي لم تشهد عددا كبيرا من الانتدابات وحالات الإدماج، في حين لا تزال بقية اللجان تواصل أعمالها بكل جدية من أجل إنهاء أعمال التدقيق في آجالها المضبوطة بالأمر عدد 591 المؤرخ في 21 سبتمبر 2023.
أما بخصوص الصعوبات المعترضة فهي عديدة ومتنوعة وهي مرتبطة بدرجة تنظم الهياكل الإدارية المعنية بالتدقيق وحسن مسكها للملفات وتنظيمها لأرشيفها، وقد وجدت بعض اللجان صعوبات في هذا الخصوص خاصة على مستوى الملفات الممسوكة بالجهات أو كذلك على مستوى فقدان بعض الوثائق أو المحاضر الأساسية لتقييم مدى شرعية الانتدابات أو حالات الإدماج المنجزة خلال السنوات المعنية بالتدقيق.
وسيتم استعراض نتائج هذا التدقيق عند استكمال أعمال اللجان ورفع التقرير الختامي إلى السيد رئيس الجمهورية.
أجرت الحديث :أميرة الدريدي
- أوصينا بوضع حد للانفلاتات وإشغال المساكن الوظيفية دون صفة
- اقترحنا تركيز تطبيقة للتصرف في السيارات والعربات الإدارية.. ومراقبة الكترونية
كشف عماد الحزقي رئيس الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية، في حوار خاص لـ"الصباح" عن آخر المعطيات المتعلقة بسير أعمال لجنة التثبت والتدقيق في عمليات الانتداب والإدماج التي تم إحداثها في شهر سبتمبر الماضي.
كما تحدث الحزقي عن الصعوبات التي اعترضت اللجنة في بعض الوزارات وتطرق الى نتائج التقارير الرقابية المتعلقة بالتصرف في السيارات والعربات الإدارية ومختلف التفاصيل المتعلقة بالأملاك المصادرة.
وفي ما يلي الحوار:
*هل من لمحة عن دور الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية ومهامها؟
تتولّى الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية متابعة واستغلال نتائج تقارير الرقابة والتفقد والتقييم الصادرة عن هياكل الرقابة العامّة الثلاثة وهي هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية الراجعة بالنظر إلى رئاسة الحكومة وهيئة الرقابة العامة للمالية الراجعة بالنظر إلى وزارة المالية وهيئة الرقابة العامة لأملاك الدولة والشؤون العقارية الراجعة بالنظر إلى وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية والتفقديات العامة الوزارية.
كما تتولى الهيئة أيضا متابعة نتائج المهام الرقابية التي تقوم بها محكمة المحاسبات.. وتتولّى الهيئة أيضا متابعة مدى التزام الهياكل الخاضعة للرقابة والتدقيق بتدارك النقائص والإخلالات المرصودة بتلك التقارير وتنفيذ إجراءات الإصلاح المستوجبة..
وتتولّى الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية أيضا تنسيق برامج تدخل هيئات الرقابة العامة من أجل ضمان تنوّع البرنامج العام السنوي لتدخل هياكل الرقابة العامة والتفقد وتفادي ازدواجية البرمجة أو التداخل بين عمل الهياكل الرقابية، مع الحرص أكثر ما يمكن على تحقيق التكامل بينهم وتوجيه المهام الرقابية نحو المخاطر الحقيقية على مستوى التصرف العمومي..
كما تعمل الهيئة من جانب آخر، على توفير الأدلة المراجعية المعتمدة لأعمال المراقبة والمتابعة وتوحيد المنهجيات المعتمدة وكذلك على تطوير البعد الوقائي لتدخلاتها من خلال تحسيس وتوعية المتصرف العمومي بالإخلالات وطرق تجنبها وخاصة منها تلك التي ترتقي إلى مستوى أخطاء تصرف..
*التقيت مؤخرا رئيس الجمهورية قيس سعيد، لو تقدم لنا تفاصيل أكثر حول اللقاء؟
تطبيقا لأحكام القانون عدد 50 لسنة 1993 المتعلق بالهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية، ولأحكام الفصل 7 من الأمر عدد 297 لسنة 2023 المنظم لعمل الهيئة، ترفع الهيئة تقريرا سنويا إلى السيد رئيس الجمهورية حول نشاطها ونتائج أعمالها وينشر هذا التقرير طبقا للصيغ القانونية المعمول بها.
في هذا الإطار، تمّ رفع التقرير السنوي عدد 28 للهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية إلى سيادة رئيس الجمهورية يوم الاثنين 20 نوفمبر 2023 والذي يغطي مجالات نشاطها بعنوان سنة 2022.
وقد مثّل هذا اللقاء أيضا مناسبة لاطلاع السيد رئيس الجمهورية على نتائج الأعمال الأولية المنجزة من قبل لجان التدقيق بخصوص التدقيق في الانتدابات المنجزة في القطاع العمومي طبقا لمقتضيات الأمر عدد 591 لسنة 2023 المؤرخ في 21 سبتمبر 2023 المتعلق بإجراء تدقيق شامل لعمليات الانتداب والإدماج بالوظيفة العمومية والهيئات والمؤسسات والمنشآت العمومية والشركات ذات المساهمة العمومية وسائر الهياكل العمومية الأخرى المنجزة من 14 جانفي 2011 إلى 25 جويلية 2021.
*ما هي أبرز المعطيات التي تضمّنها التقرير السنوي للهيئة؟
تضمن التقرير السنوي الثامن والعشرون للهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية ملخصا حول نشاط الهيئة خلال كامل سنة 2022 في مختلف مجالات عملها، سيّما في مجال دراسة واستغلال نتائج تقارير الرقابة والتفقد والتقييم الصادرة عن محكمة المحاسبات وهياكل الرقابة العامّة الثلاث (هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية وهيئة الرقابة العامة للمالية وهيئة الرقابة العامة لأملاك الدولة والشؤون العقارية) وعدد من التفقديات العامة الوزارية، ومتابعة مدى التزام الهياكل التي خضعت إلى الرقابة والتدقيق بتدارك النقائص والإخلالات المرصودة بتلك التقارير وتنفيذ إجراءات الإصلاح المستوجبة.
وقد تولّت الهيئة خلال الفترة المشمولة بالتقرير تأمين 62 عملية متابعة شملت دراسة واستغلال نتائج 61 تقريرا رقابيا، وتوزعت أعمال المتابعة بين متابعات أولى لتقارير رقابية حديثة نسبيا (20 متابعة) ومتابعات لاحقة تعلقت بتقارير سبق أن كانت موضوع متابعة من قبل الهيئة (42 متابعة). وشملت أعمال المتابعة التي أمّنتها الهيئة 80 هيكلا عموميا بين مصالح إدارية مركزية ومصالح إدارية جهوية ومؤسسات عمومية إدارية وجماعات محلية ومؤسسات ومنشآت عمومية وشركات ذات مساهمات عمومية وجمعيات وتعاونيات وهياكل غير مصنفة.
كما شملت أيضا أعمال المتابعة برامج وسياسات عمومية وكذلك محاور أفقية تهم عديد المتدخلين مثلما هو الشأن بالنسبة لملف التصرف في الأملاك المصادرة، تقييم إجراءات سحب الامتيازات الجبائية والمالية المسندة، صيانة الطرقات المرقمة أو كذلك التصرف في الملك العمومي البحري. وقد سعت الهيئة أثناء قيامها بأعمال المتابعة، إلى تنويع طرق وأساليب المتابعة من خلال تنظيم لقاءات مع المسؤولين الأول بهذه الهياكل والقيام بزيارات ميدانية لمقراتها ومحاولة تذليل الصعوبات التي قد تواجهها أحيانا هذه الهياكل في إنجاز الإصلاحات الضروريّة في إطار متابعة القرب.
كما حرصت الهيئة أيضا، وبالنظر إلى خصوصية بعض الملفات، على توسيع دائرة الأطراف المعنية بالمتابعة من خلال تشريك جهات أخرى ذات علاقة مباشرة بتنفيذ الإصلاحات المستوجبة على غرار وزارات الإشراف القطاعي أو وزارة المالية أو كذلك رئاسة الحكومة وذلك من خلال تنظيم جلسات عمل مشتركة معهم بمقر الهيئة، أو من خلال مراسلتهم وحثهم على اتخاذ الإجراءات المستوجبة في أفضل الآجال الممكنة (استصدار هياكل تنظيمية أو نصوص تطبيقية ، مراجعة بعض النصوص أو الإجراءات، تطوير بعض النظم المعلوماتية وتحقيق الترابط بينها....) .
وهي مقاربة أثبتت عمليا جدواها في حلحلة عديد المسائل العالقة وتطوير التنسيق بين مختلف الأطراف المتدخّلة، وكذلك في تحسيس الجهات الحكومية بالصعوبات الخطيرة التي تواجهها بعض الهياكل العمومية.
من بين مهامكم متابعة نتائج التقارير الرقابية المتعلقة بالتصرف في السيارات والعربات الإدارية، لو تقدم لنا بعض المعطيات بهذا الخصوص؟
لقد تضمّنت التوصيات الصادرة عن الهيئة تأكيدا على وجوب إحكام التصرف في أسطول السيارات والعربات بالهياكل العمومية وذلك من خلال عديد المقترحات التي تمّ توجيهها إلى رئاسة الحكومة والتي تم التعرض إليها بإطناب ضمن التقرير السنوي السابق للهيئة (التقرير عدد 27 )، والمتمثلة خاصة في العمل على إعداد وتركيز تطبيقة وطنية مندمجة تعنى بمختلف جوانب التصرف في السيارات والعربات وصيانتها وتعميم تركيز نظام مراقبة إلكترونية لوسائل النقل مع العمل على اعتماد برمجيات المساعدة على حسن الاستغلال، وإرساء قاعدة بيانات وطنية مفتوحة لجميع الهياكل العمومية، علاوة على تحيين الدليل الخاص بالتصرف في السيارات والعربات الإدارية وكذلك تحيين السجلات المركزية بوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية وتحقيق مطابقتها للسجلات الممسوكة من قبل مختلف الهياكل العمومية وخاصة منها الوكالة الفنية للنقل البري ومصالح الإدارة العامة للديوانة.
..مع الإشارة إلى أنّ آخر التقديرات حول أسطول السيارات والعربات الإدارية تفيد أنها في حدود س90.000 سيارة وعربة موزّعة بنسبة 92 % منها بين سيارات مصلحة (منها حوالي 9790حافلة نقل عمومي) وبنسبة 3 % سيارات وظيفية وسيارات ذات استعمال مزدوج بنسبة 5% تقريبا، علما وأنّ العمل متواصل على مستوى وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بالتنسيق مع كافة الهياكل العمومية على تحيين السجلات المركزية وبالتالي تحيين مختلف هذه الأرقام.
*بالنسبة الى نتائج التقارير الرقابية فيما يتعلق بالتصرف واستعمال الأملاك المنقولة وغير المنقولة للدولة، ماهي أبرز النتائج بخصوص هذا الجانب؟
تضمّن التقرير السنوي للهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية عدد 28 لسنة 2022 نتائج استغلال ومتابعة عديد التقارير الرقابية المتصلة بالتصرف واستعمال الأملاك المنقولة وغير المنقولة للدولة ومن أبرزها التصرف المعلوماتي في أملاك الدولة العقارية وكراء العقارات الدولية الفلاحية والأراضي الفلاحية المهيكلة وبعض أوجه التصرف في الملك العمومي البحري وشبكة الطرقات المرقمة والتصرف في الأملاك العقارية الخاصة لبلدية تونس، علاوة على ما تمّ التطرق إليه سابقا بالنسبة للتصرف في أسطول السيارات والعربات الإدارية.
وعلى إثر دراسة الإخلالات والنقائص المستخرجة من التقارير الرقابية حول مختلف هذه الجوانب من التصرف العمومي والقيام بأعمال المتابعة المستوجبة، تولّت الهيئة إصدار عديد التوصيات المتعلقة خاصة بضرورة تركيز منظومة معلوماتية مندمجة لكافّة ممتلكات الدولة المنقولة وغير المنقولة من أجل ضمان شمولية ومصداقية وموثوقية المعطيات المضمّنة بها وتأمين الترابط الآلي لتبادل المعلومات بين كافة المتدخلين وضمان التنسيق بينهم، واستكمال تركيز المنظومة المعلوماتية الخاصة بإنشاء قاعدة بيانات الطرقات وتيسير مسك سجلات خاصة بالملك العمومي للطرقات وتوفير إطار تنظيمي لترقيمها، كما أكدت الهيئة على وجوب تحيين مختلف سجلات ممتلكات وأصول الدولة واستكمال أعمال جردها والتدقيق فيها بالنظر خاصة لمقتضيات القانون الأساسي للميزانية لسنة 2019 والمعايير المحاسبية الجديدة للدولة ووضع حد للانفلاتات الحاصلة على مستوى إشغال المساكن الوظيفية بدون صفة .
*وبالنسبة إلى أملاك المصادرة.. ماهي آخر المستجدات بخصوصها؟
تضمّن التقرير السنوي للهيئة متابعة لمخرجات ونتائج التقرير الرقابي لمحكمة المحاسبات حول التصرف في الأملاك المصادرة وخاصة منها تقييم أعمال لجنة المصادرة واللجنة الوطنية للتصرّف في الأموال والممتلكات المعنيّة بالمصادرة أو الاسترجاع لفائدة الدّولة.
وقد تمّ في هذا الإطار، رصد عديد النقائص على مستوى حوكمة هذا الملف والمتعلقة خاصة بغياب التنسيق بين مختلف الهياكل المتدخلة وعدم دورية انعقاد اللجنة الوطنية للتصرف وعدم رفع التصرف القضائي عن عديد الشركات المصادرة وطول الآجال المستغرقة للبت في الملفات، والتي تمّ تبرير جانب منها خاصة بالصعوبات المتّصلة بالفصل في بعض الملفات التي تستوجب إجراء أبحاث وتدقيقات وبحالات غياب سند الملكية (الواجب اعتماده لتفعيل أحكام المصادرة خاصة بالنسبة للعقارات غير المسجلة) كما شملت النقائص أيضا حفظ الممتلكات المصادرة واستغلالها وإخلالات على مستوى التفويت في الأملاك المصادرة .
وقد أفرزت أعمال متابعة هذا الملف اتخاذ جملة من الإجراءات على غرار تحويل مبلغ 785 مليون دينار لصندوق المصادرة بعنوان الأرباح المحققة من قبل الشركات المصادرة، (مبلغ محيّن إلى حدود تاريخ إجراء المتابعة الميدانية من قبل الهيئة) ورفع التصرف القضائي على 83 شركة والتفويت في مساهمات الدولة في رأس مال بعض الشركات والموافقة على التفويت لشركة الكرامة القابضة في المساهمات الضعيفة الراجعة للدولة في رأسمال بعض الشركات المصادرة التي تساهم فيها هذه الأخيرة أو الشركات المتفرعة عنها، غير أن ذلك لا يحجب النقائص التي لا تزال متواصلة على مستوى حوكمة هذا الملف .
*تناول لقاؤكم مع رئيس الجمهورية النتائج الأولية لعمل لجان التثبت والتدقيق في عمليات الانتداب والإدماج ..فماهي أهم الاستنتاجات؟
انطلقت لجان التدقيق في أعمالها بمختلف الوزارات والهياكل العمومية بعد استكمال تكوينها وصدور الأذون بمأموريات المتعلقة بها عن رئيس الحكومة.
وقد وضعت هياكل الرقابة العامة كل مراقبيها على ذمة هذه المهمة إلى جانب عدد هام من المتفقدين والمدققين التابعين لمختلف الوزارات والهياكل المعنية بالتدقيق. ويختلف نسق تقدم أعمال هذه اللجان حسب حجم الانتدابات وحالات الإدماج الحاصلة على مستوى الهياكل العمومية خلال الفترة المشمولة بالتدقيق، فهنالك من اللجان ما أشرفت على إنهاء أعمالها وذلك بالنسبة للوزارات التي لم تشهد عددا كبيرا من الانتدابات وحالات الإدماج، في حين لا تزال بقية اللجان تواصل أعمالها بكل جدية من أجل إنهاء أعمال التدقيق في آجالها المضبوطة بالأمر عدد 591 المؤرخ في 21 سبتمبر 2023.
أما بخصوص الصعوبات المعترضة فهي عديدة ومتنوعة وهي مرتبطة بدرجة تنظم الهياكل الإدارية المعنية بالتدقيق وحسن مسكها للملفات وتنظيمها لأرشيفها، وقد وجدت بعض اللجان صعوبات في هذا الخصوص خاصة على مستوى الملفات الممسوكة بالجهات أو كذلك على مستوى فقدان بعض الوثائق أو المحاضر الأساسية لتقييم مدى شرعية الانتدابات أو حالات الإدماج المنجزة خلال السنوات المعنية بالتدقيق.
وسيتم استعراض نتائج هذا التدقيق عند استكمال أعمال اللجان ورفع التقرير الختامي إلى السيد رئيس الجمهورية.