الهجرة هي الحلم الذي بات يراود أغلب الشرائح العمرية والفئات الاجتماعية فالكل يبحث عن منفذ للهرب من واقع مثقل بالمتاعب.
ولتحقيق حلم الهجرة الى الضفة الاخرى من المتوسط يدفع الحالمون في كثير من الأحيان حياتهم وفي احيان اخرى حريتهم ثمنا لبلوغ هدفهم. وامام صعوبة الحصول على تأشيرة العبور الى "أرض الاحلام" يلجأ البعض الى خرق القانون والتعامل مع شبكات اختصت في تدليس وثائق السفر لا سيما الجوازات والتاشيرات وعلى الرغم من التصدي الأمني لهذه العصابات لكنها ما انفكت تعمل على افتعال الوثائق وبيعها بمبالغ مالية كبيرة.
مفيدة القيزاني
عصابات تسرق أحلام الحالمين بالهجرة وتوهمهم بمساعدتهم على بلوغ الهدف في الوصول الى أوروبا بتأشيرات وجوازات سفر مدلسة وفي اغلب الاحيان يجد المهاجر نفسه إما ضحية تحيل أو تم القبض عليه قبل الوصول.
وفي اطار مكافحة الشبكات الضالعة في تدليس التأشيرات نجحت مصلحة الأبحاث العدلية بمطار تونس قرطاج في الكشف عن شبكة إجرامية يتزعمها عنصر خطير تنشط في افتعال ملفات وهمية للحصول على تأشيرات سفر أجنبية وهي ليست المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن عصابات امتهنت تدليس الوثائق الرسمية وافتعال جوازات السفر والتأشيرات.
الكشف عن هذه العصابات تم في إطار تعقّب الشبكات الإجرامية على مستوى وطني ودولي وقد تبين وجود وسيط ينشط ضمن ذات الشبكة يقوم بالتنسيق بين المتضررين وذي الشبهة الرئيسي لتمكينهم من عقود عمل وتأشيرات سفر في اتجاه دولة أوروبية مقابل مبلغ مالي قدره 18000 دينار عن كل تأشيرة.
كما أمكن الكشف على أطراف الشبكة وهما شخصين قاطنين بجهة سوسة وشخص ثالث بحالة فرار خارج التراب الوطني، الأول محل 3 مناشير تفتيش لفائدة وحدات أمنية وجهات قضائية مختلفة من أجل "التدليس والعنف الشديد" والثاني مودع حاليا بالسجن من أجل جريمة "التدليس".
وقد تم توجيه فريقي عمل تابعين لمصلحة الأبحاث العدلية إلى مقر سكنى ذي الشبهة الأول وبعد نصب كمين محكم له وإجراء التحريات الميدانية اللازمة أمكن ضبطه بجهة بوحسينة بسوسة وحجز مجموعة من الوثائق لـ11 ملفا وهميا مكونين لطلبات تأشيرات سفر أجنبية إضافة إلى ختم شركة يستعمله لإعداد الملفات الوهمية، مبلغ مالي قدره 1310 دينار تونسي وهاتفين كان يخفيهما داخل سيارته، كما تم حجز السيارة التي يستعملها في تنقلاته.
وباستشارة النيابة العمومية بتونس أذنت بالاحتفاظ بمتزعم الشبكة من أجل "التحيّل" وإبقاء الطرف الثاني بحالة إيداع بغيرها.
سرقات بالمطار..
وفي ذات الإطار تمكّنت الوحدات الأمنية التابعة لمصلحة الأبحاث العدلية بمطار تونس قرطاج وعلى اثر تقدّم مسافرين بشكاية بخصوص تعرضهما إلى عملية سرقة من داخل حقائب سفرهما من الإطاحة بمجموعة من عملة الشحن التابعين لإحدى شركات المناولة بالمطار الذين عمدوا إلى ارتكاب سلسلة من السرقات من داخل ساحة إيواء الطائرات، حيث تم على اثر نصب كمين محكم واستدراج المظنون فيهم ضبطهم وبحوزتهم جزء من المسروقات.
وبالتنسيق مع النيابة العمومية واستصدار الأذون القانونية اللازمة وبتفتيش محلات سكنى المظنون فيهم أمكن حجز 4 قوارير عطر، 4 بدلات رياضية فخمة، 3 نظارات شمسية وساعة يدوية باهظة الثمن، جمازة فخمة، 7 هواتف جوالة، كاميرا تصوير ومبلغ مالي من العملة الليبية قدره 1756 دينارا ليبيا.
وباستشارة النيابة العمومية أذنت بفتح خمسة محاضر بحث من أجل "السرقة باستغلال خصائص الوظيف" وبالاحتفاظ بـ6 عملة شحن، تم إيداع 5 منهم بالسجن وتقديم 3 أنفار آخرين على أنظارها.
ملفات وهمية..
وفي ذات السياق وفي إطار تعقب الشبكات الضالعة في تدليس الوثائق الرسمية لاسيما جوازات السفر والتأشيرات تمكنت في وقت سابق مصلحة الأبحاث العدلية بمحافظة شرطة الحدود بمطار تونس قرطاج من إماطة اللثام عن شبكة إجرامية تنشط في مجال افتعال تأشيرات السفر وتكوين عصابة مفسدين والانخراط في وفاق إجرامي قصد مساعدة الراغبين في السفر الى الفضاء الأوروبي عبر البلاد التونسية على اجتياز الحدود بطريقة غير قانونية من خلال افتعال ملفات وهمية لاستخراج تأشيرات سفر صحيحة وافتعال تأشيرات سفر مدلسة في اتجاه دول أوروبية.
وقد تمكن أعوان الإجراءات الحدودية بمطار تونس قرطاج من الكشف عن محاولة مسافرين مغادرة التراب التونسي في اتجاه دولة أوروبية باستعمال تأشيرات سفر مفتعلة، تعهدت مصلحة الأبحاث العدلية بالبحث في الموضوع حيث تبين تورط مجموعة من الأطراف في تكوين شبكة إجرامية دولية تنشط في مجال افتعال ملفات وهمية قصد الحصول على تأشيرات سفر في اتجاه الفضاء الأوروبي.
وتم بعد التنسيق مع النيابة العمومية فتح بحث في الغرض وبتعميق التحريات الميدانية والفنية أمكن الكشف عن عنصر الربط داخل الشبكة والذي كان يستعمل اسما مستعارا للتنقل بحرية والقبض عليه وبحوزته وثائق مكونة لملفات تأشيرات سفر مفتلعة ومبلغ مالي مهم ومجموعة من جوازات السفر تم حجزها من داخل سيارته على ذمة الأبحاث والذي بعرضه على الناظم الآلي تبين أنه محل منشوري تفتيش لفائدة جهات أمنية وقضائية مختلفة من أجل السرقة وتكوين عصابة مفسدين.
وبمزيد تعميق التحريات اللازمة، أمكن الكشف عن بقية عناصر الشبكة وبعد استصدار الأذون القانونية اللازمة، أمكن القبض على 4 مظنون فيهم والاحتفاظ بهم من بينهم العنصر الرئيسي والذي تبين أنه محل 12 منشور تفتيش ويستعمل هوية مزيفة للتفصي من التتبعات العدلية، مع إحالة شخص بحالة تقديم وإدراج 3 أشخاص بالتفتيش بعد استشارة النيابة العمومية.
كما تم حجز مبلغ مالي قدره 3400 دينار، و5 جوازات سفر، و2 حواسيب محمولة، و5 هواتف جوالة، ووثائق معدة لتكوين ملفات تأشيرات سفر، بطاقة تعريف وطنية مفتعلة تحمل صورة متزعم الشبكة بهوية أخرى، رخصة سياقة دولية وبطاقة هوية أجنبية تحمل هوية نفس الشخص، كما تم حجز السيارة التي يستعملها عنصر الربط في تنقلاته.
وتم تحرير 6 محاضر من أجل "التدليس ومسك واستعمال مدلس" و"تدليس وثيقة رسمية والمشاركة في ذلك" و"التحيل وتكوين وفاق قصد مساعدة الغير على مغادرة التراب التونسي بطريقة غير نظامية" و"ايقاف مفتش عنه".
127 جواز سفر مدلس..
وفي وقت سابق وعلى إثر توفر معلومات لدى فرقة الشرطة العدلية بقصر هلال بولاية المنستير مفادها نشاط أحد الاشخاص بالجهة في مجال تدليس الوثائق المعتمدة في إعداد ملفات الحصول على تأشيرات سفر.
ووفق الإدارة العامّة للأمن الوطني، فقد تم إيلاء الموضوع الأهمية اللاّزمة من قبل الوحدات الأمنية المذكورة، وبتحديد محل سكناه تمت مداهمة منزله بعد الحصول على الأذون القانونية أين عُثر على 127 جواز سفر لأشخاص من جهات مختلفة ومبلغ مالي قدره 30 ألفا و700 دينار وجهاز إعلامية وماسح ضوئي والعديد من الشهائد المدلسة.
محل خدمات إعلامية مختص في التدليس..
كما تمكنت الإدارة العامة للأمن الوطني من الكشف عن محل خدمات إعلامية مختص في تدليس وثائق رسمية خاصة بملفات الحصول على تأشيرات السفر.
وأوضحت أنه بعد التنسيق مع النيابة العمومية تم التنقل إلى المحلّ وبتفتيشه عُثر على وثائق مدلسة بآلة سكانار من بينها شهادات عمل وحسابات بنكية مفتعلة بأرقام وهمية إضافة إلى نسخ جوازات سفر من جنسيات تونسية وأخرى من جنوب الصحراء وجوازات سفر أصلية.
كما تم العثور على مبلغ مالي قدره 2000 دينار وعلب أرشيف تحتوي على ملفات لطالبي السفر للبلدان الأوروبية إضافة إلى حجز 4 وحدات مركزية تتضمن نماذج وثائق مدلسة و3 آلات سكانار.
ونجحت الوحدات الأمنية التابعة لمنطقة الأمن الوطني بباب بحر في وقت سابق من الكشف عن محل خدمات إعلامية يعمل على تدليس وثائق رسمية خاصة بملفات الحصول على تأشيرات السفر.
وبالتنقل إلى المحل المنشود وتفتيشه بالتنسيق مع النيابة العمومية عُثر على وثائق مدلسة بآلة سكانار، بما في ذلك شهادات عمل وحسابات بنكية مفتعلة بأرقام وهمية إضافة إلى نسخ جوازات سفر من جنسيات تونسية وأخرى من جنوب الصحراء وجوازات سفر أصلية ومبلغ مالي قدره 2000 دينار وعلب أرشيف تحتوي على ملفات لطالبي السفر للبلدان الأوروبية.
كما تم أيضا حجز 4 وحدات مركزية تتضمن نماذج وثائق مدلسة وعدد 3 آلات سكانار.
أخطر ملف تدليس..
بتاريخ 7 أكتوبر 2021 ورد على النيابة العمومية لدى المحكمة الابتدائية بتونس طلبا في الإذن بفتح بحث عدلي صادر عن رئيس الإدارة الفرعية للأبحاث في جرائم الإرهاب والجرائم المنظمة والماسة بسلامة التراب الوطني بخصوص توفر معلومات مفادها حصول شخص سوري الجنسية وزوجته السورية على بطاقتي تعريف وطنية وجوازي سفر تونسي.
وتفيد المعلومات ان السوري المذكور وزوجته تحصلا على شهادة في الجنسية مسلمة من الإدارة العامة للمصالح العدلية بوزارة العدل بناء على جوازي سفر تونسيين مسلمين من سفارة تونس بفيينا سنتي 1982 و1984 مع الإشارة وانه سبق ان عمد القنصل العام التونسي بفيينا إلى تمكين أشخاص أجانب من جوازات سفر تونسية بمقابل مالي من ضمنها جوازي السفر المشار إليهما وان تتبعات جزائية قد أثيرت بخصوص الجريمة المذكورة.
وبتاريخ 7 أكتوبر 2021 أذنت النيابة العمومية لدى المحكمة الابتدائية بتونس بفتح بحث عدلي في الموضوع وتم تعهيد الإدارة الفرعية للأبحاث في جرائم الإرهاب والجرائم المنظمة والماسة بسلامة التراب الوطني بالبحث كما ورد على النيابة العمومية لدى المحكمة الابتدائية بتونس بتاريخ 9 ديسمبر 2021 تقريرا محررا من رئيس الادارة الفرعية المشار إليها تضمن ما أنتجته التحريات الأولية والتي اقتصرت على مراسلات الجهات الإدارية المتداخلة في الموضوع.
وبتاريخ 20 ديسمبر 2021 ورد على النيابة العمومية لدى المحكمة الابتدائية بتونس من نفس المصدر تقريرا إضافيا تضمن معطيات جديدة مفادها ان الوثائق التي يشتبه في تدليسها والمتمثلة في شهادتي الجنسية التونسية منحت للشخص السوري وزوجته خلال فترة إشراف نور الدين البحيري على وزارة العدل اما بخصوص الوثائق المتمثلة في جوازي السفر وشهادتي الاقامة فقد تم استخراجها ابان اشراف علي العريض على وزارة الداخلية بتدخل من الأمني المدعو فتحي البلدي كما تضمن نفس التقرير ان الشخص المنتفع بالجنسية وجواز السفر والإقامة سبق أن تعلقت به قضايا ارهابية ارتكبت خارج التراب الوطني.
وبتاريخ 22 ديسمبر 2021 ونظرا لما توفر من معطيات أولية وشبهة ضلوع احد المشتبه بهم في ارتكاب جرائم إرهابية خارج التراب الوطني قررت النيابة العمومية تعهيد القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بالموضوع.
بحث تحقيقي..
وبتاريخ 24 ديسمبر 2021 أذن ممثل النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب فتح بحث تحقيقي ضد المنتفعين بالوثائق المرمية بالتدليس وكل من عسى ان يكشف عنه البحث من اجل "إرشاد وتدبير وتسهيل ومساعدة والتوسط والتنظيم بأي وسيلة كانت ولو دون مقابل دخول شخص الى التراب التونسي او مغادرته بصفة قانونية او خلسة سواء تم ذلك من نقاط العبور او غيرها بهدف ارتكاب احدى الجرائم الإرهابية وصنع وافتعال بطاقة تعريف وطنية او جواز سفر او غير ذلك من الرخص والشهادات الإدارية لفائدة تنظيم او وفاق ارهابي او لفائدة اشخاص لهم علاقة بالجرائم الإرهابية والتحريض على ذلك والتدليس ومسك واستعمال مدلس واستعمال طوابع السلطة العمومية فيما هو مضر بمصلحة الغير وافتعال واستعمال شهادة إدارية باسم موظف عمومي قصد الحصول على ما فيه فائدة واستعمال موظف عمومي لخصائص وظيفه لارتكاب جريمة" وكانت كلها مرتبطة بجرائم إرهابية والمشاركة في ذلك.
الاطار القانوني لجريمة التدليس..
تعرض المشرع التونسي لتلك الجرائم بالفصول 179 الى 184 من المجلة الجزائية وفق الدكتور في القانون جابر غنيمي فقد جاءت العقوبات المنصوص عليها بالفصول المذكورة بين الجنايات والجنح، ووردت العقوبات المتعلقة بتقليد وتدليس طابع السلط العمومية أو الرقاع المالية التي تضعها الخزينة أو الصناديق العمومية أكثر شدّة من غيرها بما أنها تصل إلى باقي العمر ويتجلى الركن المادي للجرائم المذكورة في وتقليد الطوابع واستعمالها تدليس الرقاع.
كما تعرض المشرع التونسي بالفصل 173 من المجلة الجزائية الذي ورد به: "يعاقب بالعقوبات المقرّرة بالفصل 172 من هذه المجلة الموظف العمومي أو شبهه أو العدل الذي يتعمّد بمناسبة تحريره لعقود من علائق وظيفته إلى تحريف مادتها أو موضوعها وذلك إما بتضمين اتفاقات غير التي حدّدها أو أملاها الطرفان أو بمعاينة وقائع مكذوبة على أساس أنها صحيحة وتمت بمحضره أو على أنه تم الاعتراف بها والحال أنه لم يقع الاعتراف بها أو بتعمد عدم تضمين ما تلقاه من تصريحات."
العقوبات..
وتختلف العقوبة بحسب ما إذا كان مرتكب التدليس موظف او شبهه أو عدل او غير ذلك واما بالنسبة للتدليس من موظف أو شبهه أو عدل
فينص الفصل 172 من المجلة الجزائية على أنه " يعاقب بالسجن بقية العمر وبخطية قدرها ألف دينار كل موظف عمومي أو شبهه وكل عدل يرتكب في مباشرة وظيفه زورا من شأنه إحداث ضرر عام أو خاص وذلك في الصور التالية : بصنع كل أو بعض كتب أو عقد مكذوب أو بتغيير أو تبديل أصل كتب بأي وسيلة كانت سواء كان ذلك بوضع علامة طابع مدلس به أو إمضاء مدلس أو كان بالشهادة زورا بمعرفة اﻷشخاص وحالتهم.
أو بصنع وثيقة مكذوبة أو تغيير متعمّد للحقيقة بأي وسيلة كانت في كل سند سواء كان ماديا أو غير مادي من وثيقة معلوماتية أو إلكترونية وميكروفيلم وميكروفيش ويكون موضوعه إثبات حق أو واقعة منتجة ﻵثار قانونية".
وأما في ما يتعلق بالتدليس من غير موظف أو شبهه أو عدل فينص الفصل 175 م ج " يعاقب بالسجن مدة خمسة عشر عاما وبخطية قدرها ثلاثمائة دينار كل إنسان غير من ذكر ارتكب زورا بإحدى الوسائل المقررة بالفصل 172 من هذه المجلة".
وينص الفصل 176 من المجلة الجزائية على أن " كل من يتعمد إبقاء رسم مدلس عنده يعاقب بمجرد إبقاء ما ذكر بيده بالسجن مدة عشرة أعوام".
تونس-الصباح
الهجرة هي الحلم الذي بات يراود أغلب الشرائح العمرية والفئات الاجتماعية فالكل يبحث عن منفذ للهرب من واقع مثقل بالمتاعب.
ولتحقيق حلم الهجرة الى الضفة الاخرى من المتوسط يدفع الحالمون في كثير من الأحيان حياتهم وفي احيان اخرى حريتهم ثمنا لبلوغ هدفهم. وامام صعوبة الحصول على تأشيرة العبور الى "أرض الاحلام" يلجأ البعض الى خرق القانون والتعامل مع شبكات اختصت في تدليس وثائق السفر لا سيما الجوازات والتاشيرات وعلى الرغم من التصدي الأمني لهذه العصابات لكنها ما انفكت تعمل على افتعال الوثائق وبيعها بمبالغ مالية كبيرة.
مفيدة القيزاني
عصابات تسرق أحلام الحالمين بالهجرة وتوهمهم بمساعدتهم على بلوغ الهدف في الوصول الى أوروبا بتأشيرات وجوازات سفر مدلسة وفي اغلب الاحيان يجد المهاجر نفسه إما ضحية تحيل أو تم القبض عليه قبل الوصول.
وفي اطار مكافحة الشبكات الضالعة في تدليس التأشيرات نجحت مصلحة الأبحاث العدلية بمطار تونس قرطاج في الكشف عن شبكة إجرامية يتزعمها عنصر خطير تنشط في افتعال ملفات وهمية للحصول على تأشيرات سفر أجنبية وهي ليست المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن عصابات امتهنت تدليس الوثائق الرسمية وافتعال جوازات السفر والتأشيرات.
الكشف عن هذه العصابات تم في إطار تعقّب الشبكات الإجرامية على مستوى وطني ودولي وقد تبين وجود وسيط ينشط ضمن ذات الشبكة يقوم بالتنسيق بين المتضررين وذي الشبهة الرئيسي لتمكينهم من عقود عمل وتأشيرات سفر في اتجاه دولة أوروبية مقابل مبلغ مالي قدره 18000 دينار عن كل تأشيرة.
كما أمكن الكشف على أطراف الشبكة وهما شخصين قاطنين بجهة سوسة وشخص ثالث بحالة فرار خارج التراب الوطني، الأول محل 3 مناشير تفتيش لفائدة وحدات أمنية وجهات قضائية مختلفة من أجل "التدليس والعنف الشديد" والثاني مودع حاليا بالسجن من أجل جريمة "التدليس".
وقد تم توجيه فريقي عمل تابعين لمصلحة الأبحاث العدلية إلى مقر سكنى ذي الشبهة الأول وبعد نصب كمين محكم له وإجراء التحريات الميدانية اللازمة أمكن ضبطه بجهة بوحسينة بسوسة وحجز مجموعة من الوثائق لـ11 ملفا وهميا مكونين لطلبات تأشيرات سفر أجنبية إضافة إلى ختم شركة يستعمله لإعداد الملفات الوهمية، مبلغ مالي قدره 1310 دينار تونسي وهاتفين كان يخفيهما داخل سيارته، كما تم حجز السيارة التي يستعملها في تنقلاته.
وباستشارة النيابة العمومية بتونس أذنت بالاحتفاظ بمتزعم الشبكة من أجل "التحيّل" وإبقاء الطرف الثاني بحالة إيداع بغيرها.
سرقات بالمطار..
وفي ذات الإطار تمكّنت الوحدات الأمنية التابعة لمصلحة الأبحاث العدلية بمطار تونس قرطاج وعلى اثر تقدّم مسافرين بشكاية بخصوص تعرضهما إلى عملية سرقة من داخل حقائب سفرهما من الإطاحة بمجموعة من عملة الشحن التابعين لإحدى شركات المناولة بالمطار الذين عمدوا إلى ارتكاب سلسلة من السرقات من داخل ساحة إيواء الطائرات، حيث تم على اثر نصب كمين محكم واستدراج المظنون فيهم ضبطهم وبحوزتهم جزء من المسروقات.
وبالتنسيق مع النيابة العمومية واستصدار الأذون القانونية اللازمة وبتفتيش محلات سكنى المظنون فيهم أمكن حجز 4 قوارير عطر، 4 بدلات رياضية فخمة، 3 نظارات شمسية وساعة يدوية باهظة الثمن، جمازة فخمة، 7 هواتف جوالة، كاميرا تصوير ومبلغ مالي من العملة الليبية قدره 1756 دينارا ليبيا.
وباستشارة النيابة العمومية أذنت بفتح خمسة محاضر بحث من أجل "السرقة باستغلال خصائص الوظيف" وبالاحتفاظ بـ6 عملة شحن، تم إيداع 5 منهم بالسجن وتقديم 3 أنفار آخرين على أنظارها.
ملفات وهمية..
وفي ذات السياق وفي إطار تعقب الشبكات الضالعة في تدليس الوثائق الرسمية لاسيما جوازات السفر والتأشيرات تمكنت في وقت سابق مصلحة الأبحاث العدلية بمحافظة شرطة الحدود بمطار تونس قرطاج من إماطة اللثام عن شبكة إجرامية تنشط في مجال افتعال تأشيرات السفر وتكوين عصابة مفسدين والانخراط في وفاق إجرامي قصد مساعدة الراغبين في السفر الى الفضاء الأوروبي عبر البلاد التونسية على اجتياز الحدود بطريقة غير قانونية من خلال افتعال ملفات وهمية لاستخراج تأشيرات سفر صحيحة وافتعال تأشيرات سفر مدلسة في اتجاه دول أوروبية.
وقد تمكن أعوان الإجراءات الحدودية بمطار تونس قرطاج من الكشف عن محاولة مسافرين مغادرة التراب التونسي في اتجاه دولة أوروبية باستعمال تأشيرات سفر مفتعلة، تعهدت مصلحة الأبحاث العدلية بالبحث في الموضوع حيث تبين تورط مجموعة من الأطراف في تكوين شبكة إجرامية دولية تنشط في مجال افتعال ملفات وهمية قصد الحصول على تأشيرات سفر في اتجاه الفضاء الأوروبي.
وتم بعد التنسيق مع النيابة العمومية فتح بحث في الغرض وبتعميق التحريات الميدانية والفنية أمكن الكشف عن عنصر الربط داخل الشبكة والذي كان يستعمل اسما مستعارا للتنقل بحرية والقبض عليه وبحوزته وثائق مكونة لملفات تأشيرات سفر مفتلعة ومبلغ مالي مهم ومجموعة من جوازات السفر تم حجزها من داخل سيارته على ذمة الأبحاث والذي بعرضه على الناظم الآلي تبين أنه محل منشوري تفتيش لفائدة جهات أمنية وقضائية مختلفة من أجل السرقة وتكوين عصابة مفسدين.
وبمزيد تعميق التحريات اللازمة، أمكن الكشف عن بقية عناصر الشبكة وبعد استصدار الأذون القانونية اللازمة، أمكن القبض على 4 مظنون فيهم والاحتفاظ بهم من بينهم العنصر الرئيسي والذي تبين أنه محل 12 منشور تفتيش ويستعمل هوية مزيفة للتفصي من التتبعات العدلية، مع إحالة شخص بحالة تقديم وإدراج 3 أشخاص بالتفتيش بعد استشارة النيابة العمومية.
كما تم حجز مبلغ مالي قدره 3400 دينار، و5 جوازات سفر، و2 حواسيب محمولة، و5 هواتف جوالة، ووثائق معدة لتكوين ملفات تأشيرات سفر، بطاقة تعريف وطنية مفتعلة تحمل صورة متزعم الشبكة بهوية أخرى، رخصة سياقة دولية وبطاقة هوية أجنبية تحمل هوية نفس الشخص، كما تم حجز السيارة التي يستعملها عنصر الربط في تنقلاته.
وتم تحرير 6 محاضر من أجل "التدليس ومسك واستعمال مدلس" و"تدليس وثيقة رسمية والمشاركة في ذلك" و"التحيل وتكوين وفاق قصد مساعدة الغير على مغادرة التراب التونسي بطريقة غير نظامية" و"ايقاف مفتش عنه".
127 جواز سفر مدلس..
وفي وقت سابق وعلى إثر توفر معلومات لدى فرقة الشرطة العدلية بقصر هلال بولاية المنستير مفادها نشاط أحد الاشخاص بالجهة في مجال تدليس الوثائق المعتمدة في إعداد ملفات الحصول على تأشيرات سفر.
ووفق الإدارة العامّة للأمن الوطني، فقد تم إيلاء الموضوع الأهمية اللاّزمة من قبل الوحدات الأمنية المذكورة، وبتحديد محل سكناه تمت مداهمة منزله بعد الحصول على الأذون القانونية أين عُثر على 127 جواز سفر لأشخاص من جهات مختلفة ومبلغ مالي قدره 30 ألفا و700 دينار وجهاز إعلامية وماسح ضوئي والعديد من الشهائد المدلسة.
محل خدمات إعلامية مختص في التدليس..
كما تمكنت الإدارة العامة للأمن الوطني من الكشف عن محل خدمات إعلامية مختص في تدليس وثائق رسمية خاصة بملفات الحصول على تأشيرات السفر.
وأوضحت أنه بعد التنسيق مع النيابة العمومية تم التنقل إلى المحلّ وبتفتيشه عُثر على وثائق مدلسة بآلة سكانار من بينها شهادات عمل وحسابات بنكية مفتعلة بأرقام وهمية إضافة إلى نسخ جوازات سفر من جنسيات تونسية وأخرى من جنوب الصحراء وجوازات سفر أصلية.
كما تم العثور على مبلغ مالي قدره 2000 دينار وعلب أرشيف تحتوي على ملفات لطالبي السفر للبلدان الأوروبية إضافة إلى حجز 4 وحدات مركزية تتضمن نماذج وثائق مدلسة و3 آلات سكانار.
ونجحت الوحدات الأمنية التابعة لمنطقة الأمن الوطني بباب بحر في وقت سابق من الكشف عن محل خدمات إعلامية يعمل على تدليس وثائق رسمية خاصة بملفات الحصول على تأشيرات السفر.
وبالتنقل إلى المحل المنشود وتفتيشه بالتنسيق مع النيابة العمومية عُثر على وثائق مدلسة بآلة سكانار، بما في ذلك شهادات عمل وحسابات بنكية مفتعلة بأرقام وهمية إضافة إلى نسخ جوازات سفر من جنسيات تونسية وأخرى من جنوب الصحراء وجوازات سفر أصلية ومبلغ مالي قدره 2000 دينار وعلب أرشيف تحتوي على ملفات لطالبي السفر للبلدان الأوروبية.
كما تم أيضا حجز 4 وحدات مركزية تتضمن نماذج وثائق مدلسة وعدد 3 آلات سكانار.
أخطر ملف تدليس..
بتاريخ 7 أكتوبر 2021 ورد على النيابة العمومية لدى المحكمة الابتدائية بتونس طلبا في الإذن بفتح بحث عدلي صادر عن رئيس الإدارة الفرعية للأبحاث في جرائم الإرهاب والجرائم المنظمة والماسة بسلامة التراب الوطني بخصوص توفر معلومات مفادها حصول شخص سوري الجنسية وزوجته السورية على بطاقتي تعريف وطنية وجوازي سفر تونسي.
وتفيد المعلومات ان السوري المذكور وزوجته تحصلا على شهادة في الجنسية مسلمة من الإدارة العامة للمصالح العدلية بوزارة العدل بناء على جوازي سفر تونسيين مسلمين من سفارة تونس بفيينا سنتي 1982 و1984 مع الإشارة وانه سبق ان عمد القنصل العام التونسي بفيينا إلى تمكين أشخاص أجانب من جوازات سفر تونسية بمقابل مالي من ضمنها جوازي السفر المشار إليهما وان تتبعات جزائية قد أثيرت بخصوص الجريمة المذكورة.
وبتاريخ 7 أكتوبر 2021 أذنت النيابة العمومية لدى المحكمة الابتدائية بتونس بفتح بحث عدلي في الموضوع وتم تعهيد الإدارة الفرعية للأبحاث في جرائم الإرهاب والجرائم المنظمة والماسة بسلامة التراب الوطني بالبحث كما ورد على النيابة العمومية لدى المحكمة الابتدائية بتونس بتاريخ 9 ديسمبر 2021 تقريرا محررا من رئيس الادارة الفرعية المشار إليها تضمن ما أنتجته التحريات الأولية والتي اقتصرت على مراسلات الجهات الإدارية المتداخلة في الموضوع.
وبتاريخ 20 ديسمبر 2021 ورد على النيابة العمومية لدى المحكمة الابتدائية بتونس من نفس المصدر تقريرا إضافيا تضمن معطيات جديدة مفادها ان الوثائق التي يشتبه في تدليسها والمتمثلة في شهادتي الجنسية التونسية منحت للشخص السوري وزوجته خلال فترة إشراف نور الدين البحيري على وزارة العدل اما بخصوص الوثائق المتمثلة في جوازي السفر وشهادتي الاقامة فقد تم استخراجها ابان اشراف علي العريض على وزارة الداخلية بتدخل من الأمني المدعو فتحي البلدي كما تضمن نفس التقرير ان الشخص المنتفع بالجنسية وجواز السفر والإقامة سبق أن تعلقت به قضايا ارهابية ارتكبت خارج التراب الوطني.
وبتاريخ 22 ديسمبر 2021 ونظرا لما توفر من معطيات أولية وشبهة ضلوع احد المشتبه بهم في ارتكاب جرائم إرهابية خارج التراب الوطني قررت النيابة العمومية تعهيد القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بالموضوع.
بحث تحقيقي..
وبتاريخ 24 ديسمبر 2021 أذن ممثل النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب فتح بحث تحقيقي ضد المنتفعين بالوثائق المرمية بالتدليس وكل من عسى ان يكشف عنه البحث من اجل "إرشاد وتدبير وتسهيل ومساعدة والتوسط والتنظيم بأي وسيلة كانت ولو دون مقابل دخول شخص الى التراب التونسي او مغادرته بصفة قانونية او خلسة سواء تم ذلك من نقاط العبور او غيرها بهدف ارتكاب احدى الجرائم الإرهابية وصنع وافتعال بطاقة تعريف وطنية او جواز سفر او غير ذلك من الرخص والشهادات الإدارية لفائدة تنظيم او وفاق ارهابي او لفائدة اشخاص لهم علاقة بالجرائم الإرهابية والتحريض على ذلك والتدليس ومسك واستعمال مدلس واستعمال طوابع السلطة العمومية فيما هو مضر بمصلحة الغير وافتعال واستعمال شهادة إدارية باسم موظف عمومي قصد الحصول على ما فيه فائدة واستعمال موظف عمومي لخصائص وظيفه لارتكاب جريمة" وكانت كلها مرتبطة بجرائم إرهابية والمشاركة في ذلك.
الاطار القانوني لجريمة التدليس..
تعرض المشرع التونسي لتلك الجرائم بالفصول 179 الى 184 من المجلة الجزائية وفق الدكتور في القانون جابر غنيمي فقد جاءت العقوبات المنصوص عليها بالفصول المذكورة بين الجنايات والجنح، ووردت العقوبات المتعلقة بتقليد وتدليس طابع السلط العمومية أو الرقاع المالية التي تضعها الخزينة أو الصناديق العمومية أكثر شدّة من غيرها بما أنها تصل إلى باقي العمر ويتجلى الركن المادي للجرائم المذكورة في وتقليد الطوابع واستعمالها تدليس الرقاع.
كما تعرض المشرع التونسي بالفصل 173 من المجلة الجزائية الذي ورد به: "يعاقب بالعقوبات المقرّرة بالفصل 172 من هذه المجلة الموظف العمومي أو شبهه أو العدل الذي يتعمّد بمناسبة تحريره لعقود من علائق وظيفته إلى تحريف مادتها أو موضوعها وذلك إما بتضمين اتفاقات غير التي حدّدها أو أملاها الطرفان أو بمعاينة وقائع مكذوبة على أساس أنها صحيحة وتمت بمحضره أو على أنه تم الاعتراف بها والحال أنه لم يقع الاعتراف بها أو بتعمد عدم تضمين ما تلقاه من تصريحات."
العقوبات..
وتختلف العقوبة بحسب ما إذا كان مرتكب التدليس موظف او شبهه أو عدل او غير ذلك واما بالنسبة للتدليس من موظف أو شبهه أو عدل
فينص الفصل 172 من المجلة الجزائية على أنه " يعاقب بالسجن بقية العمر وبخطية قدرها ألف دينار كل موظف عمومي أو شبهه وكل عدل يرتكب في مباشرة وظيفه زورا من شأنه إحداث ضرر عام أو خاص وذلك في الصور التالية : بصنع كل أو بعض كتب أو عقد مكذوب أو بتغيير أو تبديل أصل كتب بأي وسيلة كانت سواء كان ذلك بوضع علامة طابع مدلس به أو إمضاء مدلس أو كان بالشهادة زورا بمعرفة اﻷشخاص وحالتهم.
أو بصنع وثيقة مكذوبة أو تغيير متعمّد للحقيقة بأي وسيلة كانت في كل سند سواء كان ماديا أو غير مادي من وثيقة معلوماتية أو إلكترونية وميكروفيلم وميكروفيش ويكون موضوعه إثبات حق أو واقعة منتجة ﻵثار قانونية".
وأما في ما يتعلق بالتدليس من غير موظف أو شبهه أو عدل فينص الفصل 175 م ج " يعاقب بالسجن مدة خمسة عشر عاما وبخطية قدرها ثلاثمائة دينار كل إنسان غير من ذكر ارتكب زورا بإحدى الوسائل المقررة بالفصل 172 من هذه المجلة".
وينص الفصل 176 من المجلة الجزائية على أن " كل من يتعمد إبقاء رسم مدلس عنده يعاقب بمجرد إبقاء ما ذكر بيده بالسجن مدة عشرة أعوام".