ر.م.ع ديوان الأسرة والعمران البشري: "يجب أن تدمج برامج تعليمية للصحة الجنسية بداية من سن الـ11 أو 12 عاما"
" البلاد عرفت خلال العشر سنوات الماضية إيديولوجيات وخطابات موجهة، حملت نظرة جديدة للحمل ولموانع الحمل"
تونس-الصباح
تقول دراسات وبحوث علمية ديموغرافية انه لولا برنامج تحديد النسل والصحة الإنجابية الذي انطلقت فيه الدولة التونسية منذ 50 عاما في مجال التخطيط السكاني والتحكم في الخصوبة، لكان عدد سكان البلاد قد تضاعف بمعدلات قد تصل الى السبع مرات. وعوض أن يتضاعف لمرتين ونصف عدد سكان البلاد التونسية وينتقل من 4 مليون ونصف سنة 1966 ليصل الى حدود 11 مليون و803 ألف نسمة سنة 2021 كان يمكن ان يصل الى حدود 30 مليون نسمة. وهو ما يجعل من برنامج التنظيم العائلي والصحة الإنجابية من ضمن أهم البرامج الديمغرافية التي ساهمت في النهوض وتحسين نوعية الحياة للأزواج والشباب والنساء والرجال.
ويحتفل اليوم بهذا البرنامج عبر ديوان الأسرة والعمران البشري بمناسبة خمسينيته التي اختار ان يحتفل بها الديوان على امتداد سنة كاملة، وتكون فرصة لدعم مكاسبه ومواجهة التحديات السكانية والصحية والاجتماعية المستجدة عليه وما شهدته مختلف مؤشراته من تراجع وتهديد خلال العشرية الأخيرة.
وانقسم البرنامج الوطني لتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، إلى أربع مراحل أساسية بدأت من سنة 1964 وكانت العشر سنوات الأولى مخصصة بحملات تحديد النسل لتنطلق بداية من 1974 مرحلة ثانية كان هدفها المباعدة بين الولادات انتهت سنة 1984 أين انطلقت مرحلة الصحة العائلية في رؤية مندمجة للتنظيم العائلي ولصحة الأم والطفل. وبدأت منذ 1994 مرحلة إشعاع البرنامج وطنيا ودوليا لتلحق خلال العشر سنوات الأخيرة وبداية من 2004 بمرحلة دعم المكاسب وتحسين نوعية الحياة وضمان جودة الخدمات..
مسار طويل، امتد على أكثر من أربعين عاما وساهم في تغيير وعي التونسيين وكان من ابرز دلالاته المؤشر التأليفي للخصوبة، معدل عدد الأطفال الذين يمكن أن تنجبهم امرأة طيلة حياتها، الذي عرف تراجعا واضحا انخفض به عدد الأطفال من 7 لكل امرأة سنة 1966 الى 1.8 طفل سنة 2021 بفوارق جهوية تصل الى 2.6 بالوسط الشرقي و2.4 في الجنوب الغربي و2.3 بالشمال الغربي.
وعلى أهمية النتائج المسجلة يبدو أنها لم تتمكن من الصمود كثيرا أمام التغيرات السياسية والمجتمعية التي عاشت على وقعها البلاد التونسية خلال العشرية السابقة وأساسا بداية من سنة 2012، أين تظهر الأرقام أن جملة من المؤشرات الديموغرافية والصحية، قد شهدت تراجعا وخاصة تلك التي تتعلق بالتغطية الخاصة بوسائل منع الحمل.
وأفاد محمد الدوعاجي رئيس مدير عام الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، في لقائه بـ"الصباح" انه وفي انتظار نتائج المسح العنقودي متعدد المؤشرات الذي من المنتظر ان يصدر السنة الجارية 2023، سجلت نسبة التغطية بوسائل منع الحمل في الوسط الحضري تراجعا واضحا اذ تدحرجت سنة 2018 إلى 49.1% بعد أن كانت في حدود 67% سنة 2000 وبلغ الرقم 49.5 % في الوسط الريفي بعد ان كان في حدود 62.6% .
وتراجعت نسبة التغطية بوسائل الحمل على المستوى الوطني الى 50.7%، في الوقت الذي كان المعدل في حدود 65.5 سنة 2000 و62.2 سنة 2012 أي بتراجع بنحو 15 نقطة. وتتعمق هذه الفوارق حسب إحصائيات الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري بين الجهات، حيث تكون نسبة التغطية بوسائل منع الحمل 60% بولايات الشمال الغربي و50.6 بولايات تونس الكبرى وتنخفض الى 39.7% بولايات الوسط الغربي. وهو تراجع يمكن القول إنه بدأ منذ سنة 2012 أين كانت تبرز نتائج المسح العنقودي متعدد المؤشرات الرابع ان نسبة التغطية بوسائل الحمل كانت في حدود 70 % بولايات الشمال الغربي و68.8% في ولايات تونس الكبرى و54.9% في ولايات الوسط الغربي.
ويؤكد الدوعاجي في تفسيره للتراجع المسجل في معدلات استعمال موانع الحمل، أن السبب ليس كما يتم الترويج له، وهو النقص المسجل في تزويد المؤسسات الاستشفائية والصحة بأدوية منع الحمل " فلم تسجل السنوات الأخيرة أي نقص في أدوية موانع الحمل" وعلى الأغلب يمكن تفسير ذلك بعاملين اثنين، جائحة فيروس كورونا المستجد، أين سجل تراجع في ولوج النساء الى المستشفيات ومراكز الصحة الإنجابية وغيرها. ثم ثانيا ما عرفته البلاد خلال العشر سنوات الماضية من إيديولوجيات وخطابات موجهة، حملت نظرة جديدة للحمل ولموانع الحمل ليس هي نفسها النظرة التي كانت موجودة سنة 2010 وقبلها في التسعينات والثمانينات.. وشدد محمد الدوعاجي على أن الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري قد واصل عمله، حتى خلال العشرية التي عرفت تراجعا، في نشر ثقافة تنظيم الأسرة المبنية على الحرية الفردية للمرأة في الإنجاب، والنظام الحياتي للأفراد، وما لمباعدة إنجاب الأطفال من أهمية في منح الام فرصة للعمل وتطوير مسارها الدراسي والمهني..
هيكلة الديوان..
وحسب الرئيس المدير العام، يسهر الديوان رغم ما يعرفه من تراجع في تجهيزاته وتقلص في موارده البشرية من إطارات طبية وشبه طبية وإداريين وأعوان وخاصة مختصي توليد، على تقديم خدمات لجميع النساء في مختلف ولايات الجمهورية بنفس الجودة ودون تمييز أو إقصاء، عبر هياكله المتكونة من 24 مندوبية جهوية للأسرة والعمران البشري و37 مركزا لإسداء خدمات التنظيم العائلي والصحة الإنجابية و60 فريقا متنقلا لتغطية 248 مركز صحة أساسية فضلا عن 21 فضاء صديق للشباب.
تراجع عدد العيادات المتنقلة للديوان من 5 عيادات الى عيادتين متنقلتين لتغطية المناطق الريفية والنائية، كما يملك الديوان مركزا نموذجيا للرعاية الصحية والنفسية للنساء ضحايا العنف و9 مراكز للإرشاد والكشف اللا اسمي والطوعي والمجاني عن فيروس السيدا و6 وحدات للتقصي المبكر لسرطان عنق الرحم مع وحدة نموذجية للتقصي المبكر لأمراض الثدي.
احتياجات غير ملبية..
الاحتياجات غير الملبية في مجال تنظيم الأسرة، هي قصور النساء في الحصول على موانع الحمل أو الوصول الى خدمات صحية تمكنها من ذلك، وترغب أكثر من 100 مليون امرأة في البلدان الأقل نموا من تجنب الحمل لكن لا يستخدمن أيا من موانع وسائل تنظيم الأسرة لأسباب متنوعة. وانخفاض جودة خدمات الرعاية الصحية والخوف من موانع الحمل وصعوبة الوصول لاماكن تقديم الخدمة والحصول على موانع الحمل الجديدة بسبب ارتفاع تكلفة الخدمة أو بعد أماكن تقديمها أو عدم انتظام زيارات العيادات المتنقلة فضلا عن معارضة الأزواج أو الأسر أو المجتمعات أهم وأبرز أسباب عدم وصول النساء الى خدمة الحصول على موانع الحمل..
وترتفع نسب الحاجيات غير الملبية في تونس وتتباين بين الأقاليم وتسجل أعلاها في إقليم الوسط الغربي، اي ولايات القصرين وسيدي بوزيد والقيروان، اين تكون في حدود 23.5% في حين تكون في اقليم الوسط الشرقي في حدود ال21.9% وتنزل الى 19.5% في إقليم تونس الكبرى لتصل الى 17.5% في إقليم الجنوب الشرقي واقلها بالجنوب الغربي الذي تكون فيه في حدود 13.5%.
وفي نفس سياق الخدمات المسداة أو معدلات ولوج النساء للصحة تسجل تونس نسبة وفيات أمهات مرتفع نسبيا رغم انخفاضه مقارنة بالدول الأقل نموا، ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فهو مازال يعد دون المأمول بالنظر الى المنشود الذي تم إدراجه في مخطط 1990 -2015. والى غاية الآن يتسبب بعد النساء عن المؤسسات الاستشفائية وغياب طبيب اختصاص في وفاة الأمهات عند الولادة، وحسب آخر الإحصائيات تبلغ نسبة وفيات الأمهات 44.8 لكل 100 الف ولادة حية (2010). في الوقت الذي ترنو فيه الإستراتيجية الوطنية لصحة الام والوليد لفترة 2020 -2024 الى التقليص في نسبة وفيات الأمهات الى اقل من 22.8 لكل 100 الف ولاية حية.
هذا مع العلم أن وفيات الأطفال قد انخفضت خلال الخمسينية الأخيرة من 148.8 لكل 1000 ولادة جديدة سنة 1966 الى 13.3 وفاة لكل 1000 ولادة جديدة سنة 2021.
نسب الخصوبة..
وتوقع الرئيس المدير العام للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري في حواره مع "الصباح" ان تتراجع نسبة الخصوبة أكثر مع المسح العنقودي السادس متعدد المؤشرات المنتظر ان تصدر نتائجه السنة الجاري 2023، وان يكون العدد في حدود 1.8 مع فوارق جهوية. وبين في نفس الوقت ان تونس قد عرفت تطورا واضحا في المعدل الوطني لأمل الحياة عند الولاية الذي ارتفع من 46.8 سنة 1966 الى 76 سنة 2021 مع فارق سنتين لدى النساء..
وأمام التغير الحاصل في نسب الخصوبة وأمل الحياة، شهد النمو الطبيعي للسكان في تونس خلال الخمسين سنة الماضية تراجعا من نسبة زيادة في حدود 3 % الى نسبة 1.5%.
الصحة الإنجابية في البرامج التعليمية
نحن مع أن نضع أهدافا تكون لها نتائج فيما بعد، وحسب اعتقادي يجب أن تدمج برامج تعليمية للصحة الجنسية بداية من سن 11 أو 12 عاما أي مع بداية المرحلة الأساسية للتعليم، ومن المهم جدا أن يكون لنا حوار مع أطفالنا في هذا السن، ومن الضرورية أن تكون المعلومات والمعطيات التي يأخذ الطفل المراهق في تلك السن معلومات صحيحة سواء كانت متأتية من المدرسة (الأستاذ) أو من العائلة أو من الطبيب.. وأكد محمد الدوعاجي رئيس مدير عام الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري انه كان لهم اتفاقات ولقاءات مع أكثر من وزير تربية ومنهم الوزير الحالي محمد البوغديري، وينتظر حسب الاتفاقات الشفوية المبرمة أن تكون للديوان مع بداية السنة الجديدة برنامج مع وزارة التربية من اجل وضع التربية الجنسية ضمن البرامج التربوية الرسمية.
وأمام الإشكاليات السابق ذكرها، يضع الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري في خمسينيته تحديات أساسية، أهمها المحافظة على مستوى خصوبة يضمن تجدد الأجيال بطريقة متناغمة مع متطلبات التنمية البشرية وتأخر سن الزواج (29.4 للنساء و34.9 لدي الرجال ) وحق الأفراد في تقرير مصيرهم الإنجابي. هذا بالتوازي مع تقليص الفوارق بين الجهات والفجوات بين المناطق الحضرية والمناطق الداخلية في مجال الأمومة الآمنة ووفيات الأمهات وخدمات الصحة الإنجابية.
ريم سوودي
ر.م.ع ديوان الأسرة والعمران البشري: "يجب أن تدمج برامج تعليمية للصحة الجنسية بداية من سن الـ11 أو 12 عاما"
" البلاد عرفت خلال العشر سنوات الماضية إيديولوجيات وخطابات موجهة، حملت نظرة جديدة للحمل ولموانع الحمل"
تونس-الصباح
تقول دراسات وبحوث علمية ديموغرافية انه لولا برنامج تحديد النسل والصحة الإنجابية الذي انطلقت فيه الدولة التونسية منذ 50 عاما في مجال التخطيط السكاني والتحكم في الخصوبة، لكان عدد سكان البلاد قد تضاعف بمعدلات قد تصل الى السبع مرات. وعوض أن يتضاعف لمرتين ونصف عدد سكان البلاد التونسية وينتقل من 4 مليون ونصف سنة 1966 ليصل الى حدود 11 مليون و803 ألف نسمة سنة 2021 كان يمكن ان يصل الى حدود 30 مليون نسمة. وهو ما يجعل من برنامج التنظيم العائلي والصحة الإنجابية من ضمن أهم البرامج الديمغرافية التي ساهمت في النهوض وتحسين نوعية الحياة للأزواج والشباب والنساء والرجال.
ويحتفل اليوم بهذا البرنامج عبر ديوان الأسرة والعمران البشري بمناسبة خمسينيته التي اختار ان يحتفل بها الديوان على امتداد سنة كاملة، وتكون فرصة لدعم مكاسبه ومواجهة التحديات السكانية والصحية والاجتماعية المستجدة عليه وما شهدته مختلف مؤشراته من تراجع وتهديد خلال العشرية الأخيرة.
وانقسم البرنامج الوطني لتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، إلى أربع مراحل أساسية بدأت من سنة 1964 وكانت العشر سنوات الأولى مخصصة بحملات تحديد النسل لتنطلق بداية من 1974 مرحلة ثانية كان هدفها المباعدة بين الولادات انتهت سنة 1984 أين انطلقت مرحلة الصحة العائلية في رؤية مندمجة للتنظيم العائلي ولصحة الأم والطفل. وبدأت منذ 1994 مرحلة إشعاع البرنامج وطنيا ودوليا لتلحق خلال العشر سنوات الأخيرة وبداية من 2004 بمرحلة دعم المكاسب وتحسين نوعية الحياة وضمان جودة الخدمات..
مسار طويل، امتد على أكثر من أربعين عاما وساهم في تغيير وعي التونسيين وكان من ابرز دلالاته المؤشر التأليفي للخصوبة، معدل عدد الأطفال الذين يمكن أن تنجبهم امرأة طيلة حياتها، الذي عرف تراجعا واضحا انخفض به عدد الأطفال من 7 لكل امرأة سنة 1966 الى 1.8 طفل سنة 2021 بفوارق جهوية تصل الى 2.6 بالوسط الشرقي و2.4 في الجنوب الغربي و2.3 بالشمال الغربي.
وعلى أهمية النتائج المسجلة يبدو أنها لم تتمكن من الصمود كثيرا أمام التغيرات السياسية والمجتمعية التي عاشت على وقعها البلاد التونسية خلال العشرية السابقة وأساسا بداية من سنة 2012، أين تظهر الأرقام أن جملة من المؤشرات الديموغرافية والصحية، قد شهدت تراجعا وخاصة تلك التي تتعلق بالتغطية الخاصة بوسائل منع الحمل.
وأفاد محمد الدوعاجي رئيس مدير عام الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، في لقائه بـ"الصباح" انه وفي انتظار نتائج المسح العنقودي متعدد المؤشرات الذي من المنتظر ان يصدر السنة الجارية 2023، سجلت نسبة التغطية بوسائل منع الحمل في الوسط الحضري تراجعا واضحا اذ تدحرجت سنة 2018 إلى 49.1% بعد أن كانت في حدود 67% سنة 2000 وبلغ الرقم 49.5 % في الوسط الريفي بعد ان كان في حدود 62.6% .
وتراجعت نسبة التغطية بوسائل الحمل على المستوى الوطني الى 50.7%، في الوقت الذي كان المعدل في حدود 65.5 سنة 2000 و62.2 سنة 2012 أي بتراجع بنحو 15 نقطة. وتتعمق هذه الفوارق حسب إحصائيات الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري بين الجهات، حيث تكون نسبة التغطية بوسائل منع الحمل 60% بولايات الشمال الغربي و50.6 بولايات تونس الكبرى وتنخفض الى 39.7% بولايات الوسط الغربي. وهو تراجع يمكن القول إنه بدأ منذ سنة 2012 أين كانت تبرز نتائج المسح العنقودي متعدد المؤشرات الرابع ان نسبة التغطية بوسائل الحمل كانت في حدود 70 % بولايات الشمال الغربي و68.8% في ولايات تونس الكبرى و54.9% في ولايات الوسط الغربي.
ويؤكد الدوعاجي في تفسيره للتراجع المسجل في معدلات استعمال موانع الحمل، أن السبب ليس كما يتم الترويج له، وهو النقص المسجل في تزويد المؤسسات الاستشفائية والصحة بأدوية منع الحمل " فلم تسجل السنوات الأخيرة أي نقص في أدوية موانع الحمل" وعلى الأغلب يمكن تفسير ذلك بعاملين اثنين، جائحة فيروس كورونا المستجد، أين سجل تراجع في ولوج النساء الى المستشفيات ومراكز الصحة الإنجابية وغيرها. ثم ثانيا ما عرفته البلاد خلال العشر سنوات الماضية من إيديولوجيات وخطابات موجهة، حملت نظرة جديدة للحمل ولموانع الحمل ليس هي نفسها النظرة التي كانت موجودة سنة 2010 وقبلها في التسعينات والثمانينات.. وشدد محمد الدوعاجي على أن الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري قد واصل عمله، حتى خلال العشرية التي عرفت تراجعا، في نشر ثقافة تنظيم الأسرة المبنية على الحرية الفردية للمرأة في الإنجاب، والنظام الحياتي للأفراد، وما لمباعدة إنجاب الأطفال من أهمية في منح الام فرصة للعمل وتطوير مسارها الدراسي والمهني..
هيكلة الديوان..
وحسب الرئيس المدير العام، يسهر الديوان رغم ما يعرفه من تراجع في تجهيزاته وتقلص في موارده البشرية من إطارات طبية وشبه طبية وإداريين وأعوان وخاصة مختصي توليد، على تقديم خدمات لجميع النساء في مختلف ولايات الجمهورية بنفس الجودة ودون تمييز أو إقصاء، عبر هياكله المتكونة من 24 مندوبية جهوية للأسرة والعمران البشري و37 مركزا لإسداء خدمات التنظيم العائلي والصحة الإنجابية و60 فريقا متنقلا لتغطية 248 مركز صحة أساسية فضلا عن 21 فضاء صديق للشباب.
تراجع عدد العيادات المتنقلة للديوان من 5 عيادات الى عيادتين متنقلتين لتغطية المناطق الريفية والنائية، كما يملك الديوان مركزا نموذجيا للرعاية الصحية والنفسية للنساء ضحايا العنف و9 مراكز للإرشاد والكشف اللا اسمي والطوعي والمجاني عن فيروس السيدا و6 وحدات للتقصي المبكر لسرطان عنق الرحم مع وحدة نموذجية للتقصي المبكر لأمراض الثدي.
احتياجات غير ملبية..
الاحتياجات غير الملبية في مجال تنظيم الأسرة، هي قصور النساء في الحصول على موانع الحمل أو الوصول الى خدمات صحية تمكنها من ذلك، وترغب أكثر من 100 مليون امرأة في البلدان الأقل نموا من تجنب الحمل لكن لا يستخدمن أيا من موانع وسائل تنظيم الأسرة لأسباب متنوعة. وانخفاض جودة خدمات الرعاية الصحية والخوف من موانع الحمل وصعوبة الوصول لاماكن تقديم الخدمة والحصول على موانع الحمل الجديدة بسبب ارتفاع تكلفة الخدمة أو بعد أماكن تقديمها أو عدم انتظام زيارات العيادات المتنقلة فضلا عن معارضة الأزواج أو الأسر أو المجتمعات أهم وأبرز أسباب عدم وصول النساء الى خدمة الحصول على موانع الحمل..
وترتفع نسب الحاجيات غير الملبية في تونس وتتباين بين الأقاليم وتسجل أعلاها في إقليم الوسط الغربي، اي ولايات القصرين وسيدي بوزيد والقيروان، اين تكون في حدود 23.5% في حين تكون في اقليم الوسط الشرقي في حدود ال21.9% وتنزل الى 19.5% في إقليم تونس الكبرى لتصل الى 17.5% في إقليم الجنوب الشرقي واقلها بالجنوب الغربي الذي تكون فيه في حدود 13.5%.
وفي نفس سياق الخدمات المسداة أو معدلات ولوج النساء للصحة تسجل تونس نسبة وفيات أمهات مرتفع نسبيا رغم انخفاضه مقارنة بالدول الأقل نموا، ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فهو مازال يعد دون المأمول بالنظر الى المنشود الذي تم إدراجه في مخطط 1990 -2015. والى غاية الآن يتسبب بعد النساء عن المؤسسات الاستشفائية وغياب طبيب اختصاص في وفاة الأمهات عند الولادة، وحسب آخر الإحصائيات تبلغ نسبة وفيات الأمهات 44.8 لكل 100 الف ولادة حية (2010). في الوقت الذي ترنو فيه الإستراتيجية الوطنية لصحة الام والوليد لفترة 2020 -2024 الى التقليص في نسبة وفيات الأمهات الى اقل من 22.8 لكل 100 الف ولاية حية.
هذا مع العلم أن وفيات الأطفال قد انخفضت خلال الخمسينية الأخيرة من 148.8 لكل 1000 ولادة جديدة سنة 1966 الى 13.3 وفاة لكل 1000 ولادة جديدة سنة 2021.
نسب الخصوبة..
وتوقع الرئيس المدير العام للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري في حواره مع "الصباح" ان تتراجع نسبة الخصوبة أكثر مع المسح العنقودي السادس متعدد المؤشرات المنتظر ان تصدر نتائجه السنة الجاري 2023، وان يكون العدد في حدود 1.8 مع فوارق جهوية. وبين في نفس الوقت ان تونس قد عرفت تطورا واضحا في المعدل الوطني لأمل الحياة عند الولاية الذي ارتفع من 46.8 سنة 1966 الى 76 سنة 2021 مع فارق سنتين لدى النساء..
وأمام التغير الحاصل في نسب الخصوبة وأمل الحياة، شهد النمو الطبيعي للسكان في تونس خلال الخمسين سنة الماضية تراجعا من نسبة زيادة في حدود 3 % الى نسبة 1.5%.
الصحة الإنجابية في البرامج التعليمية
نحن مع أن نضع أهدافا تكون لها نتائج فيما بعد، وحسب اعتقادي يجب أن تدمج برامج تعليمية للصحة الجنسية بداية من سن 11 أو 12 عاما أي مع بداية المرحلة الأساسية للتعليم، ومن المهم جدا أن يكون لنا حوار مع أطفالنا في هذا السن، ومن الضرورية أن تكون المعلومات والمعطيات التي يأخذ الطفل المراهق في تلك السن معلومات صحيحة سواء كانت متأتية من المدرسة (الأستاذ) أو من العائلة أو من الطبيب.. وأكد محمد الدوعاجي رئيس مدير عام الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري انه كان لهم اتفاقات ولقاءات مع أكثر من وزير تربية ومنهم الوزير الحالي محمد البوغديري، وينتظر حسب الاتفاقات الشفوية المبرمة أن تكون للديوان مع بداية السنة الجديدة برنامج مع وزارة التربية من اجل وضع التربية الجنسية ضمن البرامج التربوية الرسمية.
وأمام الإشكاليات السابق ذكرها، يضع الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري في خمسينيته تحديات أساسية، أهمها المحافظة على مستوى خصوبة يضمن تجدد الأجيال بطريقة متناغمة مع متطلبات التنمية البشرية وتأخر سن الزواج (29.4 للنساء و34.9 لدي الرجال ) وحق الأفراد في تقرير مصيرهم الإنجابي. هذا بالتوازي مع تقليص الفوارق بين الجهات والفجوات بين المناطق الحضرية والمناطق الداخلية في مجال الأمومة الآمنة ووفيات الأمهات وخدمات الصحة الإنجابية.