إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خلال الثلاثي الأول من سنة 2023 | ارتفاع أرقام هجرة الكفاءات التونسية وتواصل استنزاف الطاقة البشرية

 

  • كندا في المركز الأول للانتدابات تليها أوروبا ودخول بلدان إفريقية على الخط

تونس – الصباح

لا تزال هجرة الكفاءات التونسية إلى الخارج تستنزف طاقات الدولة. إذ كشفت الوكالة التونسية للتعاون الفني عن نتائج عمليات الهجرة الخاصة بالكفاءات التونسية إلى الخارج خلال الثلاثة أشهر الأولى لسنة 2023. وبينت أن العملية سجلت تطورا في عدد المنتدبين في إطار التعاون الفني بنسبة 6.6 %، موضحة أنه تم حتّى موفى مارس من هذا العام انتداب 826 إطارا تونسيا مقابل 775 إطارا خلال نفس الفترة من سنة 2022، بقطع النظر عن العروض والطلبات الواردة على الوكالة من مؤسسات بالخارج لانتداب كفاءات تونسية، دون اعتبار عمليات الانتداب أو هجرة الكفاءات التي تتم خارج إطار الوكالة التونسية للتعاون الفني.

وأشارت الوكالة إلى أن كندا تصدرت المركز الأول من مجموع الدول المنتدبة للكفاءات التونسية في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام مما يعني نشاط سوق الشغل والانتداب الخاصة بأمريكا الشمالية ودخولها على خط استقطاب الكفاءات التونسية وغيرها من المواطنين الراغبين في الهجرة من مختلف الشرائح العمرية وفي مختلف الاختصاصات المهنية تقريبا.

 وقد أطلقت عديد الجهات صيحات فزع في السنوات الأخيرة تنبه من خطورة عمليات الاستنزاف للكفاءات والأدمغة التونسية في مختلف المجالات العلمية والهندسية والتكنولوجية فضلا عن الباحثين والجامعيين مقابل صمت الجهات الرسمية وعدم تفاعلها أو تحركها من أجل وضع حد لذلك عبر تقديم مقاربات ومبادرات جديدة تتمثل في توفير ظروف عمل وإنتاج وبحث متطورة مقابل أجر محترم بما يساهم في تحقيق التنمية والتطور على مستوى وطني وضمان ظروف عيش كريمة لهذه الكفاءات، خاصة وأن تأثير هذه الهجرة على المجتمع والتنمية بشكل عام لاسيما ما تعلق بهجرة الكفاءات العلمية، بات واضحا وجليا، وذلك بعد أن تضاعفت هجرة الأطباء والعاملين في القطاع شبه الطبي بعد ظهور أزمة "كوفيد 19".

نزيف هجرة الكفاءات اعتبرته هياكل قطاعية عديدة من أكبر المشكلات في القطاع الصحي اليوم، بسبب خروج أصحاب الخبرات المهنية والعلمية والخريجين الجدد أيضا للعمل بالخارج في ظل تردي البنية التحتية للمؤسسات الصحية في بلادنا وضعف الإمكانيات التي تشجع على البحث والعمل والعيش المطلوبة والتي يمكن أن تغنيها عن الهجرة من ناحية أخرى.

ولعل في تغير خارطة التوزيع الجغرافي لانتداب الكفاءات التونسية بالخارج المسجل مؤخرا يؤكد مدى خطورة الوضع على بلادنا وتواصل نزيف الاستقطاب الأجنبي للكفاءات التي كلفت الدولة ميزانيات كبيرة لتكوينها. إذ تضمنت البيانات التي نشرتها الوكالة التونسية للتعاون الفني أن البلدان الأوروبية استقطبت 45%  من مجموع الانتدابات المسجلة في بداية السنة الجارية ثم البلدان العربية بنسبة 28 % مع تسجيل دخول سوق الشغل في القارة الإفريقية على خط انتداب الكفاءات التونسية على غرار موريتانيا والكوت ديفوار في مجالات مهنية عديدة أساسا منها الاتصالات والشبكات والطاقة والإعلامية والبيئة والاقتصاد والصحة غيرها.

 وفي نفس الإطار بينت الوكالة التونسية للتعاون الفني أنها بصدد متابعة 5 مشاريع في إطار التعاون الثلاثي مع البنك الإسلامي للتنمية في عديد الميادين على غرار الصحة والزراعة ورقمنة الخدمات المالية والتجارة والتصدير وذلك لفائدة موريتانيا والتشاد وجزر القمر وغينيا وجيبوتي وذلك خلال السنة الحالية ومن شانها أن تسفر عن انتداب عدد آخر من الكفاءات التونسية. ويذكر أن العدد الجملي للمتعاونين والخبراء الملحقين لدى الوكالة التونسية للتعاون الفني يبلغ حاليا 23181 متعاونا.

كما سبق أن أكد المدير العام للمرصد الوطني للهجرة عبد الرؤوف الجمل، أن تونس ستشهد مستقبلا ارتفاعا في عدد المهاجرين من الأدمغة والكفاءات بسبب الامتيازات التي تقدمها البلدان المستقطبة لهذه الفئات مقابل عديد الصعوبات في تونس. وحسب آخر دراسة أنجزها المعهد في فترة الأزمة الصحية فان حوالي 36 ألف تونسي يغادرون البلاد سنويا لعدة اعتبارات أهمها اقتصادية واجتماعية، ويأتي المهندسون والأطباء في قائمة الكفاءات التونسية المهاجرة وهم يتوزعون بالأساس، وفق ما نشره المرصد الوطني للهجرة، بين اختصاصات الهندسة الرقمية والطب. وفي سياق متصل ناشد كمال سحنون عميد المهندسين سلطة الإشراف للتدخل عمليا من أجل وضع حد لعملية إفراغ البلاد والمؤسسات التونسية من المهندسين بسبب تفاقم ظاهرة هجرة أهل هذا القطاع بعد أن أصبح أكثر من 6 آلاف و500 مهندس تونسي يهاجرون سنويا.

وفي قطاع الصحة بينت نقابة الأطباء أن 80 % من الأطباء الشبان أي من الخريجين الجدد من كليات الطب بتونس يهاجرون للعمل بالخارج وتعد البلدان الأوروبية في مقدمة الجهات التي تستقطب هذه الشريحة من الكفاءات التونسية. الأمر الذي جعل عدة مؤسسات ومنشآت صحية وطبية في بلادنا تشكو شغورا في عدة مناصب بسبب هجرة الكفاءات وذوي الخبرة والتجربة.

وكشفت عمليات سبر للآراء أن أكثر من 90%  من الشباب التونسي يفكرون في الهجرة وأن 40 % يفكر في الهجرة بطرق غير نظامية. وقد تفاقمت ظاهرة الهجرة في السنوات الأخيرة بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية في بلادنا نتيجة أزمة كوفيد 19 وما خلفته من صعوبات وبطالة ومشاكل اجتماعية بالجملة. في المقابل لا تزال الجهات الرسمية تبحث سبل التحكم في هذه العملية ووضع البرامج للحد منها وتحويلها إلى مواطن تنمية وازدهار، رغم يقين الجميع أن المهمة ليست مستحيلة ولكنها ليست هينة وتتطلب مخططات وإمكانيات ضخمة وتغيير في مناويل التنمية على المدى الطويل.

نزيهة الغضباني 

خلال الثلاثي الأول من سنة 2023 |  ارتفاع أرقام هجرة الكفاءات التونسية وتواصل استنزاف الطاقة البشرية

 

  • كندا في المركز الأول للانتدابات تليها أوروبا ودخول بلدان إفريقية على الخط

تونس – الصباح

لا تزال هجرة الكفاءات التونسية إلى الخارج تستنزف طاقات الدولة. إذ كشفت الوكالة التونسية للتعاون الفني عن نتائج عمليات الهجرة الخاصة بالكفاءات التونسية إلى الخارج خلال الثلاثة أشهر الأولى لسنة 2023. وبينت أن العملية سجلت تطورا في عدد المنتدبين في إطار التعاون الفني بنسبة 6.6 %، موضحة أنه تم حتّى موفى مارس من هذا العام انتداب 826 إطارا تونسيا مقابل 775 إطارا خلال نفس الفترة من سنة 2022، بقطع النظر عن العروض والطلبات الواردة على الوكالة من مؤسسات بالخارج لانتداب كفاءات تونسية، دون اعتبار عمليات الانتداب أو هجرة الكفاءات التي تتم خارج إطار الوكالة التونسية للتعاون الفني.

وأشارت الوكالة إلى أن كندا تصدرت المركز الأول من مجموع الدول المنتدبة للكفاءات التونسية في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام مما يعني نشاط سوق الشغل والانتداب الخاصة بأمريكا الشمالية ودخولها على خط استقطاب الكفاءات التونسية وغيرها من المواطنين الراغبين في الهجرة من مختلف الشرائح العمرية وفي مختلف الاختصاصات المهنية تقريبا.

 وقد أطلقت عديد الجهات صيحات فزع في السنوات الأخيرة تنبه من خطورة عمليات الاستنزاف للكفاءات والأدمغة التونسية في مختلف المجالات العلمية والهندسية والتكنولوجية فضلا عن الباحثين والجامعيين مقابل صمت الجهات الرسمية وعدم تفاعلها أو تحركها من أجل وضع حد لذلك عبر تقديم مقاربات ومبادرات جديدة تتمثل في توفير ظروف عمل وإنتاج وبحث متطورة مقابل أجر محترم بما يساهم في تحقيق التنمية والتطور على مستوى وطني وضمان ظروف عيش كريمة لهذه الكفاءات، خاصة وأن تأثير هذه الهجرة على المجتمع والتنمية بشكل عام لاسيما ما تعلق بهجرة الكفاءات العلمية، بات واضحا وجليا، وذلك بعد أن تضاعفت هجرة الأطباء والعاملين في القطاع شبه الطبي بعد ظهور أزمة "كوفيد 19".

نزيف هجرة الكفاءات اعتبرته هياكل قطاعية عديدة من أكبر المشكلات في القطاع الصحي اليوم، بسبب خروج أصحاب الخبرات المهنية والعلمية والخريجين الجدد أيضا للعمل بالخارج في ظل تردي البنية التحتية للمؤسسات الصحية في بلادنا وضعف الإمكانيات التي تشجع على البحث والعمل والعيش المطلوبة والتي يمكن أن تغنيها عن الهجرة من ناحية أخرى.

ولعل في تغير خارطة التوزيع الجغرافي لانتداب الكفاءات التونسية بالخارج المسجل مؤخرا يؤكد مدى خطورة الوضع على بلادنا وتواصل نزيف الاستقطاب الأجنبي للكفاءات التي كلفت الدولة ميزانيات كبيرة لتكوينها. إذ تضمنت البيانات التي نشرتها الوكالة التونسية للتعاون الفني أن البلدان الأوروبية استقطبت 45%  من مجموع الانتدابات المسجلة في بداية السنة الجارية ثم البلدان العربية بنسبة 28 % مع تسجيل دخول سوق الشغل في القارة الإفريقية على خط انتداب الكفاءات التونسية على غرار موريتانيا والكوت ديفوار في مجالات مهنية عديدة أساسا منها الاتصالات والشبكات والطاقة والإعلامية والبيئة والاقتصاد والصحة غيرها.

 وفي نفس الإطار بينت الوكالة التونسية للتعاون الفني أنها بصدد متابعة 5 مشاريع في إطار التعاون الثلاثي مع البنك الإسلامي للتنمية في عديد الميادين على غرار الصحة والزراعة ورقمنة الخدمات المالية والتجارة والتصدير وذلك لفائدة موريتانيا والتشاد وجزر القمر وغينيا وجيبوتي وذلك خلال السنة الحالية ومن شانها أن تسفر عن انتداب عدد آخر من الكفاءات التونسية. ويذكر أن العدد الجملي للمتعاونين والخبراء الملحقين لدى الوكالة التونسية للتعاون الفني يبلغ حاليا 23181 متعاونا.

كما سبق أن أكد المدير العام للمرصد الوطني للهجرة عبد الرؤوف الجمل، أن تونس ستشهد مستقبلا ارتفاعا في عدد المهاجرين من الأدمغة والكفاءات بسبب الامتيازات التي تقدمها البلدان المستقطبة لهذه الفئات مقابل عديد الصعوبات في تونس. وحسب آخر دراسة أنجزها المعهد في فترة الأزمة الصحية فان حوالي 36 ألف تونسي يغادرون البلاد سنويا لعدة اعتبارات أهمها اقتصادية واجتماعية، ويأتي المهندسون والأطباء في قائمة الكفاءات التونسية المهاجرة وهم يتوزعون بالأساس، وفق ما نشره المرصد الوطني للهجرة، بين اختصاصات الهندسة الرقمية والطب. وفي سياق متصل ناشد كمال سحنون عميد المهندسين سلطة الإشراف للتدخل عمليا من أجل وضع حد لعملية إفراغ البلاد والمؤسسات التونسية من المهندسين بسبب تفاقم ظاهرة هجرة أهل هذا القطاع بعد أن أصبح أكثر من 6 آلاف و500 مهندس تونسي يهاجرون سنويا.

وفي قطاع الصحة بينت نقابة الأطباء أن 80 % من الأطباء الشبان أي من الخريجين الجدد من كليات الطب بتونس يهاجرون للعمل بالخارج وتعد البلدان الأوروبية في مقدمة الجهات التي تستقطب هذه الشريحة من الكفاءات التونسية. الأمر الذي جعل عدة مؤسسات ومنشآت صحية وطبية في بلادنا تشكو شغورا في عدة مناصب بسبب هجرة الكفاءات وذوي الخبرة والتجربة.

وكشفت عمليات سبر للآراء أن أكثر من 90%  من الشباب التونسي يفكرون في الهجرة وأن 40 % يفكر في الهجرة بطرق غير نظامية. وقد تفاقمت ظاهرة الهجرة في السنوات الأخيرة بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية في بلادنا نتيجة أزمة كوفيد 19 وما خلفته من صعوبات وبطالة ومشاكل اجتماعية بالجملة. في المقابل لا تزال الجهات الرسمية تبحث سبل التحكم في هذه العملية ووضع البرامج للحد منها وتحويلها إلى مواطن تنمية وازدهار، رغم يقين الجميع أن المهمة ليست مستحيلة ولكنها ليست هينة وتتطلب مخططات وإمكانيات ضخمة وتغيير في مناويل التنمية على المدى الطويل.

نزيهة الغضباني 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews