إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية ..رئيس الجمهورية مطالب بدعوة البرلمان الجديد للانعقاد في غضون أسبوعين

 
هذا ما ينتظر النواب الجدد: وكالة مشروطة.. حصانة مقيدة..  وصلاحيات محدودة
تونس: الصباح
تطبيقا لأحكام الفصل 71 من دستور 25 جويلية 2022 من المنتظر أن يقوم رئيس الجمهورية قيس سعيد بدعوة مجلس نواب الشعب إلى الانعقاد. إذ يتعين أن تكون بداية الدورة الأولى من المدة النيابية للمجلس في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية، وهو ما يعني أن المترشحين لهذه الانتخابات ممن صرحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بفوزهم فيها بصفة نهائية بعد انقضاء فترة الطعون أمام المحكمة الإدارية سيلتحقون بمقر المجلس في العاصمة في غضون الأسبوعين القادمين.
وتمّ انتخاب أعضاء مجلس نوّاب الشعب لمدة خمس سنوات ولكن إذا تعذّر إجراء الانتخابات القادمة في موعدها بسبب خطر داهم فيقع التمديد في مدة المجلس. ومقارنة بمن سبقهم سيجد النواب الجدد أنفسهم محكومين بجملة من القيود لعل أهمها إمكانية حسب الوكالة من النائب في دائرته الانتخابية في صورة إخلاله بواجب النزاهة أو تقصيره البين في القيام بواجباته النيابية أو عدم بذله العناية المطلوبة لتحقيق البرنامج الذي تقدم به عند الترشح إذ كرس الدستور آلية سحب وكالة النائب.
كما لا يمكن للنواب الجدد ممارسة أيّ نشاط بمقابل أو دونه وإذا انسحب أحدهم من الكتلة النيابية التي كان ينتمي إليها عند بداية المدّة النيابية فلا يجوز له الالتحاق بكتلة أخرى. وحتى الحصانة التي كان يتمتع بها النواب قبل تعليق أشغال مجلس نواب الشعب في 25 جويلية 2021 فقد تم تقييدها في دستور 2022 إذ نص على أنه لا يمكن تتبع النائب أو إيقافه أو محاكمته لأجل آراء يبديها أو اقتراحات يتقدم بها أو أعمال تدخل في إطار مهام نيابته داخل المجلس. ولا يمكن إجراء تتبع أو إيقاف أحد النوّاب طيلة نيابته من أجل تتبعات جزائية ما لم يرفع عنه مجلس نوّاب الشعب الحصانة. أما في حالة التلبّس بالجريمة، فإنه يمكن إيقافه ويتمّ إعلام المجلس حالا على أن ينتهي كل إيقاف إذا طلب المجلس ذلك وخلال عطلة المجلس، يقوم مكتبه مقامه، والأهم من ذلك أن النائب لا يتمتّع بالحصانة البرلمانية بالنّسبة إلى جرائم القذف والثلب وتبادل العنف المرتكبة داخل المجلس، كما لا يتمتع بها أيضا في صورة تعطيله للسّير العادي لأعمال المجلس.
وجاء تقييد حصانة نواب الشعب كردة فعل من قبل رئيس الجمهورية على ما حدث في المجلس النيابي المنحل.. ولعل أبرز دليل على ذلك ما جاء في المذكرة التفسيرية للدستور  من حديثه عن الفساد وافتعال الأزمات لصرف أنظار الشعب عن مطالبه المشروعة التي رفعها في ديسمبر 2010 وما فتئ يرددها منذ ذلك التاريخ فضلا عن التفقير والتنكيل والمغالطات والمناورات والقوانين التي توضع ويعلم من وضعها بأنها لن تجد طريقها إلى التنفيذ وقوانين أخرى توضع على المقاس لخدمة هذا الطرف أو ذاك كما وجه لهم تهما بإفراغ خزائن الدولة وسائر المؤسسات والمنشآت العمومية ليزداد الفقراء فقرا وإملاقا ويزداد الذين أفسدوا في كل مكان ثراء خارج أي إطار شرعي ومشروع.. وجاء في المذكرة التفسيرية :"أن الشعب التونسي في الداخل والخارج كان يحتج لأنه لم تعد تخفى عليه خافية، وكان يتابع وكله حسرة على ما حصل داخل مجلس نواب الشعب المنحل فلا تشريعات تحقق مطالبه وآماله ولا ممارسات مقبولة على أي مقياس من المقاييس، سب وشتم وهتك للأعراض بل وتبادل للعنف حتى سالت الدماء وقد طالب في إحدى المناسبات عدد غير قليل من أعضاء هذا المجلس المنحل بحله، هذا فضلا عن الدعوات الشعبية في كل مكان والتي كانت تتصاعد مطالبة بحله.. واقتضى الواجب المقدس واقتضت المسؤولية التاريخية أن يتم تجميد عمل المجلس قبل حله لإنقاذ الشعب وإنقاذ مؤسسات الدولة التي كانت على وشك الانهيار". وبالتالي فإن النواب الجدد سيجدون أنفسهم ملزمين بالانضباط ومجبرين على التحلي بحسن السلوك وإلا ترفع عنهم الحصانة.
 
 
الدبلوماسية البرلمانية؟
إضافة إلى الوكالة المشروطة برضاء الناخبين عنهم، والحصانة المقيدة فلن يمارس النواب الجدد نفس الصلاحيات التي مارسها من سبقهم في المجلس النيابي الذي قرر رئيس الجمهورية حله في 30 مارس 2022، ففي السابق وبمقتضى دستور 2014 والنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب الذي تم وضعه سنة 2015  كان النواب يتمتعون بصلاحيات تشريعية ورقابية وانتخابية وتمثيلية وبلغ بهم الأمر إلى منافسة رئيس الجمهورية ووزارة الخارجية في ممارسة العمل الدبلوماسي تحت غطاء الدبلوماسية البرلمانية وكان الكثير منهم يتضايق لأنه عندما يسافر إلى الخارج لا يجد السفارة التونسية والبعثة الدبلوماسية في خدمته.. وليس هذا فقط بل أنهم صادقوا في لجنة العلاقات الخارجية على مقترح قانون عرضه سفيان طوبال وهو يتعلق بإسناد جوازات السفر الدبلوماسية لأعضاء مجلس نواب الشعب في جلسة انعقدت يوم 20 فيفري 2022، وهو ما أثار موجة غضب شعبي عليهم، وهناك عدة جمعيات استنكرت وقتها المصادقة على ذلك المقترح وفي بيان مشترك بين الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام والجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية و الجمعية التونسية للدفاع عن القيم الجامعية وجمعية بيتي وجمعية يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان واللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان بتونس ومركز تونس لحرية الصحافة ومنظمة مناهضة التعذيب في تونس ومؤسسة أحمد التليلي للثقافة الديمقراطية، عبرت هذه الجمعيات عن انشغالها إزاء ما وصفته بتمادي العديد من أعضاء مجلس نواب الشعب  في إعلاء مصالحهم الشخصية، وحساباتهم الحزبية، فوق مصالح وأولويات ملايين التونسيات والتونسيين، المُتضررين من آثار البطالة والفقر والفساد، وتدهور المرافق العمومية، وانحدار قدراتهم الشرائية، بشكل لم يسبق له مثيل منذ الاستقلال واستنكرت مصادقة لجنة العلاقات الخارجية على مشروع قانون يتعلّق بإسناد أعضاء مجلس نواب الشعب جوازات سفر دبلوماسية لمُخالفة ذلك لروح ونص اتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية لسنة 1961 المُحدّدة للإجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الديبلوماسي بين الدول والمُبيّنة للحقوق الخاصة بأفراد البعثات الديبلوماسية، التي صادقت عليها تونس. وجاء في نفس البيان أن المصادقة تندرج - للأسف - في إطار مُسلسل لهث العديد من السياسيين وراء الامتيازات، في وقت يستمر فيه عجز الأحزاب الحاكمة منذ 2011 عن معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة، وارتفاع مؤشر الفساد، واتساع دائرة "زواج المتعة" بين أحزاب سياسية و"لوبيات" تجارية ومالية ما انفكت تتغوّل على مؤسسات الدولة، كما عبرت عن خشيتها من أن تتحول جوازات السفر الدبلوماسية، التي لا تُمنح لجميع أعضاء مجالس النواب في العديد من الدول الديمقراطية، الى وسيلة لانتهاك القانون والإفلات من المراقبة الجمركية واستفحال الفساد، مثلما يحدث في الدول المُستبدّة.
الأولوية لقوانين الرئيس
فبموجب المقتضيات الدستورية الجديدة إذن أصبحت صلاحيات النواب محدودة مقارنة بالسابق، ويمارس مجلس نواب الشعب الوظيفة التشريعيّة في حدود الاختصاصات المخوّلة له كما أن الأولوية في عرض مشاريع القوانين منحت لرئيس الجمهورية وبالنسبة إلى النواب فإن حقهم في عرض مقترحات القوانين مشروط أولا بتقديمها من قبل عشرة نواب على الأقل ويجب كذلك أن لا تكون فيها فصول من شأنها أن تخل بالتوازنات المالية للدولة، وهو ما يعني أن المترشحين للانتخابات التشريعية الذين فازوا بعضوية مجلس نواب الشعب الجديد والذين قدموا وعودا مغرية لناخبيهم لا يمكنهم تقديم مبادرات تشريعية أو مقترحات تعديل لقانون المالية والقوانين الأخرى التي يعرضها رئيس الجمهورية فيها كلفة تخل بالتوازنات المالية للدولة التي يقع ضبطها في قوانين المالية وقوانين المالية التعديلية، علما وأنه ليس من اختصاصهم تقديم مشاريع قوانين مالية فهذا الاختصاص مسند بصفة حصرية لرئيس الجمهورية.
وفي انتظار انعقاد الدورة الأولى لمجلس نواب الشعب الجديد هناك الكثير من الأسئلة الحارقة التي يطرحها النشطاء في المجتمع المدني حول أولويات المجلس، فهل أنه سيمنح الأولوية لسن نظامه الداخلي أم لتعديل القانون الانتخابي في اتجاه تسهيل انتخاب أعضاء المجلس بما يساعد على سد الشغور الموجود في سبع دوائر انتخابية بالخارج، أم أنه سينظر بدرجة أولى في المراسيم التي سنها رئيس الجمهورية قيس سعيد بمقتضى الأمر عدد 117 المتعلق لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بالتدابير الاستثنائية أم أن الأولوية ستكون لقانون المحكمة الدستورية وماذا عساه يفعل لمعالجة الأزمة الاقتصادية ومعضلة البطالة..
 
سعيدة بوهلال
 
 
 بعد الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية ..رئيس الجمهورية مطالب بدعوة البرلمان الجديد للانعقاد في غضون أسبوعين
 
هذا ما ينتظر النواب الجدد: وكالة مشروطة.. حصانة مقيدة..  وصلاحيات محدودة
تونس: الصباح
تطبيقا لأحكام الفصل 71 من دستور 25 جويلية 2022 من المنتظر أن يقوم رئيس الجمهورية قيس سعيد بدعوة مجلس نواب الشعب إلى الانعقاد. إذ يتعين أن تكون بداية الدورة الأولى من المدة النيابية للمجلس في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية، وهو ما يعني أن المترشحين لهذه الانتخابات ممن صرحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بفوزهم فيها بصفة نهائية بعد انقضاء فترة الطعون أمام المحكمة الإدارية سيلتحقون بمقر المجلس في العاصمة في غضون الأسبوعين القادمين.
وتمّ انتخاب أعضاء مجلس نوّاب الشعب لمدة خمس سنوات ولكن إذا تعذّر إجراء الانتخابات القادمة في موعدها بسبب خطر داهم فيقع التمديد في مدة المجلس. ومقارنة بمن سبقهم سيجد النواب الجدد أنفسهم محكومين بجملة من القيود لعل أهمها إمكانية حسب الوكالة من النائب في دائرته الانتخابية في صورة إخلاله بواجب النزاهة أو تقصيره البين في القيام بواجباته النيابية أو عدم بذله العناية المطلوبة لتحقيق البرنامج الذي تقدم به عند الترشح إذ كرس الدستور آلية سحب وكالة النائب.
كما لا يمكن للنواب الجدد ممارسة أيّ نشاط بمقابل أو دونه وإذا انسحب أحدهم من الكتلة النيابية التي كان ينتمي إليها عند بداية المدّة النيابية فلا يجوز له الالتحاق بكتلة أخرى. وحتى الحصانة التي كان يتمتع بها النواب قبل تعليق أشغال مجلس نواب الشعب في 25 جويلية 2021 فقد تم تقييدها في دستور 2022 إذ نص على أنه لا يمكن تتبع النائب أو إيقافه أو محاكمته لأجل آراء يبديها أو اقتراحات يتقدم بها أو أعمال تدخل في إطار مهام نيابته داخل المجلس. ولا يمكن إجراء تتبع أو إيقاف أحد النوّاب طيلة نيابته من أجل تتبعات جزائية ما لم يرفع عنه مجلس نوّاب الشعب الحصانة. أما في حالة التلبّس بالجريمة، فإنه يمكن إيقافه ويتمّ إعلام المجلس حالا على أن ينتهي كل إيقاف إذا طلب المجلس ذلك وخلال عطلة المجلس، يقوم مكتبه مقامه، والأهم من ذلك أن النائب لا يتمتّع بالحصانة البرلمانية بالنّسبة إلى جرائم القذف والثلب وتبادل العنف المرتكبة داخل المجلس، كما لا يتمتع بها أيضا في صورة تعطيله للسّير العادي لأعمال المجلس.
وجاء تقييد حصانة نواب الشعب كردة فعل من قبل رئيس الجمهورية على ما حدث في المجلس النيابي المنحل.. ولعل أبرز دليل على ذلك ما جاء في المذكرة التفسيرية للدستور  من حديثه عن الفساد وافتعال الأزمات لصرف أنظار الشعب عن مطالبه المشروعة التي رفعها في ديسمبر 2010 وما فتئ يرددها منذ ذلك التاريخ فضلا عن التفقير والتنكيل والمغالطات والمناورات والقوانين التي توضع ويعلم من وضعها بأنها لن تجد طريقها إلى التنفيذ وقوانين أخرى توضع على المقاس لخدمة هذا الطرف أو ذاك كما وجه لهم تهما بإفراغ خزائن الدولة وسائر المؤسسات والمنشآت العمومية ليزداد الفقراء فقرا وإملاقا ويزداد الذين أفسدوا في كل مكان ثراء خارج أي إطار شرعي ومشروع.. وجاء في المذكرة التفسيرية :"أن الشعب التونسي في الداخل والخارج كان يحتج لأنه لم تعد تخفى عليه خافية، وكان يتابع وكله حسرة على ما حصل داخل مجلس نواب الشعب المنحل فلا تشريعات تحقق مطالبه وآماله ولا ممارسات مقبولة على أي مقياس من المقاييس، سب وشتم وهتك للأعراض بل وتبادل للعنف حتى سالت الدماء وقد طالب في إحدى المناسبات عدد غير قليل من أعضاء هذا المجلس المنحل بحله، هذا فضلا عن الدعوات الشعبية في كل مكان والتي كانت تتصاعد مطالبة بحله.. واقتضى الواجب المقدس واقتضت المسؤولية التاريخية أن يتم تجميد عمل المجلس قبل حله لإنقاذ الشعب وإنقاذ مؤسسات الدولة التي كانت على وشك الانهيار". وبالتالي فإن النواب الجدد سيجدون أنفسهم ملزمين بالانضباط ومجبرين على التحلي بحسن السلوك وإلا ترفع عنهم الحصانة.
 
 
الدبلوماسية البرلمانية؟
إضافة إلى الوكالة المشروطة برضاء الناخبين عنهم، والحصانة المقيدة فلن يمارس النواب الجدد نفس الصلاحيات التي مارسها من سبقهم في المجلس النيابي الذي قرر رئيس الجمهورية حله في 30 مارس 2022، ففي السابق وبمقتضى دستور 2014 والنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب الذي تم وضعه سنة 2015  كان النواب يتمتعون بصلاحيات تشريعية ورقابية وانتخابية وتمثيلية وبلغ بهم الأمر إلى منافسة رئيس الجمهورية ووزارة الخارجية في ممارسة العمل الدبلوماسي تحت غطاء الدبلوماسية البرلمانية وكان الكثير منهم يتضايق لأنه عندما يسافر إلى الخارج لا يجد السفارة التونسية والبعثة الدبلوماسية في خدمته.. وليس هذا فقط بل أنهم صادقوا في لجنة العلاقات الخارجية على مقترح قانون عرضه سفيان طوبال وهو يتعلق بإسناد جوازات السفر الدبلوماسية لأعضاء مجلس نواب الشعب في جلسة انعقدت يوم 20 فيفري 2022، وهو ما أثار موجة غضب شعبي عليهم، وهناك عدة جمعيات استنكرت وقتها المصادقة على ذلك المقترح وفي بيان مشترك بين الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام والجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية و الجمعية التونسية للدفاع عن القيم الجامعية وجمعية بيتي وجمعية يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان واللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان بتونس ومركز تونس لحرية الصحافة ومنظمة مناهضة التعذيب في تونس ومؤسسة أحمد التليلي للثقافة الديمقراطية، عبرت هذه الجمعيات عن انشغالها إزاء ما وصفته بتمادي العديد من أعضاء مجلس نواب الشعب  في إعلاء مصالحهم الشخصية، وحساباتهم الحزبية، فوق مصالح وأولويات ملايين التونسيات والتونسيين، المُتضررين من آثار البطالة والفقر والفساد، وتدهور المرافق العمومية، وانحدار قدراتهم الشرائية، بشكل لم يسبق له مثيل منذ الاستقلال واستنكرت مصادقة لجنة العلاقات الخارجية على مشروع قانون يتعلّق بإسناد أعضاء مجلس نواب الشعب جوازات سفر دبلوماسية لمُخالفة ذلك لروح ونص اتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية لسنة 1961 المُحدّدة للإجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الديبلوماسي بين الدول والمُبيّنة للحقوق الخاصة بأفراد البعثات الديبلوماسية، التي صادقت عليها تونس. وجاء في نفس البيان أن المصادقة تندرج - للأسف - في إطار مُسلسل لهث العديد من السياسيين وراء الامتيازات، في وقت يستمر فيه عجز الأحزاب الحاكمة منذ 2011 عن معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة، وارتفاع مؤشر الفساد، واتساع دائرة "زواج المتعة" بين أحزاب سياسية و"لوبيات" تجارية ومالية ما انفكت تتغوّل على مؤسسات الدولة، كما عبرت عن خشيتها من أن تتحول جوازات السفر الدبلوماسية، التي لا تُمنح لجميع أعضاء مجالس النواب في العديد من الدول الديمقراطية، الى وسيلة لانتهاك القانون والإفلات من المراقبة الجمركية واستفحال الفساد، مثلما يحدث في الدول المُستبدّة.
الأولوية لقوانين الرئيس
فبموجب المقتضيات الدستورية الجديدة إذن أصبحت صلاحيات النواب محدودة مقارنة بالسابق، ويمارس مجلس نواب الشعب الوظيفة التشريعيّة في حدود الاختصاصات المخوّلة له كما أن الأولوية في عرض مشاريع القوانين منحت لرئيس الجمهورية وبالنسبة إلى النواب فإن حقهم في عرض مقترحات القوانين مشروط أولا بتقديمها من قبل عشرة نواب على الأقل ويجب كذلك أن لا تكون فيها فصول من شأنها أن تخل بالتوازنات المالية للدولة، وهو ما يعني أن المترشحين للانتخابات التشريعية الذين فازوا بعضوية مجلس نواب الشعب الجديد والذين قدموا وعودا مغرية لناخبيهم لا يمكنهم تقديم مبادرات تشريعية أو مقترحات تعديل لقانون المالية والقوانين الأخرى التي يعرضها رئيس الجمهورية فيها كلفة تخل بالتوازنات المالية للدولة التي يقع ضبطها في قوانين المالية وقوانين المالية التعديلية، علما وأنه ليس من اختصاصهم تقديم مشاريع قوانين مالية فهذا الاختصاص مسند بصفة حصرية لرئيس الجمهورية.
وفي انتظار انعقاد الدورة الأولى لمجلس نواب الشعب الجديد هناك الكثير من الأسئلة الحارقة التي يطرحها النشطاء في المجتمع المدني حول أولويات المجلس، فهل أنه سيمنح الأولوية لسن نظامه الداخلي أم لتعديل القانون الانتخابي في اتجاه تسهيل انتخاب أعضاء المجلس بما يساعد على سد الشغور الموجود في سبع دوائر انتخابية بالخارج، أم أنه سينظر بدرجة أولى في المراسيم التي سنها رئيس الجمهورية قيس سعيد بمقتضى الأمر عدد 117 المتعلق لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بالتدابير الاستثنائية أم أن الأولوية ستكون لقانون المحكمة الدستورية وماذا عساه يفعل لمعالجة الأزمة الاقتصادية ومعضلة البطالة..
 
سعيدة بوهلال