يعيش الرأي العام منذ أيام على وقع إيقافات مدوية لشخصيات معروفة سياسيا وإعلاميا ولشخصيات معروفة من قبل بنفوذها وقوتها.. ولكن هذه الإيقافات التي تمت بشكل خاص ولافت وتم تداولها إعلاميا محليا ودوليا رافقها صمت رسمي غريب وعجيب، حيث لم تدل الى حد كتابة هذه الأسطر، الأجهزة الرسمية التي قامت بعملية الإيقاف أو جهة التحقيق الإدلاء بما ينير الرأي العام حول التهم الموجهة الى هذه الشخصيات .
وهذا الصمت الرسمي غذّى الأقاويل والإشاعات وتحوّلت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي الى مواقع حصرية لمعلومات أغلبها مضلل وكذلك بعض الشخصيات الناشطة سياسيا.. والروايات التي يتم تداولها حول هذه الإيقافات هي روايات المحامين الذي ينوبون المتهمين أو من تم إيقافهم. وتبقى هذه الروايات مبتورة في غياب رواية رسمية مقنعة تقدمها الأجهزة خاصة وان الإيقافات التي تمت شملت شخصيات لها حضورها ووزنها في المشهد وبعضها كان مثيرا للجدل طيلة السنوات الماضية .
سياسية التعتيم متواصلة ..
منذ وصوله الى قصر قرطاج اعتمد الرئيس قيس سعيد سياسة اتصالية أحادية، حيث يرفض إجراء المقابلات الصحفية وتحوّلت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية الى المصدر الوحيد للمعلومة الرسمية التي تهم قصر قرطاج.. وبعد إعلان إجراءات 25 جويلية أصبحت السياسة الاتصالية لكل أجهزة الدولة متحفّظة وتميل الى التعتيم وشحّ المعلومة حيث تسلك الحكومة نفس السلوك في علاقة بالمعلومات التي يطلبها عادة الصحفيين لإنارة العام.. وحتى في قضايا كبرى وخطيرة تواصلت نفس السياسة التعتيمية وترفض الحكومة كما الرئاسة التجاوب مع الصحفيين في طلب المعلومة لإنارة الرأي العام .
وفي علاقة بالإيقافات الأخيرة سلكت الأجهزة نفس السلوك التعتيمي ولم تدل بأي معلومات بشأن هذه الإيقافات لم نجد إلا رواية المحامين يتم تداولها كمصدر وحيد للمعلومة .
فمحامية مدير عام إذاعة موزاييك نور الدين بوطار أكدت أن قضيته ليس لها أي علاقة من قريب أو من بعيد بجملة الإيقافات التي جدت مؤخرا وأوضحت أنه تم الاستماع إلى بوطار في مقر فرقة القرجاني دون توجيه أي تهمة له وحضرت خلال الاستماع لمنوبها ودونت في محضر التحرير أنه لم يقع إعلامهم بالتهمة الموجهة له كما أشارت المحامية أنه تم توجيه أسئلة الى بوطار بخصوص الخط التحريري للمؤسسة.
في حين أفاد الأستاذ أنور أولاد علي محامي وكيل الجمهورية الأسبق للمحكمة الابتدائية بتونس المعزول البشير العكرمي، إن موكله يحاسب بتهمة التقصير في التعامل مع ملف عملية باردو الإرهابية حيث اتهمه بعض الأمنيين بالتقصير في أداء دوره وقتها كوكيل للجمهورية وأنه قام بالإفراج عن أشخاص متورطين كان يجب الاحتفاظ بهم.
فيما أكد محامي الوزير الأسبق خيام التركي غازي الشواشي أن "كلّ الملفات فارغة وقريبا سيغادر الموقوفون مراكز الإيقاف". وأن الغاية من الإيقافات ترهيب المعارضين وبثّ الرعب في قلوب التونسيين والتغطية على فشل إدارة الرئيس قيس سعيّد في إدارة مختلف الملفات. مؤكدا أن الموقوفين في ثكنة بوشوشة وُجهت لهم تهمة التآمر على أمن الدولة والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام مشددا على أن تكييف هذه القضية كونها قضية إرهابية يندرج في إطار "توظيف القضاء وتوظيف قطب الإرهاب من قبل رئيس الجمهورية ضد خصومه السياسيين" وفق تعبيره.
ورغم هذه الروايات المختلفة للمحامين الذين ينوبون الموقوفين في موجة الإيقافات الأخيرة التي شملت نور الدين البحيري وابنه والقاضيين المعزولين الطيب راشد والبشير العكرمي وكذلك مدير عام إذاعة موزاييك نور الدين بوطار والقيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، تحاول أن تقدم لمحة عن المعطيات المتعلقة بإحالة منوبيهم على التحقيق إلا أن هذه الروايات تبقى مبتورة ولا يمكن اعتبارها معلومة رسمية لان فيها جانب ذاتي وجانب مصلحة المنوب.
ويفسّر أغلب الملاحظين تهرّب الأجهزة من تقديم معلومة رسمية حول هذه الإيقافات بخواء الملفات وعدم وجود تهم جدية وأن الهدف هو ترهيب الخصوم السياسيين.. وإذا كنّا لا نستطيع الجزم بخواء الملفات من عدمه فان صمت الأجهزة يبقى محيرا وتعتيم السلطة على كل ما يجري لا يخدم المناخ السياسي بل يغذيه بالشكوك .
منية العرفاوي
تونس–الصباح
يعيش الرأي العام منذ أيام على وقع إيقافات مدوية لشخصيات معروفة سياسيا وإعلاميا ولشخصيات معروفة من قبل بنفوذها وقوتها.. ولكن هذه الإيقافات التي تمت بشكل خاص ولافت وتم تداولها إعلاميا محليا ودوليا رافقها صمت رسمي غريب وعجيب، حيث لم تدل الى حد كتابة هذه الأسطر، الأجهزة الرسمية التي قامت بعملية الإيقاف أو جهة التحقيق الإدلاء بما ينير الرأي العام حول التهم الموجهة الى هذه الشخصيات .
وهذا الصمت الرسمي غذّى الأقاويل والإشاعات وتحوّلت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي الى مواقع حصرية لمعلومات أغلبها مضلل وكذلك بعض الشخصيات الناشطة سياسيا.. والروايات التي يتم تداولها حول هذه الإيقافات هي روايات المحامين الذي ينوبون المتهمين أو من تم إيقافهم. وتبقى هذه الروايات مبتورة في غياب رواية رسمية مقنعة تقدمها الأجهزة خاصة وان الإيقافات التي تمت شملت شخصيات لها حضورها ووزنها في المشهد وبعضها كان مثيرا للجدل طيلة السنوات الماضية .
سياسية التعتيم متواصلة ..
منذ وصوله الى قصر قرطاج اعتمد الرئيس قيس سعيد سياسة اتصالية أحادية، حيث يرفض إجراء المقابلات الصحفية وتحوّلت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية الى المصدر الوحيد للمعلومة الرسمية التي تهم قصر قرطاج.. وبعد إعلان إجراءات 25 جويلية أصبحت السياسة الاتصالية لكل أجهزة الدولة متحفّظة وتميل الى التعتيم وشحّ المعلومة حيث تسلك الحكومة نفس السلوك في علاقة بالمعلومات التي يطلبها عادة الصحفيين لإنارة العام.. وحتى في قضايا كبرى وخطيرة تواصلت نفس السياسة التعتيمية وترفض الحكومة كما الرئاسة التجاوب مع الصحفيين في طلب المعلومة لإنارة الرأي العام .
وفي علاقة بالإيقافات الأخيرة سلكت الأجهزة نفس السلوك التعتيمي ولم تدل بأي معلومات بشأن هذه الإيقافات لم نجد إلا رواية المحامين يتم تداولها كمصدر وحيد للمعلومة .
فمحامية مدير عام إذاعة موزاييك نور الدين بوطار أكدت أن قضيته ليس لها أي علاقة من قريب أو من بعيد بجملة الإيقافات التي جدت مؤخرا وأوضحت أنه تم الاستماع إلى بوطار في مقر فرقة القرجاني دون توجيه أي تهمة له وحضرت خلال الاستماع لمنوبها ودونت في محضر التحرير أنه لم يقع إعلامهم بالتهمة الموجهة له كما أشارت المحامية أنه تم توجيه أسئلة الى بوطار بخصوص الخط التحريري للمؤسسة.
في حين أفاد الأستاذ أنور أولاد علي محامي وكيل الجمهورية الأسبق للمحكمة الابتدائية بتونس المعزول البشير العكرمي، إن موكله يحاسب بتهمة التقصير في التعامل مع ملف عملية باردو الإرهابية حيث اتهمه بعض الأمنيين بالتقصير في أداء دوره وقتها كوكيل للجمهورية وأنه قام بالإفراج عن أشخاص متورطين كان يجب الاحتفاظ بهم.
فيما أكد محامي الوزير الأسبق خيام التركي غازي الشواشي أن "كلّ الملفات فارغة وقريبا سيغادر الموقوفون مراكز الإيقاف". وأن الغاية من الإيقافات ترهيب المعارضين وبثّ الرعب في قلوب التونسيين والتغطية على فشل إدارة الرئيس قيس سعيّد في إدارة مختلف الملفات. مؤكدا أن الموقوفين في ثكنة بوشوشة وُجهت لهم تهمة التآمر على أمن الدولة والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام مشددا على أن تكييف هذه القضية كونها قضية إرهابية يندرج في إطار "توظيف القضاء وتوظيف قطب الإرهاب من قبل رئيس الجمهورية ضد خصومه السياسيين" وفق تعبيره.
ورغم هذه الروايات المختلفة للمحامين الذين ينوبون الموقوفين في موجة الإيقافات الأخيرة التي شملت نور الدين البحيري وابنه والقاضيين المعزولين الطيب راشد والبشير العكرمي وكذلك مدير عام إذاعة موزاييك نور الدين بوطار والقيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، تحاول أن تقدم لمحة عن المعطيات المتعلقة بإحالة منوبيهم على التحقيق إلا أن هذه الروايات تبقى مبتورة ولا يمكن اعتبارها معلومة رسمية لان فيها جانب ذاتي وجانب مصلحة المنوب.
ويفسّر أغلب الملاحظين تهرّب الأجهزة من تقديم معلومة رسمية حول هذه الإيقافات بخواء الملفات وعدم وجود تهم جدية وأن الهدف هو ترهيب الخصوم السياسيين.. وإذا كنّا لا نستطيع الجزم بخواء الملفات من عدمه فان صمت الأجهزة يبقى محيرا وتعتيم السلطة على كل ما يجري لا يخدم المناخ السياسي بل يغذيه بالشكوك .