إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد صدور مسح معهد الإحصاء: تمدد رقعة الفقر.. والوضع اليوم أسوأ بكثير

 

تونس-الصباح

أعلن المعهد الوطني للإحصاء السبت الفارط أن نسبة الفقر في تونس ارتفعت سنة 2021 الى 16.6 بالمائة مقابل 15.2% سنة 2015 و20.5% سنة 2010 و23.1 % سنة 2005 مؤكدا وجود تفاوت في نسب اللامساواة حسب الجهات.

وابرز المعهد في بيان صادر عنه حول نتائج المسح الوطني حول الإنفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر لسنة 2021 انه يعتبر فقيرا سنة 2021 كل شخص لم يتجاوز انفاقه الاستهلاكي السنوي 2 .536 ديناراً.

الواضح من خلال معطيات معهد الإحصاء أن رقعة الفقر تتسع في البلاد كما أشارت إلى ذلك تقارير وطنية وأخرى دولية.

الواقع أبلغ

وربما تبدو هذه المؤشرات في تقدير البعض لا تعكس حقيقة الوضع الراهن وما يستشعره المواطن من تدني لمقدرته الشرائية وغلاء تكلفة العيش وتآكل للطبقة الوسطى لا سيما في الفترة الأخيرة التي لم يشملها المسح.

الأكيد أيضا أن سنة 2022 والسنة الحالية تلوح نتائجها كارثية على مستوى عيش التونسي لعدة عوامل لعل أبرزها وصول معدلات التضخم إلى مستويات قياسية ولهيب الأسعار المتواصل إلى جانب دخول الدولة فعليا في رفع الدعم مع بداية تطبيق قانون المالية للسنة الحالية مع تأخر بداية تفعيل ما سمي بتوجيه الدعم إلى مستحقيه عبر التحويلات المالية المنتظر أن توجه مباشرة للعائلات الفقيرة ومحدودة الدخل ولم تر النور إلى حد الآن بالتوازي مع بداية رفع الدعم على المحروقات وعلى جل المواد الأساسية .

وتشير اخر المؤشرات والتوقعات الدولة الخاصة بتونس والصادرة اخر الأسبوع الفارط عن  وكالة التصنيف الائتماني “فيتش رايتنغ” حول الوضع الاقتصادي والمالي في تونس، حيث توقعت  تواصل الضغوط التضخمية في تونس بسبب إقرار الحكومة إجراءات تقشفية شديدة تتجاوز التقديرات وترتكز بالأساس على الزيادة في نسب الضرائب والاداءات من جهة، وتخفيض الكبير في الدعم لا سيما في خصوص المواد الطاقية والكهرباء من جهة أخرى .

وشددت الوكالة على ان رفع الدعم على المحروقات في تونس يفوق تقديرات خبرائها التي تقوم على عدم تجاوز أسعار النفط والغاز في العالم هذا العام 4.1 بالمائة كمعدل .

نفقات الأكل والدواء

أبرز مسح معهد الإحصاء الصادر يوم السبت الفارط  أن هيكلة الإنفاق الأسري سنة 2021 تغيرت بشكل واضح عن العشريات السابقة مقدما كمثال على ذلك ارتفاع حصة التغذية في إجمالي الإنفاق من 28.9% سنة 2015 إلى 30.1% سنة 2021 بعد ان عرفت منحى تنازليا لعدة عقود مؤكدا أن هذه النسبة بلغت حوالي 35% بالنسبة للأسر الأقل إنفاقا.

وبين من جهة أخرى ان حصة النفقات المخصصة “للنقل” تراجعت بثلاث نقاط مئوية سنة 2021 مقابل ارتفاع هام في النفقات الخاصة بـ“الرعاية الصحية والشخصية” مقارنة بسنة 2015 وذلك تزامنا مع تفاقم الازمة الصحية.

والأكيد دائما أن الوضع تفاقم في السنة الفارطة وبداية السنة الحالية مع ما تشهده أسعار جل المواد من زيادات متواصلة جراء التضخم والنقص المسجل بسب أزمة المالية العمومية المتفاقمة بالإضافة  إلى الانفلات الرهيب وغياب قدرة الدولة على لجم المضاربين والمحتكرين. كما يشهد قطاع الدواء ارتفاعا مشطا في الأسعار مقارنة بالمقدرة الشرائية للمواطن وعدم توفر الأدوية في صيدليات المستشفيات العمومية مما يضطر المواطن الذي كان ينتفع ببعض الأدوية من المستشفيات إلى التوجه إلى الصيدليات الخاصة مما أثقل كاهل ضعاف الحال ومحدودي الدخل بنفقات إضافية في مجال التغذية والإنفاق على الصحة.

صرح في هذا السياق  رئيس منظمة إرشاد المستهلك لطفي الرياحي بأن  ''كلفة العائلة التونسية باهظة وباهظة جدا''.

وأكد في تصريح مؤخرا أنّ "أيّ عائلة تونسية تتكون من 4 أفراد تعيش في العاصمة دون اعتبار الإيجـار، تحتاج  لمبلغ قدره 3448 دينارا، وهو رقم نشره موقـع "نامبيو" العالمي نسخة عام 2020 لمؤشر كلفة العيش".

وقال الرياحي أيضا  أنّ "ارتفاع نسـبة التضخـم وتدهور المقدرة الشرائية أكثر، يعني أنه في السـنة الحالية قد تفاقمت بنســبة كبيرة احتياجات الأسرة، في حين أنّ مرتب يفوق 3 آلاف دينار لا يتحصل عليه الفئة الأكبر من الأجراء والموظفين".

ومع الضغوط التضخمية التي تلتهم الزيادات في الأجور وأصبح الفارق شاسعا بين نسبة الزيادة في الأجر ونسبة الزيادة في نسب التضخم إلى جانب مشاكل الدولة المالية التي أثرت على التزام الدولة بتفعيل الزيادات في الأجور وسط تواصل الحديث عن تجميد الأجور، فإن وضع الأجراء والموظفين في تونس والطبقة الوسطى ينذر بمزيد "التفقير" .

وقد وجّه المكتب التنفيذي الوطني للاتّحاد العام التونسي للشغل، أمس، مراسلة إلى رئيسة الحكومة حول المذكرة الصادرة عن رئاسة الحكومة المتعلّقة بكيفية تطبيق محضر اتّفاق الزيادات في الأجور في القطاع العام.

وأكّدت المراسلة أنّ المذكرة الصادرة عن رئاسة الحكومة المتعلّقة بتوضيح كيفية تطبيق محضر الزيادة في الأجور في القطاع العام تبعا للاتفاق الممضى بتاريخ 14 سبتمبر 2022 يعتبرها الاتّحاد العام التونسي للشغل تراجعا واضحا عن الاتفاق المذكور وضربا لمصداقية التفاوض.  وتمّ تحميل الحكومة كامل المسؤولية في هذا التراجع غير المبرّر.

تجدر الإشارة أيضا إلى أن تقرير صادر في وقت سابق عن البنك الدولي كان قد حذر من تفاقم معدلات الفقر في تونس إذا استمرت الأسعار العالمية بالارتفاع (التضخم) في الأشهر المتبقية من السنة الفارطة بنفس الوتيرة التي كانت عليها في أشهره الأولى، واستمر الدعم قائماً.

وتوقع البنك الدولي أن يرتفع معدل الفقر في تونس بمقدار 2.2 بالمائة، بالإضافة إلى زيادة مستويات التفاوت وعدم المساواة إلى حدّ ما، إذ سيرتفع مؤشر "جيني" من 32.82 إلى 32.9 نقطة.

ويعتبر مؤشر جيني (نسبة للعالم كورادو جيني) من المقاييس الهامة والأكثر شيوعا في قياس عدالة توزيع الدخل الوطني، وغالبا ما يستخدم في الاقتصاد لقياس مدى انحراف توزيع الثروة أو الدخل عن التوزيع المتساوي تماما.

وأوضح التقرير "أن التقديرات تشير إلى أن زيادة الأسعار العالمية بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا أدت إلى ارتفاع معدل الفقر في تونس بـ1.1 نقطة مائوية، وقد تم التخفيف من أثر ذلك على معيشة الأسر من خلال دعم المواد الغذائية ومنتجات الطاقة".

م.ي

بعد صدور مسح معهد الإحصاء:  تمدد رقعة الفقر.. والوضع اليوم أسوأ بكثير

 

تونس-الصباح

أعلن المعهد الوطني للإحصاء السبت الفارط أن نسبة الفقر في تونس ارتفعت سنة 2021 الى 16.6 بالمائة مقابل 15.2% سنة 2015 و20.5% سنة 2010 و23.1 % سنة 2005 مؤكدا وجود تفاوت في نسب اللامساواة حسب الجهات.

وابرز المعهد في بيان صادر عنه حول نتائج المسح الوطني حول الإنفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر لسنة 2021 انه يعتبر فقيرا سنة 2021 كل شخص لم يتجاوز انفاقه الاستهلاكي السنوي 2 .536 ديناراً.

الواضح من خلال معطيات معهد الإحصاء أن رقعة الفقر تتسع في البلاد كما أشارت إلى ذلك تقارير وطنية وأخرى دولية.

الواقع أبلغ

وربما تبدو هذه المؤشرات في تقدير البعض لا تعكس حقيقة الوضع الراهن وما يستشعره المواطن من تدني لمقدرته الشرائية وغلاء تكلفة العيش وتآكل للطبقة الوسطى لا سيما في الفترة الأخيرة التي لم يشملها المسح.

الأكيد أيضا أن سنة 2022 والسنة الحالية تلوح نتائجها كارثية على مستوى عيش التونسي لعدة عوامل لعل أبرزها وصول معدلات التضخم إلى مستويات قياسية ولهيب الأسعار المتواصل إلى جانب دخول الدولة فعليا في رفع الدعم مع بداية تطبيق قانون المالية للسنة الحالية مع تأخر بداية تفعيل ما سمي بتوجيه الدعم إلى مستحقيه عبر التحويلات المالية المنتظر أن توجه مباشرة للعائلات الفقيرة ومحدودة الدخل ولم تر النور إلى حد الآن بالتوازي مع بداية رفع الدعم على المحروقات وعلى جل المواد الأساسية .

وتشير اخر المؤشرات والتوقعات الدولة الخاصة بتونس والصادرة اخر الأسبوع الفارط عن  وكالة التصنيف الائتماني “فيتش رايتنغ” حول الوضع الاقتصادي والمالي في تونس، حيث توقعت  تواصل الضغوط التضخمية في تونس بسبب إقرار الحكومة إجراءات تقشفية شديدة تتجاوز التقديرات وترتكز بالأساس على الزيادة في نسب الضرائب والاداءات من جهة، وتخفيض الكبير في الدعم لا سيما في خصوص المواد الطاقية والكهرباء من جهة أخرى .

وشددت الوكالة على ان رفع الدعم على المحروقات في تونس يفوق تقديرات خبرائها التي تقوم على عدم تجاوز أسعار النفط والغاز في العالم هذا العام 4.1 بالمائة كمعدل .

نفقات الأكل والدواء

أبرز مسح معهد الإحصاء الصادر يوم السبت الفارط  أن هيكلة الإنفاق الأسري سنة 2021 تغيرت بشكل واضح عن العشريات السابقة مقدما كمثال على ذلك ارتفاع حصة التغذية في إجمالي الإنفاق من 28.9% سنة 2015 إلى 30.1% سنة 2021 بعد ان عرفت منحى تنازليا لعدة عقود مؤكدا أن هذه النسبة بلغت حوالي 35% بالنسبة للأسر الأقل إنفاقا.

وبين من جهة أخرى ان حصة النفقات المخصصة “للنقل” تراجعت بثلاث نقاط مئوية سنة 2021 مقابل ارتفاع هام في النفقات الخاصة بـ“الرعاية الصحية والشخصية” مقارنة بسنة 2015 وذلك تزامنا مع تفاقم الازمة الصحية.

والأكيد دائما أن الوضع تفاقم في السنة الفارطة وبداية السنة الحالية مع ما تشهده أسعار جل المواد من زيادات متواصلة جراء التضخم والنقص المسجل بسب أزمة المالية العمومية المتفاقمة بالإضافة  إلى الانفلات الرهيب وغياب قدرة الدولة على لجم المضاربين والمحتكرين. كما يشهد قطاع الدواء ارتفاعا مشطا في الأسعار مقارنة بالمقدرة الشرائية للمواطن وعدم توفر الأدوية في صيدليات المستشفيات العمومية مما يضطر المواطن الذي كان ينتفع ببعض الأدوية من المستشفيات إلى التوجه إلى الصيدليات الخاصة مما أثقل كاهل ضعاف الحال ومحدودي الدخل بنفقات إضافية في مجال التغذية والإنفاق على الصحة.

صرح في هذا السياق  رئيس منظمة إرشاد المستهلك لطفي الرياحي بأن  ''كلفة العائلة التونسية باهظة وباهظة جدا''.

وأكد في تصريح مؤخرا أنّ "أيّ عائلة تونسية تتكون من 4 أفراد تعيش في العاصمة دون اعتبار الإيجـار، تحتاج  لمبلغ قدره 3448 دينارا، وهو رقم نشره موقـع "نامبيو" العالمي نسخة عام 2020 لمؤشر كلفة العيش".

وقال الرياحي أيضا  أنّ "ارتفاع نسـبة التضخـم وتدهور المقدرة الشرائية أكثر، يعني أنه في السـنة الحالية قد تفاقمت بنســبة كبيرة احتياجات الأسرة، في حين أنّ مرتب يفوق 3 آلاف دينار لا يتحصل عليه الفئة الأكبر من الأجراء والموظفين".

ومع الضغوط التضخمية التي تلتهم الزيادات في الأجور وأصبح الفارق شاسعا بين نسبة الزيادة في الأجر ونسبة الزيادة في نسب التضخم إلى جانب مشاكل الدولة المالية التي أثرت على التزام الدولة بتفعيل الزيادات في الأجور وسط تواصل الحديث عن تجميد الأجور، فإن وضع الأجراء والموظفين في تونس والطبقة الوسطى ينذر بمزيد "التفقير" .

وقد وجّه المكتب التنفيذي الوطني للاتّحاد العام التونسي للشغل، أمس، مراسلة إلى رئيسة الحكومة حول المذكرة الصادرة عن رئاسة الحكومة المتعلّقة بكيفية تطبيق محضر اتّفاق الزيادات في الأجور في القطاع العام.

وأكّدت المراسلة أنّ المذكرة الصادرة عن رئاسة الحكومة المتعلّقة بتوضيح كيفية تطبيق محضر الزيادة في الأجور في القطاع العام تبعا للاتفاق الممضى بتاريخ 14 سبتمبر 2022 يعتبرها الاتّحاد العام التونسي للشغل تراجعا واضحا عن الاتفاق المذكور وضربا لمصداقية التفاوض.  وتمّ تحميل الحكومة كامل المسؤولية في هذا التراجع غير المبرّر.

تجدر الإشارة أيضا إلى أن تقرير صادر في وقت سابق عن البنك الدولي كان قد حذر من تفاقم معدلات الفقر في تونس إذا استمرت الأسعار العالمية بالارتفاع (التضخم) في الأشهر المتبقية من السنة الفارطة بنفس الوتيرة التي كانت عليها في أشهره الأولى، واستمر الدعم قائماً.

وتوقع البنك الدولي أن يرتفع معدل الفقر في تونس بمقدار 2.2 بالمائة، بالإضافة إلى زيادة مستويات التفاوت وعدم المساواة إلى حدّ ما، إذ سيرتفع مؤشر "جيني" من 32.82 إلى 32.9 نقطة.

ويعتبر مؤشر جيني (نسبة للعالم كورادو جيني) من المقاييس الهامة والأكثر شيوعا في قياس عدالة توزيع الدخل الوطني، وغالبا ما يستخدم في الاقتصاد لقياس مدى انحراف توزيع الثروة أو الدخل عن التوزيع المتساوي تماما.

وأوضح التقرير "أن التقديرات تشير إلى أن زيادة الأسعار العالمية بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا أدت إلى ارتفاع معدل الفقر في تونس بـ1.1 نقطة مائوية، وقد تم التخفيف من أثر ذلك على معيشة الأسر من خلال دعم المواد الغذائية ومنتجات الطاقة".

م.ي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews