*هل سيجبر سليم شيبوب في الصلح الجزائي على دفع 1800 مليار كما حدّد ذلك المكلف العام بنزاعات الدولة أو المبلغ الذي حددته هيئة بن سدرين؟
تونس – الصباح
دون حسم في ما سبق وتوضيح لما سيأتي..، اختار الرئيس قيس سعيّد أن يمضي قدما في مقترحه للصلح الجزائي كما تصوّره وأقترحه كأستاذ قانون دستوري في السنوات الأولى التي أعقبت الثورة..، واليوم انطق فعليا مسار الصلح الجزائي الذي يكرّس في فلسفته مبدأ العدالة الجزائية التعويضية كوسيلة لتوظيف عائدات الصلح الجزائي لفائدة المواطنين والجهات الأكثر فقرا بشكل تراتبي بمعنى أن الأكثر فسادا يتعهّد بالمعتمدية الأكثر فقرا وهكذا دواليك..، وذلك من خلال دخول قانون الصلح الجزائي حيز النفاذ، وكذلك بوجود الهيئة التي ستشرف على هذا الصلح الجزائي الذي يتوقّع الرئيس أن يؤمّن له موارد هامة لتعبئة ميزانية الدولة وهو الذي قدّر أن المبلغ المطلوب من أشخاص متورطين في الفساد يتراوح بين 10 و13.5 ألف مليار، وقال في تصريح سابق أنها موجودة في البنوك !
ولكن هل ما زالت فعلا تلك الأموال فاسدة المنشأ في البنوك، بعد 11 سنة من الثورة وبعد صفقات الكواليس التي عقدتها أحزاب مع فاسدين وبعد مسار عدالة انتقالية مشوّه انحرفت أهدافه من تفكيك منظومة الفساد والانتهاكات والقمع واستعادة الدولة لأموال الشعب المنهوبة إلى مسار صراعات وشبهات وتدليس كما أكدته تقارير موثوقة وشهادات أعضاء من داخل الهيئة..
ورغم أننا عمليا انتقلنا إلى مرحلة جديدة في آليات استعادة ما تم نهبه إلا أن رئيس الجمهورية لم يحسم بعد في مسار العدالة الانتقالية سياسيا وهو الذي يتفادى الحديث عنه سواء بتأييده أو رفضه أو التعليق على أعمال هيئة الحقيقة والكرامة، رغم أن حكومة الياس الفخفاخ والتي هي حكومة الرئيس هي من نشرت التقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة رغم الاعتراضات الكثيرة والتشكيك في نزاهة عمل هيئة الحقيقة والكرامة التي لم تحقق من مداخيل للدولة إلا 745 مليون دينار في شكل حبر على ورق. اتفاقيات التحكيم التي حبرتها لجنة التحكيم والمصالحة صلب هيئة الحقيقة والكرامة..، والتي تعتبر سقطت آليا بمرسوم الصلح الجزائي.
وفي كل هذه الفوضى وتضارب المسارات ما زال القضاء يتلكأ ويماطل في حسم الموقف سواء في قضايا التدليس والتجاوزات التي أشارت إليها دائرة المحاسبات أو من خلال القضايا المرفوعة أمامه وما تزال قيد التحقيق منذ سنوات..، وكذلك هذا القضاء لم يحسم بعد في أغلب الروايات المتداولة إعلاميا وهي في مجملها روايات كاذبة إما يسعى أبطالها للتنصّل من المسؤولية أو لإظهار أنفسهم في شكل أبطال وهم الذين عاينوا الخروقات وصمتوا في وقت سابق..
والى أن يحسم القضاء وتتوضح الرؤية من مسار العدالة الانتقالية المعطوب والذي يتعسّف البعض في تبييضه بالرغم من هناته..، سيبقى هذا المسار متداخلا ومتنافرا مع خيار الرئيس الجديد في علاقة بالصلح الجزائي.
الصلح الجزائي يصطدم بواقع سابق
رغم عدم الاعتراف الصريح فان مرسوم الصلح الجزائي لا يمكن فهمه إلا في سياق أنه آلية جديدة محدثة على أنقاض تجربة العدالة الانتقالية التي أشرفت عليها هيئة الحقيقة والكرامة، وهي تجربة فاشلة لم تحقق النتائج المتوقعة منها بعد إخضاعها إلى المزايدات الحزبية سواء في بعث هيئة الحقيقة والكرامة أو بعد ذلك في التعاطي مع هذه الهيئة التي فشلت بدورها في تحقيق الأهداف التي بعثت من أجلها ونخرتها الصراعات وتعثّر عملها رغم كل الضجيج الذي كان حولها. وبالتالي الصلح الجزائي يأتي بعد ثبوت تعثّر مسارات المحاسبة والمصادرة واسترجاع الأموال المنهوبة، بالإضافة إلى النتائج المعدومة التي سجلتها المصالحة الاقتصادية المقترحة من الباجي قايد السبسي.
واليوم يواجه هذا الصلح تحديات واقعية فهو يتوجه إلى الأشخاص الذين لم تستكمل في شأنهم إجراءات مصادرة أموالهم واسترجاعها من الخارج طبقا لمرسوم المصادرة عدد 13 لسنة 2011 وكذلك الأشخاص الذين استفادوا من الأملاك المصادرة دون القيمة الحقيقية لها، وكل الجرائم الاقتصادية والمالية المرتكبة قبل سنة 2011 وإلى حدّ 20 مارس 2022 الموافق لتاريخ نشر مرسوم الصلح الجزائي..، ولكن هذه المدة ونوع الأشخاص الموجه لهم هذا المرسوم سبق وأنهم كانوا مشمولين بالعدالة الانتقالية وقد أجريت اتفاقيات تحكيمية في هذا الغرض، فكيف اليوم سيكون التصرّف معهم وما مصير هذه الاتفاقيات التحكيمية والتي هي في الأصل محل طعن أمام القضاء؟
اتفاقيات المصالحة
أثارت ملفات الصلح التي عقدتها هيئة الحقيقة والكرامة الكثير من الانتقادات، والشبهات وهي اليوم محلّ تتبع قضائي، فلجنة التحكيم والمصالحة التي اختصت في مطالب الصلح في ملفات الفساد لأشخاص ثبت تورطهم بالقانون، وجدوا في العدالة الانتقالية طوق للنجاة من التتبعات من خلال بعض التنازلات حيث يُرمى ببعض فتات ثرواتهم للدولة في إطار اتفاقيات صلح هزيلة جعلتهم يفلتون من العقاب !!
رئيس اللجنة الحامل لصفة المحامي، خالد الكريشي، حكم في ملفات منوبيه، رجال أعمال سابقين تورطوا في الفساد ومنهم لزهر سطا (حريفه) في مكتب المحاماة الذي يملكه بالشراكة مع الأستاذ مبروك كورشيد، والذي كان بدوره مرجع نظر في هذه الملفات بصفته وزيرا لأملاك الدولة ورئيس لجنة الصلح بالوزارة وتحت إشرافه مؤسسة المكلف العام بنزاعات والذي هو طرف أساسي في عملية الصلح وفق قانون العدالة الانتقالية..
وحركة النهضة»عرابة «العدالة الانتقالية تولى أغلب المحامين البارزين والمنتمين لها سياسيا والمؤثرين في قراراتها وفي قرارات الحكم، إنابة مورطين في الفساد، وتمثيلهم بطريقة ما أمام هيئة الكرامة! وهو ما قد يفسر الموقف المحايد للحركة من الهيئة رغم الأخطاء والتجاوزات..
هذه الأخطاء التي أكدتها تقارير دائرة المحاسبات حول أعمال هيئة الحقيقة والكرامة، وشهادات مستشارين سابقين بنزاعات الدولة، أعضاء سابقين بالهيئة، إحالات قضائية على القطب القضائي المالي، وعلى فرق مختصة..، ولكن رغم كل ذلك ما زال الموقف السياسي إلى اليوم غير واضح لا من هذا المسار ولا من تبعاته!
عُرضت أمام هذه اللجنة، ملفات صلح خطيرة كانت الدولة فيها ضحية لناهبي المال العام زمن الدكتاتورية، ومن أبرز الأسماء التي حامت حوله شبهات ترتقي إلى مستوى الحقائق بشان تضارب المصالح و»المجاملات «في الصلح وفي المبالغ التي تم تحصيلها بعنوان جبر ضرر للدولة وفق اتفاقيات تحكيمية أمضتها هيئة بن سدرين، نجد لزهر سطا..
حيث تعمد رئيس لجنة التحكيم، الأستاذ خالد الكريشي، إبرام اتفاقية الصلح المبدئية والمشاركة في الفصل في ملف منوبه السابق وحريف مكتب المحاماة الذي يشتغل فيه، وهو ما أثارته في البداية منظمة "أنا يقظ" في 2018. وقد تأكدت هذه العلاقة المهنية من خلال الأختام الموجودة على ملف سطا وتمثل ختمي الأستاذ خالد الكريشي المحامي باعتباره شريكا في شركة التوفيق للمحاماة وأيضا ختم زوجته الأستاذة سماح الخماسي التي تمارس عملها بنفس شركة المحاماة بما يعني أن ملف سطا كان يناقش بالتزامن داخل مكتب المحاماة الذي ينوبه وداخل لجنة التحكيم في نفس الوقت ومن نفس الشخص..
وهذا التضارب الخطير في المصالح تفطنت له دائرة المحاسبات في تقريرها الأولي في مهمة رقابة على هيئة الحقيقة والكرامة حيث أوردت في ملاحظتها عدد 361 أنه "تبين للفريق الرقابي تعهّد رئيس اللجنة وزوجته بالملف المذكور وذلك من خلال وضع تأشيرتي مكتب الزوجة ومكتب رئيس اللجنة كشريك بشركة التوفيق للمحاماة على الملف التحكيمي"..
وقد نفي الرئيس السابق للجنة التحكيم والمصالحة خالد الكريشي، الذي كان مؤتمنا على الصلح في ملفات الفساد المالي والنائب السابق في البرلمان عن حركة الشعب، مسألة تضارب المصالح عندما قمنا بمواجهته بما ورد في تقرير دائرة المحاسبات وأكدتها أعمال التحقق والتحري التي قمنا بها في هذا الملف..
غير أن تقرير دائرة المحاسبات يفند إجابة الكريشي حيث اعتبر أن الهيئة لم تطبق القانون الذي يفرض البت في مطلب التجريح في أجل أسبوع وأن ذلك لم يحصل إلا بعد سنة ونصف واصل خلالها رئيس اللجنة مباشرة مهامه والتداول في جميع ملفات التحكيم والمصالحة معتبرة أن ذلك تضارب مصالح لا شبهة فيه..، ولكن خالد الكريشي أكد في إجابة كتابية أنه لم يمض على أي قرار تحكيمي من 11 قرار موضوعه فساد مالي ولم يشارك في اتخاذ أي قرار فيهم وأنه جرح في نفسه تلقائيا في هذه الملفات منذ أواخر نوفمبر 2016 وقال أن سبب التجريح كان علاقة مهنية سابقة كانت تربطه بوزير أملاك الدولة الأسبق مبروك كورشيد، وقبل مجلس الهيئة ذلك في ماي 2018 أي قبل أن يصدر 11 قرارا تحكيميا. لكن ما يؤكد وبصفة قاطعة ما ذهبت إليه دائرة المحاسبات، هو أنه بتاريخ 19 جويلية 2019 قام بإبرام اتفاقية تحكيم ومصالحة مع لزهر سطا..
الأملاك المصادرة
من الأشخاص الذين يستهدفهم اليوم مرسوم الصلح الجزائي هم الأشخاص الذين لم تستكمل في شأنهم إجراءات مصادرة أموالهم واسترجاعها من الخارج مثل سليم شيبوب ولكن نجد أن من الملفات الهامة التي وردت على لجنة التحكيم والمصالحة بهيئة الحقيقة والكرامة هو ملف سليم شيبوب (محاميه أمام الهيئة الأستاذ هيكل المكي النائب السابق عن حركة الشعب)الذي تمسك المكلف العام بنزاعات الدولة بطلباته وهي 1800 مليار كتعويض مادي ومعنوي على الأضرار الحاصلة للدولة. لكن المقترح من هيئة سهام بن سدرين هو 307 مليارات، وقد صادق غالبية المجلس على هذا القرار مع تقسيطه على 4 أقساط وعلى أن يطرح منه أملاكه المصادرة وذلك بعد أن تمسك طالب التحكيم ومحاميه بإدماج الأملاك المصادرة في هذا القرار التحكيمي!! علما وأنه في تقديرات هيئة الحقيقة والكرامة الأولية كان المبلغ المطالب سليم شيبوب بدفعه كتعويض للدولة التونسية يصل إلى 5000 مليار!
ومن الملفات التي حامت حولها شبهات كذلك، ملف سليم زروق صهر بن علي، الذي هو حريف مهم لشركة محاماة على ملك محام مؤثر سياسيا وقياديا في حركة النهضة حيث أصدرت هيئة سهام بن سدرين "قرارا تحكيميا" لفائدته، نصت فيه على مبلغ 33 مليارا مع تمكينه من استرجاع أملاكه المصادرة من الدولة..
أما بخصوص ملف عماد الطرابلسي، الذي يطالب اليوم بتنفيذ حكم هيئة الحقيقة والكرامة، فقد تم الحكم في ملفه بـ235 مليارا يرجع منه نقدا للدولة 35 مليارا فقط و200 مليار يتم خلاصها من الأملاك المصادرة مع تكفل الدولة بخلاص شيكاته !بالإضافة إلى أن مجلس الهيئة قد صادق بتاريخ 28 جانفي 2018 على طرح الأملاك المصادرة من قيمة الأضرار الواجب تعويضها للدولة واحتفاظ طالب التحكيم بأولوية الشراء لأملاكه المصادرة..، وقد تم الزج في قانون المصالحة بالأملاك المصادرة دون موجب قانوني واليوم تعود هذه الأملاك وأصحابها إلى الواجهة مع مرسوم الصلح الجزائي.
عضو هيئة الحقيقة والكرامة سابقا ابتهال عبد اللطيف لـ"الصباح": نبهت حكومة الفخفاخ من نشر التقرير المدلّس للهيئة ولكنهم تجاهلوني..
-بعض"الثوريين " نصحوني بعدم التوجّه إلى القضاء لأن بن سدرين فوق القانون..
-لجنة المصالحة داخل هيئة الحقيقة تم استغلالها لتبييض رجال أعمال فاسدين
تونس – الصباح
نائبة رئيس لجنة التحكيم والمصالحة، ابتهال عبد اللطيف، كانت العضو الذي رفضت إمضاء التقرير الختامي للهيئة، وأكدت أن تقرير هيئة الحقيقة والكرامة تقرير مزوّر، وأن مسار العدالة الانتقالية مسار مشوه..، كما كانت ابتهال عبد اللطيف أول من توجّه للقضاء وراسلت المكلف العام بنزاعات الدولة للتجريح في أعمال الهيئة والخروقات التي شابت عملها، وقد قالت في تصريح سابق لـ"الصباح" في تقييمها لعمل اللجنة التي تولت فيها مهمة نائب رئيس، أجابت عبد اللطيف، أن تلك اللجنة وقع استغلالها كوسيلة لتبييض بعض رجال أعمال من الفاسدين الذين ارتكبوا انتهاكات جسيمة أضرت بالمال العام وبالدولة.
علما وأن نائبة رئيس اللجنة تقدمت بتاريخ 25 نوفمبر2019 بشكاية جزائية ضد كل من سهادم بن سدرين، ولزهر سطا، وخالد الكريشي وزوجته المحامية سماح الخماسي، ومبروك كورشيد، طالبت فيها بعرض اتفاقيات التحكيم والمصالحة على الاختبارات المالية والنظر في مدى تطابقها مع مصلحة الدولة، والأخطر وفق ما ورد بنص الشكاية التحقق من مصادر الإثراء والمطالبة باحتساب المداخيل لكل من له علاقة بهذه النزاعات التحكيمية!
ومع المستجدات الجديدة في علاقة بدخول مرسوم الصلح الجزائي تقول ابتهال عبد اللطيف في تصريح لـ"الصباح " ردّا عن سؤال حول مآل ملف القضية التي أثارته حول تدليس التقرير النهائي كعضو سابق بالهيئة، تقول" كنت العضو الوحيد الذي كشفت هذا التدليس باعتباري اطلعت على التقرير الختامي الذي تم إرساله للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، ثم التقرير الذي نشرته بن سدرين فيما بعد، وأضافت به مسائل خطيرة جدا ستؤدي لإفلاس الدولة ورهن الأجيال اللاحقة... من ذلك وضعت تقديرات بالتعويض لخصم الدولة التونسية عبد المجيد بـ 3 آلاف مليار.. وكنت قد نبهت حكومة الياس الفخفاخ عبر التنبيه عليه عن طريق عدل منفذ من مغبة نشر التقرير الختامي بالرائد الرسمي وطالبت بالتأكد من صحة كلامي بمقارنة التقرير الختامي المودع لدى رئاسة الجمهورية والتقرير المرسل إلى حكومة الفخفاخ حينها".
وتضيف عبد اللطيف أن حكومة الفخفاخ تجاهلت التنبيه قائلة:" لقد تم تجاهل ذلك التنبيه وتم الإسراع في نشر التقرير من طرف أصدقاء بن سدرين في الحكومة والتضحية بمصلحة الوطن وتمت محاولات كثيرة لإسكات صوتي وتشويهي" .
وتضيف عبد اللطيف " بعد تنبيه الفخفاخ توجهت للقضاء بشكاية وكذلك لهيئة مكافحة الفساد كما تم سماعي من محامي الدولة أمام المحكمة الدولية في 11سبتمبر 2020 واعتماد شهادتي حول التدليس للطعن في التقرير الختامي الذي تم نشره بالرائد الرسمي واتخذه عبد المجيد بودن حجة ضد تونس أمام الـcirdi للمطالبة بتعويضات خيالية تتجاوز 5 آلاف مليون دينار، وفي 2 فيفري 2021 تقدم المكلف العام بنزاعات الدولة بشكاية للقضاء بناء على شكايتي التي تقدمت بها وتم سماعي من فرقة الأبحاث الاقتصادية وأيضا بالقطب القضائي المالي وأنا متأكدة من ثبوت التدليس ،...كما أود أن أشير إلى أن الكثير من رجال القانون والسياسة من " الثوريين «طلبوا مني الصمت وعدم التوجه للقضاء لأن بن سدرين محمية وهي كانت دوما فوق القانون وستبقى كذلك... وحتى لا أكون خائنة للأمانة والمسؤولية التي تقلدتها توجهت للقضاء منذ 2019 لاعتقادي أن هناك الكثير من القضاة الشرفاء ويقيني بأنه ستفتح هذه الشكايات ولو بعد سنين طويلة لما فيها من أضرار بالدولة والشعب..، وأخيرا أتساءل هل ستتم محاسبة حقيقية لكل من أضر بمسار العدالة الانتقالية وتلاعب به وضيع على الشعب فرصته التاريخية لاسترداد حقوقه والقطع مع الفساد وممارسات الماضي واسترجاع البعض من أمواله التي سرقت..، خاصة بعدما أجمعت كل الأحزاب على غلق ملف العدالة الانتقالية بعد نشر التقرير الختامي المدلس والصمت عن كل إخلالات المسار وشبهات فساده".
وفي إجابة عن سؤال حول مآل العدالة الانتقالية بعد دخول قانون الصلح الجزائي حيز التنفيذ، تقول ابتهال عبد اللطيف: "الذي أجهض مسار العدالة الانتقالية هو العبث الذي طاله وشبهات الفساد الكثيرة وتضارب المصالح والتدليس سواء في التقرير الختامي أو في الاتفاقيات التحكيمية لرجال الأعمال..، كان الأولى منذ بداية المسار عدم إدماج التحكيم والمصالحة في قضايا الفساد المالي بهيئة الحقيقة والكرامة وكان من الأولى اقتصار هذه الهيئة على حقوق الضحايا مثل جل هيئات الحقيقة في العالم وتخصيص هيئة منفردة لقضايا الفساد المالي...، لأن ما وقع من تلاعب بالاتفاقيات التحكيمية مع رجال الأعمال والانحياز لهم ضد الدولة بتمتيعهم بأحكام بخسة مع التنصيص على إرجاع أملاكهم المصادرة ضمن الاتفاقيات وتدخل محامين من أحزاب نافذة لصدور هذه الاتفاقيات المنحازة...، كل هذا جعل منه مسارا مشوها لا يستجيب لتطلعات شعب قام بثورة حتى يقطع مع ممارسات الماضي من استبداد وفساد وتزوير " .
*هل سيجبر سليم شيبوب في الصلح الجزائي على دفع 1800 مليار كما حدّد ذلك المكلف العام بنزاعات الدولة أو المبلغ الذي حددته هيئة بن سدرين؟
تونس – الصباح
دون حسم في ما سبق وتوضيح لما سيأتي..، اختار الرئيس قيس سعيّد أن يمضي قدما في مقترحه للصلح الجزائي كما تصوّره وأقترحه كأستاذ قانون دستوري في السنوات الأولى التي أعقبت الثورة..، واليوم انطق فعليا مسار الصلح الجزائي الذي يكرّس في فلسفته مبدأ العدالة الجزائية التعويضية كوسيلة لتوظيف عائدات الصلح الجزائي لفائدة المواطنين والجهات الأكثر فقرا بشكل تراتبي بمعنى أن الأكثر فسادا يتعهّد بالمعتمدية الأكثر فقرا وهكذا دواليك..، وذلك من خلال دخول قانون الصلح الجزائي حيز النفاذ، وكذلك بوجود الهيئة التي ستشرف على هذا الصلح الجزائي الذي يتوقّع الرئيس أن يؤمّن له موارد هامة لتعبئة ميزانية الدولة وهو الذي قدّر أن المبلغ المطلوب من أشخاص متورطين في الفساد يتراوح بين 10 و13.5 ألف مليار، وقال في تصريح سابق أنها موجودة في البنوك !
ولكن هل ما زالت فعلا تلك الأموال فاسدة المنشأ في البنوك، بعد 11 سنة من الثورة وبعد صفقات الكواليس التي عقدتها أحزاب مع فاسدين وبعد مسار عدالة انتقالية مشوّه انحرفت أهدافه من تفكيك منظومة الفساد والانتهاكات والقمع واستعادة الدولة لأموال الشعب المنهوبة إلى مسار صراعات وشبهات وتدليس كما أكدته تقارير موثوقة وشهادات أعضاء من داخل الهيئة..
ورغم أننا عمليا انتقلنا إلى مرحلة جديدة في آليات استعادة ما تم نهبه إلا أن رئيس الجمهورية لم يحسم بعد في مسار العدالة الانتقالية سياسيا وهو الذي يتفادى الحديث عنه سواء بتأييده أو رفضه أو التعليق على أعمال هيئة الحقيقة والكرامة، رغم أن حكومة الياس الفخفاخ والتي هي حكومة الرئيس هي من نشرت التقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة رغم الاعتراضات الكثيرة والتشكيك في نزاهة عمل هيئة الحقيقة والكرامة التي لم تحقق من مداخيل للدولة إلا 745 مليون دينار في شكل حبر على ورق. اتفاقيات التحكيم التي حبرتها لجنة التحكيم والمصالحة صلب هيئة الحقيقة والكرامة..، والتي تعتبر سقطت آليا بمرسوم الصلح الجزائي.
وفي كل هذه الفوضى وتضارب المسارات ما زال القضاء يتلكأ ويماطل في حسم الموقف سواء في قضايا التدليس والتجاوزات التي أشارت إليها دائرة المحاسبات أو من خلال القضايا المرفوعة أمامه وما تزال قيد التحقيق منذ سنوات..، وكذلك هذا القضاء لم يحسم بعد في أغلب الروايات المتداولة إعلاميا وهي في مجملها روايات كاذبة إما يسعى أبطالها للتنصّل من المسؤولية أو لإظهار أنفسهم في شكل أبطال وهم الذين عاينوا الخروقات وصمتوا في وقت سابق..
والى أن يحسم القضاء وتتوضح الرؤية من مسار العدالة الانتقالية المعطوب والذي يتعسّف البعض في تبييضه بالرغم من هناته..، سيبقى هذا المسار متداخلا ومتنافرا مع خيار الرئيس الجديد في علاقة بالصلح الجزائي.
الصلح الجزائي يصطدم بواقع سابق
رغم عدم الاعتراف الصريح فان مرسوم الصلح الجزائي لا يمكن فهمه إلا في سياق أنه آلية جديدة محدثة على أنقاض تجربة العدالة الانتقالية التي أشرفت عليها هيئة الحقيقة والكرامة، وهي تجربة فاشلة لم تحقق النتائج المتوقعة منها بعد إخضاعها إلى المزايدات الحزبية سواء في بعث هيئة الحقيقة والكرامة أو بعد ذلك في التعاطي مع هذه الهيئة التي فشلت بدورها في تحقيق الأهداف التي بعثت من أجلها ونخرتها الصراعات وتعثّر عملها رغم كل الضجيج الذي كان حولها. وبالتالي الصلح الجزائي يأتي بعد ثبوت تعثّر مسارات المحاسبة والمصادرة واسترجاع الأموال المنهوبة، بالإضافة إلى النتائج المعدومة التي سجلتها المصالحة الاقتصادية المقترحة من الباجي قايد السبسي.
واليوم يواجه هذا الصلح تحديات واقعية فهو يتوجه إلى الأشخاص الذين لم تستكمل في شأنهم إجراءات مصادرة أموالهم واسترجاعها من الخارج طبقا لمرسوم المصادرة عدد 13 لسنة 2011 وكذلك الأشخاص الذين استفادوا من الأملاك المصادرة دون القيمة الحقيقية لها، وكل الجرائم الاقتصادية والمالية المرتكبة قبل سنة 2011 وإلى حدّ 20 مارس 2022 الموافق لتاريخ نشر مرسوم الصلح الجزائي..، ولكن هذه المدة ونوع الأشخاص الموجه لهم هذا المرسوم سبق وأنهم كانوا مشمولين بالعدالة الانتقالية وقد أجريت اتفاقيات تحكيمية في هذا الغرض، فكيف اليوم سيكون التصرّف معهم وما مصير هذه الاتفاقيات التحكيمية والتي هي في الأصل محل طعن أمام القضاء؟
اتفاقيات المصالحة
أثارت ملفات الصلح التي عقدتها هيئة الحقيقة والكرامة الكثير من الانتقادات، والشبهات وهي اليوم محلّ تتبع قضائي، فلجنة التحكيم والمصالحة التي اختصت في مطالب الصلح في ملفات الفساد لأشخاص ثبت تورطهم بالقانون، وجدوا في العدالة الانتقالية طوق للنجاة من التتبعات من خلال بعض التنازلات حيث يُرمى ببعض فتات ثرواتهم للدولة في إطار اتفاقيات صلح هزيلة جعلتهم يفلتون من العقاب !!
رئيس اللجنة الحامل لصفة المحامي، خالد الكريشي، حكم في ملفات منوبيه، رجال أعمال سابقين تورطوا في الفساد ومنهم لزهر سطا (حريفه) في مكتب المحاماة الذي يملكه بالشراكة مع الأستاذ مبروك كورشيد، والذي كان بدوره مرجع نظر في هذه الملفات بصفته وزيرا لأملاك الدولة ورئيس لجنة الصلح بالوزارة وتحت إشرافه مؤسسة المكلف العام بنزاعات والذي هو طرف أساسي في عملية الصلح وفق قانون العدالة الانتقالية..
وحركة النهضة»عرابة «العدالة الانتقالية تولى أغلب المحامين البارزين والمنتمين لها سياسيا والمؤثرين في قراراتها وفي قرارات الحكم، إنابة مورطين في الفساد، وتمثيلهم بطريقة ما أمام هيئة الكرامة! وهو ما قد يفسر الموقف المحايد للحركة من الهيئة رغم الأخطاء والتجاوزات..
هذه الأخطاء التي أكدتها تقارير دائرة المحاسبات حول أعمال هيئة الحقيقة والكرامة، وشهادات مستشارين سابقين بنزاعات الدولة، أعضاء سابقين بالهيئة، إحالات قضائية على القطب القضائي المالي، وعلى فرق مختصة..، ولكن رغم كل ذلك ما زال الموقف السياسي إلى اليوم غير واضح لا من هذا المسار ولا من تبعاته!
عُرضت أمام هذه اللجنة، ملفات صلح خطيرة كانت الدولة فيها ضحية لناهبي المال العام زمن الدكتاتورية، ومن أبرز الأسماء التي حامت حوله شبهات ترتقي إلى مستوى الحقائق بشان تضارب المصالح و»المجاملات «في الصلح وفي المبالغ التي تم تحصيلها بعنوان جبر ضرر للدولة وفق اتفاقيات تحكيمية أمضتها هيئة بن سدرين، نجد لزهر سطا..
حيث تعمد رئيس لجنة التحكيم، الأستاذ خالد الكريشي، إبرام اتفاقية الصلح المبدئية والمشاركة في الفصل في ملف منوبه السابق وحريف مكتب المحاماة الذي يشتغل فيه، وهو ما أثارته في البداية منظمة "أنا يقظ" في 2018. وقد تأكدت هذه العلاقة المهنية من خلال الأختام الموجودة على ملف سطا وتمثل ختمي الأستاذ خالد الكريشي المحامي باعتباره شريكا في شركة التوفيق للمحاماة وأيضا ختم زوجته الأستاذة سماح الخماسي التي تمارس عملها بنفس شركة المحاماة بما يعني أن ملف سطا كان يناقش بالتزامن داخل مكتب المحاماة الذي ينوبه وداخل لجنة التحكيم في نفس الوقت ومن نفس الشخص..
وهذا التضارب الخطير في المصالح تفطنت له دائرة المحاسبات في تقريرها الأولي في مهمة رقابة على هيئة الحقيقة والكرامة حيث أوردت في ملاحظتها عدد 361 أنه "تبين للفريق الرقابي تعهّد رئيس اللجنة وزوجته بالملف المذكور وذلك من خلال وضع تأشيرتي مكتب الزوجة ومكتب رئيس اللجنة كشريك بشركة التوفيق للمحاماة على الملف التحكيمي"..
وقد نفي الرئيس السابق للجنة التحكيم والمصالحة خالد الكريشي، الذي كان مؤتمنا على الصلح في ملفات الفساد المالي والنائب السابق في البرلمان عن حركة الشعب، مسألة تضارب المصالح عندما قمنا بمواجهته بما ورد في تقرير دائرة المحاسبات وأكدتها أعمال التحقق والتحري التي قمنا بها في هذا الملف..
غير أن تقرير دائرة المحاسبات يفند إجابة الكريشي حيث اعتبر أن الهيئة لم تطبق القانون الذي يفرض البت في مطلب التجريح في أجل أسبوع وأن ذلك لم يحصل إلا بعد سنة ونصف واصل خلالها رئيس اللجنة مباشرة مهامه والتداول في جميع ملفات التحكيم والمصالحة معتبرة أن ذلك تضارب مصالح لا شبهة فيه..، ولكن خالد الكريشي أكد في إجابة كتابية أنه لم يمض على أي قرار تحكيمي من 11 قرار موضوعه فساد مالي ولم يشارك في اتخاذ أي قرار فيهم وأنه جرح في نفسه تلقائيا في هذه الملفات منذ أواخر نوفمبر 2016 وقال أن سبب التجريح كان علاقة مهنية سابقة كانت تربطه بوزير أملاك الدولة الأسبق مبروك كورشيد، وقبل مجلس الهيئة ذلك في ماي 2018 أي قبل أن يصدر 11 قرارا تحكيميا. لكن ما يؤكد وبصفة قاطعة ما ذهبت إليه دائرة المحاسبات، هو أنه بتاريخ 19 جويلية 2019 قام بإبرام اتفاقية تحكيم ومصالحة مع لزهر سطا..
الأملاك المصادرة
من الأشخاص الذين يستهدفهم اليوم مرسوم الصلح الجزائي هم الأشخاص الذين لم تستكمل في شأنهم إجراءات مصادرة أموالهم واسترجاعها من الخارج مثل سليم شيبوب ولكن نجد أن من الملفات الهامة التي وردت على لجنة التحكيم والمصالحة بهيئة الحقيقة والكرامة هو ملف سليم شيبوب (محاميه أمام الهيئة الأستاذ هيكل المكي النائب السابق عن حركة الشعب)الذي تمسك المكلف العام بنزاعات الدولة بطلباته وهي 1800 مليار كتعويض مادي ومعنوي على الأضرار الحاصلة للدولة. لكن المقترح من هيئة سهام بن سدرين هو 307 مليارات، وقد صادق غالبية المجلس على هذا القرار مع تقسيطه على 4 أقساط وعلى أن يطرح منه أملاكه المصادرة وذلك بعد أن تمسك طالب التحكيم ومحاميه بإدماج الأملاك المصادرة في هذا القرار التحكيمي!! علما وأنه في تقديرات هيئة الحقيقة والكرامة الأولية كان المبلغ المطالب سليم شيبوب بدفعه كتعويض للدولة التونسية يصل إلى 5000 مليار!
ومن الملفات التي حامت حولها شبهات كذلك، ملف سليم زروق صهر بن علي، الذي هو حريف مهم لشركة محاماة على ملك محام مؤثر سياسيا وقياديا في حركة النهضة حيث أصدرت هيئة سهام بن سدرين "قرارا تحكيميا" لفائدته، نصت فيه على مبلغ 33 مليارا مع تمكينه من استرجاع أملاكه المصادرة من الدولة..
أما بخصوص ملف عماد الطرابلسي، الذي يطالب اليوم بتنفيذ حكم هيئة الحقيقة والكرامة، فقد تم الحكم في ملفه بـ235 مليارا يرجع منه نقدا للدولة 35 مليارا فقط و200 مليار يتم خلاصها من الأملاك المصادرة مع تكفل الدولة بخلاص شيكاته !بالإضافة إلى أن مجلس الهيئة قد صادق بتاريخ 28 جانفي 2018 على طرح الأملاك المصادرة من قيمة الأضرار الواجب تعويضها للدولة واحتفاظ طالب التحكيم بأولوية الشراء لأملاكه المصادرة..، وقد تم الزج في قانون المصالحة بالأملاك المصادرة دون موجب قانوني واليوم تعود هذه الأملاك وأصحابها إلى الواجهة مع مرسوم الصلح الجزائي.
عضو هيئة الحقيقة والكرامة سابقا ابتهال عبد اللطيف لـ"الصباح": نبهت حكومة الفخفاخ من نشر التقرير المدلّس للهيئة ولكنهم تجاهلوني..
-بعض"الثوريين " نصحوني بعدم التوجّه إلى القضاء لأن بن سدرين فوق القانون..
-لجنة المصالحة داخل هيئة الحقيقة تم استغلالها لتبييض رجال أعمال فاسدين
تونس – الصباح
نائبة رئيس لجنة التحكيم والمصالحة، ابتهال عبد اللطيف، كانت العضو الذي رفضت إمضاء التقرير الختامي للهيئة، وأكدت أن تقرير هيئة الحقيقة والكرامة تقرير مزوّر، وأن مسار العدالة الانتقالية مسار مشوه..، كما كانت ابتهال عبد اللطيف أول من توجّه للقضاء وراسلت المكلف العام بنزاعات الدولة للتجريح في أعمال الهيئة والخروقات التي شابت عملها، وقد قالت في تصريح سابق لـ"الصباح" في تقييمها لعمل اللجنة التي تولت فيها مهمة نائب رئيس، أجابت عبد اللطيف، أن تلك اللجنة وقع استغلالها كوسيلة لتبييض بعض رجال أعمال من الفاسدين الذين ارتكبوا انتهاكات جسيمة أضرت بالمال العام وبالدولة.
علما وأن نائبة رئيس اللجنة تقدمت بتاريخ 25 نوفمبر2019 بشكاية جزائية ضد كل من سهادم بن سدرين، ولزهر سطا، وخالد الكريشي وزوجته المحامية سماح الخماسي، ومبروك كورشيد، طالبت فيها بعرض اتفاقيات التحكيم والمصالحة على الاختبارات المالية والنظر في مدى تطابقها مع مصلحة الدولة، والأخطر وفق ما ورد بنص الشكاية التحقق من مصادر الإثراء والمطالبة باحتساب المداخيل لكل من له علاقة بهذه النزاعات التحكيمية!
ومع المستجدات الجديدة في علاقة بدخول مرسوم الصلح الجزائي تقول ابتهال عبد اللطيف في تصريح لـ"الصباح " ردّا عن سؤال حول مآل ملف القضية التي أثارته حول تدليس التقرير النهائي كعضو سابق بالهيئة، تقول" كنت العضو الوحيد الذي كشفت هذا التدليس باعتباري اطلعت على التقرير الختامي الذي تم إرساله للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، ثم التقرير الذي نشرته بن سدرين فيما بعد، وأضافت به مسائل خطيرة جدا ستؤدي لإفلاس الدولة ورهن الأجيال اللاحقة... من ذلك وضعت تقديرات بالتعويض لخصم الدولة التونسية عبد المجيد بـ 3 آلاف مليار.. وكنت قد نبهت حكومة الياس الفخفاخ عبر التنبيه عليه عن طريق عدل منفذ من مغبة نشر التقرير الختامي بالرائد الرسمي وطالبت بالتأكد من صحة كلامي بمقارنة التقرير الختامي المودع لدى رئاسة الجمهورية والتقرير المرسل إلى حكومة الفخفاخ حينها".
وتضيف عبد اللطيف أن حكومة الفخفاخ تجاهلت التنبيه قائلة:" لقد تم تجاهل ذلك التنبيه وتم الإسراع في نشر التقرير من طرف أصدقاء بن سدرين في الحكومة والتضحية بمصلحة الوطن وتمت محاولات كثيرة لإسكات صوتي وتشويهي" .
وتضيف عبد اللطيف " بعد تنبيه الفخفاخ توجهت للقضاء بشكاية وكذلك لهيئة مكافحة الفساد كما تم سماعي من محامي الدولة أمام المحكمة الدولية في 11سبتمبر 2020 واعتماد شهادتي حول التدليس للطعن في التقرير الختامي الذي تم نشره بالرائد الرسمي واتخذه عبد المجيد بودن حجة ضد تونس أمام الـcirdi للمطالبة بتعويضات خيالية تتجاوز 5 آلاف مليون دينار، وفي 2 فيفري 2021 تقدم المكلف العام بنزاعات الدولة بشكاية للقضاء بناء على شكايتي التي تقدمت بها وتم سماعي من فرقة الأبحاث الاقتصادية وأيضا بالقطب القضائي المالي وأنا متأكدة من ثبوت التدليس ،...كما أود أن أشير إلى أن الكثير من رجال القانون والسياسة من " الثوريين «طلبوا مني الصمت وعدم التوجه للقضاء لأن بن سدرين محمية وهي كانت دوما فوق القانون وستبقى كذلك... وحتى لا أكون خائنة للأمانة والمسؤولية التي تقلدتها توجهت للقضاء منذ 2019 لاعتقادي أن هناك الكثير من القضاة الشرفاء ويقيني بأنه ستفتح هذه الشكايات ولو بعد سنين طويلة لما فيها من أضرار بالدولة والشعب..، وأخيرا أتساءل هل ستتم محاسبة حقيقية لكل من أضر بمسار العدالة الانتقالية وتلاعب به وضيع على الشعب فرصته التاريخية لاسترداد حقوقه والقطع مع الفساد وممارسات الماضي واسترجاع البعض من أمواله التي سرقت..، خاصة بعدما أجمعت كل الأحزاب على غلق ملف العدالة الانتقالية بعد نشر التقرير الختامي المدلس والصمت عن كل إخلالات المسار وشبهات فساده".
وفي إجابة عن سؤال حول مآل العدالة الانتقالية بعد دخول قانون الصلح الجزائي حيز التنفيذ، تقول ابتهال عبد اللطيف: "الذي أجهض مسار العدالة الانتقالية هو العبث الذي طاله وشبهات الفساد الكثيرة وتضارب المصالح والتدليس سواء في التقرير الختامي أو في الاتفاقيات التحكيمية لرجال الأعمال..، كان الأولى منذ بداية المسار عدم إدماج التحكيم والمصالحة في قضايا الفساد المالي بهيئة الحقيقة والكرامة وكان من الأولى اقتصار هذه الهيئة على حقوق الضحايا مثل جل هيئات الحقيقة في العالم وتخصيص هيئة منفردة لقضايا الفساد المالي...، لأن ما وقع من تلاعب بالاتفاقيات التحكيمية مع رجال الأعمال والانحياز لهم ضد الدولة بتمتيعهم بأحكام بخسة مع التنصيص على إرجاع أملاكهم المصادرة ضمن الاتفاقيات وتدخل محامين من أحزاب نافذة لصدور هذه الاتفاقيات المنحازة...، كل هذا جعل منه مسارا مشوها لا يستجيب لتطلعات شعب قام بثورة حتى يقطع مع ممارسات الماضي من استبداد وفساد وتزوير " .