يوم 8 ماي 2023، تنتهي المدة النيابية للمجالس البلدية في 350 بلدية والمنتخبة في انتخابات 8 ماي 2018. لكن يبدو أن لا أحد يهتم بهذا الاستحقاق الانتخابي سواء من مؤسسات الدولة والسلطة التنفيذية، أو المعارضة، أو من قبل هيئة الانتخابات، على اعتبار أن الأنظار والجهود مركزة أساسا خلال هذه الفترة على استكمال الانتخابات التشريعية في طورها الثاني والتي ينتهي مسارها بإعلان النتائج النهائية بعد استيفاء كافة مراحل الطعون يوم 4 مارس المقبل وفقا للروزنامة الانتخابية التي أعلنت عنها الهيئة مؤخرا..
وبغض النظر عن مدى استعدادات الهيئة الانتخابات لهذا الحدث الانتخابي من عدمه، فإن المسألة، لا بد أن تطرح من زوايا أخرى تقنية، وتشريعية، ولكن أيضا - وهو الأهم- من زاوية سياسية.
فقرار الذهاب إلى انتخابات بلدية في موعدها، أو على الأقل خلال السنة التي تنتهي خلالها العهدة النيابية للمجالس البلدية، هو سياسي قبل كل شيء، ثم تأتي معه مناقشة إشكاليات مرتبطة بمسار هذه الانتخابات ماديا ولوجيستيا، وتشريعيا، من خلال الحسم في الإطار القانوني للانتخابات البلدية.. علما أن ميزانية الدولة لسنة 2023 لم تخصص مبدئيا اعتمادات مالية كافية لتنظيم الانتخابات في حجم البلدية التي تحتاج إلى موارد مالية ضخمة (كلفة بلدية 2018 تجاوزت 46 مليون دينار وفق تقرير محكمة المحاسبات للانتخابات البلدية لسنة الصادر في جويلية 2021).
من أبرز الأسئلة التي تتبادر إلى الأذهان، ويجب طرحها في علاقة بالتحضير للانتخابات البلدية المقبلة، تأتي في مقدمتها سؤال متعلق بالإطار القانوني للانتخابات، خاصة بعد إصدار دستور 27 أوت 2022، وأيضا في علاقة بالتنقيحات التي أدخلت على الإطار القانوني للانتخابات التشريعية بموجب المرسوم عدد 34 المؤرخ في غرة جوان 2022، والذي ألغى مثلا طريقة الاقتراع من نظام التمثيل النسبي عبر القائمات اعتمادا أفضل البقايا، إلى نظام الاقتراع على الأفراد في دورتين..
تحيين المجلة الانتخابية.. أم وضع قانون انتخابي جديد..
في هذا السياق، هل سيتم الإبقاء على نفس الإطار الحالي المنظم بالقانون الأساسي عدد 16 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء خاصة في قسمه المتعلق بالانتخابات البلدية والجهوية، كما تم تنقيحه بمقتضى القانون الأساسي عدد 7 لسنة 2017 المؤرخ في 14 فيفري 2017، خاصة الفصل 117 مكرر والفصول 117 ثانيا، وثالثا، ورابعا، وخامسا، سادسا، وسابعا.؟
أم سيتم تنقيح كامل الباب المتعلق بالانتخابات البلدية والجهوية، وبالتالي فتح المجال أمام وضع إطار قانوني جديد قد يضم إلى جانب البلدية، المجالس الجهوية، وخاصة الإطار القانوني المنظم لمجلس الأقاليم والجهات، والذي ورد بدستور أوت 2022، وتحديدا بالفصل 142 الذي نص على أن "تدخل الأحكام المتعلقة بمجلس الجهات والأقاليم حيز النفاذ إثر انتخاب أعضائه بعد وضع كل النصوص ذات الصلة به".
الثابت في الأمر، أن الإطار القانوني للانتخابات البلدية، يحتاج إلى تحيين ومراجعة، في اتجاه الحسم في أمرين على غاية من الأهمية، الأول في علاقة بضرورة التناغم مع مضمون الدستور الجديد، رغم أنه لم يأت كثيرا على ذكر المجالس البلدية أو الانتخابات البلدية إلا في فصل يتيم وهو الفصل 133 الوارد في باب الجماعات المحلية والجهوية، ونصه :"تمارس المجالس البلدية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحلية المصالح الجهوية والمحلية حسب ما يضبطه القانون".
أما الأمر الثاني، فيتعلق بتوضيح العلاقة بين المجالس البلدية، والمجالس الجهوية ومجلس الأقاليم، فإن كانا مرتبطين على غرار الربط الذي ورد بالفصل 133 فإن ذلك قد يوحي بأن هناك نوايا لتغيير جذري في المرجعية القانونية لانتخاب المجالس البلدية في اتجاه إقرار ربما نظام جديد قائم على فكرة النظام المجلسي أو القاعدي. وهي فكرة تنسب إلى مشروع رئيس الجمهورية قيس سعيد..
وإن كان الأمر كذلك، فإن مشروع الإطار القانوني لمجلس الأقاليم والجهات، الذي وعد به رئيس الجمهورية في بعض المناسبات، من غير المستبعد أن يكون ملائما لتوحيد إطار قانوني جديد ينظم انتخابات مجلس الأقاليم والجهات، وأيضا المجالس البلدية.
جدلية الصراع السياسي وإعادة ترتيب الأوليات..
في جل الحالات فإن إشكاليات أخرى تطرح في علاقة بالانتخابات البلدية المقبلة، هل أن الأحزاب السياسية جاهزة قبل هيئة الانتخابات لهذا الموعد الانتخابي، (هذا لو تم فعلا الإبقاء عل نفس الإطار القانوني دون مراجعة)، أم ستقاطع جل الأحزاب الانتخابات حتى لو تم تنظيمها في موعدها، أسوة بما حدث في الانتخابات التشريعية؟
ثم إن استمرار الجدل السياسي في علاقة بالصراع القائم حاليا بين السلطة والمعارضة، وانبثاق مشروع مبادرة أطلقتها منظمات من المجتمع المدني، ألا يمكن أن تكون سببا آخر في إعادة ترتيب الأولويات، وبالتالي تأخير النظر في مسألة الانتخابات البلدية لصالح الحسم في قضايا جوهرية ذات أولوية مثل التفرغ لحل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وتوضيح مسار الحكم والعملية الديمقراطية في حد ذاتها..؟
كما أن مسألة جاهزية هيئة الانتخابات لهذا الموعد تطرح بشدة خاصة أنها مركزة كافة جهودها وإمكانياتها حاليا لاستكمال الانتخابات البرلمانية، كما أنها تحتاج إلى مدة زمنية كافية لتحضير مسار البلدية لا تقل عن ستة أشهر في صورة اتخاذ قرار سياسي واضح في هذا الاتجاه.
وفي سياق متصل، تطرح مسألة ملاءمة التركيبة الحالية للهيئة وقانونها الأساسي مع مقتضات الدستور الجديد، فهي مخالفة لما نص عليه الفصل 134 الذي نص على أن الهيئة المستقلة للانتخابات تتركب من تسعة أعضاء يباشرون مهامهم لمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد، ويجدد ثلث أعضائها كل سنتين". في حين أن الهيئة الحالية تخضع فقط إلى المرسوم عدد 22 المؤرخ في 21 أفريل 2022.
هذا فضلا عما يطرحه وضع الهيئة الحالية للانتخابات في تركيبتها من نقاش وجدل سياسيين من إشكاليات في علاقة باستقلاليتها ونزاهتها وحياديتها وقدرتها على إدارة العملية الانتخابية واحتراما للمعايير وللمبادئ الانتخابية الدولية..
فرضيات
عموما، وفي المحصّلة، قد يحتاج الحسم في تحديد موعد للانتخابات البلدية، قبل انتخابات مجلس الأقاليم والجهات، إلى قرار سياسي.. وهنا تطرح ثلاث فرضيات:
أولا: إمكانية الذهاب إلى إقرار انتخابات بلدية في موعدها المحدد أي خلال شهر ماي المقبل. وهي فرضية ضعيفة، بالنظر إلى ضيق الزمن ما قبل الانتخابي للتحضير للعملية، ثم في علاقة بالإطار القانوني الحالي الذي يعتمد على نظام التمثيل النسبي بالقائمات وهو مناقض لنظام الاقتراع المعتمد في التشريعية.
ثانيـا، فرضية تأجيل الانتخابات البلدية إلى موعد آخر إلى حين مراجعة الإطار القانوني المنظم لها، على أن لا يتجاوز ذلك نهاية السنة الحالية.
ثالثا، فرضية، الإبقاء على المجالس البلدية الحالية والتمديد في عهدتها النيابية إلى أجل غير مسمى، بأمر رئاسي، مع التركيز على تنظيم الانتخابات مجلس الأقاليم والجهات، حتى تكتمل "الوظيفة التشريعية" وفق ما ورد بدستور 2022. وفي هذه الحالة هناك من يرى أن الانتخابات البلدية قد يتم تأجيلها إلى سنة 2024 وربما ما بعد الانتخابات الرئاسية..*
خبير في الحكومة المحلية: من الصعب إجراء الانتخابات البلدية في موعدها المقرر والأفضل تأجيلها بضعة أشهر
يرى السيد محمد الضيفي، الخبير في الحكومة المحلية أن الغرفة النيابية الثانية (المجلس الوطني للجهات والأقاليم ) لن ترى النور قريبا إلا إذا تم تأجيل الانتخابات البلدية أو ربما الرئاسية ( في دورتين) ما لم يقع ضم بعض الانتخابات..
وقال في تصريح لـ"الصباح" أن "مشكل الغرفة الثانية كبير لأنه من الضروري تنظيم انتخابات جهوية وأيضا إحداث أقاليم، وهذا أمر معقد لان إحداث الأقاليم عملية تخضع لعديد المعايير".
وعن إمكانية تنظيم انتخابات بلدية في موعدها أي خلال شهر ماي 2023، استبعد الضيفي إمكانية حدوث ذلك، على اعتبار أن الإعداد للانتخابات يبدأ على الأقل ستة أشهر قبل موعدها حسب روزنامة تضبطها هيئة الانتخابات، وحسابيا من الصعب أن تتم الانتخابات البلدية في موعدها المقرر.
وقال أيضا أنه ونظرا "لتعفّن" الوضع بالبلديات وما تعرفه من تجاذبات سياسية أثرت سلبا على أدائها، من الأفضل ضبط روزنامة انتخابات خلال الصيف المقبل، طالما يصعب إجراؤها في شهر ماي وبذلك يتم آليا تمديد النيابة الحالية لبضعة أشهر".
جامعة البلديات: يجب إجراء انتخابات المجالس البلدية في موعدها
في بيان يعود تاريخه إلى 29 جويلية 2022، أكدت الجامعة الوطنية للبلديات التونسية، على ضرورة إجراء الانتخابات البلدية في موعدها في النصف الأول من سنة 2023 مثلما ينصّ على ذلك القانون الانتخابي، وذلك مع اقتراب موعد انتهاء المدة النيابية للمجالس البلدية المنتخبة للفترة 2018-2023.
ودعت الجامعة في بيان عقب اجتماع هيئتها التنفيذية، إلى ضبط روزنامة الانتخابات البلدية لسنة 2023 تحترم الآجال المنصوص عليها بالقانون الانتخابي لضمان إجراء الانتخابات البلدية في أحسن الظروف الممكنة.
وشددت على ضرورة انكباب مجلس نواب الشعب القادم على تنقيح مجلة الجماعات المحلية على ضوء تقييم فعلي للتجربة الأولى للمجالس البلدية بمشاركة مختلف الأطراف المتدخلة، وعلى ضوء التوصيات التي تبنتها الجامعة الوطنية للبلديات بعد الاستشارة الوطنية حول مسار اللامركزية لسنة 2020.
وذكرت الجامعة بأنّ مجلة الجماعات المحلية تعدّ مكسبا حقيقيا للبلديات والإطار القانوني الملائم لتحقيق التنمية المحلية وتقليص التفاوت بين الجهات وتقريب الخدمات من المواطنين، مشيرة الى وجود هنات في المجلة وصعوبة تطبيق بعض أحكامها، وهو ما تمّت ملاحظته خلال هذه العهدة الأولى للمجالس البلدية.
وجددت الجامعة التأكيد على مواصلة مؤسسات الدولة دعم مسار اللامركزية ومرافقة البلديات كخيار وطني مدروس تمّ اعتماده بهدف دعم التنمية المحلية وتقريب الخدمات للمواطنين وتشريكهم في تسيير الشأن المحلي، مشيرة الى أن خبراء الشأن المحلي أكدوا في أكثر من مناسبة أن السلطة المركزية عاجزة عن الاستجابة لمطالب المواطنين على المستوى المحلي وأنه لا يمكن الاستجابة لهذه المطالب وتحقيقها إلا بالحفاظ على دور البلديات في خدمة المواطنين وتحقيق التنمية المحلية.
رفيق بن عبد الله
تونس- الصباح
يوم 8 ماي 2023، تنتهي المدة النيابية للمجالس البلدية في 350 بلدية والمنتخبة في انتخابات 8 ماي 2018. لكن يبدو أن لا أحد يهتم بهذا الاستحقاق الانتخابي سواء من مؤسسات الدولة والسلطة التنفيذية، أو المعارضة، أو من قبل هيئة الانتخابات، على اعتبار أن الأنظار والجهود مركزة أساسا خلال هذه الفترة على استكمال الانتخابات التشريعية في طورها الثاني والتي ينتهي مسارها بإعلان النتائج النهائية بعد استيفاء كافة مراحل الطعون يوم 4 مارس المقبل وفقا للروزنامة الانتخابية التي أعلنت عنها الهيئة مؤخرا..
وبغض النظر عن مدى استعدادات الهيئة الانتخابات لهذا الحدث الانتخابي من عدمه، فإن المسألة، لا بد أن تطرح من زوايا أخرى تقنية، وتشريعية، ولكن أيضا - وهو الأهم- من زاوية سياسية.
فقرار الذهاب إلى انتخابات بلدية في موعدها، أو على الأقل خلال السنة التي تنتهي خلالها العهدة النيابية للمجالس البلدية، هو سياسي قبل كل شيء، ثم تأتي معه مناقشة إشكاليات مرتبطة بمسار هذه الانتخابات ماديا ولوجيستيا، وتشريعيا، من خلال الحسم في الإطار القانوني للانتخابات البلدية.. علما أن ميزانية الدولة لسنة 2023 لم تخصص مبدئيا اعتمادات مالية كافية لتنظيم الانتخابات في حجم البلدية التي تحتاج إلى موارد مالية ضخمة (كلفة بلدية 2018 تجاوزت 46 مليون دينار وفق تقرير محكمة المحاسبات للانتخابات البلدية لسنة الصادر في جويلية 2021).
من أبرز الأسئلة التي تتبادر إلى الأذهان، ويجب طرحها في علاقة بالتحضير للانتخابات البلدية المقبلة، تأتي في مقدمتها سؤال متعلق بالإطار القانوني للانتخابات، خاصة بعد إصدار دستور 27 أوت 2022، وأيضا في علاقة بالتنقيحات التي أدخلت على الإطار القانوني للانتخابات التشريعية بموجب المرسوم عدد 34 المؤرخ في غرة جوان 2022، والذي ألغى مثلا طريقة الاقتراع من نظام التمثيل النسبي عبر القائمات اعتمادا أفضل البقايا، إلى نظام الاقتراع على الأفراد في دورتين..
تحيين المجلة الانتخابية.. أم وضع قانون انتخابي جديد..
في هذا السياق، هل سيتم الإبقاء على نفس الإطار الحالي المنظم بالقانون الأساسي عدد 16 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء خاصة في قسمه المتعلق بالانتخابات البلدية والجهوية، كما تم تنقيحه بمقتضى القانون الأساسي عدد 7 لسنة 2017 المؤرخ في 14 فيفري 2017، خاصة الفصل 117 مكرر والفصول 117 ثانيا، وثالثا، ورابعا، وخامسا، سادسا، وسابعا.؟
أم سيتم تنقيح كامل الباب المتعلق بالانتخابات البلدية والجهوية، وبالتالي فتح المجال أمام وضع إطار قانوني جديد قد يضم إلى جانب البلدية، المجالس الجهوية، وخاصة الإطار القانوني المنظم لمجلس الأقاليم والجهات، والذي ورد بدستور أوت 2022، وتحديدا بالفصل 142 الذي نص على أن "تدخل الأحكام المتعلقة بمجلس الجهات والأقاليم حيز النفاذ إثر انتخاب أعضائه بعد وضع كل النصوص ذات الصلة به".
الثابت في الأمر، أن الإطار القانوني للانتخابات البلدية، يحتاج إلى تحيين ومراجعة، في اتجاه الحسم في أمرين على غاية من الأهمية، الأول في علاقة بضرورة التناغم مع مضمون الدستور الجديد، رغم أنه لم يأت كثيرا على ذكر المجالس البلدية أو الانتخابات البلدية إلا في فصل يتيم وهو الفصل 133 الوارد في باب الجماعات المحلية والجهوية، ونصه :"تمارس المجالس البلدية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحلية المصالح الجهوية والمحلية حسب ما يضبطه القانون".
أما الأمر الثاني، فيتعلق بتوضيح العلاقة بين المجالس البلدية، والمجالس الجهوية ومجلس الأقاليم، فإن كانا مرتبطين على غرار الربط الذي ورد بالفصل 133 فإن ذلك قد يوحي بأن هناك نوايا لتغيير جذري في المرجعية القانونية لانتخاب المجالس البلدية في اتجاه إقرار ربما نظام جديد قائم على فكرة النظام المجلسي أو القاعدي. وهي فكرة تنسب إلى مشروع رئيس الجمهورية قيس سعيد..
وإن كان الأمر كذلك، فإن مشروع الإطار القانوني لمجلس الأقاليم والجهات، الذي وعد به رئيس الجمهورية في بعض المناسبات، من غير المستبعد أن يكون ملائما لتوحيد إطار قانوني جديد ينظم انتخابات مجلس الأقاليم والجهات، وأيضا المجالس البلدية.
جدلية الصراع السياسي وإعادة ترتيب الأوليات..
في جل الحالات فإن إشكاليات أخرى تطرح في علاقة بالانتخابات البلدية المقبلة، هل أن الأحزاب السياسية جاهزة قبل هيئة الانتخابات لهذا الموعد الانتخابي، (هذا لو تم فعلا الإبقاء عل نفس الإطار القانوني دون مراجعة)، أم ستقاطع جل الأحزاب الانتخابات حتى لو تم تنظيمها في موعدها، أسوة بما حدث في الانتخابات التشريعية؟
ثم إن استمرار الجدل السياسي في علاقة بالصراع القائم حاليا بين السلطة والمعارضة، وانبثاق مشروع مبادرة أطلقتها منظمات من المجتمع المدني، ألا يمكن أن تكون سببا آخر في إعادة ترتيب الأولويات، وبالتالي تأخير النظر في مسألة الانتخابات البلدية لصالح الحسم في قضايا جوهرية ذات أولوية مثل التفرغ لحل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وتوضيح مسار الحكم والعملية الديمقراطية في حد ذاتها..؟
كما أن مسألة جاهزية هيئة الانتخابات لهذا الموعد تطرح بشدة خاصة أنها مركزة كافة جهودها وإمكانياتها حاليا لاستكمال الانتخابات البرلمانية، كما أنها تحتاج إلى مدة زمنية كافية لتحضير مسار البلدية لا تقل عن ستة أشهر في صورة اتخاذ قرار سياسي واضح في هذا الاتجاه.
وفي سياق متصل، تطرح مسألة ملاءمة التركيبة الحالية للهيئة وقانونها الأساسي مع مقتضات الدستور الجديد، فهي مخالفة لما نص عليه الفصل 134 الذي نص على أن الهيئة المستقلة للانتخابات تتركب من تسعة أعضاء يباشرون مهامهم لمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد، ويجدد ثلث أعضائها كل سنتين". في حين أن الهيئة الحالية تخضع فقط إلى المرسوم عدد 22 المؤرخ في 21 أفريل 2022.
هذا فضلا عما يطرحه وضع الهيئة الحالية للانتخابات في تركيبتها من نقاش وجدل سياسيين من إشكاليات في علاقة باستقلاليتها ونزاهتها وحياديتها وقدرتها على إدارة العملية الانتخابية واحتراما للمعايير وللمبادئ الانتخابية الدولية..
فرضيات
عموما، وفي المحصّلة، قد يحتاج الحسم في تحديد موعد للانتخابات البلدية، قبل انتخابات مجلس الأقاليم والجهات، إلى قرار سياسي.. وهنا تطرح ثلاث فرضيات:
أولا: إمكانية الذهاب إلى إقرار انتخابات بلدية في موعدها المحدد أي خلال شهر ماي المقبل. وهي فرضية ضعيفة، بالنظر إلى ضيق الزمن ما قبل الانتخابي للتحضير للعملية، ثم في علاقة بالإطار القانوني الحالي الذي يعتمد على نظام التمثيل النسبي بالقائمات وهو مناقض لنظام الاقتراع المعتمد في التشريعية.
ثانيـا، فرضية تأجيل الانتخابات البلدية إلى موعد آخر إلى حين مراجعة الإطار القانوني المنظم لها، على أن لا يتجاوز ذلك نهاية السنة الحالية.
ثالثا، فرضية، الإبقاء على المجالس البلدية الحالية والتمديد في عهدتها النيابية إلى أجل غير مسمى، بأمر رئاسي، مع التركيز على تنظيم الانتخابات مجلس الأقاليم والجهات، حتى تكتمل "الوظيفة التشريعية" وفق ما ورد بدستور 2022. وفي هذه الحالة هناك من يرى أن الانتخابات البلدية قد يتم تأجيلها إلى سنة 2024 وربما ما بعد الانتخابات الرئاسية..*
خبير في الحكومة المحلية: من الصعب إجراء الانتخابات البلدية في موعدها المقرر والأفضل تأجيلها بضعة أشهر
يرى السيد محمد الضيفي، الخبير في الحكومة المحلية أن الغرفة النيابية الثانية (المجلس الوطني للجهات والأقاليم ) لن ترى النور قريبا إلا إذا تم تأجيل الانتخابات البلدية أو ربما الرئاسية ( في دورتين) ما لم يقع ضم بعض الانتخابات..
وقال في تصريح لـ"الصباح" أن "مشكل الغرفة الثانية كبير لأنه من الضروري تنظيم انتخابات جهوية وأيضا إحداث أقاليم، وهذا أمر معقد لان إحداث الأقاليم عملية تخضع لعديد المعايير".
وعن إمكانية تنظيم انتخابات بلدية في موعدها أي خلال شهر ماي 2023، استبعد الضيفي إمكانية حدوث ذلك، على اعتبار أن الإعداد للانتخابات يبدأ على الأقل ستة أشهر قبل موعدها حسب روزنامة تضبطها هيئة الانتخابات، وحسابيا من الصعب أن تتم الانتخابات البلدية في موعدها المقرر.
وقال أيضا أنه ونظرا "لتعفّن" الوضع بالبلديات وما تعرفه من تجاذبات سياسية أثرت سلبا على أدائها، من الأفضل ضبط روزنامة انتخابات خلال الصيف المقبل، طالما يصعب إجراؤها في شهر ماي وبذلك يتم آليا تمديد النيابة الحالية لبضعة أشهر".
جامعة البلديات: يجب إجراء انتخابات المجالس البلدية في موعدها
في بيان يعود تاريخه إلى 29 جويلية 2022، أكدت الجامعة الوطنية للبلديات التونسية، على ضرورة إجراء الانتخابات البلدية في موعدها في النصف الأول من سنة 2023 مثلما ينصّ على ذلك القانون الانتخابي، وذلك مع اقتراب موعد انتهاء المدة النيابية للمجالس البلدية المنتخبة للفترة 2018-2023.
ودعت الجامعة في بيان عقب اجتماع هيئتها التنفيذية، إلى ضبط روزنامة الانتخابات البلدية لسنة 2023 تحترم الآجال المنصوص عليها بالقانون الانتخابي لضمان إجراء الانتخابات البلدية في أحسن الظروف الممكنة.
وشددت على ضرورة انكباب مجلس نواب الشعب القادم على تنقيح مجلة الجماعات المحلية على ضوء تقييم فعلي للتجربة الأولى للمجالس البلدية بمشاركة مختلف الأطراف المتدخلة، وعلى ضوء التوصيات التي تبنتها الجامعة الوطنية للبلديات بعد الاستشارة الوطنية حول مسار اللامركزية لسنة 2020.
وذكرت الجامعة بأنّ مجلة الجماعات المحلية تعدّ مكسبا حقيقيا للبلديات والإطار القانوني الملائم لتحقيق التنمية المحلية وتقليص التفاوت بين الجهات وتقريب الخدمات من المواطنين، مشيرة الى وجود هنات في المجلة وصعوبة تطبيق بعض أحكامها، وهو ما تمّت ملاحظته خلال هذه العهدة الأولى للمجالس البلدية.
وجددت الجامعة التأكيد على مواصلة مؤسسات الدولة دعم مسار اللامركزية ومرافقة البلديات كخيار وطني مدروس تمّ اعتماده بهدف دعم التنمية المحلية وتقريب الخدمات للمواطنين وتشريكهم في تسيير الشأن المحلي، مشيرة الى أن خبراء الشأن المحلي أكدوا في أكثر من مناسبة أن السلطة المركزية عاجزة عن الاستجابة لمطالب المواطنين على المستوى المحلي وأنه لا يمكن الاستجابة لهذه المطالب وتحقيقها إلا بالحفاظ على دور البلديات في خدمة المواطنين وتحقيق التنمية المحلية.