- نبيل حجي لـ "الصباح": "الاختلاف مسألة محمودة.. لكن هناك إجماع على رفض سياسات سعيد"
- العياشي زمال لـ"الصباح": "كل المشارب السياسية كانت موجودة"
- عماد الخميري لـ"الصباح":"أي مبادرة لطرف وازن لا يراعي فيها الأوزان والأحجام لا يمكن أن تنجح"
- محمد ياسين الجلاصي لـ"الصباح":"النضال في سبيل الحفاظ على مكسب حرية التعبير ما يزال متواصلا"
تونس – الصباح
في تمام الساعة العاشرة صباحا من يوم أمس السبت 14 جانفي الجاري، وفي الذكرى الثانية عشرة للثورة، تجمعت قيادات "جبهة الخلاص الوطني" ومناصريها بساحة "الباساج" بالعاصمة وسط تعزيزات أمنية كبيرة مع عزمهم المرور من شارع باريس في اتجاه شارع الحبيب بورقيبة.
لكن التعليمات الأمنية في تلك الساعة، كانت صارمة وواضحة بعدم السماح للمحتجين بالمرور مع العمل على احترام حريتهم في التظاهر والتجمع وعدم المس من تحركاتهم مادامت في كنف القانون.
مرت ربع ساعة عن تلك التعليمات الأمنية، ليكسر المحتجون الحاجز الأمني البشري ويمرون بالقوة إلى الشارع الموازي لشارع باريس وهو شارع الحبيب ثامر في اتجاه شارع الثورة جريا وهربا من المحاصرة الأمنية.
لم تكن هناك أي مواجهات بين المتظاهرين والقوات الأمنية إلى أن وصلوا إلى آخر حواجز حديدية ثلاثية تمنع أي كان من الوصول إلى وزارة الداخلية أين سًجلت مناوشات بسيطة بين الطرفين مع محاولة القيادات الأمنية من تهدئة الأوضاع عبر مضخمات الصوت داعين المحتجين إلى عدم استفزاز عناصر قوات الأمن والدفع نحو المواجهات واحترام القانون.
في شارع الحبيب بورقيبة التقت مسيرتين، الأولى ضمت خمسة أحزاب وهي "القطب الديمقراطي الحداثي"، و"حزب العمل"، و"الحزب الجمهوري"، و"حزب التيار الديمقراطي" و"حزب التكتل" والذين تواجدوا أمام المسرح البلدي حيث التقوا بمناصريهم رافعين العديد من الشعارات ضد منظومة القائمة ومتهمين الحكومة بالعجز والتخاذل في التعاطي مع الملفات الاقتصادية والاجتماعية الحارقة إلى جانب المطالبة برحيل قيس سعيد وتجميد مسار 25 جويلية، ورافعين أيضا شعارات ضد "الدساترة والإسلاميين" وشعارات الثورة "شغل، حرية، كرامة وطنية".
وفي الجانب الثاني من شارع بورقيبة، انتشر أنصار "جبهة الخلاص الوطني" في مقدمتهم قياداتها رافعين تقريبا ذات الشعارات في مقدمتها "ارحل" و"يسقط الانقلاب".."الشعب يريد إسقاط الانقلاب".
إلى جانب هذه الشعارات رُفعت أخرى منها "قيس انتهت اللعبة".."لا لكل الهيئات والمؤسسات المعينة فرديا".."الأسعار نار نار يا حكومة الاستعمار".. "قتل الديمقراطية وتفكيك مؤسسات الدولة خطر داهم".."حريات حريات دولة البوليس وفات".."انتهى عهد التعليمات".."لا محاكم عسكرية لقضايا مدنية"..
رُفعت أعلام تونس إلى جانب صور للقيادي بحركة النهضة الموقوف علي العريض كُتب عليها "انتهى عهد التعليمات" و"الحرية للسجين" إلى جانب صورة رضا بوزيان "يا رضا ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح".
اجتمع المحتجون والمشاركون أمس السبت في التجمعات بشارع الحبيب بورقيبة حول مبدأ واحد وهو المطالبة برحيل قيس سعيد وإسقاط الانقلاب وتاريخ الثورة هو 14 جانفي لا غير ولا أحد يمكنه أن يلغي هذا التاريخ من ذاكرة التونسيين كما تعالت بذلك أصواتهم وجاءت به شعاراتهم.
العديد من الرسائل توجه بها قياديو الأحزاب السياسية في تونس ممن التقت بهم "الصباح" بشارع الحبيب بورقيبة، فقد قال القيادي بحركة النهضة عماد الخميري في تصريح لـ"الصباح":"نزل جمهور جبهة الخلاص الوطني ومناصريها بالآلاف إلى شارع بورقيبة إحياء لذكرى الثورة وتجديد تمسك الجبهة بكل المكتسبات التونسية التي اعتدى عليها قيس سعيد واستهدفها بعد الانقلاب وكانت عرضة له فاستهدف المؤسسات الدستورية والمؤسسات المنتخبة إلى جانب المجلس الأعلى للقضاء وكرس مراسيم تعتدي على الحقوق والحريات".
وأضاف الخميري:"إذا كان هناك ما تفخر به هذه الثورة في الداخل والخارج هو ذلك الباب الكبير للحقوق والحريات الذي يتمسك به التونسيون، وهنا نحن بالآلاف نحتفل اليوم بالثورة ونجدد تمسكنا بالمقاومة السلمية والمدنية بإسقاط هذا الانقلاب".
وأوضح "تونس ليس لها من طريق ومن هذه الأزمة التي تردت فيها إلا بذهاب قيس والعودة للمؤسسات الدستورية وصاحب الشرعية وهو الشعب التونسي العظيم بانتخابات رئاسية سابقة لأوانها".
أما عن القضايا الاقتصادية والمالية فإنها "تناقش ضمن حوار وطني واسع لا يكون فيه إقصاء. وإذا كانت هناك مبادرة اليوم يريد أن يقوم بها طرف وازن لا يراعي الأوزان الاجتماعية والأحجام ودور الأحزاب بعد ما رذلها قيس سعيد فإني لا أقدر أي مبادرة أن تكون لها شروط النجاح".
في سياق متصل قال رئيس حركة "عازمون" عياشي زمال في تصريح لـ"الصباح":"خرجنا مع بقية التونسيين، فكان هناك العديد من المشارب السياسية كانت موجودة في شارع الحبيب بورقيبة وهو ما يُعبر بصراحة عن تمسك التونسيين بالديمقراطية، وكذلك في نفس الوقت عبروا عن احتجاجهم عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي الذي تعيشه تونس".
وأضاف "اليوم مسار 25 جويلية مع الأسف أوصلنا إلى وضعية هشة جدا، فالجميع يلاحظ مستوى المعيشة وغلاء الأسعار ولا وجود لرؤية واضحة، وبالتالي مسألة هامة جدا أن يخرج التونسيون للتعبير عن رأيهم بطريقة سلمية ودون فوضى وتبلغ مستوى احتجاجاتهم لإيصال مواقفهم. اليوم تونس هي تعددية ولا يمكن الرجوع عن الديمقراطية والدولة لن تتقدم إلا بذلك".
من جهته أوضح رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي في تصريح لـ"الصباح":"تمر 12 سنة عن ثورة 17 ديسمبر- 14 جانفي، وهذه مناسبة ككل عام في الرابطة ننزل إلى شارع الحبيب بورقيبة نؤكد مدى اعتزازنا بهذا التاريخ وبمكتسبات الثورة وأهمها حرية الرأي والتعبير والتظاهر السلميين ولا مجال للتفريط فيها".
وأضاف "اليوم هناك محاولة للالتفاف على هذه المكتسبات خصوصا من خلال مرسوم عدد 54 الذي نرى من خلال تطبيقه من قبل النيابة العمومية فيه ضرب لحرية الرأي والتعبير وهناك إحالات للعديد من الصحفيين والمدونين والمواطنين وصلت إلى حد إحالة المحامي العياشي الهمامي على معنى هذا المرسوم، لذلك طالبنا بسحبه باعتباره انتكاسة لحرية التعبير".
في سياق متصل أكد الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي نبيل حجي في تصريح لـ"الصباح" "14 جانفي هو عيد ميلاد الثورة وهو اليوم الذي افتك فيه التونسيون حريتهم. السنة الماضية بوليس شرف الدين منعنا من الوصول إلى شارع الحبيب بورقيبة ولكننا لن نستسلم".
وأضاف "في المقابل هو ليس احتفالا فقط باعتبار أن كل التونسيين أصبحوا واعيين أن الوضع لم يعد يُحتمل والأزمة في تفاقم وأصبح قيس سعيد العنوان الأبرز لها، فهو من اغتصب السلطة وافتك الحكم بمنطق الخطر الداهم، فأدعو كل الشعب أن يخرج سلميا ويقول لسعيد لا، ويعبر عن رفضه لمساره".
وعن انقسام المعارضة رغم الالتقاء حول نفس المطالب، قال نبيل حجي "في أي ديمقراطية، الاختلاف مسألة محمودة لكن القاسم المشترك لكل التونسيين اليوم أنهم رافضين لسياسيات قيس سعيد وهذا ما تم التعبير عنه في الانتخابات، وبالتالي ليس هناك مشكل أن لكل فصيل سياسي تحرك خاص به فهو أمر مقبول وهي مسألة بديهية منذ أولى سنوات الثورة المهم أن القاسم المشترك بين خماسي الأحزاب وجبهة الخلاص والدستوري الحر هو رفضهم لقيس سعيد ولكل ما جاء به منذ 25 جويلية".
في جانب آخر من إحياء الذكرى الثانية عشر من الثورة، تجمع أنصار الحزب الدستوري الحر بشارع خير الدين باشا بمونبليزير غير أن رئيسته عبير موسي قد انسحبت رفقة أنصارها من بعد أن أوقفت عناصر الأمن تقدم مسيرتهم التي كانت ستتجه إلى قصر قرطاج متهمة عون أمن بالتحرش بها.
أما بشارع الولايات المتحدة الأمريكية بالعاصمة وتحديدا أمام مقر النقابة الوطنية للصحفيين تجمع كل من منخرطي هذه الأخيرة وممثلي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية الاجتماعية وبمشاركة منظمة أوفياء حيث توجهوا بدورهم إلى شارع الحبيب بورقيبة مرورا بشارع الحرية.
حيث رفعت العديد من الشعارات على غرار "لا لمرسوم القمع..54" .."لا تهميش لا إقصاء لا تقتيل للنساء.." "لا تناصف لا حرية وينها حقوقنا الدستورية".. "نتضامن نحتج.. ننتفض".."لا شرعية فوق شرعية الدم نرفض المساس بمكتسبات ثورتنا".
وفي هذا السياق قال رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي في كلمته أمام النقابة إن "النقابة اختارت القيام بوقفة احتجاجية اليوم لرمزية تاريخ 14 جانفي في ذاكرة الشعب التونسي عموما وللحقوقيين على وجه الخصوص".
وأكد "هناك اليوم من يريد تقزيم التونسيين والتونسيات في كل شيء حتى في الثورة التونسية، وإلى حد الآن مازلنا نردد نفس شعارات الحرية والكرامة الوطنية والعدالة وإنهاء التمييز والتهميش واستعادة الشعب لحقه في تقرير مصيره وفي الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير وحق الشباب في الشغل..".
وأضاف الجلاصي أن "النضال في سبيل الحفاظ على مكسب حرية التعبير ما يزال متواصلا خاصة في ظل ما تشهده الساحة الإعلامية من محاكمات جائرة في حق الصحفيين". واعتبر أن المرسوم 54 هو عودة إلى الوراء وتهديد واضح لحرية التعبير لا بدّ من التصدي له بكافة الأشكال النضالية المتاحة.
إيمان عبد اللطيف