تونس- الصباح
تستعد الحكومة خلال الأيام القادمة إلى الانطلاق في تطبيق المنظومة الجديدة للدعم على قاعدة إعادة توجيهه إلى مستحقيه، وذلك من خلال برنامج يتمثل في الرفع التدريجي للدعم عن المواد الأساسية والمحروقات مقابل تحويلات مالية إلى العائلات التونسية، يمتد على أربع سنوات.
ولأجل ذلك أعدت الحكومة منصة إلكترونية لتسجيل الأسر التونسية للانتفاع بالتحويلات، علما أن كل المسجلين في برنامج الأمان الاجتماعي سيقع إدراجهم آليا في المنصة، وذلك وفق ما ورد في تقرير إطار الميزانية متوسط المدى الذي نشرته وزارة المالية، وتقديرات نفقات ميزانية الدولة للفترة 2023-2025.
وجاء في ذات التقرير أن المنظومة الجديدة "ستمكن من ترشيد التصرف في نفقات الدعم من خلال توجيه الدعم لمستحقيه ومقاومة ظواهر الاحتكار والمضاربة والتهريب والتبذير”.
وكانت وزيرة التجارة المقالة فضيلة الرابحي قد كشفت خلال مؤتمر صحفي عقد بتاريخ 26 ديسمبر 2022 أنه لن يتم رفع الدعم خلال سنة 2023 "بل سيتم المحافظة عليه وتقديم جزء منه في شكل تحويلات إلى مستحقيها وجزء آخر من خلال دعم المواد الأساسية".
وأشارت الوزيرة إلى أنه سيتم وضع منصة لكل التونسيين من أجل التسجيل فيها والتحصل على الدعم في شكل تحويلات مالية، مضيفة أن برنامج التخلي عن دعم المواد وتوجيهه مباشرة إلى مستحقيه يمتد على أربع سنوات. على أن يتم فتح المنصة أمام جميع التونسيين في حدود جانفي الحالي، أو فيفري القادم، من أجل التسجيل والانتفاع بتحويلات ماليّة تعويضا عن الدعم المباشر لعدد من المواد الأساسيّة.
وقالت: "نعمل على توجيه الدعم إلى مستحقيه والمنصّة جاهزة ونعمل على إدخالها حيّز التطبيق وهي مفتوحة لكلّ التونسيين والبرنامج يمتد على أربعة سنوات".
وتضمن تقرير إطار الميزانية متوسط المدى الذي نشرته وزارة المالية مؤخرا في الجانب المتعلق بنفقات الدعم المواد الأساسية أن هذه النفقات ستمر من 3.7 مليار دينار (2022) إلى 2.5 م.د (2023) إلى 1.3 م.د (2024) إلى 0.6 م.د (2025).
أما نفقات دعم المحروقات، فستمرّ من 7.6 مليار دينار(2022) إلى 5.7 م.د (2023) إلى 3.1 م.د (2024) إلى 1.7 م.د (2025).
في المقابل، تم رصد تحويلات اجتماعية بـ 1.3 مليار دينار (2023) و2 م.د (2024) و3 م.د (2025).
وبعملية حسابية، وأخذا بالاعتبار تصريحات سابقة لوزيرة مالية تشير إلى أن منظومة الدعم الجديدة تستهدف مبدئيا ثمانية ملايين تونسي، فإنّ نصيب كلّ فرد من التحويلات المالية سيكون تباعا في حدود 14د شهريا (2023) و21د (2024) و31د (2025).
من ناحية أخرى، سيتواصل رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء والغاز والفيول وبترول الإنارة المنزلي والصناعي وغاز البترول المسيل GPL في السنوات المقبلة، ما يعني ارتفاعا متواترا في أسعارها، وفي أسعار جل المنتجات المرتبطة بها، وبالتالي انعكاسات منتظرة على نسبة التضخّم التي ستواصل مسارها التصاعدي..
ويعتبر ملف الرفع التدريجي للدعم من أبرز الإصلاحات التي تقدمت بها الحكومة في خطتها التفصيلية المقترحة على صندوق النقد الدولي، وهو من بين الملفات الخلافية مع الاتحاد العام التونسي للشغل.
إذ وصف الأمين العام المساعد لاتّحاد الشغل، حفيظ حفيظ، ميزانية 2023 بـ"التقشفيّة" التي ستحمل الشعب فاتورة الأزمة الاقتصادية والمالية للبلاد.
وأضاف خلال إشرافه على أشغال المجلس الجهوي للإتحاد الجهوي للشغل بصفاقس يوم 12 جانفي الجاري، أنّ من المؤشرات السيئة التي تضمنتها الميزانية الرفع في النسبة المائوية للدعم لسنة 2023 بنسبة 26% والرفع في الأداء على القيمة المضافة من 13 إلى 19%.
وكشف أنّ النسبة الماليّة للدعم تراجعت من 13 ألف مليار في ميزانية 2022 إلى حدود 9 آلاف مليار في ميزانية 2023.
واعتبر أنّ مؤشرات ميزانية 2023 خطيرة جدا في علاقة بالعجز التجاري ونسب النمو وارتفاع الأسعار وارتفاع نسبة البطالة والاحتكار وفقدان المواد الأساسية الضرورية.
واعتبر حفيظ أنّ الميزانية الحالية لا تختلف في شيء عن ميزانية محمد مزالي سنة 1984 التي انتهت بثورة الخبز ولا تختلف كذلك عن سنة 1864، وهي سنة جفاف قام خلالها الباي بمضاعفة الجباية فقادت إلى انتفاضة علي بن غذاهم، لافتا إلى أنّ الحكام لا يقرؤون التاريخ جيّدا..
بدوره، قال الأمين العام المساعد للاتحاد المسؤول عن الدواوين والمنشآت العمومية صلاح الدين السالمي لدى إشرافه على أعمال المجلس الجهوي للاتحاد الجهوي للشغل بنابل "أن قانون المالية لسنة 2023 تضمن مغالطات كبيرة بخصوص رفع الدعم وتوجيهه إلى مستحقيه".
وأضاف أن "قانون المالية ينص على التقليص في ميزانية الدعم بنحو 3.2 مليار دينار، سيخصص منها فقط 700 مليون دينار للتحويلات الاجتماعية في حين ستوجه الاعتمادات الباقية أي نحو 2.5 مليار دينار لميزانية الدولة".
وأبرز ضرورة أن يعي التونسي، اليوم بحقيقة توجهات الحكومة وما يكتنفها من «مغالطات كبرى» مشددا على « أن تونس تعاني اليوم من إشكالية ازدواجية الخطاب بين الحكومة ورئيس الجمهورية، الذي يتحدث عن عدم التفريط في المؤسسات العمومية وينفي رفع الدعم في حين أن ما يتضمنه قانون المالية وما قدمته الحكومة لصندوق النقد الدولي يؤكد عكس ذلك.
رفيق بن عبد الله