إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حسب خبراء الاقتصاد: قانون المالية يعكس إخفاقا محتملا لمفاوضات تونس مع صندوق النقد

 

* الخبير في المالية العمومية زهير معلم لـ"الصباح": لا أستبعد لجوء الحكومة الى قانون تعديلي في مارس القادم !

* الخبير الاقتصادي عبد القادر بودريقة لـ"الصباح": غياب الرؤية الاقتصادية عن قانون المالية

* رئيس معهد تونس للسياسة احمد إدريس لـ"الصباح": الحكومة مطالبة بالاستماع الى اقتراحات خبراء الاقتصاد

 

تونس- الصباح

اعتبر خبراء الاقتصاد والمالية المجتمعون أول أمس بمقر مركز الدراسات المتوسطية والدولية بالعاصمة، أن قانون المالية لسنة 2023 لا يستجيب للتحديات الاقتصادية القادمة، وخاصة في ما يتعلق بمطالب صندوق النقد الدولي، وأيضا في ما يتعلق بجانب الاستثماري الذي يكاد يغيب عن قانون المالية، بالإضافة الى غياب الرؤية الاقتصادية، محذرين من إمكانية اللجوء الى قانون تعديلي في مارس القادم، بسبب ما تضمنه القانون من أداءات جبائية جديدة طالت العديد من القطاعات، وأدى ذلك الى غياب العدالة الجبائية والعدالة الاجتماعية، فضلا عن أن الإجراءات المتخذة لم تقنع صندوق النقد الدولي، ولم تحقق التوازنات المالية المطلوبة، وستساهم في قتل الاستثمار، والبقاء في دائرة التداين.

وقال الأستاذ بكلية العلوم القانونية بجندوبة والمختص في المالية العمومية زهير معلم، في تصريح لـ"الصباح"، انه لا يستبعد أن تلجأ الحكومة الى قوانين مالية تعديلية في مارس القادم، لافتا الى "أن الضغط الجبائي لن ينجح في وضع اجتماعي متدهور"، كما أن صندوق النقد الدولي سيطالب بدوره الحكومة بإصلاحات قانونية جديدة تتماشى مع الوضع الاقتصادي في البلاد.

قانون يحمل تناقضات عديدة

بدوره، أفاد رئيس مركز الدراسات المتوسطية والدولية، احمد إدريس، في تصريح لـ"الصباح"، أن قانون المالية لسنة 2023، تم إعداده دون الأخذ بعين الاعتبار للتوازنات المالية ومتطلبات الاقتصاد، مشيرا الى أن “هذا القانون يحمل تناقضات، بين ما يريده رئيس الجمهورية، وبين التوجه الليبرالي للحكومة، وبين ما يطلبه صندوق النقد الدولي".

ولم يستبعد رئيس مركز الدراسات المتوسطية والدولية، إمكانية لجوء الحكومة إلى قانون مالية تكميلي، لتحقيق التوازنات المالية، معتبرا، أن قانون المالية لسنة 2023، تغيب عنه الرؤية الاقتصادية، كما تغيب عنه الإجراءات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، لافتا الى أن طريقة المساس بمنظومة دعم المواد الأساسية لا تحترم التوازنات المالية المطلوبة، في ظرف اقتصادي صعب تمر به البلاد.

وبخصوص المبادرات المطروحة للخروج من الأزمة السياسية، قال إدريس "هذه المبادرات يمكن أن تساعد في خلق مناخ يسمح لكل القوى من التحاور حول مختلف المسائل بما فيها التوازنات المالية"، لافتا الى أن الحلول متوفرة من الخبراء للخروج من الأزمة، وعلى الحكومة أن تستمع إليهم وتأخذ بعين الاعتبار الاقتراحات التي يتم طرحها من حين الى آخر، مؤكدا انه منذ بضعة أشهر قليلة، خرجت العديد من الاقتراحات والحلول الصادرة عن خبراء الاقتصاد ولم تعرها الحكومة أي اهتمام، ومن الضروري العمل مستقبلا على الاستفادة من الحلول الصادرة عن خبراء الاقتصاد لتحقيق الانتعاشة المرجوة.

قانون لا يتضمن إجراءات محفزة

من جهته أكد الخبير الاقتصادي، عبد القادر بودريقة، في تصريح لـ"الصباح"، أن قانون المالية لسنة 2023، تم إعداده في ظرف اقتصادي، ومالي صعب، وفي ظل أزمة سياسية خانقة وفق قوله.

وتابع عبد القادر بودريقة بالقول، إن هذا القانون لم يتم إعداده بطريقة تشاركية، مبينا أن الضغط الجبائي الذي تضمنه هذا القانون لم يتم توزيعه بطريقة عادلة، بالإضافة الى أنه لم يتضمن إجراءات واضحة لدعم الاستثمار والنشاط الاقتصادي.

ولفت الخبير الاقتصادي، الى أنّ قانون المالية لسنة 2023، لم يتضمن رؤية اقتصادية واضحة، مشددا على ضرورة أن يتضمن قانون المالية لإجراءات محفزة تدعم الاستثمار، وتقدم الامتيازات المحفزة لدعم الاقتصاد، وفق قوله.

ولخص عبد القادر بودريقة، خلال كلمته، ما تضمنه قانون المالية لسنة 2023، مشيرا الى أن الضغط الجبائي ارتفع الى حدود 25٪ بعد أن كان السنة الماضية في حدود 24٪ ، كما أن الإجراءات الجبائية ارتفعت خلال العقد الأخير لتبلغ قرابة 800 إجراء، لافتا الى غياب عامل مهم في قانون المالية لسنة 2023 ، يتعلق الأول بغياب السياسات الاقتصادية، والثاني غياب الرؤية الاقتصادية، ومن الضروري أن يتضمن قانون المالية التوجه العام للدولة في المرحلة القادمة، وأن يستند الى خطط وتوجهات اقتصادية تحقق الانتعاشة المرجوة.

وبلغ ارتفاع الميزانية لعام 2023، نسبة 14.5٪ مقارنة بالنتائج المحدثة لعام 2022، حيث بلغت قيمتها 69.640 مليار دينار. واختارت الحكومة سلسلة من الافتراضات في إعداد ميزانيتها للعام المقبل، بما في ذلك نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة عند 1.8٪. وتنص ميزانية الدولة لعام 2023 على تنمية الموارد الذاتية للدولة بنحو 12.9٪ ، مقارنة بقانون المالية المعدل لعام 2022، لتصل إلى 46.424 مليار دينار، نتيجة الزيادة الكبيرة المتوقعة في الإيرادات الضريبية وغير الضريبية البالغة 12.5 ٪ و15.7 ٪ على التوالي. وتعتمد الزيادة في الإيرادات الضريبية على الزيادة الكبيرة المتوقعة في ضريبة الدخل وضريبة الشركات بنسبة 8.5٪ و 8.7٪ وضريبة الاستهلاك وضريبة القيمة المضافة والضرائب الجمركية بنسبة 16.5٪ و 12.5٪ و 11٪ على التوالي.

وتساهم الضرائب في تمويل ميزانية الدولة بنسبة تجاوزت 60 بالمائة، وارتفعت الإيرادات بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث وصلت إلى 30 مليار دينار في عام 2019، مقابل 12,5 مليار دينار في سنة 2010، وبلغ الضغط الجبائي في العام 2019 نسبة 25.3 % وشهد ارتفاعا منذ العام 2016 ليسجل 20.8 % و21.9 % في العام 2017.

ارتفاع مشط في الضرائب

وتطرق المجتمعون من خبراء الاقتصاد والمسؤولين والممثلين عن المنظمات الوطنية في مداخلاتهم، الى الارتفاع المسجل من سنة الى أخرى في الضرائب، وبروز عامل خطير يتمثل في هروب المستثمرين وهو أحد أبرز الأسباب التي تجبر المستثمرين على العدول عن قرار توسيع استثماراتهم في تونس منذ عقد من الزمن، ولم تتوفق تونس في تعبئة الاستثمارات الخارجية المباشرة المستهدفة في كامل السنة الماضية، بسبب تنامي تداعيات جائحة فيروس كورونا الذي عطل حركة تدفق الاستثمارات في كامل أنحاء العالم ومن ضمنها تونس، وأيضا تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

ومنذ 2011 تواجه الحكومة التونسية معضلة في تعزيز إيراداتها لمواجهة الاختلالات المالية المتنامية، وخاصة في ما يتعلق بوضع حدّ للتهرب الضريبي الذي كبّد خزينة الدولة خسائر كبيرة، وفي ظل ضغوط داخلية وخارجية لاعتماد إصلاحات عاجلة.

ويشكك بعض الخبراء الاقتصاديين في قدرة الحكومة على تخفيف الضغوط المتزايدة على المواطنين بعد أن بنت ميزانية 2023 على فرضيات تبدو غير واقعية، ومؤشرات غير ثابتة، قد تعرقل كافة الجهود لإخراج البلاد من نفق الأزمات المتراكمة، معتبرين أن حزمة الضرائب المفروضة على مختلف القطاعات والمجالات، ستزيد في إنهاك المساعي الرامية الى تحقيق نسب نمو واقعية، تخلق مواطن الشغل.

كما لم يستبعد الخبير الاقتصادي والمالي زهير معلم في مداخلته، أن يتم اللجوء الى قانون تعديلي في مارس القادم يتماشى مع متطلبات المرحلة التي تعيشها البلاد، والعمل على التخفيف من الضغط الجبائي، باعتبار أن السياسات المتبعة لا ترضي صندوق النقد الدولي في جوهرها، لافتا الى أن قانون المالية لسنة 2023 بني على الاحتمالات وليس على الانجاز، وتوظيف أداءات مسبقة على الثروة، مثلما هو الحال في توظيف 5٪ على المشروبات الكحولية.

جاد الفقير بما لديه

وتساءل زهير معلم، عن إمكانية إبطال القضاء الإداري، لبعض الفصول القانونية الواردة في قانون المالية لسنة 2023، والتي تزيد في استنزاف التونسيين، وترفع من منسوب الاحتقان الاجتماعي، لافتا الى أن كل ما ورد في قانون المالية لسنة 2023 ، هي إجراءات مشطة تتناقض مع الوضع العام الذي تعيشه البلاد، كما تعكس إخفاقا محتملا للحكومة في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي.

ولخص الخبير الاقتصادي عبد القادر بودريقة، في نهاية مداخلته، الى أن قانون المالية لسنة 2023، جاء مجسدا لمقولة "جاد الفقير بما لديه"، محذرا من أن المرحلة القادمة تحتاج فعلا الى رؤية اقتصادية واضحة تتوافق مع قانون المالية، حتى تتمكن البلاد من استعادة توازناتها المالية.

سفيان المهداوي

حسب خبراء الاقتصاد:  قانون المالية يعكس إخفاقا محتملا  لمفاوضات تونس مع صندوق النقد

 

* الخبير في المالية العمومية زهير معلم لـ"الصباح": لا أستبعد لجوء الحكومة الى قانون تعديلي في مارس القادم !

* الخبير الاقتصادي عبد القادر بودريقة لـ"الصباح": غياب الرؤية الاقتصادية عن قانون المالية

* رئيس معهد تونس للسياسة احمد إدريس لـ"الصباح": الحكومة مطالبة بالاستماع الى اقتراحات خبراء الاقتصاد

 

تونس- الصباح

اعتبر خبراء الاقتصاد والمالية المجتمعون أول أمس بمقر مركز الدراسات المتوسطية والدولية بالعاصمة، أن قانون المالية لسنة 2023 لا يستجيب للتحديات الاقتصادية القادمة، وخاصة في ما يتعلق بمطالب صندوق النقد الدولي، وأيضا في ما يتعلق بجانب الاستثماري الذي يكاد يغيب عن قانون المالية، بالإضافة الى غياب الرؤية الاقتصادية، محذرين من إمكانية اللجوء الى قانون تعديلي في مارس القادم، بسبب ما تضمنه القانون من أداءات جبائية جديدة طالت العديد من القطاعات، وأدى ذلك الى غياب العدالة الجبائية والعدالة الاجتماعية، فضلا عن أن الإجراءات المتخذة لم تقنع صندوق النقد الدولي، ولم تحقق التوازنات المالية المطلوبة، وستساهم في قتل الاستثمار، والبقاء في دائرة التداين.

وقال الأستاذ بكلية العلوم القانونية بجندوبة والمختص في المالية العمومية زهير معلم، في تصريح لـ"الصباح"، انه لا يستبعد أن تلجأ الحكومة الى قوانين مالية تعديلية في مارس القادم، لافتا الى "أن الضغط الجبائي لن ينجح في وضع اجتماعي متدهور"، كما أن صندوق النقد الدولي سيطالب بدوره الحكومة بإصلاحات قانونية جديدة تتماشى مع الوضع الاقتصادي في البلاد.

قانون يحمل تناقضات عديدة

بدوره، أفاد رئيس مركز الدراسات المتوسطية والدولية، احمد إدريس، في تصريح لـ"الصباح"، أن قانون المالية لسنة 2023، تم إعداده دون الأخذ بعين الاعتبار للتوازنات المالية ومتطلبات الاقتصاد، مشيرا الى أن “هذا القانون يحمل تناقضات، بين ما يريده رئيس الجمهورية، وبين التوجه الليبرالي للحكومة، وبين ما يطلبه صندوق النقد الدولي".

ولم يستبعد رئيس مركز الدراسات المتوسطية والدولية، إمكانية لجوء الحكومة إلى قانون مالية تكميلي، لتحقيق التوازنات المالية، معتبرا، أن قانون المالية لسنة 2023، تغيب عنه الرؤية الاقتصادية، كما تغيب عنه الإجراءات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، لافتا الى أن طريقة المساس بمنظومة دعم المواد الأساسية لا تحترم التوازنات المالية المطلوبة، في ظرف اقتصادي صعب تمر به البلاد.

وبخصوص المبادرات المطروحة للخروج من الأزمة السياسية، قال إدريس "هذه المبادرات يمكن أن تساعد في خلق مناخ يسمح لكل القوى من التحاور حول مختلف المسائل بما فيها التوازنات المالية"، لافتا الى أن الحلول متوفرة من الخبراء للخروج من الأزمة، وعلى الحكومة أن تستمع إليهم وتأخذ بعين الاعتبار الاقتراحات التي يتم طرحها من حين الى آخر، مؤكدا انه منذ بضعة أشهر قليلة، خرجت العديد من الاقتراحات والحلول الصادرة عن خبراء الاقتصاد ولم تعرها الحكومة أي اهتمام، ومن الضروري العمل مستقبلا على الاستفادة من الحلول الصادرة عن خبراء الاقتصاد لتحقيق الانتعاشة المرجوة.

قانون لا يتضمن إجراءات محفزة

من جهته أكد الخبير الاقتصادي، عبد القادر بودريقة، في تصريح لـ"الصباح"، أن قانون المالية لسنة 2023، تم إعداده في ظرف اقتصادي، ومالي صعب، وفي ظل أزمة سياسية خانقة وفق قوله.

وتابع عبد القادر بودريقة بالقول، إن هذا القانون لم يتم إعداده بطريقة تشاركية، مبينا أن الضغط الجبائي الذي تضمنه هذا القانون لم يتم توزيعه بطريقة عادلة، بالإضافة الى أنه لم يتضمن إجراءات واضحة لدعم الاستثمار والنشاط الاقتصادي.

ولفت الخبير الاقتصادي، الى أنّ قانون المالية لسنة 2023، لم يتضمن رؤية اقتصادية واضحة، مشددا على ضرورة أن يتضمن قانون المالية لإجراءات محفزة تدعم الاستثمار، وتقدم الامتيازات المحفزة لدعم الاقتصاد، وفق قوله.

ولخص عبد القادر بودريقة، خلال كلمته، ما تضمنه قانون المالية لسنة 2023، مشيرا الى أن الضغط الجبائي ارتفع الى حدود 25٪ بعد أن كان السنة الماضية في حدود 24٪ ، كما أن الإجراءات الجبائية ارتفعت خلال العقد الأخير لتبلغ قرابة 800 إجراء، لافتا الى غياب عامل مهم في قانون المالية لسنة 2023 ، يتعلق الأول بغياب السياسات الاقتصادية، والثاني غياب الرؤية الاقتصادية، ومن الضروري أن يتضمن قانون المالية التوجه العام للدولة في المرحلة القادمة، وأن يستند الى خطط وتوجهات اقتصادية تحقق الانتعاشة المرجوة.

وبلغ ارتفاع الميزانية لعام 2023، نسبة 14.5٪ مقارنة بالنتائج المحدثة لعام 2022، حيث بلغت قيمتها 69.640 مليار دينار. واختارت الحكومة سلسلة من الافتراضات في إعداد ميزانيتها للعام المقبل، بما في ذلك نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة عند 1.8٪. وتنص ميزانية الدولة لعام 2023 على تنمية الموارد الذاتية للدولة بنحو 12.9٪ ، مقارنة بقانون المالية المعدل لعام 2022، لتصل إلى 46.424 مليار دينار، نتيجة الزيادة الكبيرة المتوقعة في الإيرادات الضريبية وغير الضريبية البالغة 12.5 ٪ و15.7 ٪ على التوالي. وتعتمد الزيادة في الإيرادات الضريبية على الزيادة الكبيرة المتوقعة في ضريبة الدخل وضريبة الشركات بنسبة 8.5٪ و 8.7٪ وضريبة الاستهلاك وضريبة القيمة المضافة والضرائب الجمركية بنسبة 16.5٪ و 12.5٪ و 11٪ على التوالي.

وتساهم الضرائب في تمويل ميزانية الدولة بنسبة تجاوزت 60 بالمائة، وارتفعت الإيرادات بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث وصلت إلى 30 مليار دينار في عام 2019، مقابل 12,5 مليار دينار في سنة 2010، وبلغ الضغط الجبائي في العام 2019 نسبة 25.3 % وشهد ارتفاعا منذ العام 2016 ليسجل 20.8 % و21.9 % في العام 2017.

ارتفاع مشط في الضرائب

وتطرق المجتمعون من خبراء الاقتصاد والمسؤولين والممثلين عن المنظمات الوطنية في مداخلاتهم، الى الارتفاع المسجل من سنة الى أخرى في الضرائب، وبروز عامل خطير يتمثل في هروب المستثمرين وهو أحد أبرز الأسباب التي تجبر المستثمرين على العدول عن قرار توسيع استثماراتهم في تونس منذ عقد من الزمن، ولم تتوفق تونس في تعبئة الاستثمارات الخارجية المباشرة المستهدفة في كامل السنة الماضية، بسبب تنامي تداعيات جائحة فيروس كورونا الذي عطل حركة تدفق الاستثمارات في كامل أنحاء العالم ومن ضمنها تونس، وأيضا تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

ومنذ 2011 تواجه الحكومة التونسية معضلة في تعزيز إيراداتها لمواجهة الاختلالات المالية المتنامية، وخاصة في ما يتعلق بوضع حدّ للتهرب الضريبي الذي كبّد خزينة الدولة خسائر كبيرة، وفي ظل ضغوط داخلية وخارجية لاعتماد إصلاحات عاجلة.

ويشكك بعض الخبراء الاقتصاديين في قدرة الحكومة على تخفيف الضغوط المتزايدة على المواطنين بعد أن بنت ميزانية 2023 على فرضيات تبدو غير واقعية، ومؤشرات غير ثابتة، قد تعرقل كافة الجهود لإخراج البلاد من نفق الأزمات المتراكمة، معتبرين أن حزمة الضرائب المفروضة على مختلف القطاعات والمجالات، ستزيد في إنهاك المساعي الرامية الى تحقيق نسب نمو واقعية، تخلق مواطن الشغل.

كما لم يستبعد الخبير الاقتصادي والمالي زهير معلم في مداخلته، أن يتم اللجوء الى قانون تعديلي في مارس القادم يتماشى مع متطلبات المرحلة التي تعيشها البلاد، والعمل على التخفيف من الضغط الجبائي، باعتبار أن السياسات المتبعة لا ترضي صندوق النقد الدولي في جوهرها، لافتا الى أن قانون المالية لسنة 2023 بني على الاحتمالات وليس على الانجاز، وتوظيف أداءات مسبقة على الثروة، مثلما هو الحال في توظيف 5٪ على المشروبات الكحولية.

جاد الفقير بما لديه

وتساءل زهير معلم، عن إمكانية إبطال القضاء الإداري، لبعض الفصول القانونية الواردة في قانون المالية لسنة 2023، والتي تزيد في استنزاف التونسيين، وترفع من منسوب الاحتقان الاجتماعي، لافتا الى أن كل ما ورد في قانون المالية لسنة 2023 ، هي إجراءات مشطة تتناقض مع الوضع العام الذي تعيشه البلاد، كما تعكس إخفاقا محتملا للحكومة في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي.

ولخص الخبير الاقتصادي عبد القادر بودريقة، في نهاية مداخلته، الى أن قانون المالية لسنة 2023، جاء مجسدا لمقولة "جاد الفقير بما لديه"، محذرا من أن المرحلة القادمة تحتاج فعلا الى رؤية اقتصادية واضحة تتوافق مع قانون المالية، حتى تتمكن البلاد من استعادة توازناتها المالية.

سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews