تعالت في الآونة الأخيرة أصوات بعض الأحزاب والتيارات السياسية المساندة لمسار 25 جويلية وحتى من قبل بعض المنظمات الوطنية منادية بضرورة إقالة رئيس الجمهورية للحكومة الحالية وتعويضها بأخرى، وذلك في خطوة أولى من أجل تصحيح أخطاء السلطة التنفيذية ومعالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة..
وتتزامن هذه الدعوات مع إعلان منظمات من المجتمع المدني عن مبادرة ثلاثية يقودها اتحاد الشغل وهيئة المحامين ورابطة حقوق الإنسان تهدف إلى وضع تصورات تشريعية وسياسية واقتصادية للخروج من الأزمة.
غير أن اللافت للانتباه أن موعد الكشف عن مشروع المبادرة التي سيتم عرضها على رئيس الجمهورية، قد يتزامن أيضا مع اقتراب الحسم في نتائج الانتخابات التشريعية في طوريها الأول الذي قد يتم خلال اليومين المقبلين (فوز 23 لعضوية البرلمان، في انتظار الحسم في حوالي 130 مقعدا في الدور الثاني).. والتي يعول عليها الرئيس سعيد كثيرا من أجل إضفاء مزيد من المشروعية على مسار 25 جويلية في مقام أول، ثم في تحديد خيارات تشكيل الحكومة المقبلة، هل ستكون ذات توجه سياسي مع تناغم لنتائج الانتخابات والأغلبية الممثلة فيه، أم ستكون مستقلة عن الأحزاب والبرلمان، في مقام ثان..
وبعد إقالته مؤخرا لوزيرة التجارة، في خطوة منتظرة، دون أن يقدم على تعويضها لحد الآن، سيكون أمام الرئيس سعيد، خياران: إما الاكتفاء بهذه الإقالة في انتظار استكمال نتائج الانتخابات التشريعية بمساريها الأول والثاني والتي قد تمتد إلى نهاية شهر فيفري المقبل، أو إقالة أعضاء آخرين في حكومة السيدة نجلاء بودن على خلفية تقييم سلبي لأدائهم دون انتظار نتائج الانتخابات.
وفي جل الحالات، فإن استجابة الرئيس سعيد لدعوات تغيير الحكومة وضخ نفس سياسي في هويتها وتوجهاتها، يظل مرتبطا أساسا بنتائج الانتخابات التشريعية وما ستفرزه من موازين قوى أو تكتلات برلمانية وسياسية، رغم أن نظام الاقتراع المعتمد على ترشح الأفراد لا يسمح بفوز أغلبية واضحة عن ممثلين عن أحزاب بمقاعد بالبرلمان.
ومع ذلك فإن جلّ الفرضيات تظل ممكنة من فوز أغلبية مساندة للرئيس قيس سعيد قد تعمد إلى تكوين كتلة برلمانية قوية في البرلمان الجديد تعمل من خلالها على التمهيد لتحوير وزاري وفي تحديد تركيبة الحكومة المقبلة وشكلها، ويمكن أن تفرز الانتخابات أيضا صعود وجوه حزبية مسنودة من قبل أحزاب داعمة لمسار 25 جويلية على غرار حركة الشعب والتيار الشعبي وحزب حراك 25 جويلية وأحزاب أخرى..
كما تظل إمكانية أن تفرز الانتخابات تركيبة برلمانية مشتتة وضعيفة متعددة الألوان والانتماءات دون غلبة لون فكري أو حزبي أو سياسي عليها، وبالتالي يصعب تكون كتل برلمانية قادرة على التأثير على السلطة التنفيذية وفرض رؤيتها في تحديد وجهة سياستها العامة وعلى رأسها ترشيح رئيس حكومة جديد.
ومؤخرا، تتالت تصريحات قياديين من حركة الشعب مطالبة بحكومة سياسية لها تصور سياسي لمعالجة الأزمة القائمة، على غرار هيكل المكي، وزهير المغزاوي.. مع الانفتاح على مبادرة المجتمع المدني المساندة لمسار 25 جويلية.
ونفس الأمر بالنسبة لقياديين في حراك 25 جويلية على غرار رئيس المكتب السياسي عبد الرزاق الخلولي الذي قال في حوار مع "الصباح نيوز" أنه يتوقع إقالات أخرى لبعض الوزراء في الحكومة الحالية، وطالب الرئيس سعيد، بتشكيل حكومة سياسية مصغرة تضم كفاءات ولها برنامج إنقاذ اقتصادي واجتماعي..
بدوره، قال عضو مبادرة "ينتصر الشعب"، صلاح الدين الداودي، في تصريحات إعلامية، ان لحظة التغيير الحكومي، سواء بشكل جزئي او معمّق، تقترب. واعتبر ان المرحلة الحالية تقتضي تقييما شاملا لعمل الحكومة وتقويم مسارها بناء على خططها المستقبلية التي اعلنت عنها من خلال قانون المالية والمخطط التنموي والميزان الاقتصادي.
من جهته، دعا أمين عام حركة تونس إلى الأمام، عبيد البريكي، أمس في تصريح إعلامي سابق إلى تشكيل حكومة حرب سياسية غير مُتحزّبة، لها تصور اقتصادي بخلفية سياسية. ولفت في حوار مع راديو "شمس أف أم" إلى أن "الحكومة الحالية وصلت إلى مرحلة تقدم تصريحات وتصورات مخالفة لرئيس الجمهورية وهو ما يعني إما أنها غير قادرة على الدفاع عن مواقفها أمام الرئيس أو أن أعضاءها إداريون فقط".
ومهما يكن من أمر، فإن التحوير الحكومي أو تغيير تركيبة الحكومة لن ستستند فقط على عامل واحد مثل نتائج الانتخابات أو على أداء الوزراء الحاليين، إذ يظل وفي جل الحالات الواقع الاجتماعي والاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد، وأيضا الدافع السياسي المتمثل خاصة في استكمال مشروع مسار 25 جويلية وتثبيته.. من أبرز محددات التغييرات المنتظرة في المشهد الحكومي في قادم الأيام والأسابيع..
كما برز عامل آخر يدفع نحو الحاجة إلى تغيير جذري في تشكيلة الحكومة وتوجهاتها، وهو عامل الضغوطات المتزايدة المسلطة على الحكومة الحالية وحاجة الرئيس سعيد إلى ضخ دماء جديدة والتعويل على شخصيات وطنية مقربة منه، مع سعي دائم إلى النأي برئاسة الجمهورية من أخطاء الحكومة والأداء الضعيف لبعض أعضائها، خاصة مع تنامي الانتقادات الحادة الموجهة إليها لا فقط من قبل المعارضة، لكن أيضا وبالأساس من مساندي الرئيس ومسار 25 جويلية..
رفيق بن عبد الله
تونس- الصباح
تعالت في الآونة الأخيرة أصوات بعض الأحزاب والتيارات السياسية المساندة لمسار 25 جويلية وحتى من قبل بعض المنظمات الوطنية منادية بضرورة إقالة رئيس الجمهورية للحكومة الحالية وتعويضها بأخرى، وذلك في خطوة أولى من أجل تصحيح أخطاء السلطة التنفيذية ومعالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة..
وتتزامن هذه الدعوات مع إعلان منظمات من المجتمع المدني عن مبادرة ثلاثية يقودها اتحاد الشغل وهيئة المحامين ورابطة حقوق الإنسان تهدف إلى وضع تصورات تشريعية وسياسية واقتصادية للخروج من الأزمة.
غير أن اللافت للانتباه أن موعد الكشف عن مشروع المبادرة التي سيتم عرضها على رئيس الجمهورية، قد يتزامن أيضا مع اقتراب الحسم في نتائج الانتخابات التشريعية في طوريها الأول الذي قد يتم خلال اليومين المقبلين (فوز 23 لعضوية البرلمان، في انتظار الحسم في حوالي 130 مقعدا في الدور الثاني).. والتي يعول عليها الرئيس سعيد كثيرا من أجل إضفاء مزيد من المشروعية على مسار 25 جويلية في مقام أول، ثم في تحديد خيارات تشكيل الحكومة المقبلة، هل ستكون ذات توجه سياسي مع تناغم لنتائج الانتخابات والأغلبية الممثلة فيه، أم ستكون مستقلة عن الأحزاب والبرلمان، في مقام ثان..
وبعد إقالته مؤخرا لوزيرة التجارة، في خطوة منتظرة، دون أن يقدم على تعويضها لحد الآن، سيكون أمام الرئيس سعيد، خياران: إما الاكتفاء بهذه الإقالة في انتظار استكمال نتائج الانتخابات التشريعية بمساريها الأول والثاني والتي قد تمتد إلى نهاية شهر فيفري المقبل، أو إقالة أعضاء آخرين في حكومة السيدة نجلاء بودن على خلفية تقييم سلبي لأدائهم دون انتظار نتائج الانتخابات.
وفي جل الحالات، فإن استجابة الرئيس سعيد لدعوات تغيير الحكومة وضخ نفس سياسي في هويتها وتوجهاتها، يظل مرتبطا أساسا بنتائج الانتخابات التشريعية وما ستفرزه من موازين قوى أو تكتلات برلمانية وسياسية، رغم أن نظام الاقتراع المعتمد على ترشح الأفراد لا يسمح بفوز أغلبية واضحة عن ممثلين عن أحزاب بمقاعد بالبرلمان.
ومع ذلك فإن جلّ الفرضيات تظل ممكنة من فوز أغلبية مساندة للرئيس قيس سعيد قد تعمد إلى تكوين كتلة برلمانية قوية في البرلمان الجديد تعمل من خلالها على التمهيد لتحوير وزاري وفي تحديد تركيبة الحكومة المقبلة وشكلها، ويمكن أن تفرز الانتخابات أيضا صعود وجوه حزبية مسنودة من قبل أحزاب داعمة لمسار 25 جويلية على غرار حركة الشعب والتيار الشعبي وحزب حراك 25 جويلية وأحزاب أخرى..
كما تظل إمكانية أن تفرز الانتخابات تركيبة برلمانية مشتتة وضعيفة متعددة الألوان والانتماءات دون غلبة لون فكري أو حزبي أو سياسي عليها، وبالتالي يصعب تكون كتل برلمانية قادرة على التأثير على السلطة التنفيذية وفرض رؤيتها في تحديد وجهة سياستها العامة وعلى رأسها ترشيح رئيس حكومة جديد.
ومؤخرا، تتالت تصريحات قياديين من حركة الشعب مطالبة بحكومة سياسية لها تصور سياسي لمعالجة الأزمة القائمة، على غرار هيكل المكي، وزهير المغزاوي.. مع الانفتاح على مبادرة المجتمع المدني المساندة لمسار 25 جويلية.
ونفس الأمر بالنسبة لقياديين في حراك 25 جويلية على غرار رئيس المكتب السياسي عبد الرزاق الخلولي الذي قال في حوار مع "الصباح نيوز" أنه يتوقع إقالات أخرى لبعض الوزراء في الحكومة الحالية، وطالب الرئيس سعيد، بتشكيل حكومة سياسية مصغرة تضم كفاءات ولها برنامج إنقاذ اقتصادي واجتماعي..
بدوره، قال عضو مبادرة "ينتصر الشعب"، صلاح الدين الداودي، في تصريحات إعلامية، ان لحظة التغيير الحكومي، سواء بشكل جزئي او معمّق، تقترب. واعتبر ان المرحلة الحالية تقتضي تقييما شاملا لعمل الحكومة وتقويم مسارها بناء على خططها المستقبلية التي اعلنت عنها من خلال قانون المالية والمخطط التنموي والميزان الاقتصادي.
من جهته، دعا أمين عام حركة تونس إلى الأمام، عبيد البريكي، أمس في تصريح إعلامي سابق إلى تشكيل حكومة حرب سياسية غير مُتحزّبة، لها تصور اقتصادي بخلفية سياسية. ولفت في حوار مع راديو "شمس أف أم" إلى أن "الحكومة الحالية وصلت إلى مرحلة تقدم تصريحات وتصورات مخالفة لرئيس الجمهورية وهو ما يعني إما أنها غير قادرة على الدفاع عن مواقفها أمام الرئيس أو أن أعضاءها إداريون فقط".
ومهما يكن من أمر، فإن التحوير الحكومي أو تغيير تركيبة الحكومة لن ستستند فقط على عامل واحد مثل نتائج الانتخابات أو على أداء الوزراء الحاليين، إذ يظل وفي جل الحالات الواقع الاجتماعي والاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد، وأيضا الدافع السياسي المتمثل خاصة في استكمال مشروع مسار 25 جويلية وتثبيته.. من أبرز محددات التغييرات المنتظرة في المشهد الحكومي في قادم الأيام والأسابيع..
كما برز عامل آخر يدفع نحو الحاجة إلى تغيير جذري في تشكيلة الحكومة وتوجهاتها، وهو عامل الضغوطات المتزايدة المسلطة على الحكومة الحالية وحاجة الرئيس سعيد إلى ضخ دماء جديدة والتعويل على شخصيات وطنية مقربة منه، مع سعي دائم إلى النأي برئاسة الجمهورية من أخطاء الحكومة والأداء الضعيف لبعض أعضائها، خاصة مع تنامي الانتقادات الحادة الموجهة إليها لا فقط من قبل المعارضة، لكن أيضا وبالأساس من مساندي الرئيس ومسار 25 جويلية..