- التمويلات الجملية المتأتية من البنوك التونسية لخزينة الدولة وصلت إلى 20 بالمائة من كل استعمالاتها بعد أن كانت لا تتجاوز الـ6 بالمائة
-البنوك التونسية قامت بدور كبير في تعويض السوق المالية الخارجية وتمويل الدولة
-مع ارتفاع نسبة الفائدة المديرية ستزيد فوائض قروض الدولة الداخلية
تونس-الصباح
عاب عدد كبير من المراقبين في الشأن المالي والاقتصادي عدم تسليط الضوء إعلاميا على قرار البنك المركزي المتعلق بالترفيع في نسبة الفائدة على الادخار باعتبار أن هذا القرار يعد النقطة المضيئة من بين بقية قرارات مجلس إدارة البنك المنعقد مؤخرا، في حين اعتبرها شق آخر منهم بأنها إجراء مرتقب وليس بالغريب بحكم ارتباطه الوثيق تقنيا وفنيا بقرار الرفع في نسبة الفائدة المديرية.
وكان البنك المركزي قد رفع في نسبة الفائدة الرئيسية بـ75 نقطة أساس لتصل إلى 8 بالمائة، وذلك بعد تقييم المخاطر التي تحف بمسار التضخم خلال الفترة المقبلة، وفق ما ورد في بيان مجلس إدارة البنك، كما رفع بالتوازي مع ذلك في نسبة الفائدة الدنيا لتأجير الادخار لتصل إلى 7 بالمائة.
وفي هذا الإطار، أفاد الرئيس السابق للجمعية التونسية للبنوك والمؤسسات المالية والخبير المالي، أحمد كرم في تصريح لـ"الصباح" بأن الارتفاع في النسبة الدنيا المطبقة على الادخار لدى البنوك تتماشى مع تطور نسبة الفائدة المديرية التي يحددها البنك المركزي تباعا، مبينا أن هذا القرار تقنيا يتبع قرار الترفيع في نسبة الفائدة المديرية ..
واعتبر كرم أن هذا القرار إيجابي لاستقطاب الادخار الذي يعاني من تراجع في السنوات الأخيرة، معقبا انه يبقى غير كاف بالنظر الى تواصل ارتفاع نسبة التضخم الذي تجاوز اليوم الـ10 بالمائة بسبب تواصل ارتفاع الأسعار في السلع والمواد الاستهلاكية.
وأوضح الخبير المالي، أنه من الضروري التفريق بين نوعين من نسب الادخار المعمول بها في تونس، حيث أن الأولى تتعلق بالادخار الموظف لدى البنوك ولدى البورصة وفي الاستثمارات عموما والتي في العادة تكون مستقرة وتوازي الموارد النقدية للبنوك والتي لا تتجاوز اليوم الـ4 بالمائة التي كانت تناهز الـ10 بالمائة كمساهمة في الاقتصاد الوطني، في حين أن الثانية والتي تتعلق بالادخار البنكي وهو الدخل الذي لا يستهلك وارتفع اليوم إلى حدود الـ30 بالمائة من إيداعات البنوك. حسب تعبير محدثنا.
وأكد كرم أن النسبة المحددة من قبل البنك المركزي على الادخار بـ7 بالمائة قابلة للارتفاع في إطار مفاوضات الحريف مع البنك الذي ينخرط فيه لتصل الى 8 و9 بالمائة، معتبرا أن هذا القرار معمول به لدى أغلب البنوك وهو ما يؤكد سلاسة المعاملات والخدمات التي تطرحها البنوك من أجل الرفع من الادخار لديها.
وذكر كرم في تصريحه لـ"الصباح" أن الادخار يمثل قسطا متميزا من ودائع البنوك تصل قيمته اليوم إلى 30 بالمائة من إيداعات البنوك وتفوق هذه النسبة لدى عدد هام من البنوك التي تعمل على استقطاب الادخار وخاصة تلك التي ركزت سياستها على جمع الادخار والرفع منه.
وحول السياسات المعتمدة حاليا لاستقطاب الادخار، أفاد الخبير المالي بأن العلاقات المتميزة بين البنوك والحرفاء ترتكز أساسا على خدمات خاصة بالادخار ومتميزة على غرار السلاسة في التفاوض ليستفيد منها الحرفاء في الترفيع في نسبة الفائدة على الادخار...
وحول مواصلة تمويل البنوك التونسية للدولة الذي أصبح نهجا محبذا للدولة في السنوات الأخيرة، فقد بين كرم أن إشكالية تمويل الخزينة هي إشكالية حقيقية لان عجز الميزانية ارتفع بشكل كبير في السنوات الأخيرة مما يتطلب تعبئة أموال تفوق معدل ما كان يتم تعبئته قبل 10 سنوات عندما كانت نسبة العجز لا تتجاوز الـ3 بالمائة..
وأشار كرم في ذات السياق أنه في ظل صعوبة تعبئة موارد خارجية أصبحت البنوك التونسية هي التي تمول الدولة في قسط كبير من التمويلات التي تحتاجها كل سنة وتحددها في قوانين المالية، مبينا أن اللجوء الى البنوك التونسية تكثف من سنة الى سنة ليصبح الخيار الأوحد للدولة لتبلغ التمويلات الجملية المتأتية من البنوك التونسية ما يناهز الـ20 بالمائة من كل استعمالاتها وهي التي كانت لا تتجاوز الـ6 بالمائة ...
وأكد كرم في تصريح "الصباح" أن البنوك قامت بدور كبير في تعويض السوق المالية الخارجية وتمويل الدولة، مشيرا الى أن نسبة الفائدة على القروض التي تمنحها البنوك التونسية للدولة لا تتجاوز الـ9 بالمائة في حين أن النسبة بعيدة جدا عندما تكون القروض من الخارج وعبر الأسواق المالية العالمية.
وأضاف كرم في ذات السياق أن ارتفاع نسبة الفائدة المديرية الى 8 بالمائة سيرفع بصفة آلية في نسبة الفائدة على القروض التي ستمنحها القروض التونسية مسبقا الى الدولة، مشيرا الى أن البنوك مستفيدة باعتبار أنها ستحقق هامش ربحها المحدد من ناحية والدولة هي الأخرى مستفيدة لأن الفوائض على القروض الداخلية ستكون اقل كلفة من الخارجية منها.
وفي ما يتعلق بالتداعيات التي سيخلفها خيار الدولة مواصلة الاقتراض من البنوك التونسية، اعتبر كرم أن أولها يخص ارتفاع منسوب المخاطر باعتبار أن قيمة تمويلها للدولة وصل الى 20 بالمائة بما يؤدي الى تحمل البنوك الى كل مخاطر الاقتصاد التونسي لأنها أصبحت الممول الأساسي للدولة على غرار العجز وتباطؤ النمو ومخاطر عدم إيفاء الدولة بتعهداتها مع البنوك عن طريق سداد القروض القديمة بسبب الضغوطات الكثيرة المسلطة على المالية العمومية.
وأضاف كرم أن التأثير الثاني يتمثل في عزوف البنوك عن دورها الأساسي وهو تمويل المؤسسات والأفراد باعتبار أن هذه الجهات لا تجد سوى البنوك لتمويلها ودعمها ماليا، مقترحا أن أبرز الحلول للقطع مع هذا الخيار هو ضرورة الضغط على المصاريف والنفقات العمومية..
كما أضاف كرم في نفس السياق، أنه من الضروري كذلك الإسراع في إطلاق وتفعيل الإصلاحات الضرورية التي ينادي بها الجميع بهدف الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تردت إليها المالية العمومية ...
وفاء بن محمد
الخبير المالي أحمد كرم لـ"الصباح":
- التمويلات الجملية المتأتية من البنوك التونسية لخزينة الدولة وصلت إلى 20 بالمائة من كل استعمالاتها بعد أن كانت لا تتجاوز الـ6 بالمائة
-البنوك التونسية قامت بدور كبير في تعويض السوق المالية الخارجية وتمويل الدولة
-مع ارتفاع نسبة الفائدة المديرية ستزيد فوائض قروض الدولة الداخلية
تونس-الصباح
عاب عدد كبير من المراقبين في الشأن المالي والاقتصادي عدم تسليط الضوء إعلاميا على قرار البنك المركزي المتعلق بالترفيع في نسبة الفائدة على الادخار باعتبار أن هذا القرار يعد النقطة المضيئة من بين بقية قرارات مجلس إدارة البنك المنعقد مؤخرا، في حين اعتبرها شق آخر منهم بأنها إجراء مرتقب وليس بالغريب بحكم ارتباطه الوثيق تقنيا وفنيا بقرار الرفع في نسبة الفائدة المديرية.
وكان البنك المركزي قد رفع في نسبة الفائدة الرئيسية بـ75 نقطة أساس لتصل إلى 8 بالمائة، وذلك بعد تقييم المخاطر التي تحف بمسار التضخم خلال الفترة المقبلة، وفق ما ورد في بيان مجلس إدارة البنك، كما رفع بالتوازي مع ذلك في نسبة الفائدة الدنيا لتأجير الادخار لتصل إلى 7 بالمائة.
وفي هذا الإطار، أفاد الرئيس السابق للجمعية التونسية للبنوك والمؤسسات المالية والخبير المالي، أحمد كرم في تصريح لـ"الصباح" بأن الارتفاع في النسبة الدنيا المطبقة على الادخار لدى البنوك تتماشى مع تطور نسبة الفائدة المديرية التي يحددها البنك المركزي تباعا، مبينا أن هذا القرار تقنيا يتبع قرار الترفيع في نسبة الفائدة المديرية ..
واعتبر كرم أن هذا القرار إيجابي لاستقطاب الادخار الذي يعاني من تراجع في السنوات الأخيرة، معقبا انه يبقى غير كاف بالنظر الى تواصل ارتفاع نسبة التضخم الذي تجاوز اليوم الـ10 بالمائة بسبب تواصل ارتفاع الأسعار في السلع والمواد الاستهلاكية.
وأوضح الخبير المالي، أنه من الضروري التفريق بين نوعين من نسب الادخار المعمول بها في تونس، حيث أن الأولى تتعلق بالادخار الموظف لدى البنوك ولدى البورصة وفي الاستثمارات عموما والتي في العادة تكون مستقرة وتوازي الموارد النقدية للبنوك والتي لا تتجاوز اليوم الـ4 بالمائة التي كانت تناهز الـ10 بالمائة كمساهمة في الاقتصاد الوطني، في حين أن الثانية والتي تتعلق بالادخار البنكي وهو الدخل الذي لا يستهلك وارتفع اليوم إلى حدود الـ30 بالمائة من إيداعات البنوك. حسب تعبير محدثنا.
وأكد كرم أن النسبة المحددة من قبل البنك المركزي على الادخار بـ7 بالمائة قابلة للارتفاع في إطار مفاوضات الحريف مع البنك الذي ينخرط فيه لتصل الى 8 و9 بالمائة، معتبرا أن هذا القرار معمول به لدى أغلب البنوك وهو ما يؤكد سلاسة المعاملات والخدمات التي تطرحها البنوك من أجل الرفع من الادخار لديها.
وذكر كرم في تصريحه لـ"الصباح" أن الادخار يمثل قسطا متميزا من ودائع البنوك تصل قيمته اليوم إلى 30 بالمائة من إيداعات البنوك وتفوق هذه النسبة لدى عدد هام من البنوك التي تعمل على استقطاب الادخار وخاصة تلك التي ركزت سياستها على جمع الادخار والرفع منه.
وحول السياسات المعتمدة حاليا لاستقطاب الادخار، أفاد الخبير المالي بأن العلاقات المتميزة بين البنوك والحرفاء ترتكز أساسا على خدمات خاصة بالادخار ومتميزة على غرار السلاسة في التفاوض ليستفيد منها الحرفاء في الترفيع في نسبة الفائدة على الادخار...
وحول مواصلة تمويل البنوك التونسية للدولة الذي أصبح نهجا محبذا للدولة في السنوات الأخيرة، فقد بين كرم أن إشكالية تمويل الخزينة هي إشكالية حقيقية لان عجز الميزانية ارتفع بشكل كبير في السنوات الأخيرة مما يتطلب تعبئة أموال تفوق معدل ما كان يتم تعبئته قبل 10 سنوات عندما كانت نسبة العجز لا تتجاوز الـ3 بالمائة..
وأشار كرم في ذات السياق أنه في ظل صعوبة تعبئة موارد خارجية أصبحت البنوك التونسية هي التي تمول الدولة في قسط كبير من التمويلات التي تحتاجها كل سنة وتحددها في قوانين المالية، مبينا أن اللجوء الى البنوك التونسية تكثف من سنة الى سنة ليصبح الخيار الأوحد للدولة لتبلغ التمويلات الجملية المتأتية من البنوك التونسية ما يناهز الـ20 بالمائة من كل استعمالاتها وهي التي كانت لا تتجاوز الـ6 بالمائة ...
وأكد كرم في تصريح "الصباح" أن البنوك قامت بدور كبير في تعويض السوق المالية الخارجية وتمويل الدولة، مشيرا الى أن نسبة الفائدة على القروض التي تمنحها البنوك التونسية للدولة لا تتجاوز الـ9 بالمائة في حين أن النسبة بعيدة جدا عندما تكون القروض من الخارج وعبر الأسواق المالية العالمية.
وأضاف كرم في ذات السياق أن ارتفاع نسبة الفائدة المديرية الى 8 بالمائة سيرفع بصفة آلية في نسبة الفائدة على القروض التي ستمنحها القروض التونسية مسبقا الى الدولة، مشيرا الى أن البنوك مستفيدة باعتبار أنها ستحقق هامش ربحها المحدد من ناحية والدولة هي الأخرى مستفيدة لأن الفوائض على القروض الداخلية ستكون اقل كلفة من الخارجية منها.
وفي ما يتعلق بالتداعيات التي سيخلفها خيار الدولة مواصلة الاقتراض من البنوك التونسية، اعتبر كرم أن أولها يخص ارتفاع منسوب المخاطر باعتبار أن قيمة تمويلها للدولة وصل الى 20 بالمائة بما يؤدي الى تحمل البنوك الى كل مخاطر الاقتصاد التونسي لأنها أصبحت الممول الأساسي للدولة على غرار العجز وتباطؤ النمو ومخاطر عدم إيفاء الدولة بتعهداتها مع البنوك عن طريق سداد القروض القديمة بسبب الضغوطات الكثيرة المسلطة على المالية العمومية.
وأضاف كرم أن التأثير الثاني يتمثل في عزوف البنوك عن دورها الأساسي وهو تمويل المؤسسات والأفراد باعتبار أن هذه الجهات لا تجد سوى البنوك لتمويلها ودعمها ماليا، مقترحا أن أبرز الحلول للقطع مع هذا الخيار هو ضرورة الضغط على المصاريف والنفقات العمومية..
كما أضاف كرم في نفس السياق، أنه من الضروري كذلك الإسراع في إطلاق وتفعيل الإصلاحات الضرورية التي ينادي بها الجميع بهدف الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تردت إليها المالية العمومية ...