أعلن محافظ البنك المركزي مروان العباسي، في آخر ظهور إعلامي له، انه من المنتظر أن ينطلق خلال العام الجاري العمل بقانون الصرف الجديد، الذي يهدف إلى المساهمة في تحسين مناخ الأعمال لتحفيز المبادرة، واقتحام الأسواق الخارجية، مشيرا إلى انه تم عرض القانون على رئاسة الحكومة لتبدي موقفها منه، لافتا إلى أن القانون لن يفضي حتما إلى فتح أرصدة بالعملة الأجنبية لكل التونسيين.
وبين محافظ البنك المركزي، أن مشاكل الصرف يمكن تجاوزها وسيصبح ممكنا بالنسبة للتونسيين فتح أرصدة بالعملة الأجنبية في حال تطورت الاستثمارات الخارجية وعودة محركات الإنتاج إلى سالف نشاطها، مشيرا إلى أن البنك المركزي قدم مؤخرا مسودة تقنية لقانون الصرف تضمنت مقترحات البنك، لافتا إلى أن الحكومة هي التي تُعد هذا القانون.
ووفق وثيقة الميزان الاقتصادي للعام الجاري، سيتم العمل على تجاوز العوائق التي تواجهها المؤسسات وقطاع الأعمال في المعاملات بالعملة الأجنبية من خلال تجسيم الإصلاحات العملية في قانون الصرف الجديد، وتشمل هذه الإصلاحات مراجعة الآجال وتبسيط الإجراءات المتعلقة بفتح الحسابات بالعملة الأجنبية للمستثمرين، والسماح وفق شروط مضبوطة للوسطاء المقيمين المرخص لهم باعتمادهم كضامن للبنوك الأجنبية وللفروع المفتوحة في الخارج بما يسمح بتنفيذ التمويل المطلوب من قبل المؤسسات المتعاملة مع الأسواق الخارجية.
وحسب ما تم الكشف عنه في وثيقة الميزان الاقتصادي، فإن القانون الجديد سيتضمن إجراءات تتعلق بالتحويلات المالية العائدة بعنوان التخلي عن الطلبيات وإرجاع السلع في حالة عدم استكمال عمليات التصدير، وإلغاء رصيد التحويلات المالية جراء خطأ أو عدم توفر بالحساب البنكي أو إشكال في عملية الدفع الإلكتروني.
كما تضمن قانون الصرف الجديد عدة حوافز، لفائدة المستثمرين قصد إيداع مدخراتهم ومداخيلهم لدى البنوك التونسية، وكذلك استقطاب القطاع غير المنظم نحو مسالك التمويل الرسمية، كذلك تضمن تشجيعات لفائدة البنوك من أجل استقطاب موارد الادخار والتحويلات بالعملة وفق شروط تفاضلية موحدة، كما سيقع مراجعة الإجراءات المتعلقة بحسابات التداول في إطار النهوض بالصادرات وإحداث حسابات التجارة الدولية.
وينتظر أن تفضي هذه الإجراءات الجديدة بمجلة الصرف، إلى مزيد تقليص آجال الانتظار، وتيسير التداول بجل العملات بغرض مواكبة حاجيات المؤسسات المصدرة والمستثمرين والمؤسسات الناشئة والخبرات التي تتعامل مع السوق العالمية.
تعميم خدمات الدفع عن بعد
وتسير تونس في الآونة الأخيرة، ووفق ما أعلن عنه مسؤولو البنك المركزي على طريق تعميم الخدمات المصرفية عن بعد، وتعمل على سن قوانين جديدة لتحفيز الشركات والعملاء على التجارة الإلكترونية وذلك عبر تخفيض الرسوم الخاصة بالدفع عبر البطاقات البنكية، علما وان العمليات الالكترونية بدأت تشهد نسقا تصاعديا منذ سنة 2015، حيث تجاوزت أكثر من مليون ونصف المليون عملية.
ويشدد العديد من الخبراء على ضرورة أن تندمج تونس اليوم في الاقتصاد الرقمي العالمي الذي انطلق في تعويض الاقتصاد التقليدي تدريجيا منذ السنوات الأخيرة، وهي مطالبة اليوم بإرساء منظومات جديدة تحفز المؤسّسات الاقتصادية على الانخراط فيها، وتشجيعها على المضي قدما في تطوير بنيتها الرقمية وأيضا العمل على تحرير الدينار التونسي، من خلال الحد من المديونية والرفع في نسبة النمو إلى أكثر من 5 بالمائة، وذلك بهدف فتح المعاملات الالكترونية الخارجية لهذه الشركات بما يجعلها تحقق إيرادات هامة، وتساهم هي بدورها في الرفع من احتياطي البلاد من العملة الصعبة، وأيضا في تحقيق الانتعاشة الاقتصادية المرجوة.
وحسب ما أعلن عنه مسؤولو البنك المركزي، في الآونة الأخيرة، فإن مجلة الصرف الجديدة، ستتضمن وسيلة دفع الكترونية شبيهة بمنظومة الدفع الأمريكية "paypal" ، والتي توفر وسائل دفع الكترونية آمنة، تأخذ بعين الاعتبار تطورات التكنولوجيا الحديثة في التجارة الالكترونية، وتمكن من إتمام كافة عمليات الدفع الخارجية بأمان.
دعم التعاون الاستثماري والتجاري
ويسعى البنك المركزي من خلال تطوير قانون مجلة الصرف، إلى دعم أفاق التعاون الاستثماري والتجاري بين الفاعلين الاقتصاديين التونسيين والشركاء على الصعيدين العربي والدولي من خلال تيسير انجاز المعاملات المالية عبر الحدود، بالإضافة إلى تمكين رجال الأعمال والمستثمرين من حلول دفع الكترونية آمنة.
وشرع البنك المركزي مؤخرا في إرساء منظومة رقمية جديدة للتحويل المالي منذ سنة 2020، علما وان الاختبارات التطبيقية سنة 2018، أمنت حوالي 198 ألف عملية تحويل بمبلغ 3.2 مليار دينار وفق ما كشف عنه البنك المركزي في تقريره السنوي المنجز حديثا.
وأكد البنك المركزي التونسي، في التقرير، أن البنك شرع في التعاقد مع العديد من الشركات الأجنبية التي تقدم حلولا تكنولوجية في منظومة التحويل الرقمي والدفع الإلكتروني، مشيرا إلى أن نظام المقاصة الالكترونية أنجز خلال سنة 2018 حوالي 60 مليون عملية بمبلغ 162 مليار دينار.
خدمات دفع شهيرة مازالت غائبة
وتشهد خدمة "الباي بال" وغيرها من خدمات الدفع الإلكتروني في تونس، عدة عراقيل من بينها تنقيح القانون المتعلق بتحويل العملة الصعبة، إلى جانب توفير المنظومة التكنولوجية لمثل هذه العمليات، وهو ما تعكف عليه العديد من اللجان المختصة على دراسته، من بينها لجان داخل البنك المركزي.
وتساهم منظومة الدفع الإلكتروني "باي بال" وغيرها من المنظومات الإلكترونية في دفع عجلة الاقتصاد الرقمي والتقليل من نسب الشباب العاطل عن العمل لما تقدمه من فرص لبعث مواطن شغل وتحويل الأموال إلى تونس، بالإضافة إلى ازدهار التجارة الالكترونية.
وما يزال الشباب التونسي اليوم يواجه عراقيل جمة في إطلاق مشاريعه التكنولوجية وتركيزها في عدد من المنصات العالمية، وذلك بسبب القيود المسلطة عليه من الداخل في ظل غياب منظومات الكترونية لتحويل الأموال إلى الخارج وعلى رأسها خدمة "الباي بال" الشهيرة، فضلا عن غياب أرضية ملائمة للتشجيع على بعث بنوك الكترونية تونسية تمكن حرفائها من الدفع بالعملات الصعبة لاقتناء البرامج التكنولوجية، ودفع معلوم الاشتراك لاستضافة التطبيقات التونسية على العديد من المنصات التجارية الرقمية العالمية.
وتسعى تونس في خضم التغيرات التي تشهدها العولمة والتكنولوجيا الحديثة، إلى المضي قدما لتركيز منظومة مالية الكترونية لتحويل الأموال بالعملات الأجنبية، وإن تأخرت بضع محطات عن غيرها من الدول، لكنها لم تحرز تقدما يذكر في ما يتعلق برفض شركة Paypal الملف التونسي، رغم ما بذلته البلاد من جهود كبيرة خلال السنوات الأخيرة من أجل أن تفعّل PayPal خدماتها في تونس.
ويعود سبب الخلاف إلى تمسك الشركة بحريّة المعاملات المالية على حساباتها حول العالم دون قيود، الشرط الذي يرفضه البنك المركزي لعدم ملاءمة هذا الطلب مع قانون الصرف في تونس المجرّم للتحويلات بالعملة الصعبة إلى حسابات أجنبية، وهو الأمر الذي دفع البنك المركزي إلى الإعلان عن إصدار مجلة صرف جديدة، من المتوقع أن ترى النور خلال هذا العام.
ورغم الوعود التي انطلقت منذ 2016 بتوفير هذه المنظومة ببلادنا والصادرة عن العديد من الجهات الرسمية سواء من قبل محافظ البنك المركزي مروان العباسي سنة 2018 ووزير تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي سنة 2017، فإن جميع هذه الوعود بقيت حبرا على ورق، ولم تفعل ببلادنا باستثناء بعض التجارب الرقمية التي أطلقها البريد التونسي في 2016 والتي تمكن من اقتناء بطاقات لبنوك الكترونية عالمية، سرعان ما تم التخلي عنها لأسباب لم تذكر، ودفعت بالعديد من الشبان التونسيين إلى شراء بطاقات رقمية بضعف أسعارها للقيام بعمليات الدفع في شتى المجالات التقنية.
وتعلق الآمال اليوم، على المنظومة الجديدة للدفع الالكتروني، التي من المنتظر أن تدخل حيز العمل تزامنا مع إصدار مجلة الصرف الجديدة، في خطوة تهدف تنمية التجارة الالكترونية، ومنح رجال الأعمال والشركات الناشئة التونسية، المزيد من الفرص لدخول الأسواق الخارجية، وأيضا إتمام عمليات الدفع الالكتروني الخارجية، والتي تتيح ترويج منتوجاتهم في المنصات العالمية، وهو ما يعد مصدرا مهما للرفع من مخزون تونس من العملة الصعبة.
ضرورة تمتيع كافة التونسيين بهذا الإجراء
ورغم الوعود المقدمة اليوم من الجهات الرسمية حول تحرير الدفع الالكتروني بالأرصدة الأجنبية، لفائدة المستثمرين ورجال الأعمال التونسيين، دون سواهم، فإن إبقاء الأفراد وخاصة البارعون من الشباب التونسي في التسويق والابتكار والبرمجة، بعيدين عن دائرة التمتع بهذه الامتيازات، لن يجلب الكثير لتونس، خاصة وان احد محركات النمو الرئيسية في البلاد ما تزال معطلة ومشتتة في الولوج الى المنصات العالمية، وهي احد المآخذ، على ضعف قانون الصرف الجديد، والذي لا يجيز لكافة التونسيين بفتح أرصدة بالعملات الأجنبية، في حين باتت دول عربية أخرى كانت في السابق متخلفة في هذا المجال، رائدة في الاقتصاد الرقمي، بعد أن منحت الفرصة لشبابها من العمل عن بعد، وفتح ارصد بالعملات الأجنبية، وترويج منتوجاتهم، لتحتل مراتب متقدمة في العالم وعلى رأسهم الدول الخليجية.
ومن الضروري اليوم، العمل على بعث بنوك الكترونية، تقدم خدمات دفع بالأرصدة الأجنبية، إلى جانب استقبال الأموال بالعملات الأجنبية، وذلك في خطوة تهدف إلى تنمية الاقتصاد الوطني، وأيضا الاقتصاد الرقمي، والحد من البطالة إلى مستويات أقل من 10%، والتشجيع على تسويق المنتوجات التونسية بمختلف أصنافها، الرقمية منها، او المنتوجات التقليدية، والمنتوجات ذات القيمة المضافة العالية المبتكرة من قبل فئة من الشباب التونسي، علما وأن التجارة الالكترونية العالمية، سجلت في الفترة الأخيرة تطوراً كبيراً نتيجة التقدم الكبير في عالم التكنولوجيا الرقمية والاتصالات، حيث بلغ حجم التجارة الالكترونية حول العالم حوالي 3.8 تريليون دولار في عام 2019، وفي أواخر 2020 وصل إلى 6.8 تريليون دولار، وهناك تريليونات الدولارات التي تهدرها تونس بسبب الانغلاق المالي غير المبرر، علاوة على ذلك، فإن الثقة المتزايدة في المدفوعات عبر الإنترنات من قبل المتسوقين تعني أن التحول الرقمي لقطاع التجزئة في المنطقة يسير على قدم وساق، وهناك رغبة من الجميع في الدفع واستلام المدفوعات بالعملات الأجنبية، كما تتسابق شركات التجزئة لمواكبة ذلك من خلال مواصلة ابتكارها للعروض الاستهلاكية وتنويعها. وبالمقابل، يسارع المستهلكون في الاستجابة ليزداد المشهد التنافسي حدةً مع استمرار ارتفاع معيار توقعات المستهلكين في قادم السنوات.
سفيان المهداوي
تونس- الصباح
أعلن محافظ البنك المركزي مروان العباسي، في آخر ظهور إعلامي له، انه من المنتظر أن ينطلق خلال العام الجاري العمل بقانون الصرف الجديد، الذي يهدف إلى المساهمة في تحسين مناخ الأعمال لتحفيز المبادرة، واقتحام الأسواق الخارجية، مشيرا إلى انه تم عرض القانون على رئاسة الحكومة لتبدي موقفها منه، لافتا إلى أن القانون لن يفضي حتما إلى فتح أرصدة بالعملة الأجنبية لكل التونسيين.
وبين محافظ البنك المركزي، أن مشاكل الصرف يمكن تجاوزها وسيصبح ممكنا بالنسبة للتونسيين فتح أرصدة بالعملة الأجنبية في حال تطورت الاستثمارات الخارجية وعودة محركات الإنتاج إلى سالف نشاطها، مشيرا إلى أن البنك المركزي قدم مؤخرا مسودة تقنية لقانون الصرف تضمنت مقترحات البنك، لافتا إلى أن الحكومة هي التي تُعد هذا القانون.
ووفق وثيقة الميزان الاقتصادي للعام الجاري، سيتم العمل على تجاوز العوائق التي تواجهها المؤسسات وقطاع الأعمال في المعاملات بالعملة الأجنبية من خلال تجسيم الإصلاحات العملية في قانون الصرف الجديد، وتشمل هذه الإصلاحات مراجعة الآجال وتبسيط الإجراءات المتعلقة بفتح الحسابات بالعملة الأجنبية للمستثمرين، والسماح وفق شروط مضبوطة للوسطاء المقيمين المرخص لهم باعتمادهم كضامن للبنوك الأجنبية وللفروع المفتوحة في الخارج بما يسمح بتنفيذ التمويل المطلوب من قبل المؤسسات المتعاملة مع الأسواق الخارجية.
وحسب ما تم الكشف عنه في وثيقة الميزان الاقتصادي، فإن القانون الجديد سيتضمن إجراءات تتعلق بالتحويلات المالية العائدة بعنوان التخلي عن الطلبيات وإرجاع السلع في حالة عدم استكمال عمليات التصدير، وإلغاء رصيد التحويلات المالية جراء خطأ أو عدم توفر بالحساب البنكي أو إشكال في عملية الدفع الإلكتروني.
كما تضمن قانون الصرف الجديد عدة حوافز، لفائدة المستثمرين قصد إيداع مدخراتهم ومداخيلهم لدى البنوك التونسية، وكذلك استقطاب القطاع غير المنظم نحو مسالك التمويل الرسمية، كذلك تضمن تشجيعات لفائدة البنوك من أجل استقطاب موارد الادخار والتحويلات بالعملة وفق شروط تفاضلية موحدة، كما سيقع مراجعة الإجراءات المتعلقة بحسابات التداول في إطار النهوض بالصادرات وإحداث حسابات التجارة الدولية.
وينتظر أن تفضي هذه الإجراءات الجديدة بمجلة الصرف، إلى مزيد تقليص آجال الانتظار، وتيسير التداول بجل العملات بغرض مواكبة حاجيات المؤسسات المصدرة والمستثمرين والمؤسسات الناشئة والخبرات التي تتعامل مع السوق العالمية.
تعميم خدمات الدفع عن بعد
وتسير تونس في الآونة الأخيرة، ووفق ما أعلن عنه مسؤولو البنك المركزي على طريق تعميم الخدمات المصرفية عن بعد، وتعمل على سن قوانين جديدة لتحفيز الشركات والعملاء على التجارة الإلكترونية وذلك عبر تخفيض الرسوم الخاصة بالدفع عبر البطاقات البنكية، علما وان العمليات الالكترونية بدأت تشهد نسقا تصاعديا منذ سنة 2015، حيث تجاوزت أكثر من مليون ونصف المليون عملية.
ويشدد العديد من الخبراء على ضرورة أن تندمج تونس اليوم في الاقتصاد الرقمي العالمي الذي انطلق في تعويض الاقتصاد التقليدي تدريجيا منذ السنوات الأخيرة، وهي مطالبة اليوم بإرساء منظومات جديدة تحفز المؤسّسات الاقتصادية على الانخراط فيها، وتشجيعها على المضي قدما في تطوير بنيتها الرقمية وأيضا العمل على تحرير الدينار التونسي، من خلال الحد من المديونية والرفع في نسبة النمو إلى أكثر من 5 بالمائة، وذلك بهدف فتح المعاملات الالكترونية الخارجية لهذه الشركات بما يجعلها تحقق إيرادات هامة، وتساهم هي بدورها في الرفع من احتياطي البلاد من العملة الصعبة، وأيضا في تحقيق الانتعاشة الاقتصادية المرجوة.
وحسب ما أعلن عنه مسؤولو البنك المركزي، في الآونة الأخيرة، فإن مجلة الصرف الجديدة، ستتضمن وسيلة دفع الكترونية شبيهة بمنظومة الدفع الأمريكية "paypal" ، والتي توفر وسائل دفع الكترونية آمنة، تأخذ بعين الاعتبار تطورات التكنولوجيا الحديثة في التجارة الالكترونية، وتمكن من إتمام كافة عمليات الدفع الخارجية بأمان.
دعم التعاون الاستثماري والتجاري
ويسعى البنك المركزي من خلال تطوير قانون مجلة الصرف، إلى دعم أفاق التعاون الاستثماري والتجاري بين الفاعلين الاقتصاديين التونسيين والشركاء على الصعيدين العربي والدولي من خلال تيسير انجاز المعاملات المالية عبر الحدود، بالإضافة إلى تمكين رجال الأعمال والمستثمرين من حلول دفع الكترونية آمنة.
وشرع البنك المركزي مؤخرا في إرساء منظومة رقمية جديدة للتحويل المالي منذ سنة 2020، علما وان الاختبارات التطبيقية سنة 2018، أمنت حوالي 198 ألف عملية تحويل بمبلغ 3.2 مليار دينار وفق ما كشف عنه البنك المركزي في تقريره السنوي المنجز حديثا.
وأكد البنك المركزي التونسي، في التقرير، أن البنك شرع في التعاقد مع العديد من الشركات الأجنبية التي تقدم حلولا تكنولوجية في منظومة التحويل الرقمي والدفع الإلكتروني، مشيرا إلى أن نظام المقاصة الالكترونية أنجز خلال سنة 2018 حوالي 60 مليون عملية بمبلغ 162 مليار دينار.
خدمات دفع شهيرة مازالت غائبة
وتشهد خدمة "الباي بال" وغيرها من خدمات الدفع الإلكتروني في تونس، عدة عراقيل من بينها تنقيح القانون المتعلق بتحويل العملة الصعبة، إلى جانب توفير المنظومة التكنولوجية لمثل هذه العمليات، وهو ما تعكف عليه العديد من اللجان المختصة على دراسته، من بينها لجان داخل البنك المركزي.
وتساهم منظومة الدفع الإلكتروني "باي بال" وغيرها من المنظومات الإلكترونية في دفع عجلة الاقتصاد الرقمي والتقليل من نسب الشباب العاطل عن العمل لما تقدمه من فرص لبعث مواطن شغل وتحويل الأموال إلى تونس، بالإضافة إلى ازدهار التجارة الالكترونية.
وما يزال الشباب التونسي اليوم يواجه عراقيل جمة في إطلاق مشاريعه التكنولوجية وتركيزها في عدد من المنصات العالمية، وذلك بسبب القيود المسلطة عليه من الداخل في ظل غياب منظومات الكترونية لتحويل الأموال إلى الخارج وعلى رأسها خدمة "الباي بال" الشهيرة، فضلا عن غياب أرضية ملائمة للتشجيع على بعث بنوك الكترونية تونسية تمكن حرفائها من الدفع بالعملات الصعبة لاقتناء البرامج التكنولوجية، ودفع معلوم الاشتراك لاستضافة التطبيقات التونسية على العديد من المنصات التجارية الرقمية العالمية.
وتسعى تونس في خضم التغيرات التي تشهدها العولمة والتكنولوجيا الحديثة، إلى المضي قدما لتركيز منظومة مالية الكترونية لتحويل الأموال بالعملات الأجنبية، وإن تأخرت بضع محطات عن غيرها من الدول، لكنها لم تحرز تقدما يذكر في ما يتعلق برفض شركة Paypal الملف التونسي، رغم ما بذلته البلاد من جهود كبيرة خلال السنوات الأخيرة من أجل أن تفعّل PayPal خدماتها في تونس.
ويعود سبب الخلاف إلى تمسك الشركة بحريّة المعاملات المالية على حساباتها حول العالم دون قيود، الشرط الذي يرفضه البنك المركزي لعدم ملاءمة هذا الطلب مع قانون الصرف في تونس المجرّم للتحويلات بالعملة الصعبة إلى حسابات أجنبية، وهو الأمر الذي دفع البنك المركزي إلى الإعلان عن إصدار مجلة صرف جديدة، من المتوقع أن ترى النور خلال هذا العام.
ورغم الوعود التي انطلقت منذ 2016 بتوفير هذه المنظومة ببلادنا والصادرة عن العديد من الجهات الرسمية سواء من قبل محافظ البنك المركزي مروان العباسي سنة 2018 ووزير تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي سنة 2017، فإن جميع هذه الوعود بقيت حبرا على ورق، ولم تفعل ببلادنا باستثناء بعض التجارب الرقمية التي أطلقها البريد التونسي في 2016 والتي تمكن من اقتناء بطاقات لبنوك الكترونية عالمية، سرعان ما تم التخلي عنها لأسباب لم تذكر، ودفعت بالعديد من الشبان التونسيين إلى شراء بطاقات رقمية بضعف أسعارها للقيام بعمليات الدفع في شتى المجالات التقنية.
وتعلق الآمال اليوم، على المنظومة الجديدة للدفع الالكتروني، التي من المنتظر أن تدخل حيز العمل تزامنا مع إصدار مجلة الصرف الجديدة، في خطوة تهدف تنمية التجارة الالكترونية، ومنح رجال الأعمال والشركات الناشئة التونسية، المزيد من الفرص لدخول الأسواق الخارجية، وأيضا إتمام عمليات الدفع الالكتروني الخارجية، والتي تتيح ترويج منتوجاتهم في المنصات العالمية، وهو ما يعد مصدرا مهما للرفع من مخزون تونس من العملة الصعبة.
ضرورة تمتيع كافة التونسيين بهذا الإجراء
ورغم الوعود المقدمة اليوم من الجهات الرسمية حول تحرير الدفع الالكتروني بالأرصدة الأجنبية، لفائدة المستثمرين ورجال الأعمال التونسيين، دون سواهم، فإن إبقاء الأفراد وخاصة البارعون من الشباب التونسي في التسويق والابتكار والبرمجة، بعيدين عن دائرة التمتع بهذه الامتيازات، لن يجلب الكثير لتونس، خاصة وان احد محركات النمو الرئيسية في البلاد ما تزال معطلة ومشتتة في الولوج الى المنصات العالمية، وهي احد المآخذ، على ضعف قانون الصرف الجديد، والذي لا يجيز لكافة التونسيين بفتح أرصدة بالعملات الأجنبية، في حين باتت دول عربية أخرى كانت في السابق متخلفة في هذا المجال، رائدة في الاقتصاد الرقمي، بعد أن منحت الفرصة لشبابها من العمل عن بعد، وفتح ارصد بالعملات الأجنبية، وترويج منتوجاتهم، لتحتل مراتب متقدمة في العالم وعلى رأسهم الدول الخليجية.
ومن الضروري اليوم، العمل على بعث بنوك الكترونية، تقدم خدمات دفع بالأرصدة الأجنبية، إلى جانب استقبال الأموال بالعملات الأجنبية، وذلك في خطوة تهدف إلى تنمية الاقتصاد الوطني، وأيضا الاقتصاد الرقمي، والحد من البطالة إلى مستويات أقل من 10%، والتشجيع على تسويق المنتوجات التونسية بمختلف أصنافها، الرقمية منها، او المنتوجات التقليدية، والمنتوجات ذات القيمة المضافة العالية المبتكرة من قبل فئة من الشباب التونسي، علما وأن التجارة الالكترونية العالمية، سجلت في الفترة الأخيرة تطوراً كبيراً نتيجة التقدم الكبير في عالم التكنولوجيا الرقمية والاتصالات، حيث بلغ حجم التجارة الالكترونية حول العالم حوالي 3.8 تريليون دولار في عام 2019، وفي أواخر 2020 وصل إلى 6.8 تريليون دولار، وهناك تريليونات الدولارات التي تهدرها تونس بسبب الانغلاق المالي غير المبرر، علاوة على ذلك، فإن الثقة المتزايدة في المدفوعات عبر الإنترنات من قبل المتسوقين تعني أن التحول الرقمي لقطاع التجزئة في المنطقة يسير على قدم وساق، وهناك رغبة من الجميع في الدفع واستلام المدفوعات بالعملات الأجنبية، كما تتسابق شركات التجزئة لمواكبة ذلك من خلال مواصلة ابتكارها للعروض الاستهلاكية وتنويعها. وبالمقابل، يسارع المستهلكون في الاستجابة ليزداد المشهد التنافسي حدةً مع استمرار ارتفاع معيار توقعات المستهلكين في قادم السنوات.