#GazaUnderAttack بكل لغات العالم، على مواقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" نشرت أكثر من 4.4 مليون تدوينة تحمل هذا الوسم.. # GenocideinGaza يحصد 187 ألف تغريدة على توتير هذه الهاشتاغات وغيرها هي من بين الأدوات الرئيسية التي يستخدمها تونسيون على منصات الميديا الاجتماعية للتعبير عن وقوفهم في صف القضية الفلسطينية أمام العدوان الإسرائيلي المتواصل. مستخدمون أيضا يغيرون صور حساباتهم، يضعون علم فلسطين في الخلفية، يتحيلون على خوارزيمات المنصات الاجتماعية بكتابة شعارات دون تنقيط وغيرها من الطرق الأخرى المشروعة في الحرب الرقمية حيث يعطون تقييمات سلبية لتطبيقة مثل فايسبوك.
الثمن في هذه الحرب، مستخدمون يمنعون من التدوين أو التعليق، حسابات تغلق وتحذيرات ترسلها المنصات الرقمية لهؤلاء المناضلين الذين أرادوا فقط أن يعبروا عن رأيهم ورؤيتهم لما يحدث في غزة أو أن ينشروا صورا ومعلومات تكشف وحشية الكيان الصهيوني.
ليس النضال الرقمي l'activisme digital بجديد على التونسيين. فمستخدمون كثر من تونس انخرطوا في التعبير عن رأيهم المناهض لديكتاتورية النظام السابق وسياساته القمعية والتعتيمية قبل 2011. فكثيرة هي المدونات والصفحات التي لم يكتف بعض الناشطين بالتعبير فيها عن آرائهم بكل حرية بل أيضا استخدموها لنشر الأخبار والصور والفيديوهات في وقت خيروا فيه لعب دور الصحفي المواطن. وإن كانت تسمية صحفي مواطن تبدو مدعاة لنقاش مطول مثلها مثل عبارة مناضل رقمي فإننا لن نتعرض لهذا في مقالنا بقدر ما سنحاول أن نفهم أكثر الدور الذي يمكن أن يلعبه النضال الرقمي أو حرب الهاشتاغات هذه.
النضال الرقمي تسمية تشمل الاتجاه نحو نشر هاشتاغات تدافع عن قضية بعينها، تغيير صورة الحساب، أو نشر تدوينات تدافع عن هذه القضية، الأمثلة كثيرة مثل مواجهة العنصرية في أمريكيا بـ#BlackLivesMatter أو نشر الوعي حول ظاهرة التحرش عبر #MeToo .
خوارزميات بالمرصاد
ولكن السياقات اليوم مختلفة عن تلك التي عرفها التونسيين أيام الثورة أو عن حركات تناهض العنصرية وتنشر الوعي عن التحرش أو عن كوفيد-19، ففي مختلف تلك الأمثلة لم تكن المنصات الرقمية طرفا هي أيضا في اللعبة أو طرفا مباشرا على الأقل. ففي القضية الفلسطينية يجد هذا النضال نفسه أمام سرديتين سردية المؤسسة الحاضنة لهذا النضال في حد ذاتها بدل اتجاهها في وقت سابق إلى دعم الحركات التحررية من الأنظمة الاستبدادية، وسردية النضال في حد ذاته. السردية التي تحرك المنصات المختلفة تقوم على منطق أنه من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها وأن ما يقوم به الفلسطينيون هو اعتداء على المدنيين. من خلال هذا الطرح تبرر هذه المنصات تجنيدها لخوارزمياتها للوقوف أمام المناضلين الرقميين الذين يقفون في صف فلسطين. إن النضال الرقمي يسمح بإيصال الرسالة إلى حدود أبعد مما يمكن أن تصلها وسائل الإعلام التقليدية التي قد تجد حدودا لها الجغرافيا أو اللغة أو الثقافة، فاستخدام الميديا الاجتماعية في إيصال الرسائل النضالية قد لا تقف أمامه كل هذه الحدود خاصة إذا أصبح ذا انتشار واحد ولكنه بطبيعة الحال سيجد أمامه خوارزميات تلعب أدوارا كثيرة من بينها الصنصرة.
نضال كسل؟
من الأمور التي يوصف بها النضال الرقمي هو أنه نضال كسل، وذلك لأنه يعطي انطباعا بأنه بمجرد تغيير صورة الحساب أو نشر هاشتاغ معين قام الفرد بما عليه أن يقوم به والنقطة الثانية أنه يعوض النضال على الأرض. ولكن هذه النظرة الأولية للنضال الرقمي تطورت فهو على العكس من ذلك ذو تأثير كبير. ولعل ذلك ينبع من سعي المنصات الالكترونية إلى التصدي لمحتويات تتضامن مع غزة فلو لم تكن هذه التدوينات مؤثرة ويمكن أن يساهم انتشارها إلى لفت نظر عدد أكبر من المستخدمين إلى هذه القضية او غيرها من القضايا خاصة للطبيعة الشبكية للمنصات الرقمية، فإن هذه المنصات التي لديها مواقف واضحة من إسرائيل لم تكن لتمنعها.
النقطة الثانية التي تجعل هذا النضال مهما هو أنه ينجح في إيصال رسائل القضية للفلسطينية في وقت تبدو فيه غالبية المؤسسات الاعلامية الدولية وخاصة منها الغربية منحازة للرواية الإسرائيلية للأحداث. فسنجد أن عديد المؤسسات الإعلامية الدولية تقول لنا في كل مرة أن إسرائيل على حق.
نموذج باراك أوباما الذي لعبت الميديا الاجتماعية دورا في تعزيز شعبيته، أو استخدام دونالد ترامب لتوتير بشكل مغاير تماما لكل من نصبوا قبله من رؤساء على البيت الأبيض، أو فضيحة كامبرج أناليتكس وغيرها الكثير كلها أمثلة على أن هذه المنصات هي فضاءات للتسويق والدعاية والمغالطات أيضا من أجل تحقيق أهداف اقتصادية أو سياسية، وأن ما صنعته حولنا من غرف صدى، أو ما تنتقيه لنا الخوارزميات له تأثير في أجندتنا وتحديد أولويتنا كلما تزايد تعويلنا عليها في أن نعرف ما يحدث حولنا، وإن كان هذا صالحا للدعاية والتضليل في أحيان كثيرة، فهو صالح أيضا للنضال والدفاع عن قضية عادلة.
أروى الكعلي
#GazaUnderAttack بكل لغات العالم، على مواقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" نشرت أكثر من 4.4 مليون تدوينة تحمل هذا الوسم.. # GenocideinGaza يحصد 187 ألف تغريدة على توتير هذه الهاشتاغات وغيرها هي من بين الأدوات الرئيسية التي يستخدمها تونسيون على منصات الميديا الاجتماعية للتعبير عن وقوفهم في صف القضية الفلسطينية أمام العدوان الإسرائيلي المتواصل. مستخدمون أيضا يغيرون صور حساباتهم، يضعون علم فلسطين في الخلفية، يتحيلون على خوارزيمات المنصات الاجتماعية بكتابة شعارات دون تنقيط وغيرها من الطرق الأخرى المشروعة في الحرب الرقمية حيث يعطون تقييمات سلبية لتطبيقة مثل فايسبوك.
الثمن في هذه الحرب، مستخدمون يمنعون من التدوين أو التعليق، حسابات تغلق وتحذيرات ترسلها المنصات الرقمية لهؤلاء المناضلين الذين أرادوا فقط أن يعبروا عن رأيهم ورؤيتهم لما يحدث في غزة أو أن ينشروا صورا ومعلومات تكشف وحشية الكيان الصهيوني.
ليس النضال الرقمي l'activisme digital بجديد على التونسيين. فمستخدمون كثر من تونس انخرطوا في التعبير عن رأيهم المناهض لديكتاتورية النظام السابق وسياساته القمعية والتعتيمية قبل 2011. فكثيرة هي المدونات والصفحات التي لم يكتف بعض الناشطين بالتعبير فيها عن آرائهم بكل حرية بل أيضا استخدموها لنشر الأخبار والصور والفيديوهات في وقت خيروا فيه لعب دور الصحفي المواطن. وإن كانت تسمية صحفي مواطن تبدو مدعاة لنقاش مطول مثلها مثل عبارة مناضل رقمي فإننا لن نتعرض لهذا في مقالنا بقدر ما سنحاول أن نفهم أكثر الدور الذي يمكن أن يلعبه النضال الرقمي أو حرب الهاشتاغات هذه.
النضال الرقمي تسمية تشمل الاتجاه نحو نشر هاشتاغات تدافع عن قضية بعينها، تغيير صورة الحساب، أو نشر تدوينات تدافع عن هذه القضية، الأمثلة كثيرة مثل مواجهة العنصرية في أمريكيا بـ#BlackLivesMatter أو نشر الوعي حول ظاهرة التحرش عبر #MeToo .
خوارزميات بالمرصاد
ولكن السياقات اليوم مختلفة عن تلك التي عرفها التونسيين أيام الثورة أو عن حركات تناهض العنصرية وتنشر الوعي عن التحرش أو عن كوفيد-19، ففي مختلف تلك الأمثلة لم تكن المنصات الرقمية طرفا هي أيضا في اللعبة أو طرفا مباشرا على الأقل. ففي القضية الفلسطينية يجد هذا النضال نفسه أمام سرديتين سردية المؤسسة الحاضنة لهذا النضال في حد ذاتها بدل اتجاهها في وقت سابق إلى دعم الحركات التحررية من الأنظمة الاستبدادية، وسردية النضال في حد ذاته. السردية التي تحرك المنصات المختلفة تقوم على منطق أنه من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها وأن ما يقوم به الفلسطينيون هو اعتداء على المدنيين. من خلال هذا الطرح تبرر هذه المنصات تجنيدها لخوارزمياتها للوقوف أمام المناضلين الرقميين الذين يقفون في صف فلسطين. إن النضال الرقمي يسمح بإيصال الرسالة إلى حدود أبعد مما يمكن أن تصلها وسائل الإعلام التقليدية التي قد تجد حدودا لها الجغرافيا أو اللغة أو الثقافة، فاستخدام الميديا الاجتماعية في إيصال الرسائل النضالية قد لا تقف أمامه كل هذه الحدود خاصة إذا أصبح ذا انتشار واحد ولكنه بطبيعة الحال سيجد أمامه خوارزميات تلعب أدوارا كثيرة من بينها الصنصرة.
نضال كسل؟
من الأمور التي يوصف بها النضال الرقمي هو أنه نضال كسل، وذلك لأنه يعطي انطباعا بأنه بمجرد تغيير صورة الحساب أو نشر هاشتاغ معين قام الفرد بما عليه أن يقوم به والنقطة الثانية أنه يعوض النضال على الأرض. ولكن هذه النظرة الأولية للنضال الرقمي تطورت فهو على العكس من ذلك ذو تأثير كبير. ولعل ذلك ينبع من سعي المنصات الالكترونية إلى التصدي لمحتويات تتضامن مع غزة فلو لم تكن هذه التدوينات مؤثرة ويمكن أن يساهم انتشارها إلى لفت نظر عدد أكبر من المستخدمين إلى هذه القضية او غيرها من القضايا خاصة للطبيعة الشبكية للمنصات الرقمية، فإن هذه المنصات التي لديها مواقف واضحة من إسرائيل لم تكن لتمنعها.
النقطة الثانية التي تجعل هذا النضال مهما هو أنه ينجح في إيصال رسائل القضية للفلسطينية في وقت تبدو فيه غالبية المؤسسات الاعلامية الدولية وخاصة منها الغربية منحازة للرواية الإسرائيلية للأحداث. فسنجد أن عديد المؤسسات الإعلامية الدولية تقول لنا في كل مرة أن إسرائيل على حق.
نموذج باراك أوباما الذي لعبت الميديا الاجتماعية دورا في تعزيز شعبيته، أو استخدام دونالد ترامب لتوتير بشكل مغاير تماما لكل من نصبوا قبله من رؤساء على البيت الأبيض، أو فضيحة كامبرج أناليتكس وغيرها الكثير كلها أمثلة على أن هذه المنصات هي فضاءات للتسويق والدعاية والمغالطات أيضا من أجل تحقيق أهداف اقتصادية أو سياسية، وأن ما صنعته حولنا من غرف صدى، أو ما تنتقيه لنا الخوارزميات له تأثير في أجندتنا وتحديد أولويتنا كلما تزايد تعويلنا عليها في أن نعرف ما يحدث حولنا، وإن كان هذا صالحا للدعاية والتضليل في أحيان كثيرة، فهو صالح أيضا للنضال والدفاع عن قضية عادلة.