إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

فيروس حمّى غرب النيل مجددا في تونس..!!

 

تونس-الصباح

أعلن المدير الجهوي للصحة بسوسة أمس تسجيل إصابة شخص أصيل الجهة بفيروس حمى غرب النيل، وأوضح المسؤول أنه تمّ إيواء المصاب بقسم الأمراض الجرثومية بالمستشفى الجامعي فرحات حشاد أين تلقى العلاج لمدة أسبوعين وغادره بعد أن شفي تماما.

وأشار إلى أن الإدارة الجهوية للصحة قامت بإعلام والي الجهة، ومن المنتظر عقد جلسة في الأيام القادمة مع الأطراف المتداخلة من مندوبية الفلاحة والمعتمدين ورؤساء البلديات من أجل أخذ الاحتياطات اللازمة والتوقي من هذا الفيروس، وفق تصريحه.

وفي هذا الإطار، أكد محجوب العوني الأخصائي في علم الفيروسات في تصريح لـ"الصباح " أن حالة المصاب جيدة، ولا تستدعي القلق، كما أنه قد غادر المستشفى.

ولفت العوني، إلى أن المخالطين والمحيطين بالمصاب لم يتعرّضوا للعدوى، وبالتالي فلا مخاوف من انتشار الفيروس أو تحوله إلى وباء، واصفا حالة المصاب في سوسة بـ"الحالة المعزولة". مؤكدا في نفس السياق، بأن حمى غرب النيل تتمثل أبرز أعراضها في الحمى الثقيلة، وهي متواجدة ومستوطنة بشكل كبير في الدول الإفريقية، غير أن ما تم اكتشافه في تونس هي حالة معزولة وتعتبر أول إصابة بحمى غرب النيل في البلاد في السنة الحالية 2022، تم الإعلان عليها رسميا من قبل إحدى الدوائر الرسمية التابعة لوزارة الصحة. وسجلت تونس سنة 2018 عددا من حالات الإصابة بحمى غرب النيل بلغت 30 حالة مؤكدة.

حالة من القلق

وقد أثار فيروس غرب النيل حالة من القلق لدى ملايين المواطنين حول العالم، بعدما تم الإعلان عن عشرات الإصابات والوفيات التي سببها، حيث يتساءل الكثير من المواطنين عن «فيروس غرب النيل» وأعراضه وغيرها من المعلومات الخاصة به.

وكانت المنظمة الوطنية للصحة العامة اليونانية، قد أعلنت قبل فترة أن إجمالي الإصابات المؤكدة بفيروس غرب النيل بلغ 160 حالة.

وأشارت السلطات الصحية اليونانية - وفق ما نقلته صحيفة كاثمرينى اليونانية - أن الفيروس أدى أيضًا إلى وفاة 14 شخصًا في اليونان، وذكرت السلطات الصحية أن إجمالي 98 حالة أصيبوا بأعراض تؤثر على الجهاز العصبي المركزي "التهاب الدماغ والتهاب السحايا وغيرهما" بينما ظهرت على 62 حالة أعراض خفيفة أو لم تظهر عليهم أي أعراض.

ووفقًا لتقرير المنظمة الوطنية للصحة العامة اليونانية، تم الإبلاغ عن 37 حالة إصابة مؤكدة جديدة بالفيروس الشهر الماضي.

في العادة ينتشر فيروس غرب النيل في المناطق المعتدلة والاستوائية من العالم. ففي عام 1937 اكتشف لأول مرة في دولة أوغندا في شرق أفريقيا. وتعد درجات الحرارة المرتفعة من بين أهم العوامل التي تساعد على انتشار الفيروس والحمى التي يتسبب فيها.

وفي السنوات الأخيرة انتقلت عدوى الفيروس إلى البلدان الأوروبية حيث تتزايد حالات الحمى حاليًا في ألمانيا على سبيل المثال. ففي ولايتي بافاريا وبعض الولايات في شرق البلاد كتورينغن، وساكسونيا أنهالت، وساكسونيا وبراندنبورغ، تم الإبلاغ عن عدد من حالات الإصابة، وفقا للموقع الإخباري الألماني "بيلد دير فراو".

العلامات والأعراض

لا تصاحب العدوى بفيروس غرب النيل أيّة أعراض لدى 80% من المصابين بها تقريباً، أو يمكنها أن تؤدي إلى الإصابة بحمى غرب النيل أو بحالة وخيمة من مرض غرب النيل.

ويُصاب نحو 20% ممّن يكتسبون الفيروس بحمى غرب النيل. ومن أعراضها الحمى والصداع والتعب والأوجاع الجسدية والغثيان والتقيّؤ والطفح الجلدي في بعض الأحيان (في جذع الجسد) وتورّم الغدد اللمفية.

ومن أعراض المرض الوخيم (الذي يُسمى أيضاً بالمرض الذي يغزو الأعصاب، مثل التهاب الدماغ النيلي الغربي أو التهاب السحايا النيلي الغربي) الصداع والحمى الشديدة وتصلّب الرقبة والذهول والتوهان والغيبوبة والرعاش والاختلاج والوهن العضلي والشلل. وتشير التقديرات إلى أنّ شخصاً واحداً من أصل 150 ممّن يحملون فيروس غرب النيل يُصاب يشكل مرضي وخيم. ويمكن أن يلمّ المرض الوخيم بأناس من أيّة فئة عمرية، بيد أنّ الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 50 عاماً والأشخاص المنقوصي المناعة (المرضى الذين خضعوا لعمليات زرع الأعضاء مثلاً) يواجهون أكبر مخاطر الإصابة بمرض وخيم عندما يكتسبون الفيروس، وتتراوح فترة الحضانة، عادة، بين ثلاثة أيام و14 يوماً.

يمكن تشخيص فيروس غرب النيل باستخدام عدد من الاختبارات المختلفة، من خلال انقلاب تفاعلية أضداد الغلوبولين المناعي G (أو زيادة كبيرة في عيارات الأضداد) في عيّنتين متسلسلتين تم جمعهما بفارق أسبوع عن طريق مقايسة الممتز المناعي المرتبط بالأنزيم. والتقاط أضداد الغلوبولين المناعي M عن طريق مقايسة الممتز المناعي المرتبط بالأنزيم...

ويمكن الكشف عن الغلوبولين المناعي M في معظم عيّنات السائل الدماغي النخاعي والعيّنات المصلية المجموعة من المرضى المصابين بفيروس غرب النيل عند التماسهم الاستشارة الطبية. وقد تظلّ أضداد الغلوبولين المناعي M قائمة لمدة تتجاوز العام.

ويُقدم للمصابين بالمرض الذي يغزو الأعصاب علاج داعم ينطوي، في غالب الأحيان، على المكوث في المستشفى وتلقي السوائل داخل الوريد وخدمات دعم التنفسي والوقاية من العدوى الثانوية. ولا يوجد أيّ لقاح لمكافحة الفيروس لدى البشر.

ما سبب الإصابات؟

حتى الآن لم يجد الخبراء أجوبة دقيقة حول هذا السؤال، لكن لديهم بعض التكهنات والافتراضات حول السبب. أحد خيوط تلك الافتراضات قادتهم إلى الحيوانات. وبالفعل فقبل ثلاث سنوات تم اكتشاف العامل الممرض في الحيوانات في ألمانيا. في وقت لاحق انتقلت الإصابة إلى بعض الناس. تم تسجيل حالات إصابة بشرية في ألمانيا منذ عام 2019. ويفترض معهد روبرت كوخ الألماني للأمراض المعدية وغير المعدية أن حمى غرب النيل سيستمر في الانتشار.

كيف ينتقل الفيروس؟

كشفت تقارير لباحثين في معهد "فريدريش لوفلر" الألماني أن البعوض المنزلي حامل لفيروس غرب النيل والذي يظهر في الأصل في المناطق الأكثر دفئًا في العالم. وانتقل الفيروس من إفريقيا إلى أوروبا عن طريق الطيور المهاجرة. ومع ذلك، فهو لا ينتقل مباشرة من حيوان إلى حيوان أو من شخص لآخر، بل عن طريق البعوض. إذا لدغت بعوضة تحمل الفيروس طائرا فيمكنه بدوره نقله لاحقًا إلى بعض الثدييات مثل الخيول، أو إلى البشر.

ورغم أن ضرره ليس دائما خطيرا إلا أن المشكلة تكمن في أن الفيروس يمكنه الآن أن يظل أيضا حتى فصل الشتاء في ألمانيا، يضيف الموقع الإخباري الألماني "بيلد دير فراو".

تتابين عدد حالات الإصابة التي تم الإبلاغ من سنة لأخرى. أحيانا تكون كبيرة وأحيانا أخرى قليلة. ومن غير الواضح ما هو السبب وراء ارتفاع عدد الحالات بشكل خاص في بعض السنوات. وبحسب خبراء صحيين من المرجح أن يكون هناك تأثير لبعض أنواع البعوض والطيور بالإضافة إلى الحرارة الصيفية طويل الأمد في دول جنوب أوروبا مثل إيطاليا وإسبانيا واليونان. ينصح الأطباء المسافرين باستخدام طارد الحشرات لمنع لدغات البعوض.

حقائق رئيسية

يمكن أن يتسبّب فيروس غرب النيل في إصابة البشر بمرض عصبي، غير أنّه لا تظهر أيّة أعراض على نحو 80% من المصابين بالعدوى. وينتقل فيروس غرب النيل إلى البشر، أساساً، عن طريق لدغات البعوض الحامل للعدوى.

كما يمكن أن يتسبّب الفيروس في إصابة الخيول بمرض وخيم وفي هلاكها. وهناك لقاحات متوافرة للاستعمال في الخيول ولكن لا توجد أيّة لقاحات متاحة للبشر. وتمثّل الطيور الثوي الطبيعي لفيروس غرب النيل.

يمكن أن يتسبّب فيروس غرب النيل في إصابة البشر بمرض عصبي وخيم وفي وفاتهم. وبوجد هذا الفيروس، عادة، في أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط وأمريكا الشمالية وغرب آسيا. ويظلّ الفيروس يدور في الطبيعة من خلال الانتقال بين الطيور والبعوض. ويمكن أن يطال البشر والخيول وغيرها من الثديات.

وينتمي فيروس غرب النيل إلى جنس الفيروس المصفر وإلى المركّب المستضدي لالتهاب الدماغ الياباني ضمن فصيلة الفيروسات المصفرة.

الفاشيات

تم، لأوّل مرّة، عزل فيروس غرب النيل لدى امرأة في منطقة غرب النيل بأوغندا في عام 1937. وتم الكشف عنه في الطيور (الغربان وحماميات الشكل) في منطقة دلتا النيل في عام 1953. ولم يكن هذا الفيروس يُعتبر، قبل عام 1997، من الفيروسات المسبّبة للمرض لدى الطيور، ولكن في ذلك العام تسبّبت سلالة أشدّ فوعة في نفوق أنواع مختلفة من الطيور في إسرائيل بدت عليها علامات التهاب الدماغ والشلل. وتم الإبلاغ، في كثير من بلدان العالم منذ أكثر من 50 عاماً، عن وقوع إصابات بشرية يمكن عزوها إلى فيروس غرب النيل.

وفي عام 1999، ورد فيروس من فيروسات غرب النيل كان يدور في تونس وإسرائيل إلى نيويورك وتسبّب في وقوع فاشية واسعة ووخيمة انتشرت في كامل أراضي الولايات المتحدة الأمريكية في الأعوام التالية. وأكّدت تلك الفاشية (1999-2010) أنّ وفود عوامل ممرضة محمولة بالنواقل واستحكامها خارج موطنها الحالي يشكّل خطراً كبيراً على العالم.

ووقعت أكبر الفاشيات في إسرائيل واليونان ورومانيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية. ولوحظ أن أماكن حدوث الفاشيات تقع على طول المسارات الرئيسية التي تسلكها الطيور المهاجرة. وكان فيروس غرب النيل ينتشر، أصلاً، في جميع أنحاء أفريقيا وبعض المناطق الأوروبية والشرق الأوسط وغرب آسيا وأستراليا. ولكنّه تمكّن، منذ وفوده إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1999، من الانتشار أكثر وهو الآن مستحكم على نطاق واسع من كندا إلى فنزويلا.

انتقال الفيروس

تحدث العدوى البشرية، في أغلب الأحيان، نتيجة لدغات البعوض الحامل للفيروس. ويكتسب البعوض العدوى عندما يتغذى من الطيور التي تحمل الفيروس في دمها طيلة بضعة أيام. وقد ينتقل الفيروس، خلال الوجبات الدموية اللاحقة (عبر لدغ البعوض) إلى البشر والحيوانات، حيث يمكنه التكاثر وربّما إحداث المرض.

وقد ينتقل الفيروس أيضاً من خلال مخالطة حيوانات أخرى حاملة له أو مخالطة دمها أو أنسجتها. وقد سُجّل وقوع عدد ضئيل جداً من الحالات البشرية عن طريق زرع الأعضاء ونقل الدم والرضاعة الطبيعية. كما أُبلغ عن حدوث حالة واحدة فقط من حالات انتقال الفيروس عبر المشيمة (من الأم إلى طفلها).

ولم يُوثّق، حتى الآن، حدوث أيّة حالة من حالات انتقال فيروس غرب النيل بين البشر عن طريق المخالطة العارضة، كما لم يُبلّغ قط عن انتقاله إلى العاملين الصحيين عند يتخذون الاحتياطات المعيارية الخاصة بمكافحة العدوى. وقد تم الإبلاغ عن انتقال فيروس غرب النيل إلى عمال المختبرات.

مكافحة النواقل

تعتمد وقاية البشر بشكل فعال من الإصابة بعدوى فيروس غرب النيل على وضع برامج شاملة ومتكاملة لترصد البعوض ومكافحته في المناطق التي ينتشر فيها الفيروس. وينبغي أن تكشف الدراسات عن أنواع البعوض المحلية التي تؤدي دوراً في نقل الفيروس، بما في ذلك الأنواع التي قد تقوم بدور "الجسر" الرابط بين الطيور والبشر. كما ينبغي التركيز على تدابير المكافحة المتكاملة، بما في ذلك الحد من البعوض في المصدر (بمشاركة المجتمعات المحلية) وإدارة المياه واستعمال المواد الكيميائية وأساليب المكافحة البيولوجية.

ينبغي للعاملين الصحيين الذين يقدمون خدمات الرعاية لمرضى يُشتبه في إصابتهم بعدوى فيروس غرب النيل، أو مرضى تأكّدت إصابتهم بتلك العدوى، أو الذين يناولون عيّنات جُمعت من هؤلاء المرضى، تنفيذ الاحتياطات المعيارية الخاصة بمكافحة العدوى. كما ينبغي أن تُناول العيّنات التي تُجمع من أشخاص يُشتبه في إصابتهم بعدوى فيروس غرب النيل، أو من حيوانات يُشتبه في إصابتها بتلك العدوى، من قبل عاملين مدرّبين يعملون في مختبرات تمتلك المعدات المناسبة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

صلاح الدين كريمي

فيروس حمّى غرب النيل مجددا في تونس..!!

 

تونس-الصباح

أعلن المدير الجهوي للصحة بسوسة أمس تسجيل إصابة شخص أصيل الجهة بفيروس حمى غرب النيل، وأوضح المسؤول أنه تمّ إيواء المصاب بقسم الأمراض الجرثومية بالمستشفى الجامعي فرحات حشاد أين تلقى العلاج لمدة أسبوعين وغادره بعد أن شفي تماما.

وأشار إلى أن الإدارة الجهوية للصحة قامت بإعلام والي الجهة، ومن المنتظر عقد جلسة في الأيام القادمة مع الأطراف المتداخلة من مندوبية الفلاحة والمعتمدين ورؤساء البلديات من أجل أخذ الاحتياطات اللازمة والتوقي من هذا الفيروس، وفق تصريحه.

وفي هذا الإطار، أكد محجوب العوني الأخصائي في علم الفيروسات في تصريح لـ"الصباح " أن حالة المصاب جيدة، ولا تستدعي القلق، كما أنه قد غادر المستشفى.

ولفت العوني، إلى أن المخالطين والمحيطين بالمصاب لم يتعرّضوا للعدوى، وبالتالي فلا مخاوف من انتشار الفيروس أو تحوله إلى وباء، واصفا حالة المصاب في سوسة بـ"الحالة المعزولة". مؤكدا في نفس السياق، بأن حمى غرب النيل تتمثل أبرز أعراضها في الحمى الثقيلة، وهي متواجدة ومستوطنة بشكل كبير في الدول الإفريقية، غير أن ما تم اكتشافه في تونس هي حالة معزولة وتعتبر أول إصابة بحمى غرب النيل في البلاد في السنة الحالية 2022، تم الإعلان عليها رسميا من قبل إحدى الدوائر الرسمية التابعة لوزارة الصحة. وسجلت تونس سنة 2018 عددا من حالات الإصابة بحمى غرب النيل بلغت 30 حالة مؤكدة.

حالة من القلق

وقد أثار فيروس غرب النيل حالة من القلق لدى ملايين المواطنين حول العالم، بعدما تم الإعلان عن عشرات الإصابات والوفيات التي سببها، حيث يتساءل الكثير من المواطنين عن «فيروس غرب النيل» وأعراضه وغيرها من المعلومات الخاصة به.

وكانت المنظمة الوطنية للصحة العامة اليونانية، قد أعلنت قبل فترة أن إجمالي الإصابات المؤكدة بفيروس غرب النيل بلغ 160 حالة.

وأشارت السلطات الصحية اليونانية - وفق ما نقلته صحيفة كاثمرينى اليونانية - أن الفيروس أدى أيضًا إلى وفاة 14 شخصًا في اليونان، وذكرت السلطات الصحية أن إجمالي 98 حالة أصيبوا بأعراض تؤثر على الجهاز العصبي المركزي "التهاب الدماغ والتهاب السحايا وغيرهما" بينما ظهرت على 62 حالة أعراض خفيفة أو لم تظهر عليهم أي أعراض.

ووفقًا لتقرير المنظمة الوطنية للصحة العامة اليونانية، تم الإبلاغ عن 37 حالة إصابة مؤكدة جديدة بالفيروس الشهر الماضي.

في العادة ينتشر فيروس غرب النيل في المناطق المعتدلة والاستوائية من العالم. ففي عام 1937 اكتشف لأول مرة في دولة أوغندا في شرق أفريقيا. وتعد درجات الحرارة المرتفعة من بين أهم العوامل التي تساعد على انتشار الفيروس والحمى التي يتسبب فيها.

وفي السنوات الأخيرة انتقلت عدوى الفيروس إلى البلدان الأوروبية حيث تتزايد حالات الحمى حاليًا في ألمانيا على سبيل المثال. ففي ولايتي بافاريا وبعض الولايات في شرق البلاد كتورينغن، وساكسونيا أنهالت، وساكسونيا وبراندنبورغ، تم الإبلاغ عن عدد من حالات الإصابة، وفقا للموقع الإخباري الألماني "بيلد دير فراو".

العلامات والأعراض

لا تصاحب العدوى بفيروس غرب النيل أيّة أعراض لدى 80% من المصابين بها تقريباً، أو يمكنها أن تؤدي إلى الإصابة بحمى غرب النيل أو بحالة وخيمة من مرض غرب النيل.

ويُصاب نحو 20% ممّن يكتسبون الفيروس بحمى غرب النيل. ومن أعراضها الحمى والصداع والتعب والأوجاع الجسدية والغثيان والتقيّؤ والطفح الجلدي في بعض الأحيان (في جذع الجسد) وتورّم الغدد اللمفية.

ومن أعراض المرض الوخيم (الذي يُسمى أيضاً بالمرض الذي يغزو الأعصاب، مثل التهاب الدماغ النيلي الغربي أو التهاب السحايا النيلي الغربي) الصداع والحمى الشديدة وتصلّب الرقبة والذهول والتوهان والغيبوبة والرعاش والاختلاج والوهن العضلي والشلل. وتشير التقديرات إلى أنّ شخصاً واحداً من أصل 150 ممّن يحملون فيروس غرب النيل يُصاب يشكل مرضي وخيم. ويمكن أن يلمّ المرض الوخيم بأناس من أيّة فئة عمرية، بيد أنّ الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 50 عاماً والأشخاص المنقوصي المناعة (المرضى الذين خضعوا لعمليات زرع الأعضاء مثلاً) يواجهون أكبر مخاطر الإصابة بمرض وخيم عندما يكتسبون الفيروس، وتتراوح فترة الحضانة، عادة، بين ثلاثة أيام و14 يوماً.

يمكن تشخيص فيروس غرب النيل باستخدام عدد من الاختبارات المختلفة، من خلال انقلاب تفاعلية أضداد الغلوبولين المناعي G (أو زيادة كبيرة في عيارات الأضداد) في عيّنتين متسلسلتين تم جمعهما بفارق أسبوع عن طريق مقايسة الممتز المناعي المرتبط بالأنزيم. والتقاط أضداد الغلوبولين المناعي M عن طريق مقايسة الممتز المناعي المرتبط بالأنزيم...

ويمكن الكشف عن الغلوبولين المناعي M في معظم عيّنات السائل الدماغي النخاعي والعيّنات المصلية المجموعة من المرضى المصابين بفيروس غرب النيل عند التماسهم الاستشارة الطبية. وقد تظلّ أضداد الغلوبولين المناعي M قائمة لمدة تتجاوز العام.

ويُقدم للمصابين بالمرض الذي يغزو الأعصاب علاج داعم ينطوي، في غالب الأحيان، على المكوث في المستشفى وتلقي السوائل داخل الوريد وخدمات دعم التنفسي والوقاية من العدوى الثانوية. ولا يوجد أيّ لقاح لمكافحة الفيروس لدى البشر.

ما سبب الإصابات؟

حتى الآن لم يجد الخبراء أجوبة دقيقة حول هذا السؤال، لكن لديهم بعض التكهنات والافتراضات حول السبب. أحد خيوط تلك الافتراضات قادتهم إلى الحيوانات. وبالفعل فقبل ثلاث سنوات تم اكتشاف العامل الممرض في الحيوانات في ألمانيا. في وقت لاحق انتقلت الإصابة إلى بعض الناس. تم تسجيل حالات إصابة بشرية في ألمانيا منذ عام 2019. ويفترض معهد روبرت كوخ الألماني للأمراض المعدية وغير المعدية أن حمى غرب النيل سيستمر في الانتشار.

كيف ينتقل الفيروس؟

كشفت تقارير لباحثين في معهد "فريدريش لوفلر" الألماني أن البعوض المنزلي حامل لفيروس غرب النيل والذي يظهر في الأصل في المناطق الأكثر دفئًا في العالم. وانتقل الفيروس من إفريقيا إلى أوروبا عن طريق الطيور المهاجرة. ومع ذلك، فهو لا ينتقل مباشرة من حيوان إلى حيوان أو من شخص لآخر، بل عن طريق البعوض. إذا لدغت بعوضة تحمل الفيروس طائرا فيمكنه بدوره نقله لاحقًا إلى بعض الثدييات مثل الخيول، أو إلى البشر.

ورغم أن ضرره ليس دائما خطيرا إلا أن المشكلة تكمن في أن الفيروس يمكنه الآن أن يظل أيضا حتى فصل الشتاء في ألمانيا، يضيف الموقع الإخباري الألماني "بيلد دير فراو".

تتابين عدد حالات الإصابة التي تم الإبلاغ من سنة لأخرى. أحيانا تكون كبيرة وأحيانا أخرى قليلة. ومن غير الواضح ما هو السبب وراء ارتفاع عدد الحالات بشكل خاص في بعض السنوات. وبحسب خبراء صحيين من المرجح أن يكون هناك تأثير لبعض أنواع البعوض والطيور بالإضافة إلى الحرارة الصيفية طويل الأمد في دول جنوب أوروبا مثل إيطاليا وإسبانيا واليونان. ينصح الأطباء المسافرين باستخدام طارد الحشرات لمنع لدغات البعوض.

حقائق رئيسية

يمكن أن يتسبّب فيروس غرب النيل في إصابة البشر بمرض عصبي، غير أنّه لا تظهر أيّة أعراض على نحو 80% من المصابين بالعدوى. وينتقل فيروس غرب النيل إلى البشر، أساساً، عن طريق لدغات البعوض الحامل للعدوى.

كما يمكن أن يتسبّب الفيروس في إصابة الخيول بمرض وخيم وفي هلاكها. وهناك لقاحات متوافرة للاستعمال في الخيول ولكن لا توجد أيّة لقاحات متاحة للبشر. وتمثّل الطيور الثوي الطبيعي لفيروس غرب النيل.

يمكن أن يتسبّب فيروس غرب النيل في إصابة البشر بمرض عصبي وخيم وفي وفاتهم. وبوجد هذا الفيروس، عادة، في أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط وأمريكا الشمالية وغرب آسيا. ويظلّ الفيروس يدور في الطبيعة من خلال الانتقال بين الطيور والبعوض. ويمكن أن يطال البشر والخيول وغيرها من الثديات.

وينتمي فيروس غرب النيل إلى جنس الفيروس المصفر وإلى المركّب المستضدي لالتهاب الدماغ الياباني ضمن فصيلة الفيروسات المصفرة.

الفاشيات

تم، لأوّل مرّة، عزل فيروس غرب النيل لدى امرأة في منطقة غرب النيل بأوغندا في عام 1937. وتم الكشف عنه في الطيور (الغربان وحماميات الشكل) في منطقة دلتا النيل في عام 1953. ولم يكن هذا الفيروس يُعتبر، قبل عام 1997، من الفيروسات المسبّبة للمرض لدى الطيور، ولكن في ذلك العام تسبّبت سلالة أشدّ فوعة في نفوق أنواع مختلفة من الطيور في إسرائيل بدت عليها علامات التهاب الدماغ والشلل. وتم الإبلاغ، في كثير من بلدان العالم منذ أكثر من 50 عاماً، عن وقوع إصابات بشرية يمكن عزوها إلى فيروس غرب النيل.

وفي عام 1999، ورد فيروس من فيروسات غرب النيل كان يدور في تونس وإسرائيل إلى نيويورك وتسبّب في وقوع فاشية واسعة ووخيمة انتشرت في كامل أراضي الولايات المتحدة الأمريكية في الأعوام التالية. وأكّدت تلك الفاشية (1999-2010) أنّ وفود عوامل ممرضة محمولة بالنواقل واستحكامها خارج موطنها الحالي يشكّل خطراً كبيراً على العالم.

ووقعت أكبر الفاشيات في إسرائيل واليونان ورومانيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية. ولوحظ أن أماكن حدوث الفاشيات تقع على طول المسارات الرئيسية التي تسلكها الطيور المهاجرة. وكان فيروس غرب النيل ينتشر، أصلاً، في جميع أنحاء أفريقيا وبعض المناطق الأوروبية والشرق الأوسط وغرب آسيا وأستراليا. ولكنّه تمكّن، منذ وفوده إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1999، من الانتشار أكثر وهو الآن مستحكم على نطاق واسع من كندا إلى فنزويلا.

انتقال الفيروس

تحدث العدوى البشرية، في أغلب الأحيان، نتيجة لدغات البعوض الحامل للفيروس. ويكتسب البعوض العدوى عندما يتغذى من الطيور التي تحمل الفيروس في دمها طيلة بضعة أيام. وقد ينتقل الفيروس، خلال الوجبات الدموية اللاحقة (عبر لدغ البعوض) إلى البشر والحيوانات، حيث يمكنه التكاثر وربّما إحداث المرض.

وقد ينتقل الفيروس أيضاً من خلال مخالطة حيوانات أخرى حاملة له أو مخالطة دمها أو أنسجتها. وقد سُجّل وقوع عدد ضئيل جداً من الحالات البشرية عن طريق زرع الأعضاء ونقل الدم والرضاعة الطبيعية. كما أُبلغ عن حدوث حالة واحدة فقط من حالات انتقال الفيروس عبر المشيمة (من الأم إلى طفلها).

ولم يُوثّق، حتى الآن، حدوث أيّة حالة من حالات انتقال فيروس غرب النيل بين البشر عن طريق المخالطة العارضة، كما لم يُبلّغ قط عن انتقاله إلى العاملين الصحيين عند يتخذون الاحتياطات المعيارية الخاصة بمكافحة العدوى. وقد تم الإبلاغ عن انتقال فيروس غرب النيل إلى عمال المختبرات.

مكافحة النواقل

تعتمد وقاية البشر بشكل فعال من الإصابة بعدوى فيروس غرب النيل على وضع برامج شاملة ومتكاملة لترصد البعوض ومكافحته في المناطق التي ينتشر فيها الفيروس. وينبغي أن تكشف الدراسات عن أنواع البعوض المحلية التي تؤدي دوراً في نقل الفيروس، بما في ذلك الأنواع التي قد تقوم بدور "الجسر" الرابط بين الطيور والبشر. كما ينبغي التركيز على تدابير المكافحة المتكاملة، بما في ذلك الحد من البعوض في المصدر (بمشاركة المجتمعات المحلية) وإدارة المياه واستعمال المواد الكيميائية وأساليب المكافحة البيولوجية.

ينبغي للعاملين الصحيين الذين يقدمون خدمات الرعاية لمرضى يُشتبه في إصابتهم بعدوى فيروس غرب النيل، أو مرضى تأكّدت إصابتهم بتلك العدوى، أو الذين يناولون عيّنات جُمعت من هؤلاء المرضى، تنفيذ الاحتياطات المعيارية الخاصة بمكافحة العدوى. كما ينبغي أن تُناول العيّنات التي تُجمع من أشخاص يُشتبه في إصابتهم بعدوى فيروس غرب النيل، أو من حيوانات يُشتبه في إصابتها بتلك العدوى، من قبل عاملين مدرّبين يعملون في مختبرات تمتلك المعدات المناسبة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

صلاح الدين كريمي